حكم البكاء والنياحة على الميت_2

فتاوى نور على الدرب

521

س : أنا أختكم في الله ، توفيت والدتي في رمضان ، وبكينا عليها بكاء كثيرا مدة طويلة ، قيل لنا : لا بد من صيام الأيام التي بكينا فيها ، وأنه يعذب الميت في قبره ببكاء أهله عليه ، وقيل : إنه يأتي ملكان فيرشان على الميت الماء الساخن ، ويقولان : هذا هدية أهلك لك . فهل الحديث هذا صحيح ، وهل نحن آثمون على بكائنا ؟ وما حكم تذكر الميت بعد وفاته بوقت طويل ، وما حكم البكاء عليه وهل للميت أضحية ؟

ج : البكاء على الميت فيه تفصيل ، فإن كان البكاء بدمع العين بدون نياحة فلا حرج في ذلك ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم : العين تدمع والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون وقال صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه : اسمعوا إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ، وإنما يعذب بهذا أو يرحم وأشار إلى لسانه ، وقال صلى الله عليه وسلم : الميت يعذب في قبره بما نيح عليه فالميت إذا نيح عليه بالصوت المرتفع (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 390) الصياح هذا جاء في الحديث أنه يعذب ، في الحديث الصحيح عذاب ، الله أعلم بحقيقته ، عذاب ، الله يعلمه سبحانه وتعالى ، وذلك يفيد أنه لا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا عليه ، أي يرفعوا الصوت بالنياحة عليه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ليس منا من لطم الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية ويقول صلى الله عليه وسلم : أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة الصالقة : هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ، والحالقة : هي التي تحلق شعرها ، والشاقة : هي التي تشق ثوبها ، هذا كله لا يجوز ، أما الحديث الذي ذكره السائل أنه يأتي ملكان يرشان ماء ساخنا فلا نعلم له أصلا ، هذا الحديث ليس له أصل فيما نعلم ، وإنما المحفوظ والمعروف : أن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنه عذاب ، الله أعلم بكيفيته ، وفيه تحذير للأقارب والأصدقاء من النياحة على الميت ؛ لأنه يضره ، وأما الصيام فلا أصل له ، الصيام عن الميت بعدد الأيام التي نيح عليه فيها فهذا لا أصل له ، ليس على أهله الصيام ، إنما عليهم التوبة (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 391) إذا كانوا ناحوا ورفعوا الصوت ، عليهم التوبة إلى الله والندم وعدم العود إلى مثل هذا ، هذا هو الواجب ، هذا من ناح - أي من رفع صوته - يتوب إلى الله ويندم ، ويعزم ألا يعود ، ويترك ذلك الشيء ، هذا هو الواجب التوبة فقط ، أما الصيام فلا ، والضحية لا بأس بها ، إذا ضحى عن الميت أو تصدق عنه كله طيب ، إذا ضحى عن الميت أو عنه ، وعن الميت ذبيحة واحدة ، عن الرجل وأهل بيته ، ويدخل فيهم الميت من أبيه ، وأمه ، أو المرأة عن زوجها ، أو عنها وعن زوجها ، كله طيب ، هكذا الصدقة ، الصدقة عن الميت بالمال بالنقود ، أو بالطعام أو الملابس ، كله طيب ، كله ينفع الميت ، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل فقال : يا رسول الله ، إن أمي ماتت ولم توص ، أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم يعني لها أجر ، وقال عليه الصلاة والسلام : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له فالدعاء للميت والصدقة عنه ينفعه الله بذلك ، وهكذا العلم النافع الذي خلفه بين الناس ، خلف طلبة يعلمون الناس ، خلف كتبا نافعة يتعلم منها الناس ، هذا ينفعه بعد الموت ، كما أن الدعاء له والاستغفار والترحم عليه ينفعه ، وهكذا (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 392) تعمير المساجد بالنية عنه وقفا له ، مسجدا ومدرسة يعلم فيها القرآن والأحاديث والشريعة المحمدية ، هذا ينفع الميت ، وهكذا الأوقاف الطيبة وقف على الفقراء بيوت تؤجر ويتصدق بأجرتها على الفقراء ، ونخيل ، بساتين توقف ويتصدق بثمرتها على الفقراء والمساكين ، وفي وجوه الخير ، كل هذا ينفع الميت .






كلمات دليلية:




أحمد نعينع