islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير القرطبى
12028

42-الشورى

حم

أَيْ يُقَال لَهُمْ إِذَا أَقَرُّوا بِالْمُلْكِ يَوْمئِذٍ لِلَّهِ وَحْده | الْيَوْم تُجْزَى كُلّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ | مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ .|لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ|أَيْ لَا يُنْقَص أَحَد شَيْئًا مِمَّا عَمِلَهُ .|إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ|أَيْ لَا يَحْتَاج إِلَى تَفَكُّر وَعَقْد يَدٍ كَمَا يَفْعَلُهُ الْحُسَّابُ ; لِأَنَّهُ الْعَالِم الَّذِي لَا يَعْزُب عَنْ عِلْمه شَيْء فَلَا يُؤَخِّر جَزَاء أَحَد لِلِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهِ ; وَكَمَا يَرْزُقهُمْ فِي سَاعَة وَاحِدَة يُحَاسِبهُمْ كَذَلِكَ فِي سَاعَة وَاحِدَة . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي [ الْبَقَرَة ] . وَفِي الْخَبَر : وَلَا يَنْتَصِف النَّهَار حَتَّى يَقِيلَ أَهْل الْجَنَّة فِي الْجَنَّة وَأَهْل النَّار فِي النَّار .

عسق

أَيْ يَوْم الْقِيَامَة . سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَرِيبَة ; إِذْ كُلّ مَا هُوَ آتِ قَرِيب . وَأَزِفَ فُلَان أَيْ قَرُبَ يَأْزَفُ أَزَفًا ; قَالَ النَّابِغَة : <br>أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا .......... لَمَّا تَزَلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ <br>أَيْ قَرُبَ . وَنَظِير هَذِهِ الْآيَة : | أَزِفَتْ الْآزِفَة | [ النَّجْم : 57 ] أَيْ قَرُبَتْ السَّاعَة . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَمَثَّل وَيَقُول : <br>أَزِفَ الرَّحِيلُ وَلَيْسَ لِي مِنْ زَادِ .......... غَيْرِ الذُّنُوبِ لِشِقْوَتِي وَنَكَادِي<br>|إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ|عَلَى الْحَال , وَهُوَ مَحْمُول عَلَى الْمَعْنَى . قَالَ الزَّجَّاج : الْمَعْنَى إِذْ قُلُوب النَّاس | لَدَى الْحَنَاجِر | فِي حَال كَظْمهمْ . وَأَجَازَ الْفَرَّاء أَنْ يَكُون التَّقْدِير | وَأَنْذِرْهُمْ | كَاظِمِينَ . وَأَجَازَ رَفْع | كَاظِمِينَ | عَلَى أَنَّهُ خَبَر لِلْقُلُوبِ . وَقَالَ : الْمَعْنَى إِذْ هُمْ كَاظِمُونَ . وَقَالَ الْكِسَائِيّ : يَجُوز رَفْع | كَاظِمِينَ | عَلَى الِابْتِدَاء . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمُرَاد بِـ | يَوْم الْآزِفَة | يَوْم حُضُور الْمَنِيَّة ; قَالَهُ قُطْرُب . وَكَذَا | إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر | عِنْد حُضُور الْمَنِيَّة . وَالْأَوَّل أَظْهَر . وَقَالَ قَتَادَة : وَقَعَتْ فِي الْحَنَاجِر مِنْ الْمَخَافَة فَهِيَ لَا تَخْرُج وَلَا تَعُود فِي أَمْكِنَتِهَا , وَهَذَا لَا يَكُون إِلَّا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ : | وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء | . وَقِيلَ : هَذَا إِخْبَار عَنْ نِهَايَة الْجَزَع ; كَمَا قَالَ : | وَبَلَغَتْ الْقُلُوب الْحَنَاجِر | وَأُضِيفَ الْيَوْم إِلَى | الْآزِفَة | عَلَى تَقْدِير يَوْم الْقِيَامَة | الْآزِفَة | أَوْ يَوْم الْمُجَادَلَة | الْآزِفَة | . وَعِنْد الْكُوفِيِّينَ هُوَ مِنْ بَاب إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفْسه مِثْل مَسْجِد الْجَامِع وَصَلَاة الْأُولَى .|مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ|أَيْ مِنْ قَرِيب يَنْفَع|وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ|فَيَشْفَع فِيهِمْ .

كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

قَالَ الْمُؤَرِّج : فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير أَيْ يَعْلَم الْأَعْيُن الْخَائِنَة وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ الرَّجُل يَكُون جَالِسًا مَعَ الْقَوْم فَتَمُرُّ الْمَرْأَة فَيُسَارِقُهُمْ النَّظَر إِلَيْهَا . وَعَنْهُ : هُوَ الرَّجُل يَنْظُر إِلَى الْمَرْأَة فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ أَصْحَابه غَضَّ بَصَره , فَإِذَا رَأَى مِنْهُمْ غَفْلَة تَدَسَّسَ بِالنَّظَرِ , فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ أَصْحَابه غَضَّ بَصَرَهُ , وَقَدْ عَلِمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ أَنَّهُ يَوَدُّ لَوْ نَظَرَ إِلَى عَوْرَتهَا . وَقَالَ مُجَاهِد هِيَ مُسَارَقَة نَظَرِ الْأَعْيُن إِلَى مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ . وَقَالَ قَتَادَة : هِيَ الْهَمْزَة بِعَيْنِهِ وَإِغْمَاضه فِيمَا لَا يُحِبُّ اللَّه تَعَالَى . وَقَالَ الضَّحَّاك : هِيَ قَوْل الْإِنْسَان مَا رَأَيْت وَقَدْ رَأَى أَوْ رَأَيْت وَمَا رَأَى . وَقَالَ السُّدِّيّ : إِنَّهَا الرَّمْز بِالْعَيْنِ . وَقَالَ سُفْيَان : هِيَ النَّظْرَة بَعْد النَّظْرَة . وَقَالَ الْفَرَّاء : | خَائِنَة الْأَعْيُن | النَّظْرَة الثَّانِيَة | وَمَا تُخْفِي الصُّدُور | النَّظْرَة الْأُولَى . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : | وَمَا تُخْفِي الصُّدُور | أَيْ هَلْ يَزْنِي بِهَا لَوْ خَلَا بِهَا أَوْ لَا . وَقِيلَ : | وَمَا تُخْفِي الصُّدُور | تُكِنُّهُ وَتُضْمِرُهُ . وَلَمَّا جِيءَ بِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي سَرْح إِلَى رَسُول اللَّه لِي اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بَعْد مَا اِطْمَأَنَّ أَهْل مَكَّة وَطَلَبَ لَهُ الْأَمَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , صَمَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ : | نَعَمْ | فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ حَوْلَهُ : ( مَا صَمَت إِلَّا لِيَقُومَ إِلَيْهِ بَعْضُكُمْ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ ) فَقَالَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار فَهَلَّا أَوْمَأْت إِلَيَّ يَا رَسُول اللَّه , فَقَالَ : ( إِنَّ النَّبِيّ لَا تَكُون لَهُ خَائِنَة أَعْيُن ) .

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ

أَيْ يُجَازِي مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ الْمَحَارِم , وَمَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا , وَمَنْ عَزَمَ عَلَى مُوَاقَعَة الْفَوَاحِش إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا .|وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ|يَعْنِي الْأَوْثَان|لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ|لِأَنَّهَا لَا تَعْلَم شَيْئًا وَلَا تَقْدِر عَلَيْهِ وَلَا تَمْلِك . وَقِرَاءَة الْعَامَّة بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَر عَنْ الظَّالِمِينَ وَهِيَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم . وَقَرَأَ نَافِع وَشَيْبَة وَهِشَام : | تَدْعُونَ | بِالتَّاءِ .|إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ|| هُوَ | زَائِدَة فَاصِلَة . وَيَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع رَفْع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا بَعْدهَا خَبَر وَالْجُمْلَة خَبَر إِنَّ . وَقَالَ الْعُلَمَاء : وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَفْسه بِأَنَّهُ بَصِير عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَالِم بِخَفِيَّاتِ الْأُمُور . وَالْبَصِير فِي كَلَام الْعَرَب : الْعَالِم بِالشَّيْءِ الْخَبِير بِهِ ; وَمِنْهُ قَوْلهمْ : فُلَان بَصِير بِالطِّبِّ , وَبَصِير بِالْفِقْهِ , وَبَصِير بِمُلَاقَاةِ الرِّجَال ; قَالَ : <br>فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي .......... بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ <br>قَالَ الْخَطَّابِيّ : الْبَصِير الْعَالِم , وَالْبَصِير الْمُبْصِر . وَقِيلَ : وَصَفَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِأَنَّهُ بَصِير عَلَى مَعْنَى جَاعِل الْأَشْيَاء الْمُبْصِرَة ذَوَات إِبْصَار , أَيْ مُدْرِكَة لِلْمُبْصَرَاتِ بِمَا خَلَقَ لَهَا مِنْ الْآلَة الْمُدْرِكَة وَالْقُوَّة ; فَاَللَّه بَصِير بِعِبَادِهِ , أَيْ جَاعِل عِبَاده مُبْصِرِينَ .

تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

قِرَاءَة الْعَامَّة بِالتَّاءِ . وَقَرَأَ نَافِع وَابْن وَثَّاب وَالْكِسَائِيّ بِالْيَاءِ . | يَنْفَطِرْنَ | قَرَأَ نَافِع وَغَيْره بِالْيَاءِ وَالتَّاء وَالتَّشْدِيد فِي الطَّاء , وَهِيَ قِرَاءَة الْعَامَّة . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل وَأَبُو عُبَيْد | يَنْفَطِرْنَ | مِنْ الِانْفِطَار ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ | [ الِانْفِطَار : 1 ] وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة | مَرْيَم | بَيَان هَذَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : | تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ | أَيْ تَكَاد كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا تَنْفَطِر فَوْق الَّتِي تَلِيهَا ; مِنْ قَوْل الْمُشْرِكِينَ : | اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا | [ الْبَقَرَة : 116 ] . وَقَالَ الضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ : | يَتَفَطَّرْنَ | أَيْ يَتَشَقَّقْنَ مِنْ عَظَمَة اللَّه وَجَلَاله فَوْقهنَّ . وَقِيلَ : | فَوْقهنَّ | : فَوْق الْأَرَضِينَ مِنْ خَشْيَة اللَّه لَوْ كُنَّ مِمَّا يَعْقِل .<BR> قِرَاءَة الْعَامَّة بِالتَّاءِ . وَقَرَأَ نَافِع وَابْن وَثَّاب وَالْكِسَائِيّ بِالْيَاءِ . | يَنْفَطِرْنَ | قَرَأَ نَافِع وَغَيْره بِالْيَاءِ وَالتَّاء وَالتَّشْدِيد فِي الطَّاء , وَهِيَ قِرَاءَة الْعَامَّة . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل وَأَبُو عُبَيْد | يَنْفَطِرْنَ | مِنْ الِانْفِطَار ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | إِذَا السَّمَاء اِنْفَطَرَتْ | [ الِانْفِطَار : 1 ] وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة | مَرْيَم | بَيَان هَذَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : | تَكَاد السَّمَاوَات يَتَفَطَّرْنَ | أَيْ تَكَاد كُلّ وَاحِدَة مِنْهَا تَنْفَطِر فَوْق الَّتِي تَلِيهَا ; مِنْ قَوْل الْمُشْرِكِينَ : | اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا | [ الْبَقَرَة : 116 ] . وَقَالَ الضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ : | يَتَفَطَّرْنَ | أَيْ يَتَشَقَّقْنَ مِنْ عَظَمَة اللَّه وَجَلَاله فَوْقهنَّ . وَقِيلَ : | فَوْقهنَّ | : فَوْق الْأَرَضِينَ مِنْ خَشْيَة اللَّه لَوْ كُنَّ مِمَّا يَعْقِل .' ><B><font color=red>وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ</font></B><BR><span id=tafseer1 ><BR><BR>أَيْ يُنَزِّهُونَهُ عَمَّا لَا يَجُوز فِي وَصْفه , وَمَا لَا يَلِيق بِجَلَالِهِ . وَقِيلَ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ جُرْأَة الْمُشْرِكِينَ ; فَيُذْكَر التَّسْبِيح فِي مَوْضِع التَّعَجُّب . وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّ تَسْبِيحهمْ تَعَجُّب مِمَّا يَرَوْنَ مِنْ تَعَرُّضهمْ لِسَخَطِ اللَّه . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : تَسْبِيحهمْ خُضُوع لِمَا يَرَوْنَ مِنْ عَظَمَة اللَّه . وَمَعْنَى | بِحَمْدِ رَبّه | : بِأَمْرِ رَبّهمْ ; قَالَهُ السُّدِّيّ .<BR> أَيْ يُنَزِّهُونَهُ عَمَّا لَا يَجُوز فِي وَصْفه , وَمَا لَا يَلِيق بِجَلَالِهِ . وَقِيلَ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ جُرْأَة الْمُشْرِكِينَ ; فَيُذْكَر التَّسْبِيح فِي مَوْضِع التَّعَجُّب . وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَنَّ تَسْبِيحهمْ تَعَجُّب مِمَّا يَرَوْنَ مِنْ تَعَرُّضهمْ لِسَخَطِ اللَّه . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : تَسْبِيحهمْ خُضُوع لِمَا يَرَوْنَ مِنْ عَظَمَة اللَّه . وَمَعْنَى | بِحَمْدِ رَبّه | : بِأَمْرِ رَبّهمْ ; قَالَهُ السُّدِّيّ .' ><B><font color=red>وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ</font></B><BR><span id=tafseer2 ><BR><BR>قَالَ الضَّحَّاك : لِمَنْ فِي الْأَرْض مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ; وَقَالَهُ السُّدِّيّ . بَيَانه فِي سُورَة غَافِر : | وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا | [ غَافِر : 7 ] . وَعَلَى هَذَا تَكُون الْمَلَائِكَة هُنَا حَمَلَة الْعَرْش . وَقِيلَ : جَمِيع مَلَائِكَة السَّمَاء ; وَهُوَ الظَّاهِر مِنْ قَوْل الْكَلْبِيّ . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : هُوَ مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ : | وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا | . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَالصَّحِيح أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ ; لِأَنَّهُ خَبَر , وَهُوَ خَاصّ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ عَنْ الْكَلْبِيّ : إِنَّ الْمَلَائِكَة لَمَّا رَأَتْ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ اُخْتِيرَا وَبُعِثَا إِلَى الْأَرْض لِيَحْكُمَا بَيْنهمْ , فَافْتُتِنَا بِالزُّهَرَةِ وَهَرَبَا إِلَى إِدْرِيس - وَهُوَ جَدّ أَبِي نُوح عَلَيْهِمَا السَّلَام - وَسَأَلَاهُ أَنْ يَدْعُو لَهُمَا , سَبَّحَتْ الْمَلَائِكَة بِحَمْدِ رَبّهمْ وَاسْتَغْفَرَتْ لِبَنِي آدَم . قَالَ أَبُو الْحَسَن بْن الْحَصَّار : وَقَدْ ظَنَّ بَعْض مَنْ جَهِلَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ هَارُوت وَمَارُوت , وَأَنَّهَا مَنْسُوخَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْمُؤْمِن , وَمَا عَلِمُوا أَنَّ حَمَلَة الْعَرْش مَخْصُوصُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّة , وَلِلَّهِ مَلَائِكَة أُخَر يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض . الْمَاوَرْدِيّ : وَفِي اِسْتِغْفَارهمْ لَهُمْ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا : مِنْ الذُّنُوب وَالْخَطَايَا ; وَهُوَ ظَاهِر قَوْل مُقَاتِل . الثَّانِي : أَنَّهُ طَلَبَ الرِّزْق لَهُمْ وَالسَّعَة عَلَيْهِمْ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ . <BR><BR> قُلْت : وَهُوَ أَظْهَر , لِأَنَّ الْأَرْض تَعُمّ الْكَافِر وَغَيْره , وَعَلَى قَوْل مُقَاتِل لَا يَدْخُل فِيهِ الْكَافِر . وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب خَبَر رَوَاهُ عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ أَبِي عُثْمَان عَنْ سَلْمَان قَالَ : إِنَّ الْعَبْد إِذَا كَانَ يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء قَالَتْ الْمَلَائِكَة : صَوْت مَعْرُوف مِنْ آدَمِيّ ضَعِيف , كَانَ يَذْكُر اللَّه تَعَالَى فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء ; فَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ . فَإِذَا كَانَ لَا يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء قَالَتْ الْمَلَائِكَة : صَوْت مُنْكَر مِنْ آدَمِيّ كَانَ لَا يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء فَلَا يَسْتَغْفِرُونَ اللَّه لَهُ . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْآيَة فِي الذَّاكِر لِلَّهِ تَعَالَى فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء , فَهِيَ خَاصَّة بِبَعْضِ مَنْ فِي الْأَرْض مِنْ الْمُؤْمِنِينَ . وَاَللَّه أَعْلَم . يَحْتَمِل أَنْ يَقْصِدُوا بِالِاسْتِغْفَارِ طَلَب الْحِلْم وَالْغُفْرَان فِي قَوْله تَعَالَى : | إِنَّ اللَّه يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا | [ فَاطِر : 41 ] - إِلَى أَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا | , وَقَوْله تَعَالَى : | وَإِنَّ رَبّك لَذُو مَغْفِرَة لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمهمْ | [ الرَّعْد : 6 ] . وَالْمُرَاد الْحِلْم عَنْهُمْ وَأَلَّا يُعَالِجهُمْ بِالِانْتِقَامِ ; فَيَكُون عَامًّا ; قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ . وَقَالَ مُطَرِّف : وَجَدْنَا أَنْصَح عِبَاد اللَّه لِعِبَادِ اللَّه الْمَلَائِكَة , وَوَجَدْنَا أَغْشَى عِبَاد اللَّه لِعِبَادِ اللَّه الشَّيَاطِين . وَقَدْ تَقَدَّمَ .<BR></span><input name=hidtafseer2 type=hidden value='<BR><BR>قَالَ الضَّحَّاك : لِمَنْ فِي الْأَرْض مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ; وَقَالَهُ السُّدِّيّ . بَيَانه فِي سُورَة غَافِر : | وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا | [ غَافِر : 7 ] . وَعَلَى هَذَا تَكُون الْمَلَائِكَة هُنَا حَمَلَة الْعَرْش . وَقِيلَ : جَمِيع مَلَائِكَة السَّمَاء ; وَهُوَ الظَّاهِر مِنْ قَوْل الْكَلْبِيّ . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : هُوَ مَنْسُوخ بِقَوْلِهِ : | وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا | . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَالصَّحِيح أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ ; لِأَنَّهُ خَبَر , وَهُوَ خَاصّ لِلْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيّ عَنْ الْكَلْبِيّ : إِنَّ الْمَلَائِكَة لَمَّا رَأَتْ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ اُخْتِيرَا وَبُعِثَا إِلَى الْأَرْض لِيَحْكُمَا بَيْنهمْ , فَافْتُتِنَا بِالزُّهَرَةِ وَهَرَبَا إِلَى إِدْرِيس - وَهُوَ جَدّ أَبِي نُوح عَلَيْهِمَا السَّلَام - وَسَأَلَاهُ أَنْ يَدْعُو لَهُمَا , سَبَّحَتْ الْمَلَائِكَة بِحَمْدِ رَبّهمْ وَاسْتَغْفَرَتْ لِبَنِي آدَم . قَالَ أَبُو الْحَسَن بْن الْحَصَّار : وَقَدْ ظَنَّ بَعْض مَنْ جَهِلَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ بِسَبَبِ هَارُوت وَمَارُوت , وَأَنَّهَا مَنْسُوخَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْمُؤْمِن , وَمَا عَلِمُوا أَنَّ حَمَلَة الْعَرْش مَخْصُوصُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمُؤْمِنِينَ خَاصَّة , وَلِلَّهِ مَلَائِكَة أُخَر يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض . الْمَاوَرْدِيّ : وَفِي اِسْتِغْفَارهمْ لَهُمْ قَوْلَانِ : أَحَدهمَا : مِنْ الذُّنُوب وَالْخَطَايَا ; وَهُوَ ظَاهِر قَوْل مُقَاتِل . الثَّانِي : أَنَّهُ طَلَبَ الرِّزْق لَهُمْ وَالسَّعَة عَلَيْهِمْ ; قَالَهُ الْكَلْبِيّ . <BR><BR> قُلْت : وَهُوَ أَظْهَر , لِأَنَّ الْأَرْض تَعُمّ الْكَافِر وَغَيْره , وَعَلَى قَوْل مُقَاتِل لَا يَدْخُل فِيهِ الْكَافِر . وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب خَبَر رَوَاهُ عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ أَبِي عُثْمَان عَنْ سَلْمَان قَالَ : إِنَّ الْعَبْد إِذَا كَانَ يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء قَالَتْ الْمَلَائِكَة : صَوْت مَعْرُوف مِنْ آدَمِيّ ضَعِيف , كَانَ يَذْكُر اللَّه تَعَالَى فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء ; فَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ . فَإِذَا كَانَ لَا يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء قَالَتْ الْمَلَائِكَة : صَوْت مُنْكَر مِنْ آدَمِيّ كَانَ لَا يَذْكُر اللَّه فِي السَّرَّاء فَنَزَلَتْ بِهِ الضَّرَّاء فَلَا يَسْتَغْفِرُونَ اللَّه لَهُ . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْآيَة فِي الذَّاكِر لِلَّهِ تَعَالَى فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء , فَهِيَ خَاصَّة بِبَعْضِ مَنْ فِي الْأَرْض مِنْ الْمُؤْمِنِينَ . وَاَللَّه أَعْلَم . يَحْتَمِل أَنْ يَقْصِدُوا بِالِاسْتِغْفَارِ طَلَب الْحِلْم وَالْغُفْرَان فِي قَوْله تَعَالَى : | إِنَّ اللَّه يُمْسِك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا | [ فَاطِر : 41 ] - إِلَى أَنْ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا | , وَقَوْله تَعَالَى : | وَإِنَّ رَبّك لَذُو مَغْفِرَة لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمهمْ | [ الرَّعْد : 6 ] . وَالْمُرَاد الْحِلْم عَنْهُمْ وَأَلَّا يُعَالِجهُمْ بِالِانْتِقَامِ ; فَيَكُون عَامًّا ; قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ . وَقَالَ مُطَرِّف : وَجَدْنَا أَنْصَح عِبَاد اللَّه لِعِبَادِ اللَّه الْمَلَائِكَة , وَوَجَدْنَا أَغْشَى عِبَاد اللَّه لِعِبَادِ اللَّه الشَّيَاطِين . وَقَدْ تَقَدَّمَ .' ><B><font color=red>أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ</font></B><BR><span id=tafseer3 ><BR><BR>قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : هَيَّبَ وَعَظَّمَ جَلَّ وَعَزَّ فِي الِابْتِدَاء , وَأَلْطَفَ وَبَشَّرَ فِي الِانْتِهَاء .<BR></span><input name=hidtafseer3 type=hidden value='<BR><BR>قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : هَيَّبَ وَعَظَّمَ جَلَّ وَعَزَّ فِي الِابْتِدَاء , وَأَلْطَفَ وَبَشَّرَ فِي الِانْتِهَاء .'

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ

أَيْ هَذَا الْعَذَاب لَهُمْ بِكُفْرِهِمْ بِالرُّسُلِ تَأْتِيهِمْ | بِالْبَيِّنَاتِ | أَيْ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَة . فَكَفَرُوا بِهَا

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ

وَهِيَ التِّسْع الْآيَات الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى : | وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْع آيَات بَيِّنَات | [ الْإِسْرَاء : 101 ] وَقَدْ مَضَى تَعْيِينُهَا .|وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ|أَيْ بِحُجَّةٍ وَاضِحَة بَيِّنَة , وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ . وَقِيلَ : أَرَادَ بِالسُّلْطَانِ التَّوْرَاة .

وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ

خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مَدَار التَّدْبِير فِي عَدَاوَة مُوسَى كَانَ عَلَيْهِمْ ; فَفِرْعَوْن الْمَلِك وَهَامَان الْوَزِير وَقَارُون صَاحِب الْأَمْوَال وَالْكُنُوز فَجَمَعَهُ اللَّه مَعَهُمَا ; لِأَنَّ عَمَله فِي الْكُفْر وَالتَّكْذِيب كَأَعْمَالِهِمَا .|فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ|لَمَّا عَجَزُوا عَنْ مُعَارَضَته حَمَلُوا الْمُعْجِزَات عَلَى السِّحْر .

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

وَهِيَ الْمُعْجِزَة الظَّاهِرَة|قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ|قَالَ قَتَادَة : هَذَا قَتْل غَيْر الْقَتْل الْأَوَّل ; لِأَنَّ فِرْعَوْن كَانَ قَدْ أَمْسَكَ عَنْ قَتْل الْوِلْدَان بَعْد وِلَادَة مُوسَى , فَلَمَّا بَعَثَ اللَّه مُوسَى أَعَادَ الْقَتْل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل عُقُوبَة لَهُمْ فَيَمْتَنِع الْإِنْسَان مِنْ الْإِيمَان ; وَلِئَلَّا يَكْثُر جَمْعهمْ فَيَعْتَضِدُوا بِالذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادهمْ .|وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ|أَيْ فِي خُسْرَان وَهَلَاك , وَإِنَّ النَّاس لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ الْإِيمَان وَإِنْ فُعِلَ بِهِمْ مِثْل هَذَا فَكَيْدُهُ يَذْهَب بَاطِلًا . شَغَلَهُمْ اللَّه عَنْ ذَلِكَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاع الْعَذَاب , كَالضَّفَادِعِ وَالْقُمَّل وَالدَّم وَالطُّوفَان إِلَى أَنْ خَرَجُوا مِنْ مِصْر , فَأَغْرَقَهُمْ اللَّه .

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ

| أَقْتُلْ | جَزْم ; لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمْر | وَلْيَدْعُ | جَزْم ; لِأَنَّهُ أَمْر وَ | ذَرُونِي | لَيْسَ بِمَجْزُومٍ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا وَلَكِنَّ لَفْظه لَفْظ الْمَجْزُوم وَهُوَ مَبْنِيّ . وَقِيلَ : هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ لِفِرْعَوْن : إِنَّا نَخَاف أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْك فَيُجَاب ; فَقَالَ : | وَلْيَدْعُ رَبّه | أَيْ لَا يَهُولَنَّكُمْ مَا يَذْكُر مِنْ رَبّه فَإِنَّهُ لَا حَقِيقَة لَهُ وَأَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى .|إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ|أَيْ عِبَادَتَكُمْ لِي إِلَى عِبَادَة رَبّه|أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ|إِنْ لَمْ يُبَدِّلْ دِينَكُمْ فَإِنَّهُ يُظْهِر فِي الْأَرْض الْفَسَاد . أَيْ يَقَع بَيْن النَّاس بِسَبَبِهِ الْخِلَاف . وَقِرَاءَة الْمَدَنِيِّينَ وَأَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ وَابْن عَامِر وَأَبِي عَمْرو : | وَأَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْض الْفَسَاد | وَقِرَاءَة الْكُوفِيِّينَ | أَوْ أَنْ يَظْهَرَ | بِفَتْحِ الْيَاء | الْفَسَادُ | بِالرَّفْعِ , وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِف الْكُوفِيِّينَ : | أَوْ | بِأَلِفٍ وَإِلَيْهِ يَذْهَب أَبُو عُبَيْد ; قَالَ : لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَة حَرْف وَفِيهِ فَصْل ; وَلِأَنَّ | أَوْ | تَكُون بِمَعْنَى الْوَاو . النَّحَّاس : وَهَذَا عِنْد حُذَّاق النَّحْوِيِّينَ لَا يَجُوز أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الْوَاو ; لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بُطْلَان الْمَعَانِي ; وَلَوْ جَازَ أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الْوَاو لَمَا اُحْتِيجَ إِلَى هَذَا هَاهُنَا ; لِأَنَّ مَعْنَى الْوَاو | إِنِّي أَخَاف | الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَمَعْنَى | أَوْ | لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيْ | إِنِّي أَخَاف أَنْ يُبَدِّلَ دِينكُمْ | فَإِنْ أَعْوَزَهُ ذَلِكَ أَظْهَرَ فِي الْأَرْض الْفَسَاد .

فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ

لَمَّا هَدَّدَهُ فِرْعَوْن بِالْقَتْلِ اِسْتَعَاذَ مُوسَى بِاَللَّهِ|مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ|أَيْ مُتَعَظِّم عَنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ , وَصِفَتُهُ أَنَّهُ | لَا يُؤْمِن بِيَوْمِ الْحِسَاب | .

لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

ذَكَرَ بَعْض الْمُفَسِّرِينَ : أَنَّ اِسْم هَذَا الرَّجُل حَبِيب . وَقِيلَ : شَمْعَان بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة . قَالَ السُّهَيْلِيّ : وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ . وَفِي تَارِيخ الطَّبَرِيّ رَحِمَهُ اللَّه : اِسْمه خبرك . وَقِيلَ : حِزْقِيل : ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَأَكْثَر الْعُلَمَاء . الزَّمَخْشَرِيّ : وَاسْمه سَمْعَان أَوْ حَبِيب . وَقِيلَ : خربيل أَوْ حزبيل . وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ إِسْرَائِيلِيًّا أَوْ قِبْطِيًّا فَقَالَ الْحَسَن وَغَيْره : كَانَ قِبْطِيًّا . وَيُقَال : إِنَّهُ كَانَ اِبْن عَمّ فِرْعَوْن ; قَالَهُ السُّدِّيّ . قَالَ : وَهُوَ الَّذِي نَجَا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ; وَلِهَذَا قَالَ : | مِنْ آلِ فِرْعَوْن | وَهَذَا الرَّجُل هُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَجَاءَ رَجُل مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَة يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى | [ الْقَصَص : 20 ] الْآيَة . وَهَذَا قَوْل مُقَاتِل . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَمْ يَكُنْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ مُؤْمِن غَيْره وَغَيْر اِمْرَأَة فِرْعَوْن وَغَيْر الْمُؤْمِن الَّذِي أَنْذَرَ مُوسَى فَقَالَ : | إِنَّ الْمَلَأ يَأْتَمِرُونَ بِك لِيَقْتُلُوك | [ الْقَصَص : 20 ] . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( الصِّدِّيقُونَ حَبِيب النَّجَّار مُؤْمِن آل يس وَمُؤْمِن آل فِرْعَوْن الَّذِي قَالَ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُول رَبِّي اللَّه وَالثَّالِث أَبُو بَكْر الصِّدِّيق , وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ ) وَفِي هَذَا تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ لَا تَعْجَب مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك . وَكَانَ هَذَا الرَّجُل لَهُ وَجَاهَة عِنْد فِرْعَوْن ; فَلِهَذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ بِسُوءٍ . وَقِيلَ : كَانَ هَذَا الرَّجُل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل يَكْتُم إِيمَانه مِنْ آل فِرْعَوْن ; عَنْ السُّدِّيّ أَيْضًا . فَفِي الْكَلَام عَلَى هَذَا تَقْدِيم وَتَأْخِير , وَالتَّقْدِير : وَقَالَ رَجُل مُؤْمِن يَكْتُم إِيمَانه مِنْ آل فِرْعَوْن . فَمَنْ جَعَلَ الرَّجُل قِبْطِيًّا فَـ | مِنْ | عِنْده مُتَعَلِّقَة بِمَحْذُوفٍ صِفَة الرَّجُل ; التَّقْدِير ; وَقَالَ رَجُل مُؤْمِن مَنْسُوب مِنْ آل فِرْعَوْن ; أَيْ مِنْ أَهْله وَأَقَارِبه . وَمَنْ جَعَلَهُ إِسْرَائِيلِيًّا فَـ | مِنْ | مُتَعَلِّقَة بِـ | يَكْتُم | فِي مَوْضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لِـ | يَكْتُم | . الْقُشَيْرِيّ : وَمَنْ جَعَلَهُ إِسْرَائِيلِيًّا فَفِيهِ بُعْد ; لِأَنَّهُ يُقَال كَتَمَهُ أَمْرَ كَذَا وَلَا يُقَال كَتَمَ مِنْهُ . قَالَ اللَّه تَعَالَى : | وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا | [ النِّسَاء : 42 ] وَأَيْضًا مَا كَانَ فِرْعَوْن يَحْتَمِل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل مِثْل هَذَا الْقَوْل .|يَكْتُمُ إِيمَانَهُ|قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : ظَنَّ بَعْضهمْ أَنَّ الْمُكَلَّف إِذَا كَتَمَ إِيمَانه , وَلَمْ يَتَلَفَّظ بِهِ بِلِسَانِهِ لَا يَكُون مُؤْمِنًا بِاعْتِقَادِهِ , وَقَدْ قَالَ مَالِك : إِنَّ الرَّجُل إِذَا نَوَى بِقَلْبِهِ طَلَاق زَوْجَته أَنَّهُ يَلْزَمهُ , كَمَا يَكُون مُؤْمِنًا بِقَلْبِهِ وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ . فَجَعَلَ مَدَار الْإِيمَان عَلَى الْقَلْب وَأَنَّهُ كَذَلِكَ , لَكِنْ لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاق وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُول الْفِقْه ; بِمَا لُبَابُه أَنَّ الْمُكَلَّف إِذْ نَوَى الْكُفْر بِقَلْبِهِ كَانَ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلِسَانِهِ , وَأَمَّا إِذَا نَوَى الْإِيمَان بِقَلْبِهِ فَلَا يَكُون مُؤْمِنًا بِحَالٍ حَتَّى يَتَلَفَّظ بِلِسَانِهِ , وَلَا تَمْنَعَهُ التَّقِيَّة وَالْخَوْف مِنْ أَنْ يَتَلَفَّظ بِلِسَانِهِ فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه تَعَالَى , إِنَّمَا تَمْنَعهُ التَّقِيَّة مِنْ أَنْ يَسْمَعهُ غَيْره , وَلَيْسَ مِنْ شَرْط الْإِيمَان أَنْ يَسْمَعهُ الْغَيْر فِي صِحَّته مِنْ التَّكْلِيف , وَإِنَّمَا يُشْتَرَط سَمَاع الْغَيْر لَهُ لِيَكُفَّ عَنْ نَفْسه وَمَاله .|أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ|أَيْ لِأَنْ يَقُول وَمِنْ أَجْلِ | أَنْ يَقُول رَبِّيَ اللَّه | فَـ | أَنْ | فِي مَوْضِع نَصْب بِنَزْعِ الْخَافِض . رَوَى الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر قَالَ : قُلْت لِعَبْدِ اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص : أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; قَالَ : بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَة ; إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط , فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَوَى ثَوْبه فِي عُنُقه فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا , فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْر فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَالَ : | أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُول رَبِّيَ اللَّه وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبّكُمْ | لَفْظ الْبُخَارِيّ . خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول مِنْ حَدِيث جَعْفَر بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : اِجْتَمَعَتْ قُرَيْش بَعْد وَفَاة أَبِي طَالِب بِثَلَاثٍ فَأَرَادُوا قَتْلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَقْبَلَ هَذَا يَجَؤُهُ وَهَذَا يُتَلْتِلُهُ , فَاسْتَغَاثَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمئِذٍ فَلَمْ يُغِثْهُ أَحَد إِلَّا أَبُو بَكْر وَلَهُ ضَفِيرَتَانِ , فَأَقْبَلَ يَجَأُ ذَا وَيُتَلْتِلُ ذَا وَيَقُول بِأَعْلَى صَوْته : وَيْلَكُمْ : | أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُول رَبِّيَ اللَّه | وَاَللَّه إِنَّهُ لَرَسُول اللَّه ; فَقُطِعَتْ إِحْدَى ضَفِيرَتَيْ أَبِي بَكْر يَوْمئِذٍ . فَقَالَ عَلِيّ : وَاَللَّه لَيَوْم أَبِي بَكْر خَيْر مِنْ مُؤْمِن آلِ فِرْعَوْنِ ; إِنَّ ذَلِكَ رَجُل كَتَمَ إِيمَانه , فَأَثْنَى اللَّه عَلَيْهِ فِي كِتَابه , وَهَذَا أَبُو بَكْر أَظْهَرَ إِيمَانه وَبَذَلَ مَاله وَدَمَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قُلْت : قَوْل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إِنَّ ذَلِكَ رَجُل كَتَمَ إِيمَانه يُرِيد فِي أَوَّل أَمْره بِخِلَافِ الصِّدِّيق فَإِنَّهُ أَظْهَرَ إِيمَانه وَلَمْ يَكْتُمْهُ ; وَإِلَّا فَالْقُرْآن مُصَرِّح بِأَنَّ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن أَظْهَرَ إِيمَانه لَمَّا أَرَادُوا قَتْل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانه . فِي نَوَادِر الْأُصُول أَيْضًا عَنْ أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالُوا لَهَا : مَا أَشَدُّ شَيْء رَأَيْتِ الْمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ الْمُشْرِكُونَ قُعُودًا فِي الْمَسْجِد , وَيَتَذَاكَرُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُول فِي آلِهَتِهِمْ , فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَامُوا إِلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ وَكَانُوا إِذَا سَأَلُوهُ عَنْ شَيْء صَدَقَهُمْ , فَقَالُوا : أَلَسْت تَقُول كَذَا فِي آلِهَتِنَا قَالَ : ( بَلَى ) فَتَشَبَّثُوا فِيهِ بِأَجْمَعِهِمْ فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْر فَقَالَ لَهُ : أَدْرِكْ صَاحِبك . فَخَرَجَ مِنْ عِنْدنَا وَإِنَّ لَهُ غَدَائِر , فَدَخَلَ الْمَسْجِد وَهُوَ يَقُول : وَيْلَكُمْ | أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُول رَبِّيَ اللَّه وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبّكُمْ | فَلُهُوا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْر , فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْر فَجَعَلَ لَا يَمَسّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِره إِلَّا جَاءَ مَعَهُ , وَهُوَ يَقُول : تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام ; إِكْرَام إِكْرَام .|وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ|يَعْنِي الْآيَات التِّسْع | مِنْ رَبّكُمْ ||وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ|وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِشَكٍّ مِنْهُ فِي رِسَالَته , وَصِدْقِهِ , وَلَكِنْ تَلَطُّفًا فِي الِاسْتِكْفَاف وَاسْتِنْزَالًا عَنْ الْأَذَى . وَلَوْ كَانَ وَ | إِنْ يَكُنْ | بِالنُّونِ جَازَ وَلَكِنْ حُذِفَتْ النُّون لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَال عَلَى قَوْل سِيبَوَيْهِ ; وَلِأَنَّهَا نُون الْإِعْرَاب عَلَى قَوْل أَبِي عَبَّاس .|وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ|أَيْ إِنْ لَمْ يُصِبْكُمْ إِلَّا بَعْض الَّذِي يَعِدُكُمْ بِهِ هَلَكْتُمْ . وَمَذْهَب أَبِي عُبَيْدَة أَنَّ مَعْنَى | بَعْض الَّذِي يَعِدُكُمْ | كُلّ الَّذِي يَعِدُكُمْ وَأَنْشَدَ قَوْل لَبِيد : <br>تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا .......... أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا <br>فَبَعْض بِمَعْنَى كُلّ ; لِأَنَّ الْبَعْض إِذَا أَصَابَهُمْ أَصَابَهُمْ الْكُلُّ لَا مَحَالَة لِدُخُولِهِ فِي الْوَعِيد , وَهَذَا تَرْقِيق الْكَلَام فِي الْوَعْظ . وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيّ : أَنَّ الْبَعْض قَدْ يُسْتَعْمَل فِي مَوْضِع الْكُلّ تَلَطُّفًا فِي الْخِطَاب وَتَوَسُّعًا فِي الْكَلَام ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِهِ .......... وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ <br>وَقِيلَ أَيْضًا : قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ أَنْوَاعًا مِنْ الْعَذَاب كُلّ نَوْع مِنْهَا مُهْلِكٌ ; فَكَأَنَّهُ حَذَّرَهُمْ أَنْ يُصِيبَهُمْ بَعْض تِلْكَ الْأَنْوَاع . وَقِيلَ : وَعَدَهُمْ مُوسَى بِعَذَابِ الدُّنْيَا أَوْ بِعَذَابِ الْآخِرَة إِنْ كَفَرُوا ; فَالْمَعْنَى يُصِبْكُمْ أَحَد الْعَذَابَيْنِ . وَقِيلَ : أَيْ يُصِبْكُمْ هَذَا الْعَذَاب الَّذِي يَقُولهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ بَعْض الْوَعِيد , ثُمَّ يَتَرَادَف الْعَذَاب فِي الْآخِرَة أَيْضًا . وَقِيلَ : وَعَدَهُمْ الْعَذَاب إِنْ كَفَرُوا وَالثَّوَاب إِنْ آمَنُوا , فَإِذَا كَفَرُوا يُصِيبُهُمْ بَعْض مَا وُعِدُوا .|إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ|عَلَى نَفْسه . وَقِيلَ : | مُسْرِف | فِي عِنَاده|كَذَّابٌ|عَلَى رَبّه إِشَارَة إِلَى مُوسَى وَيَكُون هَذَا مِنْ قَوْل الْمُؤْمِن . وَقِيلَ | كَذَّاب | فِي اِدِّعَائِهِ إِشَارَة إِلَى فِرْعَوْن وَيَكُون هَذَا مِنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى .

شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي

هَذَا مِنْ قَوْل مُؤْمِن آل فِرْعَوْن , وَفِي قَوْله | يَا قَوْم | دَلِيل عَلَى أَنَّهُ قِبْطِيّ , وَلِذَلِكَ أَضَافَهُمْ إِلَى نَفْسه فَقَالَ : | يَا قَوْم | لِيَكُونُوا أَقْرَب إِلَى قَبُول وَعْظِهِ | لَكُمْ الْمُلْك | فَاشْكُرُوا اللَّه عَلَى ذَلِكَ .|الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي|أَيْ غَالِبِينَ , وَهُوَ نَصْب عَلَى الْحَال أَيْ فِي حَال ظُهُوركُمْ . وَالْمُرَاد بِالْأَرْضِ أَرْض مِصْر فِي قَوْل السُّدِّيّ وَغَيْره , كَقَوْلِهِ : | وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْض | . [ يُوسُف : 21 ] أَيْ فِي أَرْض مِصْر .|الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ|أَيْ مِنْ عَذَاب اللَّه تَحْذِيرًا لَهُمْ مِنْ نِقَمِهِ إِنْ كَانَ مُوسَى صَادِقًا , فَذَكَّرَ وَحَذَّرَ|جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا|فَعَلِمَ فِرْعَوْن ظُهُور حُجَّتِهِ فَقَالَ : | مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى | . قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ : مَا أُشِيرُ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا أَرَى لِنَفْسِي .|أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ|فِي تَكْذِيب مُوسَى وَالْإِيمَان بِي .

وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ

زَادَهُمْ فِي الْوَعْظ|قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ|يَعْنِي أَيَّام الْعَذَاب الَّتِي عُذِّبَ فِيهَا الْمُتَحَزِّبُونَ عَلَى الْأَنْبِيَاء الْمَذْكُورِينَ فِيمَا بَعْد .

فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا و

لَمَّا أَجَازَ أَنْ يَكُون الشَّكّ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى , أَوْ لِقُرَيْشٍ قِيلَ لَهُ : | فَلِذَلِكَ فَادْعُ | أَيْ فَتَبَيَّنْت شَكَّهُمْ فَادْعُ إِلَى اللَّه ; أَيْ إِلَى ذَلِكَ الدِّين الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لِلْأَنْبِيَاءِ وَوَصَّاهُمْ بِهِ . فَاللَّام بِمَعْنَى إِلَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا | [ الزَّلْزَلَة : 5 ] أَيْ إِلَيْهَا . و | ذَلِكَ | بِمَعْنَى هَذَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل | الْبَقَرَة | . وَالْمَعْنَى فَلِهَذَا الْقُرْآن فَادْعُ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير ; وَالْمَعْنَى كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ فَلِذَلِكَ فَادْعُ . وَقِيلَ : إِنَّ اللَّام عَلَى بَابهَا ; وَالْمَعْنَى : فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْره فَادْعُ وَاسْتَقِمْ . قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ إِلَى الْقُرْآن فَادْعُ الْخَلْق . | وَاسْتَقِمْ | خِطَاب لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام . قَالَ قَتَادَة : أَيْ اِسْتَقِمْ عَلَى أَمْر اللَّه . وَقَالَ سُفْيَان : أَيْ اِسْتَقِمْ عَلَى الْقُرْآن . وَقَالَ الضَّحَّاك : اِسْتَقِمْ عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة .<BR> لَمَّا أَجَازَ أَنْ يَكُون الشَّكّ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى , أَوْ لِقُرَيْشٍ قِيلَ لَهُ : | فَلِذَلِكَ فَادْعُ | أَيْ فَتَبَيَّنْت شَكَّهُمْ فَادْعُ إِلَى اللَّه ; أَيْ إِلَى ذَلِكَ الدِّين الَّذِي شَرَعَهُ اللَّه لِلْأَنْبِيَاءِ وَوَصَّاهُمْ بِهِ . فَاللَّام بِمَعْنَى إِلَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | بِأَنَّ رَبّك أَوْحَى لَهَا | [ الزَّلْزَلَة : 5 ] أَيْ إِلَيْهَا . و | ذَلِكَ | بِمَعْنَى هَذَا . وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّل | الْبَقَرَة | . وَالْمَعْنَى فَلِهَذَا الْقُرْآن فَادْعُ . وَقِيلَ : فِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير ; وَالْمَعْنَى كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ فَلِذَلِكَ فَادْعُ . وَقِيلَ : إِنَّ اللَّام عَلَى بَابهَا ; وَالْمَعْنَى : فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْره فَادْعُ وَاسْتَقِمْ . قَالَ اِبْن عَبَّاس : أَيْ إِلَى الْقُرْآن فَادْعُ الْخَلْق . | وَاسْتَقِمْ | خِطَاب لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام . قَالَ قَتَادَة : أَيْ اِسْتَقِمْ عَلَى أَمْر اللَّه . وَقَالَ سُفْيَان : أَيْ اِسْتَقِمْ عَلَى الْقُرْآن . وَقَالَ الضَّحَّاك : اِسْتَقِمْ عَلَى تَبْلِيغ الرِّسَالَة .' ><B><font color=red>وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ</font></B><BR><span id=tafseer1 ><BR><BR>أَيْ لَا تَنْظُر إِلَى خِلَاف مَنْ خَالَفَك .<BR> أَيْ لَا تَنْظُر إِلَى خِلَاف مَنْ خَالَفَك .' ><B><font color=red>وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ</font></B><BR><span id=tafseer2 ><BR><BR>أَيْ أَنْ أَعْدِل ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَأُمِرْت أَنْ أُسْلِم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ | [ غَافِر : 66 ] . وَقِيلَ : هِيَ لَام كَيْ , أَيْ لِكَيْ أَعْدِل . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو الْعَالِيَة : لِأُسَوِّيَ بَيْنكُمْ فِي الدِّين فَأُؤْمِن بِكُلِّ كِتَاب وَبِكُلِّ رَسُول . وَقَالَ غَيْرهمَا : لِأَعْدِل فِي جَمِيع الْأَحْوَال . وَقِيلَ : هَذَا الْعَدْل هُوَ الْعَدْل فِي الْأَحْكَام . وَقِيلَ فِي التَّبْلِيغ .<BR></span><input name=hidtafseer2 type=hidden value='<BR><BR>أَيْ أَنْ أَعْدِل ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : | وَأُمِرْت أَنْ أُسْلِم لِرَبِّ الْعَالَمِينَ | [ غَافِر : 66 ] . وَقِيلَ : هِيَ لَام كَيْ , أَيْ لِكَيْ أَعْدِل . قَالَ اِبْن عَبَّاس وَأَبُو الْعَالِيَة : لِأُسَوِّيَ بَيْنكُمْ فِي الدِّين فَأُؤْمِن بِكُلِّ كِتَاب وَبِكُلِّ رَسُول . وَقَالَ غَيْرهمَا : لِأَعْدِل فِي جَمِيع الْأَحْوَال . وَقِيلَ : هَذَا الْعَدْل هُوَ الْعَدْل فِي الْأَحْكَام . وَقِيلَ فِي التَّبْلِيغ .' ><B><font color=red>اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ</font></B><BR><span id=tafseer3 ><BR><BR>قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : الْخِطَاب لِلْيَهُودِ ; أَيْ لَنَا دِيننَا وَلَكُمْ دِينكُمْ . قَالَ : نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ : | قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر | [ التَّوْبَة : 29 ] الْآيَة . قَالَ مُجَاهِد : وَمَعْنَى | لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ | لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ . وَقِيلَ : لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ , لِأَنَّ الْبَرَاهِين قَدْ ظَهَرَتْ , وَالْحُجَج قَدْ قَامَتْ , فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعِنَاد , وَبَعْد الْعِنَاد لَا حُجَّة وَلَا جِدَال . قَالَ النَّحَّاس : وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى | لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ | عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل : لَمْ يُؤْمَر أَنْ يَحْتَجّ عَلَيْكُمْ و يُقَاتِلكُمْ ; ثُمَّ نُسِخَ هَذَا . كَمَا أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ مِنْ قَبْل أَنْ تُحَوَّل الْقِبْلَة : لَا تُصَلِّ إِلَى الْكَعْبَة , ثُمَّ . حُوِّلَ النَّاس بَعْد ; لَجَازَ أَنْ يُقَال نُسِخَ ذَلِكَ .<BR></span><input name=hidtafseer3 type=hidden value='<BR><BR>قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد : الْخِطَاب لِلْيَهُودِ ; أَيْ لَنَا دِيننَا وَلَكُمْ دِينكُمْ . قَالَ : نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ : | قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر | [ التَّوْبَة : 29 ] الْآيَة . قَالَ مُجَاهِد : وَمَعْنَى | لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ | لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ . وَقِيلَ : لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ , لِأَنَّ الْبَرَاهِين قَدْ ظَهَرَتْ , وَالْحُجَج قَدْ قَامَتْ , فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْعِنَاد , وَبَعْد الْعِنَاد لَا حُجَّة وَلَا جِدَال . قَالَ النَّحَّاس : وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنَى | لَا حُجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُمْ | عَلَى ذَلِكَ الْقَوْل : لَمْ يُؤْمَر أَنْ يَحْتَجّ عَلَيْكُمْ و يُقَاتِلكُمْ ; ثُمَّ نُسِخَ هَذَا . كَمَا أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ مِنْ قَبْل أَنْ تُحَوَّل الْقِبْلَة : لَا تُصَلِّ إِلَى الْكَعْبَة , ثُمَّ . حُوِّلَ النَّاس بَعْد ; لَجَازَ أَنْ يُقَال نُسِخَ ذَلِكَ .' ><B><font color=red>اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا</font></B><BR><span id=tafseer4 ><BR><BR>يُرِيد يَوْم الْقِيَامَة .<BR></span><input name=hidtafseer4 type=hidden value='<BR><BR>يُرِيد يَوْم الْقِيَامَة .' ><B><font color=red>وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ</font></B><BR><span id=tafseer5 ><BR><BR>أَيْ فَهُوَ يَحْكُم بَيْننَا إِذَا صِرْنَا إِلَيْهِ , وَيُجَازِي كُلًّا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَشَيْبَة بْن رَبِيعَة , وَقَدْ سَأَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِع عَنْ دَعْوَته وَدِينه إِلَى دِين قُرَيْش , عَلَى أَنْ يُعْطِيه الْوَلِيد نِصْف مَاله وَيُزَوِّجهُ شَيْبَة بِابْنَتِهِ .<BR></span><input name=hidtafseer5 type=hidden value='<BR><BR>أَيْ فَهُوَ يَحْكُم بَيْننَا إِذَا صِرْنَا إِلَيْهِ , وَيُجَازِي كُلًّا بِمَا كَانَ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة وَشَيْبَة بْن رَبِيعَة , وَقَدْ سَأَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِع عَنْ دَعْوَته وَدِينه إِلَى دِين قُرَيْش , عَلَى أَنْ يُعْطِيه الْوَلِيد نِصْف مَاله وَيُزَوِّجهُ شَيْبَة بِابْنَتِهِ .'

وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ

زَادَ فِي الْوَعْظ وَالتَّخْوِيف وَأَفْصَحَ عَنْ إِيمَانه , إِمَّا مُسْتَسْلِمًا مُوَطِّنًا نَفْسه عَلَى الْقَتْل , أَوْ وَاثِقًا بِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَهُ بِسُوءٍ , وَقَدْ وَقَاهُ اللَّه شَرَّهُمْ بِقَوْلِهِ الْحَقّ | فَوَقَاهُ اللَّه سَيِّئَات مَا مَكَرُوا | . وَقِرَاءَة الْعَامَّة | التَّنَاد | بِتَخْفِيفِ الدَّال وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ; قَالَ أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : <br>وَبَثَّ الْخَلْقَ فِيهَا إِذْ دَحَاهَا .......... فَهُمْ سُكَّانُهَا حَتَّى التَّنَاد <br>سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمُنَادَاةِ النَّاس بَعْضهمْ بَعْضًا ; فَيُنَادِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ , وَيُنَادِي أَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب النَّار : | أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا | وَيُنَادِي أَصْحَاب النَّار أَصْحَاب الْجَنَّة : | أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاء | وَيُنَادِي الْمُنَادِي أَيْضًا بِالشِّقْوَةِ وَالسَّعَادَة : أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ شَقِيَ شَقَاوَة لَا يَسْعَد بَعْدهَا أَبَدًا , أَلَا إِنَّ فُلَان بْنَ فُلَان قَدْ سَعِدَ سَعَادَة لَا يَشْقَى بَعْدهَا أَبَدًا . وَهَذَا عِنْد وَزْن الْأَعْمَال . وَتُنَادِي الْمَلَائِكَة أَصْحَاب الْجَنَّة : | أَنْ تِلْكُمُو الْجَنَّة أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ | [ الْأَعْرَاف : 43 ] وَيُنَادَى حِين يُذْبَح الْمَوْت : يَا أَهْل الْجَنَّة خُلُود لَا مَوْت وَيَا أَهْل النَّار خُلُود لَا مَوْت . وَيُنَادَى كُلّ قَوْم بِإِمَامِهِمْ إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ النِّدَاء . وَقَرَأَ الْحَسَن وَابْن السَّمَيْقَع وَيَعْقُوب وَابْن كَثِير وَمُجَاهِد : | التَّنَادِي | بِإِثْبَاتِ الْيَاء فِي الْوَصْل وَالْوَقْف عَلَى الْأَصْل . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس وَالضَّحَّاك وَعِكْرِمَة | يَوْم التَّنَادِّ | بِتَشْدِيدِ الدَّال . قَالَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة : هَذَا لَحْن ; لِأَنَّهُ مِنْ نَدَّ يَنِدُّ إِذَا مَرَّ عَلَى وَجْهه هَارِبًا ; كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>وَبَرْكٍ هُجُودٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي .......... نَوَادِيَهَا أَسْعَى بِعَضْبٍ مُجَرَّدِ <br>قَالَ : فَلَا مَعْنَى لِهَذَا فِي الْقِيَامَة . قَالَ أَبُو جَعْفَر النَّحَّاس : وَهَذَا غَلَط , وَالْقِرَاءَة بِهَا حَسَنَة عَلَى مَعْنَى يَوْم التَّنَافُر . قَالَ الضَّحَّاك : ذَلِكَ إِذَا سَمِعُوا زَفِير جَهَنَّم نَدُّوا هَرَبًا , فَلَا يَأْتُونَ قُطْرًا مِنْ أَقْطَار الْأَرْض إِلَّا وَجَدُوا صُفُوفًا مِنْ الْمَلَائِكَة , فَيَرْجِعُونَ إِلَى الْمَكَان الَّذِي كَانُوا فِيهِ ; فَذَلِكَ قَوْله : | يَوْم التَّنَادّ | . وَقَوْله : | يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس إِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَار السَّمَوَات وَالْأَرْض | [ الرَّحْمَن : 33 ] الْآيَة . وَقَوْله : | وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا | [ الْحَاقَّة : 17 ] ذَكَرَهُ اِبْن الْمُبَارَك بِمَعْنَاهُ . قَالَ : وَأَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الْجَبَّار بْن عُبَيْد اللَّه بْن سَلْمَان فِي قَوْله تَعَالَى : | إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ يَوْم التَّنَاد . يَوْم تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ | ثُمَّ تَسْتَجِيب لَهُمْ أَعْيُنهمْ بِالدَّمْعِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَد الدَّمْع , ثُمَّ تَسْتَجِيب لَهُمْ أَعْيُنهمْ بِالدَّمِ فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَد الدَّم , ثُمَّ تَسْتَجِيب لَهُمْ أَعْيُنهمْ بِالْقَيْحِ . قَالَ : يُرْسَل عَلَيْهِمْ مِنْ اللَّه أَمْر فَيُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ , ثُمَّ تَسْتَجِيب لَهُمْ أَعْيُنهمْ بِالْقَيْحِ , فَيَبْكُونَ حَتَّى يَنْفَد الْقَيْح فَتَغُور أَعْيُنهمْ كَالْخِرَقِ فِي الطِّين . وَقِيلَ : إِنَّ هَذَا يَكُون عِنْد نَفْخ إِسْرَافِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي الصُّور نَفْخَة الْفَزَع . ذَكَرَهُ عَلِيّ بْن مَعْبَد وَالطَّبَرِيّ وَغَيْرهمَا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة , وَفِيهِ فَتَكُون الْأَرْض كَالسَّفِينَةِ فِي الْبَحْر تَضْرِبهَا الْأَمْوَاج فَيَمِيد النَّاس عَلَى ظَهْرهَا وَتَذْهَل الْمَرَاضِع وَتَضَع الْحَوَامِل مَا فِي بُطُونهَا وَتَشِيب الْوِلْدَان وَتَتَطَايَر الشَّيَاطِين هَارِبَة فَتَلْقَاهَا الْمَلَائِكَة تَضْرِب وُجُوههَا وَيُوَلِّي النَّاس مُدْبِرِينَ يُنَادِي بَعْضهمْ بَعْضًا وَهِيَ الَّتِي يَقُول اللَّه تَعَالَى : | يَوْم التَّنَاد . يَوْم تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّه مِنْ عَاصِم وَمَنْ يَضْلِلْ اللَّه فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ | الْحَدِيث بِكَمَالِهِ . وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَاب التَّذْكِرَة وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيّ بْن نَصْر عَنْ أَبِي عَمْرو إِسْكَان الدَّال مِنْ | التَّنَاد | فِي الْوَصْل خَاصَّة . وَرَوَى أَبُو مَعْمَر عَنْ عَبْد الْوَارِث زِيَادَة الْيَاء فِي الْوَصْل خَاصَّة وَهُوَ مَذْهَب وَرْش . وَالْمَشْهُور عَنْ أَبِي عَمْرو حَذْفهَا فِي الْحَالَيْنِ . وَكَذَلِكَ قَرَأَ سَائِر السَّبْعَة سِوَى وَرْش عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ وَسِوَى اِبْن كَثِير عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ : سُمِّيَ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم التَّنَاد ; لِأَنَّ الْكَافِر يُنَادَى فِيهِ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور وَالْحَسْرَة . قَالَهُ اِبْن جُرَيْج . وَقِيلَ : فِيهِ إِضْمَار أَيْ إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ عَذَاب يَوْم التَّنَاد ; فَاَللَّه أَعْلَم .

اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ

| يَوْم تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ | عَلَى الْبَدَل مِنْ | يَوْم التَّنَاد ||وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ|أَيْ مَنْ خَلَقَ اللَّه فِي قَلْبه الضَّلَال فَلَا هَادِي لَهُ . وَفِي قَائِله قَوْلَانِ : أَحَدهمَا مُوسَى . الثَّانِي مُؤْمِن آل فِرْعَوْن وَهُوَ الْأَظْهَر . وَاَللَّه أَعْلَم .

يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ

قِيلَ : إِنَّ هَذَا مِنْ قَوْل مُوسَى . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ تَمَام وَعْظ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن ; ذَكَّرَهُمْ قَدِيم عُتُوِّهِمْ عَلَى الْأَنْبِيَاء ; وَأَرَادَ يُوسُف بْن يَعْقُوب جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ | أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْر أَمْ اللَّه الْوَاحِد الْقَهَّار | [ يُوسُف : 39 ] قَالَ اِبْن جُرَيْج : هُوَ يُوسُف بْن يَعْقُوب بَعَثَهُ اللَّه تَعَالَى رَسُولًا إِلَى الْقِبْط بَعْد مَوْت الْمَلِك مِنْ قَبْل مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ وَهِيَ الرُّؤْيَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : هُوَ يُوسُف بْن إفرائيم بْن يُوسُف بْن يَعْقُوب أَقَامَ فِيهِمْ نَبِيًّا عِشْرِينَ سَنَة . وَحَكَى النَّقَّاش عَنْ الضَّحَّاك : أَنَّ اللَّه تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنْ الْجِنّ يُقَال لَهُ يُوسُف . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : إِنَّ فِرْعَوْن مُوسَى هُوَ فِرْعَوْن يُوسُف عُمِّرَ . وَغَيْره يَقُول : هُوَ آخَر . النَّحَّاس : وَلَيْسَ فِي الْآيَة مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَاتِ نَبِيّ لِمَنْ مَعَهُ وَلِمَنْ بَعْده فَقَدْ جَاءَهُمْ جَمِيعًا بِهَا وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ بِهَا .|فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ|أَيْ أَسْلَافُكُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ .|حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا|أَيْ مَنْ يَدَّعِي الرِّسَالَة|كَذَلِكَ|أَيْ مِثْل ذَلِكَ الضَّلَال|يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ|مُشْرِك|مُرْتَابٌ|شَاكّ فِي وَحْدَانِيَّة اللَّه تَعَالَى .

اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ

أَيْ فِي حُجَجِهِ الظَّاهِرَة و | الَّذِينَ | فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الْبَدَل مِنْ | مَنْ | وَقَالَ الزَّجَّاج : أَيْ كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّه الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَات اللَّه فَـ | الَّذِينَ | نَصْب . قَالَ : وَيَجُوز أَنْ يَكُون رَفْعًا عَلَى مَعْنَى هُمْ الَّذِينَ أَوْ عَلَى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر | كَبُرَ مَقْتًا | . ثُمَّ قِيلَ : هَذَا مِنْ كَلَام مُؤْمِن آل فِرْعَوْن . وَقِيلَ : اِبْتِدَاء خِطَاب مِنْ اللَّه تَعَالَى .|بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ|أَيْ بِغَيْرِ حُجَّة وَبُرْهَان|كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا|| مَقْتًا | عَلَى الْبَيَان أَيْ | كَبُرَ | جِدَالُهُمْ | مَقْتًا | ; كَقَوْلِهِ : كَبُرَتْ كَلِمَةً | [ الْكَهْف : 5 ] وَمَقْت اللَّه تَعَالَى ذَمُّهُ لَهُمْ وَلَعْنُهُ إِيَّاهُمْ وَإِحْلَال الْعَذَاب بِهِمْ .|كَذَلِكَ|أَيْ كَمَا طَبَعَ اللَّه عَلَى قُلُوب هَؤُلَاءِ الْمُجَادِلِينَ فَكَذَلِكَ|يَطْبَعُ اللَّهُ|أَيْ يَخْتِم|عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ|حَتَّى لَا يَعْقِل الرَّشَاد وَلَا يَقْبَل الْحَقّ . وَقِرَاءَة الْعَامَّة | عَلَى كُلّ قَلْب مُتَكَبِّر | بِإِضَافَةِ قَلْب إِلَى الْمُتَكَبِّر وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِم وَأَبُو عُبَيْد . وَفِي الْكَلَام حَذْف وَالْمَعْنَى : | كَذَلِكَ يَطْبَع اللَّه عَلَى كُلّ قَلْب | عَلَى كُلّ | مُتَكَبِّرٍ جَبَّار | فَحَذَفَ | كُلّ | الثَّانِيَة لِتَقَدُّمِ مَا يَدُلّ عَلَيْهَا . وَإِذَا لَمْ يُقَدَّرْ حَذْف | كُلّ | لَمْ يَسْتَقِمْ الْمَعْنَى ; لِأَنَّهُ يَصِير مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَطْبَع عَلَى جَمِيع قَلْبه وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ يَطْبَع عَلَى قُلُوب الْمُتَكَبِّرِينَ الْجَبَّارِينَ قَلْبًا قَلْبًا . وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى حَذْف | كُلّ | قَوْل أَبِي دُوَاد : <br>أَكُلَّ اِمْرِئٍ تَحْسِبِينَ اِمْرَأً .......... وَنَارٍ تَوَقَّدُ بِاللَّيْلِ نَارَا <br>يُرِيد وَكُلّ نَار . وَفِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود | عَلَى قَلْب كُلّ مُتَكَبِّر | فَهَذِهِ قِرَاءَة عَلَى التَّفْسِير وَالْإِضَافَة . وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن مُحَيْصِن وَابْن ذَكْوَان عَنْ أَهْل الشَّام | قَلْبٍ | مُنَوَّن عَلَى أَنَّ | مُتَكَبِّر | نَعْت لِلْقَلْبِ فَكَنَّى بِالْقَلْبِ عَنْ الْجُمْلَة ; لِأَنَّ الْقَلْب هُوَ الَّذِي يَتَكَبَّر وَسَائِر الْأَعْضَاء تَبَعٌ لَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ فِي الْجَسَد مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَد كُلّه وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَد كُلّه أَلَّا وَهِيَ الْقَلْب ) وَيَجُوز أَنْ يَكُون عَلَى حَذْف الْمُضَاف ; أَيْ عَلَى كُلّ ذِي قَلْب مُتَكَبِّر ; تَجْعَل الصِّفَة لِصَاحِبِ الْقَلْب .

مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ

قَوْله تَعَالَى : | مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْأَخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | الْحَرْث الْعَمَل وَالْكَسْب . وَمِنْهُ قَوْل عَبْد اللَّه بْن عُمَر : وَاحْرُثْ لِدُنْيَاك كَأَنَّك تَعِيش أَبَدًا وَاعْمَلْ لِآخِرَتِك كَأَنَّك تَمُوت غَدًا . وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُل حَارِثًا . وَالْمَعْنَى أَيْ مَنْ طَلَبَ بِمَا رَزَقْنَاهُ حَرْثًا لِآخِرَتِهِ , فَأَدَّى حُقُوق اللَّه وَأَنْفَقَ فِي إِعْزَاز الدِّين ; فَإِنَّمَا نُعْطِيه ثَوَاب ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ عَشْرًا إِلَى سَبْعمِائَةِ فَأَكْثَر . | وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا | أَيْ طَلَبَ بِالْمَالِ الَّذِي آتَاهُ اللَّه رِيَاسَة الدُّنْيَا وَالتَّوَصُّل إِلَى الْمَحْظُورَات , فَإِنَّا لَا نَحْرُمهُ الرِّزْق أَصْلًا , وَلَكِنْ لَا حَظَّ بِهِ فِي الْآخِرَة مِنْ مَاله ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : | مَنْ كَانَ يُرِيد الْعَاجِلَة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَنْ نُرِيد ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّم يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَة وَسَعَى لَهَا سَعْيهَا وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيهمْ مَشْكُورًا | [ الْإِسْرَاء : 18 - 19 ] . وَقِيلَ : | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | نُوَفِّقهُ لِلْعِبَادَةِ وَنُسَهِّلهَا عَلَيْهِ . وَقِيلَ : حَرْث الْآخِرَة الطَّاعَة ; أَيْ مَنْ أَطَاعَ فَلَهُ الثَّوَاب . قِيلَ : | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | أَيْ نُعْطِهِ الدُّنْيَا مَعَ الْآخِرَة . وَقِيلَ : الْآيَة فِي الْغَزْو ; أَيْ مَنْ أَرَادَ بِغَزْوِهِ الْآخِرَة أُوتِيَ الثَّوَاب , وَمَنْ أَرَادَ بِغَزْوِهِ الْغَنِيمَة أُوتِيَ مِنْهَا . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَالظَّاهِر أَنَّ الْآيَة فِي الْكَافِر ; يُوَسِّع لَهُ فِي الدُّنْيَا ; أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْتَرّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَا تَبْقَى . وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ اللَّه يُعْطِي عَلَى نِيَّة الْآخِرَة مَا شَاءَ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَلَا يُعْطِي عَلَى نِيَّة الدُّنْيَا إِلَّا الدُّنْيَا . وَقَالَ أَيْضًا : يَقُول اللَّه تَعَالَى : ( مَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ زِدْنَاهُ فِي عَمَله وَأَعْطَيْنَاهُ مِنْ الدُّنْيَا مَا كَتَبْنَا لَهُ وَمَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَته لَمْ نَجْعَل لَهُ نَصِيبًا فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وَلَمْ يُصِبْ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا رِزْقًا قَدْ قَسَمْنَاهُ لَهُ لَا بُدّ أَنْ كَانَ يُؤْتَاهُ مَعَ إِيثَار أَوْ غَيْر إِيثَار ) . وَرَوَى جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ : | مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة | مَنْ كَانَ مِنْ الْأَبْرَار يُرِيد بِعَمَلِهِ الصَّالِح ثَوَاب الْآخِرَة | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | أَيْ فِي حَسَنَاته .<BR> قَوْله تَعَالَى : | مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْأَخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | الْحَرْث الْعَمَل وَالْكَسْب . وَمِنْهُ قَوْل عَبْد اللَّه بْن عُمَر : وَاحْرُثْ لِدُنْيَاك كَأَنَّك تَعِيش أَبَدًا وَاعْمَلْ لِآخِرَتِك كَأَنَّك تَمُوت غَدًا . وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُل حَارِثًا . وَالْمَعْنَى أَيْ مَنْ طَلَبَ بِمَا رَزَقْنَاهُ حَرْثًا لِآخِرَتِهِ , فَأَدَّى حُقُوق اللَّه وَأَنْفَقَ فِي إِعْزَاز الدِّين ; فَإِنَّمَا نُعْطِيه ثَوَاب ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ عَشْرًا إِلَى سَبْعمِائَةِ فَأَكْثَر . | وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا | أَيْ طَلَبَ بِالْمَالِ الَّذِي آتَاهُ اللَّه رِيَاسَة الدُّنْيَا وَالتَّوَصُّل إِلَى الْمَحْظُورَات , فَإِنَّا لَا نَحْرُمهُ الرِّزْق أَصْلًا , وَلَكِنْ لَا حَظَّ بِهِ فِي الْآخِرَة مِنْ مَاله ; قَالَ اللَّه تَعَالَى : | مَنْ كَانَ يُرِيد الْعَاجِلَة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَنْ نُرِيد ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّم يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَة وَسَعَى لَهَا سَعْيهَا وَهُوَ مُؤْمِن فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيهمْ مَشْكُورًا | [ الْإِسْرَاء : 18 - 19 ] . وَقِيلَ : | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | نُوَفِّقهُ لِلْعِبَادَةِ وَنُسَهِّلهَا عَلَيْهِ . وَقِيلَ : حَرْث الْآخِرَة الطَّاعَة ; أَيْ مَنْ أَطَاعَ فَلَهُ الثَّوَاب . قِيلَ : | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | أَيْ نُعْطِهِ الدُّنْيَا مَعَ الْآخِرَة . وَقِيلَ : الْآيَة فِي الْغَزْو ; أَيْ مَنْ أَرَادَ بِغَزْوِهِ الْآخِرَة أُوتِيَ الثَّوَاب , وَمَنْ أَرَادَ بِغَزْوِهِ الْغَنِيمَة أُوتِيَ مِنْهَا . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَالظَّاهِر أَنَّ الْآيَة فِي الْكَافِر ; يُوَسِّع لَهُ فِي الدُّنْيَا ; أَيْ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْتَرّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَا تَبْقَى . وَقَالَ قَتَادَة : إِنَّ اللَّه يُعْطِي عَلَى نِيَّة الْآخِرَة مَا شَاءَ مِنْ أَمْر الدُّنْيَا , وَلَا يُعْطِي عَلَى نِيَّة الدُّنْيَا إِلَّا الدُّنْيَا . وَقَالَ أَيْضًا : يَقُول اللَّه تَعَالَى : ( مَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ زِدْنَاهُ فِي عَمَله وَأَعْطَيْنَاهُ مِنْ الدُّنْيَا مَا كَتَبْنَا لَهُ وَمَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَته لَمْ نَجْعَل لَهُ نَصِيبًا فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وَلَمْ يُصِبْ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا رِزْقًا قَدْ قَسَمْنَاهُ لَهُ لَا بُدّ أَنْ كَانَ يُؤْتَاهُ مَعَ إِيثَار أَوْ غَيْر إِيثَار ) . وَرَوَى جُوَيْبِر عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ : | مَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الْآخِرَة | مَنْ كَانَ مِنْ الْأَبْرَار يُرِيد بِعَمَلِهِ الصَّالِح ثَوَاب الْآخِرَة | نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثه | أَيْ فِي حَسَنَاته .' ><B><font color=red>وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ</font></B><BR><span id=tafseer1 ><BR><BR>| وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا | أَيْ مَنْ كَانَ مِنْ الْفُجَّار يُرِيد بِعَمَلِهِ الْحَسَن الدُّنْيَا | نُؤْتِهِ مِنْهَا | ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْإِسْرَاء : | مَنْ كَانَ يُرِيد الْعَاجِلَة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَنْ نُرِيد | [ الْإِسْرَاء . 18 ] . وَالصَّوَاب أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ ; لِأَنَّ هَذَا خَبَر وَالْأَشْيَاء كُلّهَا بِإِرَادَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَقُلْ أَحَدكُمْ اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْت اللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي إِنْ شِئْت ) . وَقَدْ قَالَ قَتَادَة مَا تَقَدَّمَ ذِكْره , وَهُوَ يُبَيِّن لَك أَنْ لَا نَسْخ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي | هُود | أَنَّ هَذَا مِنْ بَاب الْمُطْلَق وَالْمُقَيَّد , وَأَنَّ النَّسْخ لَا يَدْخُل فِي الْأَخْبَار . وَاَللَّه الْمُسْتَعَان . مَسْأَلَة : هَذِهِ الْآيَة تُبْطِل مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة فِي قَوْله : إِنَّهُ مَنْ تَوَضَّأَ تَبَرُّدًا أَنَّهُ يُجْزِيه عَنْ فَرِيضَة الْوُضُوء الْمُوَظَّف عَلَيْهِ ; فَإِنَّ فَرِيضَة الْوُضُوء مِنْ حَرْث الْآخِرَة وَالتَّبَرُّد مِنْ حَرْث الدُّنْيَا , فَلَا يَدْخُل أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , وَلَا تُجْزِي نِيَّته عَنْهُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَة ; قَالَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ .<BR> | وَمَنْ كَانَ يُرِيد حَرْث الدُّنْيَا | أَيْ مَنْ كَانَ مِنْ الْفُجَّار يُرِيد بِعَمَلِهِ الْحَسَن الدُّنْيَا | نُؤْتِهِ مِنْهَا | ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فِي الْإِسْرَاء : | مَنْ كَانَ يُرِيد الْعَاجِلَة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَنْ نُرِيد | [ الْإِسْرَاء . 18 ] . وَالصَّوَاب أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ ; لِأَنَّ هَذَا خَبَر وَالْأَشْيَاء كُلّهَا بِإِرَادَةِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( لَا يَقُلْ أَحَدكُمْ اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي إِنْ شِئْت اللَّهُمَّ اِرْحَمْنِي إِنْ شِئْت ) . وَقَدْ قَالَ قَتَادَة مَا تَقَدَّمَ ذِكْره , وَهُوَ يُبَيِّن لَك أَنْ لَا نَسْخ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي | هُود | أَنَّ هَذَا مِنْ بَاب الْمُطْلَق وَالْمُقَيَّد , وَأَنَّ النَّسْخ لَا يَدْخُل فِي الْأَخْبَار . وَاَللَّه الْمُسْتَعَان . مَسْأَلَة : هَذِهِ الْآيَة تُبْطِل مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة فِي قَوْله : إِنَّهُ مَنْ تَوَضَّأَ تَبَرُّدًا أَنَّهُ يُجْزِيه عَنْ فَرِيضَة الْوُضُوء الْمُوَظَّف عَلَيْهِ ; فَإِنَّ فَرِيضَة الْوُضُوء مِنْ حَرْث الْآخِرَة وَالتَّبَرُّد مِنْ حَرْث الدُّنْيَا , فَلَا يَدْخُل أَحَدهمَا عَلَى الْآخَر , وَلَا تُجْزِي نِيَّته عَنْهُ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَة ; قَالَهُ اِبْن الْعَرَبِيّ .

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

| أَسْبَاب السَّمَوَات | بَدَل مِنْ الْأَوَّل . وَأَسْبَاب السَّمَاء أَبْوَابهَا فِي قَوْل قَتَادَة وَالزُّهْرِيّ وَالسُّدِّيّ وَالْأَخْفَش ; وَأَنْشَدَ : <br>وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ الْمَنَايَا يَنَلْنَهُ .......... وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّمِ <br>وَقَالَ أَبُو صَالِح : أَسْبَاب السَّمَوَات طُرُقهَا . وَقِيلَ : الْأُمُور الَّتِي تَسْتَمْسِك بِهَا السَّمَوَات . وَكَرَّرَ أَسْبَاب تَفْخِيمًا ; لِأَنَّ الشَّيْء إِذَا أُبْهِمَ ثُمَّ أُوضِحَ كَانَ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ . وَاَللَّه أَعْلَم .|فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى|فَأنْظُرْ إِلَيْهِ نَظَرَ مُشْرِف عَلَيْهِ . تَوَهَّمَ أَنَّهُ جِسْم تَحْوِيهِ الْأَمَاكِن . وَكَانَ فِرْعَوْن يَدَّعِي الْأُلُوهِيَّةَ وَيَرَى تَحْقِيقَهَا بِالْجُلُوسِ فِي مَكَان مُشْرِفٍ . وَقِرَاءَة الْعَامَّة | فَأَطَّلِعُ | بِالرَّفْعِ نَسَقًا عَلَى قَوْله : | أَبْلُغُ | وَقَرَأَ الْأَعْرَج وَالسُّلَمِيّ وَعِيسَى وَحَفْص | فَأَطَّلِعَ | بِالنَّصْبِ ; قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : عَلَى جَوَاب | لَعَلَّ | بِالْفَاءِ . النَّحَّاس : وَمَعْنَى النَّصْب خِلَاف مَعْنَى الرَّفْع ; لِأَنَّ مَعْنَى النَّصْب مَتَى بَلَغْت الْأَسْبَاب اِطَّلَعْت . وَمَعْنَى الرَّفْع | لَعَلِّي أَبْلُغ الْأَسْبَاب | ثُمَّ لَعَلِّي أَطَّلِع بَعْد ذَلِكَ ; إِلَّا أَنَّ ثُمَّ أَشَدُّ تَرَاخِيًا مِنْ الْفَاء .|وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا|أَيْ وَإِنِّي لَأَظُنُّ مُوسَى كَاذِبًا فِي اِدِّعَائِهِ إِلَهًا دُونِي , وَإِنَّمَا أَفْعَلُ مَا أَفْعَلُ لِإِزَاحَةِ الْعِلَّة . وَهَذَا يُوجِب شَكَّ فِرْعَوْن فِي أَمْر اللَّه . وَقِيلَ : إِنَّ الظَّنّ بِمَعْنَى الْيَقِين أَيْ وَأَنَا أَتَيَقَّنُ أَنَّهُ كَاذِب وَإِنَّمَا أَقُول مَا أَقُول لِإِزَالَةِ الشُّبْهَة عَمَّنْ لَا يَتَيَقَّنُ مَا أَتَيَقَّنُهُ .|وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ|أَيْ كَمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَة وَارْتَابَ زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَان أَوْ زَيَّنَ اللَّه سُوء عَمَله أَيْ الشِّرْك وَالتَّكْذِيب .|وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ|قِرَاءَة الْكُوفِيِّينَ | وَصُدَّ | عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله وَهُوَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم ; وَيَجُوز عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة | وَصِدَّ | بِكَسْرِ الصَّاد نُقِلَتْ كَسْرَة الدَّال عَلَى الصَّاد ; وَهِيَ قِرَاءَة يَحْيَى بْن وَثَّاب وَعَلْقَمَة . وَقَرَأَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق وَعَبْد الرَّحْمَن بْن بَكْرَة | وَصَدٌّ عَنْ السَّبِيل | بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِين . الْبَاقُونَ | وَصَدَّ | بِفَتْحِ الصَّاد وَالدَّال . أَيْ صَدَّ فِرْعَوْنُ النَّاسَ عَنْ السَّبِيل .|وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ|أَيْ فِي خُسْرَان وَضَلَال , وَمِنْهُ : | تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب | [ الْمَسَد : 1 ] وَقَوْله : | وَمَا زَادُوهُمْ غَيْر تَتْبِيبٍ | [ هُود : 101 ] وَفِي مَوْضِع | غَيْر تَخْسِير | [ هُود : 63 ] فَهَدَّ اللَّه صَرْحه وَغَرَّقَهُ هُوَ وَقَوْمه عَلَى مَا تَقَدَّمَ .

تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

هَذَا مِنْ تَمَام مَا قَالَهُ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن ; أَيْ اِقْتَدُوا بِي فِي الدِّين .|أَهْدِكُمْ سَبِيلَ|أَيْ طَرِيق الْهُدَى وَهُوَ الْجَنَّة . وَقِيلَ : مِنْ قَوْل مُوسَى . وَقَرَأَ مُعَاذ بْن جَبَل | الرَّشَّاد | بِتَشْدِيدِ الشِّين وَهُوَ لَحْن عِنْد أَكْثَر أَهْل الْعَرَبِيَّة ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال أَرْشَدَ يُرْشِد وَلَا يَكُون فَعَّال مِنْ أَفَعَلَ إِنَّمَا يَكُون مِنْ الثَّلَاثِي , فَإِنْ أَرَدْت التَّكْثِير مِنْ الرُّبَاعِيّ قُلْت : مِفْعَالٌ . قَالَ النَّحَّاس : يَجُوز أَنْ يَكُون رَشَّاد بِمَعْنَى يُرْشِد لَا عَلَى أَنَّهُ مُشْتَقّ مِنْهُ , وَلَكِنْ كَمَا يُقَال لَآل مِنْ اللُّؤْلُؤ فَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَلَيْسَ جَارِيًا عَلَيْهِ . وَيَجُوز أَنْ يَكُون رَشَّاد مِنْ رَشَدَ يَرْشُدُ أَيْ صَاحِب رَشَاد ; كَمَا قَالَ : <br>كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَة نَاصِبِ <br>الزَّمَخْشَرِيّ : وَقُرِئَ | الرَّشَّاد | فَعَّال مِنْ رَشِدَ بِالْكَسْرِ كَعَلَّامٍ أَوْ مِنْ رَشَدَ بِالْفَتْحِ كَعَبَّادٍ . وَقِيلَ : مِنْ أَرْشَدَ كَجَبَّارٍ مِنْ أَجْبَرَ وَلَيْسَ بِذَاكَ ; لِأَنَّ فَعَّالًا مِنْ أَفْعَلَ لَمْ يَجِئْ إِلَّا فِي عِدَّة أَحْرُف ; نَحْو دَرَّاك وَسَئَّار وَقَصَّار وَجَبَّار . وَلَا يَصِحّ الْقِيَاس عَلَى هَذَا الْقَلِيل . وَيَجُوز أَنْ يَكُون نِسْبَته إِلَى الرُّشْد كَعَوَّاج وَبَتَّات غَيْر مَنْظُور فِيهِ إِلَى فَعَلَ . وَوَقَعَ فِي الْمُصْحَف | اِتَّبِعُونِ | بِغَيْرِ يَاء . وَقَرَأَهَا يَعْقُوب وَابْن كَثِير بِالْإِثْبَاتِ فِي الْوَصْل وَالْوَقْف . وَحَذَفَهَا أَبُو عَمْرو وَنَافِع فِي الْوَقْف وَأَثْبَتُوهَا فِي الْوَصْل , إِلَّا وَرْشًا حَذَفَهَا فِي الْحَالَيْنِ , وَكَذَلِكَ الْبَاقُونَ ; لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْمُصْحَف بِغَيْرِ يَاء وَمَنْ أَثْبَتَهَا فَعَلَى الْأَصْل .

ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ

أَيْ يُتَمَتَّع بِهَا قَلِيلًا ثُمَّ تَنْقَطِع وَتَزُول .|مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ|أَيْ الِاسْتِقْرَار وَالْخُلُود . وَمُرَادُهُ بِالدَّارِ الْآخِرَة الْجَنَّة وَالنَّار لِأَنَّهُمَا لَا يَفْنَيَانِ .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

يَعْنِي الشِّرْك|فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا|وَهُوَ الْعَذَاب .|وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى|قَالَ اِبْن عَبَّاس : يَعْنِي لَا إِلَه إِلَّا اللَّه .|وَهُوَ مُؤْمِنٌ|مُصَدِّق بِقَلْبِهِ لِلَّهِ وَلِلْأَنْبِيَاءِ .|فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ|بِضَمِّ الْيَاء عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . وَهِيَ قِرَاءَة اِبْن كَثِير وَابْن مُحَيْصِن وَأَبِي عَمْرو وَيَعْقُوب وَأَبِي بَكْر عَنْ عَاصِم ; يَدُلّ عَلَيْهِ | يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب | الْبَاقُونَ | يَدْخُلُونَ | بِفَتْحِ الْيَاء .

وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ

أَيْ إِلَى طَرِيق الْإِيمَان الْمُوَصِّل إِلَى الْجِنَان|النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى|بَيَّنَ أَنَّ مَا قَالَ فِرْعَوْن مِنْ قَوْله : | وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيل الرَّشَاد | [ غَافِر : 29 ] سَبِيل الْغَيّ عَاقِبَتُهُ النَّار وَكَانُوا دَعَوْهُ إِلَى اِتِّبَاعِهِ .

وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ

وَهُوَ فِرْعَوْن|وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ|الْمَنِيع الَّذِي لَا مِثْل لَهُ .|الْغَفَّارِ|السَّتَّار لِذُنُوبِ خَلْقه .

وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ

لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَال ; فَقَالَ الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ : | لَا جَرَمَ | بِمَعْنَى حُقَّ , فَ | لَا | وَ | جَرَمَ | عِنْدهمَا كَلِمَة وَاحِدَة , | وَأَنَّ | عِنْدهمَا فِي مَوْضِع رَفْع ; وَهَذَا قَوْل الْفَرَّاء وَمُحَمَّد بْن يَزِيد ; حَكَاهُ النَّحَّاس . قَالَ الْمَهْدَوِيّ : وَعَنْ الْخَلِيل أَيْضًا أَنَّ مَعْنَاهَا لَا بُدّ وَلَا مَحَالَة , وَهُوَ قَوْل الْفَرَّاء أَيْضًا ; ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيّ . كَأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِكَ , وَجَرَمَ بِمَعْنَى كَسَبَ ; أَيْ كَسَبَ ذَلِكَ الْفِعْل لَهُمْ الْخُسْرَان وَقَالَ الشَّاعِر : <br>نَصَبْنَا رَأْسَهُ فِي جِذْعِ نَخْلٍ .......... بِمَا جَرَمَتْ يَدَاهُ وَمَا اِعْتَدَيْنَا <br>أَيْ بِمَا كَسَبَتْ . وَقَالَ الْكِسَائِيّ : مَعْنَى | لَا جَرَمَ | لَا صَدَّ وَلَا مَنْعَ عَنْ أَنَّهُمْ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى لَا قَطْع قَاطِع , فَحُذِفَ الْفَاعِل حِين كَثُرَ اِسْتِعْمَاله ; وَالْجَرَم الْقَطْع ; وَقَدْ جَرَمَ النَّخْل وَاجْتَرَمَهُ أَيْ صَرَمَهُ فَهُوَ جَارِم , وَقَوْم جُرْم وَجِرَام وَهَذَا زَمَن الْجِرَام وَالْجَرَام , وَجَرَمْت صُوف الشَّاة أَيْ جَزَزْته , وَقَدْ جَرَمْت مِنْهُ أَيْ أَخَذْت مِنْهُ ; مِثْل جَلَمْت الشَّيْء جَلْمًا أَيْ قَطَعْت , وَجَلَمْت الْجَزُور أَجْلِمهَا جَلْمًا إِذَا أَخَذْت مَا عَلَى عِظَامهَا مِنْ اللَّحْم , وَأَخَذْت الشَّيْء بِجِلْمَتِهِ - سَاكِنَة اللَّام - إِذَا أَخَذْته أَجْمَعَ , وَهَذِهِ جَلَمَةُ الْجَزُور - بِالتَّحْرِيكِ - أَيْ لَحْمهَا أَجْمَعُ ; قَالَهُ الْجَوْهَرِيّ . قَالَ النَّحَّاس : وَزَعَمَ الْكِسَائِيّ أَنَّ فِيهَا أَرْبَعَ لُغَات : لَا جَرَمَ , وَلَا عَنْ ذَا جَرَم ; وَلَا أَنَّ ذَا جَرَم , قَالَ : وَنَاس مِنْ فَزَارَة يَقُولُونَ : لَا جَرَ أَنَّهُمْ بِغَيْرِ مِيم . وَحَكَى الْفَرَّاء فِيهِ لُغَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ قَالَ : بَنُو عَامِر يَقُولُونَ لَا ذَا جَرَم , قَالَ : وَنَاس مِنْ الْعَرَب . يَقُولُونَ : لَا جُرْم بِضَمِّ الْجِيم . | أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ | | مَا | بِمَعْنَى الَّذِي|لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ|قَالَ الزَّجَّاج : لَيْسَ لَهُ اِسْتِجَابَة دَعْوَة تَنْفَع ; وَقَالَ غَيْره : لَيْسَ لَهُ دَعْوَة تُوجِب لَهُ الْأُلُوهِيَّة | فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة | وَقَالَ الْكَلْبِيّ : لَيْسَ لَهُ شَفَاعَة فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة . وَكَانَ فِرْعَوْن أَوَّلًا يَدْعُو النَّاس إِلَى عِبَادَة الْأَصْنَام , ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَة الْبَقَر , فَكَانَتْ تُعْبَدُ مَا كَانَتْ شَابَّة , فَإِذَا هَرِمَتْ أَمَرَ بِذَبْحِهَا , ثُمَّ دَعَا بِأُخْرَى لِتُعْبَد , ثُمَّ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الزَّمَان قَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى .|وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ|قَالَ قَتَادَة وَابْن سِيرِينَ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ . وَقَالَ مُجَاهِد وَالشَّعْبِيّ : هُمْ السُّفَهَاء وَالسَّفَّاكُونَ لِلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقّهَا . وَقَالَ عِكْرِمَة : الْجَبَّارُونَ وَالْمُتَكَبِّرُونَ . وَقِيلَ : هُمْ الَّذِي تَعَدَّوْا حُدُود اللَّه . وَهَذَا جَامِع لِمَا ذُكِرَ . وَ | أَنَّ | فِي الْمَوَاضِع فِي مَوْضِع نَصْب بِإِسْقَاطِ حَرْف الْجَرّ . وَعَلَى مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْ الْخَلِيل مِنْ أَنَّ | لَا جَرَمَ | رَدّ لِكَلَامٍ يَجُوز أَنْ يَكُون مَوْضِع | أَنَّ | رَفْعًا عَلَى تَقْدِير وَجَبَ أَنَّ مَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ , كَأَنَّهُ قَالَ : وَجَبَ بُطْلَان مَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ , وَالْمَرَدّ إِلَى اللَّه , وَكَوْن الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَاب النَّار .

وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ

تَهْدِيد وَوَعِيد . وَ | مَا | يَجُوز أَنْ تَكُون بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الَّذِي أَقُولهُ لَكُمْ . وَيَجُوز أَنْ تَكُون مَصْدَرِيَّة أَيْ فَسَتَذْكُرُونَ قَوْلِي لَكُمْ إِذَا حَلَّ بِكُمْ الْعَذَاب .|وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ|أَيْ أَتَوَكَّل عَلَيْهِ وَأُسْلِمُ أَمْرِي إِلَيْهِ . وَقِيلَ : هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ أَرَادُوا قَتْله . وَقَالَ مُقَاتِل : هَرَبَ هَذَا الْمُؤْمِن إِلَى الْجَبَل فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ . وَقَدْ قِيلَ : الْقَائِل مُوسَى . وَالْأَظْهَر أَنَّهُ مُؤْمِن آل فِرْعَوْن ; وَهُوَ قَوْل اِبْن عَبَّاس .|إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ|قَالَ الْعُلَمَاء : وَصَفَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ بَصِير عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَالِم بِخَفِيَّاتِ الْأُمُور . وَالْبَصِير فِي كَلَام الْعَرَب : الْعَالِم بِالشَّيْءِ الْخَبِير بِهِ ; وَمِنْهُ قَوْلهمْ : فُلَان بَصِير بِالطِّبِّ , وَبَصِير بِالْفِقْهِ , وَبَصِير بِمُلَاقَاةِ الرِّجَال ; قَالَ : <br>فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي .......... بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ <br>قَالَ الْخَطَّابِيّ : الْبَصِير الْعَالِم , وَالْبَصِير الْمُبْصِر . وَقِيلَ : وَصَفَ تَعَالَى نَفْسه بِأَنَّهُ بَصِير عَلَى مَعْنَى جَاعِل الْأَشْيَاء الْمُبْصِرَة ذَوَات إِبْصَار , أَيْ مُدْرِكَة لِلْمُبْصَرَاتِ بِمَا خَلَقَ لَهَا مِنْ الْآلَة الْمُدْرِكَة وَالْقُوَّة ; فَاَللَّه بَصِير بِعِبَادِهِ , أَيْ جَاعِل عِبَاده مُبْصِرِينَ .

وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ

أَيْ مِنْ إِلْحَاق أَنْوَاع الْعَذَاب بِهِ فَطَلَبُوهُ فَمَا وَجَدُوهُ ; لِأَنَّهُ فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَى اللَّه . قَالَ قَتَادَة : كَانَ قِبْطِيًّا فَنَجَّاهُ اللَّهُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيل . فَالْهَاء عَلَى هَذَا لِمُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْن . وَقِيلَ : إِنَّهَا لِمُوسَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَاف .|وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ|قَالَ الْكِسَائِيّ : يُقَال حَاقَ يَحِيقُ حَيْقًا وَحُيُوقًا إِذَا نَزَلَ وَلَزِمَ .

وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ

بَيَّنَ الْعَذَاب فَقَالَ : | النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا | وَفِيهِ سِتَّة أَوْجُه : يَكُون رَفْعًا عَلَى الْبَدَل مِنْ | سُوء | . وَيَجُوز أَنْ يَكُون بِمَعْنَى هُوَ النَّار . وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ . وَقَالَ الْفَرَّاء : يَكُون مَرْفُوعًا بِالْعَائِدِ عَلَى مَعْنَى النَّار عَلَيْهَا يُعْرَضُونَ , فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَوْجُه فِي الرَّفْع , وَأَجَازَ الْفَرَّاء النَّصْب ; لِأَنَّ بَعْدهَا عَائِدًا وَقَبْلهَا مَا يَتَّصِل بِهِ , وَأَجَازَ الْأَخْفَش الْخَفْض عَلَى الْبَدَل مِنْ | الْعَذَاب | . وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَرْض فِي الْبَرْزَخ . وَ اِحْتَجَّ بَعْض أَهْل الْعِلْم فِي تَثْبِيت عَذَاب الْقَبْر بِقَوْلِهِ : | النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا | مَا دَامَتْ الدُّنْيَا . كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَمُقَاتِل وَمُحَمَّد بْن كَعْب كُلّهمْ قَالَ : هَذِهِ الْآيَة تَدُلّ عَلَى عَذَاب الْقَبْر فِي الدُّنْيَا , أَلَا تَرَاهُ يَقُول عَنْ عَذَاب الْآخِرَة : | وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة أَدْخِلُوا آل فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب | . وَفِي الْحَدِيث عَنْ اِبْن مَسْعُود : أَنَّ أَرْوَاح آل فِرْعَوْن وَمَنْ كَانَ مِثْلهمْ مِنْ الْكُفَّار تُعْرَض عَلَى النَّار بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ فَيُقَال هَذِهِ دَارُكُمْ . وَعَنْهُ أَيْضًا : إِنَّ أَرْوَاحهمْ فِي أَجْوَاف طَيْر سُود تَغْدُو عَلَى جَهَنَّمَ وَتَرُوح كُلّ يَوْم مَرَّتَيْنِ فَذَلِكَ عَرْضُهَا . وَرَوَى شُعْبَة عَنْ يَعْلَى بْن عَطَاء قَالَ : سَمِعْت مَيْمُون بْن مِهْرَان يَقُول : كَانَ أَبُو هُرَيْرَة إِذَا أَصْبَحَ يُنَادِي : أَصْبَحْنَا وَالْحَمْد لِلَّهِ وَعُرِضَ آل فِرْعَوْن عَلَى النَّار . فَإِذَا أَمْسَى نَادَى : أَمْسَيْنَا وَالْحَمْد لِلَّهِ وَعُرِضَ آل فِرْعَوْن عَلَى النَّار ; فَلَا يَسْمَع أَبَا هُرَيْرَة أَحَدٌ إِلَّا تَعَوَّذَ بِاَللَّهِ مِنْ النَّار . وَفِي حَدِيث صَخْر بْن جُوَيْرِيَة عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْكَافِر إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَى النَّار بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ ثُمَّ تَلَا : | النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا | وَإِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا مَاتَ عُرِضَ رُوحُهُ عَلَى الْجَنَّة بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ ) وَخَرَّجَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَحَدكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الْجَنَّة فَمِنْ أَهْل الْجَنَّة وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل النَّار فَمِنْ أَهْل النَّار فَيُقَال هَذَا مَقْعَدُك حَتَّى يَبْعَثك اللَّه إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ) . قَالَ الْفَرَّاء : فِي الْغَدَاة وَالْعَشِيّ بِمَقَادِير ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا . وَهُوَ قَوْل مُجَاهِد . قَالَ : | غُدُوًّا وَعَشِيًّا | قَالَ : مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا . وَقَالَ حَمَّاد بْن مُحَمَّد الْفَزَارِيّ : قَالَ رَجُل لِلْأَوْزَاعِيّ رَأَيْنَا طُيُورًا تَخْرُج مِنْ الْبَحْر تَأْخُذ نَاحِيَة الْغَرْب , بِيضًا صِغَارًا فَوْجًا فَوْجًا لَا يَعْلَم عَدَدَهَا إِلَّا اللَّهُ , فَإِذَا كَانَ الْعِشَاء رَجَعَتْ مِثْلهَا سُودًا . قَالَ : تِلْكَ الطُّيُور فِي حَوَاصِلهَا أَرْوَاحُ آل فِرْعَوْن , يُعْرَضُونَ عَلَى النَّار غُدُوًّا وَعَشِيًّا , فَتَرْجِع إِلَى أَوْكَارِهَا وَقَدْ اِحْتَرَقَتْ رِيَاشهَا وَصَارَتْ سُودًا , فَيَنْبُتُ عَلَيْهَا مِنْ اللَّيْل رِيَاشهَا بِيضًا وَتَتَنَاثَر السُّود , ثُمَّ تَغْدُو فَتُعْرَض عَلَى النَّار غُدُوًّا وَعَشِيًّا , ثُمَّ تَرْجِع إِلَى وَكْرِهَا فَذَلِكَ دَأْبُهَا مَا كَانَتْ فِي الدُّنْيَا , فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ اللَّه تَعَالَى : | أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب | وَهُوَ الْهَاوِيَة . قَالَ الْأَوْزَاعِيّ : فَبَلَغَنَا أَنَّهُمْ أَلْفَا أَلْف وَسِتّمِائَة أَلْف . وَ | غُدُوًّا | مَصْدَر جُعِلَ ظَرْفًا عَلَى السَّعَة . | وَعَشِيًّا | عُطِفَ عَلَيْهِ وَتَمَّ الْكَلَام .|وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ|اُبْتُدِئَ | وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة | عَلَى أَنْ تَنْصِب يَوْمًا بِقَوْلِهِ : | أَدْخِلُوا | وَيَجُوز أَنْ يَكُون مَنْصُوبًا بِـ | يُعْرَضُونَ | عَلَى مَعْنَى | يُعْرَضُونَ | عَلَى النَّار فِي الدُّنْيَا | وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة | فَلَا يُوقَف عَلَيْهِ . وَقَرَأَ نَافِع وَأَهْل الْمَدِينَة وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ : | أَدْخِلُوا | بِقَطْعِ الْأَلِف وَكَسْر الْخَاء مِنْ أَدْخِلْ وَهِيَ اِخْتِيَار أَبِي عُبَيْد ; أَيْ يَأْمُر اللَّه الْمَلَائِكَة أَنْ يُدْخِلُوهُمْ , وَدَلِيله | النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا | . الْبَاقُونَ | اُدْخُلُوا | بِوَصْلِ الْأَلِف وَضَمّ الْخَاء مِنْ دَخَلَ أَيْ يُقَال لَهُمْ : | اُدْخُلُوا | يَا | آل فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب | وَهُوَ اِخْتِيَار أَبِي حَاتِم . قَالَ : فِي الْقِرَاءَة الْأُولَى : | آل | مَفْعُول أَوَّل وَ | أَشَدّ | مَفْعُول ثَانٍ بِحَذْفِ الْجَرّ , وَفِي الْقِرَاءَة الثَّانِيَة مَنْصُوب ; لِأَنَّهُ نِدَاء مُضَاف . وَآل فِرْعَوْن : مَنْ كَانَ عَلَى دِينه وَعَلَى مَذْهَبه , وَإِذَا كَانَ مَنْ كَانَ عَلَى دِينه وَمَذْهَبه فِي أَشَدّ الْعَذَاب كَانَ هُوَ أَقْرَب إِلَى ذَلِكَ . وَرَوَى اِبْن مَسْعُود عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْعَبْد يُولَد مُؤْمِنًا وَيَحْيَا مُؤْمِنًا وَيَمُوت مُؤْمِنًا مِنْهُمْ يَحْيَى بْن زَكَرِيَّا وُلِدَ مُؤْمِنًا وَحَيِيَ مُؤْمِنًا وَمَاتَ مُؤْمِنًا وَإِنَّ الْعَبْد يُولَد كَافِرًا وَيَحْيَا كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا مِنْهُمْ فِرْعَوْن وُلِدَ كَافِرًا وَحَيِيَ كَافِرًا وَمَاتَ كَافِرًا ) ذَكَرَهُ النَّحَّاس . وَجَعَلَ الْفَرَّاء فِي الْآيَة تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا مَجَازُهُ : | أَدْخِلُوا آل فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب | . | النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا | فَجَعَلَ الْعَرْض فِي الْآخِرَة ; وَهُوَ خِلَاف مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُور مِنْ اِنْتِظَام الْكَلَام عَلَى سِيَاقه عَلَى مَا تَقَدَّمَ . وَاَللَّه أَعْلَم .

وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ

أَيْ يَخْتَصِمُونَ فِيهَا|فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا|عَنْ الِانْقِيَاد لِلْأَنْبِيَاءِ|إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا|فِيمَا دَعَوْتُمُونَا إِلَيْهِ مِنْ الشِّرْك فِي الدُّنْيَا وَالتَّبَع يَكُون وَاحِدًا وَيَكُون جَمْعًا فِي قَوْل الْبَصْرِيِّينَ وَاحِده تَابِع . وَقَالَ أَهْل الْكُوفَة : هُوَ جَمْع لَا وَاحِد لَهُ كَالْمَصْدَرِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْمَع وَلَوْ جُمِعَ لَقِيلَ أَتْبَاع .|فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا|أَيْ مُتَحَمِّلُونَ|نَصِيبًا مِنَ النَّارِ|أَيْ جُزْءًا مِنْ الْعَذَاب .

وَمِنْ آَيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ

أَيْ فِي جَهَنَّم . قَالَ الْأَخْفَش : | كُلّ | مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ . وَأَجَازَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء | إِنَّا كُلًّا فِيهَا | بِالنَّصْبِ عَلَى النَّعْت وَالتَّأْكِيد لِلْمُضْمَرِ فِي | إِنَّا | وَكَذَلِكَ قَرَأَ اِبْن السَّمَيْقَع وَعِيسَى بْن عُمَر وَالْكُوفِيُّونَ يُسَمُّونَ التَّأْكِيد نَعْتًا . وَمَنَعَ ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ ; قَالَ : لِأَنَّ | كُلًّا | لَا تُنْعَت وَلَا يُنْعَت بِهَا . وَلَا يَجُوز الْبَدَل فِيهِ لِأَنَّ الْمُخْبِر عَنْ نَفْسه لَا يُبْدَل مِنْهُ غَيْره , وَقَالَ مَعْنَاهُ الْمُبَرِّد قَالَ : لَا يَجُوز أَنْ يُبْدَل مِنْ الْمُضْمَر هُنَا ; لِأَنَّهُ مُخَاطَب وَلَا يُبْدَل مِنْ الْمُخَاطَب وَلَا مِنْ الْمُخَاطِب ; لِأَنَّهُمَا لَا يُشْكِلَانِ فَيُبْدَل مِنْهُمَا ; هَذَا نَصّ كَلَامه .|إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ|أَيْ لَا يُؤَاخِذ أَحَدًا بِذَنْبِ غَيْره ; فَكُلٌّ مِنَّا كَافِر .

إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ

مِنْ الْأُمَم الْكَافِرَة . وَمِنْ الْعَرَب مَنْ يَقُول اللَّذُونَ عَلَى أَنَّهُ جَمْع مُسَلَّم مُعْرَب , وَمَنْ قَالَ : | الَّذِينَ | فِي الرَّفْع بَنَاهُ كَمَا كَانَ فِي الْوَاحِد مَبْنِيًّا . وَقَالَ الْأَخْفَش : ضُمَّتْ النُّون إِلَى الَّذِي فَأَشْبَهَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَبُنِيَ عَلَى الْفَتْح .|لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ|خَزَنَة جَمْع خَازِن وَيُقَال : خُزَّان وَخُزَّن .|ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ|| يُخَفِّفْ | جَوَاب مَجْزُوم وَإِنْ كَانَ بِالْفَاءِ كَانَ مَنْصُوبًا , إِلَّا أَنَّ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب فِي جَوَاب الْأَمْر وَمَا أَشْبَهَهُ أَنْ يَكُون بِغَيْرِ فَاء وَعَلَى هَذَا جَاءَ الْقُرْآن بِأَفْصَح اللُّغَات كَمَا قَالَ : <br>قَفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلِ <br>قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ : بَلَغَنِي أَوْ ذُكِرَ لِي أَنَّ أَهْل النَّار اِسْتَغَاثُوا بِالْخَزَنَةِ ; فَقَالَ اللَّه تَعَالَى : | وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّار لِخَزَنَةِ جَهَنَّم اُدْعُوا رَبّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنْ الْعَذَاب | فَسَأَلُوا يَوْمًا وَاحِدًا يُخَفَّفْ عَنْهُمْ فِيهِ الْعَذَاب فَرُدَّتْ عَلَيْهِمْ | أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَال | الْخَبَر بِطُولِهِ

أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ

أَيْ وَإِنْ يَشَأْ يَجْعَل الرِّيَاح عَوَاصِف فَيُوبِق السُّفُن أَيْ يُغْرِقهُنَّ بِذُنُوبِ أَهْلهَا . وَقِيلَ : يُوبِق أَهْل السُّفُن .<BR> أَيْ وَإِنْ يَشَأْ يَجْعَل الرِّيَاح عَوَاصِف فَيُوبِق السُّفُن أَيْ يُغْرِقهُنَّ بِذُنُوبِ أَهْلهَا . وَقِيلَ : يُوبِق أَهْل السُّفُن .' ><B><font color=red>وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ</font></B><BR><span id=tafseer1 ><BR><BR>مِنْ أَهْلهَا فَلَا يُغْرِقهُمْ مَعَهَا ; حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ . وَقِيلَ : | وَيَعْفُو عَنْ كَثِير | أَيْ وَيَتَجَاوَز عَنْ كَثِير مِنْ الذُّنُوب فَيُنَجِّيهِمْ اللَّه مِنْ الْهَلَاك . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَالْقِرَاءَة الْفَاشِيَة | وَيَعْفُ | بِالْجَزْمِ , وَفِيهَا إِشْكَال ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : إِنْ يَشَأْ يُسْكِن الرِّيح فَتَبْقَى تِلْكَ السُّفُن رَوَاكِد وَيُهْلِكهَا بِذُنُوبِ أَهْلهَا , فَلَا يَحْسُن عَطْف | يَعْفُ | عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ يَصِير الْمَعْنَى : إِنْ يَشَأْ يَعْفُ , وَلَيْسَ الْمَعْنَى ذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى الْإِخْبَار عَنْ الْعَفْو مِنْ غَيْر شَرْط الْمَشِيئَة فَهُوَ إِذَا عَطَفَ عَلَى الْمَجْزُوم مِنْ حَيْثُ اللَّفْظ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى . وَقَدْ قَرَأَ قَوْم | وَيَعْفُو | بِالرَّفْعِ , وَهِيَ جَيِّدَة فِي الْمَعْنَى .<BR> مِنْ أَهْلهَا فَلَا يُغْرِقهُمْ مَعَهَا ; حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ . وَقِيلَ : | وَيَعْفُو عَنْ كَثِير | أَيْ وَيَتَجَاوَز عَنْ كَثِير مِنْ الذُّنُوب فَيُنَجِّيهِمْ اللَّه مِنْ الْهَلَاك . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَالْقِرَاءَة الْفَاشِيَة | وَيَعْفُ | بِالْجَزْمِ , وَفِيهَا إِشْكَال ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : إِنْ يَشَأْ يُسْكِن الرِّيح فَتَبْقَى تِلْكَ السُّفُن رَوَاكِد وَيُهْلِكهَا بِذُنُوبِ أَهْلهَا , فَلَا يَحْسُن عَطْف | يَعْفُ | عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ يَصِير الْمَعْنَى : إِنْ يَشَأْ يَعْفُ , وَلَيْسَ الْمَعْنَى ذَلِكَ بَلْ الْمَعْنَى الْإِخْبَار عَنْ الْعَفْو مِنْ غَيْر شَرْط الْمَشِيئَة فَهُوَ إِذَا عَطَفَ عَلَى الْمَجْزُوم مِنْ حَيْثُ اللَّفْظ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى . وَقَدْ قَرَأَ قَوْم | وَيَعْفُو | بِالرَّفْعِ , وَهِيَ جَيِّدَة فِي الْمَعْنَى .

وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ

وَيَجُوز حَذْف الضَّمَّة لِثِقَلِهَا فَيُقَال : | رُسْلَنَا | وَالْمُرَاد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام .|وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا|فِي مَوْضِع نَصْب عَطْف عَلَى الرُّسُل , وَالْمُرَاد الْمُؤْمِن الَّذِي وَعَظَ . وَقِيلَ : هُوَ عَامّ فِي الرُّسُل وَالْمُؤْمِنِينَ , وَنَصْرُهُمْ بِإِعْلَاءِ الْحُجَج وَإِفْلَاحهَا فِي قَوْل أَبِي الْعَالِيَة . وَقِيلَ : بِالِانْتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِمْ . قَالَ السُّدِّيّ : مَا قَتَلَ قَوْمٌ قَطُّ نَبِيًّا أَوْ قَوْمًا مِنْ دُعَاة الْحَقّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا بَعَثَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَنْتَقِم لَهُمْ , فَصَارُوا مَنْصُورِينَ فِيهَا وَإِنْ قُتِلُوا .|وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ|يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة . قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : | الْأَشْهَاد | أَرْبَعَة : الْمَلَائِكَة وَالنَّبِيُّونَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْأَجْسَاد . وَقَالَ مُجَاهِد وَالسُّدِّيّ : | الْأَشْهَاد | الْمَلَائِكَة تَشْهَد لِلْأَنْبِيَاءِ بِالْإِبْلَاغِ وَعَلَى الْأُمَم بِالتَّكْذِيبِ . وَقَالَ قَتَادَة : الْمَلَائِكَة وَالْأَنْبِيَاء . ثُمَّ قِيلَ : | الْأَشْهَاد | جَمَعَ شَهِيد مِثْل شَرِيف وَأَشْرَاف . وَقَالَ الزَّجَّاج : | الْأَشْهَاد | جَمْع شَاهِد مِثْل صَاحِب وَأَصْحَاب . النَّحَّاس : لَيْسَ بَاب فَاعِل أَنْ يُجْمَع عَلَى أَفْعَال وَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ مَا جَاءَ مِنْهُ مَسْمُوعًا أُدِّيَ كَمَا سُمِعَ , وَكَانَ عَلَى حَذْف الزَّائِد . وَأَجَازَ الْأَخْفَش وَالْفَرَّاء : | وَيَوْم تَقُوم الْأَشْهَاد | بِالتَّاءِ عَلَى تَأْنِيث الْجَمَاعَة . وَفِي الْحَدِيث عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء وَبَعْض الْمُحَدِّثِينَ يَقُول عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْض أَخِيهِ الْمُسْلِم كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرُدَّ عَنْهُ نَار جَهَنَّم ) ثُمَّ تَلَا : | إِنَّا لَنَنْصُر رُسُلنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا | . وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهُ قَالَ : ( مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِق يَغْتَابُهُ بَعَثَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة مَلَكًا يَحْمِيهِ مِنْ النَّار وَمَنْ ذَكَرَ مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يَشِينُهُ بِهِ وَقَفَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى جِسْر مِنْ جَهَنَّم حَتَّى يَخْرُج مِمَّا قَالَ ) .

فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ

| يَوْم | بَدَل مِنْ يَوْم الْأَوَّل . | لَا يَنْفَع الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ | قَرَأَ نَافِع وَالْكُوفِيُّونَ | يَنْفَع | بِالْيَاءِ . الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ .|وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ|| اللَّعْنَة | الْبُعْد مِنْ رَحْمَة اللَّه وَ | سُوء الدَّار | جَهَنَّم .

وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ

هَذَا دَخَلَ فِي نُصْرَة الرُّسُل فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَيْ آتَيْنَاهُ التَّوْرَاة وَالنُّبُوَّة . وَسُمِّيَتْ التَّوْرَاة هُدًى بِمَا فِيهَا مِنْ الْهُدَى وَالنُّور ; وَفِي التَّنْزِيل : | إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاة فِيهَا هُدًى وَنُور | [ الْمَائِدَة : 44 ] .|وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ|يَعْنِي التَّوْرَاة جَعَلْنَاهَا لَهُمْ مِيرَاثًا .

وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ

بَدَل مِنْ الْكِتَاب وَيَجُوز بِمَعْنَى هُوَ هُدًى ; يَعْنِي ذَلِكَ الْكِتَاب .|وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ|أَيْ مَوْعِظَة لِأَصْحَابِ الْعُقُول .

وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ

أَيْ فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد عَلَى أَذَى الْمُشْرِكِينَ , كَمَا صَبَرَ مَنْ قَبْلَكَ|إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ|بِنَصْرِك وَإِظْهَارِك , كَمَا نَصَرْت مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيل . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : نُسِخَ هَذَا بِآيَةِ السَّيْف .|وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ|قِيلَ : لِذَنْبِ أُمَّتك حُذِفَ الْمُضَاف وَأُقِيمَ الْمُضَاف إِلَيْهِ مَقَامه . وَقِيلَ : لِذَنْبِ نَفْسك عَلَى مَنْ يُجَوِّزُ الصَّغَائِرَ عَلَى الْأَنْبِيَاء . وَمَنْ قَالَ لَا تَجُوز قَالَ : هَذَا تَعَبُّدٌ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام بِدُعَاءٍ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : | وَآتِنَا مَا وَعَدْتنَا | [ آل عِمْرَان : 194 ] وَالْفَائِدَة زِيَادَة الدَّرَجَات وَأَنْ يَصِير الدُّعَاء سُنَّة لِمَنْ بَعْدَهُ . وَقِيلَ : فَاسْتَغْفِرْ اللَّه مِنْ ذَنْب صَدَرَ مِنْك قَبْل النُّبُوَّة .|وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ|يَعْنِي صَلَاة الْفَجْر وَصَلَاة الْعَصْر ; قَالَهُ الْحَسَن وَقَتَادَة . وَقِيلَ : هِيَ صَلَاة كَانَتْ بِمَكَّة قَبْل أَنْ تُفْرَض الصَّلَوَات الْخَمْس رَكْعَتَانِ غَدْوَة وَرَكْعَتَانِ عَشِيَّة . عَنْ الْحَسَن أَيْضًا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيّ . فَيَكُون هَذَا مِمَّا نُسِخَ وَاَللَّه أَعْلَمُ . وَقَوْله : | بِحَمْدِ رَبّك | بِالشُّكْرِ لَهُ وَالثَّنَاء عَلَيْهِ . وَقِيلَ : | وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ | أَيْ اِسْتَدِمْ التَّسْبِيح فِي الصَّلَاة وَخَارِجًا مِنْهَا لِتَشْتَغِل بِذَلِكَ عَنْ اِسْتِعْجَال النَّصْر .

وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ

يُخَاصِمُونَ|بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ|أَيْ حُجَّة|إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ|قَالَ الزَّجَّاج : الْمَعْنَى مَا فِي صُدُورهمْ إِلَّا كِبْر مَا هُمْ بِبَالِغِي إِرَادَتهمْ فِيهِ . قَدَّرَهُ عَلَى الْحَذْف . وَقَالَ غَيْره : الْمَعْنَى مَا هُمْ بِبَالِغِي الْكِبْر عَلَى غَيْر حَذْف ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْم رَأَوْا أَنَّهُمْ إِنْ اِتَّبَعُوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ اِرْتِفَاعُهُمْ , وَنَقَصَتْ أَحْوَالهمْ , وَأَنَّهُمْ يَرْتَفِعُونَ إِذَا لَمْ يَكُونُوا تَبَعًا , فَأَعْلَمَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ لَا يَبْلُغُونَ الِارْتِفَاع الَّذِي أَمَّلُوهُ بِالتَّكْذِيبِ . وَالْمُرَاد الْمُشْرِكُونَ . وَقِيلَ : الْيَهُود ; فَالْآيَة مَدَنِيَّة عَلَى هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ السُّورَة . وَالْمَعْنَى : إِنْ تَعَظَّمُوا عَنْ اِتِّبَاع مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا إِنَّ الدَّجَّال سَيَخْرُجُ عَنْ قَرِيب فَيَرُدُّ الْمُلْك إِلَيْنَا , وَتَسِير مَعَهُ الْأَنْهَار , وَهُوَ آيَة مِنْ آيَات اللَّه فَذَلِكَ كِبْر لَا يَبْلُغُونَهُ فَنَزَلَتْ الْآيَة فِيهِمْ . قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَغَيْره . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي [ آل عِمْرَان ] أَنَّهُ يَخْرُج وَيَطَأ الْبِلَاد كُلّهَا إِلَّا مَكَّة وَالْمَدِينَة . وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَره مُسْتَوْفًى فِي كِتَاب التَّذْكِرَة . وَهُوَ يَهُودِيٌّ وَاسْمه صاف وَيُكَنَّى أَبَا يُوسُف . وَقِيلَ : كُلّ مَنْ كَفَرَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهَذَا حَسَن ; لِأَنَّهُ يَعُمُّ . وَقَالَ مُجَاهِد : مَعْنَاهُ فِي صُدُورهمْ عَظَمَة مَا هُمْ بِبَالِغِيهَا وَالْمَعْنَى وَاحِد . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْكِبْرِ الْأَمْر الْكَبِير أَيْ يَطْلُبُونَ النُّبُوَّة أَوْ أَمْرًا كَبِيرًا يَصِلُونَ بِهِ إِلَيْك مِنْ الْقَتْل وَنَحْوه , وَلَا يَبْلُغُونَ ذَلِكَ . أَوْ يَتَمَنَّوْنَ مَوْتك قَبْل أَنْ يَتِمّ دِينُك وَلَا يَبْلُغُونَهُ .|فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ|قِيلَ : مِنْ فِتْنَة الدَّجَّال عَلَى قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْيَهُود . وَعَلَى الْقَوْل الْآخَر مِنْ شَرّ الْكُفَّار . وَ قِيلَ : مِنْ مِثْل مَا اُبْتُلُوا بِهِ مِنْ الْكُفْر وَالْكِبْر .|إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ|| هُوَ | يَكُون فَاصِلًا وَيَكُون مُبْتَدَأً وَمَا بَعْده خَبَرُهُ وَالْجُمْلَة خَبَر إِنَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .

وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ

أَيْ الْمُسْلِم إِذَا اِنْتَصَرَ مِنْ الْكَافِر فَلَا سَبِيل إِلَى لَوْمه , بَلْ يُحْمَد عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْكَافِر . وَلَا لَوْم إِنْ اِنْتَصَرَ الظَّالِم مِنْ الْمُسْلِم ; فَالِانْتِصَار مِنْ الْكَافِر حَتْم , وَمِنْ الْمُسْلِم مُبَاح , وَالْعَفْو مَنْدُوب<BR> أَيْ الْمُسْلِم إِذَا اِنْتَصَرَ مِنْ الْكَافِر فَلَا سَبِيل إِلَى لَوْمه , بَلْ يُحْمَد عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْكَافِر . وَلَا لَوْم إِنْ اِنْتَصَرَ الظَّالِم مِنْ الْمُسْلِم ; فَالِانْتِصَار مِنْ الْكَافِر حَتْم , وَمِنْ الْمُسْلِم مُبَاح , وَالْعَفْو مَنْدُوب' ><B><font color=red>فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ</font></B><BR><span id=tafseer1 ><BR><BR>دَلِيل عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ . وَهَذَا يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقْسَام : أَحَدهَا : أَنْ يَكُون قِصَاصًا فِي بَدَن يَسْتَحِقّهُ آدَمِيّ , فَلَا حَرَج عَلَيْهِ إِنْ اِسْتَوْفَاهُ مِنْ غَيْر عُدْوَان وَثَبَتَ حَقّه عِنْد الْحُكَّام , لَكِنْ يَزْجُرهُ الْإِمَام فِي تَفَوُّته بِالْقِصَاصِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجُرْأَة عَلَى سَفْك الدَّم . وَإِنْ كَانَ حَقّه غَيْر ثَابِت عِنْد الْحَاكِم فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه حَرَج ; وَهُوَ فِي الظَّاهِر مُطَالَب وَبِفِعْلِهِ مُؤَاخَذ وَمُعَاقَب . الْقِسْم الثَّانِي : أَنْ يَكُون حَدّ اللَّه تَعَالَى لَا حَقّ لِآدَمِيٍّ فِيهِ كَحَدِّ الزِّنَى وَقَطْع السَّرِقَة ; فَإِنْ لَمْ يَثْبُت ذَلِكَ عِنْد حَاكِم أُخِذَ بِهِ وَعُوقِبَ عَلَيْهِ , وَإِنْ ثَبَتَ عِنْد حَاكِم نَظَر , فَإِنْ كَانَ قَطْعًا فِي سَرِقَة سَقَطَ بِهِ الْحَدّ لِزَوَالِ الْعُضْو الْمُسْتَحَقّ قَطْعه , وَلَمْ يَجِب عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَقّ لِأَنَّ التَّعْزِير أَدَب , وَإِنْ كَانَ جَلْدًا لَمْ يَسْقُط بِهِ الْحَدّ لِتَعَدِّيهِ مَعَ بَقَاء مَحِلّه فَكَانَ مَأْخُوذًا بِحُكْمِهِ . الْقِسْم الثَّالِث : أَنْ يَكُون حَقًّا فِي مَال ; فَيَجُوز لِصَاحِبِهِ أَنْ يُغَالِب عَلَى حَقّه حَتَّى يَصِل إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ عَالِم بِهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْر عَالِم نَظَر , فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُول إِلَيْهِ عِنْد الْمُطَالَبَة لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِسْرَار بِأَخْذِهِ . وَإِنْ كَانَ لَا يَصِل إِلَيْهِ بِالْمُطَالَبَةِ لِجُحُودِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عَدَم بَيِّنَة تَشْهَد لَهُ فَفِي جَوَاز اِسْتِسْرَاره بِأَخْذِهِ مَذْهَبَانِ : أَحَدهمَا : جَوَازه ; وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالشَّافِعِيّ . الثَّانِي : الْمَنْع ; وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة .<BR> دَلِيل عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ . وَهَذَا يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقْسَام : أَحَدهَا : أَنْ يَكُون قِصَاصًا فِي بَدَن يَسْتَحِقّهُ آدَمِيّ , فَلَا حَرَج عَلَيْهِ إِنْ اِسْتَوْفَاهُ مِنْ غَيْر عُدْوَان وَثَبَتَ حَقّه عِنْد الْحُكَّام , لَكِنْ يَزْجُرهُ الْإِمَام فِي تَفَوُّته بِالْقِصَاصِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجُرْأَة عَلَى سَفْك الدَّم . وَإِنْ كَانَ حَقّه غَيْر ثَابِت عِنْد الْحَاكِم فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنه وَبَيْن اللَّه حَرَج ; وَهُوَ فِي الظَّاهِر مُطَالَب وَبِفِعْلِهِ مُؤَاخَذ وَمُعَاقَب . الْقِسْم الثَّانِي : أَنْ يَكُون حَدّ اللَّه تَعَالَى لَا حَقّ لِآدَمِيٍّ فِيهِ كَحَدِّ الزِّنَى وَقَطْع السَّرِقَة ; فَإِنْ لَمْ يَثْبُت ذَلِكَ عِنْد حَاكِم أُخِذَ بِهِ وَعُوقِبَ عَلَيْهِ , وَإِنْ ثَبَتَ عِنْد حَاكِم نَظَر , فَإِنْ كَانَ قَطْعًا فِي سَرِقَة سَقَطَ بِهِ الْحَدّ لِزَوَالِ الْعُضْو الْمُسْتَحَقّ قَطْعه , وَلَمْ يَجِب عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حَقّ لِأَنَّ التَّعْزِير أَدَب , وَإِنْ كَانَ جَلْدًا لَمْ يَسْقُط بِهِ الْحَدّ لِتَعَدِّيهِ مَعَ بَقَاء مَحِلّه فَكَانَ مَأْخُوذًا بِحُكْمِهِ . الْقِسْم الثَّالِث : أَنْ يَكُون حَقًّا فِي مَال ; فَيَجُوز لِصَاحِبِهِ أَنْ يُغَالِب عَلَى حَقّه حَتَّى يَصِل إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ هُوَ عَالِم بِهِ , وَإِنْ كَانَ غَيْر عَالِم نَظَر , فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْوُصُول إِلَيْهِ عِنْد الْمُطَالَبَة لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاسْتِسْرَار بِأَخْذِهِ . وَإِنْ كَانَ لَا يَصِل إِلَيْهِ بِالْمُطَالَبَةِ لِجُحُودِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عَدَم بَيِّنَة تَشْهَد لَهُ فَفِي جَوَاز اِسْتِسْرَاره بِأَخْذِهِ مَذْهَبَانِ : أَحَدهمَا : جَوَازه ; وَهُوَ قَوْل مَالِك وَالشَّافِعِيّ . الثَّانِي : الْمَنْع ; وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة .

إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

أَيْ الْمُؤْمِن وَالْكَافِر وَالضَّالّ وَالْمُهْتَدِي .|وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ|أَيْ وَلَا يَسْتَوِي الْعَامِل لِلصَّالِحَاتِ|وَلَا الْمُسِيءُ|الَّذِي يَعْمَل السَّيِّئَات .|قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ|قِرَاءَة الْعَامَّة بِيَاءٍ عَلَى الْخَبَر وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْد وَأَبُو حَاتِم ; لِأَجْلِ مَا قَبْله مِنْ الْخَبَر وَمَا بَعْده . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَاب .

وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ

هَذِهِ لَام التَّأْكِيد دَخَلَتْ فِي خَبَر إِنَّ وَسَبِيلهَا أَنْ تَكُون فِي أَوَّل الْكَلَام ; لِأَنَّهَا تَوْكِيد الْجُمْلَة إِلَّا أَنَّهَا تُزَحْلَقُ عَنْ مَوْضِعهَا ; كَذَا قَالَ سِيبَوَيْهِ . تَقُول : إِنَّ عَمْرًا لَخَارِجٌ ; وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْ مَوْضِعهَا لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْن إِنَّ ; لِأَنَّهُمَا يُؤَدَّيَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِد , وَكَذَا لَا يُجْمَع بَيْن إِنَّ وَأَنَّ عِنْد الْبَصْرِيِّينَ . وَأَجَازَ هِشَام إِنَّ أَنَّ زَيْدًا مُنْطَلِق حَقّ ; فَإِنْ حَذَفْت حَقًّا لَمْ يَجُزْ عِنْد أَحَد مِنْ النَّحْوِيِّينَ عَلِمْته ; قَالَهُ النَّحَّاس .|لَا رَيْبَ فِيهَا|لَا شَكَّ وَلَا مِرْيَةَ .|وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ|أَيْ لَا يُصَدِّقُونَ بِهَا وَعِنْدهَا يَبِينُ فَرْق مَا بَيْن الطَّائِع وَالْعَاصِي .

وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ

رَوَى النُّعْمَان بْن بَشِير قَالَ : سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة ) ثُمَّ قَرَأَ | وَقَالَ رَبّكُمْ اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ | قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة . وَكَذَا قَالَ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ وَأَنَّ الْمَعْنَى : وَحِّدُونِي وَاعْبُدُونِي أَتَقَبَّلْ عِبَادَتَكُمْ وَأَغْفِرْ لَكُمْ . وَقِيلَ : هُوَ الذِّكْر وَالدُّعَاء وَالسُّؤَال . قَالَ أَنَس : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا اِنْقَطَعَ ) وَيُقَال الدُّعَاء : هُوَ تَرْك الذُّنُوب . وَحَكَى قَتَادَة أَنَّ كَعْب الْأَحْبَار قَالَ : أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّة ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَهُنَّ أُمَّة قَبْلهمْ إِلَّا نَبِيّ : كَانَ إِذَا أُرْسِلَ نَبِيّ قِيلَ لَهُ أَنْتَ شَاهِد عَلَى أُمَّتك , وَقَالَ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّة : | لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس | [ الْبَقَرَة : 143 ] وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ : لَيْسَ عَلَيْك فِي الدِّين مِنْ حَرَج , وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّة : | وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج | [ الْحَجّ : 78 ] وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ اُدْعُنِي أَسْتَجِبْ لَك , وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّة : | اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ | . قُلْت : مِثْل هَذَا لَا يُقَال مِنْ جِهَة الرَّأْي . وَقَدْ جَاءَ مَرْفُوعًا ; رَوَاهُ لَيْث عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : ( أُعْطِيَتْ أُمَّتِي ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَ إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ كَانَ اللَّه تَعَالَى إِذَا بَعَثَ النَّبِيّ قَالَ اُدْعُنِي أَسْتَجِبْ لَك وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّة : | اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ | وَكَانَ اللَّه إِذَا بَعَثَ النَّبِيّ قَالَ : مَا جَعَلَ عَلَيْك فِي الدِّين مِنْ حَرَج وَقَالَ لِهَذِهِ الْأُمَّة : | وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج | [ الْحَجّ : 78 ] وَكَانَ اللَّه إِذَا بَعَثَ النَّبِيّ جَعَلَهُ شَهِيدًا عَلَى قَوْمه وَجَعَلَ هَذِهِ الْأُمَّة شُهَدَاء عَلَى النَّاس ) ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول . وَكَانَ خَالِد الرَّبْعِيّ يَقُول : عَجِيب لِهَذِهِ الْأُمَّة قِيلَ لَهَا : | اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ | أَمَرَهُمْ بِالدُّعَاءِ وَوَعَدَهُمْ الِاسْتِجَابَة وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا شَرْط . قَالَ لَهُ قَائِل : مِثْل مَاذَا ؟ قَالَ : مِثْل قَوْله تَعَالَى : | وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات | [ الْبَقَرَة : 25 ] فَهَا هُنَا شَرْط , وَقَوْله : | وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق | [ يُونُس : 2 ] , فَلَيْسَ فِيهِ شَرْط الْعَمَل ; وَمِثْل قَوْله : | فَادْعُوا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين | [ غَافِر : 14 ] فَهَا هُنَا شَرْط , وَقَوْله تَعَالَى : | اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ | لَيْسَ فِيهِ شَرْط . وَكَانَتْ الْأُمَّة تَفْزَعُ إِلَى أَنْبِيَائِهَا فِي حَوَائِجهَا حَتَّى تَسْأَل الْأَنْبِيَاء لَهُمْ ذَلِكَ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذَا مِنْ بَاب الْمُطْلَق وَالْمُقَيَّد عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [ الْبَقَرَة ] بَيَانه . أَيْ | أَسْتَجِبْ لَكُمْ | إِنْ شِئْت ; كَقَوْلِهِ : | فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ | [ الْأَنْعَام : 41 ] . وَقَدْ تَكُون الِاسْتِجَابَة فِي غَيْر عَيْن الْمَطْلُوب عَلَى حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [ الْبَقَرَة ] بَيَانه فَتَأَمَّلْهُ هُنَاكَ . وَقَرَأَ اِبْن كَثِير وَابْن مُحَيْصِن وَرُوَيْس عَنْ يَعْقُوب وَعَيَّاش عَنْ أَبِي عَمْرو وَأَبُو بَكْر وَالْمُفَضَّل عَنْ عَاصِم | سَيُدْخَلُونَ | بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح الْخَاء عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله . الْبَاقُونَ | يَدْخُلُونَ | بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمِّ الْخَاء . وَمَعْنَى | دَاخِرِينَ | صَاغِرِينَ أَذِلَّاء وَقَدْ تَقَدَّمَ .

وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ

| جَعَلَ | هُنَا بِمَعْنَى خَلَقَ ; وَالْعَرَب تُفَرِّقُ بَيْن جَعَلَ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى خَلَقَ وَبَيْن جَعَلَ إِذَا لَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى خَلَقَ ; فَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى خَلَقَ فَلَا تُعَدِّيهَا إِلَّا إِلَى مَفْعُول وَاحِد , وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى خَلَقَ عَدَّتْهَا إِلَى مَفْعُولَيْنِ ; نَحْو قَوْله : إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا | وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْر مَوْضِع .|وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا|أَيْ مُضِيئًا لِتُبْصِرُوا فِيهِ حَوَائِجكُمْ وَتَتَصَرَّفُوا فِي طَلَبِ مَعَايِشكُمْ .|إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ|فَضْلَهُ وَإِنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ .

وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ

بَيَّنَ الدَّلَالَة عَلَى وَحْدَانِيّته وَقُدْرَته .|لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ|أَيْ كَيْف تَنْقَلِبُونَ وَتَنْصَرِفُونَ عَنْ الْإِيمَان بَعْد أَنْ تَبَيَّنَتْ لَكُمْ دَلَائِله كَذَلِكَ ; أَيْ كَمَا صُرِفْتُمْ عَنْ الْحَقّ مَعَ قِيَام الدَّلِيل عَلَيْهِ

اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ

| كَذَلِكَ يُؤْفَك | يُصْرَف عَنْ الْحَقّ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ .

فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ

زَادَ فِي تَأْكِيد التَّعْرِيف وَالدَّلِيل ; أَيْ جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْض مُسْتَقَرًّا لَكُمْ فِي حَيَاتكُمْ وَبَعْد الْمَوْت .|وَالسَّمَاءَ بِنَاءً|السَّمَاء لِلْأَرْضِ كَالسَّقْفِ لِلْبَيْتِ ; وَلِهَذَا قَالَ وَقَوْله الْحَقّ | وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَحْفُوظًا | [ الْأَنْبِيَاء : 32 ] وَكُلّ مَا عَلَا فَأَظَلَّ قِيلَ لَهُ سَمَاء ; وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِيهِ وَالْوَقْف عَلَى | بِنَاء | أَحْسَنُ , وَيُقَال : بَنَى فُلَان بَيْتًا , وَبَنَى عَلَى أَهْله - بِنَاء فِيهِمَا - أَيْ زَفَّهَا . وَالْعَامَّة تَقُول : بَنَى بِأَهْلِهِ , وَهُوَ خَطَأ , وَكَأَنَّ الْأَصْل فِيهِ أَنَّ الدَّاخِل بِأَهْلِهِ كَانَ يَضْرِبُ عَلَيْهَا قُبَّة لَيْلَةَ دُحُوله بِهَا ; فَقِيلَ لِكُلِّ دَاخِل بِأَهْلِهِ : بَانٍ . وَبَنَى ( مَقْصُورًا ) شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ , وَابْتَنَى دَارًا وَبَنَى بِمَعْنًى ; وَمِنْهُ بُنْيَان الْحَائِط , وَأَصْله وَضَعَ لَبِنَةً عَلَى أُخْرَى حَتَّى تَثْبُتَ .|وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ|أَيْ خَلَقَكُمْ فِي أَحْسَن صُورَة . وَقَرَأَ أَبُو رَزِين وَالْأَشْهَب الْعُقَيْلِيّ | صِوَرَكُمْ | بِكَسْرِ الصَّاد ; قَالَ الْجَوْهَرِيّ : وَالصِّوَر بِكَسْرِ الصَّاد لُغَة فِي الصُّوَر جَمْع صُورَة , وَيُنْشَد هَذَا الْبَيْت عَلَى هَذِهِ اللُّغَة يَصِف الْجَوَارِي قَائِلًا : <br>أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الْخَلْصَاءِ أَعْيُنَهَا .......... وَهُنَّ أَحْسَنُ مِنْ صِيرَانِهَا صِوَرَا <br>وَالصِّيرَان جَمْع صِوَار وَهُوَ الْقَطِيع مِنْ الْبَقَر وَالصِّوَار أَيْضًا وِعَاء الْمِسْك وَقَدْ جَمَعَهُمَا الشَّاعِر بِقَوْلِهِ : <br>إِذَا لَاحَ الصِّوَار ذَكَرْت لَيْلَى .......... وَأَذْكُرُهَا إِذَا نُفِخَ الصِّوَار <br>وَالصِّيَار لُغَة فِيهِ .|وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ|الثِّمَار وَالْحُبُوب وَالْحَيَوَان|ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ|| تَبَارَكَ | تَفَاعَلَ , مِنْ الْبَرَكَة وَهِيَ الْكَثْرَة وَالْاتِّسَاع . يُقَال : بُورِكَ الشَّيْء وَبُورِكَ فِيهِ ; قَالَ اِبْن عَرَفَة . وَقَالَ الْأَزْهَرِيّ : | تَبَارَكَ | تَعَالَى وَتَعَاظَمَ وَارْتَفَعَ . وَقِيلَ : إِنَّ بِاسْمِهِ يُتَبَرَّك وَيُتَيَمَّن . وَقَدْ مَضَى فِي الْفَاتِحَة مَعْنَى | رَبّ الْعَالَمِينَ | [ الْفَاتِحَة : 1 ] .

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ

أَيْ الْبَاقِي الَّذِي لَا يَمُوت|فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ|أَيْ مُخْلِصِينَ لَهُ الطَّاعَة وَالْعِبَادَة .|الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ|قَالَ الْفَرَّاء : هُوَ خَبَر وَفِيهِ إِضْمَار أَمْر أَيْ اُدْعُوهُ وَاحْمَدُوهُ . وَقَدْ مَضَى هَذَا كُلّه مُسْتَوْفًى فِي | الْبَقَرَة | وَغَيْرهَا . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : مَنْ قَالَ : | لَا إِلَه إِلَّا اللَّه | فَلْيَقُلْ | الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ | .

أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ

أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّد : نَهَانِي اللَّه الَّذِي هُوَ الْحَيّ الْقَيُّوم وَلَا إِلَه غَيْره | أَنْ أَعْبُد | غَيْره .|لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي|أَيْ دَلَائِل تَوْحِيده|وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ|أَذِلَّ وَأَخْضَعَ | لِرَبِّ الْعَالَمِينَ | وَكَانُوا دَعَوْهُ إِلَى دِين آبَائِهِ , فَأُمِرَ أَنْ يَقُول هَذَا .

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ

| خَلَقَكُمْ | أَيْ خَلَقَ أَبَاكُمْ الَّذِي هُوَ أَصْل الْبَشَر , يَعْنِي آدَم عَلَيْهِ السَّلَام | مِنْ تُرَاب | . | ثُمَّ | خَلَقْنَا ذُرِّيَّتَهُ . | مِنْ نُطْفَة | وَهُوَ الْمَنِيّ ; سُمِّيَ نُطْفَة لِقِلَّتِهِ , وَهُوَ الْقَلِيل مِنْ الْمَاء , وَقَدْ يَقَع عَلَى الْكَثِير مِنْهُ ; وَمِنْهُ الْحَدِيث ( حَتَّى يَسِير الرَّاكِب بَيْن النُّطْفَتَيْنِ لَا يَخْشَى جَوْرًا ) . أَرَادَ بَحْر الْمَشْرِق وَبَحْر الْمَغْرِب . وَالنَّطْف : الْقَطْر . نَطَفَ يَنْطِف وَيَنْطَف . وَلَيْلَة نَطُوفَة دَائِمَة الْقَطْر . | ثُمَّ مِنْ عَلَقَة | وَهُوَ الدَّم الْجَامِد . وَالْعَلَق الدَّم الْعَبِيط ; أَيْ الطَّرِيّ . وَقِيلَ : الشَّدِيد الْحُمْرَة . النُّطْفَة لَيْسَتْ بِشَيْءٍ يَقِينًا , وَلَا يَتَعَلَّق بِهَا حُكْم إِذَا أَلْقَتْهَا الْمَرْأَة إِذَا لَمْ تَجْتَمِع فِي الرَّحِم , فَهِيَ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي صُلْب الرَّجُل ; فَإِذَا طَرَحَتْهُ عَلَقَة فَقَدْ تَحَقَّقْنَا أَنَّ النُّطْفَة قَدْ اِسْتَقَرَّتْ وَاجْتَمَعَتْ وَاسْتَحَالَتْ إِلَى أَوَّل أَحْوَال يَتَحَقَّق بِهِ أَنَّهُ وَلَد . وَعَلَى هَذَا فَيَكُون وَضْع الْعَلَقَة فَمَا فَوْقهَا مِنْ الْمُضْغَة وَضْع حَمْل تَبْرَأ بِهِ الرَّحِم , وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّة , وَيَثْبُت بِهِ لَهَا حُكْم أُمّ الْوَلَد . وَهَذَا مَذْهَب مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَصْحَابه . وَقَالَ الشَّافِعِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : لَا اِعْتِبَار بِإِسْقَاطِ الْعَلَقَة , وَإِنَّمَا الِاعْتِبَار بِظُهُورِ الصُّورَة وَالتَّخْطِيط ; فَإِنْ خَفِيَ التَّخْطِيط , وَكَانَ لَحْمًا فَقَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيج , وَالْمَنْصُوص أَنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّة وَلَا تَكُون أُمّ وَلَد . قَالُوا : لِأَنَّ الْعِدَّة تَنْقَضِي بِالدَّمِ الْجَارِي , فَبِغَيْرِهِ أَوْلَى .|ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا|أَيْ أَطْفَالًا .|ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ|وَهِيَ حَالَة اِجْتِمَاع الْقُوَّة وَتَمَام الْعَقْل . وَقَدْ مَضَى فِي [ الْأَنْعَام ] بَيَانه .|ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا|بِضَمِّ الشِّين قِرَاءَة نَافِع وَابْن مُحَيْصِن وَحَفْص وَهِشَام وَيَعْقُوب وَأَبُو عَمْرو عَلَى الْأَصْل ; لِأَنَّهُ جَمْع فَعْل , نَحْو : قَلْب وَقُلُوب وَرَأْس وَرُءُوس . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الشِّين لِمُرَاعَاةِ الْيَاء وَكِلَاهُمَا جَمْع كَثْرَة , وَفِي الْعَدَد الْقَلِيل أَشْيَاخ وَالْأَصْل أَشْيُخٌ ; مِثْل فَلْس وَأَفْلُس إِلَّا أَنَّ الْحَرَكَة فِي الْيَاء ثَقِيلَة . وَقُرِئَ | شَيْخًا | عَلَى التَّوْحِيد ; كَقَوْلِهِ : | طِفْلًا | وَالْمَعْنَى كُلّ وَاحِد مِنْكُمْ ; وَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَاحِد لِأَنَّ الْغَرَض بَيَان الْجِنْس . وَفِي الصِّحَاح : جَمْع الشَّيْخ شُيُوخ وَأَشْيَاخ وَشَيْخَة وَشِيخَان وَمَشْيَخَة وَمَشَايِخ وَمَشْيُوخَاءُ , وَالْمَرْأَة شَيْخَة . قَالَ عَبِيد : <br>كَأَنَّهَا شَيْخَةٌ رَقُوب <br>وَقَدْ شَاخَ الرَّجُل يَشِيخ شَيَخًا بِالتَّحْرِيكِ عَلَى أَصْله وَشَيْخُوخَة , وَأَصْل الْيَاء مُتَحَرِّكَة فَسَكَنَتْ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَام فَعَلُول . وَشَيَّخَ تَشْيِيخًا أَيْ شَاخَ . وَشَيَّخْتُهُ دَعَوْته شَيْخًا لِلتَّبْجِيلِ . وَتَصْغِير الشَّيْخ شُيَيْخٌ وَشِيَيْخٌ أَيْضًا بِكَسْرِ الشِّين وَلَا تَقُلْ شُوَيْخ النَّحَّاس : وَإِنْ اُضْطُرَّ شَاعِر جَازَ أَنْ يَقُول أَشْيُخٌ مِثْل عَيْن وَأَعْيُن إِلَّا أَنَّهُ حَسَن فِي عَيْن ; لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَة . وَالشَّيْخ مَنْ جَاوَزَ أَرْبَعِينَ سَنَة .|وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ|قَالَ مُجَاهِد : أَيْ مِنْ قَبْل أَنْ يَكُون شَيْخًا , أَوْ مِنْ قَبْل هَذِهِ الْأَحْوَال إِذَا خَرَجَ سِقْطًا .|وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى|قَالَ مُجَاهِد : الْمَوْت لِلْكُلِّ . وَاللَّام لَام الْعَاقِبَة .|وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ|تَعْقِلُونَ ذَلِكَ فَتَعْلَمُوا أَنْ لَا إِلَه غَيْره .

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

زَادَ فِي التَّنْبِيه أَيْ هُوَ الَّذِي يَقْدِر عَلَى الْإِحْيَاء وَالْإِمَاتَة .|فَإِذَا قَضَى أَمْرًا|أَيْ أَرَادَ فِعْلَهُ|فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ|وَنَصَبَ | فَيَكُون | اِبْن عَامِر عَلَى جَوَاب الْأَمْر . وَقَدْ مَضَى فِي [ الْبَقَرَة ] الْقَوْل فِيهِ .

صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ

قَالَ اِبْن زَيْد : هُمْ الْمُشْرِكُونَ بِدَلِيلِ قَوْله : | الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلنَا | . وَقَالَ أَكْثَر الْمُفَسِّرِينَ : نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّة . قَالَ اِبْن سِيرِينَ : إِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّة فَلَا أَدْرِي فِيمَنْ نَزَلَتْ .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس