islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
12407

10-يونس

الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ

قَالَ أَبُو جَعْفَر : اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله أَنَا اللَّه أَرَى . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13588 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُدَ بْن مَيْمُون الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك , فِي قَوْله : ( { الر } : أَنَا اللَّه أَرَى . )13589 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { الر } قَالَ : أَنَا اللَّه أَرَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ حُرُوف مِنْ اِسْم اللَّه الَّذِي هُوَ الرَّحْمَن . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13590 - حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن شَبُّويَةَ , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ يَزِيد , عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( الر , وَحم , وَنُون | حُرُوف الرَّحْمَن مُقَطَّعَة . )13591 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا عِيسَى بْن عُبَيْد عَنْ الْحُسَيْن بْن عُثْمَان , قَالَ : (ذَكَرَ سَالِم بْن عَبْد اللَّه : | الر , وَحم وَنُون | فَقَالَ : اِسْم الرَّحْمَن مُقَطَّع . ثُمَّ قَالَ : الرَّحْمَن . )13592 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا أَبِي حَمَّاد , قَالَ : ثَنَا مِنْدَل , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : ( الر , وَحم , وَنُون | هُوَ اِسْم الرَّحْمَن . )13593 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن عَمْرو الْكَلْبِيّ , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم , عَنْ عَامِر أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ : ( الر , وَحم , وَص | قَالَ : هِيَ أَسْمَاء اللَّه مُقَطَّعَة بِالْهِجَاءِ , فَإِذَا وَصَلْتهَا كَانَتْ اِسْمًا مِنْ أَسْمَاء اللَّه تَعَالَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13594 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { الر } اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن . )وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف النَّاس وَمَا إِلَيْهِ ذَهَبَ كُلّ قَائِل فِي الَّذِي قَالَ فِيهِ , وَمَا الصَّوَاب لَدَيْنَا مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي نَظِيره , وَذَلِكَ فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْمَوْضِع الْقَدْر الَّذِي ذَكَرْنَا لِمُخَالَفَةِ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْله فِي هَذَا قَوْلَه فِي { الم } , فَأَمَّا الَّذِينَ وَفَّقُوا بَيْن مَعَانِي جَمِيع ذَلِكَ , فَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ هُنَاكَ مُكْتَفِيًا عَنْ الْإِعَادَة هَهُنَا .|تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم } </subtitle>وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : تِلْكَ آيَات التَّوْرَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13595 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مُجَاهِد : ( { تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْحَكِيم } قَالَ : التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل . )13596 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ عَمْرو , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { تِلْكَ آيَات الْكِتَاب } قَالَ : الْكُتُب الَّتِي كَانَتْ قَبْل الْقُرْآن . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : هَذِهِ آيَات الْقُرْآن . وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيل مَنْ تَأَوَّلَهُ : هَذِهِ آيَات الْقُرْآن , وَوَجْه مَعْنَى | تِلْكَ | إِلَى مَعْنَى | هَذِهِ | , وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْه تَوْجِيه تِلْكَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَة الْبَقَرَة بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته . وَالْآيَات الْأَعْلَام , وَالْكِتَاب اِسْم مِنْ أَسْمَاء الْقُرْآن , وَقَدْ بَيَّنَّا كُلّ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيل أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل قَبْل ذِكْر وَلَا تِلَاوَة بَعْده فَيُوَجَّه إِلَيْهِ الْخَبَر , فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَالرَّحْمَن هَذِهِ آيَات الْقُرْآن الْحَكِيم . وَمَعْنَى | الْحَكِيم | فِي هَذَا الْمَوْضِع : | الْمُحْكَم | صَرَفَ مُفْعَل إِلَى فَعِيل , كَمَا قِيلَ عَذَاب أَلِيم , بِمَعْنَى مُؤْلِم , وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ <br>وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْكِتَاب . فَمَعْنَاهُ إِذًا : تِلْكَ آيَات الْكِتَاب الْمُحْكَم الَّذِي أَحْكَمه اللَّه وَبَيَّنَّهُ لِعِبَادِهِ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { الر كِتَاب أُحْكِمَتْ آيَاته ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيم خَبِير }

أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُل مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاس } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَكَانَ عَجَبًا لِلنَّاسِ إِيحَاؤُنَا الْقُرْآن عَلَى رَجُل مِنْهُمْ بِإِنْذَارِهِمْ عِقَاب اللَّه عَلَى مَعَاصِيهِ , كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه قَدْ أَوْحَى مِنْ قَبْله إِلَى مِثْله مِنْ الْبَشَر , فَتَعَجَّبُوا مِنْ وَحْيِنَا إِلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13597 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن عُمَارَة , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا بَعَثَ اللَّه مُحَمَّدًا رَسُولًا أَنْكَرَتْ الْعَرَب ذَلِكَ , أَوْ مَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ , فَقَالُوا : اللَّه أَعْظَم مِنْ أَنْ يَكُون رَسُوله بَشَرًا مِثْل مُحَمَّد ! فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُل مِنْهُمْ } ... وَقَالَ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا } . )[12 109 ]13598 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (عَجِبَتْ قُرَيْش أَنْ بُعِثَ رَجُل مِنْهُمْ . )قَالَ : وَمِثْل ذَلِكَ : { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا } [7 65 ] { وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا } [7 73 ]قَالَ اللَّه : { أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْر مِنْ رَبّكُمْ عَلَى رَجُل مِنْكُمْ } [7 69]|وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } </subtitle>يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَكَانَ عَجَبًا لِلنَّاسِ أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُل مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرْ النَّاس , وَأَنْ بَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق ; عَطْف عَلَى | أَنْذِرْ | . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { قَدَمَ صِدْق } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا بِمَا قَدَّمُوا مِنْ صَالِح الْأَعْمَال . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13599 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : ثَوَاب صِدْق . )13600 - قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : الْأَعْمَال الصَّالِحَة . )13601 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } يَقُول : أَجْرًا حَسَنًا بِمَا قَدَّمُوا مِنْ أَعْمَالهمْ . )13602 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَزِيد بْن حِبَّان , عَنْ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد , عَنْ الْوَلِيد بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُغِيث عَنْ مُجَاهِد : ( { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : صَلَاتهمْ , وَصَوْمهمْ , وَصَدَقَتهمْ , وَتَسْبِيحهمْ . )13603 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَدَمَ صِدْق } قَالَ : خَيْر . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { قَدَمَ صِدْق } مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13604 - قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : ( { قَدَمَ صِدْق } ثَوَاب صِدْق عِنْد رَبّهمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع , مِثْله . 13605 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق } قَالَ : الْقَدَم الصِّدْق : الثَّوَاب الصِّدْق بِمَا قَدَّمُوا مِنْ الْأَعْمَال . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَنَّ لَهُمْ سَابِق صِدْق فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مِنْ السَّعَادَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13606 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيه بْن صَالِح , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } يَقُول : سَبَقَتْ لَهُمْ السَّعَادَة فِي الذِّكْر الْأَوَّل . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَفِيع لَهُمْ , قَدَمَ صِدْق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13607 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن آدَم , عَنْ فُضَيْل بْن عَمْرو بْن الْجَوْن , عَنْ قَتَادَة أَوْ الْحَسَن : ( { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : مُحَمَّد شَفِيع لَهُمْ . )13608 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } : أَيْ سَلَف صِدْق عِنْد رَبّهمْ . )13609 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , فِي قَوْله : ( { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبّهمْ } قَالَ : مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُمْ أَعْمَالًا صَالِحَة عِنْد اللَّه يَسْتَوْجِبُونَ بِهَا مِنْهُ الثَّوَاب ; وَذَلِكَ أَنَّهُ مَحْكِيّ عَنْ الْعَرَب : هَؤُلَاءِ أَهْل الْقَدَم فِي الْإِسْلَام ; أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدَّمُوا فِيهِ خَيْرًا , فَكَانَ لَهُمْ فِيهِ تَقْدِيم , وَيُقَال : لَهُ عِنْدِي قَدَم صِدْق وَقَدَم سُوء , وَذَلِكَ مَا قَدَّمَ إِلَيْهِ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ , وَمِنْهُ قَوْل حَسَّان بْن ثَابِت رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : <br>لَنَا الْقَدَم الْأُولَى إِلَيْك وَخَلْفنَا .......... لِأَوَّلِنَا فِي طَاعَة اللَّه تَابِع <br>وَقَوْل ذِي الرُّمَّة : <br>لَكُمْ قَدَم لَا يُنْكِر النَّاس أَنَّهَا .......... مَعَ الْحَسَب الْعَادِيّ طَمَّتْ عَلَى الْبَحْر <br>فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ تَقْدِمَة خَيْر مِنْ الْأَعْمَال الصَّالِحَة عِنْد رَبّهمْ .|قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسِحْر مُبِين } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : { إِنَّ هَذَا لَسِحْر مُبِين } بِمَعْنَى : إِنَّ هَذَا الَّذِي جِئْتنَا بِهِ , يَعْنُونَ الْقُرْآن | لَسِحْر مُبِين | . وَقَرَأَ ذَلِكَ مَسْرُوق وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَجَمَاعَة مِنْ قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : | إِنَّ هَذَا لَسَاحِر مُبِين | وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى مِنْ نَظَائِر ذَلِكَ أَنَّ كُلّ مَوْصُوف بِصِفَةٍ نَزَلَ الْمَوْصُوف عَلَى صِفَته , وَصِفَته عَلَيْهِ , فَالْقَارِئ مُخَيَّر فِي الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ ; وَذَلِكَ نَظِير هَذَا الْحَرْف : { قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِر مُبِين } وَ | لَسَاحِر مُبِين | وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ سَاحِر , وَوَصْفهمْ مَا جَاءَهُمْ بِهِ أَنَّهُ سِحْر يَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ وَصَفُوهُ بِالسِّحْرِ . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَسَوَاء بِأَيِّ ذَلِكَ قَرَأَ الْقَارِئ لِاتِّفَاقِ مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ . وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَمَّا تُرِكَ ذِكْره , وَهُوَ : فَلَمَّا بَشَّرَهُمْ وَأَنْذَرَهُمْ وَتَلَا عَلَيْهِمْ الْوَحْي , قَالَ الْكَافِرُونَ : إِنَّ هَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ لَسِحْر مُبِين . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُل مِنْهُمْ , أَنْ أَنْذِرْ النَّاس وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِنْد رَبِّهِمْ , فَلَمَّا آتَاهُمْ بِوَحْيِ اللَّه وَتَلَاهُ عَلَيْهِمْ , قَالَ الْمُنْكِرُونَ تَوْحِيد اللَّه وَرِسَالَة رَسُوله : إِنَّ هَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مُحَمَّد لَسِحْر مُبِين ; أَيْ يُبَيِّن لَكُمْ عَنْهُ أَنَّهُ مُبْطِل فِيمَا يَدَّعِيه .

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ رَبّكُمْ اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّكُمْ الَّذِي لَهُ عِبَادَة كُلّ شَيْء , وَلَا تَنْبَغِي الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ السَّبْع فِي سِتَّة أَيَّام , وَانْفَرَدَ بِخَلْقِهَا بِغَيْرِ شَرِيك وَلَا ظَهِير .|ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ|ثُمَّ اِسْتَوَى عَلَى عَرْشه مُدَبِّرًا لِلْأُمُورِ , وَقَاضِيًا فِي خَلْقه مَا أَحَبَّ , لَا يُضَادّهُ فِي قَضَائِهِ أَحَد وَلَا يَتَعَقَّب تَدْبِيره مُتَعَقِّب وَلَا يَدْخُل أُمُوره خَلَل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13610 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُدَبِّر الْأَمْر } قَالَ : يَقْضِيه وَحْده . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُدَبِّر الْأَمْر مَا مِنْ شَفِيع إِلَّا مِنْ بَعْد إِذْنِهِ } قَالَ : يَقْضِيه وَحْده . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { يُدَبِّر الْأَمْر } قَالَ : يَقْضِيه وَحْده . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ|يَقُول : لَا يَشْفَع عِنْده شَافِع يَوْم الْقِيَامَة فِي أَحَد إِلَّا مِنْ بَعْد أَنْ يَأْذَن فِي الشَّفَاعَة .|ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ|يَقُول جَلَّ جَلَاله : هَذَا الَّذِي هَذِهِ صِفَته سَيِّدكُمْ وَمَوْلَاكُمْ لَا مَنْ لَا يَسْمَع , وَلَا يُبْصِر , وَلَا يُدَبِّر , وَلَا يَقْضِي مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان .|فَاعْبُدُوهُ|يَقُول : فَاعْبُدُوا رَبّكُمْ الَّذِي هَذِهِ صِفَته , وَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة , وَأَفْرِدُوا لَهُ الْأُلُوهَة وَالرُّبُوبِيَّة بِالذِّلَّةِ مِنْكُمْ لَهُ دُون أَوْثَانكُمْ وَسَائِر مَا تُشْرِكُونَ مَعَهُ فِي الْعِبَادَة .|أَفَلَا تَذَكَّرُونَ|يَقُول : أَفَلَا تَتَّعِظُونَ وَتَعْتَبِرُونَ بِهَذِهِ الْآيَات وَالْحُجَج , فَتُنِيبُونَ إِلَى الْإِذْعَان بِتَوْحِيدِ رَبّكُمْ وَإِفْرَاده بِالْعِبَادَةِ , وَتَجْمَعُونَ الْأَنْدَاد وَتَبْرَءُونَ مِنْهَا .

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْد اللَّه حَقًّا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِلَى رَبّكُمْ الَّذِي صِفَته مَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي الْآيَة قَبْل هَذِهِ مَعَادكُمْ أَيّهَا النَّاس يَوْم الْقِيَامَة جَمِيعًا . { وَعْد اللَّه حَقًّا } فَأَخْرَجَ | وَعْد اللَّه | مَصْدَرًا مِنْ قَوْله : { إِلَيْهِ مَرْجِعكُمْ } لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْوَعْد , وَمَعْنَاهُ : يَعِدكُمْ اللَّه أَنْ يُحْيِيكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ وَعْدًا حَقًّا , فَلِذَلِكَ نَصَبَ { وَعْد اللَّه حَقًّا } |إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّكُمْ يَبْدَأ إِنْشَاء الْخَلْق وَإِحْدَاثه وَإِيجَاده ثُمَّ يُعِيدهُ , فَيُوجِدهُ حَيًّا كَهَيْئَتِهِ يَوْم اِبْتَدَأَهُ بَعْد فَنَائِهِ وَبَلَائِهِ . كَمَا : 13611 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } قَالَ : يُحْيِيه ثُمَّ يُمِيتهُ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَحْسَبهُ أَنَّهُ قَالَ : | ثُمَّ يُحْيِيه | . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } قَالَ : يُحْيِيه ثُمَّ يُمِيتهُ ثُمَّ يُحْيِيه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِنَّهُ يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ } : يُحْيِيه ثُمَّ يُمِيتهُ , ثُمَّ يَبْدَؤُهُ ثُمَّ يُحْيِيه . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ . وَقَرَأَتْ قُرَّاء الْإِمْصَار ذَلِكَ : { إِنَّهُ يَبْدَأ الْخَلْق } بِكَسْرِ الْأَلِف مِنْ إِنَّهُ عَلَى الِاسْتِئْنَاف . وَذُكِرَ عَنْ أَبِي جَعْفَر الرَّازِّي أَنَّهُ قَرَأَهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ | أَنَّهُ | كَأَنَّهُ أَرَادَ : حَقًّا أَنْ يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ , فَـ | أَنَّ | حِينَئِذٍ تَكُون رَفْعًا , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَحَقًّا عِبَاد اللَّه أَنْ لَسْت زَائِرًا .......... أَبَا حَبَّة إِلَّا عَلَيَّ رَقِيب <br> { ثُمَّ يُعِيدهُ } يَقُول : ثُمَّ يُعِيدهُ مِنْ بَعْد مَمَاته كَهَيْئَتِهِ قَبْل مَمَاته عِنْد بَعْثه مِنْ قَبْره .|لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ|وَقَوْله : { لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات بِالْقِسْطِ } يَقُول : لِيُثِيبَ مَنْ صَدَقَ اللَّه وَرَسُوله وَعَمِلُوا مَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ الْأَعْمَال وَاجْتَنَبُوا مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ عَلَى أَعْمَالهمْ الْحَسَنَة { بِالْقِسْطِ } يَقُول : لِيَجْزِيَهُمْ عَلَى الْحَسَن مِنْ أَعْمَالهمْ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا الْحَسَن مِنْ الثَّوَاب وَالصَّالِح مِنْ الْجَزَاء فِي الْآخِرَة , وَذَلِكَ هُوَ الْقِسْط . وَالْقِسْط الْعَدْل وَالْإِنْصَاف ; كَمَا : 13612 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { بِالْقِسْطِ } بِالْعَدْلِ .)|وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ|وَقَوْله : { وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَاب مِنْ حَمِيم } فَإِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ اِبْتَدَأَ الْخَبَر عَمَّا أَعَدَّ اللَّه لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ الْعَذَاب . وَفِيهِ مَعْنَى الْعَطْف عَلَى الْأَوَّل , لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره عَمَّ بِالْخَبَرِ عَنْ مَعَاد جَمِيعهمْ كُفَّارهمْ وَمُؤْمِنِيهِمْ إِلَيْهِ , ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ إِعَادَتهمْ لِيَجْزِيَ كُلّ فَرِيق بِمَا عَمِلَ , الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِالْإِحْسَانِ وَالْمُسِيء بِالْإِسَاءَةِ . وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ الْخَبَر الْمُسْتَأْنَف عَمَّا أَعَدَّ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ الْعَذَاب مَا يَدُلّ سَامِع ذَلِكَ عَلَى الْمُرَاد اِبْتَدَأَ الْخَبَر وَالْمَعْنِيّ الْعَطْف , فَقَالَ : وَاَلَّذِينَ جَحَدُوا اللَّه وَرَسُوله وَكَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه , لَهُمْ شَرَاب فِي جَهَنَّم مِنْ حَمِيم , وَذَلِكَ شَرَاب قَدْ أُغْلِيَ وَاشْتَدَّ حَرّه حَتَّى إِنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَسَاقَط مِنْ أَحَدهمْ حِين يُدْنِيه مِنْهُ فَرْوَة رَأْسه , وَكَمَا وَصَفَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوه } . [18 29 ]وَأَصْله مَفْعُول صُرِفَ إِلَى فَعِيل , وَإِنَّمَا هُوَ | مَحْمُوم | : أَيْ مُسَخَّن , وَكُلّ مُسَخَّن عِنْد الْعَرَب فَهُوَ حَمِيم , وَمِنْهُ قَوْل الْمُرَقَّش : <br>فِي كُلّ يَوْم لَهَا مِقْطَرَة .......... فِيهَا كِبَاء مُعَدّ وَحَمِيم <br>يَعْنِي بِالْحَمِيمِ : الْمَاء الْمُسَخَّن .|وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ|وَقَوْله : { وَعَذَاب أَلِيم } يَقُول : وَلَهُمْ مَعَ ذَلِكَ عَذَاب مُوجِع سِوَى الشَّرَاب مِنْ الْحَمِيم . { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } بِاَللَّهِ وَرَسُوله .

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِل } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّكُمْ اللَّه الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْس ضِيَاء } بِالنَّهَارِ { وَالْقَمَر نُورًا } بِاللَّيْلِ , وَمَعْنَى ذَلِكَ : هُوَ الَّذِي أَضَاءَ الشَّمْس وَأَنَارَ الْقَمَر , { وَقَدَّرَهُ مَنَازِل } يَقُول : قَضَاهُ فَسَوَّاهُ مَنَازِل لَا يُجَاوِزهَا , وَلَا يَقْصُر دُونهَا عَلَى حَال وَاحِدَة أَبَدًا . وَقَالَ : { وَقَدَّرَهُ مَنَازِل } فَوَحَّدَهُ , وَقَدْ ذَكَرَ الشَّمْس وَالْقَمَر , فَإِنَّ فِي ذَلِكَ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنْ تَكُون الْهَاء فِي قَوْله : { وَقَدَّرَهُ } لِلْقَمَرِ خَاصَّة ; لِأَنَّ بِالْأَهِلَّةِ يُعْرَف اِنْقِضَاء الشُّهُور وَالسِّنِينَ لَا بِالشَّمْسِ . وَالْآخَر : أَنْ يَكُون اِكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدهمَا عَنْ الْآخَر , كَمَا قَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { وَاَللَّه وَرَسُوله أَحَقّ أَنْ يُرْضُوهُ } [9 62 ]وَكَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْت مِنْهُ وَوَالِدِي .......... بَرِيًّا وَمِنْ جُول الطَّوِيّ رَمَانِي<br>|لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ|وَقَوْله : { لِتَعْلَمُوا عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب } يَقُول : وَقَدَّرَ ذَلِكَ مَنَازِل لِتَعْلَمُوا أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس عَدَد السِّنِينَ : دُخُول مَا يَدْخُل مِنْهَا , وَانْقِضَاء مَا يُسْتَقْبَل مِنْهَا وَحِسَابهَا , يَقُول : وَحِسَاب أَوْقَات السِّنِينَ وَعَدَد أَيَّامهَا وَحِسَاب سَاعَات أَيَّامهَا .|مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَمْ يَخْلُق اللَّه الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَنَازِلهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ , يَقُول الْحَقّ تَعَالَى ذِكْره : خَلَقْت ذَلِكَ كُلّه بِحَقٍّ وَحْدِي بِغَيْرِ عَوْن وَلَا شَرِيك .|يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ|يَقُول : يُبَيِّن الْحُجَج وَالْأَدِلَّة { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } إِذَا تَدَبَّرُوهَا , حَقِيقَة وَحْدَانِيَّة اللَّه , وَصِحَّة مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْع الْأَنْدَاد وَالْبَرَاءَة مِنْ الْأَوْثَان .

إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ فِي اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا خَلَقَ اللَّه فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُنَبِّهًا عِبَاده عَلَى مَوْضِع الدَّلَالَة عَلَى رُبُوبِيَّته وَأَنَّهُ خَالِق كُلّ مَا دُونه . إِنَّ فِي اِعْتِقَاب اللَّيْل وَالنَّهَار وَاعْتِقَاب النَّهَار اللَّيْل . إِذَا ذَهَبَ هَذَا جَاءَ هَذَا وَإِذَا جَاءَ هَذَا ذَهَبَ هَذَا , وَفِيمَا خَلَقَ اللَّه فِي السَّمَاوَات مِنْ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَفِي الْأَرْض مِنْ عَجَائِب الْخَلْق الدَّالَّة عَلَى أَنَّ لَهَا صَانِعًا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء . { لَآيَاتٍ } يَقُول لَأَدِلَّة وَحُجَجًا وَأَعْلَامًا وَاضِحَة لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ اللَّه , فَيَخَافُونَ وَعِيده وَيَخْشَوْنَ عِقَابَهُ عَلَى إِخْلَاص الْعِبَادَة لِرَبِّهِمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَلَا دَلَالَة فِيمَا خَلَقَ اللَّه فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض عَلَى صَانِعه إِلَّا لِمَنْ اِتَّقَى اللَّه ؟ قِيلَ : فِي ذَلِكَ الدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى صَانِعه لِكُلِّ مَنْ صَحَّتْ فِطْرَته , وَبَرِئَ مِنْ الْعَاهَات قَلْبه , وَلَمْ يَقْصِد بِذَلِكَ الْخَبَر عَنْ أَنَّ فِيهِ الدَّلَالَة لِمَنْ كَانَ قَدْ أَشْعَرَ نَفْسه تَقْوَى اللَّه , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَات لِمَنْ اِتَّقَى عِقَاب اللَّه فَلَمْ يَحْمِلْهُ هَوَاهُ عَلَى خِلَاف مَا وَضَحَ لَهُ مِنْ الْحَقّ , لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلّ كُلّ ذِي فِطْرَة صَحِيحَة عَلَى أَنَّ لَهُ مُدَبِّرًا يَسْتَحِقّ عَلَيْهِ الْإِذْعَان لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ دُون مَا سِوَاهُ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد .

إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَاَلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : إِنَّ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ لِقَاءَنَا يَوْم الْقِيَامَة , فَهُمْ لِذَلِكَ مُكَذِّبُونَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَاب , مُتَنَافِسُونَ فِي زِيَن الدُّنْيَا وَزَخَارِفهَا , رَاضُونَ بِهَا عِوَضًا مِنْ الْآخِرَة , مُطْمَئِنِّينَ إِلَيْهَا سَاكِنِينَ . { وَاَلَّذِينَ هُمْ } عَنْ آيَات اللَّه , وَهِيَ أَدِلَّته عَلَى وَحْدَانِيّته , وَحُجَجه عَلَى عِبَاده فِي إِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ { غَافِلُونَ } مُعْرِضُونَ عَنْهَا لَاهُونَ , لَا يَتَأَمَّلُونَهَا تَأَمُّل نَاصِح لِنَفْسِهِ , فَيَعْلَمُوا بِهَا حَقِيقَة مَا دَلَّتْهُمْ عَلَيْهِ , وَيَعْرِفُوا بِهَا بِطُولِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ . وَالْعَرَب تَقُول : | فُلَان لَا يَرْجُو فُلَانًا | : إِذَا كَانَ لَا يَخَافهُ . وَمِنْهُ قَوْل اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا } . [71 13 ]وَمِنْهُ قَوْل أَبِي ذُؤَيْب : <br>إِذَا لَسَعَتْهُ النَّحْل لَمْ يَرْجُ لَسْعهَا .......... وَخَالَفَهَا فِي بَيْت نُوب عَوَاسِل <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13613 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاطْمَأَنُّوا بِهَا } قَالَ : هُوَ مِثْل قَوْله : { مَنْ كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } )[11 15 ]- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْلِهِ : ( { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا } قَالَ : هُوَ مِثْل قَوْلِهِ : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } )[11 15 ]* - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13614 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَاَلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتنَا غَافِلُونَ } قَالَ : إِذَا شِئْت رَأَيْت صَاحِب دُنْيَا لَهَا يَفْرَح , وَلَهَا يَحْزَن , وَلَهَا يَسْخَط , وَلَهَا يَرْضَى . )13615 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا } ... الْآيَة كُلّهَا , قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْل الْكُفْر . ثُمَّ قَالَ : { أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } )

أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

{ أُولَئِكَ مَأْوَاهُم النَّار } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ مَأْوَاهُمْ مَصِيرهمْ إِلَى النَّار نَار جَهَنَّم فِي الْآخِرَة .|بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ|فِي الدُّنْيَا مِنْ الْآثَام وَالْإِجْرَام وَيَجْتَرِحُونَ مِنْ السَّيِّئَات .

إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } إِنَّ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّه وَرَسُوله وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , وَذَلِكَ الْعَمَل بِطَاعَةِ اللَّه وَالِانْتِهَاء إِلَى أَمْره .|يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ|يَقُول : يُرْشِدهُمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ بِهِ إِلَى الْجَنَّة . كَمَا : 13616 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ الْأَنْهَار فِي جَنَّات النَّعِيم } بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِن إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْره صُوِّرَ لَهُ عَمَله فِي صُورَة حَسَنَة , فَيَقُول لَهُ : مَا أَنْتَ , فَوَاَللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكَ اِمْرَأَ صِدْق ؟ فَيَقُول : أَنَا عَمَلُك , فَيَكُونُ لَهُ نُورًا وَقَائِدًا إِلَى الْجَنَّةِ . وَأَمَّا الْكَافِرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ صُوِّرَ لَهُ عَمَله فِي صُورَة سَيِّئَة وَبِشَارَة سَيِّئَة , فَيَقُول : مَا أَنْتَ فَوَاَللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكَ أَمْرَأَ سَوْءٍ ؟ فَيَقُول : أَنَا عَمَلُك . فَيَنْطَلِقُ بِهِ حَتَّى يُدْخِلَهُ النَّارَ . )13617 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ } قَالَ : يَكُون لَهُمْ نُورًا يَمْشُونَ بِهِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح . عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : { يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ } قَالَ : يُمَثِّل لَهُ عَمَله فِي صُورَة حَسَنَة وَرِيح طَيِّبَة , يُعَارِض صَاحِبه وَيُبَشِّرهُ بِكُلِّ خَيْر , فَيَقُول لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَيَقُول : أَنَا عَمَلُك ; فَيَجْعَل لَهُ نُورًا مِنْ بَيْن يَدَيْهِ حَتَّى يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ , فَذَلِكَ قَوْله : { يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ بِإِيمَانِهِمْ } وَالْكَافِر يُمَثَّل لَهُ عَمَله فِي صُورَة سَيِّئَة وَرِيح مُنْتِنَة , فَيُلَازِم صَاحِبه وَيُلَازّهُ حَتَّى يَقْذِفهُ فِي النَّار . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : بِإِيمَانِهِمْ يَهْدِيهِمْ رَبّهمْ لِدِينِهِ , يَقُول : بِتَصْدِيقِهِمْ هُدَاهُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : ... [ بَيَاض بِالْأَصْلِ ]|تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ|وَقَوْله : { تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ الْأَنْهَار } يَقُول : تَجْرِي مِنْ تَحْت هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتهمْ أَنْهَار الْجَنَّة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْف قِيلَ تَجْرِي مِنْ تَحْتهمْ الْأَنْهَار , وَإِنَّمَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْهَار الْجَنَّة فِي سَائِر الْقُرْآن أَنَّهَا تَجْرِي تَحْت الْجَنَّات ؟ وَكَيْف يُمْكِن الْأَنْهَار أَنْ تَجْرِيَ مِنْ تَحْتهمْ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا فَوْق أَرْضهَا وَالْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْت أَرْضهَا , وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ صِفَة أَنْهَار الْجَنَّة , لِأَنَّ صِفَتهَا أَنَّهَا تَجْرِي عَلَى وَجْه الْأَرْض فِي غَيْر أَخَادِيد ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْت , وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ : تَجْرِي مِنْ دُونهمْ الْأَنْهَار إِلَى مَا بَيْن أَيْدِيهمْ فِي بَسَاتِين النَّعِيم , وَذَلِكَ نَظِير قَوْل اللَّه : { قَدْ جَعَلَ رَبّك تَحْتك سَرِيًّا } . [19 24 ]وَمَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَجْعَل السَّرِيّ تَحْتهَا وَهِيَ عَلَيْهِ قَاعِدَة , إِذْ كَانَ السَّرِيّ هُوَ الْجَدْوَل , وَإِنَّمَا عَنَى بِهِ جَعَلَ دُونهَا : بَيْن يَدَيْهَا , وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قِيلَ فِرْعَوْن : { أَلَيْسَ لِي مُلْك مِصْر وَهَذِهِ الْأَنْهَار تَجْرِي مِنْ تَحْتِي } [43 51 ]بِمَعْنَى : مِنْ دُونِي بَيْن يَدَيَّ .|فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ|يَقُول : فِي بَسَاتِين النَّعِيم الَّذِي نَعَّمَ اللَّه بِهِ أَهْل طَاعَته وَالْإِيمَان بِهِ .

دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

وَأَمَّا قَوْله : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : دُعَاؤُهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ . كَمَا : 13618 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (أُخْبِرْت أَنَّ قَوْله : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ } قَالَ : إِذَا مَرَّ بِهِمْ الطَّيْر فَيَشْتَهُونَهُ , قَالُوا : سُبْحَانك اللَّهُمَّ ! وَذَلِكَ دَعْوَاهُمْ , فَيَأْتِيهِمْ الْمَلِك بِمَا اِشْتَهَوْا , فَيُسَلِّم عَلَيْهِمْ , فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَتَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } قَالَ : فَإِذَا أَكَلُوا حَمِدُوا اللَّه رَبّهمْ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَآخِر دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } )13619 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ } يَقُول : ذَلِكَ قَوْلهمْ فِيهَا ; { وَتَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } )13620 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه الْأَشْجَعِيّ , قَالَ : (سَمِعْت سُفْيَان يَقُول : { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتهمْ فِيهَا سَلَام } قَالَ : إِذَا أَرَادُوا الشَّيْء قَالُوا : اللَّهُمَّ ! فَيَأْتِيهِمْ مَا دَعَوْا بِهِ .)|سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ|وَأَمَّا قَوْله : { سُبْحَانك اللَّهُمَّ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : تَنْزِيهًا لَك يَا رَبّ مِمَّا أَضَافَ إِلَيْك أَهْل الشِّرْك بِك مِنْ الْكَذِب عَلَيْك وَالْفِرْيَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13621 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت أَبِي , عَنْ غَيْر وَاحِد عَطِيَّة فِيهِمْ : (سُبْحَان اللَّه تَنْزِيه لِلَّهِ . )13622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمَّان بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهِب , قَالَ : سَمِعْت مُوسَى بْن طَلْحَة , قَالَ : (سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُبْحَان اللَّه , قَالَ : | إِبْرَاء اللَّه عَنْ السُّوء . )13623 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو السَّائِب وَخَلَّاد بْن أَسْلَمَ , قَالُوا : ثَنَا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثَنَا قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ : (أَنَّ اِبْن الْكَوَّاء سَأَلَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ | سُبْحَان اللَّه | قَالَ : كَلِمَة رَضِيَهَا اللَّه لِنَفْسِهِ . )* - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ سُفْيَان بْن سَعِيد الثَّوْرِيّ عَنْ عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن مَوْهِب الطَّلْحِيّ , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , قَالَ : (سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ سُبْحَان اللَّه , فَقَالَ : | تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَنْ السُّوء . )13624 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عِيسَى الْبَزَّار , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن حَمَّاد , قَالَ : ثَنِي حَفْص بْن سُلَيْمَان , قَالَ : ثَنَا طَلْحَة بْن يَحْيَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه , قَالَ : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَفْسِير سُبْحَان اللَّه , فَقَالَ : | هُوَ تَنْزِيه اللَّه مِنْ كُلّ سُوء . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن تَمَّام الْكَلْبِيّ , قَالَ : ثَنَا سُلَيْمَان بْن أَيُّوب , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ جَدِّي , عَنْ مُوسَى بْن طَلْحَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (قُلْت : يَا رَسُول اللَّه قَوْل سُبْحَان اللَّه ؟ قَالَ : | تَنْزِيه اللَّه عَنْ السُّوء | .)|وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ| { وَتَحِيَّتهمْ } يَقُول : وَتَحِيَّة بَعْضهمْ بَعْضًا { فِيهَا سَلَام } أَيْ سَلِمَتْ وَأَمِنَتْ مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ أَهْل النَّار . وَالْعَرَب تُسَمِّي الْمُلْك التَّحِيَّة ; وَمِنْهُ قَوْل عَمْرو بْن مَعْد يَكْرِب : <br>أَزُور بِهَا أَبَا قَابُوس حَتَّى .......... أُنِيخ عَلَى تَحِيَّته بِجُنْدِي <br>وَمِنْهُ قَوْلَة زُهَيْر بْن جُنَاب الْكَلْبِيّ : <br>مِنْ كُلّ مَا نَالَ الْفَتَى .......... قَدْ نِلْته إِلَّا التَّحِيَّهْ<br>|وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ|وَقَوْله : { وَآخِر دَعْوَاهُمْ } يَقُول : وَآخِر دُعَائِهِمْ { أَنْ الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } يَقُول : وَآخِر دُعَائِهِمْ أَنْ يَقُولُوا : الْحَمْد لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ; وَلِذَلِكَ خُفِّفَتْ | أَنْ | وَلَمْ تُشَدَّد , لِأَنَّهُ أُرِيد بِهَا الْحِكَايَة .

وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلهمْ فَنَذَر الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ } إِجَابَة دُعَائِهِمْ فِي { الشَّرّ } , وَذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِمْ مَضَرَّة فِي نَفْس أَوْ مَال ; { اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } يَقُول : كَاسْتِعْجَالِهِ لَهُمْ فِي الْخَيْر بِالْإِجَابَةِ إِذَا دَعَوْهُ بِهِ . { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلهمْ } يَقُول : لَهَلَكُوا وَعُجِّلَ لَهُمْ الْمَوْت , وَهُوَ الْأَجَل . وَعَنِيَ بِقَوْلِهِ : { لَقُضِيَ } لَفَرَغَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَجَلهمْ وَتَبَدَّى لَهُمْ , كَمَا قَالَ أَبُو ذُؤَيْب : <br>وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا .......... دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّع <br> { فَنَذَر الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } يَقُول : فَنَدَع الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ عِقَابنَا وَلَا يُوقِنُونَ بِالْبَعْثِ وَلَا بِالنُّشُورِ , { فِي طُغْيَانهمْ } يَقُول : فِي تَمَرُّدهمْ وَعُتُوّهُمْ , { يَعْمَهُونَ } يَعْنِي يَتَرَدَّدُونَ . وَإِنَّمَا أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة بِالْبَعْثِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُمْ مِنْ طُغْيَانهمْ وَتَرَدُّدهمْ فِيهِ عِنْد تَعْجِيله إِجَابَة دُعَائِهِمْ فِي الشَّرّ لَوْ اِسْتَجَابَ لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّقَرُّب إِلَى الْوَثَن الَّذِي يُشْرِك بِهِ أَحَدهمْ , أَوْ يُضِيف ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ مِنْ فِعْله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 13625 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } قَالَ : قَوْل الْإِنْسَان إِذَا غَضِبَ لِوَلَدِهِ وَمَاله : لَا بَارَكَ اللَّه فِيهِ وَلَعَنَهُ ! )13626 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } قَالَ : قَوْل الْإِنْسَان لِوَلَدِهِ وَمَاله إِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ : اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ ! فَلَوْ يُعَجِّل اللَّه الِاسْتِجَابَة لَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمَا يُسْتَجَاب فِي الْخَيْر لَأَهْلَكَهُمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } قَالَ : قَوْل الْإِنْسَان لِوَلَدِهِ وَمَاله إِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ : اللَّهُمَّ لَا تُبَارِكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ : { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلهمْ } قَالَ : لَأَهْلَك مَنْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَأَمَاتَهُ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } قَالَ : قَوْل الرَّجُل لِوَلَدِهِ إِذَا غَضِبَ عَلَيْهِ أَوْ مَاله : اللَّهُمَّ لَا تُبَارَكْ فِيهِ وَالْعَنْهُ ! قَالَ اللَّه : { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلهمْ } قَالَ : لَأَهْلَك مَنْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَأَمَاتَهُ . قَالَ : { فَنَذَر الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } قَالَ : يَقُول : لَا نُهْلِك أَهْل الشِّرْك , وَلَكِنْ نَذَرهُمْ فِي طُغْيَانهمْ يَعْمَهُونَ . )13627 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَلَوْ يُعَجِّل اللَّه لِلنَّاسِ الشَّرّ اِسْتِعْجَالهمْ بِالْخَيْرِ } قَالَ : هُوَ دُعَاء الرَّجُل عَلَى نَفْسه وَمَاله بِمَا يَكْرَه أَنْ يُسْتَجَاب لَهُ . )13628 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلهمْ } قَالَ : لَأَهْلَكْنَاهُمْ , وَقَرَأَ : { مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّة } [35 45 ]قَالَ : يُهْلِكهُمْ كُلّهمْ . )وَنَصْب قَوْله { اِسْتِعْجَالهمْ } بِوُقُوعِ يُعَجِّل عَلَيْهِ , كَقَوْلِ الْقَائِل : قُمْت الْيَوْم قِيَامك , بِمَعْنَى قُمْت كَقِيَامِك , وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ مِنْ يُعَجِّل , لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَصْدَرًا لَمْ يَحْسُن دُخُول الْكَاف , أَعْنِي كَاف التَّشْبِيه فِيهِ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْلِهِ : { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق : { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله بِضَمِّ الْقَاف مِنْ | قُضِيَ | وَرَفْع | الْأَجَل | . وَقَرَأَ عَامَّة أَهْل الشَّأْم : | لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ | بِمَعْنَى : لَقَضَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ . وَهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , غَيْر أَنِّي أَقْرَؤُهُ عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله ; لِأَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَر الْقُرَّاء .

وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَان الضُّرّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرّه مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرّ مَسَّهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا أَصَابَ الْإِنْسَان الشِّدَّة وَالْجَهْد { دَعَانَا لِجَنْبِهِ } يَقُول : اِسْتَغَاثَ بِنَا فِي كَشْف ذَلِكَ عَنْهُ , لِجَنْبِهِ : يَعْنِي مُضْطَجِعًا لِجَنْبِهِ . { أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا } الْحَال الَّتِي يَكُون بِهَا عِنْد نُزُول ذَلِكَ الضُّرّ بِهِ . { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرّه } يَقُول : فَلَمَّا فَرَّجْنَا عَنْهُ الْجَهْد الَّذِي أَصَابَهُ , { مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرّ مَسَّهُ } يَقُول : اِسْتَمَرَّ عَلَى طَرِيقَته الْأُولَى قَبْل أَنْ يُصِيبهُ الضُّرّ , وَنَسِيَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْجَهْد وَالْبَلَاء , أَوْ تَنَاسَاهُ , وَتَرَكَ الشُّكْر لِرَبِّهِ الَّذِي فَرَّجَ عَنْهُ مَا كَانَ قَدْ نَزَلَ بِهِ مِنْ الْبَلَاء حِين اِسْتَعَاذَ بِهِ , وَعَادَ لِلشِّرْكِ وَدَعْوَى الْآلِهَة وَالْأَوْثَان أَرْبَابًا مَعَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13629 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { دَعَانَا لِجَنْبِهِ } قَالَ : مُضْطَجِعًا .)|كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } يَقُول : كَمَا زُيِّنَ لِهَذَا الْإِنْسَان الَّذِي وَصَفْنَا صِفَته اِسْتِمْرَاره عَلَى كُفْره بَعْد كَشْف اللَّه عَنْهُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الضُّرّ , كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلَّذِينَ أَسْرَفُوا فِي الْكَذِب عَلَى اللَّه وَعَلَى أَنْبِيَائِهِ , فَتَجَاوَزُوا فِي الْقَوْل فِيهِمْ إِلَى غَيْر مَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ بِهِ , مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنْ مَعَاصِي اللَّه وَالشِّرْك وَبِهِ .

وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْأُمَم الَّتِي كَذَّبَتْ رُسُل اللَّه مِنْ قَبْلِكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِرَبِّهِمْ { لَمَّا ظَلَمُوا } يَقُول : لَمَّا أَشْرَكُوا وَخَالَفُوا أَمْر اللَّه وَنَهْيه .|وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ| { وَجَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ } مِنْ عِنْد اللَّه , { بِالْبَيِّنَاتِ } وَهِيَ الْآيَات وَالْحُجَج الَّتِي تُبَيِّن عَنْ صِدْق مَنْ جَاءَ بِهَا . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَجَاءَتْهُمْ رُسُلهمْ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَات أَنَّهَا حَقّ .|وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا|يَقُول : فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُمَم الَّتِي أَهْلَكْنَاهَا لِيُؤْمِنُوا بِرُسُلِهِمْ وَيُصَدِّقُوهُمْ إِلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ .|كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا أَهْلَكْنَا هَذِهِ الْقُرُون مِنْ قَبْلكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ وَتَكْذِيبهمْ رُسُلهمْ وَرَدّهمْ نَصِيحَتهمْ , كَذَلِكَ أَفْعَل بِكُمْ فَأُهْلِككُمْ كَمَا أَهْلَكْتهمْ بِتَكْذِيبِكُمْ رَسُولكُمْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَظُلْمكُمْ أَنْفُسكُمْ بِشِرْكِكُمْ بِرَبِّكُمْ , إِنْ أَنْتُمْ لَمْ تُنِيبُوا وَتَتُوبُوا إِلَى اللَّه مِنْ شِرْككُمْ , فَإِنَّ مِنْ ثَوَاب الْكَافِر بِي عَلَى كُفْره عِنْدِي أَنْ أُهْلِكهُ بِسَخَطِي فِي الدُّنْيَا وَأُورِدهُ النَّار فِي الْآخِرَة .

ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِف فِي الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ لِنَنْظُر كَيْف تَعْمَلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ } أَيّهَا النَّاس { خَلَائِف } مِنْ بَعْد هَؤُلَاءِ الْقُرُون الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا تَخْلُفُونَهُمْ { فِي الْأَرْض } وَتَكُونُونَ فِيهَا بَعْدهمْ . { لِنَنْظُر كَيْف تَعْمَلُونَ } يَقُول : لِيَنْظُر رَبّكُمْ أَيْنَ عَمَلكُمْ مِنْ عَمَل مَنْ هَلَكَ مِنْ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم بِذُنُوبِهِمْ وَكُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , تَحْذُونَ مِثَالهمْ فِيهِ , فَتَسْتَحِقُّونَ مِنْ الْعِقَاب مَا اِسْتَحَقُّوا , أَمْ تُخَالِفُونَ سَبِيلهمْ , فَتُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَرَسُوله , وَتُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ بَعْد الْمَمَات , فَتَسْتَحِقُّونَ مِنْ رَبّكُمْ الثَّوَاب الْجَزِيل . كَمَا : 13630 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِف فِي الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ لِنَنْظُر كَيْف تَعْمَلُونَ } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : صَدَقَ رَبّنَا مَا جَعَلَنَا خُلَفَاء إِلَّا لِيَنْظُر كَيْف أَعْمَالنَا , فَأَرُوا اللَّه مِنْ أَعْمَالكُمْ خَيْرًا , بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَالسِّرّ وَالْعَلَانِيَة . )13631 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن عَوْف أَبُو رَبِيعَة فَهْد , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , أَنَّ عَوْف بْن مَالِك رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لِأَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : (رَأَيْت فِيمَا يَرَى النَّائِم كَأَنَّ سَبَبًا دُلِّيَ مِنْ السَّمَاء فَانْتَشَطَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ دُلِّيَ فَانْتَشَطَ أَبُو بَكْر , ثُمَّ ذَرَعَ النَّاس حَوْل الْمِنْبَر , فَفُضِّلَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِثَلَاثِ أَذْرُع إِلَى الْمِنْبَر ! فَقَالَ عُمَر : دَعْنَا مِنْ رُؤْيَاك لَا أَرَبَ لَنَا فِيهَا ! فَلَمَّا اُسْتُخْلِفَ عُمَر قَالَ : يَا عَوْف رُؤْيَاك ؟ قَالَ : وَهَلْ لَك فِي رُؤْيَايَ مِنْ حَاجَة , أَوَلَمْ تَنْتَهِرنِي ؟ قَالَ : وَيْحك إِنِّي كَرِهْت أَنْ تَنْعِي لِخَلِيفَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسه ! فَقَصَّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا , حَتَّى إِذَا بَلَغَ ذَرَعَ النَّاس إِلَى الْمِنْبَر بِهَذِهِ الثَّلَاث الْأَذْرُع , قَالَ : أَمَّا إِحْدَاهُنَّ فَإِنَّهُ كَائِن خَلِيفَة , وَأَمَّا الثَّانِيَة فَإِنَّهُ لَا يَخَاف فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم , وَأَمَّا الثَّالِثَة فَإِنَّهُ شَهِيد . قَالَ : فَقَالَ يَقُول اللَّه : { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِف فِي الْأَرْض مِنْ بَعْدهمْ لِنَنْظُر كَيْف تَعْمَلُونَ } فَقَدْ اُسْتُخْلِفْت يَا اِبْن أُمّ عُمَر , فَانْظُرْ كَيْف تَعْمَل ; وَأَمَّا قَوْله : | فَإِنِّي لَا أَخَاف فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم | فَمَا شَاءَ اللَّه , وَأَمَّا قَوْله : | فَإِنِّي شَهِيد | فَأَنَّى لِعُمَرَ الشَّهَادَة وَالْمُسْلِمُونَ مُطِيفُونَ بِهِ ! ثُمَّ قَالَ | إِنَّ اللَّه عَلَى مَا يَشَاء قَدِير | .)

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِن

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْر هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا قُرِئَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ آيَات كِتَاب اللَّه الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْك يَا مُحَمَّد بَيِّنَات وَاضِحَات عَلَى الْحَقّ دَالَّات . { قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا } يَقُول : قَالَ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ عِقَابنَا وَلَا يُوقِنُونَ بِالْمَعَادِ إِلَيْنَا وَلَا يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ لَك : { اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْر هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ } بِقَوْلٍ : أَوْ غَيْره .|قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي| { قُلْ } لَهُمْ يَا مُحَمَّد : { مَا يَكُون لِي أَنْ أُبَدِّلهُ مِنْ تِلْقَاء نَفْسِي } أَيْ مِنْ عِنْدِي . وَالتَّبْدِيل الَّذِي سَأَلُوهُ فِيمَا ذُكِرَ , أَنْ يُحَوِّل آيَة الْوَعِيد آيَة وَعْد وَآيَة الْوَعْد وَعِيدًا وَالْحَرَام حَلَالًا وَالْحَلَال حَرَامًا , فَأَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرهُمْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إِلَيْهِ , وَأَنَّ ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَا يُرَدّ حُكْمه وَلَا يُتَعَقَّب قَضَاؤُهُ , وَإِنَّمَا هُوَ رَسُول مُبَلِّغ وَمَأْمُور مُتَّبِع .|إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ|وَقَوْله : { إِنْ أَتَّبِع إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ } يَقُول : قُلْ لَهُمْ : مَا أَتَّبِع فِي كُلّ مَا آمُركُمْ بِهِ أَيُّهَا الْقَوْم وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِلَّا مَا يُنَزِّلهُ إِلَيَّ رَبِّي وَيَأْمُرنِي بِهِ .|إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ|يَقُول إِنِّي أَخْشَى مِنْ اللَّه إِنْ خَالَفْت أَمْره وَغَيَّرْت أَحْكَام كِتَابه وَبَدَّلْت وَحْيه فَعَصَيْته بِذَلِكَ , { عَذَاب يَوْم عَظِيم } هَوْله , وَذَلِكَ { يَوْم تَرَوْنَهَا تَذْهَل كُلّ مُرْضِعَة عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَع كُلّ ذَات حَمْل حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاس سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى } . [22 2]

قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُعَرِّفه الْحُجَّة عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا لَهُ اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْر هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد { لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ } ; أَيْ مَا تَلَوْت هَذَا الْقُرْآن عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس بِأَنْ كَانَ لَا يَنْزِل عَلَيَّ فَيَأْمُرنِي بِتِلَاوَتِهِ عَلَيْكُمْ , { وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } يَقُول : وَلَا أَعْلَمَكُمْ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13632 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } : وَلَا أَعْلَمَكُمْ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } يَقُول : لَوْ شَاءَ اللَّه لَمْ يُعَلِّمكُمُوهُ . )13633 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (قَالَ اِبْن عَبَّاس : { لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } يَقُول : مَا حَذَّرْتُكُمْ بِهِ . )13634 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا اِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْر هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ } , وَهُوَ قَوْل مُشْرِكِي أَهْل مَكَّة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْت فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْله أَفَلَا تَعْقِلُونَ } لَبِثَ أَرْبَعِينَ سَنَة . )13635 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : ( { قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } وَلَا أَعْلَمَكُمْ بِهِ . )13636 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن , (أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | وَلَا أَدَرَأْتُكُمْ بِهِ | يَقُول : مَا أَعْلَمْتُكُمْ بِهِ . )13637 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } يَقُول : وَلَا أَشْعَرَكُمْ اللَّه بِهِ . )وَهَذِهِ الْقِرَاءَة الَّتِي حُكِيَتْ عَنْ الْحَسَن عِنْد أَهْل الْعَرَبِيَّة غَلَط , وَكَانَ الْفَرَّاء يَقُول فِي ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ : | وَلَا أَدَرَأْتُكُمْ بِهِ | , قَالَ : فَإِنْ يَكُنْ فِيهَا لُغَة سِوَى | دَرَيْت | وَ | أَدْرَيْت | , فَلَعَلَّ الْحَسَن ذَهَبَ إِلَيْهَا , وَأَمَّا أَنْ يَصْلُح مِنْ | دَرَيْت | أَوْ | أَدْرَيْت | فَلَا ; لِأَنَّ الْيَاء وَالْوَاو إِذَا اِنْفَتَحَ مَا قَبْلهمَا وَسَكَنَتَا صَحَّتَا , وَلَمْ تَنْقَلِبَا إِلَى أَلِف مِثْل قَضَيْت وَدَعَوْت , وَلَعَلَّ الْحَسَن ذَهَبَ إِلَى طَبِيعَته وَفَصَاحَته فَهَمَزَهَا , لِأَنَّهَا تُضَارِع | دَرَأْت الْحَدّ | وَشَبَهه . وَرُبَّمَا غَلِطَتْ الْعَرَب فِي الْحَرْف إِذَا ضَارَعَهُ آخَر مِنْ الْهَمْز , فَيَهْمِزُونَ غَيْر الْمَهْمُوز . وَسَمِعْت اِمْرَأَة مِنْ طَيّ تَقُول : رَثَأْت زَوْجِي بِأَبْيَاتٍ , وَيَقُولُونَ : لَبَّأْت بِالْحَجِّ وَحَلَّأْتُ السَّوِيق ; يَتَغَلَّطُونَ ; لِأَنَّ | حَلَّأْتُ | قَدْ يُقَال فِي دَفْع الْعِطَاش , مِنْ الْإِبِل , وَ | لَبَّأْت | : ذَهَبْت بِهِ إِلَى اللِّبَأ , لِبَأ الشَّاة , وَ | رَثَأْت زَوْجِي | : ذَهَبْت بِهِ إِلَى رَثَأْت اللَّبَن إِذَا أَنْتَ حَلَبْت الْحَلِيب عَلَى الرَّائِب , فَتِلْكَ الرَّثِيثَة . وَكَانَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ يَقُول : لَا وَجْه لِقِرَاءَةِ الْحَسَن هَذِهِ لِأَنَّهَا مِنْ | أَدْرَيْت | مِثْل | أَعْطَيْت | , إِلَّا أَنَّ لُغَة بَنِي عُقَيْل | أَعْطَأْتُ | يُرِيدُونَ | أَعْطَيْت | , تُحَوَّل الْيَاء أَلِفًا , قَالَ الشَّاعِر : <br>لَقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ الْيَمَامَة طَيِّئٌ .......... بِحَرْبٍ كَنَاصَاة الْأَغَرّ الْمُشَهَّر <br>يُرِيد كَنَاصِيَةِ ; حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْمُفَضَّل . وَقَالَ زَيْد الْخَيْل : <br>لَعُمْرك مَا أَخْشَى التَّصَعْلُك مَا بَقَا .......... عَلَى الْأَرْض قَيْسِيٌّ يَسُوق الْأَبَاعِرَا <br>فَقَالَ | بَقَا | . وَقَالَ الشَّاعِر : <br>لَزَجَرْت قَلْبًا لَا يَرِيع الزَّاجِر .......... إِنَّ الْغَوِيّ إِذَا نُهَا لَمْ يُعْتِب <br>يُرِيد | نُهِيَ | . قَالَ : وَهَذَا كُلّه عَلَى قِرَاءَة الْحَسَن , وَهِيَ مَرْغُوب عَنْهَا , قَالَ : وَطَيِّئ تُصَيِّر كُلَّ يَاء اِنْكَسَرَ مَا قَبْلهَا أَلِفًا , يَقُولُونَ : هَذِهِ جَارَاةُ , وَفِي التَّرْقُوَة : تُرْقَاةُ , وَالْعُرْقُوَةُ : عُرْقَاةُ , قَالَ : وَقَالَ بَعْض طَيِّئ : قَدْ لَقَتْ فَزَارَة , حَذْف الْيَاء مِنْ لَقِيت لَمَّا لَمْ يُمْكِنهُ أَنْ يُحَوِّلهَا أَلِفًا لِسُكُونِ التَّاء فَيَلْتَقِي سَاكِنَانِ . وَقَالَ : زَعَمَ يُونُس أَنَّ نَسَا وَرَضَا لُغَة مَعْرُوفَة , قَالَ الشَّاعِر : <br>وَأَبْنَيْتُ بِالْأَعْرَاضِ ذَا الْبَطْن خَالِدًا .......... نَسَا أَوْ تَنَاسَى أَنْ يَعُدّ الْمَوَالِيَا <br>وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قِرَاءَة ذَلِكَ أَيْضًا رِوَايَة أُخْرَى , وَهِيَ مَا : 13638 - حَدَّثَنَا بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْمُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثَنَا خَالِد بْن حَنْظَلَة , عَنْ شَهْر بْن حَوْشَب , (عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ . )وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَسَتَجِيزُ أَنْ تَعْدُوهَا هِيَ الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا قُرَّاء الْأَمْصَار : { لَوْ شَاءَ اللَّه مَا تَلَوْته عَلَيْكُمْ , وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ } بِمَعْنَى : وَلَا أَعْلَمَكُمْ بِهِ , وَلَا أَشْعَرَكُمْ بِهِ .|فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ|يَقُول : فَقَدْ مَكَثْت فِيكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَة مِنْ قَبْل أَنْ أَتْلُوَهُ عَلَيْكُمْ وَمِنْ قَبْل أَنْ يُوحِيه إِلَيَّ رَبِّي , { أَفَلَا تَعْقِلُونَ } أَنِّي لَوْ كُنْت مُنْتَحِلًا مَا لَيْسَ لِي مِنْ الْقَوْل كُنْت قَدْ اِنْتَحَلْته فِي أَيَّام شَبَابِي وَحَدَاثَتِي وَقَبْل الْوَقْت الَّذِي تَلَوْته عَلَيْكُمْ ؟ فَقَدْ كَانَ لِي الْيَوْم لَوْ لَمْ يُوحَ إِلَيَّ وَأُومَرْ بِتِلَاوَتِهِ عَلَيْكُمْ مَنْدُوحَة عَنْ مُعَادَاتكُمْ وَمُتَّسَع فِي الْحَال الَّتِي كُنْت بِهَا مِنْكُمْ قَبْل أَنْ يُوحَى إِلَيَّ وَأُومَر بِتِلَاوَتِهِ عَلَيْكُمْ .

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ اِفْتَرَى عَلَى اللَّه كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ نَسَبُوك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك إِلَى الْكَذِب : أَيّ خُلُق أَشَرّ بَعْدنَا وَأَوْضَع لِقِيلِهِ فِي غَيْر مَوْضِعه , مِمَّنْ اِخْتَلَقَ عَلَى اللَّه كَذِبًا وَافْتَرَى عَلَيْهِ بَاطِلًا { أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ } يَعْنِي بِحُجَجِهِ وَرُسُله وَآيَات كِتَابه . يَقُول لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قُلْ لَهُمْ لَيْسَ الَّذِي أَضَفْتُمُونِي إِلَيْهِ بِأَعْجَب مِنْ كَذِبكُمْ عَلَى رَبّكُمْ وَافْتِرَائِكُمْ عَلَيْهِ وَتَكْذِيبكُمْ بِآيَاتِهِ .|إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ|يَقُول : إِنَّهُ لَا يَنْجَح الَّذِينَ اجْتَرَمُوا الْكُفْر فِي الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَة إِذَا لَقُوا رَبّهمْ , وَلَا يَنَالُونَ الْفَلَاح .

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَضُرّهُمْ وَلَا يَنْفَعهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَعْبُد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفْت لَك يَا مُحَمَّد صِفَتهمْ مِنْ دُون اللَّه الَّذِي لَا يَضُرّهُمْ شَيْئًا وَلَا يَنْفَعهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة , وَذَلِكَ هُوَ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا .|وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ|يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا رَجَاء شَفَاعَتهَا عِنْد اللَّه .|قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ|قَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّه بِمَا لَا يَعْلَم فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض } يَقُول : أَتُخْبِرُونَ اللَّه بِمَا لَا يَكُون فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض ; وَذَلِكَ أَنَّ الْآلِهَة لَا تَشْفَع لَهُمْ عِنْد اللَّه فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض . وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تَشْفَع لَهُمْ عِنْد اللَّه . فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ : أَتُخْبِرُونَ اللَّه أَنَّ مَا لَا يَشْفَع فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الْأَرْض يَشْفَع لَكُمْ فِيهِمَا , وَذَلِكَ بَاطِل لَا تُعْلَم حَقِيقَته وَصِحَّته , بَلْ يَعْلَم اللَّه أَنَّ ذَلِكَ خِلَاف مَا تَقُولُونَ وَأَنَّهَا لَا تَشْفَع لِأَحَدٍ وَلَا تَنْفَع وَلَا تَضُرّ .|سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ|يَقُول : تَنْزِيهًا لِلَّهِ وَعُلُوًّا عَمَّا يَفْعَلهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ إِشْرَاكهمْ فِي عِبَادَة مَا لَا يَضُرّ وَلَا يَنْفَع وَافْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِ الْكَذِب .

وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أُمَّة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أَهْل دِين وَاحِد وَمِلَّة وَاحِدَة , فَاخْتَلَفُوا فِي دِينهمْ , فَافْتَرَقَتْ بِهِمْ السُّبُل فِي ذَلِكَ . وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فِي سُورَة الْبَقَرَة , وَذَلِكَ فِي قَوْله : { كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ } [2 213 ]وَبَيَّنَّا الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِيهِ بِشَوَاهِدِهِ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . 13639 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أُمَّة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا } حِين قَتَلَ أَحَد اِبْنَيْ آدَم أَخَاهُ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه .|وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ|يَقُول : وَلَوْلَا أَنَّهُ سَبَقَ مِنْ اللَّه أَنَّهُ لَا يُهْلِك قَوْمًا إِلَّا بَعْد اِنْقِضَاء آجَالهمْ .|لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ|يَقُول : لَقُضِيَ بَيْنهمْ بِأَنْ يُهْلِك أَهْل الْبَاطِل مِنْهُمْ وَيُنَجِّي أَهْل الْحَقّ .

وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَة مِنْ رَبّه فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْب لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ : هَلَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّد آيَة مِنْ رَبّه ! يَقُول : عِلْم وَدَلِيل نَعْلَم بِهِ أَنَّ مُحَمَّدًا مُحِقّ فِيمَا يَقُول . قَالَ اللَّه لَهُ : فَقُلْ يَا مُحَمَّد إِنَّمَا الْغَيْب لِلَّهِ , أَيْ لَا يُعْلَم أَحَد يَفْعَل ذَلِكَ إِلَّا هُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ , لِأَنَّهُ لَا يَعْلَم الْغَيْب وَهُوَ السِّرّ وَالْخَفِيّ مِنْ الْأُمُور إِلَّا اللَّه , فَانْتَظِرُوا أَيّهَا الْقَوْم قَضَاء اللَّه بَيْننَا بِتَعْجِيلِ عُقُوبَته لِلْمُبْطِلِ مِنَّا وَإِظْهَاره الْمُحِقّ عَلَيْهِ , إِنِّي مَعَكُمْ مِمَّنْ يَنْتَظِر ذَلِكَ . فَفَعَلَ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَقَضَى بَيْنهمْ وَبَيْنه بِأَنْ قَتَلَهُمْ يَوْم بَدْر بِالسَّيْفِ .

وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاس رَحْمَة مِنْ بَعْد ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا رَزَقْنَا الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ فَرَجًا بَعْد كَرْب وَرَخَاء بَعْد شِدَّة أَصَابَتْهُمْ . وَقِيلَ : عَنَى بِهِ الْمَطَر بَعْد الْقَحْط , وَالضَّرَّاء : وَهِيَ الشِّدَّة , وَالرَّحْمَة : هِيَ الْفَرَج .|إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا|يَقُول : { إِذَا لَهُمْ مَكْر فِي آيَاتنَا } اِسْتِهْزَاء وَتَكْذِيب . كَمَا : 13640 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتنَا } قَالَ : اِسْتِهْزَاء وَتَكْذِيب . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا|وَقَوْله : { قُلْ اللَّه أَسْرَع مَكْرًا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُسْتَهْزِئِينَ مِنْ حُجَجنَا وَأَدِلَّتنَا يَا مُحَمَّد : اللَّه أَسْرَع مَكْرًا , أَيْ أَسْرَع مُحَالًا بِكُمْ وَاسْتِدْرَاجًا لَكُمْ وَعُقُوبَة مِنْكُمْ مِنْ الْمَكْر فِي آيَات اللَّه . وَالْعَرَب تَكْتَفِي بِـ | إِذَا | مِنْ | فَعَلْت | وَ | فَعَلُوا | , فَلِذَلِكَ حَذَفَ الْفِعْل مَعَهَا . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاس رَحْمَة مِنْ بَعْد ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ مَكَرُوا فِي آيَاتنَا , فَاكْتَفَى مِنْ | مَكَرُوا | , بِـ | إِذَا لَهُمْ مَكْر | .|إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ|يَقُول : إِنَّ حَفَظَتَنَا الَّذِينَ نُرْسِلهُمْ إِلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس يَكْتُبُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَمْكُرُونَ فِي آيَاتنَا .

هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّركُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَة وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيح عَاصِف وَجَاءَهُمْ الْمَوْج مِنْ كُلّ مَكَان وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيط بِهِمْ دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين لَئِنْ أَنْجَيْتنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي يُسَيِّركُمْ أَيّهَا النَّاس فِي الْبَرّ عَلَى الظَّهْر وَفِي الْبَحْر فِي الْفُلْك ; { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك } وَهِيَ السُّفُن , { وَجَرَيْنَ بِهِمْ } يَعْنِي : وَجَرَتْ الْفُلْك بِالنَّاسِ , { بِرِيحٍ طَيِّبَة } فِي الْبَحْر , { وَفَرِحُوا بِهَا } يَعْنِي : وَفَرِحَ رُكْبَان الْفُلْك بِالرِّيحِ الطَّيِّبَة الَّتِي يَسِيرُونَ بِهَا . وَالْهَاء فِي قَوْله : | بِهَا | عَائِدَة عَلَى الرِّيح الطَّيِّبَة . { جَاءَتْهَا رِيح عَاصِف } يَقُول : جَاءَتْ الْفُلْك رِيح عَاصِف , وَهِيَ الشَّدِيدَة , وَالْعَرَب تَقُول : رِيح عَاصِف وَعَاصِفَة , وَقَدْ أَعْصَفَتْ الرِّيح وَعَصَفَتْ وَأَعْصَفَتْ فِي بَنِي أَسَد فِيمَا ذُكِرَ , قَالَ بَعْض بَنِي دُبَيْر : <br>حَتَّى إِذَا أَعَصَفَتْ رِيح مُزَعْزَعَة .......... فِيهَا قِطَار وَرَعْد صَوْته زَجِل <br> { وَجَاءَهُمْ الْمَوْج مِنْ كُلّ مَكَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجَاءَ رُكْبَان السَّفِينَة الْمَوْج مِنْ كُلّ مَكَان . { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيط بِهِمْ } يَقُول : وَظَنُّوا أَنَّ الْهَلَاك قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ وَأَحْدَقَ . { دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } يَقُول : أَخْلَصُوا الدُّعَاء لِلَّهِ هُنَالِكَ دُون أَوْثَانهمْ وَآلِهَتهمْ , وَكَانَ مَفْزَعهمْ حِينَئِذٍ إِلَى اللَّه دُونهَا . كَمَا : 13641 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } قَالَ : إِذَا مَسَّهُمْ الضُّرّ فِي الْبَحْر أَخْلَصُوا لَهُ الدُّعَاء . )13642 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة , فِي قَوْله : ( { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين } هياشراهيا , تَفْسِيره : يَا حَيّ يَا قَيُّوم . )13643 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاس رَحْمَة مِنْ بَعْد ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّه مَا يَدْعُونَ , فَإِذَا كَانَ الضُّرّ لَمْ يَدْعُو إِلَّا اللَّه , فَإِذَا نَجَّاهُمْ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ لَئِنْ أَنْجَيْتنَا مِنْ هَذِهِ الشِّدَّة الَّتِي نَحْنُ فِيهَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ لَك عَلَى نِعَمك وَتَخْلِيصك إِيَّانَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ بِإِخْلَاصِنَا الْعِبَادَة لَك وَإِفْرَاد الطَّاعَة دُون الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّركُمْ } فَقَرَأْته عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّركُمْ } مِنْ السَّيْر بِالسِّينِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر الْقَارِي : | هُوَ الَّذِي يَنْشُركُمْ | مِنْ النَّشْر , وَذَلِكَ الْبَسْط ; مِنْ قَوْل الْقَائِل : نَشَرْت الثَّوْب , وَذَلِكَ بَسْطه وَنَشْره مِنْ طَيّه . فَوَجَّهَ أَبُو جَعْفَر مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى أَنَّ اللَّه يَبْعَث عِبَاده , فَيَبْسُطهُمْ بَرًّا وَبَحْرًا , وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِنْ التَّسْيِير . وَقَالَ : { وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَة } وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر : { فِي الْفُلْك الْمَشْحُون } . [36 41 ]فَوَحَّدَ , وَالْفُلْك : اِسْم لِلْوَاحِدَةِ وَالْجِمَاع وَيُذَكَّر وَيُؤَنَّث . قَالَ : { وَجَرَيْنَ بِهِمْ } وَقَدْ قَالَ : { هُوَ الَّذِي يُسَيِّركُمْ } فَخَاطَبَ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْخَبَر عَنْ الْغَائِب ; وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْكِتَاب بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَجَوَاب قَوْله : { حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْك } : { وَجَاءَتْهَا رِيح عَاصِف } وَأَمَّا جَوَاب قَوْله : { وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيط بِهِمْ } فَـ { دَعَوْا اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين }

فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا أَنْجَى اللَّه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ظَنُّوا فِي الْبَحْر أَنَّهُمْ أُحِيط بِهِمْ مِنْ الْجَهْد الَّذِي كَانُوا فِيهِ , أَخْلَفُوا اللَّه مَا وَعَدُوهُ , وَبَغَوْا فِي الْأَرْض , فَتَجَاوَزُوا فِيهَا إِلَى غَيْر مَا أَذِنَ اللَّه لَهُمْ فِيهِ مِنْ الْكُفْر بِهِ وَالْعَمَل بِمَعَاصِيهِ عَلَى ظَهْرهَا . يَقُول اللَّه : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا اِعْتِدَاؤُكُمْ الَّذِي تَعْتَدُونَهُ عَلَى أَنْفُسكُمْ وَإِيَّاهَا تَظْلِمُونَ , وَهَذَا الَّذِي أَنْتُمْ فِيهِ { مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : ذَلِكَ بَلَاغ تَبْلُغُونَ بِهِ فِي عَاجِل دُنْيَاكُمْ . وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيل , الْبَغْي يَكُون مَرْفُوعًا بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْره فِي قَوْله : { عَلَى أَنْفُسكُمْ } وَيَكُون قَوْله : | مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا | مَرْفُوعًا عَلَى مَعْنَى : ذَلِكَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , كَمَا قَالَ : { لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة مِنْ نَهَار بَلَاغ } [46 35 ]بِمَعْنَى : هَذَا بَلَاغ , وَقَدْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ : إِنَّمَا بَغْيكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى أَنْفُسكُمْ , لِأَنَّكُمْ بِكُفْرِكُمْ تُكْسِبُونَهَا غَضَب اللَّه , مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , كَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا بَغْيكُمْ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَيَكُون | الْبَغْي | مَرْفُوعًا بِالْمَتَاعِ , وَ | عَلَى أَنْفُسكُمْ | مِنْ صِلَة | الْبَغْي | . وَبِرَفْعِ | الْمَتَاع | قَرَأَتْ الْقُرَّاء سِوَى عَبْد اللَّه بْن أَبِي إِسْحَاق فَإِنَّهُ نَصَبَهُ بِمَعْنَى : إِنَّمَا بَغْيكُمْ عَلَى أَنْفُسكُمْ مَتَاعًا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , فَجَعَلَ , | الْبَغْي | مَرْفُوعًا بِقَوْلِهِ : { عَلَى أَنْفُسكُمْ } وَالْمَتَاع مَنْصُوبًا عَلَى الْحَال .|الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا|وَقَوْله : { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعكُمْ } يَقُول : ثُمَّ إِلَيْنَا بَعْد ذَلِكَ مَعَادكُمْ وَمَصِيركُمْ , وَذَلِكَ بَعْد الْمَمَات .|مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ|يَقُول : فَنُخْبِركُمْ يَوْم الْقِيَامَة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا مِنْ مَعَاصِي اللَّه , وَنُجَازِيكُمْ عَلَى أَعْمَالكُمْ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْكُمْ فِي الدُّنْيَا .

إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْه

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّمَا مَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّمَا مَثَل مَا تُبَاهُونَ فِي الدُّنْيَا وَتُفَاخِرُونَ بِهِ مِنْ زِينَتهَا وَأَمْوَالهَا مَعَ مَا قَدْ وُكِّلَ بِذَلِكَ مِنْ التَّكْدِير وَالتَّنْغِيص وَزَوَاله بِالْفَنَاءِ وَالْمَوْت , { كَـ } مَثَل { مَاء أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء } يَقُول : كَمَطَرٍ أَرْسَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , { فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض } يَقُول : فَنَبَتَ بِذَلِكَ الْمَطَر أَنْوَاع مِنْ النَّبَات مُخْتَلِط بَعْضهَا بِبَعْضٍ . كَمَا : 13644 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِنَّمَا مَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض } قَالَ : اِخْتَلَطَ فَنَبَتَ بِالْمَاءِ كُلّ لَوْن { مِمَّا يَأْكُل النَّاس } كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِير وَسَائِر حُبُوب الْأَرْض وَالْبُقُول وَالثِّمَار , وَمَا يَأْكُلهُ الْأَنْعَام وَالْبَهَائِم مِنْ الْحَشِيش وَالْمَرَاعِي .)|حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا|وَقَوْله : { حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْض زُخْرُفهَا } يَعْنِي : ظَهَرَ حُسْنهَا وَبَهَاؤُهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13645 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْض زُخْرُفهَا } ... الْآيَة : أَيْ وَاَللَّه لَئِنْ تَشَبَّثَ بِالدُّنْيَا وَحَدَّبَ عَلَيْهَا لَتُوشِكَنَّ الدُّنْيَا أَنْ تَلْفِظهُ وَتَقْضِي مِنْهُ .)|وَازَّيَّنَتْ|يَقُول : وَتَزَيَّنَتْ . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَازَّيَّنَتْ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق : { وَازَّيَّنَتْ } بِمَعْنَى : وَتَزَيَّنَتْ , وَلَكِنَّهُمْ أَدْغَمُوا التَّاء فِي الزَّاي لِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا , وَأَدْخَلُوا أَلِفًا لِيُوصَل إِلَى قِرَاءَته , إِذَا كَانَتْ التَّاء قَدْ سَكَنَتْ وَالسَّاكِن لَا يُبْتَدَأ بِهِ . وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَة وَأَبِي رَجَاء وَالْأَعْرَج وَجَمَاعَة أُخَر غَيْرهمْ أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ : | وَأَزْيَنَتْ | عَلَى مِثَال أَفْعَلَتْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ : { وَازَّيَّنَتْ } لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13646 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : { وَازَّيَّنَتْ } قَالَ : أَنْبَتَتْ وَحَسُنَتْ .|وَظَنَّ أَهْلُهَا|يَعْنِي : أَهْل الْأَرْض .|أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا|يَعْنِي : عَلَى مَا أَنْبَتَتْ . وَخَرَجَ الْخَبَر عَنْ الْأَرْض , وَالْمَعْنَى لِلنَّبَاتِ , إِذَا كَانَ مَفْهُومًا بِالْخِطَابِ مَا عَنَى بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13647 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام , قَالَ : (سَمِعْت مَرْوَان يَقْرَأ عَلَى الْمِنْبَر هَذِهِ الْآيَة : { حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْض زُخْرُفهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا } وَمَا كَانَ اللَّه لِيُهْلِكهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلهَا . قَالَ : قَدْ قَرَأْتهَا , وَلَيْسَتْ فِي الْمُصْحَف , فَقَالَ عَبَّاس بْن عَبْد اللَّه بْن الْعَبَّاس : هَكَذَا يَقْرَؤُهَا اِبْن عَبَّاس . فَأَرْسَلُوا إِلَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : هَكَذَا أَقْرَأَنِي أُبَيّ بْن كَعْب .)|أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا|وَقَوْله : { أَتَاهَا أَمْرنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا } يَقُول : جَاءَ الْأَرْض أَمْرنَا يَعْنِي قَضَاؤُنَا بِهَلَاكِ مَا عَلَيْهَا مِنْ النَّبَات إِمَّا لَيْلًا وَإِمَّا نَهَارًا .|فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا| { فَجَعَلْنَاهَا } يَقُول : فَجَعَلْنَا مَا عَلَيْهَا , { حَصِيدًا } يَعْنِي مَقْطُوعَة مَقْلُوعَة مِنْ أُصُولهَا , وَإِنَّمَا هِيَ مَحْصُودَة صُرِفَتْ إِلَى حَصِيد ,|كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ|يَقُول : كَأَنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الزُّرُوع وَالنَّبَات عَلَى ظَهْر نَابِتَة قَائِمَة عَلَى الْأَرْض قَبْل ذَلِكَ بِالْأَمْسِ , وَأَصْله : مِنْ غَنِيَ فُلَان بِمَكَانِ كَذَا , يَغْنَى بِهِ : إِذَا أَقَامَ بِهِ , كَمَا قَالَ النَّابِغَة الذِّبْيَانِيّ : <br>غَنِيَتْ بِذَلِكَ إِذْ هُمُ لِي جِيرَة .......... مِنْهَا بِعَطْفِ رِسَالَة وَتَوَدُّد <br>يَقُول : فَكَذَلِكَ يَأْتِي الْفَنَاء عَلَى مَا تَتَبَاهَوْنَ بِهِ مِنْ دُنْيَاكُمْ وَزَخَارِفهَا , فَيُفْنِيهَا وَيُهْلِكهَا كَمَا أَهْلَك أَمْرنَا وَقَضَاؤُنَا نَبَات هَذِهِ الْأَرْض بَعْد حُسْنهَا وَبَهْجَتهَا حَتَّى صَارَتْ { كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ } كَأَنْ لَمْ تَكُنْ قَبْل ذَلِكَ نَبَاتًا عَلَى ظَهْرهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13648 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ } يَقُول : كَأَنْ لَمْ يَعِشْ , كَأَنْ لَمْ تَنَعَّمْ . )13649 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , قَالَ : (سَمِعْت أَبَا سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول : فِي قِرَاءَة أُبَيّ : { كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ } وَمَا أَهْلَكْنَاهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلهَا . { كَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } )|كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ|يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهَا : { كَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } يَقُول : كَمَا بَيَّنَّا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس مَثَل الدُّنْيَا وَعَرَّفْنَاكُمْ حُكْمهَا وَأَمْرهَا , كَذَلِكَ نُبَيِّن حُجَجنَا وَأَدِلَّتنَا لِمَنْ تَفَكَّرَ وَاعْتَبَرَ وَنَظَرَ . وَخُصَّ بِهِ أَهْل الْفِكْر , لِأَنَّهُمْ أَهْل التَّمْيِيز بَيْن الْأُمُور وَالْفَحْص عَنْ حَقَائِق مَا يَعْرِض مِنْ الشُّبَه فِي الصُّدُور .

وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَللَّه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِعِبَادِهِ : أَيّهَا النَّاس لَا تَطْلُبُوا الدُّنْيَا وَزِينَتهَا , فَإِنَّ مَصِيرهَا إِلَى فَنَاء وَزَوَال كَمَا مَصِير النَّبَات الَّذِي ضَرَبَهُ اللَّه لَهَا مَثَلًا إِلَى هَلَاك وَبَوَار , وَلَكِنْ اُطْلُبُوا الْآخِرَة الْبَاقِيَة , وَلَهَا فَاعْمَلُوا , وَمَا عِنْد اللَّه فَالْتَمِسُوا بِطَاعَتِهِ , فَإِنَّ اللَّه يَدْعُوكُمْ إِلَى دَاره , وَهِيَ جَنَّاته الَّتِي أَعَدَّهَا لِأَوْلِيَائِهِ , تَسْلَمُوا مِنْ الْهُمُوم وَالْأَحْزَان فِيهَا وَتَأْمَنُوا مِنْ فَنَاء مَا فِيهَا مِنْ النَّعِيم وَالْكَرَامَة الَّتِي أَعَدَّهَا لِمَنْ دَخَلَهَا , وَهُوَ يَهْدِي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه فَيُوَفِّقهُ لِإِصَابَةِ الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم , وَهُوَ الْإِسْلَام الَّذِي جَعَلَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ سَبَبًا لِلْوُصُولِ إِلَى رِضَاهُ وَطَرِيقًا لِمَنْ رَكِبَهُ وَسَلَكَ فِيهِ إِلَى جَنَّاته وَكَرَامَته . كَمَا : 13650 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (اللَّه السَّلَام , وَدَاره الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَاَللَّه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام } قَالَ : اللَّه هُوَ السَّلَام , وَدَاره الْجَنَّة . )13651 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ أَيُّوب , عَنْ أَبِي قِلَابَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( قِيلَ لِي : لِتَنَمْ عَيْنك , وَلْيَعْقِلْ قَلْبك , وَلْتَسْمَعْ أُذُنك فَنَامَتْ عَيْنِي , وَعَقَلَ قَلْبِي , وَسَمِعَتْ أُذُنِي . ثُمَّ قِيلَ : سَيِّد بَنَى دَارًا , ثُمَّ صَنَعَ مَأْدُبَة , ثُمَّ أَرْسَلَ دَاعِيًا , فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِي دَخَلَ الدَّار وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَة وَرَضِيَ عَنْهُ السَّيِّد , وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُل الدَّار وَلَمْ يَأْكُل مِنْ الْمَأْدُبَة وَلَمْ يَرْضَ عَنْهُ السَّيِّد , فَاَللَّه السَّيِّد , وَالدَّار الْإِسْلَام وَالْمَأْدُبَة الْجَنَّة , وَالدَّاعِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )13652 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَاَللَّه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ فِي التَّوْرَاة مَكْتُوبًا : يَا بَاغِيَ الْخَيْر هَلُمَّ ! وَيَا بَاغِيَ الشَّرّ اِنْتَهِ ! )13653 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن سَلَمَة بْن أَبِي كَبْشَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْمَلِك بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن رَاشِد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ثَنِي خُلَيْد الْعَصْرِيّ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ يَوْم طَلَعَتْ فِيهِ شَمْسه إِلَّا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ , يَسْمَعهُ خَلْق اللَّه كُلّهمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ : يَا أَيّهَا النَّاس هَلُمُّوا إِلَى رَبّكُمْ , إِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْر مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى | . قَالَ : وَأَنْزَلَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآن فِي قَوْله : { وَاَللَّه يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم } )13654 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ لَيْث بْن سَعْد , عَنْ خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ سَعِيد بْن أَبِي هِلَال , عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : | إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنَّ جِبْرَائِيل عِنْد رَأْسِي وَمِيكَائِيلَ عِنْد رِجْلِي , يَقُول أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ : اِضْرِبْ بِهِ مَثَلًا ! فَقَالَ : اِسْمَعْ سَمِعَتْ أُذُنك , وَاعْقِلْ عَقَلَ قَلْبك , إِنَّمَا مَثَلُك وَمَثَل أُمَّتك كَمَثَلِ مَلِك اِتَّخَذَ دَارًا ثُمَّ بَنَى فِيهَا بَيْتًا ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَة ثُمَّ بَعَثَ رَسُولًا يَدْعُو النَّاس إِلَى طَعَامه , فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ الرَّسُول وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَكَهُ فَاَللَّه الْمَلِك , وَالدَّار الْإِسْلَام , وَالْبَيْت الْجَنَّة , وَأَنْتَ يَا مُحَمَّد الرَّسُول ; مَنْ أَجَابَك دَخَلَ الْإِسْلَام , وَمَنْ دَخَلَ الْإِسْلَام دَخَلَ الْجَنَّة , وَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّة أَكَلَ مِنْهَا | .)

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا عِبَادَة اللَّه فِي الدُّنْيَا مِنْ خَلْقه فَأَطَاعُوهُ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى { الْحُسْنَى } ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْحُسْنَى وَالزِّيَادَة اللَّتَيْنِ وَعَدَهُمَا الْمُحْسِنِينَ مِنْ خَلْقه . فَقَالَ بَعْضهمْ : الْحُسْنَى : هِيَ الْجَنَّة , جَعَلَهَا اللَّه لِلْمُحْسِنِينَ مِنْ خَلْقه جَزَاء , وَالزِّيَادَة عَلَيْهَا النَّظَر إِلَى اللَّه تَعَالَى . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13655 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَامِر بْن سَعْد , عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . )* - حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثَنَا حُمَيْد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ قَبَس , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَامِر بْن سَعْد , عَنْ سَعِيد بْن نَمِرَان , عَنْ أَبِي بَكْر : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه اللَّه تَعَالَى . )13656 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَامِر بْن سَعْد : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَامِر بْن سَعْد , قَالَ : فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : الزِّيَادَة : النَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن . )13657 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ مُسْلِم بْن نَذِير , عَنْ حُذَيْفَة : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . )13658 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , قَالَ : (سَمِعْت أَبَا إِسْحَاق يَقُول فِي قَوْل اللَّه : { وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن . )13659 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن عِيسَى , قَالَ : ثَنَا شَبَابَة , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر الْهُذَلِيّ , قَالَ : سَمِعْت أَبَا تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ يُحَدِّث عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : (إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة بَعَثَ اللَّه إِلَى أَهْل الْجَنَّة مُنَادِيًا يُنَادِي : هَلْ أَنْجَزَكُمْ اللَّه مَا وَعَدَكُمْ ؟ فَيَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَة , فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , فَيَقُول : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } النَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ أَبِي بَكْر الْهُذَلِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ , قَالَ : (سَمِعْت أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يَخْطُب عَلَى مِنْبَر الْبَصْرَة يَقُول : إِنَّ اللَّه يَبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مَلَكًا إِلَى أَهْل الْجَنَّة , فَيَقُول : يَا أَهْل الْجَنَّة هَلْ أَنْجَزَكُمْ اللَّه مَا وَعَدَكُمْ ؟ فَيَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ مِنْ الْكَرَامَة , فَيَرَوْنَ الْحُلِيّ وَالْحُلَل وَالثِّمَار وَالْأَنْهَار وَالْأَزْوَاج الْمُطَهَّرَة , فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , قَدْ أَنْجَزَنَا اللَّه مَا وَعَدَنَا . ثُمَّ يَقُول الْمَلِك : هَلْ أَنْجَزَكُمْ اللَّه مَا وَعَدَكُمْ ؟ ثَلَاث مَرَّات , فَلَا يَفْقِدُونَ شَيْئًا مِمَّا وُعِدُوا , فَيَقُولُونَ : نَعَمْ , فَيَقُول : قَدْ بَقِيَ لَكُمْ شَيْء , إِنَّ اللَّه يَقُول : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } أَلَا إِنَّ الْحُسْنَى الْجَنَّة , وَالزِّيَادَة : النَّظَر إِلَى وَجْه اللَّه . )13660 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي شَبِيب , عَنْ أَبَانَ , عَنْ أَبِي تَمِيمَة الْهُجَيْمِيّ : أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يُحَدِّث عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه يَبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مُنَادِيًا يُنَادِي أَهْل الْجَنَّة بِصَوْتٍ يُسْمِع أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ : إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ الْحُسْنَى وَزِيَادَة , فَالْحُسْنَى الْجَنَّة , وَالزِّيَادَة النَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن . )13661 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . وَقَرَأَ : { وَلَا يَرْهَق وُجُوهَهُمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة } قَالَ : بَعْد النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . )13662 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : أَخْبَرَنَا ثَابِت , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , قَوْله : ( { وَزِيَادَة } قَالَ : قِيلَ لَهُ : أَرَأَيْت قَوْله : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } ؟ قَالَ : إِنَّ أَهْل الْجَنَّة إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّة فَأُعْطُوا فِيهَا مَا أُعْطُوا مِنْ الْكَرَامَة وَالنَّعِيم قَالَ : نُودُوا يَا أَهْل الْجَنَّة إِنَّ اللَّه قَدْ وَعَدَكُمْ الزِّيَادَة , فَيَتَجَلَّى لَهُمْ . قَالَ اِبْن أَبِي لَيْلَى : فَمَا ظَنّك بِهِمْ حِين ثَقُلَتْ مَوَازِينهمْ , وَحِين صَارَتْ الصُّحُف فِي أَيْمَانهمْ , وَحِين جَاوَزُوا جِسْر جَهَنَّم وَدَخَلُوا الْجَنَّة , وَأُعْطُوا فِيهَا مَا أُعْطُوا مِنْ الْكَرَامَة وَالنَّعِيم ؟ كُلّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا فِيمَا رَأَوْا ! . )* - قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ مَعْمَر وَسُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ . )13663 - قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج وَمُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَا : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ ثَابِت , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى قَالَ : (إِذَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة , قَالَ لَهُمْ : إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْء لَمْ تُعْطَوْه . قَالَ : فَيَتَجَلَّى لَهُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى . قَالَ : فَيَصْغُر عِنْدكُمْ كُلّ شَيْء أُعْطُوهُ . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : الْحُسْنَى : الْجَنَّة , وَالزِّيَادَة , : النَّظَر إِلَى وَجْه رَبّهمْ , وَلَا يَرْهَق وُجُوهَهُمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة بَعْد ذَلِكَ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } النَّظَر إِلَى وَجْه اللَّه . )13664 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْل اللَّه : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } النَّظَر إِلَى الرَّبّ . )13665 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ وَمُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَا : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة وَأَهْل النَّار النَّار , نُودُوا : يَا أَهْل الْجَنَّة , إِنَّ لَكُمْ عِنْد اللَّه مَوْعِدًا ! قَالُوا : مَا هُوَ ؟ أَلَمْ تُبَيِّض وُجُوهِنَا , وَتُثَقِّل مَوَازِيننَا , وَتُدْخِلنَا الْجَنَّة , وَتُنْجِنَا مِنْ النَّار ؟ فَيَكْشِف الْحِجَاب , فَيَتَجَلَّى لَهُمْ ; فَوَاَللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَر إِلَيْهِ | )وَلَفْظ الْحَدِيث لِعَمْرٍو . 13666 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ ثَابِت , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ صُهَيْب , قَالَ : (تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : | إِذَا دَخَلَ أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة وَأَهْل النَّار النَّارَ , نَادَى مُنَادٍ : يَا أَهْل الْجَنَّة , إِنَّ لَكُمْ عِنْد اللَّه مَوْعِدًا يُرِيد أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ ! فَيَقُولُونَ : وَمَا هُوَ ؟ أَلَمْ يُثَقِّل اللَّه مَوَازِيننَا , وَيُبَيِّض وُجُوهنَا ؟ )ثُمَّ ذَكَرَ سَائِر الْحَدِيث نَحْو حَدِيث عَمْرو بْن عَلِيّ وَابْن بَشَّار , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن . * - قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ سَعِيد بْن نَمِرَان , عَنْ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : النَّظَر إِلَى وَجْه اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . )* - قَالَ : ثَنَا شَرِيك , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَامِر بْن سَعْد , مِثْله . 13667 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا دَخَلُوا الْجَنَّة نَادَاهُمْ مُنَادٍ : إِنَّ اللَّه وَعَدَكُمْ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّة ! وَأَمَّا الزِّيَادَة : فَالنَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 13668 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله تَعَالَى : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : | الزِّيَادَة : النَّظَر إِلَى وَجْه الرَّحْمَن تَبَارَكَ وَتَعَالَى . )13669 - قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سَابِط , قَالَ : (الْحُسْنَى : النَّضْرَة , وَالزِّيَادَة : النَّظَر إِلَى وَجْهِ اللَّه تَعَالَى . )13670 - حَدَّثَنَا اِبْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : سَمِعْت زُهَيْرًا عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا الْعَالِيَة , قَالَ : (ثَنَا أُبَيّ بْن كَعْب : أَنَّهُ سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : | الْحُسْنَى : الْجَنَّة وَالزِّيَادَة : النَّظَر إِلَى وَجْه اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي الزِّيَادَة بِمَا : 13671 - حَدَّثَنَا بِهِ يَحْيَى بْن طَلْحَة , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل بْن عِيَاض , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : الزِّيَادَة : غُرْفَة مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَة لَهَا أَرْبَعَة أَبْوَاب . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فِيهَا أَرْبَعَة أَبْوَاب . * - قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ الْحَكَم بْن عُتَيْبَة , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , مِثْل حَدِيث يَحْيَى بْن طَلْحَة , عَنْ فُضَيْل سَوَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : الْحُسْنَى وَاحِدَة مِنْ الْحَسَنَات بِوَاحِدَةٍ . وَالزِّيَادَة : التَّضْعِيف إِلَى تَمَام الْعَشْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 13672 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : هُوَ مِثْل قَوْله : { وَلَدَيْنَا مَزِيد } [50 35 ]يَقُول : يَجْزِيهِمْ بِعَمَلِهِمْ وَيَزِيدهُمْ مِنْ فَضْله , وَقَالَ : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } )[6 160 ]13673 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَلْقَمَة بْن قَيْس : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : قُلْت : هَذِهِ الْحُسْنَى , فَمَا الزِّيَادَة ؟ قَالَ : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَقُول : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا } . )13674 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (كَانَ الْحَسَن يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : الزِّيَادَة : بِالْحَسَنَةِ عَشْر أَمْثَالهَا , إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْحُسْنَى : حَسَنَة مِثْل حَسَنَة . وَالزِّيَادَة : زِيَادَة مَغْفِرَة مِنْ اللَّه وَرِضْوَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13675 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى } مِثْلهَا حُسْنَى وَزِيَادَة مَغْفِرَة وَرِضْوَان . )وَقَالَ آخَرُونَ : الزِّيَادَة مَا أُعْطُوا فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13676 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } قَالَ : الْحُسْنَى : الْجَنَّة , وَزِيَادَة : مَا أَعْطَاهُمْ فِي الدُّنْيَا لَا يُحَاسِبهُمْ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة . وَقَرَأَ { وَآتَيْنَاهُ أَجْره فِي الدُّنْيَا } [29 27 ]قَالَ : مَا آتَاهُ مِمَّا يُحِبّ فِي الدُّنْيَا عَجَّلَ لَهُ أَجْره فِيهَا . )وَكَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى } بِمَا : 13677 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى } يَقُول : لِلَّذِينَ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَدَ الْمُحْسِنِينَ مِنْ عِبَاده عَلَى إِحْسَانهمْ الْحُسْنَى أَنْ يَجْزِيَهُمْ عَلَى طَاعَتهمْ إِيَّاهُ الْجَنَّة وَأَنْ تَبْيَضّ وُجُوههمْ , وَوَعَدَهُمْ مَعَ الْحُسْنَى الزِّيَادَة عَلَيْهَا , وَمِنْ الزِّيَادَة عَلَى إِدْخَالهمْ الْجَنَّة أَنْ يُكْرِمهُمْ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ , وَأَنْ يُعْطِيَهُمْ غُرَفًا مِنْ لَآلِئ , وَأَنْ يَزِيدهُمْ غُفْرَانًا وَرِضْوَانًا ; كُلّ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَات عَطَاء اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَى الْحُسْنَى الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه لِأَهْلِ جَنَّاته . وَعَمّ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَزِيَادَة } الزِّيَادَات عَلَى الْحُسْنَى , فَلَمْ يُخَصِّص مِنْهَا شَيْئًا دُون شَيْء , وَغَيْر مُسْتَنْكَر مِنْ فَضْل اللَّه أَنْ يَجْمَع ذَلِكَ لَهُمْ , بَلْ ذَلِكَ كُلّه مَجْمُوع لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّه . فَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُعَمّ كَمَا عَمّه عَزَّ ذِكْره .|وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَرْهَق وُجُوهَهُمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة } </subtitle>يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَلَا يَرْهَق وُجُوهَهُمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة } لَا يَغْشَى وُجُوههمْ كَآبَة وَلَا كُسُوف حَتَّى تَصِير مِنْ الْحُزْن كَأَنَّمَا عَلَاهَا قَتَر . وَالْقَتَر : الْغُبَار وَهُوَ جَمْع قَتَرَة , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>مُتَوَّج بِرِدَاءِ الْمُلْك يَتْبَعهُ .......... مَوْج تَرَى فَوْقه الرَّايَات وَالْقَتَرَا <br>يَعْنِي بِالْقَتَرِ : الْغُبَار . { وَلَا ذِلَّة } . وَلَا هَوَان . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . وَكَانَ اِبْن أَبِي لَيْلَى يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا يَرْهَق وُجُوهَهُمْ قَتَر } مَا : 13678 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مَنْصُور الطُّوسِيّ , قَالَ : ثَنَا عَفَّان , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , قَالَ : ثَنَا زَيْد , عَنْ ثَابِت , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : ( { وَلَا يَرْهَق وُجُوههمْ قَتَر وَلَا ذِلَّة } قَالَ : بَعْض نَظَرهمْ إِلَى رَبّهمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج وَمُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَا : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ ثَابِت , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , بِنَحْوِهِ . 13679 - حَدَّثَنَا قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَا يَرْهَق وُجُوههمْ قَتَر } قَالَ : سَوَاد الْوُجُوه .)|أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ|يَقُول هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت صِفَتهمْ هُمْ أَهْل الْجَنَّة وَسُكَّانهَا|هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ|يَقُول هُمْ فِيهَا مَاكِثُونَ أَبَدًا لَا تَبِيد فَيَخَافُوا زَوَال نَعِيمهمْ , وَلَا هُمْ بِمُخْرَجِينَ فَتَتَنَغَّص عَلَيْهِمْ لَذَّتهمْ .

وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَات جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُم ذِلَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاَلَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَات فِي الدُّنْيَا , فَعَصَوْا اللَّه فِيهَا , وَكَفَرُوا بِهِ وَبِرَسُولِهِ , جَزَاء سَيِّئَة مِنْ عَمَله السَّيِّئ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الدُّنْيَا بِمِثْلِهَا مِنْ عِقَاب اللَّه فِي الْآخِرَة . { وَتَرْهَقُهُم ذِلَّة } يَقُول : وَتَغْشَاهُمْ ذِلَّة وَهَوَان بِعِقَابِ اللَّه إِيَّاهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13680 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَتَرْهَقُهُم ذِلَّة } قَالَ : تَغْشَاهُمْ ذِلَّة وَشِدَّة . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الرَّافِع لِلْجَزَاءِ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : رُفِعَ بِإِضْمَارِ | لَهُمْ | , كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَهُمْ جَزَاء السَّيِّئَة بِمِثْلِهَا , كَمَا قَالَ : { فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَجّ } [2 196 ]وَالْمَعْنَى : فَعَلَيْهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام . قَالَ : وَإِنْ شِئْت رَفَعْت الْجَزَاء بِالْبَاءِ فِي قَوْله : { وَجَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا } . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : الْجَزَاء مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ : وَخَبَره بِمِثْلِهَا . قَالَ : وَمَعْنَى الْكَلَام : جَزَاء سَيِّئَة مِثْلهَا , وَزِيدَتْ الْبَاء كَمَا زِيدَتْ فِي قَوْله : بِحَسْبِك قَوْل السُّوء . وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْل بَعْضهمْ فَقَالَ : يَجُوز أَنْ تَكُون الْبَاء فِي | حَسْب | [ زَائِدَة ] , لِأَنَّ التَّأْوِيل : إِنْ قُلْت السُّوء فَهُوَ حَسْبك , فَلَمَّا لَمْ تُدْخَل فِي الْجَزَاء أُدْخِلَتْ فِي حَسْب بِحَسْبِك أَنْ تَقُوم إِنْ قُمْت فَهُوَ حَسْبك , فَإِنْ مُدِحَ مَا بَعْد حَسْب أُدْخِلَتْ الْبَاء فِيمَا بَعْدهَا كَقَوْلِك : حَسْبك بِزَيْدٍ , وَلَا يَجُوز : بِحَسْبِك زَيْد ; لِأَنَّ زَيْدًا الْمَمْدُوح فَلَيْسَ بِتَأْوِيلِ جَزَاء . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يَكُون الْجَزَاء مَرْفُوعًا بِإِضْمَارٍ بِمَعْنَى : فَلَهُمْ جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا ; لِأَنَّ اللَّه قَالَ فِي الْآيَة الَّتِي قَبْلهَا : { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة } فَوَصَفَ مَا أَعَدَّ لِأَوْلِيَائِهِ , ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِالْخَبَرِ عَمَّا أَعَدَّ اللَّه لِأَعْدَائِهِ , فَأَشْبَهَ بِالْكَلَامِ أَنْ يُقَال : وَلِلَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَات جَزَاء سَيِّئَة . وَإِذَا وُجِّهَ ذَلِكَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ الْيَاء لِلْجَزَاءِ .|مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ|يَقُول : مَا لَهُمْ مِنْ اللَّه مِنْ مَانِع يَمْنَعهُمْ إِذَا عَاقَبَهُمْ يَحُول بَيْنه وَبَيْنهمْ .|كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوههمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْل مُظْلِمًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَأَنَّمَا أُلْبِسَتْ وُجُوه هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَات قِطَعًا مِنْ اللَّيْل , وَهِيَ جَمْع قِطْعَة . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , مَا : 13681 - حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة : ( { كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوههمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْل مُظْلِمًا } قَالَ : ظُلْمَة مِنْ اللَّيْل . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله تَعَالَى : { قِطَعًا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { قِطَعًا } بِفَتْحِ الطَّاء عَلَى مَعْنَى جَمْع قِطْعَة , وَعَلَى مَعْنَى أَنَّ تَأْوِيل ذَلِكَ : كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وَجْه كُلّ إِنْسَان مِنْهُمْ قِطْعَة مِنْ سَوَاد اللَّيْل , ثُمَّ جُمِعَ ذَلِكَ فَقِيلَ : كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوههمْ قِطَعًا مِنْ سَوَاد ; إِذْ جَمْع | الْوَجْه | . وَقَرَأَهُ بَعْض مُتَأَخِّرِي الْقُرَّاء : | قِطْعًا | بِسُكُونِ الطَّاء , بِمَعْنَى : كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوههمْ سَوَادًا مِنْ اللَّيْل , وَبَقِيَّة مِنْ اللَّيْل , سَاعَة مِنْهُ , كَمَا قَالَ : { فَأَسِرْ بِأَهْلِك بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْل } [11 81 ]أَيْ بِبَقِيَّةٍ قَدْ بَقِيَتْ مِنْهُ , وَيُعْتَلّ لِتَصْحِيحِ قِرَاءَته ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّهُ فِي مُصْحَف أُبَيّ : | وَيَغْشَى وُجُوههمْ قِطْع مِنْ اللَّيْل مُظْلِم | . وَالْقِرَاءَة الَّتِي لَا يَجُوز خِلَافهَا عِنْدِي قِرَاءَة ذَلِكَ بِفَتْحِ الطَّاء , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى تَصْوِيبهَا وَشُذُوذ مَا عَدَاهَا . وَحَسْب الْأُخْرَى دَلَالَة عَلَى فَسَادهَا , خُرُوج قَارِئُهَا عَمَّا عَلَيْهِ قُرَّاء أَهْل الْأَمْصَار وَالْإِسْلَام . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : فَإِنْ كَانَ الصَّوَاب فِي قِرَاءَة ذَلِكَ مَا قُلْت , فَمَا وَجْه تَذْكِير الْمُظْلِم وَتَوْحِيده , وَهُوَ مِنْ نَعْت الْقِطَع وَالْقِطْع جَمْع لِمُؤَنَّثٍ ؟ قِيلَ فِي تَذْكِيره ذَلِكَ وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون قِطْعًا مِنْ اللَّيْل , وَأَنْ يَكُون مِنْ نَعْت اللَّيْل , فَلَمَّا كَانَ نَكِرَة وَاللَّيْل مَعْرِفَة نُصِبَ عَلَى الْقَطْع . فَيَكُون مَعْنَى الْكَلَام حِينَئِذٍ : كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوههمْ قِطَعًا مِنْ اللَّيْل الْمُظْلِم , ثُمَّ حُذِفَتْ الْأَلِف وَاللَّام مِنْ | الْمُظْلِم | , فَلَمَّا صَارَ نَكِرَة وَهُوَ مِنْ نَعْت اللَّيْل نُصِبَ عَلَى الْقَطْع ; وَتُسَمِّي أَهْل الْبَصْرَة مَا كَانَ كَذَلِكَ حَالًا , وَالْكُوفِيُّونَ قَطْعًا . وَالْوَجْه الْآخَر عَلَى نَحْو قَوْل الشَّاعِر : <br>لَوْ أَنَّ مِدْحَة حَيّ مُنْشِر أَحَدًا <br>وَالْوَجْه الْأَوَّل أَحْسَن وَجْهَيْهِ .|أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ|وَقَوْله : { أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفْت لَك صِفَتهمْ أَهْل النَّار الَّذِينَ هُمْ أَهْلهَا , { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يَقُول : هُمْ فِيهَا مَاكِثُونَ .

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْم نَحْشُرهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُول لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنهمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم نَجْمَع الْخَلْق لِمَوْقِفِ الْحِسَاب جَمِيعًا , ثُمَّ نَقُول حِينَئِذٍ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاَللَّهِ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد : مَكَانكُمْ ; أَيْ اُمْكُثُوا مَكَانكُمْ , وَقِفُوا فِي مَوْضِعكُمْ أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , وَشُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَهُمْ مِنْ دُون اللَّه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان . { فَزَيَّلْنَا بَيْنهمْ } يَقُول : فَفَرَّقْنَا بَيْن الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ وَمَا أَشْرَكُوهُ بِهِ وَبَيْن غَيْره وَأَبَنْته مِنْهُ . وَقَالَ : | فَزَيَّلْنَا | إِرَادَة تَكْثِير الْفِعْل وَتَكْرِيره . وَلَمْ يَقُلْ : | فَزُلْنَا بَيْنهمْ | . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : | فَزَايَلْنَا بَيْنهمْ | , كَمَا قِيلَ : { وَلَا تُصَعِّر خَدّك } [31 18 ]وَ | لَا تُصَاعِر خَدّك | , وَالْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ كَثِيرًا فِي فَعَلْت , يُلْحِقُونَ فِيهَا أَحْيَانًا أَلِفًا مَكَان التَّشْدِيد , فَيَقُولُونَ : فَاعَلْت إِذَا كَانَ الْفِعْل لِوَاحِدٍ . وَأَمَّا إِذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ فَلَا تَكَاد تَقُول إِلَّا فَاعَلْت . { وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } وَذَلِكَ حِين { تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اِتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَاب وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الْأَسْبَاب } لَمَّا قِيلَ لِلْمُشْرِكِينَ اِتَّبِعُوا مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه , وَنُصِبَتْ لَهُمْ آلِهَتهمْ , قَالُوا : كُنَّا نَعْبُد هَؤُلَاءِ , فَقَالَتْ الْآلِهَة لَهُمْ : مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ . كَمَا : 13682 - حُدِّثْت عَنْ مُسْلِم بْن خَالِد , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (يَكُون يَوْم الْقِيَامَة سَاعَة فِيهَا شِدَّة تُنْصَب لَهُمْ الْآلِهَة الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ , فَيُقَال : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه , فَتَقُول الْآلِهَة : وَاَللَّه مَا كُنَّا نَسْمَع وَلَا نُبْصِر وَلَا نَعْقِل وَلَا نَعْلَم أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَنَا ! فَيَقُولُونَ : وَاَللَّه لَإِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُد ! فَتَقُول لَهُمْ الْآلِهَة : { فَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لِغَافِلِينَ } )13683 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَيَوْم نَحْشُرهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُول لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنهمْ } قَالَ : فَرَّقْنَا بَيْنهمْ . { وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } قَالُوا : بَلَى قَدْ كُنَّا نَعْبُدُكُمْ , ( فَـ ) قَالُوا { كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لِغَافِلِينَ } مَا كُنَّا نَسْمَع وَلَا نُبْصِر وَلَا نَتَكَلَّم . فَقَالَ اللَّه : { هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ } ... الْآيَة . )وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ كَانَ يَتَأَوَّل الْحَشْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْمَوْت . 13684 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , قَالَ : سَمِعْتهمْ يَذْكُرُونَ عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَيَوْم نَحْشُرهُمْ جَمِيعًا } قَالَ : الْحَشْر : الْمَوْت . )وَاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِهِ ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ يَقُول يَوْمَئِذٍ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَقُول لَهُمْ , وَمَعْلُوم أَنَّ ذَلِكَ غَيْر كَائِن فِي الْقَبْر , وَأَنَّهُ إِنَّمَا هُوَ خَبَر عَمَّا يُقَال لَهُمْ وَيَقُولُونَ فِي الْمَوْقِف بَعْد الْبَعْث .

فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيلِ شُرَكَاء الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة ; إِذْ قَالَ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ لَهَا : إِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُد , كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ; أَيْ إِنَّهَا تَقُول : حَسْبنَا اللَّه شَاهِدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّا مَا عَلِمْنَا مَا تَقُولُونَ .|إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ|يَقُول : مَا كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ إِيَّانَا دُون اللَّه إِلَّا غَافِلِينَ , لَا نَشْعُر بِهِ وَلَا نَعْلَم . كَمَا : 13685 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لِغَافِلِينَ } قَالَ : ذَلِكَ كُلّ شَيْء يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : ( { إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لِغَافِلِينَ } قَالَ : يَقُول ذَلِكَ كُلّ شَيْء كَانَ يُعْبَد مِنْ دُون اللَّه .)

هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُنَالِكَ تَبْلُو كُلّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ } </subtitle>اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْس } بِالْبَاءِ , بِمَعْنَى : عِنْد ذَلِكَ تُخْتَبَر كُلّ نَفْس بِمَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ . وَكَانَ مِمَّنْ يَقْرَؤُهُ وَيَتَأَوَّلهُ كَذَلِكَ مُجَاهِد . 13686 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { هُنَالِكَ تَبْلُو كُلّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ } قَالَ : تُخْتَبَر . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . قَرَأَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْكُوفَة وَبَعْض أَهْل الْحِجَاز : | تَتْلُو كُلّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ | بِالتَّاءِ . وَاخْتَلَفَ قَارِئُو ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ وَتَأْوِيله : هُنَالِكَ تَتْبَع كُلّ نَفْس مَا قَدَّمَتْ فِي الدُّنْيَا لِذَلِكَ الْيَوْم . وَرُوِيَ بِنَحْوِ ذَلِكَ خَبَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْه وَسَنَد غَيْر مُرْتَضَى أَنَّهُ قَالَ : | يُمَثَّل لِكُلِّ قَوْم مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , فَيَتْبَعُونَهُمْ حَتَّى يُورِدُوهُمْ النَّار | قَالَ : ثُمَّ تَلَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة : { هُنَالِكَ تَتْلُو كُلّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ } . وَقَالَ بَعْضهمْ : بَلْ مَعْنَاهُ : تَتْلُو كِتَاب حَسَنَاته وَسَيِّئَاته , يَعْنِي تَقْرَأ , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَنُخْرِج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا } [17 13 ]وَقَالَ آخَرُونَ : تَبْلُو : تُعَايِن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13687 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { هُنَالِكَ تَبْلُو كُلّ نَفْس مَا أَسْلَفَتْ } قَالَ : مَا عَمِلَتْ . تَبْلُو : تُعَايِنهُ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا أَئِمَّة مِنْ الْقُرَّاء , وَهُمَا مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنْ مَنْ تَبِعَ فِي الْآخِرَة مَا أَسْلَفَ مِنْ الْعَمَل فِي الدُّنْيَا , هَجَمَ بِهِ عَلَى مَوْرِده , فَيُخْبَر هُنَالِكَ مَا أَسْلَفَ مِنْ صَالِح أَوْ سَيِّئ فِي الدُّنْيَا , وَإِنَّ مِنْ خَيْر مَنْ أَسْلَفَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَعْمَاله فِي الْآخِرَة , فَإِنَّمَا يُخْبَر بَعْد مَصِيره إِلَى حَيْثُ أَحَلَّهُ مَا قَدَّمَ فِي الدُّنْيَا مِنْ عِلْمه , فَهُوَ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ مُتَّبِع مَا أَسْلَفَ مِنْ عَمَله مُخْتَبِر لَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ كَمَا وَصَفْنَا فَمُصِيبٌ الصَّوَابَ فِي ذَلِكَ .|وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ|وَأَمَّا قَوْله : { وَرُدُّوا إِلَى اللَّه مَوْلَاهُمْ الْحَقّ } فَإِنَّهُ يَقُول : وَرَجَعَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَوْمئِذٍ إِلَى اللَّه الَّذِي هُوَ رَبّهمْ وَمَالِكهمْ الْحَقّ لَا شَكَّ فِيهِ دُون مَا كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَهُمْ أَرْبَاب مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد .|وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ|يَقُول : وَبَطَلَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَتَخَرَّصُونَ مِنْ الْفِرْيَة وَالْكَذِب عَلَى اللَّه بِدَعْوَاهُمْ أَوْثَانهمْ أَنَّهَا لِلَّهِ شُرَكَاء , وَأَنَّهَا تُقَرِّبهُمْ مِنْهُ زُلْفَى . كَمَا : 13688 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَرُدُّوا إِلَى اللَّه مَوْلَاهُمْ الْحَقّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } قَالَ : مَا كَانُوا يَدْعُونَ مَعَهُ مِنْ الْأَنْدَاد وَالْآلِهَة , مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ الْآلِهَة , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ جَعَلُوهَا أَنْدَادًا وَآلِهَة مَعَ اللَّه اِفْتِرَاء وَكَذِبًا .)

قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ مَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام { مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاء } الْغَيْث وَالْقَطْر وَيُطْلِع لَكُمْ شَمْسهَا وَيُغْطِش لَيْلهَا وَيُخْرِج ضُحَاهَا . { وَ } مِنْ { الْأَرْض } أَقْوَاتكُمْ وَغِذَاءَكُمْ الَّذِي يُنْبِتهُ لَكُمْ وَثِمَار أَشْجَارهَا .|أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ|يَقُول : أَمْ مَنْ ذَا الَّذِي يَمْلِك أَسْمَاعكُمْ وَأَبْصَاركُمْ الَّتِي تَسْمَعُونَ بِهَا أَنْ يَزِيد فِي قُوَاهَا أَوْ يَسْلُبكُمُوهَا فَيَجْعَلكُمْ صُمًّا , وَأَبْصَاركُمْ الَّتِي تُبْصِرُونَ بِهَا أَنْ يُضِيئهَا لَكُمْ وَيُنِيرهَا , أَوْ يَذْهَب بِنُورِهَا فَيَجْعَلكُمْ عُمْيًا لَا تُبْصِرُونَ .|وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ|يَقُول : وَمَنْ يُخْرِج الشَّيْءَ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّت .|الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ|يَقُول : وَيُخْرِج الشَّيْءَ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيّ . وَقَدْ ذَكَرْنَا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ أَهْل التَّأْوِيل وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل عِنْدنَا فِي ذَلِكَ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّة عَلَى صِحَّته فِي سُورَة آلِ عِمْرَان بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .|الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ|وَقُلْ لَهُمْ : مَنْ يُدَبِّر أَمْرَ السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ وَأَمْركُمْ وَأَمْر الْخَلْق .|الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَسَوْفَ يُجِيبُونَك بِأَنْ يَقُولُوا الَّذِي يَفْعَل ذَلِكَ كُلّه اللَّه .|اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا|يَقُول : أَفَلَا تَخَافُونَ عِقَاب اللَّه عَلَى شِرْككُمْ وَادِّعَائِكُمْ رَبًّا غَيْر مَنْ هَذِهِ الصِّفَة صِفَته , وَعِبَادَتكُمْ مَعَهُ مَنْ لَا يَرْزُقكُمْ شَيْئًا وَلَا يَمْلِك لَكُمْ ضُرًّا وَلَا نَفْعًا .

فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَذَلِكُمْ اللَّه رَبّكُمْ الْحَقّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِخَلْقِهِ : أَيّهَا النَّاس , فَهَذَا الَّذِي يَفْعَل هَذِهِ الْأَفْعَال , فَيَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض وَيَمْلِك السَّمْع وَالْأَبْصَار , وَيُخْرِج الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّت وَالْمَيِّتَ مِنْ الْحَيّ , وَيُدَبِّر الْأَمْرَ ; { اللَّه رَبّكُمْ الْحَقّ } لَا شَكَّ فِيهِ .|فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ|يَقُول : فَأَيّ شَيْء سِوَى الْحَقّ إِلَّا الضَّلَال وَهُوَ الْجَوْر عَنْ قَصْد السَّبِيل . يَقُول : فَإِذَا كَانَ الْحَقّ هُوَ ذَا , فَادِّعَاؤُكُمْ غَيْره إِلَهًا وَرَبًّا هُوَ الضَّلَال وَالذَّهَاب عَنْ الْحَقّ لَا شَكَّ فِيهِ .|فَأَنَّى تُصْرَفُونَ|يَقُول : فَأَيّ وَجْه عَنْ الْهُدَى وَالْحَقّ تُصْرَفُونَ وَسِوَاهُمَا تَسْلُكُونَ وَأَنْتُمْ مُقِرُّونَ بِأَنَّ الَّذِي تُصْرَفُونَ عَنْهُ هُوَ الْحَقّ .

كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبّك عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا قَدْ صُرِفَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْحَقّ إِلَى الضَّلَال , { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَة رَبّك } يَقُول : وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ وَحُكْمه فِي السَّابِق مِنْ عِلْمه , { عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا } فَخَرَجُوا مِنْ طَاعَة رَبّهمْ إِلَى مَعْصِيَته وَكَفَرُوا بِهِ ; { أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول : لَا يُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَلَا بِنُبُوَّةِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدهُ قُلْ اللَّه يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد { هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ } يَعْنِي مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان { مَنْ يَبْدَأ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدهُ } ؟ يَقُول : مَنْ يُنْشِئ خَلْق شَيْء مِنْ غَيْر أَصْل , فَيُحْدِث خَلْقَهُ اِبْتِدَاء ثُمَّ يُعِيدهُ , يَقُول : ثُمَّ يُفْنِيه بَعْد إِنْشَائِهِ , ثُمَّ يُعِيدهُ كَهَيْئَتِهِ قَبْل أَنْ يُفْنِيَهُ ؟ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَعْوَى ذَلِكَ لَهَا . وَفِي ذَلِكَ الْحُجَّة الْقَاطِعَة وَالدَّلَالَة الْوَاضِحَة عَلَى أَنَّهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهَا أَرْبَاب وَهِيَ لِلَّهِ فِي الْعِبَادَة شُرَكَاء كَاذِبُونَ مُفْتَرُونَ . فَـ { قُلْ } لَهُمْ حِينَئِذٍ يَا مُحَمَّد : { اللَّه يَبْدَأ الْخَلْقَ } فَيُنْشِئُهُ مِنْ غَيْر شَيْء وَيُحْدِثهُ مِنْ غَيْر أَصْل ثُمَّ يُفْنِيه إِذَا شَاءَ , { ثُمَّ يُعِيدهُ } إِذَا أَرَادَ كَهَيْئَتِهِ قَبْل الْفَنَاء .|فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ| { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } يَقُول : فَأَيّ وَجْه عَنْ قَصْد السَّبِيل وَطَرِيق الرُّشْد تُصْرَفُونَ وَتُقْلَبُونَ . كَمَا : 13689 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : ( { فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } قَالَ : أَنَّى تُصْرَفُونَ . )وَقَدْ بَيَّنَّا اِخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيل قَوْله : { أَنَّى تُؤْفَكُونَ } وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِشَوَاهِدِهِ فِي سُورَة الْأَنْعَام .

قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ قُلْ اللَّه يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ { هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ } الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه , وَذَلِكَ آلِهَتهمْ وَأَوْثَانهمْ , { مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ } يَقُول : مَنْ يُرْشِد ضَالًّا مِنْ ضَلَالَته إِلَى قَصْد السَّبِيل , وَيُسَدِّد جَائِرًا عَنْ الْهُدَى إِلَى وَاضِح الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم ; فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَدَّعُوا أَنَّ آلِهَتَهُمْ وَأَوْثَانَهُمْ تُرْشِد ضَالًّا أَوْ تَهْدِي حَائِرًا . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِنْ اِدَّعَوْا ذَلِكَ لَهَا أَكَذَبَتْهُمْ الْمُشَاهَدَة وَأَبَانَ عَجْزهَا عَنْ ذَلِكَ الِاخْتِبَار بِالْمُعَايَنَةِ , فَإِذَا قَالُوا لَا وَأَقَرُّوا بِذَلِكَ , فَقُلْ لَهُمْ . فَاَللَّه يَهْدِي الضَّالَّ عَنْ الْهُدَى إِلَى الْحَقّ . { أَفَمَنْ يَهْدِي } أَيّهَا الْقَوْم ضَالًّا { إِلَى الْحَقّ } وَجَائِرًا عَنْ الرُّشْد إِلَى الرُّشْد , { أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع } إِلَى مَا يَدْعُو إِلَيْهِ { أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى } ؟ وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ . فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة : | أَمْ مَنْ لَا يَهْدِّي | بِتَسْكِينِ الْهَاء وَتَشْدِيد الدَّال , فَجَمَعُوا بَيْن سَاكِنَيْنِ . وَكَأَنَّ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ وَجَّهُوا أَصْل الْكَلِمَة إِلَى أَنَّهُ : أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي , وَوَجَدُوهُ فِي خَطّ الْمُصْحَف بِغَيْرِ مَا قَرَّرُوا وَأَنَّ التَّاء حُذِفَتْ لَمَّا أُدْغِمَتْ فِي الدَّال , فَأَقَرُّوا الْهَاء سَاكِنَة عَلَى أَصْلِهَا الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ , وَشَدَّدُوا الدَّالَ طَلَبًا لِإِدْغَامِ التَّاء فِيهَا , فَاجْتَمَعَ بِذَلِكَ سُكُون الْهَاء وَالدَّال . وَكَذَلِكَ فَعَلُوا فِي قَوْلِهِ : { وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُّوا فِي السَّبْت } [4 154 ]وَفِي قَوْله : { يَخِصّمُون } [36 49 ]وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالشَّام وَالْبَصْرَة : | يَهَدِّي | بِفَتْحِ الْهَاء وَتَشْدِيد الدَّال . وَأَمُّوا مَا أَمَّهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ الْكَلِمَة , غَيْر أَنَّهُمْ نَقَلُوا حَرَكَة التَّاء مِنْ | يَهْتَدِي | إِلَى الْهَاء السَّاكِنَة , فَحَرَّكُوا بِحَرَكَتِهَا , وَأَدْغَمُوا التَّاء فِي الدَّال فَشَدَّدُوهَا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة : | يَهِدِّي | بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْر الْهَاء وَتَشْدِيد الدَّال , بِنَحْوِ مَا قَصَدَهُ قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة ; غَيْر أَنَّهُ كَسَرَ الْهَاء لِكِسْرَةِ الدَّال مِنْ | يَهْتَدِي | اِسْتِثْقَالًا لِلْفَتْحَةِ بَعْدهَا كَسْرَة فِي حَرْف وَاحِد . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ : | أَمْ مَنْ لَا يَهْدِي | بِتَسْكِينِ الْهَاء وَتَخْفِيف الدَّال , وَقَالُوا : إِنَّ الْعَرَب تَقُول : هَدَيْت بِمَعْنَى اِهْتَدَيْت , قَالُوا : فَمَعْنَى قَوْله : { أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي } : أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي { إِلَّا أَنْ يُهْدَى } . وَأَوْلَى الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : | أَمْ مَنْ لَا يَهَدِّي | بِفَتْحِ الْهَاء وَتَشْدِيد الدَّال , لِمَا وَصَفْنَا مِنْ الْعِلَّة لِقَارِئِ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْفَع صِحَّته ذُو عِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب وَفِيهِمْ الْمُنْكَر غَيْره , وَأَحَقّ الْكَلَام أَنْ يُقْرَأ بِأَفْصَحِ اللُّغَات الَّتِي نَزَلَ بِهَا كَلَام اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذًا : أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع أَمْ مَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْء إِلَّا أَنْ يُهْدَى . وَكَانَ بَعْض أَهْل التَّأْوِيل يَزْعُم أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ : أَمْ مَنْ لَا يَقْدِر أَنْ يَنْتَقِل عَنْ مَكَانه إِلَّا أَنْ يُنْقَل . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي تَأْوِيل ذَلِكَ مَا : 13690 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى } قَالَ : الْأَوْثَان , اللَّه يَهْدِي مِنْهَا , وَمِنْ غَيْرهَا مَنْ شَاءَ لِمَنْ شَاءَ . )13691 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى } قَالَ : قَالَ : الْوَثَن .)|يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ|وَقَوْله : { فَمَا لَكُمْ كَيْف تَحْكُمُونَ } أَلَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَنْ يُتَّبَع مِنْ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْء إِلَّا أَنْ يَهْدِيَهُ إِلَيْهِ هَادٍ غَيْره , فَتَتْرُكُوا اِتِّبَاع مَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْء وَعِبَادَته وَتَتَّبِعُوا مَنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة فَتُفْرِدُوهُ بِهَا وَحْده دُون مَا تُشْرِكُونَهُ فِيهَا مِنْ آلِهَتكُمْ وَأَوْثَانكُمْ ؟

وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { وَمَا يَتَّبِع أَكْثَرهمْ إِلَّا ظَنًّا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا يَتَّبِع أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا ظَنًّا , يَقُول : إِلَّا مَا لَا عِلْم لَهُمْ بِحَقِيقَتِهِ وَصِحَّته , بَلْ هُمْ مِنْهُ فِي شَكّ وَرِيبَة .|إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا|يَقُول : إِنَّ الشَّكّ لَا يُغْنِي مِنْ الْيَقِين شَيْئًا , وَلَا يَقُوم فِي شَيْء مَقَامه , وَلَا يُنْتَفَع بِهِ حَيْثُ يُحْتَاج إِلَى الْيَقِين .|إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه ذُو عِلْم بِمَا يَفْعَل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ اِتِّبَاعهمْ الظَّنّ وَتَكْذِيبهمْ الْحَقّ الْيَقِين , وَهُوَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ , حَيْثُ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ ظَنّهمْ مِنْ اللَّه شَيْئًا .

وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُون اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْقُرْآن أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُون اللَّه , يَقُول : مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَخَرَّصهُ أَحَد مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه , وَذَلِكَ نَظِير قَوْله : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ } [3 161 ]بِمَعْنَى : مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّهُ أَصْحَابه . وَإِنَّمَا هَذَا خَبَر مِنْ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآن مِنْ عِنْده أَنْزَلَهُ إِلَى مُحَمَّد عَبْده , وَتَكْذِيب مِنْهُ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا : هُوَ شِعْر وَكِهَانَة . وَاَلَّذِينَ قَالُوا : إِنَّمَا يَتَعَلَّمهُ مُحَمَّد مِنْ يَعِيش الرُّومِيّ . يَقُول لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن لِيَخْتَلِقَهُ أَحَد مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه , لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدِر عَلَيْهِ أَحَد مِنْ الْخَلْق .|وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَكِنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه أَنْزَلَهُ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ; أَيْ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْكُتُب الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى أَنْبِيَاء اللَّه كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل وَغَيْرهمَا مِنْ كُتُب اللَّه الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ .|وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ|يَقُول : وَتِبْيَان الْكِتَاب الَّذِي كَتَبَهُ اللَّه عَلَى أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفَرَائِضه الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فِي السَّابِق مِنْ عِلْمه .|لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ|يَقُول : لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ تَصْدِيق الَّذِي بَيْن يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَاب وَتَفْصِيل الْكِتَاب مِنْ عِنْد رَبّ الْعَالَمِينَ , لَا اِفْتِرَاء مِنْ عِنْد غَيْره وَلَا اِخْتِلَاق .

أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْله } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ : اِفْتَرَى مُحَمَّد هَذَا الْقُرْآن مِنْ نَفْسه , فَاخْتَلَقَهُ وَافْتَعَلَهُ . قُلْ يَا مُحَمَّد لَهُمْ : إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُونَ إِنِّي اِخْتَلَقْته وَافْتَرَيْته , فَإِنَّكُمْ مِثْلِي مِنْ الْعَرَب , وَلِسَانِي وَكَلَامِي مِثْل لِسَانكُمْ , فَجِيئُوا بِسُورَةٍ مِثْل هَذَا الْقُرْآن . وَالْهَاء فِي قَوْله | مِثْله | كِنَايَة عَنْ الْقُرْآن . وَقَدْ كَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْل سُورَته , ثُمَّ أُلْقِيَتْ | سُورَة | وَأُضِيف الْمِثْل إِلَى مَا كَانَ مُضَافًا إِلَيْهِ السُّورَة , كَمَا قِيلَ : { وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ } [12 82 ]يُرَاد بِهِ : وَاسْأَلْ أَهْلَ الْقَرْيَة . وَكَانَ بَعْضهمْ يُنْكِر ذَلِكَ مِنْ قَوْله وَيَزْعُم أَنَّ مَعْنَاهُ : فَأْتُوا بِقُرْآنٍ مِثْل هَذَا الْقُرْآن . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ السُّورَةَ إِنَّمَا هِيَ سُورَة مِنْ الْقُرْآن , وَهِيَ قُرْآن , وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَمِيع الْقُرْآن , فَقِيلَ لَهُمْ : { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْله } وَلَمْ يَقُلْ : | مِثْلهَا | , لِأَنَّ الْكِنَايَة أُخْرِجَتْ عَلَى الْمَعْنَى , أَعْنِي مَعْنَى السُّورَة , لَا عَلَى لَفْظهَا , لِأَنَّهَا لَوْ أُخْرِجَتْ عَلَى لَفْظهَا لَقِيلَ : فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلهَا .|وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ|يَقُول : وَادْعُوا أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلهَا مَنْ قَدَرْتُمْ أَنْ تَدْعُوا عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَوْلِيَائِكُمْ وَشُرَكَائِكُمْ|مِنْ دُونِ اللَّهِ|يَقُول : مِنْ عِنْد غَيْر اللَّه , فَأَجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ وَاجْتَهِدُوا , فَإِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْله أَبَدًا .|إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ|وَقَوْله : { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فِي أَنَّ مُحَمَّدًا اِفْتَرَاهُ , فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْله مِنْ جَمِيع مَنْ يُعِينكُمْ عَلَى الْإِتْيَان بِهَا , فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنَّكُمْ كَذَبَة فِي زَعْمكُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا اِفْتَرَاهُ ; لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَنْ يَعْدُوَ أَنْ يَكُونَ بَشَرًا مِثْلَكُمْ , فَإِذَا عَجَزَ الْجَمِيع مِنْ الْخَلْق أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْله , فَالْوَاحِد مِنْهُمْ عَنْ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِهِ أَعْجَز .

بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيله } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : مَا بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّد تَكْذِيبك , وَلَكِنْ بِهِمْ التَّكْذِيب { بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ } مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْك فِي هَذَا الْقُرْآن مِنْ وَعِيدهمْ عَلَى كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ , { وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيله } يَقُول : وَلَمَّا يَأْتِهِمْ بَعْد بَيَان مَا يَئُول إِلَيْهِ ذَلِكَ الْوَعِيد الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ اللَّه فِي هَذَا الْقُرْآن .|كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا كَذَّبَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَا مُحَمَّد بِوَعِيدِ اللَّه , كَذَلِكَ كَذَّبَ الْأُمَم الَّتِي خَلَتْ قَبْلَهُمْ بِوَعِيدِ اللَّه إِيَّاهُمْ عَلَى تَكْذِيبهمْ رُسُلهمْ وَكُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ .|فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْف كَانَ عُقْبَى كُفْر مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ , أَلَمْ نُهْلِكْ بَعْضَهُمْ بِالرَّجْفَةِ وَبَعْضهمْ بِالْخَسْفِ وَبَعْضَهُمْ بِالْغَرَقِ ؟ يَقُول : فَإِنَّ عَاقِبَة هَؤُلَاءِ الَّذِين يُكَذِّبُونَك وَيَجْحَدُونَ بِآيَاتِي مِنْ كُفَّار قَوْمك , كَاَلَّتِي كَانَتْ عَاقِبَة . مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ كَفَرَة الْأُمَم , إِنْ لَمْ يُنِيبُوا مِنْ كُفْرهمْ وَيُسَارِعُوا إِلَى التَّوْبَة .

وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِن بِهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد مِنْ قُرَيْش مَنْ سَوْفَ يُؤْمِن بِهِ , يَقُول : مَنْ سَوْفَ يُصَدِّق بِالْقُرْآنِ , وَيُقِرّ أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه .|وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ| { وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِن بِهِ } يَقُول : وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُصَدِّق بِهِ , وَلَا يُقِرّ أَبَدًا .|وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ| { وَرَبّك أَعْلَم بِالْمُفْسِدِينَ } يَقُول : وَاَللَّه أَعْلَم بِالْمُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْهُمْ , الَّذِينَ لَا يُصَدِّقُونَ بِهِ أَبَدًا مِنْ كُلّ أَحَد لَا يَخْفَى عَلَيْهِ , وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ عِقَابه . فَأَمَّا مَنْ كَتَبْت لَهُ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ مِنْهُمْ فَإِنِّي سَأَتُوبُ عَلَيْهِ .

وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ كَذَّبُوك فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ كَذَّبُوك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ وَرَدُّوا عَلَيْك مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك , فَقُلْ لَهُمْ : أَيّهَا الْقَوْم لِي دِينِي وَعَمَلِي وَلَكُمْ دِينكُمْ وَعَمَلكُمْ , لَا يَضُرّنِي عَمَلكُمْ وَلَا يَضُرّكُمْ عَمَلِي , وَإِنَّمَا يُجَازِي كُلّ عَامِل عَمَله .|أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ| { أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَل } لَا تُؤَاخَذُونَ بِجَرِيرَتِهِ , { وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } لَا أُؤَاخَذ بِجَرِيرَةِ عَمَلكُمْ . وَهَذَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُد مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُد } . [109 1 : 3 ]وَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة مَنْسُوخَة , نَسَخَهَا الْجِهَاد وَالْأَمْر بِالْقِتَالِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13692 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ كَذَّبُوك فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ } . . . الْآيَة , قَالَ : أَمَرَهُ بِهَذَا ثُمَّ نَسَخَهُ , وَأَمَرَهُ بِجِهَادِهِمْ .)

وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَى قَوْلِك .|أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ|يَقُول : أَفَأَنْت تَخْلُق لَهُمْ السَّمْع وَلَوْ كَانُوا لَا سَمْعَ لَهُمْ يَعْقِلُونَ بِهِ , أَمْ أَنَا ؟ وَإِنَّمَا هَذَا إِعْلَام مِنْ اللَّه عِبَاده أَنَّ التَّوْفِيقَ لِلْإِيمَانِ بِهِ بِيَدِهِ لَا إِلَى أَحَد سِوَاهُ , يَقُول لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَمَا أَنَّك لَا تَقْدِر أَنْ تُسْمِعَ يَا مُحَمَّد مَنْ سَلَبْته السَّمْع , فَكَذَلِكَ لَا تَقْدِر أَنْ تُفْهِم أَمْرِي وَنَهْيِي قَلْبًا سَلَبْته فَهْمَ ذَلِكَ , لِأَنِّي خَتَمْت عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمِن .

وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ , مُشْرِكِي قَوْمك , مَنْ يَنْظُر إِلَيْك يَا مُحَمَّد وَيَرَى إِعْلَامَك وَحُجَجَك عَلَى نُبُوَّتِك , وَلَكِنَّ اللَّه قَدْ سَلَبَهُ التَّوْفِيقَ فَلَا يَهْتَدِي , وَلَا تَقْدِر أَنْ تَهْدِيَهُ , كَمَا لَا تَقْدِر أَنْ تُحْدِث لِلْأَعْمَى بَصَرًا يَهْتَدِي بِهِ .|أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ|يَقُول : أَفَأَنْت يَا مُحَمَّد تُحْدِث لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْك وَإِلَى أَدِلَّتك وَحُجَجك فَلَا يُوَفَّقُونَ لِلتَّصْدِيقِ بِك أَبْصَارًا لَوْ كَانُوا عُمْيًا يَهْتَدُونَ بِهَا وَيُبْصِرُونَ ؟ فَكَمَا أَنَّك لَا تُطِيق ذَلِكَ , وَلَا تَقْدِر عَلَيْهِ وَلَا غَيْرك , وَلَا يَقْدِر عَلَيْهِ أَحَد سِوَايَ , فَكَذَلِكَ لَا تَقْدِر عَلَى أَنْ تُبَصِّرَهُمْ سَبِيل الرَّشَاد , أَنْتَ وَلَا أَحَد غَيْرِي , لِأَنَّ ذَلِكَ بِيَدَيَّ وَإِلَيَّ . وَهَذَا مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره تَسْلِيَة لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ جَمَاعَة مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ قَوْمه وَأَدْبَرَ عَنْهُ فَكَذَّبَ , وَتَعْزِيَة لَهُ عَنْهُمْ , وَأَمْر بِرَفْعِ طَمَعه مِنْ إِنَابَتهمْ إِلَى الْإِيمَان بِاَللَّهِ .

إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِم النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَا يَفْعَل بِخَلْقِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّونَ مِنْهُ , لَا يُعَاقِبهُمْ إِلَّا بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ , وَلَا يُعَذِّبهُمْ إِلَّا بِكُفْرِهِمْ بِهِ ; { وَلَكِنَّ النَّاسَ } يَقُول : وَلَكِنَّ النَّاسَ هُمْ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِاحْتِرَامِهِمْ مَا يُورِثهَا غَضَبَ اللَّه وَسَخَطه . وَإِنَّمَا هَذَا إِعْلَام مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ , أَنَّهُ لَمْ يَسْلُب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ الْإِيمَان اِبْتِدَاء مِنْهُ بِغَيْرِ جُرْم سَلَفَ مِنْهُمْ , وَإِخْبَار أَنَّهُ إِنَّمَا سَلَبَهُمْ ذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ سَلْبه لِذُنُوبٍ اِكْتَسَبُوهَا , فَحَقَّ عَلَيْهِمْ قَوْل رَبّهمْ , { وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبهمْ }

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَوْمَ يَحْشُرهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة مِنْ النَّهَار يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَوْم نَحْشُر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَنَجْمَعهُمْ فِي مَوْقِف الْحِسَاب , كَأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْل ذَلِكَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة مِنْ نَهَار يَتَعَارَفُونَ فِيمَا بَيْنهمْ , ثُمَّ اِنْقَطَعَتْ الْمَعْرِفَة وَانْقَضَتْ تِلْكَ السَّاعَة .|قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ|يَقُول اللَّه : { قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّه وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } , قَدْ غُبِنَ الَّذِينَ جَحَدُوا ثَوَابَ اللَّه وَعِقَابه وَحُظُوظهمْ مِنْ الْخَيْر وَهَلَكُوا .|وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ|يَقُول : وَمَا كَانُوا مُوَفَّقِينَ لِإِصَابَةِ الرُّشْد مِمَّا فَعَلُوا مِنْ تَكْذِيبهمْ بِلِقَاءِ اللَّه لِأَنَّهُ أَكْسَبَهُمْ ذَلِكَ مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ مِنْ عَذَاب اللَّه .

وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ يَا مُحَمَّد فِي حَيَاتِك بَعْضَ الَّذِي نَعِد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك مِنْ الْعَذَاب , أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ قَبْل أَنْ نُرِيَك ذَلِكَ فِيهِمْ . كَمَا : 13693 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدهُمْ } مِنْ الْعَذَاب فِي حَيَاتك , { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قَبْلُ , { فَإِلَيْنَا مَرْجِعهمْ } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ|يَقُول : فَصَيْرهمْ بِكُلِّ حَال إِلَيْنَا وَمُنْقَلَبهمْ .|ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ ثُمَّ أَنَا شَاهِد عَلَى أَفْعَالهمْ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا , وَأَنَا عَالِم بِهَا لَا يَخْفَى عَلَيَّ شَيْء مِنْهَا , وَأَنَا مُجَازِيهمْ بِهَا عِنْد مَصِيرهمْ إِلَيَّ وَمَرْجِعهمْ جَزَاءَهُمْ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ .

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِكُلِّ أُمَّة رَسُول } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلِكُلِّ أُمَّة خَلَتْ قَبْلكُمْ أَيّهَا النَّاس رَسُول أَرْسَلْته إِلَيْهِمْ , كَمَا أَرْسَلْت مُحَمَّدًا إِلَيْكُمْ يَدْعُونَ مَنْ أَرْسَلْتهمْ إِلَيْهِمْ إِلَى دِين اللَّه وَطَاعَته .|فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ|يَعْنِي , فِي الْآخِرَة ; كَمَا 13694 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن حَجَّاج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلِكُلِّ أُمَّة رَسُول فَإِذَا جَاءَ رَسُولهمْ } قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة .)|قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ|وَقَوْله : { قُضِيَ بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ } يَقُول قُضِيَ حِينَئِذٍ بَيْنهمْ بِالْعَدْلِ { وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } مِنْ جَزَاء أَعْمَالهمْ شَيْئًا , وَلَكِنْ يُجَازِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيء مِنْ أَهْل الْإِيمَان إِمَّا أَنْ يُعَاقِبَهُ اللَّه , وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ , وَالْكَافِر يَخْلُد فِي النَّار ; فَذَلِكَ قَضَاء اللَّه بَيْنهمْ بِالْعَدْلِ , وَذَلِكَ لَا شَكَّ عَدْل لَا ظُلْم . 13695 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَضَى بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ } قَالَ : بِالْعَدْلِ .)

وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَيَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد { مَتَى هَذَا الْوَعْد } الَّذِي تَعِدنَا أَنَّهُ يَأْتِينَا مِنْ عِنْد اللَّه ؟ وَذَلِكَ قِيَام السَّاعَة ; { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } أَنْتَ وَمَنْ تَبِعَك فِيمَا تَعِدُونَنَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ .

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَا أَمْلِك لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِمُسْتَعْجِلِيك وَعِيدَ اللَّه , الْقَائِلِينَ لَك : مَتَى يَأْتِينَا الْوَعْد الَّذِي تَعِدنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ : { لَا أَمْلِك لِنَفْسِي } أَيّهَا الْقَوْم ; أَيْ لَا أَقْدِر لَهَا عَلَى ضَرّ وَلَا نَفْع فِي دُنْيَا وَلَا دِين إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه أَنْ أَمْلِكهُ فَأَجْلِبهُ إِلَيْهَا بِإِذْنِهِ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ لَهُمْ : فَإِذَا كُنْت لَا أَقْدِر عَلَى ذَلِكَ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَأَنَا عَنْ الْقُدْرَة عَلَى الْوُصُول إِلَى عِلْم الْغَيْب وَمَعْرِفَة قِيَام السَّاعَة أَعْجَز وَأَعْجَز , إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَإِذْنه لِي فِي ذَلِكَ . |لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ|يَقُول : لِكُلِّ قَوْم مِيقَات لِانْقِضَاءِ مُدَّتهمْ وَأَجَلهمْ , فَإِذَا جَاءَ وَقْت اِنْقِضَاء أَجَلهمْ وَفَنَاء أَعْمَارهمْ , لَا يَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَة فَيُمْهِلُونَ وَيُؤَخِّرُونَ , وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ قَبْل ذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّه قَضَى أَنْ لَا يَتَقَدَّم ذَلِكَ قَبْل الْحِين الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ .

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ

أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آَمَنْتُمْ بِهِ آَلْآَنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْلِهِ تَعَالَى : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَهُنَالِكَ إِذَا وَقَعَ عَذَاب اللَّه بِكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ آمَنْتُمْ بِهِ , يَقُول : صَدَّقْتُمْ بِهِ فِي حَال لَا يَنْفَعكُمْ فِيهَا التَّصْدِيق , وَقِيلَ لَكُمْ حِينَئِذٍ : آلْآنَ تُصَدِّقُونَ بِهِ , وَقَدْ كُنْتُمْ قَبْل الْآن بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ , وَأَنْتُمْ بِنُزُولِهِ مُكَذِّبُونَ ! فَذُوقُوا الْآن مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ . وَمَعْنَى قَوْله : { أَثُمَّ } فِي هَذَا الْمَوْضِع : أَهُنَالِكَ وَلَيْسَتْ | ثُمَّ | هَذِهِ هَاهُنَا الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى الْعَطْف .

ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَاب الْخُلْد هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } أَنْفُسهمْ بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ : { ذُوقُوا عَذَاب الْخُلْد } تَجَرَّعُوا عَذَاب اللَّه الدَّائِم لَكُمْ أَبَدًا , الَّذِي لَا فَنَاء لَهُ وَلَا زَوَال . { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } يَقُول : يُقَال لَهُمْ : فَانْظُرُوا { هَلْ تُجْزَوْنَ } أَيْ هَلْ تُثَابُونَ { إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } ؟ يَقُول : إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فِي حَيَاتكُمْ قَبْل مَمَاتكُمْ مِنْ مَعَاصِي اللَّه .

وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَنْبِئُونَك أَحَقّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَخْبِرك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد فَيَقُولُونَ لَك . أَحَقّ مَا تَقُول وَمَا تَعِدنَا بِهِ مِنْ عَذَاب اللَّه فِي الدَّار الْآخِرَة جَزَاء عَلَى مَا كُنَّا نَكْسِب مِنْ مَعَاصِي اللَّه فِي الدُّنْيَا ؟ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقّ لَا شَكَّ فِيهِ , وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِي اللَّه إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ بِكُمْ بِهَرَبٍ أَوْ اِمْتِنَاع , بَلْ أَنْتُمْ فِي قَبْضَته وَسُلْطَانه وَمُلْكه , إِذَا أَرَادَ فِعْل ذَلِكَ بِكُمْ , فَاتَّقُوا اللَّه فِي أَنْفُسكُمْ !

وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْس ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْض لَافْتَدَتْ بِهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْس كَفَرَتْ بِاَللَّهِ . وَظُلْمهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع : عِبَادَتهَا غَيْر مَنْ يَسْتَحِقّ عِبَادَة وَتَرْكهَا طَاعَة مَنْ يَجِب عَلَيْهَا طَاعَته . { مَا فِي الْأَرْض } مِنْ قَلِيل أَوْ كَثِير , { لَافْتَدَتْ بِهِ } يَقُول : لَافْتَدَتْ بِذَلِكَ كُلّه مِنْ عَذَاب اللَّه إِذَا عَايَنَتْهُ .|وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ|وَقَوْله : { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ } يَقُول : وَأَخْفَتْ رُؤَسَاء هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ وُضَعَائِهِمْ وَسَفَلَتهمْ النَّدَامَة حِين أَبْصَرُوا عَذَابَ اللَّه قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ , وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ وَاقِع بِهِمْ .|وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ|يَقُول : وَقَضَى اللَّه يَوْمَئِذٍ بَيْنَ الْأَتْبَاع وَالرُّؤَسَاء مِنْهُمْ بِالْعَدْلِ .|وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ|وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعَاقِب أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا بِجَرِيرَتِهِ وَلَا يَأْخُذهُ بِذَنْبِ أَحَد وَلَا يُعَذِّب إِلَّا مَنْ قَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَأَنْذَرَ وَتَابَعَ عَلَيْهِ الْحُجَج .

أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول جَلَّ ذِكْره : أَلَا إِنَّ كُلّ مَا فِي السَّمَاوَات وَكُلّ مَا فِي الْأَرْض مِنْ شَيْء لِلَّهِ مِلْك , لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَحَدٍ سِوَاهُ . يَقُول : فَلَيْسَ لِهَذَا الْكَافِر بِاَللَّهِ يَوْمَئِذٍ شَيْء يَمْلِكهُ فَيَفْتَدِي بِهِ مِنْ عَذَاب رَبّه , وَإِنَّمَا الْأَشْيَاء كُلّهَا لِلَّذِي إِلَيْهِ عِقَابه , وَلَوْ كَانَتْ لَهُ الْأَشْيَاء الَّتِي هِيَ فِي الْأَرْض ثُمَّ اِفْتَدَى بِمَا لَمْ يَقْبَل مِنْهُ بَدَلًا مِنْ عَذَابه فَيَصْرِف بِهَا عَنْهُ الْعَذَاب , فَكَيْف , وَهُوَ لَا شَيْءَ لَهُ يُفْتَدَى بِهِ مِنْهُ , وَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ عَذَاب اللَّه .|أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ|يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { أَلَا إِنَّ وَعْد اللَّه حَقّ } يَعْنِي : إِنَّ عَذَابَهُ الَّذِي أَوْعَدَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى كُفْرهمْ حَقّ , فَلَا عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَسْتَعْجِلُوا بِهِ فَإِنَّهُ بِهِمْ وَاقِع لَا شَكَّ .|وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ| { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول : وَلَكِنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَة وُقُوع ذَلِكَ بِهِمْ , فَهُمْ مِنْ أَجْل جَهْلهمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ .

هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ يُحْيِي وَيُمِيت وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه هُوَ الْمُحْيِي الْمُمِيت لَا يَتَعَذَّر عَلَيْهِ فِعْل مَا أَرَادَ فِعْله مِنْ إِحْيَاء هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ إِذَا أَرَادَ إِحْيَاءَهُمْ بَعْدَ مَمَاتهمْ وَلَا إِمَاتَتهمْ إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ , وَهُمْ إِلَيْهِ يَصِيرُونَ بَعْدَ مَمَاتهمْ فَيُعَايِنُونَ مَا كَانُوا بِهِ مُكَذِّبِينَ مِنْ وَعِيد اللَّه وَعِقَابه .

يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَة مِنْ رَبّكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِخَلْقِهِ : { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَة مِنْ رَبّكُمْ } يَعْنِي ذِكْرَى تُذَكِّركُمْ عَذَابَ اللَّه وَتُخَوِّفكُمْ وَعِيدَهُ مِنْ رَبّكُمْ . يَقُول : مِنْ عِنْد رَبّكُمْ لَمْ يَخْتَلِقهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَفْتَعِلهَا أَحَد , فَتَقُولُوا : لَا نَأْمَن أَنْ تَكُونَ لَا صِحَّةَ لَهَا . وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْقُرْآنَ , وَهُوَ الْمَوْعِظَة مِنْ اللَّه .|رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي|وَقَوْله : { وَشِفَاء لِمَا فِي الصُّدُور } يَقُول : وَدَوَاء لِمَا فِي الصُّدُور مِنْ الْجَهْل , يَشْفِي بِهِ اللَّه جَهْل الْجُهَّال , فَيُبَرِّئ بِهِ دَاءَهُمْ وَيَهْدِي بِهِ مِنْ خَلْقه مَنْ أَرَادَ هِدَايَتَهُ بِهِ .|الصُّدُورِ| { وَهُدًى } يَقُول : وَهُوَ بَيَان لِحَلَالِ اللَّه وَحَرَامه , وَدَلِيل عَلَى طَاعَته وَمَعْصِيَته .|وَهُدًى وَرَحْمَةٌ| { وَرَحْمَة } يَرْحَم بِهَا مَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقه , فَيُنْقِذهُ بِهِ مِنْ الضَّلَالَة إِلَى الْهُدَى , وَيُنْجِيه بِهِ مِنْ الْهَلَاك وَالرَّدَى . وَجَعَلَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَحْمَة لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ دُون الْكَافِرِينَ بِهِ ; لِأَنَّ مَنْ كَفَرَ بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ عَمًى , وَفِي الْآخِرَة جَزَاؤُهُ عَلَى الْكُفْر بِهِ الْخُلُود فِي لَظًى .

قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِك وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ عِنْد رَبّك : { بِفَضْلِ اللَّه } أَيّهَا النَّاس الَّذِي تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْكُمْ , وَهُوَ الْإِسْلَام , فَبَيَّنَهُ لَكُمْ وَدَعَاكُمْ إِلَيْهِ , { وَبِرَحْمَتِهِ } الَّتِي رَحِمَكُمْ بِهَا , فَأَنْزَلَهَا إِلَيْكُمْ , فَعَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ مِنْ كِتَابه , وَبَصَّرَكُمْ بِهَا مَعَالِم دِينكُمْ ; وَذَلِكَ الْقُرْآن . { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَقُول : فَإِنَّ الْإِسْلَامَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ وَالْقُرْآن الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِمْ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ مِنْ حُطَام الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا وَكُنُوزهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13696 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن الْحَسَن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْحَجَّاج , عَنْ عَطِيَّة , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , فِي قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَرَحْمَته فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } قَالَ : بِفَضْلِ اللَّه الْقُرْآن وَبِرَحْمَتِهِ أَنْ جَعَلَكُمْ مِنْ أَهْله . )13697 - حَدَّثَنِي , يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثَنَا فُضَيْل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } قَالَ : بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هَدَاكُمْ , وَبِالْقُرْآنِ الَّذِي عَلَّمَكُمْ . )13698 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : بِالْإِسْلَامِ وَالْقُرْآن : { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , فِي قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : فَضْل اللَّه : الْإِسْلَام , وَرَحْمَته : الْقُرْآن . )* - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا زَيْد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف , فِي قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : الْإِسْلَام وَالْقُرْآن . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم وَقَبِيصَة , قَالَا : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال بْن يَسَاف مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال , مِثْله . 13699 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } أَمَّا فَضْله : فَالْإِسْلَام , وَأَمَّا رَحْمَته : فَالْقُرْآن . )13700 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْحَسَن : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : فَضْله : الْإِسْلَام , وَرَحْمَته : الْقُرْآن . )13701 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : الْقُرْآن . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : الْقُرْآن . )13702 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } قَالَ : الْأَمْوَال وَغَيْرهَا . )13703 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن دَاوُدَ , قَالَ : ثَنِي أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } يَقُول : فَضْله : الْإِسْلَام , وَرَحْمَته : الْقُرْآن . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ هِلَال : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } قَالَ : بِكِتَابِ اللَّه وَبِالْإِسْلَامِ . { هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ الْفَضْل : الْقُرْآن , وَالرَّحْمَة : الْإِسْلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13704 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } قَالَ : بِفَضْلِ اللَّه : الْقُرْآن , وَبِرَحْمَتِهِ : حِين جَعَلَهُمْ مِنْ أَهْل الْقُرْآن . )13705 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن سَعْد , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَمَ , قَالَ : (فَضْل اللَّه : الْقُرْآن , وَرَحْمَته : الْإِسْلَام . )13706 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك , قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ } قَالَ : بِفَضْلِ اللَّه : الْقُرْآن , وَبِرَحْمَتِهِ , الْإِسْلَام . )13707 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } قَالَ : كَانَ أَبِي يَقُول : فَضْله : الْقُرْآن , وَرَحْمَته : الْإِسْلَام . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { فَلْيَفْرَحُوا } بِالْيَاءِ , { هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } بِالْيَاءِ أَيْضًا عَلَى التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ خَبَر عَنْ أَهْل الشِّرْك بِاَللَّهِ . يَقُول : فَبِالْإِسْلَامِ وَالْقُرْآن الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَلْيَفْرَحْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ , لَا بِالْمَالِ الَّذِي يَجْمَعُونَ , فَإِنَّ الْإِسْلَامَ وَالْقُرْآنَ خَيْر مِنْ الْمَال الَّذِي يَجْمَعُونَ . وَكَذَلِكَ : 13708 - حُدِّثْت عَنْ عَبْد الْوَهَّاب بْن عَطَاء , عَنْ هَارُون , عَنْ أَبِي التَّيَّاح : ( { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } يَعْنِي الْكُفَّار . )وَرُوِيَ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب فِي ذَلِكَ مَا : 13709 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَسْلَمَ الْمَنْقَرِيّ , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , (عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ | بِالتَّاءِ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم عَنْ الْأَجْلَح , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب مِثْل ذَلِكَ . وَكَذَلِكَ كَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَقُول ; غَيْر أَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأ قَوْله : { هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } بِالْيَاءِ ; الْأَوَّل عَلَى وَجْه الْخِطَاب , وَالثَّانِي عَلَى وَجْه الْخَبَر عَنْ غَائِب . وَكَانَ أَبُو جَعْفَر الْقَارِي فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقْرَأ ذَلِكَ نَحْو قِرَاءَة أُبَيّ بِالتَّاءِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاء الْأَمْصَار مِنْ قِرَاءَة الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا بِالْيَاءِ : { فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْر مِمَّا يَجْمَعُونَ } لِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدهمَا : إِجْمَاع الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء عَلَيْهِ , وَالثَّانِي : صِحَّته فِي الْعَرَبِيَّة . وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكَاد تَأْمُر الْمُخَاطَب بِاللَّامِ وَالتَّاء , وَإِنَّمَا تَأْمُرهُ فَتَقُول اِفْعَلْ , وَلَا تَفْعَل . وَبَعْد : فَإِنِّي لَا أَعْلَم أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة إِلَّا وَهُوَ يَسْتَرْدِئُ أَمْر الْمُخَاطَب بِاللَّامِ , وَيَرَى أَنَّهَا لُغَة مَرْغُوب عَنْهَا غَيْر الْفَرَّاء , فَإِنَّهُ كَانَ يَزْعُم أَنَّ اللَّام فِي ذِي التَّاء الَّذِي خُلِقَ لَهُ وَاجَهْت بِهِ أَمْ لَمْ تُوَاجِهْ , إِلَّا أَنَّ الْعَرَب حَذَفَتْ اللَّامَ مِنْ فِعْل الْمَأْمُور الْمُوَاجِه لِكَثْرَةِ الْأَمْر خَاصَّة فِي كَلَامهمْ , كَمَا حَذَفُوا التَّاء مِنْ الْفِعْل . قَالَ : وَأَنْتَ تَعْلَم أَنَّ الْجَازِم وَالنَّاصِب لَا يَقَعَانِ إِلَّا عَلَى الْفِعْل الَّذِي أَوَّله الْيَاء وَالتَّاء وَالنُّون وَالْأَلِف , فَلَمَّا حُذِفَتْ التَّاء ذَهَبَتْ اللَّام وَأُحْدِثَتْ الْأَلِف فِي قَوْلِك : اِضْرِبْ وَافْرَحْ , لِأَنَّ الْفَاءَ سَاكِنَة , فَلَمْ يَسْتَقِمْ أَنْ يُسْتَأْنَفَ بِحَرْفٍ سَاكِنٍ , فَأَدْخَلُوا أَلِفًا خَفِيفَة يَقَع بِهَا الِابْتِدَاء , كَمَا قَالَ : { ادَّارَكُوا } [7 38 ]وَ { اِثَّاقَلْتُمْ } [9 38 ]وَهَذَا الَّذِي اِعْتَلَّ بِهِ الْفَرَّاء عَلَيْهِ لَا لَهُ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِنْ كَانَتْ قَدْ حَذَفَتْ اللَّامَ فِي الْمُوَاجِه وَتَرَكَتْهَا , فَلَيْسَ لِغَيْرِهَا إِذَا نَطَقَ بِكَلَامِهَا أَنْ يُدْخِل فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهُ مَا دَامَ مُتَكَلِّمًا بِلُغَتِهَا , فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ خَارِجًا عَنْ لُغَتهَا , وَكَلَام اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّد بِلِسَانِهَا , فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْلُوَهُ إِلَّا بِالْأَفْصَحِ مِنْ كَلَامِهَا , وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بَعْض ذَلِكَ مِنْ لُغَة بَعْضهَا , فَكَيْف بِمَا لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ مِنْ لُغَة حَيّ وَلَا قَبِيلَة مِنْهَا ؟ وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى لَا ثَبْتَ بِهَا وَلَا حُجَّة .

قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّه أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ : { أَرَأَيْتُمْ } أَيّهَا النَّاس { مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق } يَقُول : مَا خَلَقَ اللَّه لَكُمْ مِنْ الرِّزْق فَخَوَّلَكُمُوهُ , وَذَلِكَ مَا تَتَغَذَّوْنَ بِهِ مِنْ الْأَطْعِمَة ; { فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } يَقُول : فَحَلَّلْتُمْ بَعْض ذَلِكَ لِأَنْفُسِكُمْ , وَحَرَّمْتُمْ بَعْضه عَلَيْهَا ; وَذَلِكَ كَتَحْرِيمِهِمْ مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَهُ مِنْ حُرُوثِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْعَلُونَهَا لِأَوْثَانِهِمْ , كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ فَقَالَ : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْث وَالْأَنْعَام نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا } [6 136 ]وَمِنْ الْأَنْعَام مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَهُ بِالتَّبْحِيرِ وَالتَّسْيِيبِ وَنَحْو ذَلِكَ , مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد { آللَّه أَذِنَ لَكُمْ } بِأَنْ تُحَرِّمُوا مَا حَرَّمْتُمْ مِنْهُ { أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ } : أَيْ تَقُولُونَ الْبَاطِل وَتَكْذِبُونَ ؟ وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13710 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَشْيَاء أَحَلَّهَا اللَّه مِنْ الثِّيَاب وَغَيْرهَا , وَهُوَ قَوْل اللَّه : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } وَهُوَ هَذَا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّه الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ } ... )[7 32 ]الْآيَة . 13711 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبَى , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ } ... إِلَى قَوْله : { أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ } قَالَ : هُمْ أَهْل الشِّرْك . )13712 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } قَالَ : الْحَرْث وَالْأَنْعَام . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : الْبَحَائِر وَالسُّيَّب . 13713 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } قَالَ : فِي الْبَحِيرَة وَالسَّائِبَة . )13714 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } ... الْآيَة , يَقُول : كُلّ رِزْق لَمْ أُحَرِّم حَرَّمْتُمُوهُ عَلَى أَنْفُسكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَوْلَادكُمْ { آللَّه أَذِنَ لَكُمْ } فِيمَا حَرَّمْتُمْ مِنْ ذَلِكَ { أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ } ؟ )13715 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ : { أَمْ عَلَى اللَّه تَفْتَرُونَ } وَقَرَأَ { وَقَالُوا مَا فِي بُطُون هَذِهِ الْأَنْعَام خَالِصَة لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّم عَلَى أَزْوَاجنَا } [6 139 ]وَقَرَأَ : { وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَام وَحَرْث حِجْر } حَتَّى بَلَغَ : { لَا يَذْكُرُونَ اِسْم اللَّه عَلَيْهَا } [6 138 ]فَقَالَ : هَذَا قَوْله : جَعَلَ لَهُمْ رِزْقًا , فَجَعَلُوا مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا , وَحَرَّمُوا بَعْضَهُ وَأَحَلُّوا بَعْضَهُ . وَقَرَأَ : { ثَمَانِيَةَ أَزْوَاج مِنْ الضَّأْن اِثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْز اِثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ } أَيّ هَذَيْنِ حَرَّمَ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ وَأَحَلَّ لِهَؤُلَاءِ ؟ { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } [6 143 ] { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاء إِذْ وَصَّاكُمْ اللَّه بِهَذَا } ... [6 144 ]إِلَى آخِر الْآيَات . )13716 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّه لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا } هُوَ الَّذِي قَالَ اللَّه : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْث وَالْأَنْعَام نَصِيبًا } ... إِلَى قَوْله : { سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } . )[6 136]

وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب يَوْم الْقِيَامَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا ظَنّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَخَرَّصُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِبَ فَيُضِيفُونَ إِلَيْهِ تَحْرِيم مَا لَمْ يُحَرِّمهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَرْزَاق وَالْأَقْوَات الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه لَهُمْ غِذَاء , أَنَّ اللَّه فَاعِل بِهِمْ يَوْم الْقِيَامَة بِكَذِبِهِمْ وَفِرْيَتهمْ عَلَيْهِ , أَيَحْسَبُونَ أَنَّهُ يَصْفَح عَنْهُمْ وَيَغْفِر ؟ كَلَّا بَلْ يُصْلِيهِمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا .|إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ| { إِنَّ اللَّه لَذُو فَضْل عَلَى النَّاس } يَقُول : إِنَّ اللَّهَ لَذُو تَفَضُّل عَلَى خَلْقه بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَة مَنْ اِفْتَرَى عَلَيْهِ الْكَذِب بِالْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَإِمْهَاله إِيَّاهُ إِلَى وُرُوده عَلَيْهِ فِي الْقِيَامَة .|وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ| { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ } يَقُول : وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاس لَا يَشْكُرُونَهُ عَلَى تَفَضُّله عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ سَائِر نِعَمه .

وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَل

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا تَكُون فِي شَأْن وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآن وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَل إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَمَا تَكُون } يَا مُحَمَّد { فِي شَأْن } يَعْنِي فِي عَمَل مِنْ الْأَعْمَال , { وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآن } يَقُول : وَمَا تَقْرَأ مِنْ كِتَاب اللَّه مِنْ قُرْآن , { وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ } يَقُول : وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَل أَيّهَا النَّاس مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ ; { إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا } يَقُول : إِلَّا وَنَحْنُ شُهُود لِأَعْمَالِكُمْ وَشُئُونكُمْ ; إِذْ تَعْمَلُونَهَا وَتَأْخُذُونَ فِيهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ رُوِيَ الْقَوْل عَنْ اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13717 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنْي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } يَقُول إِذْ تَفْعَلُونَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذْ تُشِيعُونَ فِي الْقُرْآن الْكَذِب ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13718 - حُدِّثْت عَنْ الْمُسَيِّب بْن شَرِيك , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ الضَّحَّاك : ( { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } يَقُول : فَتُشِيعُونَ فِي الْقُرْآن مِنْ الْكَذِب . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : إِذْ تُفِيضُونَ فِي الْحَقّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13719 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } فِي الْحَقّ مَا كَانَ . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَإِنَّمَا اِخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اِخْتَرْنَاهُ فِيهِ , لِأَنَّهُ تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَعْمَل عِبَاده عَمَلًا إِلَّا كَانَ شَاهِدَهُ , ثُمَّ وَصَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : { إِذْ يُفِيضُونَ فِيهِ } فَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ قَوْلَهُ : { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } إِنَّمَا هُوَ خَبَر مِنْهُ عَنْ وَقْت عَمَل الْعَامِلِينَ أَنَّهُ لَهُ شَاهِد لَا عَنْ وَقْت تِلَاوَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ خَبَرًا عَنْ شُهُوده تَعَالَى ذِكْره وَقْتَ إِضَافَة الْقَوْم فِي الْقُرْآن , لَكَانَتْ الْقِرَاءَة بِالْيَاءِ : | إِذْ يُفِيضُونَ فِيهِ | خَبَرًا مِنْهُ عَنْ الْمُكَذِّبِينَ فِيهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : لَيْسَ ذَلِكَ خَبَرًا عَنْ الْمُكَذِّبِينَ , وَلَكِنْ خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِد لَا جَمْع , كَمَا قَالَ : { وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآن } فَأَفْرَدَهُ بِالْخِطَابِ , وَلَكِنَّ ذَلِكَ فِي اِبْتِدَائِهِ خِطَابه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِفْرَادِ ثُمَّ عَوْده إِلَى إِخْرَاج الْخِطَاب عَلَى الْجَمْع نَظِير قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ } [65 1 ]وَذَلِكَ أَنَّ فِي قَوْله : { إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ } دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى صَرْفه الْخِطَاب إِلَى جَمَاعَة الْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَمَاعَة النَّاس غَيْره ; لِأَنَّهُ اِبْتَدَأَ خِطَابه ثُمَّ صَرَفَ الْخِطَاب إِلَى جَمَاعَة النَّاس , وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ , وَخَبَّرَ عَنْ أَنَّهُ لَا يَعْمَل أَحَد مِنْ عِبَاده عَمَلًا إِلَّا وَهُوَ لَهُ شَاهِد يُحْصِي عَلَيْهِ وَيَعْلَمهُ , كَمَا قَالَ : { وَمَا يَعْزُب عَنْ رَبّك } يَا مُحَمَّد عَمَلُ خَلْقِهِ , وَلَا يَذْهَب عَلَيْهِ عِلْم شَيْء حَيْثُ كَانَ مِنْ أَرْض أَوْ سَمَاء .|وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ| { وَمَا يَعْزُب عَنْ رَبّك } يَا مُحَمَّد عَمَلُ خَلْقِهِ , وَلَا يَذْهَب عَلَيْهِ عِلْم شَيْء حَيْثُ كَانَ مِنْ أَرْض أَوْ سَمَاء . وَأَصْله مِنْ عُزُوب الرَّجُل عَنْ أَهْله فِي مَاشِيَته , وَذَلِكَ غِيبَته عَنْهُمْ فِيهَا , يُقَال مِنْهُ : عَزَبَ الرَّجُل عَنْ أَهْله يَعْزُب وَيَعْزِبُ لُغَتَانِ فَصَيْحَتَانِ , قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا جَمَاعَة مِنْ الْقُرَّاء . وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب , لِاتِّفَاقِ مَعْنَيَيْهِمَا وَاسْتِفَاضَتهمَا فِي مَنْطِق الْعَرَب ; غَيْر أَنِّي أَمِيل إِلَى الضَّمّ فِيهِ لِأَنَّهُ أَغْلَب عَلَى الْمَشْهُورِينَ مِنْ الْقُرَّاء . | مِنْ مِثْقَال ذَرَّة فِي الْأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء | وَقَوْله : { مِنْ مِثْقَال ذَرَّة } يَعْنِي : مِنْ زِنَة نَمْلَة صَغِيرَة , يُحْكَى عَنْ الْعَرَب : خُذْ هَذَا فَإِنَّهُ أَخَفّ مِثْقَالًا مِنْ ذَاكَ ; أَيْ أَخَفّ وَزْنًا . وَالذَّرَّة وَاحِدَة الذَّرّ , وَالذَّرّ : صِغَار النَّمْل . وَذَلِكَ خَبَر عَنْ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ جَلَّ جَلَاله أَصْغَر الْأَشْيَاء , وَإِنْ خَفَّ فِي الْوَزْن كُلّ الْخِفَّة , وَمَقَادِير ذَلِكَ وَمَبْلَغه , وَلَا أَكْبَرهَا وَإِنْ عَظُمَ وَثَقُلَ وَزْنه , وَكَمْ مَبْلَغ ذَلِكَ . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِخَلْقِهِ : فَلْيَكُنْ عَمَلكُمْ أَيّهَا النَّاس فِيمَا يُرْضِي رَبّكُمْ عَنْكُمْ , فَإِنَّا شُهُود لِأَعْمَالِكُمْ , لَا يَخْفَى عَلَيْنَا شَيْء مِنْهَا , وَنَحْنُ مُحْصُوهَا وَمُجَازُوكُمْ بِهَا .|وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ|وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلَا أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَر } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة الْقُرَّاء بِفَتْحِ الرَّاء مِنْ | أَصْغَر | وَ | أَكْبَر | عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا الْخَفْض , عَطْفًا بِالْأَصْغَرِ عَلَى الذَّرَّة وَبِالْأَكْبَرِ عَلَى الْأَصْغَر , ثُمَّ فُتِحَتْ رَاؤُهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَجْرِيَانِ . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : | وَلَا أَصْغَر مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَر | رَفْعًا , عَطْفًا بِذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْمِثْقَال ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ الرَّفْع . وَذَلِكَ أَنَّ | مِنْ | لَوْ أُلْقِيَتْ مِنْ الْكَلَام لَرُفِعَ الْمِثْقَال , وَكَانَ الْكَلَام حِينَئِذٍ : وَمَا يَعْزُب عَنْ رَبّك مِثْقَالُ ذَرَّة وَلَا أَصْغَر مِنْ مِثْقَال ذَرَّة وَلَا أَكْبَر , وَذَلِكَ نَحْو قَوْله : { مِنْ خَالِق غَيْر اللَّه } [35 3 ]وَ | غَيْر اللَّه | وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ عَلَى وَجْه الْخَفْض وَالرَّدّ عَلَى الذَّرَّة ; لِأَنَّ ذَلِكَ قِرَاءَة قُرَّاء الْأَمْصَار وَعَلَيْهِ عَوَامّ الْقُرَّاء , وَهُوَ أَصَحّ فِي الْعَرَبِيَّة مَخْرَجًا وَإِنْ كَانَ لِلْأُخْرَى وَجْه مَعْرُوف .|إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ|وَقَوْله : { إِلَّا فِي كِتَاب } يَقُول : وَمَا ذَاكَ كُلّه إِلَّا فِي كِتَاب عِنْد اللَّه مُبِين عَنْ حَقِيقَة خَبَر اللَّه لِمَنْ نَظَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَا شَيْء كَانَ أَوْ يَكُون إِلَّا وَقَدْ أَحْصَاهُ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِ , وَأَنَّهُ لَا يَعْزُب عَنْ اللَّه عِلْم شَيْء مِنْ خَلْقه حَيْثُ كَانَ مِنْ سَمَائِهِ وَأَرْضه . 13720 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْلُهُ : ( { وَمَا يَعْزُب } يَقُول : لَا يَغِيب عَنْهُ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَمَا يَعْزُب عَنْ رَبّك } قَالَ : مَا يَغِيب عَنْهُ .)

أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَا إِنَّ أَنْصَارَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَة مِنْ عِقَاب اللَّه ; لِأَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُمْ فَآمَنَهُمْ مِنْ عِقَابه , وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا فَاتَهُمْ مِنْ الدُّنْيَا . وَالْأَوْلِيَاء جَمْع وَلِيّ , وَهُوَ النَّصِير . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِيمَنْ يَسْتَحِقّ هَذَا الِاسْم , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُمْ قَوْم يُذْكَر اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ لِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ سِيمَا الْخَيْر وَالْإِخْبَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13721 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , وَسَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } قَالَ : الَّذِينَ يُذْكَر اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ . )13722 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو هِشَام قَالَا : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ أَشْعَث بْن إِسْحَاق , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْله . 13723 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , مِثْله . 13724 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِيهِ : ( { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } قَالَ : الَّذِينَ يُذْكَر اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ . )* - قَالَ : ثَنَا اِبْن مَهْدِيّ وَعُبَيْد اللَّه , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْعَلَاء بْن الْمُسَيِّب , عَنْ أَبِي الضُّحَى , قَالَ : (سَمِعْته يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } قَالَ : مِنْ النَّاس مَفَاتِيح أَذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ . )* - قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ مِسْعَر , عَنْ سَهْل أَبِي الْأَسَد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلِيَاء اللَّه , فَقَالَ | الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه . )13725 - قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن حُبَاب , عَنْ سُفْيَان , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت , عَنْ أَبِي وَائِل , عَنْ عَبْد اللَّه : ( { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } قَالَ : الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه لِرُؤْيَتِهِمْ . )* - قَالَ : ثَنَا أَبُو يَزِيد الرَّازِيّ , عَنْ يَعْقُوب , عَنْ جَعْفَر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( هُمْ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا فُرَات , عَنْ أَبِي سَعْد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (سُئِلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَوْلِيَاء اللَّه , قَالَ : | هُمْ الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّه . )13726 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْعَوَّام , عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي الْهُذَيْلِ فِي قَوْله : ( { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } ... الْآيَة , قَالَ : إِنَّ وَلِيّ اللَّه إِذَا رُئِيَ ذُكِرَ اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 13727 - حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِم الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , قَالَ : ثَنَا أَبِي عَنْ عُمَارَة بْن الْقَعْقَاع الضَّبِّيّ , عَنْ أَبِي زُرْعَة بْن عَمْرو بْن جَرِير الْبَجَلِيّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عِبَادًا يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ | . قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّه , فَلَعَلَّنَا نُحِبّهُمْ ؟ قَالَ : | هُمْ قَوْم تَحَابُّوا فِي اللَّه مِنْ غَيْر أَمْوَال وَلَا أَنْسَاب , وُجُوههمْ مِنْ نُور , عَلَى مَنَابِر مِنْ نُور , لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاس , وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاس | ; وَقَرَأَ : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } )13728 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عُمَارَة , عَنْ أَبِي زُرْعَة , عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنَّ مِنْ عِبَاد اللَّه لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاء , يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّه | . قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَخْبِرْنَا مَنْ هُمْ , وَمَا أَعْمَالهمْ , فَإِنَّا نُحِبّهُمْ لِذَلِكَ ؟ قَالَ : | هُمْ قَوْم تَحَابُّوا فِي اللَّه بِرُوحِ اللَّه عَلَى غَيْر أَرْحَام بَيْنهمْ وَلَا أَمْوَال يَتَعَاطَوْنَهَا , فَوَاَللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُور , وَإِنَّهُمْ لِعَلَى نُور , لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاس | . وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } )13729 - حَدَّثَنَا بَحْر بْن نَصْر الْخَوْلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن حَسَّان , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَهْرَام , قَالَ : ثَنَا شَهْر بْن حَوْشَب , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن غَنْم , عَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | يَأْتِي مِنْ أَفْنَاء النَّاس وَنَوَازِع الْقَبَائِل قَوْم لَمْ يَتَّصِل بَيْنهمْ أَرْحَام مُتَقَارِبَة , تَحَابُّوا فِي اللَّه وَتَصَافَوْا فِي اللَّه ; يَضَع اللَّه لَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة مَنَابِر مِنْ نُور فَيُجْلِسهُمْ عَلَيْهَا , يَفْزَع النَّاس فَلَا يَفْزَعُونَ , وَهُمْ أَوْلِيَاء اللَّه الَّذِينَ لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : الْوَلِيّ , أَعْنِي وَلِيّ اللَّه , هُوَ مَنْ كَانَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّه بِهَا , وَهُوَ الَّذِي آمَنَ وَاتَّقَى , كَمَا قَالَ اللَّه { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , كَانَ اِبْن زَيْد يَقُول : 13730 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ , أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّه لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } مَنْ هُمْ يَا رَبّ ؟ قَالَ : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } قَالَ : أَبَى أَنْ يَتَقَبَّل الْإِيمَان إِلَّا بِالتَّقْوَى .)

الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ صَدَقُوا لِلَّهِ وَرَسُوله , وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَكَانُوا يَتَّقُونَ اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه . وَقَوْله : { الَّذِينَ آمَنُوا } مِنْ نَعْت الْأَوْلِيَاء . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ , لَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِذَا كَانَ مَعْنَى الْكَلَام مَا ذَكَرْت عِنْدَك أَفِي مَوْضِع رَفْع | الَّذِينَ آمَنُوا | أَمْ فِي مَوْضِع نَصْب ؟ قِيلَ : فِي مَوْضِع رَفْع , وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ نَعْت الْأَوْلِيَاء لِمَجِيئِهِ بَعْد خَبَر الْأَوْلِيَاء , وَالْعَرَب كَذَلِكَ تَفْعَل خَاصَّة فِي | إِنَّ | , إِذَا جَاءَ نَعْت الِاسْم الَّذِي عَمِلَتْ فِيهِ بَعْد تَمَام خَبَره رَفَعُوهُ , فَقَالُوا . إِنَّ أَخَاك قَائِم الظَّرِيفُ , كَمَا قَالَ اللَّه : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِف بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوب } [34 48 ]وَكَمَا قَالَ : { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْل النَّار } [38 64 ]وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي الْعِلَّة الَّتِي مِنْ أَجْلهَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , مَعَ أَنَّ إِجْمَاع جَمِيعهمْ عَلَى أَنَّ مَا قُلْنَاهُ هُوَ الصَّحِيح مِنْ كَلَام الْعَرَب ; وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَوَاضِع الْإِبَانَة عَنْ الْعِلَل الَّتِي مِنْ أَجْلهَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ .

لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الْبُشْرَى مِنْ اللَّه فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة لِأَوْلِيَاءِ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْبُشْرَى الَّتِي بَشَّرَ اللَّه بِهَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم مَا هِيَ , وَمَا صِفَتهَا ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ , وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13731 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ ذَكْوَانَ , عَنْ شَيْخ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : (سَأَلْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤْمِن أَوْ تُرَى لَهُ . )13732 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الْوَلِيد , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَوْزَاعِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , قَالَ : ثَنِي أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : (سَأَلَ عُبَادَة بْن الصَّامِت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد قَبْلَك | , أَوْ قَالَ : | غَيْرُك | . قَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل الصَّالِح , أَوْ تُرَى لَهُ . )* - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ | )* - حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَة , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم , قَالَ : ثَنَا أَبَان , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ عُبَادَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى وَأَبُو عُثْمَان بْن عُمَر , قَالَا : ثَنَا عَلِيّ بْن يَحْيَى , عَنْ أَبِي سَلَمَة , قَالَ : (نُبِّئْت أَنَّ عُبَادَة بْن الصَّامِت سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ : | سَأَلْتنِي عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد قَبْلَكَ ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل أَوْ تُرَى لَهُ . )* - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل مِصْر , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : سَأَلَ رَجُل أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة , فَقَالَ : لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ شَيْء مَا سَمِعْت أَحَدًا سَأَلَ عَنْهُ بَعْد رَجُل سَأَلَ عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ , بُشْرَاهُ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَبُشْرَاهُ فِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن سَعِيد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن الْمُنْكَدِر , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل مِصْر , قَالَ : (سَأَلْت أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُك , إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا ; سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ أَنْزَلَهَا اللَّه غَيْرُك إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا , هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ . )* - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن الْمُنْكَدِر , سَمِعَ عَطَاء بْن يَسَار , يُخْبِر عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل مِصْر , أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث سَعِيد بْن عَمْرو السُّكُونِيّ , عَنْ عُثْمَان بْن سَعِيد . 13733 - حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْد الْحِمَّصِيّ أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة , قَالَ : ثَنِي يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثَنَا عُمَر بْن عَمْرو بْن عَبْدٍ الْأُخْمُوشِيّ , عَنْ حُمَيْد بْن عَبْد اللَّه الْمُزَنِيّ , قَالَ : (أَتَى رَجُل عُبَادَة بْنَ الصَّامِت , فَقَالَ : آيَة فِي كِتَاب اللَّه أَسْأَلُك عَنْهَا , قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } ؟ فَقَالَ عُبَادَة : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَك , سَأَلْت عَنْهَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مِثْل ذَلِكَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَك ; الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد الْمُؤْمِن فِي الْمَنَام أَوْ تُرَى لَهُ . )13734 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : (قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | الرُّؤْيَا الْحَسَنَة هِيَ الْبُشْرَى يَرَاهَا الْمُسْلِم , أَوْ تُرَى لَهُ . )13735 - قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : (الرُّؤْيَا الْحَسَنَة بُشْرَى مِنْ اللَّه , وَهِيَ الْمُبَشِّرَات . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن حَاتِم الْمُؤَدِّب , قَالَ : ثَنَا عَمَّار بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , (عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } | الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد الصَّالِح أَوْ تُرَى لَهُ , وَهِيَ فِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )13736 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن يَزِيد , قَالَ : ثَنَا رِشْدِين بْن سَعْد , عَنْ عَمْرو بْن الْحَارِث , عَنْ أَبِي الشَّيْخ , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص , (عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } : | الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يُبَشَّر بِهَا الْعَبْد جُزْء مِنْ تِسْعَة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة . )13737 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ أَيُّوب بْن خَالِد بْن صَفْوَان , (عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَدْ عَرَفْنَا بُشْرَى الْآخِرَة , فَمَا بُشْرَى الدُّنْيَا ؟ قَالَ : الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد أَوْ تُرَى لَهُ , وَهِيَ جُزْء مِنْ أَرْبَعَة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا , أَوْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَمْرو , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة , (عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , أَنَّهُ سَأَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَقَالَ : | لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي قَبْلَك ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ , وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )13738 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَمَّاد الدُّولَابِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سِبَاع بْن ثَابِت , عَنْ أُمّ كُرْز الْكَعْبِيَّة , (سَمِعْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : | ذَهَبَتْ النُّبُوَّة وَبَقِيَتْ الْمُبَشِّرَات . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ ذَكْوَانَ , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , (عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : | الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ , وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ رَجُل كَانَ بِمِصْرَ , قَالَ : (سَأَلْت أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ سَأَلْت عَنْهَا رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَك ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ , وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )* - قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر بْن عَيَّاش , عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : (سَأَلْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُك ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ . )* - قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , (عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء فِي قَوْله : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مِنْ قَبْلِك ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد أَوْ تُرَى لَهُ , وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة . )* - قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ اِبْن عُيَيْنَةَ ; ثُمَّ سَمِعْته مِنْ عَبْد الْعَزِيز , عَنْ أَبِي صَالِح السَّمَّانِ , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ رَجُل مِنْ أَهْل مِصْر , قَالَ : (سَأَلْت أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ سَأَلْت عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مُنْذُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ إِلَّا رَجُل وَاحِد ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل أَوْ تُرَى لَهُ . )* - قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن بَكْر السَّهْمِيّ , عَنْ حَاتِم بْن أَبِي صَغِيرَة , عَنْ عَمْرو بْن دِينَار : (أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل مِصْر فَقِيهًا قَدِمَ عَلَيْهِمْ فِي بَعْض تِلْكَ الْمَوَاسِم , قَالَ : قُلْت : أَلَا تُخْبِرنِي عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } ؟ قَالَ : سَأَلْت عَنْهَا أَبَا الدَّرْدَاء , فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة يَرَاهَا الْعَبْد أَوْ تُرَى لَهُ . )* - قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ عَلِيّ بْن مُبَارَك , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , عَنْ أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد أَوْ تُرَى لَهُ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم وَأَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ , قَالَا : ثَنَا أَبَان , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , عَنْ أَبِي سَلَمَة , عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت , قَالَ : (قُلْت : يَا رَسُول اللَّه , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ : | لَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ شَيْء مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَك أَوْ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِي | قَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل الصَّالِح أَوْ تُرَى لَهُ . )* - قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج بْن الْمِنْهَال , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد بْن زَيْد , عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة , عَنْ أَبِي صَالِح , قَالَ : (سَمِعْت أَبَا الدَّرْدَاء , وَسُئِلَ عَنْ : { الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَك مُنْذُ سَأَلْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا , فَقَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَك ; هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد أَوْ تُرَى لَهُ . )13739 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد , عَنْ نَافِع بْن جُبَيْر , عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فِي قَوْله : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة يَرَاهَا الْإِنْسَان أَوْ تُرَى لَهُ . )* - وَقَالَ : اِبْن جُرَيْج عَنْ عَمْرو بْن دِينَار , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , أَوْ اِبْن جُرَيْج عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : (سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا , فَقَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة | . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا يَرَاهَا الرَّجُل . )13740 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير , قَالَ : (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ . )13741 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْدَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْعَبْد الصَّالِح . )13742 - قَالَ : ثَنَا اِبْن فُضَيْل , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ . )13743 - قَالَ : ثَنَا عَبْدَة بْن سُلَيْمَان , عَنْ طَلْحَة الْقَنَّاد , عَنْ جَعْفَر بْن أَبِي الْمُغِيرَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة يَرَاهَا الْعَبْد الْمُسْلِم لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَعْضِ إِخْوَانه . )13744 - قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ : (الرُّؤْيَا مِنْ الْمُبَشِّرَات . )13745 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ قَيْس بْن سَعْد (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا , فَقَالَ : | مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَد مِنْ أُمَّتِي مُنْذُ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ قَبْلَك | . قَالَ : | هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل لِنَفْسِهِ أَوْ تُرَى لَهُ . )13746 - قَالَ : ثَنَا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ الْعَوَّام , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , أَنَّ اِبْن مَسْعُود قَالَ : (ذَهَبَتْ النُّبُوَّة , وَبَقِيَتْ الْمُبَشِّرَات , قِيلَ : وَمَا الْمُبَشِّرَات ؟ قَالَ : الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل أَوْ تُرَى لَهُ . )13747 - قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } فَهُوَ قَوْله لِنَبِيِّهِ : { وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّه فَضْلًا كَبِيرًا } قَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة يَرَاهَا الْمُؤْمِن أَوْ تُرَى لَهُ . )13748 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن حَرْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن لَهِيعَة , عَنْ خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : هِيَ رُؤْيَا الرَّجُل الْمُسْلِم يُبَشَّر بِهَا فِي حَيَاته . )* - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرو بْن الْحَارِث , أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْح حَدَّثَهُ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , (عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } : | الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يُبَشَّر بِهَا الْمُؤْمِن جُزْء مِنْ سِتَّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة . )* - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَنَس بْن عِيَاض , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } قَالَ : هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرَّجُل أَوْ تُرَى لَهُ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَوْف , قَالَ : ثَنَا أَبُو الْمُغِيرَة , قَالَ : ثَنَا صَفْوَان , قَالَ : ثَنَا حُمَيْد بْن عَبْد اللَّه : (أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة } فَقَالَ عُبَادَة : لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ أَمْر مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد قَبْلَك , وَلَقَدْ سَأَلْت رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا سَأَلْتنِي فَقَالَ لِي : يَا عُبَادَة لَقَدْ سَأَلْتنِي عَنْ أَمْر مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَد مِنْ أُمَّتِي ; تِلْكَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤْمِن لِنَفْسِهِ أَوْ تُرَى لَهُ . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ بِشَارَة يُبَشَّر بِهَا الْمُؤْمِن فِي الدُّنْيَا عِنْد الْمَوْت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13749 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : هِيَ الْبِشَارَة عِنْد الْمَوْت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا . )13750 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَعْلَى , عَنْ أَبِي بَسْطَام , عَنْ الضَّحَّاك : ( { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } قَالَ : يَعْلَم أَيْنَ هُوَ قَبْلَ الْمَوْتِ . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ لِأَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا , وَمِنْ الْبِشَارَة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسْلِم أَوْ تُرَى لَهُ ; مِنْهَا بُشْرَى الْمَلَائِكَة إِيَّاهُ عِنْد خُرُوج نَفْسه بِرَحْمَةِ اللَّه , كَمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | إِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّتِي تَحْضُرهُ عِنْدَ خُرُوج نَفْسه , تَقُول لِنَفْسِهِ : اُخْرُجِي إِلَى رَحْمَة اللَّه وَرِضْوَانه | . وَمِنْهَا : بُشْرَى اللَّه إِيَّاهُ مَا وَعَدَهُ فِي كِتَابه وَعَلَى لِسَان رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الثَّوَاب الْجَزِيل , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات أَنَّ لَهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار } ... [2 25 ]الْآيَة . وَكُلّ هَذِهِ الْمَعَانِي مِنْ بُشْرَى اللَّه إِيَّاهُ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا بَشَّرَهُ بِهَا , وَلَمْ يُخَصِّص اللَّه مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُون مَعْنًى , فَذَلِكَ مِمَّا عَمَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَالْجَنَّة .|لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ|وَأَمَّا قَوْله : { لَا تَبْدِيل لِكَلِمَاتِ اللَّه } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : إِنَّ اللَّهَ لَا خُلْف لِوَعْدِهِ وَلَا تَغْيِير لِقَوْلِهِ عَمَّا قَالَ ; وَلَكِنَّهُ يُمْضِي لِخَلْقِهِ مَوَاعِيدَهُ وَيُنْجِزهَا لَهُمْ . وَقَدْ : 13751 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة عَنْ أَيُّوب , عَنْ نَافِع , قَالَ : (أَطَالَ الْحَجَّاج الْخُطْبَة , فَوَضَعَ اِبْن عُمَر رَأْسَهُ فِي حِجْرِي , فَقَالَ الْحَجَّاج : إِنَّ اِبْن الزُّبَيْر بَدَّلَ كِتَابَ اللَّه ! فَقَعَدَ اِبْن عُمَر فَقَالَ : لَا تَسْتَطِيع أَنْتَ ذَاكَ وَلَا اِبْن الزُّبَيْر { لَا تَبْدِيل لِكَلِمَاتِ اللَّه } فَقَالَ الْحَجَّاج : لَقَدْ أُوتِيت عِلْمًا أَنْ تَفْعَل . قَالَ أَيُّوب : فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي خَاصَّة نَفْسه سَكَتَ .)|ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ|وَقَوْله : { ذَلِكَ هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذِهِ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة هِيَ الْفَوْز الْعَظِيم , يَعْنِي الظَّفَر بِالْحَاجَةِ وَالطِّلْبَة وَالنَّجَاة مِنْ النَّار .

وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَحْزُنك قَوْلهمْ إِنَّ الْعِزَّة لِلَّهِ جَمِيعًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يَحْزُنك يَا مُحَمَّد قَوْل هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ فِي رَبّهمْ مَا يَقُولُونَ , وَإِشْرَاكهمْ مَعَهُ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام ; فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنْفَرِد بِعِزَّةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَا شَرِيك لَهُ فِيهَا , وَهُوَ الْمُنْتَقِم مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْقَائِلِينَ فِيهِ مِنْ الْقَوْل الْبَاطِل مَا يَقُولُونَ , فَلَا يَنْصُرهُمْ عِنْد اِنْتِقَامه مِنْهُمْ أَحَد ; لِأَنَّهُ لَا يُعَازّهُ شَيْء . وَكُسِرَتْ | إِنَّ | مِنْ قَوْله : { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَر مِنْ اللَّه مُبْتَدَأ , وَلَمْ يَعْمَل فِيهَا الْقَوْل ; لِأَنَّ الْقَوْل عُنِيَ بِهِ قَوْل الْمُشْرِكِينَ ; وَقَوْله : { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } لَمْ يَكُنْ مِنْ قِيلِ الْمُشْرِكِينَ , وَلَا هُوَ خَبَر عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوهُ .|هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ| { هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم } يَقُول : وَهُوَ ذُو السَّمْع لِمَا يَقُولُونَ مِنْ الْفِرْيَة وَالْكَذِب عَلَيْهِ , وَذُو عِلْم بِمَا يُضْمِرُونَهُ فِي أَنْفُسهمْ وَيُعْلِنُونَهُ , مُحْصِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ كُلّه , وَهُوَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ .

أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَا إِنَّ لِلَّهِ } يَا مُحَمَّد كُلّ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض مُلْكًا وَعَبِيدًا لَا مَالِكَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سِوَاهُ , يَقُول : فَكَيْفَ يَكُون إِلَهًا مَعْبُودًا مَنْ يَعْبُدهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , وَهِيَ لِلَّهِ مِلْك , وَ إِنَّمَا الْعِبَادَة لِلْمَالِكِ دُونَ الْمَمْلُوك , وَلِلرَّبِّ دُونَ الْمَرْبُوب .|وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ| { وَمَا يَتَّبِع الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه شُرَكَاءَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَيّ شَيْء يَتَّبِع مَنْ يَدْعُو مِنْ دُون اللَّه , يَعْنِي غَيْرَ اللَّه وَسِوَاهُ شُرَكَاءَ . وَمَعْنَى الْكَلَام : أَيّ شَيْء يَتَّبِع مَنْ يَقُول لِلَّهِ شُرَكَاء فِي سُلْطَانه وَمُلْكه كَاذِبًا , وَاَللَّه الْمُنْفَرِد بِمُلْكِ كُلّ شَيْء فِي سَمَاء كَانَ أَوْ أَرْض .|إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ| { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنّ } يَقُول : مَا يَتَّبِعُونَ فِي قِيلهمْ ذَلِكَ وَدَعْوَاهُمْ إِلَّا الظَّنّ , يَقُول : إِلَّا الشَّكّ لَا الْيَقِين .|وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ| { وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } يَقُول : وَإِنْ هُمْ يَتَقَوَّلُونَ الْبَاطِلَ تَظَنُّنًا وَتَخَرُّصًا لِلْإِفْكِ عَنْ غَيْر عِلْم مِنْهُمْ بِمَا يَقُولُونَ .

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل لِتَسْكُنُوا فِيهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ رَبّكُمْ أَيّهَا النَّاس الَّذِي اِسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ الْعِبَادَةَ { هُوَ } الرَّبّ { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل } وَفَصَلَهُ مِنْ النَّهَار , { لِتَسْكُنُوا فِيهِ } مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ فِي نَهَاركُمْ مِنْ التَّعَب وَالنَّصَب , وَتَهْدَءُوا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّف وَالْحَرَكَة لِلْمَعَاشِ وَالْعَنَاء الَّذِي كُنْتُمْ فِيهِ بِالنَّهَارِ .|وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا| { وَالنَّهَار مُبْصِرًا } يَقُول : وَجَعَلَ النَّهَار مُبْصِرًا , فَأَضَافَ الْإِبْصَار إِلَى النَّهَار , وَإِنَّمَا يُبْصَر فِيهِ , وَلَيْسَ النَّهَار مِمَّا يُبْصِر ; وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا فِي كَلَام الْعَرَب مَعْنَاهُ , خَاطَبَهُمْ بِمَا فِي لُغَتهمْ وَكَلَامهمْ , وَذَلِكَ كَمَا قَالَ جَرِير : <br>لَقَدْ لُمْتنَا يَا أُمَّ غَيْلَان فِي السُّرَى .......... وَنِمْت وَمَا لَيْل الْمَطِيّ بِنَائِمِ <br>فَأَضَافَ النَّوْم إِلَى اللَّيْل وَوَصَفَهُ بِهِ , وَمَعْنَاهُ نَفْسه أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَائِمًا فِيهِ هُوَ وَلَا بَعِيره . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَذَا الَّذِي يَفْعَل ذَلِكَ هُوَ رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ , لَا مَا لَا يَنْفَع وَلَا يَضُرّ وَلَا يَفْعَل شَيْئًا .|إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ|وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي اِخْتِلَاف حَال اللَّيْل وَالنَّهَار وَحَال أَهْلهمَا فِيهِمَا دَلَالَة وَحُجَجًا عَلَى أَنَّ الَّذِي لَهُ الْعِبَادَة خَالِصًا بِغَيْرِ شَرِيك , هُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَخَالَفَ بَيْنهمَا , بِأَنْ جَعَلَ هَذَا لِلْخَلْقِ سَكَنًا وَهَذَا لَهُمْ مَعَاشًا , دُونَ مَنْ لَا يَخْلُق وَلَا يَفْعَل شَيْئًا وَلَا يَضُرّ وَلَا يَنْفَع . وَقَالَ : { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } لِأَنَّ الْمُرَاد مِنْهُ : الَّذِينَ يَسْمَعُونَ هَذِهِ الْحُجَج وَيَتَفَكَّرُونَ فِيهَا فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا وَيَتَّعِظُونَ , وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ بِآذَانِهِمْ ثُمَّ يُعْرِضُونَ عَنْ عِبَرِهِ وَعِظَاته .

قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ مِنْ قَوْمك يَا مُحَمَّد : اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا , وَذَلِكَ قَوْلهمْ : الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه .|سُبْحَانَهُ|يَقُول اللَّه مُنَزِّهًا نَفْسه عَمَّا قَالُوا وَافْتَرَوْا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ : سُبْحَان اللَّه , تَنْزِيهًا لِلَّهِ عَمَّا قَالُوا وَادَّعَوْا عَلَى رَبّهمْ .|هُوَ الْغَنِيُّ|يَقُول : اللَّه غَنِيّ عَنْ خَلْقه جَمِيعًا , فَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى وَلَد ; لِأَنَّ الْوَلَد إِنَّمَا يَطْلُبهُ مَنْ يَطْلُبهُ لِيَكُونَ عَوْنًا لَهُ فِي حَيَاته وَذِكْرًا لَهُ بَعْدَ وَفَاته , وَاَللَّه عَنْ كُلّ ذَلِكَ غَنِيّ , فَلَا حَاجَة بِهِ إِلَى مُعِين يُعِينهُ عَلَى تَدْبِيره وَلَا يَبِيد فَيَكُون بِهِ حَاجَة إِلَى خَلَف بَعْدَهُ .|لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا| { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مُلْكًا وَالْمَلَائِكَة عِبَادهُ وَمُلْكه , فَكَيْفَ يَكُون عَبْد الرَّجُل وَمُلْكه لَهُ وَلَدًا ؟ يَقُول : أَفَلَا تَعْقِلُونَ أَيّهَا الْقَوْم خَطَأ مَا تَقُولُونَ ؟ { إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَان بِهَذَا } يَقُول : مَا عِنْدَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم بِمَا تَقُولُونَ وَتَدَّعُونَ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَات اللَّه مِنْ حُجَّة تَحْتَجُّونَ بِهَا , وَهِيَ السُّلْطَان .|أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ| { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّه } قَوْلًا لَا تَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهُ وَصِحَّته , وَتُضِيفُونَ إِلَيْهِ مَا لَا يَجُوز إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ جَهْلًا مِنْكُمْ بِغَيْرِ حُجَّة وَلَا بُرْهَان .

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب لَا يُفْلِحُونَ مَتَاع فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعهمْ ثُمَّ نُذِيقهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لَهُمْ { إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } فَيَقُولُونَ عَلَيْهِ الْبَاطِلَ , وَيَدَّعُونَ لَهُ وَلَدًا ; { لَا يُفْلِحُونَ } يَقُول : لَا يَبْقَوْنَ فِي الدُّنْيَا , وَلَكِنْ لَهُمْ { مَتَاع فِي الدُّنْيَا } يُمَتَّعُونَ بِهِ , وَبَلَاغ يَتَبَلَّغُونَ بِهِ إِلَى الْأَجَل الَّذِي كُتِبَ فَنَاؤُهُمْ فِيهِ . وَرُفِعَ قَوْله : { مَتَاع } بِمُضْمِرٍ قَبْلَهُ إِمَّا | ذَلِكَ | و إِمَّا | هَذَا | .

مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ

يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لَهُمْ { إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب } فَيَقُولُونَ عَلَيْهِ الْبَاطِل , وَيَدَّعُونَ لَهُ وَلَدًا ; { لَا يُفْلِحُونَ } يَقُول : لَا يَبْقَوْنَ فِي الدُّنْيَا , وَلَكِنْ لَهُمْ { مَتَاع فِي الدُّنْيَا } يُمَتَّعُونَ بِهِ , وَبَلَاغ يَتَبَلَّغُونَ بِهِ إِلَى الْأَجَل الَّذِي كُتِبَ فِنَاؤُهُمْ فِيهِ . وَرُفِعَ قَوْله : { مَتَاع } بِمُضْمِرٍ قَبْلَهُ إِمَّا | ذَلِكَ | وَ إِمَّا | هَذَا | .|ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ| { ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعهمْ } يَقُول : ثُمَّ إِذَا اِنْقَضَى أَجَلهمْ الَّذِي كُتِبَ لَهُمْ إِلَيْنَا مَصِيرهمْ وَمُنْقَلَبهمْ . { ثُمَّ نُذِيقهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ } وَذَلِكَ إِصْلَاؤُهُمْ جَهَنَّم ; { بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } بِاَللَّهِ فِي الدُّنْيَا , فَيُكَذِّبُونَ رُسُلَهُ وَيَجْحَدُونَ آيَاته .

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ نُوح إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْم إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَاتْلُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِي قَالُوا : اِتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا مِنْ قَوْمك { نَبَأ نُوح } يَقُول : خَبَر نُوح , { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْم إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي } يَقُول : إِنْ كَانَ عَظُمَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي بَيْن أَظْهُركُمْ وَشَقَّ عَلَيْكُمْ , { وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّه } يَقُول : وَوَعْظِي إِيَّاكُمْ بِحُجَجِ اللَّه , وَتَنْبِيهِي إِيَّاكُمْ عَلَى ذَلِكَ .|اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ|يَقُول : إِنْ كَانَ شَقَّ عَلَيْكُمْ مَقَامِي بَيْن أَظْهُركُمْ وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّه فَعَزَمْتُمْ عَلَى قَتْلِي أَوْ طَرْدِي مِنْ بَيْن أَظْهُركُمْ , فَعَلَى اللَّه اِتِّكَالِي وَبِهِ ثِقَتِي , وَهُوَ سَنَدِي وَظَهْرِي .|تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ|يَقُول : فَاعْدِلُوا أَمْركُمْ وَاعْزِمُوا عَلَى مَا تُقْدِمُونَ عَلَيْهِ فِي أَمْرِي ; يُقَال مِنْهُ : أَجْمَعْت عَلَى كَذَا , بِمَعْنَى : عَزَمْت عَلَيْهِ , وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيّ : ( مَنْ لَمْ يُجْمِع عَلَى الصَّوْم مِنْ اللَّيْل فَلَا صَوْمَ لَهُ | )بِمَعْنَى : مَنْ لَمْ يَعْزِم , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>يَا لَيْتَ شَعْرِي وَالْمُنَى لَا تَنْفَع .......... هَلْ أَغْدُوَن يَوْمًا وَأَمْرِي مُجْمَع <br>وَرُوِيَ عَنْ الْأَعْرَج فِي ذَلِكَ مَا : 13752 - حَدَّثَنِي بَعْض أَصْحَابنَا عَنْ عَبْد الْوَهَّاب عَنْ هَارُون , عَنْ أُسَيْدٍ , عَنْ الْأَعْرَج : ( { فَأَجْمِعُوا أَمْركُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ } يَقُول : أَحْكِمُوا أَمْركُمْ وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ . )وَنَصْب قَوْله : { وَشُرَكَاءَكُمْ } بِفِعْلٍ مُضْمَر لَهُ , وَذَلِكَ : وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ , وَعَطَفَ الشُّرَكَاء عَلَى قَوْله : { أَمْركُمْ } عَلَى نَحْو قَوْل الشَّاعِر : <br>وَرَأَيْت زَوْجَك فِي الْوَغَى .......... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا <br>فَالرُّمْح لَا يُتَقَلَّد , وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيمَا أَظْهَرَ مِنْ الْكَلَام دَلِيل عَلَى مَا حَذَفَ , فَاكْتَفَى بِذِكْرِ مَا ذَكَرَ مِنْهُ مِمَّا حُذِفَ , فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { وَشُرَكَاءَكُمْ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ قُرَّاء الْأَمْصَار : { وَشُرَكَاءَكُمْ } نَصْبًا , وَقَوْله : { فَأَجْمِعُوا } بِهَمْزِ الْأَلِف وَفَتْحهَا , مِنْ أَجْمَعْت أَمْرِي فَأَنَا أُجْمِعهُ إِجْمَاعًا . وَذُكِرَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : { فَأَجْمِعُوا أَمْركُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف وَهَمْزهَا | وَشُرَكَاؤُكُمْ | بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى : وَأَجْمِعُوا أَمْركُمْ , وَلْيُجْمَعْ أَمْرهمْ أَيْضًا مَعَكُمْ شُرَكَاؤُكُمْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { فَأَجْمِعُوا أَمْركُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ | أَجْمِعُوا | , وَنَصْب | الشُّرَكَاء | , لِأَنَّهَا فِي الْمُصْحَف بِغَيْرِ وَاو , وَلِإِجْمَاعِ الْحُجَّة عَلَى الْقِرَاءَة بِهَا وَرَفْض مَا خَالَفَهَا , وَلَا يُعْتَرَض عَلَيْهَا بِمَنْ يَجُوز عَلَيْهِ الْخَطَأ وَالسَّهْو . وَعَنَى بِالشُّرَكَاءِ آلِهَتَهُمْ وَأَوْثَانَهُمْ .|وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ|وَقَوْله : { ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْركُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّة } يَقُول : ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْركُمْ عَلَيْكُمْ مُلْتَبِسًا مُشْكِلًا مُبْهَمًا ; مِنْ قَوْلهمْ : غُمَّ عَلَى النَّاس الْهِلَال , وَذَلِكَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَتَبَيَّنُوهُ , وَمِنْهُ قَوْل الْعَجَّاج : <br>بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إِذْ تُكُمُّوا .......... بِغُمَّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا <br>وَقِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْغَمّ , لِأَنَّ الصَّدْر يَضِيق بِهِ وَلَا يَتَبَيَّن صَاحِبه لِأَمْرِهِ مَصْدَرًا يَصْدُرهُ يَتَفَرَّج عَنْهُ مَا بِقَلْبِهِ , وَمِنْهُ قَوْل خَنْسَاء : <br>وَذِي كُرْبَة رَاحَنِي اِبْن عَمْرو خِنَاقه .......... وَغَمَّتْهُ عَنْ وَجْهه فَتَجَلَّتِ <br>وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 13753 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { أَمْركُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّة } قَالَا : لَا يَكْبُر عَلَيْكُمْ أَمْركُمْ .)|غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا|وَأَمَّا قَوْله : { ثُمَّ اِقْضُوا إِلَيَّ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : ثُمَّ اِمْضُوا إِلَيَّ مَا فِي أَنْفُسكُمْ وَافْرُغُوا مِنْهُ . كَمَا : 13754 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { ثُمَّ اِقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ } قَالَ : اِقْضُوا إِلَيَّ مَا كُنْتُمْ قَاضِينَ . )13755 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ اِقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ } قَالَ : اِقْضُوا إِلَيَّ مَا فِي أَنْفُسكُمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب فِي مَعْنَى قَوْله : { ثُمَّ اِقْضُوا إِلَيَّ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اِمْضُوا إِلَيَّ , كَمَا يُقَال : قَدْ قَضَى فُلَان , يُرَاد : قَدْ مَاتَ وَمَضَى . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ مَعْنَاهُ : ثُمَّ اُفْرُغُوا إِلَيَّ , وَقَالُوا : الْقَضَاء : الْفَرَاغ , وَالْقَضَاء مِنْ ذَلِكَ . قَالُوا : وَكَأَنَّ قَضَى دَيْنه مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ فَرَغَ مِنْهُ . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْض الْقُرَّاء أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ : | ثُمَّ أَفْضُوا إِلَيَّ | بِمَعْنَى : تَوَجَّهُوا إِلَيَّ حَتَّى تَصِلُوا إِلَيَّ , مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ أَفْضَى إِلَيَّ الْوَجَع وَشِبْهه . وَقَوْله : { وَلَا تُنْظِرُونِ } يَقُول : وَلَا تُؤَخِّرُونِ , مِنْ قَوْل الْقَائِل : أَنْظَرْت فُلَانًا بِمَا لِي عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْن . وَإِنَّمَا هَذَا خَبَر مِنْ اللَّه تَعَالَى ذِكْره عَنْ قَوْل نَبِيّه نُوح عَلَيْهِ السَّلَام لِقَوْمِهِ : إِنَّهُ بِنُصْرَةِ اللَّه لَهُ عَلَيْهِمْ وَاثِق وَمِنْ كَيَدِهِمْ وَتَوَاثُقهمْ غَيْر خَائِف , وَإِعْلَام مِنْهُ لَهُمْ أَنَّ آلِهَتهمْ لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَع , يَقُول لَهُمْ : اِمْضُوا مَا تُحَدِّثُونَ أَنْفُسكُمْ بِهِ فِيَّ عَلَى عَزْم مِنْكُمْ صَحِيح , وَاسْتَعِينُوا مَنْ شَايَعَكُمْ عَلَيَّ بِآلِهَتِكُمْ الَّتِي تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه , وَلَا تُؤَخِّرُوا ذَلِكَ فَإِنِّي قَدْ تَوَكَّلْت عَلَى اللَّه وَأَنَا بِهِ وَاثِق أَنَّكُمْ لَا تَضُرُّونِي إِلَّا أَنْ يَشَاء رَبِّي . وَهَذَا وَإِنْ كَانَ خَبَرًا مِنْ اللَّه تَعَالَى عَنْ نُوح , فَإِنَّهُ حَثّ مِنْ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ وَتَعْرِيف مِنْهُ سَبِيل الرَّشَاد فِيمَا قَلَّدَهُ مِنْ الرِّسَالَة وَالْبَلَاغ عَنْهُ .

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل نَبِيّه نُوح عَلَيْهِ السَّلَام لِقَوْمِهِ : فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم عَنِّي بَعْد دُعَائِي إِيَّاكُمْ وَتَبْلِيغ رِسَالَة رَبِّي إِلَيْكُمْ مُدْبِرِينَ , فَأَعْرَضْتُمْ عَمَّا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ وَالْإِقْرَار بِتَوْحِيدِ اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ وَتَرْك إِشْرَاك الْآلِهَة فِي عِبَادَته , فَتَضْيِيع مِنْكُمْ وَتَفْرِيط فِي وَاجِب حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ , لَا بِسَبَبِ مَنْ قَبْلِي ; فَإِنِّي لَمْ أَسْأَلكُمْ عَلَى مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ أَجْرًا وَلَا عِوَضًا أَعْتَاضُهُ مِنْكُمْ بِإِجَابَتِكُمْ إِيَّايَ إِلَى مَا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ وَالْهُدَى , وَلَا طَلَبْت مِنْكُمْ عَلَيْهِ ثَوَابًا وَلَا جَزَاء .|إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ| { إِنْ أَجْرِي إِلَّا عَلَى اللَّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنْ جَزَائِي وَأَجْر عَمَلِي وَثَوَابه إِلَّا عَلَى رَبِّي لَا عَلَيْكُمْ أَيّهَا الْقَوْم وَلَا عَلَى غَيْركُمْ .|وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ| { وَأُمِرْت أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ } وَأَمَرَنِي رَبِّي أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُذْعِنِينَ لَهُ بِالطَّاعَةِ الْمُنْقَادِينَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيه الْمُذَلَّلِينَ لَهُ , وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ وَبِأَمْرِهِ آمُركُمْ بِتَرْكِ عِبَادَة الْأَوْثَان .

فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْك وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِف وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْف كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَّبَ نُوحًا قَوْمه فِيمَا أَخْبَرَهُمْ بِهِ عَنْ اللَّه مِنْ الرِّسَالَة وَالْوَحْي , فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ حُمِلَ مَعَهُ فِي الْفُلْك , يَعْنِي فِي السَّفِينَة .|وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا|يَقُول : وَجَعَلْنَا الَّذِينَ نَجَّيْنَا مَعَ نُوح فِي السَّفِينَة خَلَائِف فِي الْأَرْض مِنْ قَوْمه الَّذِينَ كَذَّبُوهُ بَعْد أَنْ أَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا , يَعْنِي حُجَجنَا وَأَدِلَّتنَا عَلَى تَوْحِيدنَا , وَرِسَالَة رَسُولنَا نُوح .|فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ|يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْف كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذَرِينَ , وَهُمْ الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ نُوح عِقَاب اللَّه عَلَى تَكْذِيبهمْ إِيَّاهُ وَعِبَادَتهمْ الْأَصْنَام , يَقُول لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : اُنْظُرْ مَاذَا أَعْقَبَهُمْ تَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ , فَإِنَّ عَاقِبَة مَنْ كَذَّبَك مِنْ قَوْمك إِنْ تَمَادَوْا فِي كُفْرهمْ وَطُغْيَانهمْ عَلَى رَبّهمْ نَحْو الَّذِي كَانَ مِنْ عَاقِبَة قَوْم نُوح حِين كَذَّبُوهُ , يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَلْيَحْذَرُوا أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ مِثْل الَّذِي حَلَّ بِهِمْ إِنْ لَمْ يَتُوبُوا .

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْده رُسُلًا إِلَى قَوْمهمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْد نُوح رُسُلًا إِلَى قَوْمهمْ , فَأَتَوْهُمْ بِبَيِّنَاتٍ مِنْ الْحُجَج وَالْأَدِلَّة عَلَى صِدْقهمْ , وَأَنَّهُمْ لِلَّهِ رُسُل , وَأَنَّ مَا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ حَقّ .|فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ| { فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْل } يَقُول : فَمَا كَانُوا لِيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلهمْ بِمَا كَذَّبَ بِهِ قَوْم نُوح وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ الْأُمَم الْخَالِيَة مِنْ قَبْلهمْ .|كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ| { كَذَلِكَ نَطْبَع عَلَى قُلُوب الْمُعْتَدِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا طَبَعْنَا عَلَى قُلُوب أُولَئِكَ فَخَتَمْنَا عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُونُوا يَقْبَلُونَ مِنْ أَنْبِيَاء اللَّه نَصِيحَتَهُمْ وَلَا يَسْتَجِيبُونَ لِدُعَائِهِمْ إِيَّاهُمْ إِلَى رَبّهمْ بِمَا اجْتَرَمُوا مِنْ الذُّنُوب وَاكْتَسَبُوا مِنْ الْآثَام , كَذَلِكَ نَطْبَع عَلَى قُلُوب مَنْ اِعْتَدَى عَلَى رَبّه , فَتَجَاوَزَ مَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ تَوْحِيده , وَخَالَفَ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ رُسُلهمْ مِنْ طَاعَته , عُقُوبَة لَهُمْ عَلَى مَعْصِيَتهمْ رَبّهمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْآخَرِينَ مِنْ بَعْدهمْ .

ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدهمْ مُوسَى وَهَارُون إِلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْد هَؤُلَاءِ الرُّسُل الَّذِينَ أَرْسَلْنَاهُمْ مِنْ بَعْد نُوح إِلَى قَوْمهمْ مُوسَى وَهَارُون اِبْنَيْ عِمْرَانَ إِلَى فِرْعَوْن مِصْر { وَمَلَئِهِ } , يَعْنِي : وَأَشْرَاف قَوْمه وَسَادَتهمْ , { بِآيَاتِنَا } يَقُول : بِأَدِلَّتِنَا عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْإِذْعَان لِلَّهِ بِالْعُبُودَةِ , وَالْإِقْرَار لَهُمَا بِالرِّسَالَةِ .|فَاسْتَكْبَرُوا| { فَاسْتَكْبَرُوا } يَقُول : فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ الْإِقْرَار بِمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى وَهَارُون .|وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ| { وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ } يَعْنِي : آثِمِينَ بِرَبِّهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى .

فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْر مُبِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقّ مِنْ عِنْدنَا } يَعْنِي : فَلَمَّا جَاءَهُمْ بَيَان مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى وَهَارُون , وَذَلِكَ الْحُجَج الَّتِي جَاءَهُمْ بِهَا , وَهِيَ الْحَقّ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنْ عِنْد اللَّه ; { قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْر مُبِين } يَعْنُونَ : أَنَّهُ يُبَيَّن لِمَنْ رَآهُ وَعَايَنَهُ أَنَّهُ سِحْر لَا حَقِيقَة لَهُ .

قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ

{ قَالَ مُوسَى } لَهُمْ : { أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ } مِنْ عِنْد اللَّه : { أَسِحْر هَذَا } ؟ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي سَبَب دُخُول أَلِف الِاسْتِفْهَام فِي قَوْله : { أَسِحْر هَذَا } , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أُدْخِلَتْ فِيهِ عَلَى الْحِكَايَة لِقَوْلِهِمْ لِأَنَّهُمْ قَالُوا : أَسِحْر هَذَا ؟ فَقَالَ : أَتَقُولُونَ : أَسِحْر هَذَا ؟ وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : إِنَّهُمْ قَالُوا هَذَا سِحْر , وَلَمْ يَقُولُوهُ بِالْأَلِفِ , لِأَنَّ أَكْثَر مَا جَاءَ بِغَيْرِ أَلِف . قَالَ : فَيُقَال : فَلِمَ أُدْخِلَتْ الْأَلِف ؟ فَيُقَال : قَدْ يَجُوز أَنْ تَكُونَ مِنْ قِيلهمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ سِحْر , كَمَا يَقُول الرَّجُل لِلْجَائِزَةِ إِذَا أَتَتْهُ : أَحَقّ هَذَا ؟ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ حَقّ . قَالَ : قَدْ يَجُوز أَنْ تَكُونَ عَلَى التَّعَجُّب مِنْهُمْ : أَسِحْر هَذَا , مَا أَعْظَمه ! وَأَوْلَى ذَلِكَ فِي هَذَا بِالصَّوَابِ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْمَقُول مَحْذُوفًا , وَيَكُون قَوْله : { أَسِحْر هَذَا } مِنْ قِيل مُوسَى مُنْكِرًا عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ قَوْلهمْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ سِحْر , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام حِينَئِذٍ : قَالَ مُوسَى لَهُمْ : { أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ } وَهِيَ الْآيَات الَّتِي أَتَاهُمْ بِهَا مِنْ عِنْد اللَّه حُجَّة لَهُ عَلَى صِدْقه , سِحْر , أَسِحْر هَذَا الْحَقّ الَّذِي تَرَوْنَهُ ؟ فَيَكُون السِّحْر الْأَوَّل مَحْذُوفًا اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ قَوْل مُوسَى { أَسِحْر هَذَا } عَلَى أَنَّهُ مُرَاد فِي الْكَلَام , كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّة . <br>فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْل أَوْ حِين نَصَّبَتْ .......... لَهُ مِنْ خَذَا آذَانهَا وَهُوَ جَانِح <br>يُرِيد : | أَوْ حِين أَقْبَلَ | , ثُمَّ حُذِفَ اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَإِذَا جَاءَ وَعْد الْآخِرَة لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ } [17 7 ]وَالْمَعْنَى : بَعَثْنَاهُمْ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ , فَتَرَكَ ذَلِكَ اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ , فِي أَشْبَاه لِمَا ذَكَرْنَا كَثِيرَة يُتْعِب إِحْصَاؤُهَا .|وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ|وَقَوْله : { وَلَا يُفْلِح السَّاحِرُونَ } يَقُول : وَلَا يَنْجَح السَّاحِرُونَ وَلَا يَبْقَوْنَ .

قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا أَجِئْتنَا لِتَلْفِتنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ لِمُوسَى : { أَجِئْتنَا لِتَلْفِتَنَا } يَقُول : لِتَصْرِفَنَا وَتَلْوِيَنَا , { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } مِنْ قَبْل مَجِيئِك مِنْ الدِّين ; يُقَال مِنْهُ : لَفَتَ فُلَان عُنُق فُلَان إِذَا لَوَاهَا , كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّة : <br>لَفْتًا وَتَهْزِيعًا سَوَاء اللَّفْت <br>التَّهْزِيع : الدَّقّ , وَاللَّفْت : اللَّيّ . كَمَا : 13756 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { لِتَلْفِتَنَا } قَالَ : لِتَلْوِيَنَا { عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } )|وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ|وَقَوْله : { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض } يَعْنِي الْعَظَمَة , وَهِيَ الْفِعْلِيَاءُ مِنْ الْكِبْر . وَمِنْهُ قَوْل اِبْن الرَّقَّاع : <br>سُؤْدُدًا غَيْر فَاحِش لَا يُدَا .......... نِيهِ تَجْبَاره وَلَا كِبْرِيَاء <br>13757 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن نُمَيْر , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْض } قَالَ : الْمُلْك . )* - قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض } قَالَ : السُّلْطَان فِي الْأَرْض . )* - قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن بَكْر , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (بَلَغَنِي , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْمُلْك فِي الْأَرْض . )13758 - قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض } قَالَ : الطَّاعَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الْأَرْض } قَالَ : الْمُلْك . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (السُّلْطَان فِي الْأَرْض . )وَهَذِهِ الْأَقْوَال كُلُّهَا مُتَقَارِبَات الْمَعَانِي , وَذَلِكَ أَنَّ الْمُلْك سُلْطَان , وَالطَّاعَة مُلْك ; غَيْر أَنَّ مَعْنَى الْكِبْرِيَاء هُوَ مَا ثَبَتَ فِي كَلَام الْعَرَب , ثُمَّ يَكُون ذَلِكَ عَظَمَة بِمُلْكٍ وَسُلْطَان وَغَيْر ذَلِكَ .|وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ|وَقَوْله : { وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَمَا نَحْنُ لَكُمَا يَا مُوسَى وَهَارُون بِمُؤْمِنِينَ , يَعْنِي بِمُقِرِّينَ بِأَنَّكُمَا رَسُولَانِ أُرْسِلْتُمَا إِلَيْنَا .

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ فِرْعَوْن اِئْتُونِي بِكُلِّ سَاحِر عَلِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ فِرْعَوْن لِقَوْمِهِ : اِئْتُونِي بِكُلِّ مَنْ يَسْحَر مِنْ السَّحَرَة , عَلِيم بِالسِّحْرِ .

فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ

فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة فِرْعَوْنَ , قَالَ مُوسَى : أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ مِنْ حِبَالكُمْ وَعِصِيّكُمْ ! وَفِي الْكَلَام مَحْذُوف قَدْ تُرِك , وَهُوَ : فَأَتَوْهُ بِالسَّحَرَةِ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة ; وَلَكِنْ اِكْتَفَى بِدَلَالَةِ قَوْله : { فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة } عَلَى ذَلِكَ , فَتَرَكَ ذِكْرَهُ . وَكَذَلِكَ بَعْد قَوْله : { أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ } مَحْذُوف أَيْضًا قَدْ تَرَكَ ذِكْرَهُ , وَهُوَ : | فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ , فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى | ; وَلَكِنْ اِكْتَفَى بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ , فَتَرَكَ ذِكْرَهُ .

فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْر إِنَّ اللَّه سَيُبْطِلُهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : { فَلَمَّا أَلْقَوْا } مَا هُمْ مُلْقُوهُ { قَالَ } لَهُمْ { مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْر } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق { مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْر } عَلَى وَجْه الْخَبَر مِنْ مُوسَى عَنْ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ سَحَرَة فِرْعَوْنَ أَنَّهُ سِحْر كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عَلَى تَأْوِيلِهِمْ , قَالَ مُوسَى : الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ أَيّهَا السَّحَرَة هُوَ السِّحْر . وَقَرَأَ ذَلِكَ مُجَاهِد وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ الْبَصْرِيِّينَ : | مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْر | عَلَى وَجْه الِاسْتِفْهَام مِنْ مُوسَى إِلَى السَّحَرَة عَمَّا جَاءُوا بِهِ , أَسِحْر هُوَ أَمْ غَيْره ؟ وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْه الْخَبَر لَا عَلَى الِاسْتِفْهَام , لِأَنَّ مُوسَى صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ شَاكًّا فِيمَا جَاءَتْ بِهِ السَّحَرَة أَنَّهُ سِحْر لَا حَقِيقَة لَهُ فَيَحْتَاج إِلَى اِسْتِخْبَار السَّحَرَة عَنْهُ أَيْ هُوَ , وَأُخْرَى أَنَّهُ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ قَدْ كَانَ عَلَى عِلْم مِنْ السَّحَرَة أَنَّمَا جَاءَ بِهِمْ فِرْعَوْن لِيُغَالِبُوهُ عَلَى مَا كَانَ جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ الْحَقّ الَّذِي كَانَ اللَّه آتَاهُ , فَلَمْ يَكُنْ يَذْهَب عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُصَدِّقُونَهُ فِي الْخَبَر عَمَّا جَاءُوا بِهِ مِنْ الْبَاطِل , فَيَسْتَخْبِرهُمْ أَوْ يَسْتَجِيز اِسْتِخْبَارَهُمْ عَنْهُ ; وَلَكِنَّهُ صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ عَالِم بِبُطُولِ مَا جَاءُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَتَاهُ وَمُبْطِل كَيْدَهُمْ بِجَدِّهِ , وَهَذِهِ أَوْلَى بِصِفَةِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأُخْرَى . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا وَجْه دُخُول الْأَلِف وَاللَّام فِي السِّحْر إِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت وَأَنْتَ تَعْلَم أَنَّ كَلَام الْعَرَب فِي نَظِير هَذَا أَنْ يَقُولُوا : مَا جَاءَنِي بِهِ عَمْرو دِرْهَم , وَاَلَّذِي أَعْطَانِي أَخُوك دِينَار , وَلَا يَكَادُونَ أَنْ يَقُولُوا الَّذِي أَعْطَانِي أَخُوك الدِّرْهَم , وَمَا جَاءَنِي بِهِ عَمْرو الدِّينَار ؟ قِيلَ لَهُ : بَلَى كَلَام الْعَرَب إِدْخَال الْأَلِف وَاللَّام فِي خَبَر مَا وَاَلَّذِي إِذَا كَانَ الْخَبَر عَنْ مَعْهُود قَدْ عَرَفَهُ الْمُخَاطَب وَالْمُخَاطَب , بَلْ لَا يَجُوز إِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِلَّا بِالْأَلِفِ وَاللَّام , لِأَنَّ الْخَبَرَ حِينَئِذٍ خَبَر عَنْ شَيْء بِعَيْنِهِ مَعْرُوف عِنْد الْفَرِيقَيْنِ ; وَإِنَّمَا يَأْتِي ذَلِكَ بِغَيْرِ الْأَلِف إِذَا كَانَ الْخَبَر عَنْ مَجْهُول غَيْر مَعْهُود وَلَا مَقْصُود قَصْد شَيْء بِعَيْنِهِ , فَحِينَئِذٍ لَا تَدْخُل الْأَلِف وَاللَّام فِي الْخَبَر , وَخَبَر مُوسَى كَانَ خَبَرًا عَنْ مَعْرُوف عِنْده وَعِنْد السَّحَرَة , وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ نَسَبَتْ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُوسَى مِنْ الْآيَات الَّتِي جَعَلَهَا اللَّه عَلَمًا لَهُ عَلَى صِدْقه وَنُبُوَّته إِلَى أَنَّهُ سِحْر , فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى : السِّحْر الَّذِي وَصَفْتُمْ بِهِ مَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ الْآيَات أَيّهَا السَّحَرَة , هُوَ الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ أَنْتُمْ لَا مَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَنَا . ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّه سَيُبْطِلُهُ . فَقَالَ : { إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ } يَقُول : سَيَذْهَبُ بِهِ , فَذَهَبَ بِهِ تَعَالَى ذِكْره بِأَنْ سَلَّطَ عَلَيْهِ عَصَا مُوسَى قَدْ حَوَّلَهَا ثُعْبَانًا يَتَلَقَّفهُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْء .|إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ| { إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِح عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } يَعْنِي : أَنَّهُ لَا يُصْلِح عَمَلَ مَنْ سَعَى فِي أَرْض اللَّه بِمَا يَكْرَههُ وَعَمِلَ فِيهَا بِمَعَاصِيهِ . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب : | مَا أَتَيْتُمْ بِهِ سِحْر | , وَفِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود : | مَا جِئْتُمْ بِهِ سِحْر | , وَذَلِكَ مِمَّا يُؤَيِّد قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ بِنَحْوِ الَّذِي أَخْتَرْنَا مِنْ الْقِرَاءَة فِيهِ .

وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيُحِقّ اللَّه الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ لِلسَّحَرَةِ : { وَيُحِقّ اللَّه الْحَقَّ } يَقُول : وَيُثْبِت اللَّه الْحَقَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِنْده , فَيُعْلِيه عَلَى بَاطِلكُمْ , وَيُصَحِّحهُ بِكَلِمَاتِهِ , يَعْنِي بِأَمْرِهِ ; { وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ } يَعْنِي الَّذِينَ اِكْتَسَبُوا الْإِثْم بِرَبِّهِمْ بِمَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ .

فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يُؤْمِن لِمُوسَى مَعَ مَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ الْحُجَج وَالْأَدِلَّة إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه خَائِفِينَ مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الذُّرِّيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : الذُّرِّيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْقَلِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13759 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } قَالَ : كَانَ اِبْن عَبَّاس يَقُول : الذُّرِّيَّة : الْقَلِيل . )13760 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى : { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } الذُّرِّيَّة : الْقَلِيل , كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : { كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّة قَوْم آخَرِينَ } )[6 133 ]وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لِطُولِ الزَّمَان ; لِأَنَّ الْآبَاء مَاتُوا وَبَقِيَ الْأَبْنَاء , فَقِيلَ لَهُمْ ذُرِّيَّة , لِأَنَّهُمْ كَانُوا ذُرِّيَّة مَنْ هَلَكَ مِمَّنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13761 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله تَعَالَى : ( { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } قَالَ : أَوْلَاد الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ طُول الزَّمَان وَمَاتَ آبَاؤُهُمْ . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } قَالَ : أَوْلَاد الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مُوسَى مِنْ طُول الزَّمَان وَمَاتَ آبَاؤُهُمْ . )13762 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش : ( { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ } قَالَ : أَبْنَاء أُولَئِكَ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الزَّمَان وَمَاتَتْ آبَاؤُهُمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْم فِرْعَوْن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13763 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ } قَالَ : كَانَتْ الذُّرِّيَّة الَّتِي آمَنَتْ لِمُوسَى مِنْ أُنَاس غَيْر بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ قَوْم فِرْعَوْن يَسِير , مِنْهُمْ اِمْرَأَة فِرْعَوْن , وَمُؤْمِن آل فِرْعَوْن , وَخَازِن فِرْعَوْن , وَامْرَأَة خَازِنه . )وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس خَبَر يَدُلّ عَلَى خِلَاف هَذَا الْقَوْل , وَذَلِكَ مَا : 13764 - حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } يَقُول : بَنِي إِسْرَائِيل . )فَهَذَا الْخَبَر يُنْبِئ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الذُّرِّيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع هُمْ بَنُو إِسْرَائِيل دُونَ غَيْرهمْ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِتَأْوِيلِ الْآيَة الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْته عَنْ مُجَاهِد , وَهُوَ أَنَّ الذُّرِّيَّة فِي هَذَا الْمَوْضِع أُرِيد بِهَا ذُرِّيَّة مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , فَهَلَكُوا قَبْل أَنْ يُقِرُّوا بِنُبُوَّتِهِ لِطُولِ الزَّمَان , فَأَدْرَكَتْ ذُرِّيَّتهمْ فَآمَنَ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ اللَّهَ بِمُوسَى . وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي هَذِهِ الْآيَة ذِكْر لِغَيْرِ مُوسَى , فَلَأَنْ تَكُونَ الْهَاء فِي قَوْله | مِنْ قَوْمه | مِنْ ذِكْر مُوسَى لِقُرْبِهِمْ مِنْ ذِكْره , أَوْلَى مِنْ أَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْر فِرْعَوْن لِبُعْدِ ذِكْره مِنْهَا ; إِذْ لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ ذَلِكَ دَلِيل مِنْ خَبَر وَلَا نَظَر . وَبَعْد , فَإِنَّ فِي قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ الْهَاءَ فِي قَوْله : { إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه } مِنْ ذَكَرَ مُوسَى لَا مِنْ ذِكْر فِرْعَوْنَ ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذِكْر فِرْعَوْنَ لَكَانَ الْكَلَام : | عَلَى خَوْف مِنْهُ | , وَلَمْ يَكُنْ { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْنَ } . وَأَمَّا قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْنَ } فَإِنَّهُ يَعْنِي عَلَى حَال خَوْف مِمَّنْ آمَنَ مِنْ ذُرِّيَّة قَوْم مُوسَى بِمُوسَى . فَتَأْوِيل الْكَلَام : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَهُمْ خَائِفُونَ مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنُوهُمْ . وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّهُ إِنَّمَا قِيلَ : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه ; لِأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ إِنَّمَا كَانَتْ أُمَّهَاتهمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَآبَاؤُهُمْ مِنْ الْقِبْط , فَقِيلَ لَهُمْ الذُّرِّيَّة مِنْ أَجْل ذَلِكَ , كَمَا قِيلَ لِأَبْنَاءِ الْفُرْس الَّذِينَ أُمَّهَاتهمْ مِنْ الْعَرَب وَآبَاؤُهُمْ مِنْ الْعَجَم : أَبْنَاء . وَالْمَعْرُوف مِنْ مَعْنَى الذُّرِّيَّة فِي كَلَام الْعَرَب : أَنَّهَا أَعْقَاب مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ مِنْ قِبَل الرِّجَال وَالنِّسَاء , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح } [17 3 ]وَكَمَا قَالَ : { وَمِنْ ذُرِّيَّته دَاوُدَ وَسُلَيْمَان وَأَيُّوب وَيُوسُف } ثُمَّ قَالَ بَعْدُ : { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاس } [6 85 ]فَجَعَلَ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَل الرِّجَال وَالنِّسَاء مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيمَ .|وَمَلَئِهِمْ|وَأَمَّا قَوْله : { وَمَلَئِهِمْ } فَإِنَّ الْمَلَأَ : الْأَشْرَاف . وَتَأْوِيل الْكَلَام : عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْنَ وَمِنْ أَشْرَافهمْ . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِيمَنْ عُنِيَ بِالْهَاءِ وَالْمِيم اللَّتَيْنِ فِي قَوْله : { وَمَلَئِهِمْ } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : عُنِيَ بِهَا الذُّرِّيَّة . وَكَأَنَّهُ وَجَّهَ الْكَلَامَ إِلَى : فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة مِنْ قَوْمه , عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن , وَمَلَأ الذُّرِّيَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : عُنِيَ بِهِمَا فِرْعَوْن , قَالَ : وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِكَ وَفِرْعَوْن وَاحِد ; لِأَنَّ الْمَلِك إِذَا ذُكِرَ لِخَوْفٍ أَوْ سَفَر وَقُدُوم مِنْ سَفَر ذَهَبَ الْوَهْم إِلَيْهِ وَإِلَى مَنْ مَعَهُ . وَقَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول : قَدِمَ الْخَلِيفَة فَكَثُرَ النَّاس , تُرِيد بِمَنْ مَعَهُ , وَقَدِمَ فَغَلَتْ الْأَسْعَار ؟ لِأَنَّا نَنْوِي بِقُدُومِهِ قُدُومَ مَنْ مَعَهُ . قَالَ : وَقَدْ يَكُون يُرِيد أَنْ بِفِرْعَوْن آلَ فِرْعَوْن , وَيَحْذِف آل فِرْعَوْن فَيَجُوز , كَمَا قَالَ : { وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ } [10 82 ]يُرِيد أَهْل الْقَرْيَةِ , وَاَللَّه أَعْلَم . قَالَ : وَمِثْله قَوْله : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [65 1 ]وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : الْهَاء وَالْمِيم عَائِدَتَانِ عَلَى الذُّرِّيَّة . وَوَجْه مَعْنَى الْكَلَام إِلَى أَنَّهُ عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن , وَمَلَأ الذُّرِّيَّة ; لِأَنَّهُ كَانَ فِي ذُرِّيَّة الْقَرْن الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ مُوسَى مَنْ كَانَ أَبُوهُ قِبْطِيًّا وَأُمّه إِسْرَائِيلِيَّة , فَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْهُمْ كَانَ مَعَ فِرْعَوْن عَلَى مُوسَى .|أَنْ يَفْتِنَهُمْ|وَقَوْله : { أَنْ يَفْتِنَهُمْ } يَقُول : كَانَ إِيمَان مَنْ آمَنَ مِنْ ذُرِّيَّة قَوْم مُوسَى عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن أَنْ يَفْتِنَهُمْ بِالْعَذَابِ , فَيَصُدَّهُمْ عَنْ دِينهمْ , وَيَحْمِلَهُمْ عَلَى الرُّجُوع عَنْ إِيمَانهمْ وَالْكُفْر بِاَللَّهِ . وَقَالَ : { أَنْ يَفْتِنَهُمْ } فَوَحَّدَ وَلَمْ يَقُلْ : | أَنْ يَفْتِنُوهُمْ | , لِدَلِيلِ الْخَبَر عَنْ فِرْعَوْن بِذَلِكَ أَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا عَلَى مِثْل مَا كَانَ عَلَيْهِ لِمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } |وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ|وَقَوْله : { وَإِنَّ فِرْعَوْن لَعَالٍ فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ فِرْعَوْن لَجَبَّار مُسْتَكْبِر عَلَى اللَّه فِي أَرْضه .|وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ|وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُتَجَاوِزِينَ الْحَقّ إِلَى الْبَاطِل , وَذَلِكَ كُفْره بِاَللَّهِ وَتَرْكه الْإِيمَان بِهِ وَجُحُوده وَحْدَانِيَّة اللَّه وَادِّعَاؤُهُ لِنَفْسِهِ الْأُلُوهَة وَسَفْكه الدِّمَاءَ بِغَيْرِ حِلّهَا .

وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آَمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْم إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاَللَّهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل مُوسَى نَبِيّه لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم إِنْ كُنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّه وَصَدَّقْتُمْ بِرُبُوبِيَّتِهِ .|بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ| { فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا } يَقُول : فَبِهِ فَثِقُوا , وَلِأَمْرِهِ فَسَلِّمُوا , فَإِنَّهُ لَنْ يَخْذُل وَلِيَّهُ وَيُسْلِمَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ .|تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ| { إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ } يَقُول : إِنْ كُنْتُمْ مُذْعِنِينَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا .

فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَقَالُوا عَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَقَالَ قَوْم يَا مُوسَى لِمُوسَى : { عَلَى اللَّه تَوَكَّلْنَا } أَيْ بِهِ وَثِقْنَا , وَإِلَيْهِ فَوَّضْنَا أَمْرنَا .|رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ|وَقَوْله : { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنْ قَوْم مُوسَى أَنَّهُمْ دَعَوْا رَبّهمْ فَقَالُوا : يَا رَبّنَا لَا تَخْتَبِر هَؤُلَاءِ الْقَوْم الْكَافِرِينَ , وَلَا تَمْتَحِنهُمْ بِنَا ; يَعْنُونَ قَوْم فِرْعَوْن . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنَى الَّذِي سَأَلُوهُ رَبَّهُمْ مِنْ إِعَادَته اِبْتِلَاءَ قَوْم فِرْعَوْنَ بِهِمْ , فَقَالَ بَعْضهمْ : سَأَلُوهُ أَنْ لَا يُظْهِرَهُمْ عَلَيْهِمْ , فَيَظُنُّوا أَنَّهُمْ خَيْر مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا سُلِّطُوا عَلَيْهِمْ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَيْهِ وَهَوَان الْآخَرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13765 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْرٍ , عَنْ أَبِي مِجْلَز , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : لَا يَظْهَرُوا عَلَيْنَا فَيَرَوْا أَنَّهُمْ خَيْر مِنَّا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عِمْرَان بْن حُدَيْرٍ , عَنْ أَبَى مِجْلَز فِي قَوْله : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : قَالُوا : لَا تُظْهِرهُمْ عَلَيْنَا فَيَرَوْا أَنَّهُمْ خَيْر مِنَّا . )13766 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي الضُّحَى : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : لَا تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا فَيَزْدَادُوا فِتْنَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13767 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لَا تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا فَيَفْتِنُونَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : لَا تُسَلِّطهُمْ عَلَيْنَا فَيُضِلُّونَا . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . وَقَالَ أَيْضًا فَيَفْتِنُونَا . 13768 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لَا تُعَذِّبنَا بِأَيْدِي قَوْم فِرْعَوْن , وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدَك , فَيَقُول قَوْم فِرْعَوْن : لَوْ كَانُوا عَلَى حَقّ مَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ وَلَا عُذِّبُوا , فَيُفْتَنُوا بِنَا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : لَا تُعَذِّبنَا بِأَيْدِي قَوْم فِرْعَوْن وَلَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِك , فَيَقُول قَوْم فِرْعَوْن : لَوْ كَانُوا عَلَى حَقّ مَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ وَلَا عُذِّبُوا , فَيُفْتَتَنُوا بِنَا . )* - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } قَالَ : لَا تُصِبْنَا بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدك وَلَا بِأَيْدِيهِمْ فَيُفْتَتَنُوا وَيَقُولُوا : لَوْ كَانُوا عَلَى حَقّ مَا سُلِّطْنَا عَلَيْهِمْ وَمَا عُذِّبُوا . )13769 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله تَعَالَى : ( { رَبّنَا لَا تَجْعَلنَا فِتْنَة لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } لَا تَبْتَلِنَا رَبّنَا فَتُجْهِدَنَا وَتَجْعَلَهُ فِتْنَة لَهُمْ هَذِهِ الْفِتْنَة . وَقَرَأَ : { فِتْنَة لِلظَّالِمِينَ } [37 63 ]قَالَ الْمُشْرِكُونَ حِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ وَيَرْمُونَهُمْ : أَلَيْسَ ذَلِكَ فِتْنَة لَهُمْ , وَسُوءًا لَهُمْ ؟ وَهِيَ بَلِيَّة لِلْمُؤْمِنِينَ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ الْقَوْمَ رَغِبُوا إِلَى اللَّه فِي أَنْ يُجِيرَهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مِحْنَة لِقَوْمِ فِرْعَوْن وَبَلَاء , وَكُلّ مَا كَانَ مِنْ أَمْر كَانَ لَهُمْ مَصَدَّة عَنْ اِتِّبَاع مُوسَى وَالْإِقْرَار بِهِ وَبِمَا جَاءَهُمْ بِهِ , فَإِنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ فِتْنَة , وَكَانَ مِنْ أَعْظَم الْأُمُور لَهُمْ إِبْعَادًا مِنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَرَسُوله . وَكَذَلِكَ كَانَ مِنْ الْمَصَدَّة لَهُمْ عَنْ الْإِيمَان أَنْ لَوْ كَانَ قَوْم مُوسَى عَاجَلَتْهمْ مِنْ اللَّه مِحْنَة فِي أَنْفُسهمْ مِنْ بَلِيَّة تَنْزِل بِهِمْ , فَاسْتَعَاذَ الْقَوْم بِاَللَّهِ مِنْ كُلّ مَعْنًى يَكُون صَادًّا لِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عَنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ بِأَسْبَابِهِمْ .

وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنْ الْقَوْم الْكَافِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَنَجِّنَا يَا رَبَّنَا بِرَحْمَتِكَ , فَخَلِّصْنَا مِنْ أَيْدِي الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ قَوْم فِرْعَوْن ; لِأَنَّهُمْ كَانَ يَسْتَعْبِدُونَهُمْ وَيَسْتَعْمِلُونَهُمْ فِي الْأَشْيَاء الْقَذِرَة مِنْ خِدْمَتهمْ .

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآَ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ اِتَّخِذَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا , يُقَال مِنْهُ : تَبَوَّأَ فُلَان لِنَفْسِهِ بَيْتًا : إِذَا اِتَّخَذَهُ . وَكَذَلِكَ تَبَوَّأَ مُصْحَفًا : إِذَا اِتَّخَذَهُ . وَبَوَّأْته أَنَا بَيْتًا : إِذَا اِتَّخَذْته لَهُ .|وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً|يَقُول : وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَسَاجِد تُصَلُّونَ فِيهَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } فَقَالَ بَعْضهمْ فِي ذَلِكَ نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13770 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان عَنْ حُمَيْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : مَسَاجِد . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : أُمِرُوا أَنْ يَتَّخِذُوهَا مَسَاجِد . )13771 - قَالَ : ثَنَا أَبُو غَسَّان مَالِك بْن إِسْمَاعِيل , قَالَ : ثَنَا زُهَيْر , قَالَ : ثَنَا خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا يَفْرَقُونَ مِنْ فِرْعَوْنَ وَقَوْمه أَنْ يُصَلُّوا , فَقَالَ لَهُمْ : اِجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة , يَقُول : اِجْعَلُوهَا مَسْجِدًا حَتَّى تُصَلُّوا فِيهَا . )13772 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : خَافُوا فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا خَائِفِينَ , فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )13773 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ خُصَيْف , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا خَائِفِينَ فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )13774 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي الْبَيْت , وَكَانُوا لَا يُصَلُّونَ إِلَّا خَائِفِينَ , فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )* - قَالَ : ثَنَا جَرِير عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كَانُوا خَائِفِينَ , فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )13775 - قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل تَخَاف فِرْعَوْن , فَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا بُيُوتَهُمْ مَسَاجِد يُصَلُّونَ فِيهَا . )13776 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } يَقُول : مَسَاجِد . )* - قَالَ : ثَنَا أَحْمَد بْن يُونُس , قَالَ : ثَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتهمْ يَخَافُونَ . )13777 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَيْد بْن الْحُبَاب , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ الضَّحَّاك : ( { أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } قَالَ : مَسَاجِد . )* - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : كَانُوا خَائِفِينَ , فَأُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ . )13778 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : قَالَ أَبِي زَيْد : اِجْعَلُوا فِي بُيُوتكُمْ مَسَاجِدَكُمْ تُصَلُّونَ فِيهَا ; تِلْكَ الْقِبْلَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَاجْعَلُوا مَسَاجِدَكُمْ قِبَل الْكَعْبَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13779 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } يَعْنِي الْكَعْبَة . )13780 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ } قَالَ : قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل لِمُوسَى : لَا نَسْتَطِيع أَنْ نُظْهِر صَلَاتَنَا مَعَ الْفَرَاعِنَة . فَأَذِنَ اللَّه لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِي بُيُوتهمْ , وَأُمِرُوا أَنْ يَحْمِلُوا بُيُوتَهُمْ قِبَل الْقِبْلَة . )13781 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم . قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } يَقُول : وَجِّهُوا بُيُوتَكُمْ مَسَاجِدَكُمْ نَحْو الْقِبْلَة , أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول : { فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّه أَنْ تُرْفَع } ؟ )[24 36 ]13782 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : قِبَل الْقِبْلَة . )13783 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { بُيُوتكُمْ قِبْلَة } قَالَ : نَحْو الْكَعْبَة , حِين خَافَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ مِنْ فِرْعَوْن أَنْ يُصَلُّوا فِي الْكَنَائِس الْجَامِعَة , فَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا فِي بُيُوتهمْ مَسَاجِد مُسْتَقْبِلَةَ الْكَعْبَةِ يُصَلُّونَ فِيهَا سِرًّا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاء . 13784 - قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } مَسَاجِد . )13785 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : فِي قَوْله : ( { أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } قَالَ : مِصْر , الْإِسْكَنْدَرِيَّة . )13786 - حَدَّثَنَا بِشْر بْن مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : وَذَلِكَ حِينَ مَنَعَهُمْ فِرْعَوْن الصَّلَاةَ , فَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا مَسَاجِدَهُمْ فِي بُيُوتهمْ وَأَنْ يُوَجِّهُوا نَحْو الْقِبْلَة . )13787 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : نَحْو الْقِبْلَة . )13788 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ الضَّحَّاك : ( { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا } قَالَ : مَسَاجِد . { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : قِبَل الْقِبْلَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ يُقَابِل بَعْضهَا بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13789 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عِمْرَان بْن عُيَيْنَةَ , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } قَالَ : يُقَابِل بَعْضُهَا بَعْضًا . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي قَدَّمْنَا بَيَانَهُ , وَذَلِكَ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْ مَعَانِي الْبُيُوت وَإِنْ كَانَتْ الْمَسَاجِد بُيُوتًا , الْبُيُوت الْمَسْكُونَة إِذَا ذُكِرَتْ بِاسْمِهَا الْمُطْلَق دُون الْمَسَاجِد ; لِأَنَّ الْمَسَاجِد لَهَا اِسْم هِيَ بِهِ مَعْرُوفَة خَاصّ لَهَا , وَذَلِكَ الْمَسَاجِد . فَأَمَّا الْبُيُوت الْمُطْلَقَة بِغَيْرِ وَصْلهَا بِشَيْءٍ وَلَا إِضَافَتهَا إِلَى شَيْء , فَالْبُيُوت الْمَسْكُونَة , وَكَذَلِكَ الْقِبْلَة الْأَغْلَب مِنْ اِسْتِعْمَال النَّاس إِيَّاهَا فِي قِبَلِ الْمَسَاجِد وَلِلصَّلَوَاتِ . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ غَيْر جَائِز تَوْجِيه مَعَانِي كَلَام اللَّه إِلَّا إِلَى الْأَغْلَب مِنْ وُجُوههَا الْمُسْتَعْمَل بَيْن أَهْل اللِّسَان الَّذِي نَزَلَ بِهِ دُون الْخَفِيّ الْمَجْهُول مَا لَمْ تَأْتِ دَلَالَة تَدُلّ عَلَى غَيْر ذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْله : { وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَة } دَلَالَة تَقْطَع الْعُذْر بِأَنَّ مَعْنَاهُ غَيْر الظَّاهِر الْمُسْتَعْمَل فِي كَلَام الْعَرَب , لَمْ يَجُزْ لَنَا تَوْجِيهه إِلَى غَيْر الظَّاهِر الَّذِي وَصَفْنَا .|وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ|وَقَوْله : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَدُّوا الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَة بِحُدُودِهَا فِي أَوْقَاتهَا .|وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ|وَقَوْله : { وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : وَبَشِّرْ مُقِيمِي الصَّلَاة الْمُطِيعِي اللَّه يَا مُحَمَّد الْمُؤْمِنِينَ بِالثَّوَابِ الْجَزِيل مِنْهُ .

وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ ا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى رَبّنَا إِنَّك آتَيْت فِرْعَوْن وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَالَ مُوسَى يَا رَبّنَا إِنَّك أَعْطَيْت فِرْعَوْن وَكُبَرَاء قَوْمه وَأَشْرَافهمْ , وَهُمْ الْمَلَأ , وَزِينَة مِنْ مَتَاع الدُّنْيَا وَأَثَاثهَا , وَأَمْوَالًا مِنْ أَعْيَان الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا .|رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ|يَقُول مُوسَى لِرَبِّهِ : رَبّنَا أَعْطَيْتهمْ مَا أَعْطَيْتهمْ مِنْ ذَلِكَ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِك . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْضهمْ : { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِك } بِمَعْنَى : لِيُضِلُّوا النَّاس , عَنْ سَبِيلِك وَيَصُدُّوهُمْ عَنْ دِينك . وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ : | لِيَضِلُّوا عَنْ سَبِيلِك | بِمَعْنَى : لِيَضِلُّوا هُمْ عَنْ سَبِيلِك , فَيَجُورُوا عَنْ طَرِيق الْهُدَى . فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَفَكَانَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَعْطَى فِرْعَوْن وَقَوْمَهُ مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ زِينَة الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا لِيُضِلُّوا النَّاسَ عَنْ دِينه , أَوْ لِيَضِلُّوا هُمْ عَنْهُ ؟ فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ , فَقَدْ كَانَ مِنْهُمْ مَا أَعْطَاهُمْ لِأَجْلِهِ , فَلَا عَتْب عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ؟ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تَوَهَّمْت . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم بِالْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى هَذِهِ اللَّام الَّتِي فِي قَوْله : { لِيُضِلُّوا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَعْنَى ذَلِكَ : رَبّنَا فَضَلُّوا عَنْ سَبِيلِك , كَمَا قَالَ : { فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا } [28 8 ]أَيْ فَكَانَ لَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِيَكُونَ عَدُوًّا وَحَزَنًا , وَإِنَّمَا اِلْتَقَطُوهُ فَكَانَ لَهُمْ . قَالَ : فَهَذِهِ اللَّام تَجِيءُ فِي هَذَا الْمَعْنَى . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هَذِهِ اللَّام لَام كَيْ ; وَمَعْنَى الْكَلَام : رَبّنَا أَعْطَيْتهمْ مَا أَعْطَيْتهمْ كَيْ يُضِلُّوا , ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ وَقَالَ آخَر : هَذِهِ اللَّامَّات فِي قَوْله | لِيُضِلُّوا | وَ | لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا | , وَمَا أَشْبَهَهَا بِتَأْوِيلِ الْخَفْض : آتَيْتهمْ مَا أَتَيْتهمْ لِضَلَالِهِمْ , وَالْتَقَطُوهُ لِكَوْنِهِ ; لِأَنَّهُ قَدْ آنَتْ الْحَالَة إِلَى ذَلِكَ . وَالْعَرَب تَجْعَل لَامَ كَيْ فِي مَعْنَى لَام الْخَفْض , وَلَامَ الْخَفْض فِي مَعْنَى لَام كَيْ لِتَقَارُبِ الْمَعْنَى , قَالَ اللَّه تَعَالَى : { سَيَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ لَكُمْ إِذَا اِنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ } [9 95 ]أَيْ لِإِعْرَاضِكُمْ , وَلَمْ يَحْلِفُوا لِإِعْرَاضِهِمْ ; وَقَالَ الشَّاعِر : <br>سَمَوْت وَلَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِتَسْمُوَ .......... وَلَكِنَّ الْمُضَيَّع قَدْ يُصَاب <br>قَالَ : وَإِنَّمَا يُقَال : وَمَا كُنْت أَهْلًا لِلْفِعْلِ , وَلَا يُقَال لِتَفْعَل إِلَّا قَلِيلًا . قَالَ : وَهَذَا مِنْهُ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّهَا لَام كَيْ , وَمَعْنَى الْكَلَام : رَبّنَا أَعْطَيْتهمْ مَا أَعْطَيْتهمْ مِنْ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْأَمْوَال لِتَفْتِنهُمْ فِيهِ , وَيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِك عِبَادَك , عُقُوبَةً مِنْك . وَهَذَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } [72 16 : 17]|رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ|وَقَوْله : { رَبّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } هَذَا دُعَاء مِنْ مُوسَى , دَعَا اللَّهَ عَلَى فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ أَنْ يُغَيِّر أَمْوَالَهُمْ عَنْ هَيْئَتهَا , وَيُبَدِّلَهَا إِلَى غَيْر الْحَال الَّتِي هِيَ بِهَا , وَذَلِكَ نَحْو قَوْله : { مِنْ قَبْل أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارهَا } [4 47 ]يَعْنِي بِهِ : مِنْ قَبْل أَنْ نُغَيِّرَهَا عَنْ هَيْئَتهَا الَّتِي هِيَ بِهَا , يُقَال مِنْهُ : طَمَسْت عَيْنه أَطْمِسهَا وَأَطْمُسهَا طَمْسًا وَطُمُوسًا , وَقَدْ تَسْتَعْمِل الْعَرَب الطَّمْسَ فِي الْعَفْو وَالدُّثُور وَفِي الِانْدِقَاق وَالدُّرُوس , كَمَا قَالَ كَعْب بْن زُهَيْر : <br>مِنْ كُلّ نَضَّاخَة الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ .......... عُرْضَتهَا طَامِس الْأَعْلَام مَجْهُول <br>وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ جَمَاعَة مِنْهُمْ فِيهِ مِثْل قَوْلنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13790 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن زَائِدَة , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : ثَنِي اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , قَالَ : (بَلَغَنَا عَنْ الْقُرَظِيّ , فِي قَوْله : { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : اِجْعَلْ سُكَّرهمْ حِجَارَة . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُحَمَّد بْن الْقُرَظِيّ , قَالَ : (اِجْعَلْ سُكَّرهمْ حِجَارَة . )13791 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة : ( { اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : اِجْعَلْهَا حِجَارَة . )13792 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , فِي قَوْله : ( { اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ } قَالَ : صَارَتْ حِجَارَة . )13793 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ زُرُوعهمْ تَحَوَّلَتْ حِجَارَة . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ حُرُوثًا لَهُمْ صَارَتْ حِجَارَةً . )13794 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا قَبِيصَة بْن عُقْبَة , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : يَقُولُونَ : صَارَتْ حِجَارَة . )13795 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَا : ثَنَا إِسْحَاق . قَالَ : ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : صَارَتْ حِجَارَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ حُرُوثًا لَهُمْ صَارَتْ حِجَارَة . )13796 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : حَمَّلَهَا اللَّه حِجَارَة مَنْقُوشَة عَلَى هَيْئَة مَا كَانَتْ . )13797 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ , وَقَدْ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ ; طَمَسَ عَلَى أَمْوَالهمْ , فَصَارَتْ حِجَارَة ذَهَبهُمْ وَدَرَاهِمهُمْ وَعَدَسهمْ وَكُلّ شَيْء . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : أَهْلِكْهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13798 - حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } قَالَ : أَهْلِكْهَا . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 13799 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ } يَقُول : دَمِّرْ عَلَيْهِمْ وَأَهْلِكْ أَمْوَالَهُمْ .)|وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ|وَأَمَّا قَوْله : { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : وَاطْبَعْ عَلَيْهَا حَتَّى لَا تَلِينَ وَلَا تَنْشَرِح بِالْإِيمَانِ . كَمَا : 13800 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (وَقَالَ مُوسَى قَبْل أَنْ يَأْتِيَ فِرْعَوْن : رَبّنَا { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } فَاسْتَجَابَ اللَّه لَهُ , وَحَالَ بَيْنَ فِرْعَوْن وَبَيْنَ الْإِيمَان حَتَّى أَدْرَكَهُ الْغَرَق , فَلَمْ يَنْفَعْهُ الْإِيمَانُ . )13801 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } يَقُول : وَاطْبَعْ عَلَى قُلُوبهمْ , { حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } وَهُوَ الْغَرَق . )13802 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } بِالضَّلَالَةِ . )* - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } قَالَ : بِالضَّلَالَةِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13803 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } يَقُول : أَهْلِكْهُمْ كُفَّارًا .)|فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ|وَأَمَّا قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : فَلَا يُصَدِّقُوا بِتَوْحِيدِ اللَّه وَيُقَرِّرُوا بِوَحْدَانِيِّتِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْمُوجِعَ . كَمَا : 13804 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَا يُؤْمِنُوا } بِاَللَّهِ فِيمَا يَرَوْنَ مِنْ الْآيَات , { حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - قَالَ ثَنَا سُوَيْد بْن نَصْر , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13805 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : (سَمِعْت الْمَنْقَرِيّ يَقُول : { فَلَا يُؤْمِنُوا } يَقُول : دَعَا عَلَيْهِمْ . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي مَوْضِع : { يُؤْمِنُوا } فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : هُوَ نَصْب ; لِأَنَّ جَوَابَ الْأَمْر بِالْفَاءِ أَوْ يَكُون دُعَاء عَلَيْهِمْ إِذَا عَصَوْا . وَقَدْ حُكِيَ عَنْ قَائِل هَذَا الْقَوْل أَنَّهُ كَانَ يَقُول : هُوَ نَصْب عَطْفًا عَلَى قَوْله : { لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِك } وَقَالَ آخَر مِنْهُمْ , وَهُوَ قَوْل نَحْوِيِّي الْكُوفَة : مَوْضِعه جَزْم عَلَى الدُّعَاء مِنْ مُوسَى عَلَيْهِمْ , بِمَعْنَى : فَلَا آمَنُوا . كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>فَلَا يَنْبَسِط مِنْ بَيْن عَيْنَيْك مَا اِنْزَوَى .......... وَلَا تَلْقَنِي إِلَّا وَأَنْفك رَاغِم <br>بِمَعْنَى : فَلَا اِنْبَسَطَ مِنْ بَيْن عَيْنَيْك مَا اِنْزَوَى , وَلَا لَقِيتنِي عَلَى الدُّعَاء . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي , الْكُوفَة يَقُول : هُوَ دُعَاء , كَأَنَّهُ قَالَ : اللَّهُمَّ فَلَا يُؤْمِنُوا . قَالَ : وَإِنْ شِئْت جَعَلْتهَا جَوَابًا لِمَسْأَلَتِهِ إِيَّاهُ , لِأَنَّ الْمَسْأَلَة خَرَجَتْ عَلَى لَفْظ الْأَمْر , فَتَجْعَل { فَلَا يُؤْمِنُوا } فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى الْجَوَاب , وَلَيْسَ بِسَهْلٍ . قَالَ : وَيَكُون كَقَوْلِ الشَّاعِر : <br>يَا نَاق سِيرِي عَنَقًا فَسِيحَا .......... إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا <br>قَالَ : وَلَيْسَ الْجَوَاب بِسَهْلٍ فِي الدُّعَاء لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي مَوْضِع جَزْم عَلَى الدُّعَاء , بِمَعْنَى : فَلَا آمَنُوا . وَإِنَّمَا اِخْتَرْت ذَلِكَ ; لِأَنَّ مَا قَبْله دُعَاء , وَذَلِكَ قَوْله : { رَبّنَا اِطْمِسْ عَلَى أَمْوَالهمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبهمْ } , فَإِلْحَاق قَوْله : { فَلَا يُؤْمِنُوا } إِذْ كَانَ فِي سِيَاق ذَلِكَ بِمَعْنَاهُ أَشْبَه وَأَوْلَى . وَأَمَّا قَوْله : { حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } فَإِنَّ اِبْنَ عَبَّاس كَانَ يَقُول : مَعْنَاهُ : حَتَّى يَرَوْا الْغَرَق . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُ بِذَلِكَ مِنْ بَعْض وُجُوههَا فِيمَا مَضَى . 13806 - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } قَالَ : الْغَرَق .)

قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } </subtitle>وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه عَنْ إِجَابَته لِمُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَارُون دُعَاءَهُمَا عَلَى فِرْعَوْن وَأَشْرَف قَوْمه وَأَمْوَالهمْ . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { قَالَ } اللَّه لَهُمَا { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } فِي فِرْعَوْن وَمَلَئِهِ وَأَمْوَالهمْ . فَإِنْ قَائِل قَائِل : وَكَيْف نُسِبَتْ الْإِجَابَة إِلَى اِثْنَيْنِ وَالدُّعَاء إِنَّمَا كَانَ مِنْ وَاحِد قِيلَ : إِنَّ الدَّاعِيَ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَإِنَّ الثَّانِيَ كَانَ مُؤَمِّنًا وَهُوَ هَارُون , فَلِذَلِكَ نُسِبَتْ الْإِجَابَة إِلَيْهِمَا , لِأَنَّ الْمُؤَمِّن دَاعٍ . وَكَذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13807 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } قَالَ : كَانَ مُوسَى يَدْعُو وَهَارُونُ يُؤَمِّنُ , فَذَلِكَ قَوْله : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } )وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة أَنَّ الْعَرَبَ تُخَاطِب الْوَاحِدَ خِطَاب الِاثْنَيْنِ , وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ : <br>فَقُلْت لِصَاحِبِي لَا تُعْجِلَانَا .......... بِنَزْعِ أُصُوله وَاجْتَزَّ شِيحَا <br>13808 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا زَكَرِيَّا بْن عَدِّي , عَنْ اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح قَالَ : ( { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } قَالَ : دَعَا مُوسَى , وَأَمَّنَ هَارُون . )13809 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا أَبِي وَزَيْد بْن حُبَاب , عَنْ مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَالَ : (دَعَا مُوسَى , وَأَمَّنَ هَارُون . )* - قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ شَيْخ لَهُ , عَنْ مُجَاهِد بْن كَعْب , قَالَ : (دَعَا مُوسَى , وَأَمَّنَ هَارُون . )13810 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو نُعَيْم قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : ( { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } قَالَ : دَعَا مُوسَى , وَأَمَّنَ هَارُون . )13811 - قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن سَعْد , وَعَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : (دَعَا مُوسَى وَأَمَّنَ هَارُون , فَذَلِكَ قَوْله : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة فِي قَوْله : ( { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا } قَالَ : كَانَ مُوسَى يَدْعُو وَهَارُون يُؤَمِّنُ , فَذَلِكَ قَوْله . )13812 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا } لِمُوسَى وَهَارُون . قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ عِكْرِمَة : أَمَّنَ هَارُون عَلَى دُعَاء مُوسَى , فَقَالَ اللَّه : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا فَاسْتَقِيمَا } )13813 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (كَانَ هَارُون يَقُول : آمِينَ , فَقَالَ اللَّه : { قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتكُمَا } فَصَارَ التَّأْمِين دَعْوَة صَارَ شَرِيكه فِيهَا .)|فَاسْتَقِيمَا|وَأَمَّا قَوْله : { فَاسْتَقِيمَا } فَإِنَّهُ أَمْر مِنْ اللَّه تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُون بِالِاسْتِقَامَةِ وَالثَّبَات عَلَى 209أَمْرِهِمَا مِنْ دُعَاء فِرْعَوْنَ وَقَوْمه إِلَى الْإِجَابَة إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَطَاعَته , إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ عِقَاب اللَّه الَّذِي أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ أَجَابَهُمَا فِيهِ . كَمَا : 13814 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { فَاسْتَقِيمَا } : فَامْضِيَا لِأَمْرِي , وَهِيَ الِاسْتِقَامَة . )قَالَ اِبْن جُرَيْج يَقُولُونَ : إِنَّ فِرْعَوْن مَكَثَ بَعْد هَذِهِ الدَّعْوَة أَرْبَعِينَ سَنَة .|وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ|وَقَوْله : { وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول : وَلَا تَسْلُكَانِ طَرِيقَ الَّذِينَ يَجْهَلُونَ حَقِيقَة وَعْدِي , فَتَسْتَعْجِلَانِ قَضَائِي , فَإِنَّ وَعْدِي لَا خَالِف لَهُ , وَإِنَّ وَعِيدِي نَازِل بِفِرْعَوْن وَعَذَابِي وَاقِع بِهِ وَبِقَوْمِهِ .

وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعهُمْ فِرْعَوْن وَجُنُوده } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقَطَعْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ حَتَّى جَاوَزُوهُ . { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْن } يَقُول : فَتَبِعَهُمْ فِرْعَوْن { وَجُنُوده } يُقَال مِنْهُ : أَتْبَعْته وَتَبِعْته بِمَعْنًى وَاحِد . وَقَدْ كَانَ الْكِسَائِيّ فِيمَا ذَكَرَ أَبُو عُبَيْد عَنْهُ يَقُول : إِذَا أُرِيد أَنَّهُ أَتْبَعهُمْ خَيْرًا أَوْ شَرًّا فَالْكَلَام | أَتْبَعهُمْ | بِهَمْزِ الْأَلِف , وَإِذَا أُرِيد اِتَّبَعَ أَثَرهمْ أَوْ اِقْتَدَى بِهِمْ فَإِنَّهُ مِنْ | اِتَّبَعْت | مُشَدَّدَة التَّاء غَيْر مَهْمُوزَة الْأَلِف .|بَغْيًا|عَلَى مُوسَى وَهَارُون وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ قَوْمهمَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل .|وَعَدْوًا|يَقُول : وَاعْتِدَاء عَلَيْهِمْ , وَهُوَ مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : عَدَا فُلَان عَلَى فُلَان فِي الظُّلْم يَعْدُو عَلَيْهِ عَدْوًا , مِثْل غَزَا يَغْزُو غَزْوًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : | بَغْيًا وَعَدْوًا | وَهُوَ أَيْضًا مَصْدَر مِنْ قَوْلهمْ : عَدَا يَعْدُو عَدْوًا , مِثْل عَلَا يَعْلُو عُلُوًّا .|حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ| { حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَق } يَقُول : حَتَّى إِذَا أَحَاطَ بِهِ الْغَرَق . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك قَدْ تُرِك ذِكْره بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ وَذَلِكَ : فَأَتْبَعهُمْ فِرْعَوْن وَجُنُوده بَغْيًا وَعَدْوًا فِيهِ , فَغَرَّقْنَاهُ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَق .|قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ|وَقَوْله : { قَالَ آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل فِرْعَوْن حِين أَشْرَفَ عَلَى الْغَرَق وَأَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ : { آمَنْت } يَقُول : أَقْرَرْت , { أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ } وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَ بَعْضهمْ وَهُوَ قِرَاءَة عَامَّة الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : | أَنَّهُ | بِفَتْحِ الْأَلِف مِنْ | أَنَّهُ | عَلَى إِعْمَال | آمَنْت | فِيهَا وَنَصْبهَا بِهِ . وَقَرَأَ آخَرُونَ : | آمَنْت إِنَّهُ | بِكَسْرِ الْأَلِف مِنْ أَنَّهُ عَلَى اِبْتِدَاء الْخَبَر , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة الْكُوفِيِّينَ . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , وَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيبٌ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13815 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد , قَالَ : (اِجْتَمَعَ يَعْقُوب وَبَنُوهُ إِلَى يُوسُف , وَهُمْ اِثْنَانِ وَسَبْعُونَ , وَخَرَجُوا مَعَ مُوسَى مِنْ مِصْرَ حِين خَرَجُوا وَهُمْ سِتّمِائَةِ أَلْف , فَلَمَّا أَدْرَكَهُمْ فِرْعَوْن فَرَأَوْهُ , قَالُوا : يَا مُوسَى أَيْنَ الْمَخْرَج ؟ فَقَدْ أُدْرِكْنَا قَدْ كُنَّا نَلْقَى مِنْ فِرْعَوْن الْبَلَاءَ ؟ فَأَوْحَى اللَّه إِلَى مُوسَى : { أَنْ اِضْرِبْ بِعَصَاك الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلّ فِرْق كَالطَّوْدِ الْعَظِيم } وَيَبِسَ لَهُمْ الْبَحْر , وَكَشَفَ اللَّه عَنْ وَجْه الْأَرْض , وَخَرَجَ فِرْعَوْن عَلَى فَرَس حِصَان أَدْهَم عَلَى لَوْنه مِنْ الدُّهْم ثَمَانمِائَةِ أَلْف سِوَى أَلْوَانهَا مِنْ الدَّوَابّ , وَكَانَتْ تَحْت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَرَس وَدِيق لَيْسَ فِيهَا أُنْثَى غَيْرهَا . وَمِيكَائِيل يَسُوقهُمْ , لَا يَشِذّ رَجُل مِنْهُمْ إِلَّا ضَمَّهُ إِلَى النَّاس . فَلَمَّا خَرَجَ آخِر بَنِي إِسْرَائِيل دَنَا مِنْهُ جِبْرِيل وَلَصِقَ بِهِ , فَوَجَدَ الْحِصَان رِيح الْأُنْثَى , فَلَمْ يَمْلِك فِرْعَوْن مِنْ أَمْره شَيْئًا , وَقَالَ : أَقْدِمُوا فَلَيْسَ الْقَوْم أَحَقّ بِالْبَحْرِ مِنْكُمْ ! ثُمَّ أَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْن حَتَّى إِذَا هَمَّ أَوَّلهمْ أَنْ يَخْرُجُوا اِرْتَطَمَ وَنَادَى فِيهَا : { آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ } وَنُودِيَ : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْت قَبْل وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ } )13816 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : يَرْفَعهُ أَحَدهمَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : (إِنَّ جِبْرَائِيل كَانَ يَدُسّ فِي فَم فِرْعَوْن الطِّين مَخَافَة أَنْ يَقُول لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه . )* - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن عَمْرو بْن مُحَمَّد الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : ( جَعَلَ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَدُسّ أَوْ يَحْشُو فِي فَم فِرْعَوْن الطِّينَ مَخَافَة أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَة . )13817 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ كَثِير بْن زَاذَانَ , عَنْ أَبِي حَازِم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ لِي جِبْرَائِيل : يَا مُحَمَّد لَوْ رَأَيْتنِي وَأَنَا أَغُطّهُ وَأَدُسّ مِنْ حَمْئِهِ فِي فِيهِ مَخَافَة أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَة اللَّه فَيَغْفِر لَهُ | )يَعْنِي فِرْعَوْن . 13818 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , قَالَ : ثَنَا حَمَّاد , عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد , عَنْ يُوسُف بْن مِهْرَان , عَنْ اِبْن عَبَّاس , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَمَّا أَغْرَقَ اللَّه فِرْعَوْنَ قَالَ : آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل , فَقَالَ جِبْرَائِيل : يَا مُحَمَّد لَوْ رَأَيْتنِي وَأَنَا آخُذ مِنْ حَمْأَة الْبَحْر وَأَدُسّهُ فِي فِيهِ مَخَافَة أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَة . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنِي عَمْرو , عَنْ حَكَّام , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَمَّا قَالَ فِرْعَوْن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه , جَعَلَ جِبْرَائِيل يَحْشُو فِي فِيهِ الطِّينَ وَالتُّرَابَ . )13819 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مَيْمُون بْن مِهْرَان يَقُول فِي قَوْله : ( { آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل } قَالَ : أَخَذَ جِبْرَائِيل مِنْ حَمْأَة الْبَحْر فَضَرَبَ بِهَا فَاهُ - أَوْ قَالَ : مَلَأَ بِهَا فَاهُ - مَخَافَة أَنْ تُدْرِكَهُ رَحْمَة اللَّه . )13820 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ . عَنْ جَعْفَر بْن بُرْقَان , عَنْ مَيْمُون بْن مِهْرَان , قَالَ : (خَطَبَ الضَّحَّاك بْن قَيْس , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : إِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ عَبْدًا طَاغِيًا نَاسِيًا لِذِكْرِ اللَّه , فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَق { قَالَ آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ اللَّه : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْت قَبْل وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ } )13821 - قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ شُعْبَة , عَنْ عَدِيّ بْن ثَابِت , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (أَنَّ فِرْعَوْن لَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَق حَمَلَ جِبْرَائِيل يَحْثُو فِي فِيهِ التُّرَاب خَشْيَةَ أَنْ يُغْفَر لَهُ . )13822 - قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , عَنْ عِيسَى بْن الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ , (أَنَّ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ : مَا خَشِيت عَلَى أَحَد مِنْ بَنِي آدَم الرَّحْمَةَ إِلَّا فِرْعَوْن , فَإِنَّهُ حِين قَالَ مَا قَالَ خَشِيت أَنْ تَصِل إِلَى الرَّبّ فَيَرْحَمهُ , فَأَخَذْت مِنْ حَمْأَة الْبَحْر وَزَبَده فَضَرَبْت بِهِ عَيْنَيْهِ وَوَجْهه . )* - قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر , عَنْ عُمَر بْن يَعْلَى , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (قَالَ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام : لَقَدْ حَشَوْت فَاهُ الْحَمْأَة مَخَافَة أَنْ تُدْرِكَهُ الرَّحْمَة .)

آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْت قَبْل وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُعَرِّفًا فِرْعَوْن قُبْح صَنِيعه أَيَّام حَيَاته وَإِسَاءَته إِلَى نَفْسه أَيَّام صِحَّته , بِتَمَادِيهِ فِي طُغْيَانه وَمَعْصِيَته رَبّه حِين فَزِعَ إِلَيْهِ فِي حَال حُلُول سَخَطه بِهِ وَنُزُول عِقَابه , مُسْتَجِيرًا بِهِ مِنْ عَذَابه الْوَاقِع بِهِ لَمَّا نَادَاهُ وَقَدْ عَلَتْهُ أَمْوَاج الْبَحْر وَغَشِيَتْهُ كُرَب الْمَوْت : { آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ } لَهُ , الْمُنْقَادِينَ بِالذِّلَّةِ لَهُ , الْمُعْتَرِفِينَ بِالْعُبُودِيَّةِ : آلْآنَ تُقِرّ لِلَّهِ بِالْعُبُودِيَّةِ , وَتَسْتَسْلِم لَهُ بِالذِّلَّةِ , وَتُخْلِص لَهُ الْأُلُوهَة , وَقَدْ عَصَيْته قَبْل نُزُول نِقْمَته بِكَ فَأَسْخَطْته عَلَى نَفْسك وَكُنْت مِنْ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْض الصَّادِّينَ عَنْ سَبِيله ؟ فَهَلَّا وَأَنْتَ فِي مَهَل وَبَاب التَّوْبَة لَك مُنْفَتِح أَقْرَرْت بِمَا أَنْتَ بِهِ الْآن مُقِرّ !

فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَالْيَوْم نُنَجِّيك بِبَدَنِك لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك آيَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِفِرْعَوْن : فَالْيَوْم نَحْمِلُك عَلَى نَجْوَة الْأَرْض بِبَدَنِك , يَنْظُر إِلَيْك هَالِكًا مَنْ كَذَّبَ بِهَلَاكِك . { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك آيَةً } يَقُول : لِمَنْ بَعْدَك مِنْ النَّاس عِبْرَة يَعْتَبِرُونَ بِك , فَيَنْزَجِرُونَ عَنْ مَعْصِيَة اللَّه وَالْكُفْر بِهِ وَالسَّعْي فِي أَرْضه بِالْفَسَادِ . وَالنَّجْوَة : الْمَوْضِع الْمُرْتَفِع عَلَى مَا حَوْله مِنْ الْأَرْض , وَمِنْهُ قَوْل أَوْس بْن حُجْر : <br>فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنَجْوَتِهِ .......... وَالْمُسْتَكِنّ كَمَنْ يَمْشِي بِقَرْوَاح <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13823 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي السَّلِيل , عَنْ قَيْس بْن عَبَّاد وَغَيْره قَالَ : (قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل لِمُوسَى : إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ فِرْعَوْن . قَالَ : فَأَخْرَجَهُ اللَّه إِلَيْهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مِثْل الثَّوْر الْأَحْمَر . )13824 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ سَعِيد الْجُرَيْرِيّ , عَنْ أَبِي السَّلِيل , عَنْ قَيْس بْن عَبَّاد , قَالَ : (وَكَانَ مِنْ أَكْثَر النَّاس , أَوْ أَحْدَث النَّاس عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل . قَالَ : فَحَدَّثَنَا أَنَّ أَوَّل جُنُود فِرْعَوْن لَمَّا اِنْتَهَى إِلَى الْبَحْر هَابَتْ الْخَيْلُ اللَّهَبَ , قَالَ , وَمُثِّلَ لِحِصَانٍ مِنْهَا فَرَس وَدِيق , فَوَجَدَ رِيحَهَا - أَحْسَبهُ أَنَا قَالَ : فَانْسَلَّ فَاتَّبَعَتْهُ - قَالَ : فَلَمَّا تَتَامَّ آخِر جُنُود فِرْعَوْن فِي الْبَحْر وَخَرَجَ آخِر بَنِي إِسْرَائِيلَ أُمِرَ الْبَحْر فَانْطَبَقَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيل : مَا مَاتَ فِرْعَوْن , وَمَا كَانَ لِيَمُوتَ أَبَدًا ! فَسَمِعَ اللَّه تَكْذِيبَهُمْ نَبِيَّهُ . قَالَ : فَرَمَى بِهِ عَلَى السَّاحِل كَأَنَّهُ ثَوْر أَحْمَر يَتَرَاءَاهُ بَنُو إِسْرَائِيل . )13825 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْن عُبَيْدَة , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : ( { فَالْيَوْم نُنَجِّيك بِبَدَنِك } قَالَ : بَدَنه : جَسَده رَمَى بِهِ الْبَحْر . )13826 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَالْيَوْم نُنَجِّيك بِبَدَنِك } قَالَ : بِجَسَدِك . )* - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 13827 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا الْأَصْغَر بْن زَيْد , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي أَيُّوب , قَالَ : ثَنِي سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْر بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ , اِلْتَقَى الْبَحْر عَلَيْهِمْ - يَعْنِي عَلَى فِرْعَوْن وَقَوْمه - فَأَغْرَقَهُمْ , فَقَالَ أَصْحَاب مُوسَى : إِنَّا نَخَاف أَنْ لَا يَكُونَ فِرْعَوْن غَرِقَ , وَلَا نُؤْمِن بِهَلَاكِهِ ! فَدَعَا رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ , فَنَبَذَهُ الْبَحْر حَتَّى اِسْتَيْقَنُوا بِهَلَاكِهِ . )13828 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : ( { فَالْيَوْم نُنَجِّيك بِبَدَنِك لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك آيَة } يَقُول : أَنْكَرَ ذَلِكَ طَوَائِف مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , فَقَذَفَهُ اللَّه عَلَى سَاحِل الْبَحْر يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك آيَة } قَالَ : لَمَّا أَغْرَقَ اللَّه فِرْعَوْن لَمْ تُصَدِّق طَائِفَة مِنْ النَّاس بِذَلِكَ , فَأَخْرَجَهُ اللَّه آيَة وَعِظَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن التَّيْمِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي السَّلِيل عَنْ قَيْس بْن عَبَّاد أَوْ غَيْره , بِنَحْوِ حَدِيث اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ مَعْمَر . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن رَجَاء , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيك بِبَدَنِك } قَالَ : بِجَسَدِك . )* - قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن بُكَيْر , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : بَلَغَنِي , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيك بِبَدَنِك } قَالَ : بِجَسَدِك . )13829 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (كَذَّبَ بَعْض بَنِي إِسْرَائِيل بِمَوْتِ فِرْعَوْن , فَرَمَى بِهِ عَلَى سَاحِل الْبَحْر لِيَرَاهُ بَنُو إِسْرَائِيل , قَالَ : كَأَنَّهُ ثَوْر أَحْمَر . )وَقَالَ آخَرُونَ : تَنْجُو بِجَسَدِك مِنْ الْبَحْر فَتَخْرُج مِنْهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13830 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَالْيَوْمَ نُنَجِّيك بِبَدَنِك لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَك آيَة } يَقُول : أَنْجَى اللَّه فِرْعَوْنَ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ الْبَحْر , فَنَظَرُوا إِلَيْهِ بَعْدَمَا غَرِقَ . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَمَا وَجْه قَوْله : بِبَدَنِك ؟ وَهَلْ يَجُوز أَنْ يُنَجِّيَهُ بِغَيْرِ بَدَنه , فَيَحْتَاج الْكَلَام إِلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِبَدَنِك ؟ قِيلَ : كَانَ جَائِزًا أَنْ يُنَجِّيَهُ بِالْبَدَنِ بِغَيْرِ رُوح , وَلَكِنْ مَيِّتًا .|وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ|وَقَوْله : { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس عَنْ آيَاتنَا لَغَافِلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاس عَنْ آيَاتنَا } يَعْنِي : عَنْ حُجَجنَا وَأَدِلَّتنَا عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ وَالْأُلُوهَة لَنَا خَالِصَة , { لَغَافِلُونَ } يَقُول : لَسَاهُونَ , لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا وَلَا يَعْتَبِرُونَ بِهَا .

وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيل مُبَوَّأ صِدْق } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا بَنِي إِسْرَائِيل مَنَازِل صِدْق . قِيلَ : عَنَى بِذَلِكَ الشَّأْمَ وَبَيْتَ الْمَقْدِس . وَقِيلَ : عَنَى بِهِ الشَّام وَمِصْر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13831 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْمُحَارِبِيّ وَأَبُو خَالِد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنْ الضَّحَّاك : ( { مُبَوَّأ صِدْق } قَالَ : مَنَازِل صِدْق : مِصْر وَالشَّام . )13832 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مُبَوَّأ صِدْق } قَالَ : بَوَّأَهُمْ اللَّه الشَّام وَبَيْت الْمَقْدِس . )13833 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيل مُبَوَّأ صِدْق } الشَّام . وَقَرَأَ : { إِلَى الْأَرْض الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } )[21 71]|وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ|وَقَوْله : { وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات } يَقُول : وَرَزَقْنَا بَنِي إِسْرَائِيل مِنْ حَلَال الرِّزْق وَهُوَ الطَّيِّب .|فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ|وَقَوْله : { فَمَا اِخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْم } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَمَا اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فَعَلْنَا بِهِمْ هَذَا الْفِعْل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , حَتَّى جَاءَهُمْ مَا كَانُوا بِهِ عَالِمِينَ ; وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَبْل أَنْ يُبْعَث مُحَمَّدٌ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجْمِعِينَ عَلَى نُبُوَّة مُحَمَّد وَالْإِقْرَار بِهِ وَبِمَبْعَثِهِ غَيْر مُخْتَلِفِينَ فِيهِ بِالنَّعْتِ الَّذِي كَانُوا يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدهمْ , فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرَ بِهِ بَعْضهمْ وَآمَنَ بِهِ مِنْ بَعْضهمْ , وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ مِنْهُمْ كَانُوا عَدَدًا قَلِيلًا , فَذَلِكَ قَوْله : فَمَا اِخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْمَعْلُوم الَّذِي كَانُوا يَعْلَمُونَهُ نَبِيًّا لِلَّهِ , فَوَضَعَ الْعِلْم مَكَان الْمَعْلُوم . وَكَانَ بَعْضهمْ يَتَأَوَّل الْعِلْم هَهُنَا كِتَاب اللَّه وَوَحْيه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13834 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَمَا اِخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْم } قَالَ : الْعِلْم : كِتَاب اللَّه الَّذِي أَنْزَلَهُ وَأَمْره الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ , وَهَلْ اِخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْم بَغْيًا بَيْنهمْ أَهْل الْأَهْوَاء , هَلْ اِقْتَتَلُوا إِلَّا عَلَى الْبَغْي ؟ قَالَ : وَالْبَغْي وَجْهَانِ : وَجْه النَّفَاسَة فِي الدُّنْيَا وَمَنْ اِقْتَتَلَ عَلَيْهَا مِنْ أَهْلهَا , وَبَغَى فِي الْعِلْم يَرَى هَذَا جَاهِلًا مُخْطِئًا وَيَرَى نَفْسه مُصِيبًا عَالِمًا , فَيَنْبَغِي بِإِصَابَتِهِ وَعِلْمه عَلَى هَذَا الْمُخْطِئ .)|إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ|وَقَوْله : { إِنَّ رَبّك يَقْضِي بَيْنهمْ يَوْمَ الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ رَبّك يَا مُحَمَّد يَقْضِي بَيْنَ الْمُخْتَلِفِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل فِيك يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ أَمْرِي فِي الدُّنْيَا يَخْتَلِفُونَ , بِأَنْ يُدْخِل الْمُكَذِّبِينَ بِك مِنْهُمْ النَّار وَالْمُؤْمِنِينَ بِك مِنْهُمْ الْجَنَّة . فَذَلِكَ قَضَاؤُهُ يَوْمئِذٍ فِيمَا كَانُوا يَخْتَلِفُونَ مِنْ أَمْر مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنْ كُنْت يَا مُحَمَّد فِي شَكّ مِنْ حَقِيقَة مَا أَخْبَرْنَاك وَأُنْزِلَ إِلَيْك مِنْ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيل لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي نُبُوَّتك قَبْل أَنْ تُبْعَث رَسُولًا إِلَى خَلْقه , لِأَنَّهُمْ يَجِدُونَك عِنْدهمْ مَكْتُوبًا وَيَعْرِفُونَك بِالصِّفَةِ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مَوْصُوف فِي كِتَابهمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ; فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك مِنْ أَهْل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كَعَبْدِ اللَّه بْن سَلَام وَنَحْوه مِنْ أَهْل الصِّدْق وَالْإِيمَان بِك مِنْهُمْ دُون أَهْل الْكَذِب وَالْكُفْر بِك مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13835 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } قَالَ : التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الَّذِينَ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب فَآمَنُوا بِهِ , يَقُول : فَاسْأَلْهُمْ إِنْ كُنْت فِي شَكّ بِأَنَّك مَكْتُوب عِنْدهمْ . )13836 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله تَعَالَى : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } قَالَ : هُوَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام , كَانَ مِنْ أَهْل الْكِتَاب فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )13837 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِك } قَالَ : هُمْ أَهْل الْكِتَاب . )13838 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : { فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } يَعْنِي أَهْل التَّقْوَى وَأَهْل الْإِيمَان مِنْ أَهْل الْكِتَاب , مِمَّنْ أَدْرَكَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : أَوَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَكّ مِنْ خَبَر اللَّه أَنَّهُ حَقّ يَقِين حَتَّى قِيلَ لَهُ : { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } ! قِيلَ : لَا وَكَذَلِكَ قَالَ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم . 13739 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك } فَقَالَ : لَمْ يَشُكّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْأَل . )* - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي عَوَانَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } قَالَ : مَا شَكَّ وَمَا سَأَلَ . )13840 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْقَاسِم بْن سَلَّام , قَالَ : ثَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر وَمَنْصُور , عَنْ الْحَسَن فِي هَذِهِ الْآيَة , قَالَ : (لَمْ يَشُكّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْأَل . )13841 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | لَا أَشُكّ وَلَا أَسْأَل . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَإِنْ كُنْت فِي شَكّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْك فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَاب مِنْ قَبْلِك } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | لَا أَشُكّ وَلَا أَسْأَل . )فَإِنْ قَالَ : فَمَا وَجْه مَخْرَج هَذَا الْكَلَام إِذَنْ إِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت ؟ قِيلَ : قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ كِتَابنَا هَذَا اِسْتِجَازَة الْعَرَب قَوْل الْقَائِل مِنْهُمْ لِمَمْلُوكِهِ : إِنْ كُنْت مَمْلُوكِي فَانْتَهِ إِلَى أَمْرِي ; وَالْعَبْد الْمَأْمُور بِذَلِكَ لَا يَشُكّ سَيِّده الْقَائِل لَهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَبْده . كَذَلِكَ قَوْل الرَّجُل مِنْهُمْ لِابْنِهِ : إِنْ كُنْت اِبْنِي فَبِرَّنِي ; وَهُوَ لَا يَشُكّ فِي اِبْنه أَنَّهُ اِبْنه , وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَلَامهمْ صَحِيح مُسْتَفِيض فِيهِمْ , وَذَكَرْنَا ذَلِكَ بِشَوَاهِد , وَأَنَّ مِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى اِبْن مَرْيَمَ أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُون اللَّه } [5 116 ]وَقَدْ عَلِمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ عِيسَى لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ . وَهَذَا مِنْ ذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاكًّا فِي حَقِيقَة خَبَر اللَّه وَصِحَّته , وَاَللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ مِنْ أَمْره كَانَ عَالِمًا , وَلَكِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ خَاطَبَهُ خِطَاب قَوْمه بَعْضهمْ بَعْضًا , إِذْ كَانَ الْقُرْآن بِلِسَانِهِمْ نَزَلَ .|لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ|وَأَمَّا قَوْله : { لَقَدْ جَاءَك الْحَقّ مِنْ رَبّك } ... الْآيَة , فَهُوَ خَبَر مِنْ اللَّه مُبْتَدَأ , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُقْسِم لَقَدْ جَاءَك الْحَقّ الْيَقِين مِنْ الْخَبَر بِأَنَّك لِلَّهِ رَسُول , وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ صِحَّة ذَلِكَ , وَيَجِدُونَ نَعْتك عِنْدَهُمْ فِي كُتُبهمْ . { فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ } يَقُول : فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِّينَ فِي صِحَّة ذَلِكَ وَحَقِيقَته . وَلَوْ قَالَ قَائِل : إِنَّ هَذِهِ الْآيَة خُوطِبَ بِهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَاد بِهَا بَعْض مَنْ لَمْ يَكُنْ صَحَّتْ بَصِيرَته بِنُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِيمَان بِلِسَانِهِ , تَنْبِيهًا لَهُ عَلَى مَوْضِع تُعْرَف حَقِيقَة أَمْره الَّذِي يُزِيل اللَّبْس عَنْ قَلْبه , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { يَا أَيّهَا النَّبِيّ اِتَّقِ اللَّه وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّه كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } ; [33 1 ]كَانَ قَوْلًا غَيْر مَدْفُوعَة صِحَّته .

وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه فَتَكُونَ مِنْ الْخَاسِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَكُونَنَّ يَا مُحَمَّد مِنْ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِحُجَجِ اللَّه وَأَدِلَّته , فَتَكُونَ مِمَّنْ غَبَنَ حَظَّهُ وَبَاعَ رَحْمَةَ اللَّه وَرِضَاهُ بِسَخَطِهِ وَعِقَابه .

إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبّك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ يَا مُحَمَّد كَلِمَة رَبِّك , وَهِيَ لَعْنَته إِيَّاهُمْ بِقَوْلِهِ : { أَلَا لَعْنَة اللَّه عَلَى الظَّالِمِينَ } [11 18 ]فَثَبَتَتْ عَلَيْهِمْ , يُقَال مِنْهُ : حَقَّ عَلَى فُلَان كَذَا يَحِقّ . عَلَيْهِ : إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَوَجَبَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13842 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك لَا يُؤْمِنُونَ } قَالَ : حَقّ عَلَيْهِمْ سَخَط اللَّه بِمَا عَصَوْهُ . )13843 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك لَا يُؤْمِنُونَ } حَقَّ عَلَيْهِمْ سَخَط اللَّه بِمَا عَصَوْهُ .)|لَا يُؤْمِنُونَ|لَا يُصَدِّقُونَ بِحُجَجِ اللَّه , وَلَا يُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ رَبّهمْ وَلَا بِأَنَّك لِلَّهِ رَسُول ,

وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ

وَقَوْله : { وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة } وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة وَمَوْعِظَة وَعِبْرَة فَعَايَنُوهَا حَتَّى يُعَايِنُوا الْعَذَاب الْأَلِيمَ , كَمَا لَمْ يُؤْمِن فِرْعَوْن وَمَلَؤُهُ , إِذَا حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك حَتَّى عَايَنُوا الْعَذَاب الْأَلِيم , فَحِينَئِذٍ قَالَ : { آمَنْت أَنَّهُ لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيل } [10 90 ]حِين لَمْ يَنْفَعهُ قِيله , فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك مِنْ قَوْمك , مِنْ عَبَدَة الْأَوْثَان وَغَيْرهمْ , لَا يُؤْمِنُونَ بِك فَيَتَّبِعُونَك إِلَّا فِي الْحِين الَّذِي لَا يَنْفَعهُمْ إِيمَانهمْ .

فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا إِلَّا قَوْم يُونُس } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَلَّا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ ! وَهِيَ كَذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ . وَمَعْنَى الْكَلَام : فَمَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ عِنْد مُعَايَنَتهَا الْعَذَاب وَنُزُول سَخَط اللَّه بِهَا بِعِصْيَانِهَا رَبّهَا وَاسْتِحْقَاقهَا عِقَابه , فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت , كَمَا لَمْ يَنْفَع فِرْعَوْن إِيمَانه حِين أَدْرَكَهُ الْغَرَق بَعْد تَمَادِيهِ فِي غَيِّهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ سَخَطَ اللَّهِ بِمَعْصِيَتِهِ . { إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ } فَإِنَّهُمْ نَفَعَهُمْ إِيمَانهمْ بَعْد نُزُول الْعُقُوبَة وَحُلُول السَّخَط بِهِمْ . فَاسْتَثْنَى اللَّه قَوْم يُونُس مِنْ أَهْل الْقُرَى الَّذِينَ لَمْ يَنْفَعهُمْ إِيمَانهمْ بَعْد نُزُول الْعَذَاب بِسَاحَتِهِمْ , وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهُمْ , وَأَخْبَرَ خَلْقه أَنَّهُ نَفَعَهُمْ إِيْمَانهمْ خَاصَّة مِنْ بَيْن سَائِر الْأُمَم غَيْرهمْ . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَإِنْ كَانَ الْأَمْر عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ : { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا } بِمَعْنَى فَمَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ بِمَعْنَى الْجُحُود , فَكَيْف نُصِبَ | قَوْم | وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا قَبْل الِاسْتِثْنَاء إِذَا كَانَ جَحْدًا كَانَ مَا بَعْدَهُ مَرْفُوعًا , وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ كَلَام الْعَرَب : مَا قَامَ أَحَد إِلَّا أَخُوك , وَمَا خَرَجَ أَحَد إِلَّا أَبُوك ؟ قِيلَ : إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُون كَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَا بَعْد الِاسْتِثْنَاء مِنْ جِنْس مَا قَبْله ; وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخَ مِنْ جِنْس أَحَد , وَكَذَلِكَ الْأَب . وَلَكِنْ لَوْ اِخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ حَتَّى يَكُون مَا بَعْد الِاسْتِثْنَاء مِنْ غَيْر جِنْس مَا قَبْله كَانَ الْفَصِيح مِنْ كَلَامهمْ النَّصْب , وَذَلِكَ لَوْ قُلْت : مَا بَقِيَ فِي الدَّار أَحَد إِلَّا الْوَتَد , وَمَا عِنْدَنَا أَحَد إِلَّا كَلْبًا أَوْ حِمَارًا ; لِأَنَّ الْكَلْبَ وَالْوَتَدَ وَالْحِمَارَ مِنْ غَيْر جِنْس أَحَد , وَمِنْهُ قَوْل النَّابِغَة الذِّبْيَانِيّ : <br>أَعْيَتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَد <br>ثُمَّ قَالَ : <br>إِلَّا أَوَارِيَّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنهَا .......... وَالنُّؤْي كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَد <br>فَنَصَبَ | الْأَوَارِيَّ | إِذْ كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْر جِنْسه , فَكَذَلِكَ نَصَبَ قَوْمَ يُونُسَ لِأَنَّهُمْ أُمَّة غَيْر الْأُمَم الَّذِينَ اِسْتُثْنُوا مِنْهُمْ مِنْ غَيْر جِنْسهمْ وَشَكْلهمْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ بَنِي آدَم , وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء الَّذِي يُسَمِّيهِ بَعْضُ أَهْل الْعَرَبِيَّة الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطِع . وَلَوْ كَانَ قَوْم يُونُس بَعْض الْأُمَّة الَّذِينَ اُسْتُثْنُوا مِنْهُمْ كَانَ الْكَلَام رَفْعًا , وَلَكِنَّهُمْ كَمَا وَصَفْت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13844 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا } يَقُول : لَمْ تَكُنْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا الْإِيمَان إِذَا نَزَلَ بِهَا بَأْس اللَّه , إِلَّا قَرْيَة يُونُس . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : فَلَمْ تَكُنْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا كَمَا نَفَعَ قَوْم يُونُس إِيمَانهمْ إِلَّا قَوْم يُونُس . 13845 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا إِلَّا قَوْم يُونُس لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَاب الْخِزْي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين } يَقُول : لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي الْأُمَم قَبْلَهُمْ لَمْ يَنْفَع قَرْيَة كَفَرَتْ ثُمَّ آمَنَتْ حِين حَضَرَهَا الْعَذَاب فَتُرِكَتْ , إِلَّا قَوْم يُونُس لَمَّا فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ وُطِّنُوا أَنَّ الْعَذَاب قَدْ دَنَا مِنْهُمْ , قَذَفَ اللَّه فِي قُلُوبهمْ التَّوْبَةَ وَلَبِسُوا الْمُسُوح وَأَلِهُوا بَيْن كُلّ بَهِيمَة وَوَلَدهَا , ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّه أَرْبَعِينَ لَيْلَة . فَلَمَّا عَرَفَ اللَّه الصِّدْق مِنْ قُلُوبهمْ وَالتَّوْبَة وَالنَّدَّامَة عَلَى مَا مَضَى مِنْهُمْ , كَشَفَ اللَّه عَنْهُمْ الْعَذَاب بَعْدَ أَنْ تَدَلَّى عَلَيْهِمْ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ قَوْمَ يُونُس كَانُوا بِنِينَوَى أَرْض الْمَوْصِل . )13846 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { إِلَّا قَوْمَ يُونُس } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَنَزَلُوا عَلَى تَلّ وَفَرَّقُوا بَيْن كُلّ بَهِيمَة وَوَلَدهَا يَدْعُونَ اللَّه أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى تَابَ عَلَيْهِمْ . )13847 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْحَمِيد الْحِمَّانِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْمَلِك , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (غَشِيَ قَوْم يُونُس الْعَذَاب كَمَا يَغْشَى الثَّوْب الْقَبْر . )13848 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ قَتَادَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (إِنَّ الْعَذَابَ كَانَ هَبَطَ عَلَى قَوْم يُونُس , حَتَّى لَمْ يَكُنْ بَيْنهمْ وَبَيْنه إِلَّا قَدْر ثُلُثَيْ مِيل , فَلَمَّا دَعَوْا كَشَفَ اللَّه عَنْهُمْ . )13849 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد وَإِسْحَاق ; قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا إِلَّا قَوْم يُونُس لَمَّا آمَنُوا } قَالَ : كَمَا نَفَعَ قَوْم يُونُس . زَادَ أَبُو حُذَيْفَة فِي حَدِيثه قَالَ : لَمْ تَكُنْ قَرْيَة آمَنَتْ حِين رَأَتْ الْعَذَابَ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا , إِلَّا قَوْم يُونُس مَتَّعْنَاهُمْ . )13850 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , ثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : (ثَنَا رَجُل قَدْ قَرَأَ الْقُرْآن فِي صَدْره فِي إِمَارَة عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَحَدَّثَ عَنْ قَوْم يُونُس حِين أَنْذَرَ قَوْمه فَكَذَّبُوهُ , فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَذَابَ يُصِيبهُمْ فَفَارَقَهُمْ , فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ وَغَشِيَهُمْ الْعَذَاب لِكِنِّهِمْ , خَرَجُوا مِنْ مَسَاكِنهمْ وَصَعِدُوا فِي مَكَان رَفِيع , وَأَنَّهُمْ جَأَرُوا إِلَى رَبّهمْ وَدَعَوْهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ الْعَذَاب , وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ رَسُولهمْ . قَالَ : فَفِي ذَلِكَ أُنْزِلَ : { فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَة آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُس لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين } فَلَمْ تَكُنْ قَرْيَة غَشِيَهَا الْعَذَاب ثُمَّ أُمْسِكَ عَنْهَا إِلَّا قَوْم يُونُس خَاصَّة ; فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ يُونُس , لَكِنَّهُ ذَهَبَ عَاتِبًا عَلَى رَبّه وَانْطَلَقَ مُغَاضِبًا وَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِر عَلَيْهِ , حَتَّى رَكِبَ فِي سَفِينَة فَأَصَابَ أَهْلهَا عَاصِف الرِّيح . فَذَكَرَ قِصَّة يُونُس وَخَبَره . )13851 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثَنَا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , قَالَ : (لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ يَنْزِل فَرَّقُوا بَيْن كُلّ أُنْثَى وَوَلَدهَا مِنْ النَّاس وَالْأَنْعَام , ثُمَّ قَامُوا جَمِيعًا فَدَعَوْا اللَّه وَأَخْلَصُوا إِيمَانهمْ , فَرَأَوْا الْعَذَاب يُكْشَف عَنْهُمْ . قَالَ يُونُس حِين كُشِفَ عَنْهُمْ الْعَذَاب : أَرْجِع إِلَيْهِمْ وَقَدْ كَذَبْتهمْ ؟ وَكَانَ يُونُس قَدْ وَعَدَهُمْ الْعَذَاب بِصُبْحِ ثَالِثَة , فَعِنْد ذَلِكَ خَرَجَ مُغْضَبًا وَسَاءَ ظَنّه . )13852 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا عَبْد الْعَزِيز , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن عَبْد الْمَلِك , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (لَمَّا أَرْسَلَ يُونُس إِلَى قَوْمه يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام وَتَرْك مَا هُمْ عَلَيْهِ , قَالَ : فَدَعَاهُمْ فَأَبَوْا , فَقِيلَ لَهُ : أَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْعَذَاب مُصَبِّحُهُمْ ! فَقَالُوا : إِنَّا لَمْ نُجَرِّب عَلَيْهِ كَذِبًا فَانْظُرُوا , فَإِنْ بَاتَ فِيكُمْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ , وَإِنْ لَمْ يَبِتْ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْعَذَاب مُصَبِّحُكُمْ . فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْف اللَّيْل أَخَذَ مِخْلَاته فَتَزَوَّدَ فِيهَا شَيْئًا , ثُمَّ خَرَجَ . فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَغَشَّاهُمْ الْعَذَاب كَمَا يَتَغَشَّى الْإِنْسَان الثَّوْب فِي الْقَبْر , فَفَرَّقُوا بَيْن الْإِنْسَان وَوَلَده وَبَيْن الْبَهِيمَة وَوَلَدهَا , ثُمَّ عَجُّوا إِلَى اللَّه , فَقَالُوا : آمَنَّا بِمَا جَاءَ بِهِ يُونُس وَصَدَّقْنَا ! فَكَشَفَ اللَّه عَنْهُمْ الْعَذَاب , فَخَرَجَ يُونُس يَنْظُر الْعَذَاب فَلَمْ يَرَ شَيْئًا , قَالَ : جَرَّبُوا عَلَيَّ كَذِبًا . فَذَهَبَ مُغَاضِبًا لِرَبِّهِ حَتَّى أَتَى الْبَحْر . )13853 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنِي حَجَّاج , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي إِسْحَاق , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , قَالَ : ثَنَا اِبْن مَسْعُود فِي بَيْت الْمَال , قَالَ : (إِنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ قَدْ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يَأْتِيهِمْ إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام , فَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلّ وَالِدَة وَوَلَدِهَا , ثُمَّ خَرَجُوا فَجَأَرُوا إِلَى اللَّه وَاسْتَغْفَرُوهُ فَكَفَّ عَنْهُمْ الْعَذَاب , وَغَدَا يُونُس يَنْظُر الْعَذَاب فَلَمْ يَرَ شَيْئًا , وَكَانَ مَنْ كَذَبَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَة قُتِلَ . فَانْطَلَقَ مُغَاضِبًا . )13854 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثَنَا صَالِح الْمُرِّيّ , عَنْ أَبِي عِمْرَان الْجَوْنِيّ , عَنْ أَبِي الْجَلَد جِيلَان قَالَ : (لَمَّا غَشِيَ قَوْم يُونُس الْعَذَاب مَشَوْا إِلَى شَيْخ مِنْ بَقِيَّة عُلَمَائِهِمْ , فَقَالُوا لَهُ : إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِنَا الْعَذَاب فَمَا تَرَى ؟ فَقَالَ : قُولُوا يَا حَيّ حِين لَا حَيّ , وَيَا حَيّ مُحْيِي الْمَوْتَى , وَيَا حَيّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ ! فَكَشَفَ عَنْهُمْ الْعَذَاب وَمُتِّعُوا إِلَى حِين . )13855 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : (بَلَغَنِي فِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : | فَلَوْلَا يَقُول فَهَلَّا | .)|لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا|وَقَوْله : { لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَاب الْخِزْي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : لَمَّا صَدَّقُوا رَسُولَهُمْ وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ بَعْدَمَا أَظَلَّهُمْ الْعَذَاب وَغَشِيَهُمْ أَمْر اللَّه وَنَزَلَ بِهِمْ الْبَلَاء , كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَاب الْهَوَان وَالذُّلّ فِي حَيَاتهمْ الدُّنْيَا .|وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ| { وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين } يَقُول : وَأَخَّرْنَا فِي آجَالهمْ وَلَمْ نُعَاجِلهُمْ بِالْعُقُوبَةِ , وَتَرَكْنَاهُمْ فِي الدُّنْيَا يَسْتَمْتِعُونَ فِيهَا بِآجَالِهِمْ إِلَى حِين مَمَاتهمْ وَوَقْت فَنَاء أَعْمَارهمْ الَّتِي قَضَيْت فَنَاءَهَا .

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض كُلّهمْ جَمِيعًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : { وَلَوْ شَاءَ } يَا مُحَمَّد { رَبّك لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض كُلّهمْ جَمِيعًا } بِك , فَصَدَّقُوك أَنَّك لِي رَسُول وَأَنَّ مَا جِئْتهمْ بِهِ وَمَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الْعُبُودَة لَهُ حَقّ , وَلَكِنْ لَا يَشَاء ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنْ قَضَاء اللَّه قَبْل أَنْ يَبْعَثَك رَسُولًا أَنَّهُ لَا يُؤْمِن بِك وَلَا يَتَّبِعُكَ فَيُصَدِّقُوك بِمَا بَعَثَك اللَّه بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالنُّور إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَة فِي الْكِتَاب الْأَوَّل قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ , وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَجِبُوا مِنْ صِدْق إِيحَائِنَا إِلَيْك هَذَا الْقُرْآن لِتُنْذِر بِهِ مَنْ أَمَرْتُك بِإِنْذَارِهِ مِمَّنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ عِنْدِي أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِك فِي الْكِتَاب السَّابِق . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13856 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَوْ شَاءَ رَبّك لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض كُلّهمْ جَمِيعًا } { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِن إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه } [10 100 ]وَنَحْو هَذَا فِي الْقُرْآن , فَإِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْرِص أَنْ يُؤْمِنَ جَمِيع النَّاس وَيُتَابِعُوهُ عَلَى الْهُدَى , فَأَخْبَرَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا يُؤْمِن مِنْ قَوْمه إِلَّا مَنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّه السَّعَادَة فِي الذِّكْر الْأَوَّل , وَلَا يَضِلّ إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ مِنْ اللَّه الشَّقَاء فِي الذِّكْر الْأَوَّل . )فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا وَجْه قَوْله : { لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْض كُلّهمْ جَمِيعًا } ؟ فَالْكُلّ يَدُلّ عَلَى الْجَمِيع , وَالْجَمِيع عَلَى الْكُلّ , فَمَا وَجْه تَكْرَار ذَلِكَ , وَكُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا تُغْنِي عَنْ الْأُخْرَى ؟ قِيلَ : قَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي أَهْل الْبَصْرَة : جَاءَ بِقَوْلِهِ | جَمِيعًا | فِي هَذَا الْمَوْضِع تَوْكِيدًا كَمَا قَالَ : { لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اِثْنَيْنِ } [16 51 ]فَفِي قَوْله : | إِلَهَيْنِ | دَلِيل عَلَى الِاثْنَيْنِ . وَقَالَ غَيْره : جَاءَ بِقَوْلِهِ | جَمِيعًا | بَعْد | كُلّهمْ | ; لِأَنَّ | جَمِيعًا | لَا تَقَع إِلَّا تَوْكِيدًا , وَ | كُلّهمْ | يَقَع تَوْكِيدًا وَاسْمًا ; فَلِذَلِكَ جَاءَ بِـ | جَمِيعًا | بَعْدَ | كُلّهمْ | . قَالَ : وَلَوْ قِيلَ إِنَّهُ جَمَعَ بَيْنهمَا لِيَعْلَم أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِد لَجَازَ هَهُنَا . قَالَ : وَكَذَلِكَ : { إِلَهَيْنِ اِثْنَيْنِ } الْعَدَد كُلّه يُفَسَّر بِهِ , فَيُقَال : رَأَيْت قَوْمًا أَرْبَعَة , فَمَا جَاءَ بِاثْنَيْنِ وَقَدْ اِكْتَفَى بِالْعَدَدِ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : عِنْدِي دِرْهَم وَدِرْهَمَانِ , فَيَكْفِي مِنْ قَوْلهمْ : عِنْدِي دِرْهَم وَاحِد وَدِرْهَمَانِ اِثْنَانِ , فَإِذَا قَالُوا دَرَاهِم قَالُوا ثَلَاثَة ; لِأَنَّ الْجَمْع يَلْتَبِس وَالْوَاحِد وَالِاثْنَانِ لَا يَلْتَبِسَانِ , لَمْ يُثَنّ الْوَاحِد وَالتَّثْنِيَة عَلَى تَنَافِي الْجَمْع , لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلّ وَاحِد وَاحِد , لِأَنَّ دِرْهَمًا يَدُلّ عَلَى الْجِنْس الَّذِي هُوَ مِنْهُ , وَوَاحِد يَدُلّ عَلَى كُلّ الْأَجْنَاس , وَكَذَلِكَ اِثْنَانِ يَدُلَّانِ عَلَى كُلّ الْأَجْنَاس , وَدِرْهَمَانِ يَدُلَّانِ عَلَى أَنْفُسهمَا , فَلِذَلِكَ جَاءَ بِالْأَعْدَادِ لِأَنَّهُ الْأَصْل .|أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ|وَقَوْله : { أَفَأَنْت تُكْرِه النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ لَنْ يُصَدِّقَك يَا مُحَمَّد وَلَنْ يَتَّبِعك وَيُقِرّ بِمَا جِئْت بِهِ إِلَّا مَنْ شَاءَ رَبّك أَنْ يُصَدِّقَك , لَا بِإِكْرَاهِك إِيَّاهُ وَلَا بِحِرْصِك عَلَى ذَلِكَ , أَفَأَنْت تُكْرِه النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ لَك مُصَدِّقِينَ عَلَى مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك ؟ يَقُول لَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَاَلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَة رَبّك أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِن إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ خَلَقْتهَا مِنْ سَبِيل إِلَى تَصْدِيقَك يَا مُحَمَّد إِلَّا بِإِذْنِ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ , فَلَا تُجْهِدَنَّ نَفْسَك فِي طَلَب هُدَاهَا , وَبَلِّغْهَا وَعِيدَ اللَّه وَعَرِّفْهَا مَا أَمَرَك رَبّك بِتَعْرِيفِهَا , ثُمَّ خَلِّهَا , فَإِنَّ هُدَاهَا بِيَدِ خَالِقهَا . وَكَانَ الثَّوْرِيّ يَقُول فِي تَأْوِيل قَوْله : { إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه } مَا : 13857 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُفْيَان , فِي قَوْله : ( { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِن إِلَّا بِإِذْنِ اللَّه } قَالَ : بِقَضَاءِ اللَّه .)|وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ|وَأَمَّا قَوْله : { وَيَجْعَل الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ } فَإِنَّهُ يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه لِلْإِيمَانِ بِك يَا مُحَمَّد , وَيَأْذَن لَهُ فِي تَصْدِيقك فَيُصَدِّقك وَيَتَّبِعك , وَيُقِرّ بِمَا جِئْت بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك , وَيَجْعَل الرِّجْس , وَهُوَ الْعَذَاب , وَغَضَب اللَّه عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ; يَعْنِي الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ عَنْ اللَّه حُجَجه وَمَوَاعِظه وَآيَاته الَّتِي دَلَّ بِهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى نُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقِيقَة مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَخَلْع الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان . 13858 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَيَجْعَل الرِّجْسَ } قَالَ : السَّخَط .)

قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ اُنْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك , السَّائِلِيكَ الْآيَات عَلَى صِحَّة مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَخَلْع الْأَنْدَاد وَالْأَوْثَان : { اُنْظُرُوا } أَيّهَا الْقَوْم { مَاذَا فِي السَّمَاوَات } مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى حَقِيقَة مَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه مِنْ شَمْسهَا وَقَمَرهَا , وَاخْتِلَاف لَيْلهَا وَنَهَارهَا , وَنُزُول الْغَيْث بِأَرْزَاقِ الْعِبَاد مِنْ سَحَابهَا , { وَ } فِي { الْأَرْض } مِنْ جِبَالهَا وَتَصَدُّعهَا بِنَبَاتِهَا , وَأَقْوَات أَهْلهَا , وَسَائِر صُنُوف عَجَائِبهَا ; فَإِنَّ فِي ذَلِكَ لَكُمْ إِنْ عَقَلْتُمْ وَتَدَبَّرْتُمْ مَوْعِظَة وَمُعْتَبَرًا , وَدَلَالَة عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْل مَنْ لَا يَجُوز أَنْ يَكُون لَهُ فِي مُلْكه شَرِيك وَلَا لَهُ تَدْبِيره وَحِفْظه يُغْنِيكُمْ عَمَّا سِوَاهُ مِنْ الْآيَات .|وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ|يَقُول اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَا تُغْنِي الْآيَات وَالنُّذُر عَنْ قَوْم لَا يُؤْمِنُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَمَا تُغْنِي الْحُجَج وَالْعِبَر وَالرُّسُل الْمُنْذِرَة عِبَاد اللَّه عِقَابه عَنْ قَوْم قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنْ اللَّه الشَّقَاء وَقَضَى لَهُمْ فِي أُمّ الْكِتَاب أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل النَّار لَا يُؤْمِنُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِهِ . { وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلّ آيَة حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ }

فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْل أَيَّام الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَذِّرًا مُشْرِكِي قَوْمه مِنْ حُلُول عَاجِل نِقَمه بِسَاحَتِهِمْ نَحْو الَّذِي حَلَّ بِنُظَرَائِهِمْ مِنْ قَبْلهمْ مِنْ سَائِر الْأُمَم الْخَالِيَة مِنْ قَبْلهمْ السَّالِكَة فِي تَكْذِيب رُسُل اللَّه وَجُحُود تَوْحِيد رَبّهمْ سَبِيلهمْ : فَهَلْ يَنْتَظِر يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمك الْمُكَذِّبُونَ بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , إِلَّا يَوْمًا يُعَايِنُونَ فِيهِ مِنْ عَذَاب اللَّه مِثْل أَيَّام أَسْلَافهمْ الَّذِي كَانُوا عَلَى مِثْل الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْك وَالتَّكْذِيب الَّذِينَ مَضَوْا قَبْلهمْ فَخَلَوْا مِنْ قَوْم نُوح وَعَادٍ وَثَمُود , قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : إِنْ كَانُوا ذَلِكَ يَنْتَظِرُونَ , فَانْتَظِرُوا عِقَابَ اللَّه إِيَّاكُمْ وَنُزُول سَخَطه بِكُمْ , إِنِّي مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ هَلَاكَكُمْ وَبَوَارَكُمْ بِالْعُقُوبَةِ الَّتِي تَحِلّ بِكُمْ مِنْ اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 13859 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْل أَيَّام الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ } يَقُول : وَقَائِع اللَّه فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ قَوْم نُوح وَعَادٍ وَثَمُود . )13860 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثَنَا اِبْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , فِي قَوْله : ( { فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّام الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ } قَالَ : خَوَّفَهُمْ عَذَابَهُ وَنِقْمَته وَعُقُوبَتَهُ , ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ أَمْر أَنْجَى اللَّه رُسُله وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ , فَقَالَ اللَّه : { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا . عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ } )

ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلنَا وَاَلَّذِينَ آمَنُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك اِنْتَظِرُوا مِثْل أَيَّام الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ مِنْ الْأُمَم السَّالِفَة الَّذِينَ هَلَكُوا بِعَذَابِ اللَّه , فَإِنَّ ذَلِكَ إِذَا جَاءَ لَمْ يُهْلَك بِهِ سِوَاهُمْ , وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْل الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَكْذِيبك , ثُمَّ نُنَجِّي هُنَاكَ رَسُولَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى دِينه , كَمَا فَعَلْنَا قَبْل ذَلِكَ بِرُسُلِنَا الَّذِينَ أَهْلَكْنَا أُمَمَهُمْ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ آمَنَ بِهِ مَعَهُمْ مِنْ عَذَابنَا حِين حَقَّ عَلَى أُمَمهمْ .|كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ| { كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : كَمَا فَعَلْنَا بِالْمَاضِينَ مِنْ رُسُلنَا فَأَنْجَيْنَاهَا وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهَا وَأَهْلَكْنَا أُمَمهَا , كَذَلِكَ نَفْعَل بِك يَا مُحَمَّد وَبِالْمُؤْمِنِينَ فَنُنْجِيك وَنُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ بِك حَقًّا عَلَيْنَا غَيْر شَكّ .

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُد الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمك الَّذِينَ عَجِبُوا أَنْ أَوْحَيْت إِلَيْك إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكّ أَيّهَا النَّاس مِنْ دِينِي الَّذِي أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ فَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ حَقّ مِنْ عِنْد اللَّه : فَإِنِّي لَا أَعْبُد الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مِنْ الْآلِهَة وَالْأَوْثَان الَّتِي لَا تَسْمَع وَلَا تُبْصِر وَلَا تُغْنِي عَنْ شَيْءٍ , فَتَشُكُّوا فِي صِحَّته . وَهَذَا تَعْرِيض وَلَحْن مِنْ الْكَلَام لَطِيف . وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكّ مِنْ دِينِي , لَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِيهِ , وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِي الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام الَّتِي لَا تَعْقِل شَيْئًا وَلَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَع , فَأَمَّا دِينِي فَلَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِيهِ , لِأَنِّي أَعْبُد اللَّه الَّذِي يَقْبِض , الْخَلْق فَيُمِيتهُمْ إِذَا شَاءَ وَيَنْفَعهُمْ وَيَضُرّ مَنْ يَشَاء ; وَذَلِكَ أَنَّ عِبَادَة مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَسْتَنْكِرهَا ذُو فِطْرَة صَحِيحَة , وَأَمَّا عِبَادَة الْأَوْثَان فَيُنْكِرهَا كُلّ ذِي لُبّ وَعَقْل صَحِيح .|اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي|وَقَوْله : { وَلَكِنْ أَعْبُد اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ } يَقُول : وَلَكِنْ أَعْبُد اللَّه الَّذِي يَقْبِض أَرْوَاحكُمْ فَيُمِيتكُمْ عِنْد آجَالكُمْ .|يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ| { وَأُمِرْت أَنْ أَكُون مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } يَقُول : وَهُوَ الَّذِي أَمَرَنِي أَنْ أَكُونَ مِنْ الصَّادِقِينَ بِمَا جَاءَنِي مِنْ عِنْده .

وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَك لِلدِّينِ حَنِيفًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأُمِرْت أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَأَنْ أَقِمْ . وَ | أَنْ | الثَّانِيَة عَطْف عَلَى | أَنْ | الْأُولَى . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { أَقِمْ وَجْهَك لِلدِّينِ } أَقِمْ نَفْسَك عَلَى دِين الْإِسْلَام حَنِيفًا مُسْتَقِيمًا عَلَيْهِ , غَيْر مُعْوَجّ عَنْهُ إِلَى يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة وَلَا عِبَادَة وَثَن .|وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ| { وَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } يَقُول : وَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ يُشْرِك فِي عِبَادَة رَبّه الْآلِهَةَ وَالْأَنْدَادَ فَتَكُون مِنْ الْهَالِكِينَ .

وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَدْعُ مِنْ دُون اللَّه مَا لَا يَنْفَعك وَلَا يَضُرّك فَإِنْ فَعَلْت فَإِنَّك إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا تَدْعُ يَا مُحَمَّد مِنْ دُون مَعْبُودك وَخَالِقك شَيْئًا لَا يَنْفَعك فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَلَا يَضُرّك فِي دِين وَلَا دُنْيَا , يَعْنِي بِذَلِكَ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام , يَقُول : لَا تَعْبُدهَا رَاجِيًا نَفْعهَا أَوْ خَائِفًا ضُرّهَا , فَإِنَّهَا لَا تَنْفَع وَلَا تَضُرّ , فَإِنْ فَعَلْت ذَلِكَ فَدَعَوْتهَا مِنْ دُون اللَّه { فَإِنَّك إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ } يَقُول : مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِاَللَّهِ , الظَّالِم لِنَفْسِهِ .

وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يَمْسَسْك اللَّه بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ : وَإِنْ يُصِبْك اللَّه يَا مُحَمَّد بِشِدَّةٍ أَوْ بَلَاءٍ فَلَا كَاشِف لِذَلِكَ إِلَّا رَبّك الَّذِي أَصَابَك بِهِ دُون مَا يَعْبُدهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد .|وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ| { وَإِنْ يُرِدْك بِخَيْرٍ } يَقُول : وَإِنْ يُرِدْك رَبّك بِرَخَاءٍ أَوْ نِعْمَة وَعَافِيَة وَسُرُور , { فَلَا رَادّ لِفَضْلِهِ } يَقُول : فَلَا يَقْدِر أَحَد أَنْ يَحُول بَيْنَك وَبَيْنَ ذَلِكَ وَلَا يَرُدّك عَنْهُ وَلَا يَحْرِمكَهُ ; لِأَنَّهُ الَّذِي بِيَدِهِ السَّرَّاء وَالضَّرَّاء دُون الْآلِهَة وَالْأَوْثَان وَدُون مَا سِوَاهُ .|يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ| { يُصِيب بِهِ مَنْ يَشَاء } يَقُول : يُصِيب رَبّك يَا مُحَمَّد بِالرَّخَاءِ وَالْبَلَاء وَالسَّرَّاء وَالضَّرَّاء مَنْ يَشَاء وَيُرِيد مِنْ عِبَاده , وَهُوَ الْغَفُور لِذُنُوبِ مَنْ تَابَ وَأَنَابَ مِنْ عِبَاده مِنْ كُفْره وَشِرْكه إِلَى الْإِيمَان بِهِ وَطَاعَته , الرَّحِيم بِمَنْ آمَنَ بِهِ مِنْهُمْ وَأَطَاعَهُ أَنْ يُعَذِّبَهُ بَعْدَ التَّوْبَة وَالْإِنَابَة .

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقّ مِنْ رَبّكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِلنَّاسِ { يَا أَيّهَا النَّاس قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقّ مِنْ رَبّكُمْ } يَعْنِي : كِتَاب اللَّه , فِيهِ بَيَان كُلّ مَا بِالنَّاسِ إِلَيْهِ حَاجَة مِنْ أَمْر دِينهمْ .|رَبِّكُمْ فَمَنِ|يَقُول : فَمَنْ اِسْتَقَامَ فَسَلَكَ سَبِيل الْحَقّ , وَصَدَّقَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْد اللَّه مِنْ الْبَيَان .|اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي|يَقُول : فَإِنَّمَا يَسْتَقِيم عَلَى الْهُدَى , وَيَسْلُك قَصْد السَّبِيل لِنَفْسِهِ , فَإِيَّاهَا يَبْغِي الْخَيْر بِفِعْلِهِ ذَلِكَ لَا غَيْرهَا .|لِنَفْسِهِ وَمَنْ|يَقُول : وَمَنْ اِعْوَجَّ عَنْ الْحَقّ الَّذِي أَتَاهُ مِنْ عِنْد اللَّه , خَالَفَ دِينَهُ , وَمَا بَعَثَ بِهِ مُحَمَّدًا وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ .|ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ|يَقُول : فَإِنَّ ضَلَالَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يَجْنِي بِهِ عَلَى نَفْسه لَا عَلَى غَيْرهَا ; لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذ بِذَلِكَ غَيْرهَا وَلَا يُورِد بِضَلَالِهِ ذَلِكَ الْمَهَالِك سِوَى نَفْسه . { وَلَا تَزِر وَازِرَة وِزْر أُخْرَى } . |عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ|يَقُول : وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِمُسَلَّطٍ عَلَى تَقْوِيمكُمْ , إِنَّمَا أَمْركُمْ إِلَى اللَّه , وَهُوَ الَّذِي يُقَوِّم مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ , وَإِنَّمَا أَنَا رَسُول مُبَلِّغ أُبَلِّغكُمْ مَا أُرْسِلْت بِهِ إِلَيْكُمْ .

وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْك وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاتَّبِعْ يَا مُحَمَّد وَحْي اللَّه الَّذِي يُوحِيه إِلَيْك وَتَنْزِيله الَّذِي يُنَزِّلهُ عَلَيْك , فَاعْمَلْ بِهِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك فِي اللَّه مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك مِنْ الْأَذَى وَالْمَكَارِه وَعَلَى مَا نَالَك مِنْهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّه فِيهِمْ وَفِيك أَمْره بِفِعْلٍ فَاصِل .|وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ|يَقُول : وَهُوَ خَيْر الْقَاصِّينَ وَأَعْدَل الْفَاصِلِينَ . فَحَكَمَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ يَوْم بَدْر , وَقَتَلَهُمْ بِالسَّيْفِ , وَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَنْ يَسْلُك بِهِمْ سَبِيل مَنْ أَهْلَكَ مِنْهُمْ أَوْ يَتُوبُوا وَيُنِيبُوا إِلَى طَاعَته . كَمَا : 13861 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه وَهُوَ خَيْر الْحَاكِمِينَ } قَالَ : هَذَا مَنْسُوخ حَتَّى يَحْكُم اللَّه , حَكَمَ اللَّه بِجِهَادِكُمْ وَأَمَرَهُ بِالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ . )وَاَللَّه الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ , وَالْحَمْد لِلَّهِ وَحْده , وَالصَّلَاة عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وَآلِهِ وَصَحْبه وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس