islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
12550

25-الفرقان

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يُدْخِل الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِر مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله فَأَطَاعُوهُمَا بِمَا أَمَرَهُمْ اللَّه بِهِ مِنْ صَالِح الْأَعْمَال , فَإِنَّ اللَّه يُدْخِلهُمْ جَنَّات عَدْن تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار , فَيُحَلِّيهِمْ فِيهَا مِنْ أَسَاوِر مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤًا . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَلُؤْلُؤًا } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَبَعْض أَهْل الْكُوفَة نَصْبًا مَعَ الَّتِي فِي الْمَلَائِكَة , بِمَعْنَى : يُحَلَّوْنَ فِيهَا أَسَاوِر مِنْ ذَهَب وَلُؤْلُؤًا , عَطْفًا بِاللُّؤْلُؤِ عَلَى مَوْضِع الْأَسَاوِر ; لِأَنَّ الْأَسَاوِر وَإِنْ كَانَتْ مَخْفُوضَة مِنْ أَجْل دُخُول | مِنْ | فِيهَا , فَإِنَّهَا بِمَعْنَى النَّصْب ; قَالُوا : وَهِيَ تُعَدّ فِي خَطّ الْمُصْحَف بِالْأَلِفِ , فَذَلِكَ دَلِيل عَلَى صِحَّة الْقِرَاءَة بِالنَّصْبِ فِيهِ . وَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق وَالْمِصْرَيْنِ : | وَلُؤْلُؤ | خَفْضًا عَطْفًا عَلَى إِعْرَاب الْأَسَاوِر الظَّاهِر . وَاخْتَلَفَ الَّذِي قَرَءُوا ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي وَجْه إِثْبَات الْأَلِف فِيهِ , فَكَانَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء فِيمَا ذُكِرَ لِي عَنْهُ يَقُول : أُثْبِتَتْ فِيهِ كَمَا أُثْبِتَتْ فِي | قَالُوا | وَ | كَالُوا | . وَكَانَ الْكِسَائِيّ يَقُول : أَثْبَتُوهَا فِيهِ لِلْهَمْزَةِ ; لِأَنَّ الْهَمْزَة حَرْف مِنَ الْحُرُوف . وَالْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , مُتَّفِقَتَا الْمَعْنَى صَحِيحَتَا الْمَخْرَج فِي الْعَرَبِيَّة ; فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ|وَقَوْله : { وَلِبَاسهمْ فِيهَا حَرِير } يَقُول : وَلُبُوسهمْ الَّتِي تَلِي أَبْشَارهمْ فِيهَا ثِيَاب حَرِير .

الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا

قَوْله : { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّب مِنَ الْقَوْل } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَهَدَاهُمْ رَبّهمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى شَهَادَة أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه . كَمَا : 18903 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّب مِنَ الْقَوْل } قَالَ : هُدُوا إِلَى الْكَلَام الطَّيِّب : لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , وَاللَّه أَكْبَر , وَالْحَمْد لِلَّهِ ; قَالَ اللَّه : { إِلَيْهِ يَصْعَد الْكَلِم الطَّيِّب وَالْعَمَل الصَّالِح يَرْفَعهُ } . )[35 10 ]18904 - حَدَّثَنَا عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّب مِنَ الْقَوْل } قَالَ : أُلْهِمُوا .)|وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ|وَقَوْله : { وَهُدُوا إِلَى صِرَاط الْحَمِيد } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَهَدَاهُمْ رَبّهمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى طَرِيق الرَّبّ الْحَمِيد , وَطَرِيقه : دِينه دِين الْإِسْلَام الَّذِي شَرَعَهُ لِخَلْقِهِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْلُكُوهُ ; وَالْحَمِيد : فَعِيل , صُرِفَ مِنْ مَفْعُول إِلَيْهِ , وَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ مَحْمُود عِنْد أَوْلِيَائِهِ مِنْ خَلْقه , ثُمَّ صُرِفَ مِنْ مَحْمُود إِلَى حَمِيد .

وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه وَالْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا تَوْحِيد اللَّه وَكَذَّبُوا رُسُله وَأَنْكَرُوا مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّهمْ { وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه } يَقُول : وَيَمْنَعُونَ النَّاس عَنْ دِين اللَّه أَنْ يَدْخُلُوا فِيهِ , وَعَنِ الْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلَهُ اللَّه لِلنَّاسِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ كَافَّة لَمْ يُخَصِّص مِنْهَا بَعْضًا دُون بَعْض ; { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } يَقُول : مُعْتَدِل فِي الْوَاجِب عَلَيْهِ مِنْ تَعْظِيم حُرْمَة الْمَسْجِد الْحَرَام , وَقَضَاء نُسُكه بِهِ , وَالنُّزُول فِيهِ حَيْثُ شَاءَ الْعَاكِف فِيهِ , وَهُوَ الْمُقِيم بِهِ ; وَالْبَادِ : وَهُوَ الْمُنْتَاب إِلَيْهِ مِنْ غَيْره . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ - وَهُوَ الْمُقِيم فِيهِ -وَالْبَادِ , فِي أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدهمَا بِأَحَقّ بِالْمَنْزِلِ فِيهِ مِنَ الْآخَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18905 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد , عَنِ ابْن سَابِط , قَالَ : (كَانَ الْحُجَّاج إِذَا قَدِمُوا مَكَّة لَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ أَهْل مَكَّة بِأَحَقّ بِمَنْزِلِهِ مِنْهُمْ , وَكَانَ الرَّجُل إِذَا وَجَدَ سَعَة نَزَلَ , فَفَشَا فِيهِمْ السَّرَق , وَكُلّ إِنْسَان يَسْرِق مِنْ نَاحِيَته , فَاصْطَنَعَ رَجُل بَابًا , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَر : أَتَّخَذْت بَابًا مِنْ حُجَّاج بَيْت اللَّه ؟ فَقَالَ : لَا , إِنَّمَا جَعَلْته لِيُحْرِز مَتَاعهمْ . وَهُوَ قَوْله : { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } قَالَ : الْبَادِ فِيهِ كَالْمُقِيمِ , لَيْسَ أَحَد أَحَقّ بِمَنْزِلِهِ مِنْ أَحَد إِلَّا أَنْ يَكُون أَحَد سَبَقَ إِلَى مَنْزِل . )18906 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , قَالَ : (قُلْت لِسَعِيدِ بْن جُبَيْر : أَعْتَكِف بِمَكَّة ؟ قَالَ : أَنْتَ عَاكِف . وَقَرَأَ : { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } . )18907 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَنْبَسَة , عَمَّنْ ذَكَرَهُ , عَنْ أَبِي صَالِح : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } الْعَاكِف : أَهْله , وَالْبَادِ : الْمُنْتَاب فِي الْمَنْزِل سَوَاء . )18908 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } يَقُول : يَنْزِل أَهْل مَكَّة وَغَيْرهمْ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام . )18909 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } قَالَ : الْعَاكِف فِيهِ : الْمُقِيم بِمَكَّة ; وَالْبَادِ : الَّذِي يَأْتِيه هُمْ فِيهِ سَوَاء فِي الْبُيُوت . )18910 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } سَوَاء فِيهِ أَهْله وَغَيْر أَهْله . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 18911 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } قَالَ : أَهْل مَكَّة وَغَيْرهمْ فِي الْمَنَازِل سَوَاء . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ نَحْو الَّذِي قُلْنَا فِيهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18912 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ } قَالَ : السَّاكِن , { وَالْبَادِ } الْجَانِب ; سَوَاء حَقّ اللَّه عَلَيْهِمَا فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ } قَالَ : السَّاكِن { وَالْبَادِ } الْجَانِب . )18913 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ مُجَاهِد وَعَطَاء : ( { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ } قَالَا : مِنْ أَهْله , { وَالْبَادِ } الَّذِي يَأْتُونَهُ مِنْ غَيْر أَهْله هُمَا فِي حُرْمَته سَوَاء . )وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي اخْتَرْنَا فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره ذَكَرَ فِي أَوَّل الْآيَة صَدّ مَنْ كَفَرَ بِهِ مَنْ أَرَادَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَضَاء نُسُكه فِي الْحَرَم عَنِ الْمَسْجِد الْحَرَام , فَقَالَ : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه وَالْمَسْجِد الْحَرَام } ثُمَّ ذَكَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَة الْمَسْجِد الْحَرَام , فَقَالَ : { الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ } فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ لِلنَّاسِ كُلّهمْ , فَالْكَافِرُونَ بِهِ يَمْنَعُونَ مَنْ أَرَادَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ عَنْهُ , ثُمَّ قَالَ : { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ } فَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ خَبَره عَنِ اسْتِوَاء الْعَاكِف فِيهِ وَالْبَادِ , إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ابْتَدَأَ اللَّه الْخَبَر عَنِ الْكُفَّار أَنَّهُمْ صَدُّوا عَنْهُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ ; وَذَلِكَ لَا شَكّ طَوَافهمْ وَقَضَاء مَنَاسِكهمْ بِهِ وَالْمُقَام , لَا الْخَبَر عَنْ مِلْكهمْ إِيَّاهُ وَغَيْر مِلْكهمْ , وَقِيلَ : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه } فَعَطَفَ بِ | يَصُدُّونَ | وَهُوَ مُسْتَقْبَل عَلَى | كَفَرُوا | وَهُوَ مَاضٍ ; لِأَنَّ الصَّدّ بِمَعْنَى الصِّفَة لَهُمْ وَالدَّوَام . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَى الْكَلَام , لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِلَفْظِ الِاسْم أَوْ الِاسْتِقْبَال , وَلَا يَكُون بِلَفْظِ الْمَاضِي . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; فَمَعْنَى الْكَلَام : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ صِفَتهمْ الصَّدّ عَنْ سَبِيل اللَّه , وَذَلِكَ نَظِير قَوْل اللَّه : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنّ قُلُوبهمْ بِذِكْرِ اللَّه } . [13 28 ]وَأَمَّا قَوْله : { سَوَاء الْعَاكِف فِيهِ } فَإِنَّ قُرَّاء الْأَمْصَار عَلَى رَفْع | سَوَاء | بِ | الْعَاكِف | , وَ | الْعَاكِف | بِهِ , وَإِعْمَال | جَعَلْنَاهُ | فِي الْهَاء الْمُتَّصِلَة بِهِ , وَاللَّام الَّتِي فِي قَوْله | لِلنَّاسِ | , ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْكَلَام بِ | سَوَاء | وَكَذَلِكَ تَفْعَل الْعَرَب بِ | سَوَاء | إِذَا جَاءَتْ بَعْد حَرْف قَدْ تَمَّ الْكَلَام بِهِ , فَتَقُول : مَرَرْت بِرَجُلٍ سَوَاء عِنْده الْخَيْر وَالشَّرّ , وَقَدْ يَجُوز فِي ذَلِكَ الْخَفْض , وَإِنَّمَا يُخْتَار الرَّفْع فِي ذَلِكَ لِأَنَّ | سَوَاء | فِي مَذْهَب وَاحِد عِنْدهمْ , فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : مَرَرْت بِرَجُلٍ وَاحِد عِنْده الْخَيْر وَالشَّرّ . وَأَمَّا مَنْ خَفَضَهُ فَإِنَّهُ يُوَجِّههُ إِلَى مُعْتَدِل عِنْده الْخَيْر وَالشَّرّ , وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي سَوَاء فَاسْتَأْنَفَ بِهِ وَرَفَعَ لَمْ يَقُلْهُ فِي | مُعْتَدِل | , لِأَنَّ | مُعْتَدِل | فِعْل مُصَرِّح , وَسَوَاء مَصْدَر فَإِخْرَاجهمْ إِيَّاهُ إِلَى الْفِعْل كَإِخْرَاجِهِمْ حَسْب فِي قَوْلهمْ : مَرَرْت بِرَجُلٍ حَسْبك مِنْ رَجُل إِلَى الْفِعْل . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْقُرَّاء أَنَّهُ قَرَأَهُ : { سَوَاء } نَصْبًا عَلَى إِعْمَال | جَعَلْنَاهُ | فِيهِ , وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْه فِي الْعَرَبِيَّة , فَقِرَاءَة لَا أَسْتَجِيز الْقِرَاءَة بِهَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَى خِلَافه .|وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ|وَقَوْله : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ إِلْحَادًا بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم , وَهُوَ أَنْ يَمِيل فِي الْبَيْت الْحَرَام بِظُلْمٍ . وَأُدْخِلَتِ الْبَاء فِي قَوْله | بِإِلْحَادٍ | وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا قُلْت , كَمَا أُدْخِلَتْ فِي قَوْله : { تَنْبُت بِالدُّهْنِ } [23 20 ]وَالْمَعْنَى : تَنْبُت الدُّهْن , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>بِوَادِ يَمَان يُنْبِت الشَّثّ صَدْره .......... وَأَسْفَله بِالْمَرْخِ وَالشَّبَهَانِ <br>وَالْمَعْنَى : وَأَسْفَله يُنْبِت الْمَرْخ وَالشَّبَهَان ; وَكَمَا قَالَ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَة : <br>ضَمِنَتْ بِرِزْقِ عِيَالنَا أَرْمَاحنَا .......... بَيْن الْمَرَاجِل وَالصَّرِيج الْأَجْرَد <br>بِمَعْنَى : ضَمِنَتْ رِزْق عِيَالنَا أَرْمَاحنَا ; فِي قَوْل بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ . وَأَمَّا بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول : أُدْخِلَتِ الْيَاء فِيهِ ; لِأَنَّ تَأْوِيله : وَمَنْ يُرِدْ بِأَنْ يُلْحِد فِيهِ بِظُلْمٍ , وَكَانَ يَقُول : دُخُول الْبَاء فِي | أَنَّ | أَسْهَل مِنْهُ فِي | إِلْحَاد | وَمَا أَشْبَهَهُ ; لِأَنَّ | أَنَّ | تُضْمَر الْخَوَافِض مَعَهَا كَثِيرًا وَتَكُون كَالشَّرْطِ , فَاحْتَمَلَتْ دُخُول الْخَافِض وَخُرُوجه ; لِأَنَّ الْإِعْرَاب لَا يَتَبَيَّن فِيهَا , وَقَالَ فِي الْمَصَادِر : يَتَبَيَّن الرَّفْع وَالْخَفْض فِيهَا , قَالَ : وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْجَرَّاح : <br>فَلَمَّا رَجَتْ بِالشُّرْبِ هَزَّ لَهَا الْعَصَا .......... شَحِيح لَهُ عِنْد الْأَدَاء نَهِيم <br>وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْس : <br>أَلَا هَلْ أَتَاهَا وَالْحَوَادِث جَمَّة .......... بِأَنَّ امْرَأَ الْقَيْس بْن تَمْلِك بَيْقَرَا <br>قَالَ : فَأَدْخَلَ الْبَاء عَلَى | أَنَّ | وَهِيَ فِي مَوْضِع رَفْع كَمَا أَدْخَلَهَا عَلَى | إِلْحَاد | وَهُوَ فِي مَوْضِع نَصْب . قَالَ : وَقَدْ أَدْخَلُوا الْبَاء عَلَى مَا إِذَا أَرَادُوا بِهَا الْمَصْدَر , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَلَمْ يَأْتِيك وَالْأَنْبَاء تَنْمِي .......... بِمَا لَاقَتْ لَبُون بَنِي زِيَاد <br>وَقَالَ : وَهُوَ فِي | مَا | أَقَلّ مِنْهُ فِي | أَنَّ | ; لِأَنَّ | أَنَّ | أَقَلّ شَبَهًا بِالْأَسْمَاءِ مِنْ | مَا | . قَالَ : وَسَمِعْت أَعْرَابِيًّا مِنْ رَبِيعَة , وَسَأَلْته عَنْ شَيْء , فَقَالَ : أَرْجُو بِذَاكَ ; يُرِيد أَرْجُو ذَاكَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الظُّلْم الَّذِي مَنْ أَرَادَ الْإِلْحَاد بِهِ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أَذَاقَهُ اللَّه مِنَ الْعَذَاب الْأَلِيم , فَقَالَ بَعْضهمْ : ذَلِكَ هُوَ الشِّرْك بِاللَّهِ وَعِبَادَة غَيْره بِهِ ; أَيْ بِالْبَيْتِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18914 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } يَقُول : بِشِرْكٍ . )18915 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } هُوَ أَنْ يَعْبُد فِيهِ غَيْر اللَّه . )18916 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } قَالَ : هُوَ الشِّرْك , مَنْ أَشْرَكَ فِي بَيْت اللَّه عَذَّبَهُ اللَّه . )18917 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْتِحْلَال الْحَرَام فِيهِ أَوْ رُكُوبه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18918 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم } يَعْنِي أَنْ تَسْتَحِلّ مِنَ الْحَرَام مَا حَرَّمَ اللَّه عَلَيْك مِنْ لِسَان أَوْ قَتْل , فَتَظْلِم مَنْ لَا يَظْلِمك وَتَقْتُل مَنْ لَا يَقْتُلك ; فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ لَهُ عَذَاب أَلِيم . )18919 - حَدَّثَنِي بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } قَالَ : يَعْمَل فِيهِ عَمَلًا سَيِّئًا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد ; مِثْله . 18920 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَنَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ قَالَا : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ سُفْيَان عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (مَا مِنْ رَجُل يَهُمّ بِسَيِّئَةٍ فَتُكْتَب عَلَيْهِ , وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَن أَبْيَن هَمَّ أَنْ يَقْتُل رَجُلًا بِهَذَا الْبَيْت , لَأَذَاقَهُ اللَّه مِنَ الْعَذَاب الْأَلِيم . )* - حَدَّثَنَا مُجَاهِد بْن مُوسَى , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ مُرَّة , عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ مُجَاهِد , قَالَ يَزِيد , قَالَ لَنَا شُعْبَة , رَفَعَهُ , وَأَنَا لَا أَرْفَعهُ لَك -فِي قَوْل اللَّه : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم } قَالَ : | لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَمَّ فِيهِ بِسَيِّئَةٍ وَهُوَ بِعَدَن أَبْيَن , لَأَذَاقَهُ اللَّه عَذَابًا أَلِيمًا . )18921 - حَدَّثَنَا الْفَضْل بْن الصَّبَّاح , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } قَالَ : إِنَّ الرَّجُل لَيَهُمّ بِالْخَطِيئَةِ بِمَكَّة وَهُوَ فِي بَلَد آخَر وَلَمْ يَعْمَلهَا , فَتُكْتَب عَلَيْهِ . )18922 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم } قَالَ : الْإِلْحَاد : الظُّلْم فِي الْحَرَم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ الظُّلْم : اسْتِحْلَال الْحَرَم مُتَعَمِّدًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18923 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : (قَالَ ابْن عَبَّاس : { بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } قَالَ : الَّذِي يُرِيد اسْتِحْلَاله مُتَعَمِّدًا , وَيُقَال الشِّرْك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ احْتِكَار الطَّعَام بِمَكَّة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18924 - حَدَّثَنِي هَارُون بْن إِدْرِيس الْأَصَمّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مُحَمَّد الْمُحَارِبِيّ , عَنْ أَشْعَث , عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَاب أَلِيم } قَالَ : هُمُ الْمُحْتَكِرُونَ الطَّعَام بِمَكَّة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ كُلّ مَا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ مِنَ الْفِعْل , حَتَّى قَوْل الْقَائِل : لَا وَاللَّه , وَبَلَى وَاللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18925 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : (كَانَ لَهُ فُسْطَاطَانِ : أَحَدهمَا فِي الْحِلّ , وَالْآخَر فِي الْحَرَم , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُعَاتِب أَهْله عَاتَبَهُمْ فِي الْحِلّ , فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : كُنَّا نُحَدَّث أَنَّ مِنَ الْإِلْحَاد فِيهِ أَنْ يَقُول الرَّجُل : كَلَّا وَاللَّه , وَبَلَى وَاللَّه . )18926 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب , عَنْ أَبِي رِبْعِيّ , عَنِ الْأَعْمَش , قَالَ : (كَانَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو يَقُول : لَا وَاللَّه وَبَلَى وَاللَّه مِنَ الْإِلْحَاد فِيهِ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ مَعْنِيّ بِالظُّلْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِع كُلّ مَعْصِيَة لِلَّهِ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } وَلَمْ يُخَصَّص بِهِ ظُلْم دُون ظُلْم فِي خَبَر وَلَا عَقْل , فَهُوَ عَلَى عُمُومه . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَمَنْ يُرِدْ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِأَنْ يَمِيل بِظُلْمٍ , فَيَعْصِي اللَّه فِيهِ , نُذِقْهُ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ عَذَاب مُوجِع لَهُ . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْقُرَّاء أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : | وَمَنْ يَرِد فِيهِ | بِفَتْحِ الْيَاء بِمَعْنَى : وَمَنْ يَرِدهُ بِإِلْحَادٍ مِنْ وَرَدْت الْمَكَان أَرِدهُ , وَذَلِكَ قِرَاءَة لَا تَجُوز الْقِرَاءَة عِنْدِي بِهَا لِخِلَافِهَا مَا عَلَيْهِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء مُجْمِعَة مَعَ بَعْدهَا مِنْ فَصِيح كَلَام الْعَرَب , وَذَلِكَ أَنَّ | يَرِد | فِعْل وَاقِع , يُقَال مِنْهُ : هُوَ يَرِد مَكَان كَذَا أَوْ بَلْدَة كَذَا غَدًا , وَلَا يُقَال : يَرِد فِي مَكَان كَذَا . وَقَدْ زَعَمَ بَعْض أَهْل الْمَعْرِفَة بِكَلَامِ الْعَرَب أَنَّ طَيِّئًا تَقُول : رَغِبْت فِيك , تُرِيد : رَغِبْت بِك , وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضهمْ أَنْشَدَهُ بَيْتًا : <br>وَأَرْغَب فِيهَا عَنْ لَقِيط وَرَهْطه .......... وَلَكِنَّنِي عَنْ سِنْبِسٍ لَسْت أَرْغَب <br>بِمَعْنَى : وَأَرْغَب بِهَا . فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا كَمَا ذَكَرْنَا , فَإِنَّهُ يَجُوز فِي الْكَلَام , فَأَمَّا الْقِرَاءَة بِهِ غَيْر جَائِزَة لِمَا وَصَفْت .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت أَنْ لَا تُشْرِك بِي شَيْئًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مُعْلِمه عَظِيم مَا رَكِبَ مِنْ قَوْمه قُرَيْش خَاصَّة دُون غَيْرهمْ مِنْ سَائِر خَلْقه بِعِبَادَتِهِمْ فِي حَرَمه , وَالْبَيْت الَّذِي أَمَرَ إِبْرَاهِيم خَلِيله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَائِهِ وَتَطْهِيره مِنَ الْآفَات وَالرِّيَب وَالشِّرْك : وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ ابْتَدَأْنَا هَذَا الْبَيْت الَّذِي يَعْبُد قَوْمك فِيهِ غَيْرِي , إِذْ بَوَّأْنَا لِخَلِيلِنَا إِبْرَاهِيم , يَعْنِي بِقَوْلِهِ : | بَوَّأْنَا | : وَطَّأْنَا لَهُ مَكَان الْبَيْت . كَمَا : 18927 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت } قَالَ : وَضَعَ اللَّه الْبَيْت مَعَ آدَم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَهْبَطَ آدَم إِلَى الْأَرْض ; وَكَانَ مَهْبِطه بِأَرْضِ الْهِنْد , وَكَانَ رَأْسه فِي السَّمَاء وَرِجْلَاهُ فِي الْأَرْض , فَكَانَتِ الْمَلَائِكَة تَهَابهُ فَنَقَصَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا , وَأَنَّ آدَم لَمَّا فَقَدَ أَصْوَات الْمَلَائِكَة وَتَسْبِيحهمْ , شَكَا ذَلِكَ إِلَى اللَّه , فَقَالَ اللَّه : يَا آدَم إِنِّي قَدْ أَهْبَطْت لَك بَيْتًا يُطَاف بِهِ كَمَا يُطَاف حَوْل عَرْشِي , وَيُصَلَّى عِنْده كَمَا يُصَلَّى حَوْل عَرْشِي , فَانْطَلِقْ إِلَيْهِ ! فَخَرَجَ إِلَيْهِ , وَمَدَّ لَهُ فِي خَطْوه , فَكَانَ بَيْن كُلّ خُطْوَتَيْنِ مَفَازَة , فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَفَاوِز عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَتَى آدَم الْبَيْت , فَطَافَ بِهِ وَمَنْ بَعْده مِنَ الْأَنْبِيَاء . )18928 - حَدَّثَنِي مُوسَى , قَالَ : ثنا عَمْرو , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , قَالَ : (لَمَّا عَهِدَ اللَّه إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ , انْطَلَقَ إِبْرَاهِيم حَتَّى أَتَى مَكَّة , فَقَامَ هُوَ وَإِسْمَاعِيل , وَأَخَذَا الْمَعَاوِل , لَا يَدْرِيَانِ أَيْنَ الْبَيْت , فَبَعَثَ اللَّه رِيحًا يُقَال لَهَا رِيح الْخَجُوج , لَهَا جَنَاحَانِ وَرَأْس فِي صُورَة حَيَّة , فَكَنَسَتْ لَهُمَا مَا حَوْل الْكَعْبَة عَنْ أَسَاس الْبَيْت الْأَوَّل , وَاتَّبَعَاهَا بِالْمَعَاوِلِ يَحْفِرَانِ , حَتَّى وَضَعَا الْأَسَاس ; فَذَلِكَ حِين يَقُول : { وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت } . )وَيَعْنِي بِالْبَيْتِ : الْكَعْبَة , { أَنْ لَا تُشْرِك بِي شَيْئًا } فِي عِبَادَتك إِيَّايَ .|وَطَهِّرْ بَيْتِيَ|الَّذِي بَنَيْته مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان . كَمَا : 18929 -حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي عَنْ سُفْيَان عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَطَهِّرْ بَيْتِي } قَالَ : مِنَ الشِّرْك . )18930 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر , قَالَ : (مِنَ الْآفَات وَالرِّيَب . )18931 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { طَهِّرَا بَيْتِي } قَالَ : مِنَ الشِّرْك وَعِبَادَة الْأَوْثَان.)|لِلطَّائِفِينَ|وَقَوْله : { لِلطَّائِفِينَ } يَعْنِي لِلطَّائِفِينَ بِهِ .|وَالْقَائِمِينَ|بِمَعْنَى الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ قِيَام فِي صَلَاتهمْ . كَمَا : 18932 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : ( { وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ } قَالَ : الْقَائِمُونَ فِي الصَّلَاة . )18933 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَالْقَائِمِينَ } قَالَ : الْقَائِمُونَ الْمُصَلُّونَ . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 18934 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّع السُّجُود } قَالَ : الْقَائِم وَالرَّاكِع وَالسَّاجِد هُوَ الْمُصَلِّي , وَالطَّائِف هُوَ الَّذِي يَطُوف بِهِ .)|وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ|وَقَوْله : { وَالرُّكَّع السُّجُود } يَقُول : وَالرُّكَّع السُّجُود فِي صَلَاتهمْ حَوْل الْبَيْت .

وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : عَهِدْنَا إِلَيْهِ أَيْضًا أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ; يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَأَذِّنْ } أَعْلِمْ وَنَادِ فِي النَّاس أَنْ حُجُّوا أَيّهَا النَّاس بَيْت اللَّه الْحَرَام . وَذُكِرَ أَنَّ إِبْرَاهِيم صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِ لَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِالتَّأْذِينِ بِالْحَجِّ , قَامَ عَلَى مَقَامه فَنَادَى : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ اللَّه كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجّ فَحُجُّوا بَيْته الْعَتِيق . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي صِفَة تَأْذِين إِبْرَاهِيم بِذَلِكَ . فَقَالَ بَعْضهمْ : نَادَى بِذَلِكَ , كَمَا : 18935 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ قَابُوس , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم مِنْ بِنَاء الْبَيْت قِيلَ لَهُ : { أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ : رَبّ وَمَا يَبْلُغ صَوْتِي ؟ قَالَ : أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغ ! فَنَادَى إِبْرَاهِيم : أَيّهَا النَّاس كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجّ إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق فَحُجُّوا ! قَالَ : فَسَمِعَهُ مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض , أَفَلَا تَرَى النَّاس يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الْأَرْض يُلَبُّونَ ؟ )18936 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن فُضَيْل بْن غَزْوَان الضَّبِّيّ , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا بَنَى إِبْرَاهِيم الْبَيْت أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ , أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! قَالَ : فَقَالَ إِبْرَاهِيم . أَلَا إِنَّ رَبّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا , وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَحُجُّوهُ , فَاسْتَجَابَ لَهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ شَيْء مِنْ حَجَر وَشَجَر وَأَكَمَة أَوْ تُرَاب أَوْ شَيْء : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ! )* - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن وَاضِح , قَالَ : ثنا ابْن وَاقِد , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس : قَوْله : ( { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ : قَامَ إِبْرَاهِيم خَلِيل اللَّه عَلَى الْحِجْر , فَنَادَى : يَا أَيّهَا النَّاس كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجّ , فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَاب الرِّجَال وَأَرْحَام النِّسَاء , فَأَجَابَهُ مَنْ آمَنَ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه أَنْ يَحُجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ! )18937 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ يَأْتُوك رِجَالًا } قَالَ : وَقَرَتْ فِي قَلْب كُلّ ذَكَر وَأُنْثَى . )18938 - حَدَّثَنِي ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم مِنْ بِنَاء الْبَيْت , أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ , أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! قَالَ : فَخَرَجَ فَنَادَى فِي النَّاس : يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّ رَبّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ ! فَلَمْ يَسْمَعهُ يَوْمئِذٍ مِنْ إِنْس , وَلَا جِنّ , وَلَا شَجَر , وَلَا أَكَمَة , وَلَا تُرَاب , وَلَا جَبَل , وَلَا مَاء , وَلَا شَيْء إِلَّا قَالَ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ! )18939 - قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (قَامَ إِبْرَاهِيم عَلَى الْمَقَام حِين أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّن فِي النَّاس بِالْحَجِّ . )* - حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ : قَامَ إِبْرَاهِيم عَلَى مَقَامه , فَقَالَ : يَا أَيّهَا النَّاس أَجِيبُوا رَبّكُمْ ! فَقَالُوا : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ! فَمَنْ حَجَّ الْيَوْم فَهُوَ مَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيم يَوْمئِذٍ . )18940 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ دَاوُد , عَنْ عِكْرِمَة بْن خَالِد الْمَخْزُومِيّ , قَالَ : (لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ بِنَاء الْبَيْت , قَامَ عَلَى الْمَقَام , فَنَادَى نِدَاء سَمِعَهُ أَهْل الْأَرْض : إِنَّ رَبّكُمْ قَدْ بَنَى لَكُمْ بَيْتًا فَحُجُّوهُ ! قَالَ دَاوُد : فَأَرْجُو مَنْ حَجَّ الْيَوْم مِنْ إِجَابَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام . )18941 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سِنَان الْقَزَّاز , قَالَ : ثنا حَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ أَبِي عَاصِم الْغَنَوِيّ , عَنْ أَبِي الطُّفَيْل , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : (هَلْ تَدْرِي كَيْفَ كَانَتْ التَّلْبِيَة ؟ قُلْت : وَكَيْفَ كَانَتْ التَّلْبِيَة ؟ قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم لَمَّا أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّن فِي النَّاس بِالْحَجِّ , خَفَضَتْ لَهُ الْجِبَال رُءُوسَهَا , وَرُفِعَتِ الْقُرَى , فَأَذَّنَ فِي النَّاس . )18942 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } قَالَ إِبْرَاهِيم : كَيْفَ أَقُول يَا رَبّ ؟ قَالَ : قُلْ : يَا أَيّهَا النَّاس اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ ! قَالَ : وَقَرَتْ فِي قَلْب كُلّ مُؤْمِن . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ , مَا : 18943 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (قِيلَ لِإِبْرَاهِيم : أَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ ! قَالَ : يَا رَبّ كَيْفَ أَقُول ؟ قَالَ : قُلْ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ! قَالَ : فَكَانَتْ أَوَّل التَّلْبِيَة . )وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : عَنَى بِالنَّاسِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : أَهْل الْقِبْلَة . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 18944 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَأَذِّنْ فِي النَّاس بِالْحَجِّ } يَعْنِي بِالنَّاسِ : أَهْل الْقِبْلَة , أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ قَالَ : { إِنَّ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّة مُبَارَكًا } ... [3 96 ]إِلَى قَوْله : { وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا } [3 97 ]يَقُول : وَمَنْ دَخَلَهُ مِنَ النَّاس الَّذِينَ أُمِرَ أَنْ يُؤَذِّن فِيهِمْ , وَكُتِبَ عَلَيْهِمْ الْحَجّ , فَإِنَّهُ آمِن , فَعَظِّمُوا حُرُمَات اللَّه تَعَالَى , فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب .)|يَأْتُوكَ رِجَالًا|يَقُول : فَإِنَّ النَّاس يَأْتُونَ الْبَيْت الَّذِي تَأْمُرهُمْ بِحَجِّهِ مُشَاة عَلَى أَرْجُلهمْ , وَأَمَّا قَوْله : { يَأْتُوك رِجَالًا } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل قَالُوا فِيهِ نَحْو قَوْلنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18945 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : ( { يَأْتُوك رِجَالًا } قَالَ : مُشَاة . )18946 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة عَنِ الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة , قَالَ : (قَالَ ابْن عَبَّاس : مَا آسَى عَلَى شَيْء فَاتَنِي إِلَّا أَنْ لَا أَكُون حَجَجْت مَاشِيًا , سَمِعْت اللَّه يَقُول : { يَأْتُوك رِجَالًا } . )18947 -قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (حَجَّ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل مَاشِيَيْنِ . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { يَأْتُوك رِجَالًا } قَالَ : عَلَى أَرْجُلهمْ .)|وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ|يَقُول : وَرُكْبَانًا عَلَى كُلّ ضَامِر , وَهِيَ الْإِبِل الْمَهَازِيل . وَأَمَّا قَوْله : { وَعَلَى كُلّ ضَامِر } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل قَالُوا فِيهِ نَحْو قَوْلنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18948 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَعَلَى كُلّ ضَامِر } قَالَ : الْإِبِل . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : (قَالَ ابْن عَبَّاس : { وَعَلَى كُلّ ضَامِر } قَالَ : الْإِبِل . )18949 - حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ عُمَر بْن ذَرّ , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : (كَانُوا لَا يَرْكَبُونَ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { يَأْتُوك رِجَالًا وَعَلَى كُلّ ضَامِر } قَالَ : فَأَمَرَهُمْ بِالزَّادِ , وَرَخَّصَ لَهُمْ فِي الرُّكُوب وَالْمَتْجَر .)|يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ|يَقُول : تَأْتِي هَذِهِ الضَّوَامِر مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق ; يَقُول : مِنْ كُلّ طَرِيق وَمَكَان وَمَسْلَك بَعِيد . وَقِيلَ : | يَأْتِينَ | , فَجَمَعَ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِكُلِّ ضَامِر : النُّوق . وَمَعْنَى الْكُلّ : الْجَمْع , فَلِذَلِكَ قِيلَ : | يَأْتِينَ | . وَقَدْ زَعَمَ الْفَرَّاء أَنَّهُ قَلِيل فِي كَلَام الْعَرَب : مَرَرْت عَلَى كُلّ رَجُل قَائِمِينَ ; قَالَ : وَهُوَ صَوَاب , وَقَوْل اللَّه : { وَعَلَى كُلّ ضَامِر يَأْتِينَ } يُنْبِئ عَنْ صِحَّة جَوَازه . وَأَمَّا قَوْله : { يَأْتِينَ مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل قَالُوا فِيهِ نَحْو قَوْلنَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18950 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق } يَعْنِي : مِنْ مَكَان بَعِيد . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : ( { مِنْ كُلّ فَجّ عَمِيق } قَالَ : بَعِيد . )18951 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَجّ عَمِيق } قَالَ : مَكَان بَعِيد . )* -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة مِثْله .

قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا

وَقَوْله : { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمَنَافِع الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ التِّجَارَة وَمَنَافِع الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18952 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , قَالَ : ثنا عَمْرو عَنْ عَاصِم , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : هِيَ الْأَسْوَاق . )18953 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر بْن الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (تِجَارَة . )18954 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم بْن بَهْدَلَة , عَنْ أَبِي رَزِين , فِي قَوْله : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : أَسْوَاقهمْ . )18955 - قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ وَاقِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : التِّجَارَة . )* - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق عَنْ سُفْيَان , عَنْ وَاقِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ وَاقِد , عَنْ سَعِيد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا سِنَان , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ أَبِي رَزِين : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : الْأَسْوَاق . )وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ الْأَجْر فِي الْآخِرَة , وَالتِّجَارَة فِي الدُّنْيَا ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18956 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , وَسِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَا : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : التِّجَارَة , وَمَا يُرْضِي اللَّه مِنْ أَمْر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . )* - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : الْأَجْر فِي الْآخِرَة , وَالتِّجَارَة فِي الدُّنْيَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ الْعَفْو وَالْمَغْفِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18957 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ جَابِر , عَنْ أَبِي جَعْفَر : ( { لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ } قَالَ : الْعَفْو . )18958 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : (قَالَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ : مَغْفِرَة . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ : لِيَشْهَدُوا مَنَافِع لَهُمْ مِنَ الْعَمَل الَّذِي يُرْضِي اللَّه وَالتِّجَارَة ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه عَمَّ لَهُمْ مَنَافِع جَمِيع مَا يَشْهَد لَهُ الْمَوْسِم وَيَأْتِي لَهُ مَكَّة أَيَّام الْمَوْسِم مِنْ مَنَافِع الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَلَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعهمْ بِخَبَرٍ وَلَا عَقْل , فَذَلِكَ عَلَى الْعُمُوم فِي الْمَنَافِع الَّتِي وُصِفَتْ .|وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ|وَقَوْله : { وَيَذْكُرُوا اسْم اللَّه فِي أَيَّام مَعْلُومَات عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَة الْأَنْعَام } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَيْ يَذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنَ الْهَدَايَا وَالْبُدْن الَّتِي أَهْدَوْهَا مِنَ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم , { فِي أَيَّام مَعْلُومَات } وَهُنَّ أَيَّام التَّشْرِيق فِي قَوْل بَعْض أَهْل التَّأْوِيل . وَفِي قَوْل بَعْضهمْ أَيَّام الْعَشْر . وَفِي قَوْل بَعْضهمْ : يَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق . وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ بِالرِّوَايَاتِ , وَبَيَّنَّا الْأَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْهَا فِي سُورَة الْبَقَرَة , فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع ; غَيْر أَنِّي أَذْكُر بَعْض ذَلِكَ أَيْضًا فِي هَذَا الْمَوْضِع . 18959 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَيَذْكُرُوا اسْم اللَّه فِي أَيَّام مَعْلُومَات } يَعْنِي أَيَّام التَّشْرِيق . )18960 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد بْن سُلَيْمَان , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك فِي قَوْله : { أَيَّامًا مَعْلُومَات } يَعْنِي أَيَّام التَّشْرِيق , { عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَة الْأَنْعَام } يَعْنِي الْبُدْن . )18961 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فِي أَيَّام مَعْلُومَات } قَالَ : أَيَّام الْعَشْر , وَالْمَعْدُودَات : أَيَّام التَّشْرِيق .)|فَكُلُوا مِنْهَا|وَقَوْله : { فَكُلُوا مِنْهَا } يَقُول : كُلُوا مِنْ بَهَائِم الْأَنْعَام الَّتِي ذَكَرْتُمْ اسْم اللَّه عَلَيْهَا أَيّهَا النَّاس هُنَالِكَ . وَهَذَا الْأَمْر مِنَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمْر إِبَاحَة لَا أَمْر إِيجَاب ; وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن جَمِيع الْحُجَّة أَنَّ ذَابِح هَدْيه أَوْ بَدَنَته هُنَالِكَ , إِنْ لَمْ يَأْكُل مِنْ هَدْيه أَوْ بَدَنَته , أَنَّهُ لَمْ يُضَيِّع لَهُ فَرْضًا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ , فَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ غَيْر وَاجِب . ذِكْر الرِّوَايَة عَنْ بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْل الْعِلْم : 18962 - حَدَّثَنَا سِوَار بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِس الْفَقِير } قَالَ : كَانَ لَا يَرَى الْأَكْل مِنْهَا وَاجِبًا . )18963 -حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ : (هِيَ رُخْصَة : إِنْ شَاءَ أَكَلَ , وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل , وَهِيَ كَقَوْلِهِ : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } [5 2 ]{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض } [62 10 ]يَعْنِي قَوْله : { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } . )[22 36 ]18964 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا } قَالَ : هِيَ رُخْصَة , فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل . )18965 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ عَطَاء فِي قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا } قَالَ : هِيَ رُخْصَة , فَإِنْ شَاءَ أَكَلَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل . )18966 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثنا زَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا } قَالَ : إِنَّمَا هِيَ رُخْصَة .)|وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ|وَقَوْله : { وَأَطْعِمُوا الْبَائِس الْفَقِير } يَقُول : وَأَطْعِمُوا مِمَّا تَذْبَحُونَ أَوْ تَنْحَرُونَ هُنَالِكَ مِنْ بَهِيمَة الْأَنْعَام مِنْ هَدْيكُمْ وَبُدْنكُمْ الْبَائِس , وَهُوَ الَّذِي بِهِ ضُرّ الْجُوع وَالزَّمَانَة وَالْحَاجَة , وَالْفَقِير : الَّذِي لَا شَيْء لَهُ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18967 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِس الْفَقِير } يَعْنِي : الزَّمِن الْفَقِير . )18968 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ رَجُل , عَنْ مُجَاهِد : ( { الْبَائِس الْفَقِير } الَّذِي يَمُدّ إِلَيْك يَدَيْهِ . )18969 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { الْبَائِس الْفَقِير } قَالَ : هُوَ الْقَانِع . )18970 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَر بْن عَطَاء , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (الْبَائِس : الْمُضْطَرّ الَّذِي عَلَيْهِ الْبُؤْس , وَالْفَقِير : الْمُتَعَفِّف . )* - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الْبَائِس } الَّذِي يَبْسُط يَدَيْهِ .)

وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا

وَقَوْله : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } يَقُول : تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ لْيَقْضُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاسِك حَجّهمْ : مِنْ حَلْق شَعْر , وَأَخْذ شَارِب , وَرَمْي جَمْرَة , وَطَوَاف بِالْبَيْتِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18971 - حَدَّثَنَا ابْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثني يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَشْعَث بْن سِوَار , عَنْ نَافِع , عَنِ ابْن عُمَر , أَنَّهُ قَالَ : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي الْحَجّ . )18972 -حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثني الْأَشْعَث , عَنْ نَافِع , عَنِ ابْن عُمَر , قَالَ : (التَّفَث : الْمَنَاسِك كُلّهَا . )18973 - قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَالَ , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : التَّفَث : حَلْق الرَّأْس , وَأَخْذ مِنَ الشَّارِبَيْنِ , وَنَتْف الْإِبْط , وَحَلْق الْعَانَة , وَقَصّ الْأَظْفَار , وَالْأَخْذ مِنَ الْعَارِضَيْنِ , وَرَمْي الْجِمَار , وَالْمَوْقِف بِعَرَفَة وَالْمُزْدَلِفَة . )18974 - حَدَّثَنَا حُمَيْد , قَالَ : ثنا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (التَّفَث : الشَّعْر وَالظُّفْر . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ خَالِد , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . 18975 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } رَمْي الْجِمَار , وَذَبْح الذَّبِيحَة , وَأَخْذ مِنَ الشَّارِبَيْنِ وَاللِّحْيَة وَالْأَظْفَار , وَالطَّوَاف بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة . )18976 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : هُوَ حَلْق الرَّأْس . وَذَكَرَ أَشْيَاء مِنَ الْحَجّ قَالَ شُعْبَة : لَا أَحْفَظهَا . )* - قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 18977 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : حَلْق الرَّأْس , وَحَلْق الْعَانَة , وَقَصّ الْأَظْفَار , وَقَصّ الشَّارِب , وَرَمْي الْجِمَار , وَقَصّ اللِّحْيَة . )18978 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي حَدِيثه : وَقَصّ اللِّحْيَة . 18979 -حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : (سَمِعْت رَجُلًا يَسْأَل ابْن جُرَيْج , عَنْ قَوْله : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : الْأَخْذ مِنَ اللِّحْيَة , وَمِنَ الشَّارِب , وَتَقْلِيم الْأَظْفَار , وَنَتْف الْإِبِط , وَحَلْق الْعَانَة , وَرَمْي الْجِمَار . )18980 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور , عَنِ الْحَسَن , وَأَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك أَنَّهُمَا قَالَا : (حَلْق الرَّأْس . )18981 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } يَعْنِي : حَلْق الرَّأْس . )18982 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (التَّفَث : حَلْق الرَّأْس , وَتَقْلِيم الظُّفْر . )18983 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } يَقُول : نُسُكهمْ . )18984 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : التَّفَث : حَرَمهمْ . )18985 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ } قَالَ : يَعْنِي بِالتَّفَثِ : وَضْع إِحْرَامهمْ ; مِنْ حَلْق الرَّأْس , وَلُبْس الثِّيَاب , وَقَصّ الْأَظْفَار وَنَحْو ذَلِكَ . )18986 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , قَالَ : (التَّفَث : حَلْق الشَّعْر , وَقَصّ الْأَظْفَار وَالْأَخْذ مِنَ الشَّارِب , وَحَلْق الْعَانَة , وَأَمْر الْحَجّ كُلّه .)|وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ|وَقَوْله : { وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ } يَقُول : وَلْيُوفُوا اللَّه بِمَا نَذَرُوا مِنْ هَدْي وَبَدَنَة وَغَيْر ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18987 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ } نَحْر مَا نَذَرُوا مِنَ الْبُدْن . )18988 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ } نَذْر الْحَجّ وَالْهَدْي , وَمَا نَذَرَ الْإِنْسَان مِنْ شَيْء يَكُون فِي الْحَجّ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ } قَالَ : نَذْر الْحَجّ وَالْهَدْي , وَمَا نَذَرَ الْإِنْسَان عَلَى نَفْسه مِنْ شَيْء يَكُون فِي الْحَجّ .)|وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ|وَقَوْله : { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } يَقُول : وَلْيَطَّوَّفُوا بِبَيْتِ اللَّه الْحَرَام . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { الْعَتِيق } فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : قِيلَ ذَلِكَ لِبَيْتِ اللَّه الْحَرَام ; لِأَنَّ اللَّه أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَة أَنْ يَصِلُوا إِلَى تَخْرِيبه وَهَدْمه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18989 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الزُّهْرِيّ , أَنَّ ابْن الزُّبَيْر , قَالَ : (إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْت الْعَتِيق ; لِأَنَّ اللَّه أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الزُّهْرِيّ , عَنِ ابْن الزُّبَيْر , مِثْله . 18990 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (إِنَّمَا سُمِّيَ الْعَتِيق ; لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَة . )18991 - قَالَ : ثنا سُفْيَان , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , عَنْ قَتَادَة : ( { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } قَالَ : أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الْبَيْت الْعَتِيق } قَالَ : أَعْتَقَهُ اللَّه مِنَ الْجَبَابِرَة , يَعْنِي الْكَعْبَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : قِيلَ لَهُ عَتِيق لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكهُ أَحَد مِنَ النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18992 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عُبَيْد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْء . )وَقَالَ آخَرُونَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِدَمِهِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18993 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { الْبَيْت الْعَتِيق } قَالَ : الْعَتِيق : الْقَدِيم ; لِأَنَّهُ قَدِيم , كَمَا يُقَال : السَّيْف الْعَتِيق ; لِأَنَّهُ أَوَّل بَيْت وُضِعَ لِلنَّاسِ بَنَاهُ آدَم , وَهُوَ أَوَّل مَنْ بَنَاهُ , ثُمَّ بَوَّأَ اللَّه مَوْضِعه لِإِبْرَاهِيم بَعْد الْغَرَق , فَبَنَاهُ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَلِكُلّ هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَمَّنْ ذَكَرْنَاهَا عَنْهُ فِي قَوْله : { الْبَيْت الْعَتِيق } وَجْه صَحِيح , غَيْر أَنَّ الَّذِي قَالَهُ ابْن زَيْد أَغْلَب مَعَانِيه عَلَيْهِ فِي الظَّاهِر . غَيْر أَنَّ الَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْن الزُّبَيْر أَوْلَى بِالصِّحَّةِ , إِنْ كَانَ مَا : 18994 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن سَهْل الْبُخَارِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : أَخْبَرَنِي اللَّيْث , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن خَالِد بْن مُسَافِر , عَنِ الزُّهْرِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن عُرْوَة , عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّ اللَّه أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَة فَلَمْ يَظْهَر عَلَيْهِ قَطُّ جَبَّار . )صَحِيحًا 18995 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ الزُّهْرِيّ : بَلَغَنَا أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : | إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّ اللَّه أَعْتَقَهُ | ثُمَّ ذَكَرَ مِثْله . وَعُنِيَ بِالطَّوَافِ الَّذِي أَمَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ حَاجّ بَيْته الْعَتِيق بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَة طَوَاف الْإِفَاضَة الَّذِي يُطَاف بِهِ بَعْد التَّعْرِيف , إِمَّا يَوْم النَّحْر وَإِمَّا بَعْده , لَا خِلَاف بَيْن أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ . ذِكْر الرِّوَايَة عَنْ بَعْض مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 18996 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن سَعِيد الْقُرَشِيّ , قَالَ : ثنا الْأَنْصَارِيّ , عَنْ أَشْعَث , عَنِ الْحَسَن : ( { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } قَالَ : طَوَاف الزِّيَارَة . )18997 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا خَالِد , قَالَ : ثنا الْأَشْعَث , أَنَّ الْحَسَن قَالَ فِي قَوْله : ( { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } قَالَ : الطَّوَاف الْوَاجِب . )18998 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } يَعْنِي : زِيَارَة الْبَيْت . )18999 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ حَجَّاج وَعَبْد الْمَلِك , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : ( { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } قَالَ : طَوَاف يَوْم النَّحْر . )19000 - حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة , قَالَ : (سَأَلْت زُهَيْرًا عَنْ قَوْل اللَّه : { وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق } قَالَ : طَوَاف الْوَدَاع . )وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة هَذِهِ الْحُرُوف , فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة | ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثهمْ وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ وَلْيَطَّوَّفُوا | بِتَسْكِينِ اللَّام فِي كُلّ ذَلِكَ طَلَب التَّخْفِيف , كَمَا فَعَلُوا فِي | هُوَ | إِذَا كَانَتْ قَبْله وَاو , فَقَالُوا { وَهْوَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور } [57 6 ]فَسَكَّنُوا الْهَاء , وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي لَام الْأَمْر إِذَا كَانَ قَبْلهَا حَرْف مِنْ حُرُوف النَّسَق كَالْوَاوِ وَالْفَاء وَثُمَّ وَكَذَلِكَ قَرَأَتْ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْبَصْرَة , غَيْر أَنَّ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء كَانَ يَكْسِر اللَّام مِنْ قَوْله : | ثُمَّ لِيَقْضُوا | خَاصَّة مِنْ أَجْل أَنَّ الْوُقُوف عَلَى | ثُمَّ | دُون | لِيَقْضُوا | حَسَن , وَغَيْر جَائِز الْوُقُوف عَلَى الْوَاو وَالْفَاء . وَهَذَا الَّذِي اعْتَلَّ بِهِ أَبُو عَمْرو لِقِرَاءَتِهِ عِلَّة حَسَنَة مِنْ جِهَة الْقِيَاس , غَيْر أَنَّ أَكْثَر الْقُرَّاء عَلَى تَسْكِينهَا . وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي , أَنَّ التَّسْكِين فِي لَام | لْيَقْضُوا | وَالْكَسْر قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَلُغَتَانِ سَائِرَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب , غَيْر أَنَّ الْكَسْر فِيهَا خَاصَّة أَقْيَس , لِمَا ذَكَرْنَا لِأَبِي عَمْرو مِنَ الْعِلَّة ; لِأَنَّ مَنْ قَرَأَ : { وَهْوَ عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور } [57 6 ]فَهُوَ بِتَسْكِينِ الْهَاء مَعَ الْوَاو وَالْفَاء , وَيُحَرِّكهَا فِي قَوْله : { ثُمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة مِنَ الْمُحْضَرِينَ } [28 61 ]فَذَلِكَ الْوَاجِب عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَل فِي قَوْله : | ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثهمْ | فَيُحَرِّك اللَّام إِلَى الْكَسْر مَعَ | ثُمَّ | وَإِنْ سَكَّنَهَا فِي قَوْله : { وَلْيُوفُوا نُذُورهمْ } . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ تَحْرِيكهَا مَعَ | ثُمَّ | وَالْوَاو , وَهِيَ لُغَة مَشْهُورَة , غَيْر أَنَّ أَكْثَر الْقُرَّاء مَعَ الْوَاو وَالْفَاء عَلَى تَسْكِينهَا , وَهِيَ أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ فِي الْعَرَب وَأَفْصَحهَا , فَالْقِرَاءَة بِهَا أَعْجَب إِلَيَّ مِنْ كَسْرهَا .

أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَات اللَّه فَهُوَ خَيْر لَهُ عِنْد رَبّه } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { ذَلِكَ } هَذَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ مِنْ قَضَاء التَّفَث وَالْوَفَاء بِالنُّذُورِ وَالطَّوَاف بِالْبَيْتِ الْعَتِيق , هُوَ الْفَرْض الْوَاجِب عَلَيْكُمْ يَا أَيّهَا النَّاس فِي حَجّكُمْ . { وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَات اللَّه فَهُوَ خَيْر لَهُ عِنْد رَبّه } يَقُول : وَمَنْ يَجْتَنِب مَا أَمَرَهُ اللَّه بِاجْتِنَابِهِ فِي حَال إِحْرَامه تَعْظِيمًا مِنْهُ لِحُدُودِ اللَّه أَنْ يُوَاقِعهَا وَحَرَّمَهُ أَنْ يَسْتَحِلّهَا , فَهُوَ خَيْر لَهُ عِنْد رَبّه فِي الْآخِرَة . كَمَا : 19001 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَات اللَّه } قَالَ : الْحُرْمَة : مَكَّة وَالْحَجّ وَالْعُمْرَة , وَمَا نَهَى اللَّه عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيه كُلّهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19002 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَات اللَّه } قَالَ : الْحُرُمَات : الْمَشْعَر الْحَرَام , وَالْبَيْت الْحَرَام , وَالْمَسْجِد الْحَرَام , وَالْبَلَد الْحَرَام ; هَؤُلَاءِ الْحُرُمَات .)|وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ|وَقَوْله : {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَام } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَأَحَلَّ اللَّه لَكُمْ أَيّهَا النَّاس الْأَنْعَام أَنْ تَأْكُلُوهَا إِذَا ذَكَّيْتُمُوهَا , فَلَمْ يُحَرِّم عَلَيْكُمْ مِنْهَا بَحِيرَة , وَلَا سَائِبَة , وَلَا وَصِيلَة , وَلَا حَامًا , وَلَا مَا جَعَلْتُمُوهُ مِنْهَا لِآلِهَتِكُمْ . { إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } يَقُول : إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي كِتَاب اللَّه , وَذَلِكَ : الْمَيْتَة , وَالدَّم , وَلَحْم الْخِنْزِير , وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّه بِهِ , وَالْمُنْخَنِقَة , وَالْمَوْقُوذَة , وَالْمُتَرَدِّيَة , وَالنَّطِيحَة , وَمَا أَكَلَ السَّبُع , وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُب ; فَإِنَّ ذَلِكَ كُلّه رِجْس . كَمَا : 19003 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } قَالَ : إِلَّا الْمَيْتَة , وَمَا لَمْ يُذْكَر اسْم اللَّه عَلَيْهِ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .|فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ|وَقَوْله : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان } يَقُول : فَاتَّقُوا عِبَادَة الْأَوْثَان , وَطَاعَة الشَّيْطَان فِي عِبَادَتهَا فَإِنَّهَا رِجْس . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19004 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاجْتَنِبُوا طَاعَة الشَّيْطَان فِي عِبَادَة الْأَوْثَان . )19005 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج فِي قَوْله : ( { الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان } قَالَ : عِبَادَة الْأَوْثَان .)|وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ|وَقَوْله : { وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاتَّقُوا قَوْل الْكَذِب وَالْفِرْيَة عَلَى اللَّه بِقَوْلِكُمْ فِي الْآلِهَة : { مَا نَعْبُدهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّه زُلْفَى } [39 3 ]وَقَوْلكُمْ لِلْمَلَائِكَةِ : هِيَ بَنَات اللَّه , وَنَحْو ذَلِكَ مِنَ الْقَوْل , فَإِنَّ ذَلِكَ كَذِب وَزُور وَشِرْك بِاللَّهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ : أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19006 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قَوْل الزُّور } قَالَ : الْكَذِب . )حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 19007 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْر مُشْرِكِينَ بِهِ } يَعْنِي : الِافْتِرَاء عَلَى اللَّه وَالتَّكْذِيب . )19008 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم , عَنْ وَائِل بْن رَبِيعَة , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : (تُعْدَل شَهَادَة الزُّور بِالشِّرْكِ , وَقَرَأَ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور } . )19009 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر , عَنْ عَاصِم , عَنْ وَائِل بْن رَبِيعَة , قَالَ : (عُدِلَتْ شَهَادَة الزُّور الشِّرْك , ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور } . )19010 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , قَالَ : ثنا سُفْيَان الْعُصْفُرِيّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ خُرَيْم بْن فَاتِك قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُدِلَتْ شَهَادَة الزُّور بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ | ثُمَّ قَرَأَ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور } . )19011 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ سُفْيَان الْعُصْفُرِيّ , عَنْ فَاتِك بْن فَضَالَة , عَنْ أَيْمَن بْن خُرَيْم , (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ : | أَيّهَا النَّاس عُدِلَتْ شَهَادَة الزُّور بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ | مَرَّتَيْنِ . ثُمَّ قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور } . )وَيَجُوز أَنْ يَكُون مُرَادًا بِهِ : اجْتَنِبُوا أَنْ تُرْجَسُوا أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس مِنَ الْأَوْثَان بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَهَلْ مِنَ الْأَوْثَان مَا لَيْسَ بِرِجْسٍ حَتَّى قِيلَ : فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنْهَا ؟ قِيلَ : كُلّهَا رِجْس , وَلَيْسَ الْمَعْنَى مَا ذَهَبْت إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَام : فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس الَّذِي يَكُون مِنَ الْأَوْثَان أَيْ عِبَادَتهَا , فَالَّذِي أَمَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس } مِنْهَا اتِّقَاء عِبَادَتهَا , وَتِلْكَ الْعِبَادَة هِيَ الرِّجْس , عَلَى مَا قَالَهُ ابْن عَبَّاس وَمَنْ ذَكَرْنَا قَوْله قَبْل .

انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْر مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِك بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفهُ الطَّيْر أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اجْتَنِبُوا أَيّهَا النَّاس عِبَادَة الْأَوْثَان , وَقَوْل الشِّرْك , مُسْتَقِيمِينَ لِلَّهِ عَلَى إِخْلَاص التَّوْحِيد لَهُ , وَإِفْرَاد الطَّاعَة وَالْعِبَادَة لَهُ خَالِصًا دُون الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , غَيْر مُشْرِكِينَ بِهِ شَيْئًا مِنْ دُونه ; فَإِنَّهُ مَنْ يُشْرِك بِاللَّهِ شَيْئًا مِنْ دُونه فَمَثَله فِي بُعْده مِنَ الْهُدَى وَإِصَابَة الْحَقّ وَهَلَاكه وَذَهَابه عَنْ رَبّه , مَثَل مَنْ خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفهُ الطَّيْر فَهَلَكَ , أَوْ هَوَتْ بِهِ الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق , يَعْنِي مَنْ بَعِيد , مِنْ قَوْلهمْ : أَبْعَدَهُ اللَّه وَأَسْحَقَهُ , وَفِيهِ لُغَتَانِ : أَسْحَقَتْهُ الرِّيح وَسَحَقَتْهُ , وَمِنْهُ قِيلَ لِلنَّخْلَةِ الطَّوِيلَة : نَخْلَة سَحُوق ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>كَانَتْ لَنَا جَارَة فَأَزْعَجَهَا .......... قَاذُورَة تَسْحَق النَّوَى قُدُمَا <br>وَيُرْوَى : | تَسْتَحِقّ | . يَقُول : فَهَكَذَا مَثَل الْمُشْرِك بِاللَّهِ فِي بُعْده مِنْ رَبّه وَمِنْ إِصَابَة الْحَقّ , كَبُعْدِ هَذَا الْوَاقِع مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْض , أَوْ كَهَلَاكِ مَنِ اخْتَطَفَتْهُ الطَّيْر مِنْهُمْ فِي الْهَوَاء . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19012 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء } قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فِي بُعْده مِنَ الْهُدَى وَهَلَاكه ; { فَتَخْطَفهُ الطَّيْر أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيح فِي مَكَان سَحِيق } . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19013 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { فِي مَكَان سَحِيق } قَالَ : بَعِيد . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَقِيلَ : { فَتَخْطَفهُ الطَّيْر } وَقَدْ قِيلَ قَبْله : { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء } وَخَرَّ فِعْل مَاضٍ , وَتَخْطَفهُ مُسْتَقْبَل , فَعَطَفَ بِالْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الْمَاضِي , كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيل اللَّه } [22 25 ]وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ هُنَاكَ .

تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَكُمْ أَيّهَا النَّاس وَأَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنِ اجْتِنَاب الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان وَاجْتِنَاب قَوْل الزُّور , حُنَفَاء لِلَّهِ , وَتَعْظِيم شَعَائِر اللَّه , وَهُوَ اسْتِحْسَان الْبُدْن وَاسْتِسْمَانهَا وَأَدَاء مَنَاسِك الْحَجّ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ , مِنْ تَقْوَى قُلُوبكُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19014 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن زِيَاد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } قَالَ : اسْتِعْظَامهَا , وَاسْتِحْسَانهَا , وَاسْتِسْمَانهَا . )19015 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنِ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } قَالَ : الِاسْتِسْمَان وَالِاسْتِعْظَام . )19016 - وَبِهِ عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَالِاسْتِحْسَان . * - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ أَبِي بِشْر , وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } قَالَ : اسْتِعْظَام الْبُدْن , وَاسْتِسْمَانهَا , وَاسْتِحْسَانهَا . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , قَالَ : (الْوُقُوف بِعَرَفَة مِنْ شَعَائِر اللَّه , وَبِجَمْع مِنْ شَعَائِر اللَّه , وَرَمْي الْجِمَار مِنْ شَعَائِر اللَّه , وَالْبُدْن مِنْ شَعَائِر اللَّه , وَمَنْ يُعَظِّمهَا فَإِنَّهَا مِنْ شَعَائِر اللَّه فِي قَوْله : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } فَمَنْ يُعَظِّمهَا فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب . )19018 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } قَالَ : الشَّعَائِر : الْجِمَار , وَالصَّفَا وَالْمَرْوَة مِنْ شَعَائِر اللَّه , وَالْمَشْعَر الْحَرَام وَالْمُزْدَلِفَة , قَالَ : وَالشَّعَائِر تَدْخُل فِي الْحَرَم , هِيَ شَعَائِر , وَهِيَ حَرَم . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّ تَعْظِيم شَعَائِره , وَهِيَ مَا جَعَلَهُ أَعْلَامًا لِخَلْقِهِ فِيمَا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ مِنْ مَنَاسِك حَجّهمْ , مِنَ الْأَمَاكِن الَّتِي أَمَرَهُمْ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا عِنْدهَا وَالْأَعْمَال الَّتِي أَلْزَمَهُمْ عَمَلهَا فِي حَجّهمْ : مِنْ تَقْوَى قُلُوبهمْ ; لَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا , فَتَعْظِيم كُلّ ذَلِكَ مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ; وَحَقّ عَلَى عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِهِ تَعْظِيم جَمِيع ذَلِكَ . وَقَالَ : { إِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } وَأَنَّثَ وَلَمْ يَقُلْ : | فَإِنَّهُ | ; لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ : فَإِنَّ تِلْكَ التَّعْظِيمَة مَعَ اجْتِنَاب الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِنَّ رَبّك مِنْ بَعْدهَا لَغَفُور رَحِيم } . [7 153 ]وَعَنَى بِقَوْلِهِ : { فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } فَإِنَّهَا مِنْ وَجَل الْقُلُوب مِنْ خَشْيَة اللَّه , وَحَقِيقَة مَعْرِفَتهَا بِعَظَمَتِهِ وَإِخْلَاص تَوْحِيده.

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } </subtitle>اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى الْمَنَافِع الَّتِي ذَكَرَ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة وَأَخْبَرَ عِبَاده أَنَّهَا إِلَى أَجَل مُسَمًّى , عَلَى نَحْو اخْتِلَافهمْ فِي مَعْنَى الشَّعَائِر الَّتِي ذَكَرَهَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي قَوْله : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } فَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا عَنَى بِالشَّعَائِرِ الْبُدْن . مَعْنَى ذَلِكَ : لَكُمْ أَيّهَا النَّاس فِي الْبُدْن مَنَافِع , ثُمَّ اخْتَلَفَ أَيْضًا الَّذِينَ قَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَة فِي الْحَال الَّتِي لَهُمْ فِيهَا مَنَافِع , وَفِي الْأَجَل الَّذِي قَالَ عَزَّ ذِكْره : { إِلَى أَجَل مُسَمًّى } فَقَالَ بَعْضهمْ : الْحَال الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ لَهُمْ فِيهَا مَنَافِع , هِيَ الْحَال الَّتِي لَمْ يُوجِبهَا صَاحِبهَا وَلَمْ يُسَمِّهَا بَدَنَة وَلَمْ يُقَلِّدهَا . قَالُوا : وَمَنَافِعهَا فِي هَذِهِ الْحَال : شُرْب أَلْبَانهَا , وَرُكُوب ظُهُورهَا , وَمَا يَرْزُقهُمْ اللَّه مِنْ نَتَاجهَا وَأَوْلَادهَا . قَالُوا : وَالْأَجَل الْمُسَمَّى الَّذِي أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ ذَلِكَ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهَا إِلَيْهَا , هُوَ إِلَى إِيجَابهمْ إِيَّاهَا , فَإِذَا أَوْجَبُوهَا بَطَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19019 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عِيسَى , عَنِ ابْن أَبِي لَيْلَى , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : مَا لَمْ يُسَمِّ بُدْنًا . )19020 - حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق بْن يُوسُف , عَنْ سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : الرُّكُوب وَاللَّبَن وَالْوَلَد , فَإِذَا سُمِّيَتْ بَدَنَة أَوْ هَدْيًا ذَهَبَ كُلّه . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : لَكُمْ فِي ظُهُورهَا وَأَلْبَانهَا وَأَوْبَارهَا , حَتَّى تَصِير بُدْنًا . )* - قَالَ : ثنا ابْن عَدِيّ , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنِ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , وَلَيْث عَنْ مُجَاهِد : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : فِي أَشْعَارهَا وَأَوْبَارهَا وَأَلْبَانهَا قَبْل أَنْ تُسَمِّيهَا بَدَنَة . )* - قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : فِي الْبُدْن لُحُومهَا وَأَلْبَانهَا وَأَشْعَارهَا وَأَوْبَارهَا وَأَصْوَافهَا قَبْل أَنْ تُسَمَّى هَدْيًا . )19021 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله , وَزَادَ فِيهِ : (وَهِيَ الْأَجَل الْمُسَمَّى . )19022 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ عَطَاء أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } قَالَ : مَنَافِع فِي أَلْبَانهَا وَظُهُورهَا وَأَوْبَارهَا , { إِلَى أَجَل مُسَمًّى } إِلَى أَنْ تُقَلَّد . )19023 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك , مِثْل ذَلِكَ . 19024 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : قَالَ ابْن عُلَيَّة : سَمِعْت ابْن أَبِي نَجِيح يَقُول فِي قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : إِلَى أَنْ تُوجِبهَا بَدَنَة . )19025 - قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ قَتَادَة : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } يَقُول : فِي ظُهُورهَا وَأَلْبَانهَا , فَإِذَا قُلِّدَتْ فَمَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق . )وَقَالَ آخَرُونَ مِمَّنْ قَالَ الشَّعَائِر الْبُدْن فِي قَوْله : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } وَالْهَاء فِي قَوْله : { لَكُمْ فِيهَا } مِنْ ذِكْر الشَّعَائِر , وَمَعْنَى قَوْله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع } لَكُمْ فِي الشَّعَائِر الَّتِي تُعَظِّمُونَهَا لِلَّهِ مَنَافِع بَعْد اتِّخَاذِكُمُوهَا لِلَّهِ بُدْنًا أَوْ هَدَايَا , بِأَنْ تَرْكَبُوا ظُهُورهَا إِذَا احْتَجْتُمْ إِلَى ذَلِكَ , وَتَشْرَبُوا أَلْبَانهَا إِنِ اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهَا . قَالُوا : وَالْأَجَل الْمُسَمَّى الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { إِلَى أَجَل مُسَمًّى } إِلَى أَنْ تُنْحَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19026 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ عَطَاء : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : هُوَ رُكُوب الْبُدْن , وَشُرْب لَبَنهَا إِنِ احْتَاجَ . )19027 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : (قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح فِي قَوْله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : إِلَى أَنْ تُنْحَر , قَالَ : لَهُ أَنْ يَحْمِلهَا عَلَيْهَا الْمُعْيِي وَالْمُنْقَطِع بِهِ مِنَ الضَّرُورَة , كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُر بِالْبَدَنَةِ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهَا سَيِّدهَا أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا وَيَرْكَب عِنْد مَنْهُوكه . قُلْت لِعَطَاءٍ : مَا ؟ قَالَ : الرَّجُل الرَّاجِل , وَالْمُنْقَطِع بِهِ , وَالْمُتَّبِع وَإِنْ نَتَجَتْ , أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا وَلَدهَا , وَلَا يَشْرَب مِنْ لَبَنهَا إِلَّا فَضْلًا عَنْ وَلَدهَا , فَإِنْ كَانَ فِي لَبَنهَا فَضْل فَلْيَشْرَبْ مَنْ أَهْدَاهَا وَمَنْ لَمْ يُهْدِهَا . )وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا : مَعْنَى الشَّعَائِر فِي قَوْله : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } . شَعَائِر الْحَجّ , وَهِيَ الْأَمَاكِن الَّتِي يُنْسَك عِنْدهَا لِلَّهِ , فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى الْمَنَافِع الَّتِي قَالَ اللَّه : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَكُمْ فِي هَذِهِ الشَّعَائِر الَّتِي تُعَظِّمُونَهَا مَنَافِع بِتِجَارَتِكُمْ عِنْدهَا وَبَيْعكُمْ وَشِرَائِكُمْ بِحَضْرَتِهَا وَتَسَوُّقكُمْ . وَالْأَجَل الْمُسَمَّى : الْخُرُوج مِنَ الشَّعَائِر إِلَى غَيْرهَا وَمِنَ الْمَوَاضِع الَّتِي يُنْسَك عِنْدهَا إِلَى مَا سِوَاهَا فِي قَوْل بَعْضهمْ . 19028 - حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الصُّدَائِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة عَنْ سُلَيْمَان الضَّبِّيّ , عَنْ عَاصِم بْن أَبِي النَّجُود , عَنْ أَبِي رَزِين , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع } قَالَ : أَسْوَاقهمْ , فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر مَنَافِع إِلَّا لِلدُّنْيَا . )19029 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى , قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } قَالَ : وَالْأَجَل الْمُسَمَّى : الْخُرُوج مِنْهُ إِلَى غَيْره . )وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : الْمَنَافِع الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّه فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَمَل لِلَّهِ بِمَا أَمَرَ مِنْ مَنَاسِك الْحَجّ . قَالُوا : وَالْأَجَل الْمُسَمَّى : هُوَ انْقِضَاء أَيَّام الْحَجّ الَّتِي يُنْسَك لِلَّهِ فِيهِنَّ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19030 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } فَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } لَكُمْ فِي تِلْكَ الشَّعَائِر مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى , إِذَا ذَهَبَتْ تِلْكَ الْأَيَّام لَمْ تَرَ أَحَدًا يَأْتِي عَرَفَة يَقِف فِيهَا يَبْتَغِي الْأَجْر , وَلَا الْمُزْدَلِفَة , وَلَا رَمْي الْجِمَار , وَقَدْ ضَرَبُوا مِنَ الْبُلْدَان لِهَذِهِ الْأَيَّام الَّتِي فِيهَا الْمَنَافِع , وَإِنَّمَا مَنَافِعهَا إِلَى تِلْكَ الْأَيَّام , وَهِيَ الْأَجَل الْمُسَمَّى , ثُمَّ مَحِلّهَا حِين تَنْقَضِي تِلْكَ الْأَيَّام إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ دَلَّلْنَا قَبْل عَلَى أَنَّ قَوْل اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه } مَعْنِيّ بِهِ : كُلّ مَا كَانَ مِنْ عَمَل أَوْ مَكَان جَعَلَهُ اللَّه عَلَمًا لِمَنَاسِك حَجّ خَلْقه , إِذْ لَمْ يُخَصِّص مِنْ ذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَيْئًا فِي خَبَر وَلَا عَقْل . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَعْلُوم أَنَّ مَعْنَى قَوْله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } فِي هَذِهِ الشَّعَائِر مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى , فَمَا كَانَ مِنْ هَذِهِ الشَّعَائِر بُدْنًا وَهَدْيًا , فَمَنَافِعهَا لَكُمْ مِنْ حِين تَمْلِكُونَ إِلَى أَنْ أَوْجَبْتُمُوهَا هَدَايَا وَبُدْنًا , وَمَا كَانَ مِنْهَا أَمَاكِن يُنْسَك لِلَّهِ عِنْدهَا , فَمَنَافِعهَا التِّجَارَة لِلَّهِ عِنْدهَا وَالْعَمَل بِمَا أَمَرَ بِهِ إِلَى الشُّخُوص عَنْهَا , وَمَا كَانَ مِنْهَا أَوْقَاتًا بِأَنْ يُطَاع اللَّه فِيهَا بِعَمَلِ أَعْمَال الْحَجّ وَبِطَلَبِ الْمَعَاش فِيهَا بِالتِّجَارَةِ , إِلَى أَنْ يُطَاف بِالْبَيْتِ فِي بَعْض , أَوْ يُوَافِي الْحَرَم فِي بَعْض وَيَخْرُج عَنِ الْحَرَم فِي بَعْض .|ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ|وَقَالَ اخْتَلَفَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا اخْتِلَافهمْ فِي تَأْوِيل قَوْله : { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى } فِي تَأْوِيل قَوْله : { ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } فَقَالَ الَّذِينَ قَالُوا عُنِيَ بِالشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْبُدْن : مَعْنَى ذَلِكَ ثُمَّ مَحَلّ الْبُدْن إِلَى أَنْ تَبْلُغ مَكَّة , وَهِيَ الَّتِي بِهَا الْبَيْت الْعَتِيق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19031 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ عَطَاء : ( { ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } إِلَى مَكَّة . )19032 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } يَعْنِي مَحَلّ الْبُدْن حِين تُسَمَّى إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق . )19033 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { ثُمَّ مَحِلّهَا } حِين تُسَمَّى هَدْيًا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق , قَالَ : الْكَعْبَة أَعْتَقَهَا مِنَ الْجَبَابِرَة . )فَوَجَّهَ هَؤُلَاءِ تَأْوِيل ذَلِكَ إِلَى ثَمَّ مَنْحَر الْبُدْن وَالْهَدَايَا الَّتِي أَوْجَبْتُمُوهَا إِلَى أَرْض الْحَرَم . وَقَالُوا : عَنَى بِالْبَيْتِ الْعَتِيق أَرْض الْحَرَم كُلّهَا . وَقَالُوا : وَذَلِكَ نَظِير قَوْله : { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِد الْحَرَام } [9 28 ]وَالْمُرَاد : الْحَرَم كُلّه . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ مَحَلّكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ مَنَاسِك حَجّكُمْ إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق أَنْ تَطُوفُوا بِهِ يَوْم النَّحْر بَعْد قَضَائِكُمْ مَا أَوْجَبَهُ اللَّه عَلَيْكُمْ فِي حَجّكُمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19034 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن هَارُون , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ مُحَمَّد بْن أَبِي مُوسَى : ( { ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } قَالَ : مَحِلّ هَذِهِ الشَّعَائِر كُلّهَا الطَّوَاف بِالْبَيْتِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ مَحِلّ مَنَافِع أَيَّام الْحَجّ إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق بِانْقِضَائِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19035 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ مَحِلّهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق } حِين تَنْقَضِي تِلْكَ الْأَيَّام , أَيَّام الْحَجّ إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : ثُمَّ مَحِلّ الشَّعَائِر الَّتِي لَكُمْ فِيهَا مَنَافِع إِلَى أَجَل مُسَمًّى إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق , فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ هَدْيًا أَوْ بُدْنًا فَبِمُوَافَاتِهِ الْحَرَم فِي الْحَرَم , وَمَا كَانَ مِنْ نُسُك فَالطَّوَاف بِالْبَيْتِ . وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّوَاب فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْل عِنْدنَا فِي مَعْنَى الشَّعَائِر .

إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَة الْأَنْعَام } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلِكُلِّ أُمَّة } وَلِكُلِّ جَمَاعَة سَلَف فِيكُمْ مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ أَيّهَا النَّاس , جَعَلْنَا ذَبْحًا يُهْرِيقُونِ دَمه ; { لِيَذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَة الْأَنْعَام } بِذَلِكَ ; لِأَنَّ مِنَ الْبَهَائِم مَا لَيْسَ مِنَ الْأَنْعَام , كَالْخَيْلِ وَالْبِغَال وَالْحَمِير . وَقِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ لِلْبَهَائِمِ بَهَائِم لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { جَعَلْنَا مَنْسَكًا } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19036 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ . ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا } قَالَ : إِهْرَاق الدِّمَاء ; { لِيَذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا } . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ . ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .|فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا|وَقَوْله : { فَإِلَهكُمْ إِلَه وَاحِد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاجْتَنِبُوا الرِّجْس مِنَ الْأَوْثَان , وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّور , فَإِلَهكُمْ إِلَه وَاحِد لَا شَرِيك لَهُ , فَإِيَّاهُ فَاعْبُدُوا وَلَهُ أَخْلِصُوا الْأُلُوهَة . وَقَوْله : { فَلَهُ أَسْلِمُوا } يَقُول : فَلِإِلَهِكُمْ فَاخْضَعُوا بِالطَّاعَةِ , وَلَهُ فَذِلُّوا بِالْإِقْرَارِ بِالْعُبُودِيَّةِ .|وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ|وَقَوْله : { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد الْخَاضِعِينَ لِلَّهِ بِالطَّاعَةِ , الْمُذْعِنِينَ لَهُ بِالْعُبُودِيَّةِ , الْمُنِيبِينَ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ , وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْإِخْبَات بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُرَاد بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُرِيدَ بِهِ : وَبَشِّرِ الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَى اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19037 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } قَالَ : الْمُطْمَئِنِّينَ . )* - حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } الْمُطْمَئِنِّينَ إِلَى اللَّه . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى . وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } قَالَ : الْمُطْمَئِنِّينَ . )19038 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } قَالَ : الْمُتَوَاضِعِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ بِمَا : 19039 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم , عَنْ عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن أَوْس , عَنْ عَمْرو بْن أَوْس , قَالَ : (الْمُخْبِتُونَ : الَّذِينَ لَا يَظْلِمُونَ , وَإِذَا ظُلِمُوا لَمْ يَنْتَصِرُوا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ , قَالَ : ثني عُثْمَان بْن عَبْد اللَّه بْن أَوْس , عَنْ عَمْرو بْن أَوْس مِثْله .

وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } </subtitle>فَهَذَا مِنْ نَعْت الْمُخْبِتِينَ ; يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ تَخْشَع قُلُوبهمْ لِذِكْرِ اللَّه وَتَخْضَع مِنْ خَشْيَتِهِ وَجَلًا مِنْ عِقَابه وَخَوْفًا مِنْ سَخَطه . كَمَا : 19040 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ } قَالَ : لَا تَقْسُو قُلُوبهمْ . { وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } مِنْ شِدَّة فِي أَمْر اللَّه , وَنَالَهُمْ مِنْ مَكْرُوه فِي جَنْبه . { وَالْمُقِيمِي الصَّلَاة } الْمَفْرُوضَة . { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } مِنَ الْأَمْوَال . { يُنْفِقُونَ } فِي الْوَاجِب عَلَيْهِمْ إِنْفَاقهَا فِيهِ , فِي زَكَاة وَنَفَقَة عِيَال وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَته وَفِي سَبِيل اللَّه .)

لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْبُدْن جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِر اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالْبُدْن } وَهِيَ جَمْع بَدَنَة , وَقَدْ يُقَال لِوَاحِدِهَا : بَدَن , وَإِذَا قِيلَ بَدَن اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُون جَمْعًا وَوَاحِدًا , يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَال ذَلِكَ لِلْوَاحِدِ قَوْل الرَّاجِز : <br>عَلَى حِين تَمْلِك الْأُمُورَا .......... صَوْم شُهُور وَجَبَتْ نُذُورَا <br><br>وَحَلْق رَأْسِي وَافِيًا مَضْفُورَا .......... وَبَدَنًا مُدَرَّعًا مَوْفُورَا <br>وَالْبَدَن : هُوَ الضَّخْم مِنْ كُلّ شَيْء , وَلِذَلِكَ قِيلَ لِامْرِئِ الْقَيْس بْن النُّعْمَان صَاحِب الْخَوَرْنَق وَالسَّدِير الْبَدَن ; لِضَخْمِهِ وَاسْتِرْخَاء لَحْمه , فَإِنَّهُ يُقَال : قَدْ بَدَّنَ تَبْدِينًا , فَمَعْنَى الْكَلَام وَالْإِبِل الْعِظَام الْأَجْسَام الضِّخَام , جَعَلْنَاهَا لَكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ شَعَائِر اللَّه ; يَقُول : مِنْ أَعْلَام أَمْر اللَّه الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ فِي مَنَاسِك حَجّكُمْ إِذَا قَلَّدْتُمُوهَا وَجَلَّلْتُمُوهَا وَأَشْعَرْتُمُوهَا , عُلِمَ بِذَلِكَ وَشُعِرَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ مِنَ الْإِبِل وَالْبَقَر . كَمَا : 19041 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء : ( { وَالْبُدْن جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِر اللَّه } قَالَ : الْبَقَرَة وَالْبَعِير .)|لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ|وَقَوْله : { لَكُمْ فِيهَا خَيْر } يَقُول : لَكُمْ فِي الْبُدْن خَيْر ; وَذَلِكَ الْخَيْر هُوَ الْأَجْر فِي الْآخِرَة بِنَحْرِهَا وَالصَّدَقَة بِهَا , وَفِي الدُّنْيَا : الرُّكُوب إِذَا احْتَاجَ إِلَى رُكُوبهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19042 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى -وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { لَكُمْ فِيهَا خَيْر } قَالَ : أَجْر وَمَنَافِع فِي الْبُدْن . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19043 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ . ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { لَكُمْ فِيهَا خَيْر } قَالَ : اللَّبَن وَالرُّكُوب إِذَا احْتَاجَ . )* -حَدَّثَنَا عَبْد الْحَمِيد بْن بَيَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , عَنْ شَرِيك , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { لَكُمْ فِيهَا خَيْر } قَالَ : إِذَا اُضْطُرِرْت إِلَى بَدَنَتك رَكِبْتهَا وَشَرِبْت لَبَنهَا . )* - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { لَكُمْ فِيهَا خَيْر } مَنِ احْتَاجَ إِلَى ظَهْر الْبَدَنَة رَكِبَ , وَمَنِ احْتَاجَ إِلَى لَبَنهَا شَرِبَ .)|فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ|وَقَوْله : { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَى الْبُدْن عِنْد نَحْركُمْ إِيَّاهَا صَوَافّ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار . { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } بِمَعْنَى مُصْطَفَّة , وَاحِدهَا : صَافَّة , وَقَدْ صُفَّتْ بَيْن أَيْدِيهَا . وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَن وَمُجَاهِد وَزَيْد بْن أَسْلَمَ وَجَمَاعَة أُخَر مَعَهُمْ , أَنَّهُمْ قَرَءُوا ذَلِكَ . | صَوَافِّي | بِالْيَاءِ مَنْصُوبَة , بِمَعْنَى : خَالِصَة لِلَّهِ لَا شَرِيك لَهُ فِيهَا صَافِيَة لَهُ . وَقَرَأَ بَعْضهمْ ذَلِكَ : | صَوَافٍ | بِإِسْقَاطِ الْيَاء وَتَنْوِين الْحَرْف , عَلَى مِثَال : عَوَارٍ وَعَوَادٍ . وَرُوِيَ عَنِ ابْن مَسْعُود أَنَّهُ قَرَأَهُ : | صَوَافِن | . بِمَعْنَى : مُعَقَّلَة . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ بِتَشْدِيدِ الْفَاء وَنَصْبهَا , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِمَنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ . ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَهُ بِتَأْوِيلِ مَنْ قَرَأَهُ بِتَشْدِيدِ الْفَاء وَنَصْبهَا : 19044 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا جَابِر بْن نُوح , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } قَالَ : اللَّه أَكْبَر اللَّه أَكْبَر , اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك صَوَافّ : قِيَامًا عَلَى ثَلَاث أَرْجُل . فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاس : مَا نَصْنَع بِجُلُودِهَا ؟ قَالَ : تَصَدَّقُوا بِهَا , وَاسْتَمْتِعُوا بِهَا . )19045 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثنا أَيُّوب بْن سُوَيْد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { صَوَافّ } قَالَ : قَائِمَة , قَالَ : يَقُول : اللَّه أَكْبَر , لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } قَالَا : قِيَامًا عَلَى ثَلَاث قَوَائِم مَعْقُولَة بِاسْمِ اللَّه , اللَّه أَكْبَر , اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك . )19046 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { صَوَافّ } قَالَ : مَعْقُولَة إِحْدَى يَدَيْهَا , قَالَ : قَائِمَة عَلَى ثَلَاث قَوَائِم . )19047 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } يَقُول : قِيَامًا . )19048 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } وَالصَّوَافّ : أَنْ تَعْقِل قَائِمَة وَاحِدَة , وَتَصُفّهَا عَلَى ثَلَاث فَتَنْحَرهَا كَذَلِكَ . )19049 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْن عَطَاء , قَالَ : أَخْبَرَنَا بُجَيْر بْن سَالِم , قَالَ : (رَأَيْت ابْن عُمَر وَهُوَ يَنْحَر بَدَنَته , قَالَ : فَقَالَ : { صَوَافّ } كَمَا قَالَ اللَّه , قَالَ : فَنَحَرَهَا وَهِيَ قَائِمَة مَعْقُولَة إِحْدَى يَدَيْهَا . )19050 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الصَّوَافّ : إِذَا عُقِلَتْ رِجْلهَا وَقَامَتْ عَلَى ثَلَاث . )19051 - قَالَ : ثنا لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } قَالَ : صَوَافّ بَيْن أَوْظَافهَا . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى - وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { صَوَافّ } قَالَ : قِيَام صَوَافّ عَلَى ثَلَاث قَوَائِم . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } قَالَ : بَيْن وَظَائِفهَا قِيَامًا . )19052 - حَدَّثَنَا ابْن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , عَنْ خَالِد بْن يَزِيد , عَنِ ابْن أَبِي هِلَال , عَنْ نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه : (أَنَّهُ كَانَ يَنْحَر الْبُدْن وَهِيَ قَائِمَة مُسْتَقْبِلَة الْبَيْت تُصَفّ أَيْدِيهَا بِالْقُيُودِ , قَالَ : هِيَ الَّتِي ذَكَرَ اللَّه : { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } . )19053 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثني جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ رَجُل , عَنْ أَبِي ظَبْيَان , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (قُلْت لَهُ : قَوْل اللَّه { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } ؟ قَالَ : إِذَا أَرَدْت أَنْ تَنْحَر الْبَدَنَة فَانْحَرْهَا , وَقُلْ : اللَّه أَكْبَر , لَا إِلَه إِلَّا اللَّه , اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك , ثُمَّ سَمِّ ثُمَّ انْحَرْهَا . قُلْت : فَأَقُول ذَلِكَ لِلْأُضْحِيَّةِ ؟ قَالَ : وَلِلْأُضْحِيَّةِ . )ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَهُ بِتَأْوِيلِ مَنْ قَرَأَهُ : | صَوَافِيَ | بِالْيَاءِ : 19054 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ : ( فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِيَ | قَالَ : مُخْلِصِينَ . )* - قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : ( صَوَافِيَ | : خَالِصَة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : ( صَوَافِي | : خَالِصَة لِلَّهِ . )19055 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ شَقِيق الضَّبِّيّ : ( فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِي | قَالَ : خَالِصَة . )19056 - قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَيْمَن بْن نَابِل , قَالَ : (سَأَلْت طَاوُسًا عَنْ قَوْله : | فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِي | قَالَ : خَالِصًا . )19057 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِي | قَالَ : خَالِصَة لَيْسَ فِيهَا شَرِيك كَمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْعَلُونَ , يَجْعَلُونَ لِلَّهِ وَلِآلِهَتِهِمْ صَوَافِي صَافِيَة لِلَّهِ تَعَالَى . )ذِكْر مَنْ تَأَوَّلَهُ بِتَأْوِيلِ مَنْ قَرَأَهُ | صَوَافِن | : 19058 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : ( فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِن | : أَيْ مُعَقَّلَة قِيَامًا . )* -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : ( فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافِن | قَالَ : أَيْ مُعَقَّلَة قِيَامًا . )19059 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (مَنْ قَرَأَهَا | صَوَافِن | قَالَ : مَعْقُولَة . قَالَ : وَمَنْ قَرَأَهَا : { صَوَافّ } قَالَ : تُصَفّ بَيْن يَدَيْهَا . )19060 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهَا صَوَافّ } يَعْنِي صَوَافِن , وَالْبَدَنَة إِذَا نُحِرَتْ عُقِلَتْ يَد وَاحِدَة , فَكَانَتْ عَلَى ثَلَاث , وَكَذَلِكَ تُنْحَر . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ قَوْله : { صَوَافّ } وَهِيَ الْمُصْطَفَّة بَيْن أَيْدِيهَا الْمَعْقُولَة إِحْدَى قَوَائِمهَا .|فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا|وَقَوْله : { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } يَقُول : فَإِذَا سَقَطَتْ فَوَقَعَتْ جُنُوبُهَا إِلَى الْأَرْض بَعْد النَّحْر , { فَكُلُوا مِنْهَا } وَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ : قَدْ وَجَبَتِ الشَّمْس : إِذَا غَابَتْ فَسَقَطَتْ لِلتَّغَيُّبِ , وَمِنْهُ قَوْل أَوْس بْن حُجْر : <br>أَلَمْ تُكْسَف الشَّمْس وَالْبَدْر .......... وَالْكَوَاكِب لِلْجَبَلِ الْوَاجِب <br>يَعْنِي بِالْوَاجِبِ : الْوَاقِع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19061 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثني عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبهَا } سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْض . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19062 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , فِي قَوْله : ( { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبهَا } قَالَ : إِذَا فَرَغَتْ وَنُحِرَتْ . )19063 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَإِذَا وَجَبَتْ } نُحِرَتْ . )19064 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبهَا } قَالَ : إِذَا نُحِرَتْ . )19065 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبهَا } قَالَ : فَإِذَا مَاتَتْ .)|فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ|وَقَوْله : { فَكُلُوا مِنْهَا } وَهَذَا مَخْرَجه مَخْرَج الْأَمْر وَمَعْنَاهُ الْإِبَاحَة وَالْإِطْلَاق ; يَقُول اللَّه : فَإِذَا نُحِرَتْ فَسَقَطَتْ مَيِّتَة بَعْد النَّحْر فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ أَكْلهَا , وَلَيْسَ بِأَمْرِ إِيجَاب . وَكَانَ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 19066 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , قَالَ : (الْمُشْرِكُونَ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ مِنْ ذَبَائِحهمْ , فَرُخِّصَ لِلْمُسْلِمِينَ , فَأَكَلُوا مِنْهَا , فَمَنْ شَاءَ أَكَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل . )19067 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (إِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل , فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } )[5 2 ]19068 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } يَقُول : يَأْكُل مِنْهَا وَيُطْعِم . )19069 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , عَنِ الْحَسَن . وَأَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , وَأَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ عَطَاء . وَأَخْبَرَنَا حُصَيْن , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَكُلُوا مِنْهَا } قَالَ : إِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُل , قَالَ مُجَاهِد : هِيَ رُخْصَة , هِيَ كَقَوْلِهِ : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْض } [62 10 ]وَمِثْل قَوْله : { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } [5 2 ])وَقَوْله : { وَأَطْمِعُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } يَقُول : فَأَطْعِمُوا مِنْهَا الْقَانِع . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِالْقَانِعِ وَالْمُعْتَرّ , فَقَالَ بَعْضهمْ : الْقَانِع الَّذِي يَقْنَع بِمَا أُعْطِيَ أَوْ بِمَا عِنْده وَلَا يَسْأَل , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك أَنْ تُطْعِمهُ مِنَ اللَّحْم وَلَا يَسْأَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19070 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الْمُسْتَغْنِي بِمَا أَعْطَيْته وَهُوَ فِي بَيْته , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك وَيَلُمّ بِك أَنْ تُطْعِمهُ مِنَ اللَّحْم وَلَا يَسْأَل . وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أُمِرَ أَنْ يُطْعَمُوا مِنَ الْبُدْن . )19071 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْقَانِع : جَارك الَّذِي يَقْنَع بِمَا أَعْطَيْته , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك وَلَا يَسْأَلك . )19072 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْر , عَنِ الْقُرَظِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع بِالشَّيْءِ الْيَسِير يَرْضَى بِهِ , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَمُرّ بِجَانِبِك لَا يَسْأَل شَيْئًا ; فَذَلِكَ الْمُعْتَرّ . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع بِمَا عِنْده وَلَا يَسْأَل ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك فَيَسْأَلك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19073 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } يَقُول : الْقَانِع الْمُتَعَفِّف ; { وَالْمُعْتَرّ } يَقُول : السَّائِل . )19074 - حَدَّثَنَا ابْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا خُصَيْف , قَالَ : (سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : الْقَانِع : أَهْل مَكَّة ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك فَيَسْأَلك . )* - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا عَطَاء , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد مِثْله . 19075 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثني كَعْب بْن فَرُّوخ , قَالَ : سَمِعْت قَتَادَة يُحَدِّث , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الَّذِي يَقْعُد فِي بَيْته , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَسْأَل . )19076 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (الْقَانِع : الْمُتَعَفِّف الْجَالِس فِي بَيْته ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك فَيَسْأَلك . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الطَّامِع بِمَا قِبَلك وَلَا يَسْأَلك ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك وَيَسْأَلك . )19077 -حَدَّثَنِي نَصْر بْن عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم قَالَا : (الْقَانِع : الْجَالِس فِي بَيْته ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَسْأَلك . )19078 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ , قَالَ : (الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع بِمَا فِي يَدَيْهِ ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك , وَلِكِلَيْهِمَا عَلَيْك حَقّ يَا ابْن آدَم . )* - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع الَّذِي يَجْلِس فِي بَيْته . وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : هُوَ السَّائِل , وَالْمُعْتَرّ : هُوَ الَّذِي يَعْتَرِيك وَلَا يَسْأَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19079 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا يُونُس , عَنِ الْحَسَن , قَالَ : (الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع إِلَيْك وَيَسْأَلك ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك وَلَا يَسْأَلك . )19080 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور بْن زَاذَان , عَنِ الْحَسَن , فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك . قَالَ : وَقَالَ الْكَلْبِيّ : الْقَانِع : الَّذِي يَسْأَلك ; وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك , يَتَعَرَّض وَلَا يَسْأَلك . )* - حَدَّثَنِي نَصْر عَبْد الرَّحْمَن الْأَوْدِيّ , قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيّ , عَنْ سُفْيَان , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الَّذِي يَسْأَلك , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك . )19081 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (قَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر : الْقَانِع : السَّائِل . )19082 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : ثني غَالِب , قَالَ : ثني شَرِيك , عَنْ فُرَات الْقَزَّاز , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { الْقَانِع } قَالَ هُوَ السَّائِل , ثُمَّ قَالَ . أَمَا سَمِعْت قَوْل الشَّمَّاخ . <br>لَمَال الْمَرْء يُصْلِحهُ فَيُغْنَى .......... مَفَاقِره أَعَفّ مِنَ الْقُنُوع <br>قَالَ : مِنَ السُّؤَال . )* - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُس , عَنِ الْحَسَن , أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع إِلَيْك يَسْأَلك , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يُرِيك نَفْسه وَيَتَعَرَّض لَك وَلَا يَسْأَلك . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هِشَام , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَنْصُور وَيُونُس , عَنِ الْحَسَن . قَالَ : (الْقَانِع : السَّائِل , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض وَلَا يَسْأَل . )19083 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد اللَّه بْن عَيَّاش , قَالَ : (قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ : الْقَانِع : الَّذِي يَسْأَل النَّاس . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : الْجَار , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك مِنَ النَّاس , ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19584 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن إِدْرِيس , قَالَ : سَمِعْت لَيْثًا , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (الْقَانِع : جَارك وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك . )* - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : جَارك الْغَنِيّ , وَالْمُعْتَرّ : مَنِ اعْتَرَاك مِنَ النَّاس . )19085 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } أَنَّهُ قَالَ : أَحَدهمَا السَّائِل , وَالْآخَر الْجَار . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : الطَّوَّاف , وَالْمُعْتَرّ : الصَّدِيق الزَّائِر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19086 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثني أَبِي وَشُعَيْب بْن اللَّيْث , عَنِ اللَّيْث , عَنْ خَالِد بْن يَزِيد , عَنِ ابْن أَبِي هِلَال , قَالَ : (قَالَ زَيْد بْن أَسْلَمَ , فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى : { الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } فَالْقَانِع : الْمِسْكِين الَّذِي يَطُوف , وَالْمُعْتَرّ : الصَّدِيق وَالضَّعِيف الَّذِي يَزُور . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : الطَّامِع , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرّ بِالْبَدَنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19087 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الْقَانِع } قَالَ : الطَّامِع ; وَالْمُعْتَرّ : مَنْ يَعْتَرّ بِالْبَدَنِ مِنْ غَنِيّ أَوْ فَقِير . )19088 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَر بْن عَطَاء , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (الْقَانِع : الطَّامِع . )وَقَالَ آخَرُونَ : الْقَانِع : هُوَ الْمِسْكِين , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لِلَّحْمِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19089 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } قَالَ : الْقَانِع : الْمِسْكِين , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَر الْقَوْم لِلَحْمِهِمْ وَلَيْسَ بِمِسْكِينٍ , وَلَا تَكُون لَهُ ذَبِيحَة , يَجِيء إِلَى الْقَوْم مِنْ أَجْل لَحْمهمْ , وَالْبَائِس الْفَقِير : هُوَ الْقَانِع . )وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا : 19090 - حَدَّثَنَا بِهِ ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ فُرَات , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (الْقَانِع : الَّذِي يَقْنَع , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَعْتَرِيك . )19091 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ يُونُس , عَنِ الْحَسَن بِمِثْلِهِ . 19092 - قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم وَمُجَاهِد : ( { الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ } الْقَانِع : الْجَالِس فِي بَيْته , وَالْمُعْتَرّ : الَّذِي يَتَعَرَّض لَك . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْقَانِعِ : السَّائِل ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنِيّ بِالْقَانِعِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الْمُكْتَفِي بِمَا عِنْده وَالْمُسْتَغْنِي بِهِ , لَقِيلَ : وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالسَّائِل , وَلَمْ يَقُلْ : وَأَطْعِمُوا الْقَانِع وَالْمُعْتَرّ . وَفِي إِتْبَاع ذَلِكَ قَوْله : { وَالْمُعْتَرّ } الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ الْقَانِع مَعْنِيّ بِهِ السَّائِل , مِنْ قَوْلهمْ : قَنَعَ فُلَان إِلَى فُلَان , بِمَعْنَى سَأَلَهُ وَخَضَعَ إِلَيْهِ , فَهُوَ يَقْنَع قُنُوعًا ; وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد : <br>وَأَعْطَانِي الْمَوْلَى عَلَى حِين فَقْره .......... إِذَا قَالَ أَبْصِرْ خَلَّتِي وَقُنُوعِي <br>وَأَمَّا الْقَانِع الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمُكْتَفِي , فَإِنَّهُ مِنْ قَنِعْت بِكَسْرِ النُّون أَقْنَع قَنَاعَة وَقَنَعًا وَقَنَعَانًا . وَأَمَّا الْمُعْتَرّ : فَإِنَّهُ الَّذِي يَأْتِيك مُعْتَرًّا بِك لِتُعْطِيهِ وَتُطْعِمهُ .|كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ|وَقَوْله : { كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ } يَقُول هَكَذَا سَخَّرْنَا الْبُدْن لَكُمْ أَيّهَا النَّاس ;|لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ|يَقُول : لِتَشْكُرُونِي عَلَى تَسْخِيرهَا لَكُمْ .

قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : [ لَنْ ] يَصِل إِلَى اللَّه لُحُوم بُدْنكُمْ وَلَا دِمَاؤُهَا , وَلَكِنْ يَنَالهُ اتِّقَاؤُكُمْ إِيَّاهُ إِنِ اتَّقَيْتُمُوهُ فِيهَا فَأَرَدْتُمْ بِهَا وَجْهه وَعَمِلْتُمْ فِيهَا بِمَا نَدَبَكُمْ إِلَيْهِ وَأَمَرَكُمْ بِهِ فِي أَمْرهَا وَعَظَّمْتُمْ بِهَا حُرُمَاته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19093 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْل اللَّه : ( { لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } قَالَ : مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْه اللَّه . )19094 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } قَالَ : إِنِ اتَّقَيْت اللَّه فِي هَذِهِ الْبُدْن , وَعَمِلْت فِيهَا لِلَّهِ , وَطَلَبْت مَا قَالَ اللَّه تَعْظِيمًا لِشَعَائِر اللَّه وَلِحُرُمَاتِ اللَّه , فَإِنَّهُ قَالَ : { وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِر اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب } [22 32 ]قَالَ : { وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَات اللَّه فَهُوَ خَيْر لَهُ عِنْد رَبّه } [22 30 ]قَالَ : وَجَعَلْته طَيِّبًا , فَذَلِكَ الَّذِي يَتَقَبَّل اللَّه . فَأَمَّا اللُّحُوم وَالدِّمَاء , فَمِنْ أَيْنَ تَنَال اللَّه ؟)|كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ|وَقَوْله : { كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ } يَقُول : هَكَذَا سَخَّرَ لَكُمْ الْبُدْن .|لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ|يَقُول : كَيْ تُعَظِّمُوا اللَّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ , يَعْنِي عَلَى تَوْفِيقه إِيَّاكُمْ لِدِينِهِ وَلِلنُّسُكِ فِي حَجّكُمْ . كَمَا : 19095 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : ( { لِتُكَبِّرُوا اللَّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ } قَالَ : عَلَى ذَبْحهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّام .)|وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ|يَقُول : وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد الَّذِينَ أَطَاعُوا اللَّه فَأَحْسَنُوا فِي طَاعَتهمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا بِالْجَنَّةِ فِي الْآخِرَة .

لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّه يَدْفَع عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلّ خَوَّان كَفُور } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه يَدْفَع غَائِلَة الْمُشْرِكِينَ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ , إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلّ خَوَّان يَخُون اللَّه فَيُخَالِف أَمْره وَنَهْيه وَيَعْصِيه وَيُطِيع الشَّيْطَان ; { كَفُور } يَقُول : جَحُود لِنِعَمِهِ عِنْده , لَا يَعْرِف لِمُنْعِمِهَا حَقّه فَيَشْكُرهُ عَلَيْهَا . وَقِيلَ : إِنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ دَفْع اللَّه كُفَّار قُرَيْش عَمَّنْ كَانَ بَيْن أَظْهُرهمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْل هِجْرَتهمْ.

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَذِنَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ فِي سَبِيله بِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ظَلَمُوهُمْ بِقِتَالِهِمْ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : { أُذِنَ } بِضَمِّ الْأَلِف , { يُقَاتَلُونَ } بِفَتْحِ التَّاء بِتَرْكِ تَسْمِيَة الْفَاعِل فِي | أُذِنَ | وَ | يُقَاتَلُونَ | جَمِيعًا . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ وَعَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة : { أُذِنَ } بِتَرْكِ تَسْمِيَة الْفَاعِل , وَ | يُقَاتِلُونَ | بِكَسْرِ التَّاء , بِمَعْنَى يُقَاتِل الْمَأْذُون لَهُمْ فِي الْقِتَال الْمُشْرِكِينَ . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفِيِّينَ وَبَعْض الْمَكِّيِّينَ : | أَذِنَ | بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : أَذِنَ اللَّه , وَ | يُقَاتِلُونَ | بِكَسْرِ التَّاء , بِمَعْنَى : إِنَّ الَّذِينَ أَذِنَ اللَّه لَهُمْ بِالْقِتَالِ يُقَاتِلُونَ الْمُشْرِكِينَ , وَهَذِهِ الْقِرَاءَات الثَّلَاث مُتَقَارِبَات الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا أُذِنَ عَلَى وَجْه مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله يُرْجِع مَعْنَاهُ فِي التَّأْوِيل إِلَى مَعْنَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْه مَا سُمِّيَ فَاعِله . وَإِنَّ مَنْ قَرَأَ | يُقَاتَلُونَ وَيُقَاتِلُونَ | بِالْكَسْرِ أَوْ الْفَتْح , فَقَرِيب مَعْنَى أَحَدهمَا مِنْ مَعْنَى الْآخَر وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ إِنْسَانًا فَالَّذِي قَاتَلَهُ لَهُ مُقَاتِل , وَكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا مُقَاتِل , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَبِأَيَّةِ هَذِهِ الْقِرَاءَات قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب . غَيْر أَنَّ أَحَبّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ أَقْرَأ بِهِ : | أَذِنَ | بِفَتْحِ الْأَلِف , بِمَعْنَى : أَذِنَ اللَّه , لِقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلّ خَوَّان كَفُور } أَذِنَ اللَّه فِي الَّذِينَ لَا يُحِبّهُمْ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ بِقِتَالِهِمْ , فَيُرَدّ | أَذِنَ | عَلَى قَوْله : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ } , وَكَذَلِكَ أَحَبّ الْقِرَاءَات إِلَيَّ فِي | يُقَاتِلُونَ | كَسْر التَّاء , بِمَعْنَى : الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ مَنْ قَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُحِبّهُمْ , فَيَكُون الْكَلَام مُتَّصِلًا مَعْنًى بَعْضه بِبَعْضٍ . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الَّذِينَ عُنُوا بِالْإِذْنِ لَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَة فِي الْقِتَال , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ : نَبِيّ اللَّه وَأَصْحَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19096 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَأَنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير } يَعْنِي مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه إِذَا أُخْرِجُوا مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة ; يَقُول اللَّه : { فَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير } وَقَدْ فَعَلَ . )19097 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم البطين , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (لَمَّا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة , قَالَ رَجُل : أَخْرَجُوا نَبِيّهمْ ! فَنَزَلَتْ : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتِلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } ... الْآيَة , { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه . )19098 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن يُوسُف , عَنْ سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , (قَالَ : لَمَّا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة قَالَ أَبُو بَكْر : أَخْرَجُوا نَبِيّهمْ , إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , لَيُهْلَكُنَّ ! قَالَ ابْن عَبَّاس : فَأَنْزَلَ اللَّه : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير } قَالَ أَبُو بَكْر : فَعَرَفْت أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَال , وَهِيَ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ . )قَالَ ابْن دَاوُد : قَالَ ابْن إِسْحَاق : كَانُوا يَقْرَءُونَ : { أُذِنَ } وَنَحْنُ نَقْرَأ : | أَذِنَ | . 19099 - حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا إِسْحَاق , عَنْ سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : لَمَّا خَرَجَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَقَالَ أَبُو بَكْر : قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَكُون قِتَال . وَإِلَى هَذَا الْمَوْضِع انْتَهَى حَدِيثه , وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ . * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا قَيْس بْن الرَّبِيع , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّة , قَالَ أَبُو بَكْر : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , أُخْرِجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاللَّه لَيُهْلَكُنَّ جَمِيعًا ! فَلَمَّا نَزَلَتْ : { أَذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } ... إِلَى قَوْله : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } عَرَفَ أَبُو بَكْر أَنَّهُ سَيَكُونُ قِتَال . )19100 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } قَالَ : أُذِنَ لَهُمْ فِي قِتَالهمْ بَعْدَمَا عَفَا عَنْهُمْ عَشْر سِنِينَ . وَقَرَأَ : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } وَقَالَ : هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ . )19101 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهَذِهِ الْآيَة قَوْم بِأَعْيَانِهِمْ كَانُوا خَرَجُوا مِنْ دَار الْحَرْب يُرِيدُونَ الْهِجْرَة , فَمُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19102 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } قَالَ : أُنَاس مُؤْمِنُونَ خَرَجُوا مُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة , فَكَانُوا يُمْنَعُونَ , فَأَذِنَ اللَّه لِلْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْكُفَّار , فَقَاتَلُوهُمْ . )19103 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } قَالَ : نَاس مِنَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجُوا مُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة , وَكَانُوا يُمْنَعُونَ , فَأَدْرَكَهُمْ الْكُفَّار , فَأُذِنَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِقِتَالِ الْكُفَّار فَقَاتَلُوهُمْ . قَالَ ابْن جُرَيْج : يَقُول : أَوَّل قِتَال أَذِنَ اللَّه بِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ . )19104 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (فِي حَرْف ابْن مَسْعُود : | أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ فِي سَبِيل اللَّه | قَالَ قَتَادَة : وَهِيَ أَوَّل آيَة نَزَلَتْ فِي الْقِتَال , فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا . )19105 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } قَالَ : هِيَ أَوَّل آيَة أُنْزِلَتْ فِي الْقِتَال , فَأَذِنَ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا . )وَقَدْ كَانَ بَعْضهمْ يَزْعُم أَنَّ اللَّه إِنَّمَا قَالَ : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِالْقِتَالِ مِنْ أَجْل أَنَّ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانُوا اسْتَأْذَنُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْل الْكُفَّار إِذَا آذَوْهُمْ وَاشْتَدُّوا عَلَيْهِمْ بِمَكَّة قَبْل الْهِجْرَة غِيلَة سِرًّا ; فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ : { إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلّ خَوَّان كَفُور } فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة , أَطْلَقَ لَهُمْ قَتْلهمْ وَقِتَالهمْ , فَقَالَ : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا } . وَهَذَا قَوْل ذُكِرَ عَنِ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم مِنْ وَجْه غَيْر ثَبْت .|وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ|وَقَوْله : { وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْرهمْ لَقَدِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنَّ اللَّه عَلَى نَصْر الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل اللَّه لَقَادِر , وَقَدْ نَصَرَهُمْ فَأَعَزَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَأَهْلَكَ عَدُوّهُمْ وَأَذَلَّهُمْ بِأَيْدِيهِمْ.

قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } فَ | الَّذِينَ | الثَّانِيَة رَدّ عَلَى | الَّذِينَ | الْأُولَى . وَعَنَى بِالْمُخْرَجِينَ مِنْ دُورهمْ : الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ كُفَّار قُرَيْش مِنْ مَكَّة . وَكَانَ إِخْرَاجهمْ إِيَّاهُمْ مِنْ دُورهمْ وَتَعْذِيبهمْ بَعْضهمْ عَلَى الْإِيمَان بِاللَّهِ وَرَسُوله , وَسَبّهمْ بَعْضهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَوَعِيدهمْ إِيَّاهُمْ , حَتَّى اضْطَرُّوهُمْ إِلَى الْخُرُوج عَنْهُمْ , وَكَانَ فِعْلهمْ ذَلِكَ بِهِمْ بِغَيْرِ حَقّ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى بَاطِل وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْحَقّ , فَلِذَلِكَ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ بِغَيْرِ حَقّ } . |إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ|وَقَوْله : { إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبّنَا اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ دِيَارهمْ إِلَّا بِقَوْلِهِمْ : رَبّنَا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ ! فَ | أَنْ | فِي مَوْضِع خَفْض رَدًّا عَلَى الْبَاء فِي قَوْله : { بِغَيْرِ حَقّ } , وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون فِي مَوْضِع نَصْب عَلَى وَجْه الِاسْتِثْنَاء .|وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ|وَقَوْله : { وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْلَا دَفْع اللَّه الْمُشْرِكِينَ بِالْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19106 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ } دَفْع الْمُشْرِكِينَ بِالْمُسْلِمِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْلَا الْقِتَال وَالْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19107 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ } قَالَ لَوْلَا الْقِتَال وَالْجِهَاد . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَوْلَا دَفْع اللَّه بِأَصْحَابِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّنْ بَعْدهمْ مِنَ التَّابِعِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19108 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن سَعِيد , قَالَ : ثنا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ سَيْف بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي رَوْق , عَنْ ثَابِت بْن عَوْسَجَة الْحَضْرَمِيّ , قَالَ : حَدَّثَنِي سَبْعَة وَعِشْرُونَ مِنْ أَصْحَاب عَلِيّ وَعَبْد اللَّه مِنْهُمْ لَاحِق بْن الْأَقْمَر , وَالْعَيْزَار بْن جَرْوَل , وَعَطِيَّة الْقُرَظِيّ , أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : (إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة فِي أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ } لَوْلَا دِفَاع اللَّه بِأَصْحَابِ مُحَمَّد عَنِ التَّابِعِينَ { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع وَبِيَع } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَوْلَا أَنَّ اللَّه يَدْفَع بِمَنْ أَوْجَبَ قَبُول شَهَادَته فِي الْحُقُوق تَكُون لِبَعْضِ النَّاس عَلَى بَعْض عَمَّنْ لَا يَجُوز قَبُول شَهَادَته وَغَيْره , فَأَحْيَا بِذَلِكَ مَال هَذَا وَيُوقِي بِسَبَبِ هَذَا إِرَاقَة دَم هَذَا , وَتَرَكُوا الْمَظَالِم مِنْ أَجْله , لَتَظَالَمَ النَّاس فَهُدِّمَتْ صَوَامِع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19109 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَلَوْلَا دَفْع اللَّه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ } يَقُول : دَفْع بَعْضهمْ بَعْضًا فِي الشَّهَادَة , وَفِي الْحَقّ , وَفِيمَا يَكُون مِنْ قِبَل هَذَا . يَقُول : لَوْلَاهُمْ لَأُهْلِكَتْ هَذِهِ الصَّوَامِع وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْلَا دِفَاعه النَّاس بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , لَهُدِّمَ مَا ذُكِرَ , مِنْ دَفْعه تَعَالَى ذِكْره بَعْضهمْ بِبَعْضٍ , وَكَفّه الْمُشْرِكِينَ بِالْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ ; وَمِنْهُ كَفّه بِبَعْضِهِمْ التَّظَالُم , كَالسُّلْطَانِ الَّذِي كَفَّ بِهِ رَعِيَّته عَنِ التَّظَالُم بَيْنهمْ ; وَمِنْهُ كَفّه لِمَنْ أَجَازَ شَهَادَته بَيْنهمْ بِبَعْضِهِمْ عَنِ الذَّهَاب بِحَقِّ مَنْ لَهُ قِبَله حَقّ , وَنَحْو ذَلِكَ . وَكُلّ ذَلِكَ دَفْع مِنْهُ النَّاس بَعْضهمْ عَنْ بَعْض , لَوْلَا ذَلِكَ لَتَظَالَمُوا , فَهَدَمَ الْقَاهِرُونَ صَوَامِع الْمَقْهُورِينَ وَبِيَعهمْ وَمَا سَمَّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ . وَلَمْ يَضَع اللَّه تَعَالَى دَلَالَة فِي عَقْل عَلَى أَنَّهُ عَنَى مِنْ ذَلِكَ بَعْضًا دُون بَعْض , وَلَا جَاءَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ خَبَر يَجِب التَّسْلِيم لَهُ , فَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِر وَالْعُمُوم عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْته قَبْل لِعُمُومِ ظَاهِر ذَلِكَ جَمِيع مَا ذَكَرْنَا .|لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ|وَقَوْله : { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِالصَّوَامِعِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهَا صَوَامِع الرُّهْبَان . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19110 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رُفَيْع فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } قَالَ : صَوَامِع الرُّهْبَان . )19111 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } قَالَ : صَوَامِع الرُّهْبَان . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } قَالَ : صَوَامِع الرُّهْبَان . )19112 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } قَالَ : صَوَامِع الرُّهْبَان . )19113 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : فِي قَوْله : { لَهُدِّمَتْ صَوَامِع } وَهِيَ صَوَامِع الصِّغَار يَبْنُونَهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ صَوَامِع الصَّابِئِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19114 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { صَوَامِع } قَالَ : هِيَ لِلصَّابِئِينَ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { لَهُدِّمَتْ } . فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : | لَهُدِمَتْ | . خَفِيفَة . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { لَهُدِّمَتْ } بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنَى تَكْرِير الْهَدْم فِيهَا مَرَّة بَعْد مَرَّة , وَالتَّشْدِيد فِي ذَلِكَ أَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَال أَهْل الْكُفْر بِذَلِكَ .|وَبِيَعٌ|وَأَمَّا قَوْله { وَبِيَع } فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهَا : بِيَع النَّصَارَى . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ مِثْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19115 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رُفَيْع : ( { وَبِيَع } قَالَ : بِيَع النَّصَارَى . )19116 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَبِيَع } لِلنَّصَارَى . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19117 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : الْبِيَع : بِيَع النَّصَارَى . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِالْبِيَعِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : كَنَائِس الْيَهُود . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث . قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { وَبِيَع } قَالَ : وَكَنَائِس . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19119 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَبِيَع } قَالَ : الْبِيَع لِلْكَنَائِسِ .)|وَصَلَوَاتٌ|قَوْله : { وَصَلَوَات } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَاهُ , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالصَّلَوَاتِ الْكَنَائِس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19120 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَصَلَوَات } قَالَ : يَعْنِي بِالصَّلَوَاتِ الْكَنَائِس . )19121 - حُدِّثْت عَنِ الْحَسَن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَصَلَوَات } كَنَائِس الْيَهُود , وَيُسَمُّونَ الْكَنِيسَة صلوتا . )19122 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَصَلَوَات } كَنَائِس الْيَهُود . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِالصَّلَوَاتِ مَسَاجِد الصَّابِئِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19123 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , قَالَ : (سَأَلْت أَبَا الْعَالِيَة عَنِ الصَّلَوَات . قَالَ : هِيَ مَسَاجِد الصَّابِئِينَ . )19124 - قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رُفَيْع , نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ مَسَاجِد لِلْمُسْلِمِينَ وَلِأَهْلِ الْكِتَاب بِالطُّرُقِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19125 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَصَلَوَات } قَالَ : مَسَاجِد لِأَهْلِ الْكِتَاب وَلِأَهْلِ الْإِسْلَام بِالطُّرُقِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 19126 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَصَلَوَات } قَالَ : الصَّلَوَات صَلَوَات أَهْل الْإِسْلَام , تَنْقَطِع إِذَا دَخَلَ الْعَدُوّ عَلَيْهِمْ , انْقَطَعَتِ الْعِبَادَة , وَالْمَسَاجِد تُهْدَم , كَمَا صَنَعَ بُخْتَنَصَّر .)|وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا|وَقَوْله : { وَمَسَاجِد يُذْكَر فِيهَا اسْم اللَّه كَثِيرًا } اُخْتُلِفَ فِي الْمَسَاجِد الَّتِي أُرِيدَتْ بِهَذَا الْقَوْل , فَقَالَ بَعْضهمْ : أُرِيدَ بِذَلِكَ مَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19127 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ رُفَيْع , قَوْله : ( { وَمَسَاجِد } قَالَ : مَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ . )19128 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , قَالَ : ثنا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَمَسَاجِد يُذْكَر فِيهَا اسْم اللَّه كَثِيرًا } قَالَ : الْمَسَاجِد : مَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ يُذْكَر فِيهَا اسْم اللَّه كَثِيرًا . )* -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , نَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِقَوْلِهِ : { وَمَسَاجِد } الصَّوَامِع وَالْبِيَع وَالصَّلَوَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19129 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَمَسَاجِد } يَقُول فِي كُلّ هَذَا يُذْكَر اسْم اللَّه كَثِيرًا , وَلَمْ يَخُصّ الْمَسَاجِد . )وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعَرَبِيَّة مِنْ أَهْل الْبَصْرَة يَقُول : الصَّلَوَات لَا تُهْدَم , وَلَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى فِعْل آخَر , كَأَنَّهُ قَالَ : وَتُرِكَتْ صَلَوَات . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا يَعْنِي : مَوَاضِع الصَّلَوَات . وَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا هِيَ صَلَوَات , وَهِيَ كَنَائِس الْيَهُود , تُدْعَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ : صلوتا . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَهُدِّمَتْ صَوَامِع الرُّهْبَان وَبِيَع النَّصَارَى , وَصَلَوَات الْيَهُود , وَهِيَ كَنَائِسهمْ , وَمَسَاجِد الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُذْكَر فِيهَا اسْم اللَّه كَثِيرًا . وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب الْمُسْتَفِيض فِيهِمْ , وَمَا خَالَفَهُ مِنَ الْقَوْل وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْه فَغَيْر مُسْتَعْمَل فِيمَا وَجَّهَهُ إِلَيْهِ مَنْ وَجَّهَهُ إِلَيْهِ.|وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ|وَقَوْله : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّه مَنْ يَنْصُرهُ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَيُعِينَنَّ اللَّه مَنْ يُقَاتِل فِي سَبِيله , لِتَكُونَ كَلِمَته الْعُلْيَا عَلَى عَدُوّهُ ; فَنَصْر اللَّه عَبْده : مَعُونَته إِيَّاهُ , وَنَصْر الْعَبْد رَبّه : جِهَاده فِي سَبِيله , لِتَكُونَ كَلِمَته الْعُلْيَا.|إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ عَزِيز } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ عَلَى نَصْر مَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيله مِنْ أَهْل وِلَايَته وَطَاعَته , عَزِيز فِي مُلْكه , يَقُول : مَنِيع فِي سُلْطَانه , لَا يَقْهَرهُ قَاهِر , وَلَا يَغْلِبهُ غَالِب .

فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا , الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة . وَ | الَّذِينَ | هَا هُنَا رَدّ عَلَى | الَّذِينَ يُقَاتَلُونَ | . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض } إِنْ وَطَّنَّا لَهُمْ فِي الْبِلَاد , فَقَهَرُوا الْمُشْرِكِينَ وَغَلَبُوهُمْ عَلَيْهَا , وَهُمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُول : إِنْ نَصَرْنَاهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَقَهَرُوا مُشْرِكِي مَكَّة , أَطَاعُوا اللَّه , فَأَقَامُوا الصَّلَاة بِحُدُودِهَا .|وَآتَوُا الزَّكَاةَ|يَقُول : وَأَعْطَوْا زَكَاة أَمْوَالهمْ مَنْ جَعَلَهَا اللَّه لَهُ .|وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ|يَقُول : وَدَعَوْا النَّاس إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ وَمَا يَعْرِفهُ أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19130 - حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن الْأَشْيَب , قَالَ : ثنا أَبُو جَعْفَر عِيسَى بْن مَاهَان , الَّذِي يُقَال لَهُ الرَّازِيّ , عَنِ الرَّبِيع بْن أَنَس , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتَوْا الزَّكَاة وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَر } قَالَ : كَانَ أَمْرهمْ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُمْ دَعَوْا إِلَى الْإِخْلَاص لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ ; وَنَهْيهمْ عَنِ الْمُنْكَر أَنَّهُمْ نَهَوْا عَنْ عِبَادَة الْأَوْثَان وَعِبَادَة الشَّيْطَان . قَالَ : فَمَنْ دَعَا إِلَى اللَّه مِنَ النَّاس كُلّهمْ فَقَدْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ , وَمَنْ نَهَى عَنْ عِبَادَة الْأَوْثَان وَعِبَادَة الشَّيْطَان فَقَدْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَر .)|وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ|يَقُول : وَنَهَوْا عَنِ الشِّرْك بِاللَّهِ وَالْعَمَل بِمَعَاصِيهِ , الَّذِي يُنْكِرهُ أَهْل الْحَقّ وَالْإِيمَان بِاللَّهِ .|وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ|يَقُول : وَلِلَّهِ آخِر أُمُور الْخَلْق , يَعْنِي : أَنَّ إِلَيْهِ مَصِيرهَا فِي الثَّوَاب عَلَيْهَا وَالْعِقَاب فِي الدَّار الْآخِرَة .

وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ يُكَذِّبُوك فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلهمْ قَوْم نُوح وَعَاد وَثَمُود } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُسَلِّيًا نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَنَالهُ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ , وَحَاضًّا لَهُ عَلَى الصَّبْر عَلَى مَا يَلْحَقهُ مِنْهُمْ مِنَ السَّبّ وَالتَّكْذِيب : وَإِنْ يُكَذِّبك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ عَلَى مَا آتَيْتهمْ بِهِ مِنَ الْحَقّ وَالْبُرْهَان , وَمَا تَعِدهُمْ مِنَ الْعَذَاب عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ , فَذَلِكَ سُنَّة إِخْوَانهمْ مِنَ الْأُمَم الْخَالِيَة الْمُكَذِّبَة رُسُل اللَّه الْمُشْرِكَة بِاللَّهِ وَمِنْهَاجهمْ مِنْ قَبْلهمْ , فَلَا يَصُدَّنَّك ذَلِكَ , فَإِنَّ الْعَذَاب الْمُهِين مِنْ وَرَائِهِمْ وَنَصْرِي إِيَّاكَ وَأَتْبَاعك عَلَيْهِمْ آتِيهِمْ مِنْ وَرَاء ذَلِكَ , كَمَا أَتَى عَذَابِي عَلَى أَسْلَافهمْ مِنَ الْأُمَم الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ بَعْد الْإِمْهَال إِلَى بُلُوغ الْآجَال . { فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلهمْ } يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْش ; قَوْم نُوح , وَقَوْم عَاد وَثَمُود , وَقَوْم إِبْرَاهِيم , وَقَوْم لُوط .

وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُسَلِّيًا نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يَنَالهُ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ , وَحَاضًّا لَهُ عَلَى الصَّبْر عَلَى مَا يَلْحَقهُ مِنْهُمْ مِنَ السَّبّ وَالتَّكْذِيب : وَإِنْ يُكَذِّبك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ عَلَى مَا آتَيْتهمْ بِهِ مِنَ الْحَقّ وَالْبُرْهَان , وَمَا تَعِدهُمْ مِنَ الْعَذَاب عَلَى كُفْرهمْ بِاللَّهِ , فَذَلِكَ سُنَّة إِخْوَانهمْ مِنَ الْأُمَم الْخَالِيَة الْمُكَذِّبَة رُسُل اللَّه الْمُشْرِكَة بِاللَّهِ وَمِنْهَاجهمْ مِنْ قَبْلهمْ , فَلَا يَصُدَّنَّك ذَلِكَ , فَإِنَّ الْعَذَاب الْمُهِين مِنْ وَرَائِهِمْ وَنَصْرِي إِيَّاكَ وَأَتْبَاعك عَلَيْهِمْ آتِيهِمْ مِنْ وَرَاء ذَلِكَ , كَمَا أَتَى عَذَابِي عَلَى أَسْلَافهمْ مِنَ الْأُمَم الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ بَعْد الْإِمْهَال إِلَى بُلُوغ الْآجَال . { فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلهمْ } يَعْنِي مُشْرِكِي قُرَيْش ; قَوْم نُوح , وَقَوْم عَاد وَثَمُود , وَقَوْم إِبْرَاهِيم , وَقَوْم لُوط .

يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا

وَأَصْحَاب مَدْيَن , وَهُمْ قَوْم شُعَيْب . يَقُول : كَذَّبَ كُلّ هَؤُلَاءِ رُسُلهمْ .|وَكُذِّبَ مُوسَى|فَقِيلَ : { وَكُذِّبَ مُوسَى } وَلَمْ يَقُلْ : | وَقَوْم مُوسَى | ; لِأَنَّ قَوْم مُوسَى بَنُو إِسْرَائِيل , وَكَانَتْ قَدْ اسْتَجَابَتْ لَهُ وَلَمْ تُكَذِّبهُ , وَإِنَّمَا كَذَّبَهُ فِرْعَوْن وَقَوْمه مِنَ الْقِبْط . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وُلِدَ فِيهِمْ كَمَا وُلِدَ فِي أَهْل مَكَّة .|فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ|وَقَوْله : { فَأَمْلَيْت لِلْكَافِرِينَ } يَقُول : فَأَمْهَلْت لِأَهْلِ الْكُفْر بِاللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَم , فَلَمْ أُعَاجِلهُمْ بِالنِّقْمَةِ وَالْعَذَاب .|ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ|يَقُول : ثُمَّ أَحْلَلْت بِهِمْ الْعِقَاب بَعْد الْإِمْلَاء .|فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ|يَقُول : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد كَيْفَ كَانَ تَغْيِيرِي مَا كَانَ بِهِمْ مِنْ نِعْمَة وَتَنَكُّرِي لَهُمْ عَمَّا كُنْت عَلَيْهِ مِنَ الْإِحْسَان إِلَيْهِمْ , أَلَمْ أُبَدِّلهُمْ بِالْكَثْرَةِ قِلَّة وَبِالْحَيَاةِ مَوْتًا وَهَلَاكًا وَبِالْعِمَارَةِ خَرَابًا ؟ يَقُول : فَكَذَلِكَ فِعْلِي بِمُكَذِّبِيك مِنْ قُرَيْش , وَإِنْ أَمْلَيْت لَهُمْ إِلَى آجَالهمْ , فَإِنِّي مُنْجِزك وَعْدِي فِيهِمْ كَمَا أَنْجَزْت غَيْرك مِنْ رُسُلِي وَعْدِي فِي أُمَمهمْ , فَأَهْلَكْنَاهُمْ وَأَنْجَيْتهمْ مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ .

وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمْ يَا مُحَمَّد مِنْ قَرْيَة أَهْلَكْت أَهْلهَا وَهُمْ ظَالِمُونَ ; يَقُول : وَهُمْ يَعْبُدُونَ غَيْر مَنْ يَنْبَغِي أَنْ يُعْبَد , وَيَعْصُونَ مَنْ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَعْصُوهُ .|فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا|وَقَوْله : { فَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا } يَقُول : فَبَادَ أَهْلهَا وَخَلَتْ , وَخَوَتْ مِنْ سُكَّانهَا , فَخَرِبَتْ وَتَدَاعَتْ , وَتَسَاقَطَتْ عَلَى عُرُوشهَا ; يَعْنِي عَلَى بِنَائِهَا وَسُقُوفهَا . كَمَا : 19131 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو خَالِد , عَنْ جُوَيْبِر , عَنِ الضَّحَّاك : ( { فَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا } قَالَ : خُوَاؤُهَا : خَرَابهَا , وَعُرُوشهَا : سُقُوفهَا . )19132 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { خَاوِيَة } قَالَ : خَرِبَة لَيْسَ فِيهَا أَحَد . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة . مِثْله .|وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ|وَقَوْله : { وَبِئْر مُعَطَّلَة } يَقُول تَعَالَى : فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا , وَمِنْ بِئْر عَطَّلْنَاهَا , بِإِفْنَاءِ أَهْلهَا وَهَلَاك وَارِدِيهَا , فَانْدَفَنَتْ وَتَعَطَّلَتْ , فَلَا وَارِدَة لَهَا وَلَا شَارِبَة مِنْهَا . { وَقَصْر مَشِيد } رَفِيع بِالصُّخُورِ وَالْجِصّ , قَدْ خَلَا مِنْ سُكَّانه , بِمَا أَذَقْنَا أَهْله مِنْ عَذَابنَا بِسُوءِ فِعَالهمْ , فَبَادُوا وَبَقِيَ قُصُورهمْ الْمَشِيدَة خَالِيَة مِنْهُمْ . وَالْبِئْر وَالْقَصْر مَخْفُوضَانِ بِالْعَطْفِ عَلَى | الْقَرْيَة | . وَكَانَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة يَقُول : هُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى | الْعُرُوش | بِالْعَطْفِ عَلَيْهَا خَفْضًا , وَإِنْ لَمْ يَحْسُن فِيهِمَا , عَلَى أَنَّ الْعُرُوش أَعَالِي الْبُيُوت وَالْبِئْر فِي الْأَرْض , وَكَذَلِكَ الْقَصْر ; لِأَنَّ الْقَرْيَة لَمْ تَخْوِ عَلَى الْقَصْر , وَلَكِنَّهُ أَتْبَعَ بَعْضه بَعْضًا كَمَا قَالَ : { وَحُور عِين كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤ } [56 22 : 23 ]فَمَعْنَى الْكَلَام عَلَى مَا قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا قَوْله فِي ذَلِكَ : فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَة , فَهِيَ خَاوِيَة عَلَى عُرُوشهَا , وَلَهَا بِئْر مُعَطَّلَة وَقَصْر مَشِيد , وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْبِئْر رَافِع وَلَا عَامِل فِيهَا , أَتْبَعَهَا فِي الْإِعْرَاب | الْعُرُوش | وَالْمَعْنَى مَا وَصَفْت وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { وَبِئْر مُعَطَّلَة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 19133 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { وَبِئْر مُعَطَّلَة } قَالَ : الَّتِي قَدْ تُرِكَتْ . )وَقَالَ غَيْره : لَا أَهْل لَهَا . 19134 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَبِئْر مُعَطَّلَة } قَالَ : عَطَّلَهَا أَهْلهَا , تَرَكُوهَا . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19135 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَبِئْر مُعَطَّلَة } قَالَ : لَا أَهْل لَهَا .)|وَقَصْرٍ مَشِيدٍ|وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَقَصْر مَشِيد } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَقَصْر مُجَصَّص . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19136 - حَدَّثَنِي مَطَر بْن مُحَمَّد الضَّبِّيّ , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ هِلَال بْن خَبَّاب عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : مُجَصَّص . )* -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ هِلَال ابْن خَبَّاب , عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . * -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : ثني غَالِب بْن فَائِد , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ هِلَال بْن خَبَّاب عَنْ عِكْرِمَة , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد الْعَنْقَزِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : مُجَصَّص . )19137 - حَدَّثَنِي مَطَر بْن مُحَمَّد , قَالَ : ثنا كَثِير بْن هِشَام . قَالَ . ثنا جَعْفَر بْن بَرْقَان , قَالَ : (كُنْت أَمْشِي مَعَ عِكْرِمَة , فَرَأَى حَائِط آجُرّ مُصَهْرَج , فَوَضَعَ يَده عَلَيْهِ وَقَالَ : هَذَا الْمَشِيد الَّذِي قَالَ اللَّه . )19138 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ عِكْرِمَة : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : الْمُجَصَّص . قَالَ عِكْرِمَة : وَالْجِصّ بِالْمَدِينَةِ يُسَمَّى الشِّيد . )19139 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : بِالْقِصَّةِ أَوْ الْفِضَّة . )19140 -حَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن قَالَ : ثنا وَرْقَاء , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : بِالْقِصَّةِ يَعْنِي بِالْجِصِّ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19141 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء , فِي قَوْله : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : مُجَصَّص . )19142 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنْ هِلَال بْن خَبَّاب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : مُجَصَّص . )هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِي عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَقَصْر رَفِيع طَوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19143 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَقَصْر مَشِيد } قَالَ : كَانَ أَهْله شَيَّدُوهُ وَحَصَّنُوهُ , فَهَلَكُوا وَتَرَكُوهُ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19144 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : { وَقَصْر مَشِيد } يَقُول : طَوِيل . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْمَشِيدِ الْمُجَصَّص , وَذَلِكَ أَنَّ الشِّيد فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الْجِصّ بِعَيْنِهِ ; وَمِنْهُ قَوْل الرَّاجِز : <br>كَحَبَّةِ الْمَاء بَيْن الطَّيّ وَالشِّيد <br>فَالْمَشِيد : إِنَّمَا هُوَ مَفْعُول مِنَ الشِّيد ; وَمِنْهُ قَوْل امْرِئِ الْقَيْس : <br>وَتَيْمَاء لَمْ يَتْرُك بِهَا جِذْع نَخْلَة .......... وَلَا أُطُمًا إِلَّا مَشِيدًا بِجَنْدَلِ <br>يَعْنِي بِذَلِكَ : إِلَّا بِالْبِنَاءِ بِالشِّيدِ وَالْجَنْدَل . وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مَعْنِيًّا بِالْمَشِيدِ : الْمَرْفُوع بِنَاؤُهُ بِالشِّيدِ , فَيَكُون الَّذِينَ قَالُوا : عُنِيَ بِالْمَشِيدِ الطَّوِيل نَحَوْا بِذَلِكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيل ; وَمِنْهُ قَوْل عَدِيّ بْن زَيْد : <br>شَادَهُ مَرْمَرًا وَجَلَّلَهُ كِلْ .......... سًا فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُور <br>وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِلُغَاتِ الْعَرَب بِمَعْنَى الْمُزَيَّن بِالشِّيدِ مِنْ شِدْته أَشِيدهُ . إِذَا زَيَّنْته بِهِ , وَذَلِكَ شَبِيه بِمَعْنَى مَنْ قَالَ مُجَصَّص .

أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْض فَتَكُون لَهُمْ قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَلَمْ يَسِيرُوا هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِآيَاتِ اللَّه وَالْجَاحِدُونَ قُدْرَته فِي الْبِلَاد , فَيَنْظُرُوا إِلَى مَصَارِع ضُرَبَائِهِمْ مِنْ مُكَذِّبِي رُسُل اللَّه الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلهمْ , كَعَادٍ وَثَمُود وَقَوْم لُوط وَشُعَيْب , وَأَوْطَانهمْ وَمَسَاكِنهمْ , فَيَتَفَكَّرُوا فِيهَا وَيَعْتَبِرُوا بِهَا وَيَعْلَمُوا بِتَدَبُّرِهِمْ أَمْرهَا وَأَمْر أَهْلهَا سُنَّة اللَّه فِيمَنْ كَفَرَ وَعَبَدَ غَيْره وَكَذَّبَ رُسُله , فَيُنِيبُوا مِنْ عُتُوّهُمْ وَكُفْرهمْ , وَيَكُون لَهُمْ إِذَا تَدَبَّرُوا ذَلِكَ وَاعْتَبَرُوا بِهِ وَأَنَابُوا إِلَى الْحَقّ . { قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا } حُجَج اللَّه عَلَى خَلْقه وَقُدْرَته عَلَى مَا بَيَّنَّا .|أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا|يَقُول : أَوْ آذَان تُصْغِي لِسَمَاعِ الْحَقّ فَتَعِي ذَلِكَ وَتُمَيِّز بَيْنه وَبَيْن الْبَاطِل .|فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ|وَقَوْله : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَار } يَقُول : فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى أَبْصَارهمْ أَنْ يُبْصِرُوا بِهَا الْأَشْخَاص وَيَرَوْهَا , بَلْ يُبْصِرُونَ ذَلِكَ بِأَبْصَارِهِمْ ; وَلَكِنْ تَعْمَى قُلُوبهمْ الَّتِي فِي صُدُورهمْ عَنْ أَنْصَار الْحَقّ وَمَعْرِفَته . وَالْهَاء فِي قَوْله : { فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى } هَاء عِمَاد , كَقَوْلِ الْقَائِل : إِنَّهُ عَبْد اللَّه قَائِم . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | فَإِنَّهُ لَا تَعْمَى الْأَبْصَار | . وَقِيلَ : { وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور } وَالْقُلُوب لَا تَكُون إِلَّا فِي الصُّدُور , تَوْكِيدًا لِلْكَلَامِ , كَمَا قِيلَ : { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهمْ } . [3 167]

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَسْتَعْجِلُونَك بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِف اللَّه وَعْده } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَسْتَعْجِلُونَك يَا مُحَمَّد مُشْرِكُو قَوْمك بِمَا تَعِدهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه عَلَى شِرْكهمْ بِهِ وَتَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه فِي الدُّنْيَا , وَلَنْ يُخْلِف اللَّه وَعْده الَّذِي وَعَدَك فِيهِمْ مِنْ إِحْلَال عَذَابه وَنِقْمَته بِهِمْ فِي عَاجِل الدُّنْيَا , فَفَعَلَ ذَلِكَ , وَوَفَى لَهُمْ بِمَا وَعَدَهُمْ , فَقَتَلَهُمْ يَوْم بَدْر .|وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ|وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْيَوْم الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } أَيّ يَوْم هُوَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ مِنْ الْأَيَّام الَّتِي خَلَقَ اللَّه فِيهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19145 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا إِسْرَائِيل , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : مِنَ الْأَيَّام الَّتِي خَلَقَ اللَّه فِيهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض . )19146 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك } ... الْآيَة , قَالَ : هِيَ مِثْل قَوْله فِي | الم تَنْزِيل | سَوَاء , هُوَ هُوَ الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ مِنْ أَيَّام الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19147 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (مِقْدَار الْحِسَاب يَوْم الْقِيَامَة أَلْف سَنَة )19148 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا سَعِيد الْجُرَيْرِيّ , عَنْ أَبِي نَضْرَة عَنْ سُمَيْر بْن نَهَار , قَالَ : (قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : يَدْخُل فُقَرَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّة قَبْل الْأَغْنِيَاء بِمِقْدَارِ نِصْف يَوْم . قُلْت : وَمَا نِصْف يَوْم ؟ قَالَ : أَوَمَا تَقْرَأ الْقُرْآن ؟ قُلْت : بَلَى . قَالَ : { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } . )19149 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثني عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة } قَالَ : مِنْ أَيَّام الْآخِرَة . )19150 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ سِمَاك , عَنْ عِكْرِمَة , أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } قَالَ : هَذِهِ أَيَّام الْآخِرَة . )وَفِي قَوْله : { ثُمَّ يَعْرُج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } [32 5 ]قَالَ : يَوْم الْقِيَامَة ; وَقَرَأَ : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا } . [70 6 : 7 ]وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي وَجْه صَرْف الْكَلَام مِنَ الْخَبَر عَنِ اسْتِعْجَال الَّذِينَ اسْتَعْجَلُوا الْعَذَاب إِلَى الْخَبَر عَنْ طُول الْيَوْم عِنْد اللَّه , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّ الْقَوْم اسْتَعْجَلُوا الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَنْ يُخْلِف اللَّه وَعْده } فِي أَنْ يُنَزِّل مَا وَعَدَهُمْ مِنَ الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا . وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك مِنْ عَذَابهمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ آخَرُونَ : قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِعْلَامًا مِنَ اللَّه مُسْتَعْجِلِيهِ الْعَذَاب أَنَّهُ لَا يُعَجِّل , وَلَكِنَّهُ يُمْهَل إِلَى أَجَل أَجَّلَهُ , وَأَنَّ الْبَطِيء عِنْدهمْ قَرِيب عِنْده , فَقَالَ لَهُمْ : مِقْدَار الْيَوْم عِنْدِي أَلْف سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَهُ أَنْتُمْ أَيّهَا الْقَوْم مِنْ أَيَّامكُمْ , وَهُوَ عِنْدكُمْ بَطِيء وَهُوَ عِنْدِي قَرِيب . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَإِنَّ يَوْمًا مِنَ الثِّقَل وَمَا يُخَاف كَأَلْفِ سَنَة . وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدِي أَشْبَه بِالْحَقِّ فِي ذَلِكَ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَخْبَرَ عَنِ اسْتِعْجَال الْمُشْرِكِينَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَذَابِ , ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ مَبْلَغ قَدْر الْيَوْم عِنْده , ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ قَوْله : { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَمْلَيْت لَهَا وَهِيَ ظَالِمَة } فَأَخْبَرَ عَنْ إِمْلَائِهِ أَهْل الْقَرْيَة الظَّالِمَة وَتَرْكه مُعَاجَلَتهمْ بِالْعَذَابِ , فَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَإِنَّ يَوْمًا عِنْد رَبّك كَأَلْفِ سَنَة مِمَّا تَعُدُّونَ } نَفْي الْعَجَلَة عَنْ نَفْسه وَوَصْفهَا بِالْأَنَاةِ وَالِانْتِظَار . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ تَأْوِيل الْكَلَام : وَإِنَّ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّام الَّتِي عِنْد اللَّه يَوْم الْقِيَامَة , يَوْم وَاحِد كَأَلْفِ سَنَة مِنْ عَدَدكُمْ , وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْده بِبَعِيدٍ وَهُوَ عِنْدكُمْ بَعِيد ; فَلِذَلِكَ لَا يُعَجِّل بِعُقُوبَةِ مَنْ أَرَادَ عُقُوبَته حَتَّى يَبْلُغ غَايَة مُدَّته .

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَمْلَيْت لَهَا وَهِيَ ظَالِمَة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَة أَمْلَيْت لَهَا } يَقُول : أَمْهَلْتهمْ وَأَخَّرْت عَذَابهمْ , وَهُمْ بِاللَّهِ مُشْرِكُونَ وَلِأَمْرِهِ مُخَالِفُونَ - وَذَلِكَ كَانَ ظُلْمهمْ الَّذِي وَصَفَهُمْ اللَّه بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ - فَلَمْ أُعَجِّل بِعَذَابِهِمْ .|ثُمَّ أَخَذْتُهَا|يَقُول : ثُمَّ أَخَذْتهَا بِالْعَذَابِ , فَعَذَّبْتهَا فِي الدُّنْيَا بِإِحْلَالِ عُقُوبَتنَا بِهِمْ .|وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ|يَقُول : وَإِلَيَّ مَصِيرهمْ أَيْضًا بَعْد هَلَاكهمْ , فَيَلْقَوْنَ مِنَ الْعَذَاب حِينَئِذٍ مَا لَا انْقِطَاع لَهُ ; يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَكَذَلِكَ حَال مُسْتَعْجِلِيك بِالْعَذَابِ مِنْ مُشْرِكِي قَوْمك , وَإِنْ أَمْلَيْت لَهُمْ إِلَى آجَالهمْ الَّتِي أَجَّلْتهَا لَهُمْ , فَإِنِّي آخُذهُمْ بِالْعَذَابِ فَقَاتِلْهُمْ بِالسَّيْفِ ثُمَّ إِلَيَّ مَصِيرهمْ بَعْد ذَلِكَ فَمُوجِعهمْ إِذَنْ عُقُوبَة عَلَى مَا قَدَّمُوا مِنْ آثَامهمْ .

وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِير مُبِين } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْ يَا مُحَمَّد لِمُشْرِكِي قَوْمك الَّذِينَ يُجَادِلُونَك فِي اللَّه بِغَيْرِ عِلْم , اتِّبَاعًا مِنْهُمْ لِكُلِّ شَيْطَان مَرِيد : { يَا أَيّهَا النَّاس إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِير مُبِين } أُنْذِركُمْ عِقَاب اللَّه أَنْ يُنْزِل بِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَعَذَابه فِي الْآخِرَة أَنْ تَصْلَوْهُ { مُبِين } يَقُول : أُبَيِّن لَكُمْ إِنْذَارِي ذَلِكَ وَأُظْهِرهُ لِتُنِيبُوا مِنْ شِرْككُمْ وَتَحْذَرُوا مَا أُنْذِركُمْ مِنْ ذَلِكَ لَا أَمْلِك لَكُمْ غَيْر ذَلِكَ , فَأَمَّا تَعْجِيل الْعِقَاب وَتَأْخِيره الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَنِي بِهِ فَإِلَى اللَّه , لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيَّ وَلَا أَقْدِر عَلَيْهِ , ثُمَّ وَصَفَ نِذَارَته وَبِشَارَته , وَلَمْ يَجْرِ لِلْبِشَارَةِ ذِكْر , وَلَمَّا ذُكِرَتِ النِّذَارَة عَلَى عَمَل عُلِمَ أَنَّ الْبِشَارَة عَلَى خِلَافه , فَقَالَ :

يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا

{ فَالَّذِينَ آمَنُوا } بِاللَّهِ وَرَسُوله { وَعَمِلُوا الصَّالِحَات } مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَمِنْ غَيْركُمْ .|لَهُمْ مَغْفِرَةٌ|يَقُول : لَهُمْ مِنَ اللَّه سَتْر ذُنُوبهمْ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَة .|وَرِزْقٌ كَرِيمٌ|يَقُول : وَرِزْق حَسَن فِي الْجَنَّة ; كَمَا : 19151 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَوْله : ( { فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات لَهُمْ مَغْفِرَة وَرِزْق كَرِيم } قَالَ : الْجَنَّة.)

لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا

وَقَوْله : { وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } يَقُول : وَالَّذِينَ عَمِلُوا فِي حُجَجنَا فَصَدُّوا عَنِ اتِّبَاع رَسُولنَا وَالْإِقْرَار بِكِتَابِنَا الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ. وَقَالَ { فِي آيَاتنَا } فَأُدْخِلَتْ فِيهِ | فِي | كَمَا يُقَال : سَعَى فُلَان فِي أَمْر فُلَان . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { مُعَاجِزِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : مُشَاقِّينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19152 - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يُوسُف , قَالَ : ثنا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ عُثْمَان بْن عَطَاء , عَنْ أَبِيهِ , (عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ قَرَأَهَا : { مُعَاجِزِينَ } فِي كُلّ الْقُرْآن , يَعْنِي بِأَلِفٍ , وَقَالَ : مُشَاقِّينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَ اللَّه فَلَا يَقْدِر عَلَيْهِمْ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19153 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } قَالَ : كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّه فَظَنُّوا أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَ اللَّه , وَلَنْ يُعْجِزُوهُ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مِنَ التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ : { فِي آيَاتنَا مُعَاجِزِينَ } بِالْأَلِفِ , وَهِيَ قِرَاءَة عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة . وَأَمَّا بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة فَإِنَّهُ قَرَأَهُ : | مُعَجِّزِينَ | بِتَشْدِيدِ الْجِيم , بِغَيْرِ أَلِف , بِمَعْنَى أَنَّهُمْ عَجَّزُوا النَّاس وَثَبَّطُوهُمْ عَنِ اتِّبَاع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِيمَان بِالْقُرْآنِ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مِنْ قِرَاءَته : 19154 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { مُعَجِّزِينَ } قَالَ : مُبَطِّئِينَ , يُبَطِّئُونَ النَّاس عَنِ اتِّبَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنَ الْقُرَّاء , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ عَجَّزَ عَنْ آيَات اللَّه فَقَدْ عَاجَزَ اللَّه , وَمِنْ مُعَاجَزَة اللَّه التَّعْجِيز عَنْ آيَات اللَّه وَالْعَمَل بِمَعَاصِيهِ وَخِلَاف أَمْره . وَكَانَ مِنْ صِفَة الْقَوْم الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَات فِيهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُبَطِّئُونَ النَّاس عَنِ الْإِيمَان بِاللَّهِ وَاتِّبَاع رَسُوله وَيُغَالِبُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُعْجِزُونَهُ وَيَغْلِبُونَهُ , وَقَدْ ضَمِنَ اللَّه لَهُ نَصْره عَلَيْهِمْ , فَكَانَ ذَلِكَ مُعَاجَزَتهمْ اللَّه , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب الصَّوَاب فِي ذَلِكَ . وَأَمَّا الْمُعَاجَزَة فَإِنَّهَا الْمُفَاعَلَة مِنَ الْعَجْز , وَمَعْنَاهُ : مُغَالَبَة اثْنَيْنِ أَحَدهمَا صَاحِبه أَيّهمَا يُعْجِزهُ فَيَغْلِبهُ الْآخَر وَيَقْهَرهُ . وَأَمَّا التَّعْجِيز : فَإِنَّهُ التَّضْعِيف وَهُوَ التَّفْعِيل مِنَ الْعَجْز.|أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ|وَقَوْله : { أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم } يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ هُمْ سُكَّان جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلهَا .

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } </subtitle>قِيلَ : إِنَّ السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ الشَّيْطَان كَانَ أَلْقَى عَلَى لِسَانه فِي بَعْض مَا يَتْلُوهُ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآن مَا لَمْ يُنَزِّلهُ اللَّه عَلَيْهِ , فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاغْتَمَّ بِهِ , فَسَلَاهُ اللَّه مِمَّا بِهِ مِنْ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَات . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19155 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَمُحَمَّد بْن قَيْس قَالَا : (جَلَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَادٍ مِنْ أَنْدِيَة قُرَيْش كَثِير أَهْله , فَتَمَنَّى يَوْمئِذٍ أَنْ لَا يَأْتِيه مِنَ اللَّه شَيْء فَيَنْفِرُوا عَنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { وَالنَّجْم إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ وَمَا غَوَى } [53 1 : 2 ]فَقَرَأَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى إِذَا بَلَغَ : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } [53 19 : 20 ]أَلْقَى عَلَيْهِ الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ : | تِلْكَ الْغَرَانِقَة الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْجَى | , فَتَكَلَّمَ بِهَا . ثُمَّ مَضَى فَقَرَأَ السُّورَة كُلّهَا , فَسَجَدَ فِي آخِر السُّورَة , وَسَجَدَ الْقَوْم جَمِيعًا مَعَهُ , وَرَفَعَ الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة تُرَابًا إِلَى جَبْهَته فَسَجَدَ عَلَيْهِ , وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَقْدِر عَلَى السُّجُود , فَرَضُوا بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ وَقَالُوا : قَدْ عَرَفْنَا أَنَّ اللَّه يُحْيِي وَيُمِيت وَهُوَ الَّذِي يَخْلُق وَيَرْزُق , وَلَكِنَّ آلِهَتنَا هَذِهِ تَشْفَع لَنَا عِنْده , إِذْ جَعَلْت لَهَا نَصِيبًا , فَنَحْنُ مَعَك ! قَالَا : فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جَبْرَائِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام فَعَرَضَ عَلَيْهِ السُّورَة ; فَلَمَّا بَلَغَ الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَيْهِ قَالَ : مَا جِئْتُك بِهَاتَيْنِ ! فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | افْتَرَيْت عَلَى اللَّه وَقُلْت عَلَى اللَّه مَا لَمْ يَقُلْ | فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ : { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَك عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك , لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْره } ... [17 73 ]إِلَى قَوْله : { ثُمَّ لَا تَجِد لَك عَلَيْنَا نَصِيرًا } . [17 75 ]فَمَا زَالَ مَغْمُومًا مَهْمُومًا حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْهِ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته وَاللَّه عَلِيم حَكِيم } . قَالَ : فَسَمِعَ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة أَنَّ أَهْل مَكَّة قَدْ أَسْلَمُوا كُلّهمْ , فَرَجَعُوا إِلَى عَشَائِرهمْ وَقَالُوا : هُمْ أَحَبّ إِلَيْنَا ! فَوَجَدُوا الْقَوْم قَدِ ارْتَكَسُوا حِين نَسَخَ اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان . )19156 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن زِيَاد الْمَدَنِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ قَالَ : (لَمَّا رَأَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَلِّي قَوْمه عَنْهُ , وَشَقَّ عَلَيْهِ مَا يَرَى مِنْ مُبَاعَدَتهمْ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , تَمَنَّى فِي نَفْسه أَنْ يَأْتِيه مِنَ اللَّه مَا يُقَارِب بِهِ بَيْنه وَبَيْن قَوْمه , وَكَانَ يُسِرّهُ , مَعَ حُبّه وَحِرْصه عَلَيْهِمْ , أَنْ يَلِينَ لَهُ بَعْض مَا غَلُظَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرهمْ , حِين حَدَّثَ بِذَلِكَ نَفْسه وَتَمَنَّى وَأَحَبَّهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَالنَّجْم إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبكُمْ وَمَا غَوَى } [53 1 : 2 ]فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْل اللَّه : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } [53 19 : 20 ]أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه , لَمَّا كَانَ يُحَدِّث بِهِ نَفْسه وَيَتَمَنَّى أَنْ يَأْتِي بِهِ قَوْمه : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ تُرْتَضَى | . فَلَمَّا سَمِعَتْ قُرَيْش ذَلِكَ فَرِحُوا وَسَرَّهُمْ , وَأَعْجَبَهُمْ مَا ذَكَرَ بِهِ آلِهَتهمْ , فَأَصَاخُوا لَهُ , وَالْمُؤْمِنُونَ مُصَدِّقُونَ نَبِيّهمْ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ عَنْ رَبّهمْ , وَلَا يَتَّهِمُونَهُ عَلَى خَطّ وَلَا وَهَم وَلَا زَلَل , فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى السَّجْدَة مِنْهَا وَخَتَمَ السُّورَة , سَجَدَ فِيهَا , فَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ بِسُجُودِ نَبِيّهمْ , تَصْدِيقًا لِمَا جَاءَ بِهِ وَاتِّبَاعًا لِأَمْرِهِ , وَسَجَدَ مَنْ فِي الْمَسْجِد مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْش وَغَيْرهمْ لَمَّا سَمِعُوا مِنْ ذِكْر آلِهَتهمْ , فَلَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِد مُؤْمِن وَلَا كَافِر إِلَّا سَجَدَ إِلَّا الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , فَإِنَّهُ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَفْنَة مِنَ الْبَطْحَاء فَسَجَدَ عَلَيْهَا , ثُمَّ تَفَرَّقَ النَّاس مِنَ الْمَسْجِد , وَخَرَجَتْ قُرَيْش وَقَدْ سَرَّهُمْ مَا سَمِعُوا مِنْ ذِكْر آلِهَتهمْ , يَقُولُونَ : قَدْ ذَكَرَ مُحَمَّد آلِهَتنَا بِأَحْسَن الذِّكْر , وَقَدْ زَعَمَ فِيمَا يَتْلُو أَنَّهَا الْغَرَانِيق الْعُلَى وَأَنَّ شَفَاعَتهنَّ تُرْتَضَى ! وَبَلَغَتِ السَّجْدَة مَنْ بِأَرْضِ الْحَبَشَة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقِيلَ : أَسْلَمَتْ قُرَيْش , فَنَهَضَتْ مِنْهُمْ رِجَال , وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ . وَأَتَى جَبْرَائِيل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : يَا مُحَمَّد مَاذَا صَنَعْت ؟ لَقَدْ تَلَوْت عَلَى النَّاس مَا لَمْ آتِك بِهِ عَنِ اللَّه , وَقُلْت مَا لَمْ يَقُلْ لَك ! فَحَزِنَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد ذَلِكَ , وَخَافَ مِنَ اللَّه خَوْفًا كَبِيرًا , فَأَنْزَلَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِ - وَكَانَ بِهِ رَحِيمًا - يُعَزِّيه وَيُخَفِّض عَلَيْهِ الْأَمْر وَمُخْبِره أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْله رَسُول وَلَا نَبِيّ تَمَنَّى كَمَا تَمَنَّى وَلَا أَحَبَّ كَمَا أَحَبَّ إِلَّا وَالشَّيْطَان قَدْ أَلْقَى فِي أُمْنِيَّته كَمَا أَلْقَى عَلَى لِسَانه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَسَخَ اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان وَأَحْكَمَ آيَاته , أَيْ فَأَنْتَ كَبَعْضِ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل ; فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } ... الْآيَة . فَأَذْهَبَ اللَّه عَنْ نَبِيّه الْحَزَن , وَأَمَّنَهُ مِنَ الَّذِي كَانَ يَخَاف , وَنَسَخَ مَا أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه مِنْ ذِكْر آلِهَتهمْ أَنَّهَا الْغَرَانِيق الْعُلَى وَأَنَّ شَفَاعَتهنَّ تُرْتَضَى . يَقُول اللَّه حِين ذَكَرَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى , إِلَى قَوْله : { وَكَمْ مِنْ مَلَك فِي السَّمَاوَات لَا تُغْنِي شَفَاعَتهمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْد أَنْ يَأْذَن اللَّه لِمَنْ يَشَاء وَيَرْضَى } , أَيْ فَكَيْفَ تَمْنَع شَفَاعَة آلِهَتكُمْ عِنْده . فَلَمَّا جَاءَهُ مِنَ اللَّه مَا نَسَخَ مَا كَانَ الشَّيْطَان أَلْقَى عَلَى لِسَان نَبِيّه , قَالَتْ قُرَيْش : نَدِمَ مُحَمَّد عَلَى مَا كَانَ مِنْ مَنْزِلَة آلِهَتكُمْ عِنْد اللَّه , فَغَيَّرَ ذَلِكَ وَجَاءَ بِغَيْرِهِ ! وَكَانَ ذَلِكَ الْحَرْفَانِ اللَّذَانِ أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَان رَسُوله قَدْ وَقَعَا فِي فَم كُلّ مُشْرِك , فَازْدَادُوا شَرًّا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ . )19157 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت دَاوُد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : (قَالَتْ قُرَيْش لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّمَا جُلَسَاؤُك عَبْد بَنِي فُلَان وَمَوْلَى بَنِي فُلَان , فَلَوْ ذَكَرْت آلِهَتنَا بِشَيْءٍ جَالَسْنَاك , فَإِنَّهُ يَأْتِيك أَشْرَاف الْعَرَب فَإِذَا رَأَوْا جُلَسَاءَك أَشْرَاف قَوْمك كَانَ أَرْغَب لَهُمْ فِيك ! قَالَ : فَأَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } [53 19 : 20 ]قَالَ : فَأَجْرَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه . | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَشَفَاعَتهنَّ تُرْجَى , مِثْلهنَّ لَا يُنْسَى | . قَالَ : فَسَجَدَ النَّبِيّ حِين قَرَأَهَا , وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ , فَلَمَّا عَلِمَ الَّذِي أُجْرِيَ عَلَى لِسَانه , كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَأَنْزَلَ اللَّه . { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } ... إِلَى قَوْله : { وَاللَّه عَلِيم حَكِيم } . )* - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو الْوَلِيد , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن سَلَمَة , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة قَالَ : (قَالَتْ قُرَيْش : يَا مُحَمَّد إِنَّمَا يُجَالِسك الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَضُعَفَاء النَّاس , فَلَوْ ذَكَرْت آلِهَتنَا بِخَيْرٍ لَجَالَسْنَاك فَإِنَّ النَّاس يَأْتُونَك مِنَ الْآفَاق ! فَقَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَة النَّجْم ; فَلَمَّا انْتَهَى عَلَى هَذِهِ الْآيَة { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } [53 19 : 20 ]فَأَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه : | وَهِيَ الْغَرَانِقَة الْعُلَى , وَشَفَاعَتهنَّ تُرْتَجَى | . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا سَجَدَ رَسُول اللَّه وَالْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ , إِلَّا أَبَا أُحَيْحَة سَعِيد بْن الْعَاصِ , أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَاب وَسَجَدَ عَلَيْهِ ; وَقَالَ : قَدْ آنَ لِابْنِ أَبِي كَبْشَة أَنْ يَذْكُر آلِهَتنَا بِخَيْرٍ حَتَّى بَلَغَ الَّذِينَ بِالْحَبَشَةِ مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ أَسْلَمَتْ , فَاشْتَدَّ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَانه , فَأَنْزَلَ اللَّه . { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ } ... إِلَى آخِر الْآيَة . )19158 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى } [53 19 ]قَرَأَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْتَجَى | . فَسَجَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : إِنَّهُ لَمْ يَذْكُر آلِهَتكُمْ قَبْل الْيَوْم بِخَيْرٍ ! فَسَجَدَ الْمُشْرِكُونَ مَعَهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } ... إِلَى قَوْله : { عَذَاب يَوْم عَقِيم } . )* - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى } , ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه . 19159 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } إِلَى قَوْله : { وَاللَّه عَلِيم حَكِيم } ; وَذَلِكَ أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي , إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ قِصَّة آلِهَة الْعَرَب , فَجَعَلَ يَتْلُوهَا ; فَسَمِعَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَالُوا : إِنَّا نَسْمَعهُ يَذْكُر آلِهَتنَا بِخَيْرٍ ! فَدَنَوْا مِنْهُ , فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْلُوهَا وَهُوَ يَقُول : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } [53 19 : 20 ]أَلْقَى الشَّيْطَان : | إِنَّ تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , مِنْهَا الشَّفَاعَة تُرْتَجَى | . فَجَعَلَ يَتْلُوهَا , فَنَزَلَ جَبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَنَسَخَهَا , ثُمَّ قَالَ لَهُ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } ... إِلَى قَوْله : { وَاللَّه عَلِيم حَكِيم } . )19160 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ } ... الْآيَة ; أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّة , أَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ فِي آلِهَة الْعَرَب , فَجَعَلَ يَتْلُو اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَيُكْثِر تَرْدِيدهَا , فَسَمِعَ أَهْل مَكَّة نَبِيّ اللَّه يَذْكُر آلِهَتهمْ , فَفَرِحُوا بِذَلِكَ , وَدَنَوْا يَسْتَمِعُونَ , فَأَلْقَى الشَّيْطَان فِي تِلَاوَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , مِنْهَا الشَّفَاعَة تُرْتَجَى | . فَقَرَأَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول } ... إِلَى : { وَاللَّه عَلِيم حَكِيم } . )19161 - حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُس , عَنِ ابْن شِهَاب , (أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ } ... الْآيَة , قَالَ ابْن شِهَاب : ثني أَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث : أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّة قَرَأَ عَلَيْهِمْ : { وَالنَّجْم إِذَا هَوَى } , [53 1 ]فَلَمَّا بَلَغَ : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى } قَالَ : | إِنَّ شَفَاعَتهنَّ تُرْتَجَى | , وَسَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَقِيَهُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض , فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ , وَفَرِحُوا بِذَلِكَ , فَقَالَ لَهُمْ : | إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَان | . فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ } ... حَتَّى بَلَغَ : { فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان } . )فَتَأْوِيل الْكَلَام : وَلَمْ يُرْسَل يَا مُحَمَّد مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول إِلَى أُمَّة مِنَ الْأُمَم وَلَا نَبِيّ مُحَدِّث لَيْسَ بِمُرْسَلٍ , إِلَّا إِذَا تَمَنَّى . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله | تَمَنَّى | فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَقَدْ ذَكَرْت قَوْل جَمَاعَة مِمَّنْ قَالَ : ذَلِكَ التَّمَنِّي مِنَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَدَّثَتْهُ نَفْسه مِنْ مَحَبَّته مُقَارَبَة قَوْمه فِي ذِكْر آلِهَتهمْ بِبَعْضِ مَا يُحِبُّونَ , وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ مَحَبَّة مِنْهُ فِي بَعْض الْأَحْوَال أَنْ لَا تُذْكَر بِسُوءٍ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : إِذَا قَرَأَ وَتَلَا أَوْ حَدَّثَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19162 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته } يَقُول : إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه . )19163 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { إِذَا تَمَنَّى } قَالَ : إِذَا قَالَ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19164 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن بْن الْفَرَج , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { إِلَّا إِذَا تَمَنَّى } يَعْنِي بِالتَّمَنِّي : التِّلَاوَة وَالْقِرَاءَة . )وَهَذَا الْقَوْل أَشْبَه بِتَأْوِيلِ الْكَلَام , بِدَلَالَةِ قَوْله : { فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته } عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْآيَات الَّتِي أَخْبَرَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ يُحْكِمهَا , لَا شَكَّ أَنَّهَا آيَات تَنْزِيله , فَمَعْلُوم أَنَّ الَّذِي أَلْقَى فِيهِ الشَّيْطَان هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره أَنَّهُ نَسَخَ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَبْطَلَهُ ثُمَّ أَحْكَمَهُ بِنَسْخِهِ ذَلِكَ مِنْهُ . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلك مِنْ رَسُول وَلَا نَبِيّ إِلَّا إِذَا تَلَا كِتَاب اللَّه , وَقَرَأَ , أَوْ حَدَّثَ وَتَكَلَّمَ , أَلْقَى الشَّيْطَان فِي كِتَاب اللَّه الَّذِي تَلَاهُ وَقَرَأَهُ أَوْ فِي حَدِيثه الَّذِي حَدَّثَ وَتَكَلَّمَ .|فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ|يَقُول تَعَالَى : فَيُذْهِب اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان مِنْ ذَلِكَ عَلَى لِسَان نَبِيّه وَيُبْطِلهُ . كَمَا : 19165 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان } فَيُبْطِل اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان . )19166 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان } نَسَخَ جِبْرِيل بِأَمْرِ اللَّه مَا أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَان النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَحْكَمَ اللَّه آيَاته .)|ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ|وَقَوْله : { ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته } يَقُول : ثُمَّ يُخَلِّص اللَّه آيَات كِتَابه مِنَ الْبَاطِل الَّذِي أَلْقَى الشَّيْطَان عَلَى لِسَان نَبِيّه .|وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ| { وَاللَّه عَلِيم } بِمَا يَحْدُث فِي خَلْقه مِنْ حَدَث , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء . { حَكِيم } فِي تَدْبِيره إِيَّاهُمْ وَصَرْفه لَهُمْ فِيمَا شَاءَ وَأَحَبَّ.

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان , ثُمَّ يُحْكِم اللَّه آيَاته , كَيْ يَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّة نَبِيّه مِنَ الْبَاطِل , كَقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْتَجَى | . { فِتْنَة } يَقُول : اخْتِبَارًا يُخْتَبَر بِهِ الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض مِنَ النِّفَاق ; وَذَلِكَ الشَّكّ فِي صَدّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقِيقَة مَا يُخْبِرهُمْ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19167 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : (أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ لَا يَعِيب اللَّه آلِهَة الْمُشْرِكِينَ , فَأَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّته , فَقَالَ : | إِنَّ الْآلِهَة الَّتِي تَدَّعِي أَنَّ شَفَاعَتهَا لَتُرْتَجَى وَأَنَّهَا لَلْغَرَانِيق الْعُلَى | . فَنَسَخَ اللَّه ذَلِكَ , وَأَحْكَمَ اللَّه آيَاته : { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى } [53 19 ]حَتَّى بَلَغَ : { مِنْ سُلْطَان } [53 23 ]قَالَ قَتَادَة : لَمَّا أَلْقَى الشَّيْطَان مَا أَلْقَى , قَالَ الْمُشْرِكُونَ : قَدْ ذَكَرَ اللَّه آلِهَتهمْ بِخَيْرٍ ! فَفَرِحُوا بِذَلِكَ , فَذَكَرَ قَوْله : { لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } . )* -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , بِنَحْوِهِ . 19168 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : ( { لِيَجْعَل مَا يُلْقِي الشَّيْطَان فِتْنَة لِلَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض } يَقُول : وَلِلَّذِينَ قَسَتْ قُلُوبهمْ عَنِ الْإِيمَان بِاللَّهِ , فَلَا تَلِين وَلَا تَرْعَوِي , وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19169 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { وَالْقَاسِيَة قُلُوبهمْ } قَالَ : الْمُشْرِكُونَ.)|وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ|وَقَوْله : { وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاق بَعِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِنَّ مُشْرِكِي قَوْمك يَا مُحَمَّد لَفِي خِلَاف اللَّه فِي أَمْره , بَعِيد مِنَ الْحَقّ .

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلِيَعْلَم الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَيْ يَعْلَم أَهْل الْعِلْم بِاللَّهِ أَنَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّه مِنْ آيَاته الَّتِي أَحْكَمَهَا لِرَسُولِهِ وَنَسَخَ مَا أَلْقَى الشَّيْطَان فِيهِ , أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ عِنْد رَبّك يَا مُحَمَّد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19170 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { وَلِيَعْلَم الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّك } قَالَ : يَعْنِي الْقُرْآن .)|فَيُؤْمِنُوا بِهِ|يَقُول : فَيُصَدِّقُوا بِهِ.|فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ|يَقُول : فَتَخْضَع لِلْقُرْآنِ قُلُوبهمْ , وَتُذْعِن بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْإِقْرَار بِمَا فِيهِ .|وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ|وَإِنَّ اللَّه لَمُرْشِد الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُوله إِلَى الْحَقّ الْقَاصِد وَالْحَقّ الْوَاضِح , بِنَسْخِ مَا أَلْقَى الشَّيْطَان فِي أُمْنِيَّة رَسُوله , فَلَا يَضُرّهُمْ كَيْد الشَّيْطَان وَإِلْقَاؤُهُ الْبَاطِل عَلَى لِسَان نَبِيّهمْ.

وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ فِي شَكّ . ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْهَاء الَّتِي فِي قَوْله : | مِنْهُ | مِنْ ذِكْر مَا هِيَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ مِنْ ذِكْر قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ لَتُرْتَجَى | . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19171 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ } مِنْ قَوْله : | تِلْكَ الْغَرَانِيق الْعُلَى , وَإِنَّ شَفَاعَتهنَّ تُرْتَجَى . )19172 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ } قَالَ : مِمَّا جَاءَ بِهِ إِبْلِيس لَا يَخْرُج مِنْ قُلُوبهمْ زَادَهُمْ ضَلَالَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مِنْ ذِكْر سُجُود النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19173 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا أَبُو بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ } قَالَ : فِي مِرْيَة مِنْ سُجُودك . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هِيَ مِنْ ذِكْر الْقُرْآن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19174 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ } قَالَ : مِنَ الْقُرْآن . )وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ , قَوْل مَنْ قَالَ : هِيَ كِنَايَة مِنْ ذِكْر الْقُرْآن الَّذِي أَحْكَمَ اللَّه آيَاته ; وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ذِكْر قَوْله : { وَلِيَعْلَم الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْم أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّك } أَقْرَب مِنْهُ مِنْ ذِكْر قَوْله : { فَيَنْسَخ اللَّه مَا يُلْقِي الشَّيْطَان } وَالْهَاء مِنْ قَوْله | أَنَّهُ | مِنْ ذِكْر الْقُرْآن , فَإِلْحَاق الْهَاء فِي قَوْله : { فِي مِرْيَة مِنْهُ } بِالْهَاءِ مِنْ قَوْله : { أَنَّهُ الْحَقّ مِنْ رَبّك } أَوْلَى مِنْ إِلْحَاقهَا بِ | مَا | الَّتِي فِي قَوْله { مَا يُلْقِي الشَّيْطَان } مَعَ بُعْد مَا بَيْنهمَا .|حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً|وَقَوْله : { حَتَّى تَأْتِيهِمْ السَّاعَة } يَقُول : لَا يَزَال هَؤُلَاءِ الْكُفَّار فِي شَكّ مِنْ أَمْر هَذَا الْقُرْآن إِلَى أَنْ تَأْتِيهِمْ السَّاعَة { بَغْتَة } وَهِيَ سَاعَة حَشْر النَّاس لِمَوْقِفِ الْحِسَاب بَغْتَة , يَقُول : فَجْأَة .|أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ|اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي هَذَا الْيَوْم أَيّ يَوْم هُوَ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19175 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : ثنا شَيْخ مِنْ أَهْل خُرَاسَان مِنَ الْأَزْد يُكَنَّى أَبَا سَاسَان , قَالَ : (سَأَلْت الضَّحَّاك , عَنْ قَوْله : { عَذَاب يَوْم عَقِيم } قَالَ : عَذَاب يَوْم لَا لَيْلَة بَعْده . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة . (أَنَّ يَوْم الْقِيَامَة لَا لَيْلَة لَهُ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِهِ يَوْم بَدْر . وَقَالُوا : إِنَّمَا قِيلَ لَهُ يَوْم عَقِيم , أَنَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إِلَى اللَّيْل , فَكَانَ لَهُمْ عَقِيمًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19176 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { عَذَاب يَوْم عَقِيم } يَوْم بَدْر . )19177 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { أَوْ يَأْتِيهِمْ عَذَاب يَوْم عَقِيم } قَالَ ابْن جُرَيْج : يَوْم لَيْسَ فِيهِ لَيْلَة , لَمْ يُنَاظَرُوا إِلَى اللَّيْل . قَالَ مُجَاهِد : عَذَاب يَوْم عَظِيم . )* - قَالَ ; ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو تُمَيْلَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ جَابِر , قَالَ : (قَالَ مُجَاهِد : يَوْم بَدْر . )19178 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , فِي قَوْله : ( { عَذَاب يَوْم عَقِيم } قَالَ : يَوْم بَدْر . )19179 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { عَذَاب يَوْم عَقِيم } قَالَ : هُوَ يَوْم بَدْر . ذَكَرَهُ عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { عَذَاب يَوْم عَقِيم } قَالَ : هُوَ يَوْم بَدْر , عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب . )وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَة ; لِأَنَّهُ لَا وَجْه لِأَنْ يُقَال : لَا يَزَالُونَ فِي مِرْيَة مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة , أَوْ تَأْتِيهِمْ السَّاعَة ; وَذَلِكَ أَنَّ السَّاعَة هِيَ يَوْم الْقِيَامَة , فَإِنْ كَانَ الْيَوْم الْعَقِيم أَيْضًا هُوَ يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا مِنْ تَكْرِير ذِكْر السَّاعَة مَرَّتَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْأَلْفَاظ , وَذَلِكَ مَا لَا مَعْنَى لَهُ , فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِهِ أَصَحّهمَا مَعْنًى وَأَشْبَهَهُمَا بِالْمَعْرُوفِ فِي الْخِطَاب , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا فِي مَعْنَاهُ . فَتَأْوِيل الْكَلَام إِذَنْ : وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَة مِنْهُ , حَتَّى تَأْتِيهِمْ السَّاعَة بَغْتَة فَيَصِيرُوا إِلَى الْعَذَاب الْعَقِيم , أَوْ يَأْتِيهِمْ عَذَاب يَوْم عَقِيم لَهُ فَلَا يُنْظَرُوا فِيهِ إِلَى اللَّيْل وَلَا يُؤَخَّرُوا فِيهِ إِلَى الْمَسَاء , لَكِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ قَبْل الْمَسَاء .

الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْمُلْك يَوْمئِذٍ لِلَّهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : السُّلْطَان وَالْمُلْك إِذَا جَاءَتِ السَّاعَة لِلَّهِ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَلَا يُنَازِعهُ يَوْمئِذٍ مُنَازِع , وَقَدْ كَانَ فِي الدُّنْيَا مُلُوك يُدْعَوْنَ بِهَذَا الِاسْم وَلَا أَحَد يَوْمئِذٍ يُدْعَى مَلِكًا سِوَاهُ .|يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ|يَقُول : يَفْصِل بَيْن خَلْقه الْمُشْرِكِينَ بِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ .|فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ| { فَالَّذِينَ آمَنُوا } بِهَذَا الْقُرْآن , وَبِمَنْ أَنْزَلَهُ , وَمَنْ جَاءَ بِهِ , وَعَمِلُوا بِمَا فِيهِ مِنْ حَلَاله وَحَرَامه وَحُدُوده وَفَرَائِضه { فِي جَنَّات النَّعِيم } يَوْمئِذٍ .

وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا } بِاللَّهِ وَرَسُوله , { وَكَذَّبُوا } بِآيَاتِ كِتَابه وَتَنْزِيله , وَقَالُوا : لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عِنْد اللَّه , إِنَّمَا هُوَ إِفْك افْتَرَاهُ مُحَمَّد وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْم آخَرُونَ ;|فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ|يَقُول : فَالَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ لَهُمْ عِنْد اللَّه يَوْم الْقِيَامَة عَذَاب مُهِين , يَعْنِي عَذَاب مُذِلّ فِي جَهَنَّم .

فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمْ اللَّه رِزْقًا حَسَنًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ فَارَقُوا أَوْطَانهمْ وَعَشَائِرهمْ فَتَرَكُوا ذَلِكَ فِي رِضَا اللَّه وَطَاعَته وَجِهَاد أَعْدَائِهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا وَهُمْ كَذَلِكَ , { لَيَرْزُقَنَّهُمْ اللَّه } يَوْم الْقِيَامَة فِي جَنَّاته { رِزْقًا حَسَنًا } يَعْنِي بِالْحَسَنِ : الْكَرِيم ; وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالرِّزْقِ الْحَسَن : الثَّوَاب الْجَزِيل . وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْم مَنْ مَاتَ فِي سَبِيل اللَّه , فَقَالَ بَعْضهمْ : سَوَاء الْمَقْتُول مِنْهُمْ وَالْمَيِّت , وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَقْتُول أَفْضَل . فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة عَلَى نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , يُعْلِمهُمْ اسْتِوَاء أَمْر الْمَيِّت فِي سَبِيله وَالْمَقْتُول فِيهَا فِي الثَّوَاب عِنْده . وَقَدْ : 19180 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن شُرَيْح , عَنْ سَلَامَان بْن عَامِر قَالَ : (كَانَ فَضَالَة بِرُودِس أَمِيرًا عَلَى الْأَرْبَاع , فَخُرِجَ بِجِنَازَتَيْ رَجُلَيْنِ , أَحَدهمَا قَتِيل وَالْآخَر مُتَوَفًّى ; فَرَأَى مَيْل النَّاس مَعَ جِنَازَة الْقَتِيل إِلَى حُفْرَته , فَقَالَ : أَرَاكُمْ أَيّهَا النَّاس تَمِيلُونَ مَعَ الْقَتِيل وَتُفَضِّلُونَهُ عَلَى أَخِيهِ الْمُتَوَفَّى ؟ فَقَالُوا : هَذَا الْقَتِيل فِي سَبِيل اللَّه . فَقَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُبَالِي مِنْ أَيّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْت ! اقْرَءُوا قَوْل اللَّه تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا } ... إِلَى قَوْله : { وَإِنَّ اللَّه لَعَلِيم حَلِيم } . )|وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ|يَقُول : وَإِنَّ اللَّه لَهُوَ خَيْر مَنْ بَسَطَ فَضْله عَلَى أَهْل طَاعَته وَأَكْرَمَهُمْ ,

وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَيُدْخِلَنَّ اللَّه الْمَقْتُول فِي سَبِيله مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْمَيِّت مِنْهُمْ { مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ } وَذَلِكَ الْمُدْخَل هُوَ الْجَنَّة .|وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ| { لَعَلِيم } بِمَنْ يُهَاجِر فِي سَبِيله مِمَّنْ يَخْرُج مِنْ دَاره طَلَب الْغَنِيمَة أَوْ عَرَض مِنْ عُرُوض الدُّنْيَا . { حَلِيم } عَنْ عُصَاة خَلْقه , بِتَرْكِهِ مُعَاجَلَتهمْ بِالْعُقُوبَةِ وَالْعَذَاب .

وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّه } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { ذَلِكَ } لِهَذَا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيل اللَّه , ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا , وَلَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ اللَّه يَعِدهُمْ النَّصْر عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارهمْ . كَمَا : 19181 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ } قَالَ : هُمُ الْمُشْرِكُونَ بَغَوْا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَوَعَدَهُ اللَّه أَنْ يَنْصُرهُ , وَقَالَ فِي الْقِصَاص أَيْضًا . )وَكَانَ بَعْضهمْ يَزْعُم أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي قَوْم مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَقُوا قَوْمًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنَ الْمُحَرَّم , وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَكْرَهُونَ الْقِتَال يَوْمئِذٍ فِي الْأَشْهُر الْحُرُم , فَسَأَلَ الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالهمْ مِنْ أَجْل حُرْمَة الشَّهْر , فَأَبَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ , وَقَاتَلُوهُمْ فَبَغَوْا عَلَيْهِمْ , وَثَبَتَ الْمُسْلِمُونَ لَهُمْ فَنُصِرُوا عَلَيْهِمْ , فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة : { ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ } بِأَنْ بُدِئَ بِالْقِتَالِ وَهُوَ لَهُ كَارِه , { لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّه } . |إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَعَفُوّ غَفُور } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ اللَّه لَذُو عَفْو وَصَفْح لِمَنِ انْتَصَرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ مِنْ بَعْد مَا ظَلَمَهُ الظَّالِم بِحَقٍّ , غَفُور لِمَا فَعَلَ بِبَادِئِهِ بِالظُّلْمِ مِثْل الَّذِي فَعَلَ بِهِ غَيْر مُعَاقِبه عَلَيْهِ .

وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّه يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { ذَلِكَ } هَذَا النَّصْر الَّذِي أَنْصُرهُ عَلَى مَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ عَلَى الْبَاغِي , لِأَنِّي الْقَادِر عَلَى مَا أَشَاء , فَمِنْ قُدْرَته أَنَّ اللَّه { يُولِج اللَّيْل فِي النَّهَار } يَقُول : يُدْخِل مَا انْتَقَصَ مِنْ سَاعَات اللَّيْل فِي سَاعَات النَّهَار , فَمَا نَقَصَ مِنْ هَذَا زَادَ فِي هَذَا . { وَيُولِج النَّهَار فِي اللَّيْل } وَيُدْخِل مَا انْتَقَصَ مِنْ سَاعَات النَّهَار فِي سَاعَات اللَّيْل , فَمَا نَقَصَ مِنْ طُول هَذَا زَادَ فِي طُول هَذَا , وَبِالْقُدْرَةِ الَّتِي يَفْعَل ذَلِكَ يَنْصُر مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه عَلَى الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْهِمْ فَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ .|وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ|يَقُول : وَفَعَلَ ذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّهُ ذُو سَمْع لِمَا يَقُولُونَ مِنْ قَوْل ; لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْء , بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ , لَا يَغِيب عَنْهُ مِنْهُ شَيْء , كُلّ ذَلِكَ مَعَهُ بِمَرْأًى وَمَسْمَع , وَهُوَ الْحَافِظ لِكُلِّ ذَلِكَ , حَتَّى يُجَازِي جَمِيعهمْ عَلَى مَا قَالُوا وَعَمِلُوا مِنْ قَوْل وَعَمَل جَزَاءَهُ .

وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّه هُوَ الْحَقّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه هُوَ الْبَاطِل } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ { ذَلِكَ } هَذَا الْفِعْل الَّذِي فَعَلْت مِنْ إِيلَاجِي اللَّيْل فِي النَّهَار وَإِيلَاجِي النَّهَار فِي اللَّيْل ; لِأَنِّي أَنَا الْحَقّ الَّذِي لَا مِثْل لِي وَلَا شَرِيك وَلَا نِدّ , وَأَنَّ الَّذِي يَدْعُوهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ إِلَهًا مِنْ دُونه هُوَ الْبَاطِل الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى صَنْعَة شَيْء , بَلْ هُوَ الْمَصْنُوع يَقُول لَهُمْ تَعَالَى ذِكْره : أَفَتَتْرُكُونَ أَيّهَا الْجُهَّال عِبَادَة مَنْ مِنْهُ النَّفْع وَبِيَدِهِ الضُّرّ وَهُوَ الْقَادِر عَلَى كُلّ شَيْء وَكُلّ شَيْء دُونه , وَتَعْبُدُونَ الْبَاطِل الَّذِي لَا تَنْفَعكُمْ عِبَادَته . وَكَانَ ابْن جُرَيْج يَقُول فِي قَوْله : { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه هُوَ الْبَاطِل } مَا : 19182 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : ( { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه هُوَ الْبَاطِل } قَالَ : الشَّيْطَان . )وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونه } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق وَالْحِجَاز : { تَدْعُونَ } بِالتَّاءِ عَلَى وَجْه الْخِطَاب ; وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْعِرَاق غَيْر عَاصِم بِالْيَاءِ عَلَى وَجْه الْخَبَر , وَالْيَاء أَعْجَب الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَيَّ ; لِأَنَّ ابْتِدَاء الْخَبَر عَلَى وَجْه الْخِطَاب.|وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ|وَقَوْله : { وَأَنَّ اللَّه هُوَ الْعَلِيّ الْكَبِير } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { الْعَلِيّ } ذُو الْعُلُوّ عَلَى كُلّ شَيْء , هُوَ فَوْق كُلّ شَيْء وَكُلّ شَيْء دُونه . { الْكَبِير } يَعْنِي الْعَظِيم , الَّذِي كُلّ شَيْء دُونه وَلَا شَيْء أَعْظَم مِنْهُ .

وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الْأَرْض مُخْضَرَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { أَلَمْ تَرَ } يَا مُحَمَّد { أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء } يَعْنِي مَطَرًا , { فَتُصْبِح الْأَرْض مُخْضَرَّة } بِمَا يَنْبُت فِيهَا مِنَ النَّبَات . قَالَ : { فَتُصْبِح الْأَرْض } فَرَفَعَ , وَقَدْ تَقَدَّمَهُ قَوْله : { أَلَمْ تَرَ } وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام الْخَبَر , كَأَنَّهُ قِيلَ : اعْلَمْ يَا مُحَمَّد أَنَّ اللَّه يُنْزِل مِنَ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الْأَرْض ; وَنَظِير ذَلِكَ قَوْل الشَّاعِر : <br>أَلَمْ تَسْأَل الرَّبْع الْقَدِيم فَيَنْطِق .......... وَهَلْ تُخْبِرَنك الْيَوْم بَيْدَاء سَمْلَق <br>لِأَنَّ مَعْنَاهُ : قَدْ سَأَلْته فَنَطَقَ .|إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ| { إِنَّ اللَّه لَطِيف } بِاسْتِخْرَاجِ النَّبَات مِنَ الْأَرْض بِذَلِكَ الْمَاء وَغَيْر ذَلِكَ مِنِ ابْتِدَاع مَا شَاءَ أَنْ يَبْتَدِعهُ . { خَبِير } بِمَا يَحْدُث عَنْ ذَلِكَ النَّبْت مِنَ الْحَبّ وَبِهِ .

إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَإِنَّ اللَّه لَهُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيد } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَهُ مُلْك مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ شَيْء هُمْ عَبِيده وَمَمَالِيكه وَخَلْقه , لَا شَرِيك لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْء مِنْهُ , وَأَنَّ اللَّه هُوَ الْغَنِيّ عَنْ كُلّ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الْأَرْض مِنْ خَلْقه وَهُمُ الْمُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ , الْحَمِيد عِنْد عِبَاده فِي إِفْضَاله عَلَيْهِمْ وَأَيَادِيه عِنْدهمْ.

أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض وَالْفُلْك تَجْرِي فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه سَخَّرَ لَكُمْ أَيّهَا النَّاس مَا فِي الْأَرْض مِنَ الدَّوَابّ وَالْبَهَائِم , فَذَلِكَ كُلّه لَكُمْ تَصْرِفُونَهُ فِيمَا أَرَدْتُمْ مِنْ حَوَائِجكُمْ . { وَالْفُلْك تَجْرِي فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ } يَقُول : وَسَخَّرَ لَكُمُ السُّفُن تَجْرِي فِي الْبَحْر بِأَمْرِهِ , يَعْنِي بِقُدْرَتِهِ , وَتَذْلِيله إِيَّاهَا لَكُمْ كَذَلِكَ . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَالْفُلْك تَجْرِي } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { وَالْفُلْك } نَصْبًا , بِمَعْنَى سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض , وَالْفُلْك عَطْفًا عَلَى | مَا | , وَعَلَى تَكْرِير | أَنَّ | وَأَنَّ الْفُلْك تَجْرِي . وَرُوِيَ عَنِ الْأَعْرَج أَنَّهُ قَرَأَ ذَلِكَ رَفْعًا عَلَى الِابْتِدَاء , وَالنَّصْب هُوَ الْقِرَاءَة عِنْدنَا فِي ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ .|وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ| { وَيُمْسِك السَّمَاء أَنْ تَقَع عَلَى الْأَرْض } يَقُول : وَيُمْسِك السَّمَاء بِقُدْرَتِهِ كَيْ لَا تَقَع عَلَى الْأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ . وَمَعْنَى قَوْله : { أَنْ تَقَع } أَنْ لَا تَقَع .|إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ| { إِنَّ اللَّه بِالنَّاسِ لَرَءُوف رَحِيم } بِمَعْنَى : أَنَّهُ بِهِمْ لَذُو رَأْفَة وَرَحْمَة ; فَمِنْ رَأْفَته بِهِمْ وَرَحْمَته لَهُمْ أَمْسَكَ السَّمَاء أَنْ تَقَع عَلَى الْأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ , وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَة تَفَضُّلًا مِنْهُ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ.

أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ النِّعَم , هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ أَجْسَامًا أَحْيَاء بِحَيَاةٍ أَحْدَثَهَا فِيكُمْ , وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا , ثُمَّ هُوَ يُمِيتكُمْ مِنْ بَعْد حَيَاتكُمْ فَيُفْنِيكُمْ عِنْد مَجِيء آجَالكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ عِنْد بَعْثكُمْ لِقِيَامِ السَّاعَة .|إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ|يَقُول : إِنَّ ابْن آدَم لَجُحُود لِنِعَمِ اللَّه الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ مِنْ حُسْن خَلْقه إِيَّاهُ , وَتَسْخِيره لَهُ مَا سَخَّرَ مِمَّا فِي الْأَرْض وَالْبَرّ وَالْبَحْر , وَتَرْكه إِهْلَاكه بِإِمْسَاكِهِ السَّمَاء أَنْ تَقَع عَلَى الْأَرْض بِعِبَادَتِهِ غَيْره مِنَ الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , وَتَرْكه إِفْرَاده بِالْعِبَادَةِ وَإِخْلَاص التَّوْحِيد لَهُ .

أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا

وَقَوْله : { لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا } يَقُول : لِكُلِّ جَمَاعَة قَوْم هِيَ خَلَتْ مِنْ قَبْلك , جَعَلْنَا مَأْلَفًا يَأْلَفُونَهُ وَمَكَانًا يَعْتَادُونَهُ لِعِبَادَتِي فِيهِ وَقَضَاء فَرَائِضِي وَعَمَلًا يَلْزَمُونَهُ . وَأَصْل الْمَنْسَك فِي كَلَام الْعَرَب الْمَوْضِع الْمُعْتَاد الَّذِي يَعْتَادهُ الرَّجُل وَيَأْلَفهُ لِخَيْرٍ أَوْ شَرّ ; يُقَال : إِنَّ لِفُلَانٍ مَنْسَكًا يَعْتَادهُ : يُرَاد مَكَانًا يَغْشَاهُ وَيَأْلَفهُ لِخَيْرٍ أَوْ شَرّ . وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مَنَاسِك الْحَجّ بِذَلِكَ , لِتَرَدُّدِ النَّاس إِلَى الْأَمَاكِن الَّتِي تُعْمَل فِيهَا أَعْمَال الْحَجّ وَالْعُمْرَة . وَفِيهِ لُغَتَانِ : | مَنْسِك | بِكَسْرِ السِّين وَفَتْح الْمِيم , وَذَلِكَ مِنْ لُغَة أَهْل الْحِجَاز , وَ | مَنْسَك | بِفَتْحِ الْمِيم وَالسِّين جَمِيعًا , وَذَلِكَ مِنْ لُغَة أَسَد . وَقَدْ قُرِئَ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا } أَيّ الْمَنَاسِك عُنِيَ بِهِ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ : عِيدهمْ الَّذِي يَعْتَادُونَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19183 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } يَقُول : عِيدًا . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ ذَبْح يَذْبَحُونَهُ وَدَم يُهْرِيقُونَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19184 - حَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , قَالَ : ثنا ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لِكُلِّ أُمَّة جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } قَالَ : إِرَاقَة الدَّم بِمَكَّة . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { هُمْ نَاسِكُوهُ } قَالَ : إِهْرَاق دِمَاء الْهَدْي . )19185 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مَنْسَكًا } قَالَ : ذَبْحًا وَحَجًّا . )وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : عُنِيَ بِذَلِكَ إِرَاقَة الدَّم أَيَّام النَّحْر بِمِنًى ; لِأَنَّ الْمَنَاسِك الَّتِي كَانَ الْمُشْرِكُونَ جَادَلُوا فِيهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ إِرَاقَة الدَّم فِي هَذِهِ الْأَيَّام , عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا جَادَلُوهُ فِي إِرَاقَة الدِّمَاء الَّتِي هِيَ دِمَاء ذَبَائِح الْأَنْعَام بِمَا قَدْ أَخْبَرَ اللَّه عَنْهُمْ فِي سُورَة الْأَنْعَام , غَيْر أَنَّ تِلْكَ لَمْ تَكُنْ مَنَاسِك , فَأَمَّا الَّتِي هِيَ مَنَاسِك فَإِنَّمَا هِيَ هَدَايَا أَوْ ضَحَايَا ; وَلِذَلِكَ قُلْنَا : عُنِيَ بِالْمَنْسَكِ فِي هَذَا الْمَوْضِع الذَّبْح الَّذِي هُوَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا.|فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ|وَقَوْله : { فَلَا يُنَازِعُنَّك فِي الْأَمْر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَا يُنَازِعُنَّك هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ يَا مُحَمَّد فِي ذَبْحك وَمَنْسَكك بِقَوْلِهِمْ : أَتَقُولُونَ مَا قَتَلْتُمْ , وَلَا تَأْكُلُونَ الْمَيْتَة الَّتِي قَتَلَهَا اللَّه ؟ فَإِنَّك أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْهُمْ ; لِأَنَّك مُحِقّ وَهُمْ مُبْطِلُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19186 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْح , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَلَا يُنَازِعُنَّك فِي الْأَمْر } قَالَ : الذَّبْح . )19187 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَلَا يُنَازِعُنَّك فِي الْأَمْر } فَلَا تَتَحَام لَحْمك .)|وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ|وَقَوْله : { وَادْعُ إِلَى رَبّك } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَادْعُ يَا مُحَمَّد مُنَازِعِيك مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ فِي نُسُكك وَذَبْحك إِلَى اتِّبَاع أَمْر رَبّك فِي ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَأْكُلُوا إِلَّا مَا ذَبَحُوهُ بَعْد اتِّبَاعك وَبَعْد التَّصْدِيق بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَتَجَنَّبُوا الذَّبْح لِلْآلِهَةِ وَالْأَوْثَان وَتَبَرَّءُوا مِنْهَا , إِنَّك لَعَلَى طَرِيق مُسْتَقِيم غَيْر زَائِل عَنْ مَحَجَّة الْحَقّ وَالصَّوَاب فِي نُسُكك الَّذِي جَعَلَهُ لَك وَلِأُمَّتِك رَبّك , وَهُمْ الضُّلَّال عَلَى قَصْد السَّبِيل ; لِمُخَالَفَتِهِمْ أَمْر اللَّه فِي ذَبَائِحهمْ وَمَطَاعِمهمْ وَعِبَادَتهمْ الْآلِهَة .

ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنْ جَادَلُوك فَقُلِ اللَّه أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ جَادَلَك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ فِي نُسُكك , فَقُلْ : اللَّه أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُونَ وَنَعْمَل . كَمَا : 19188 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَإِنْ جَادَلُوك } قَالَ : قَوْل أَهْل الشِّرْك : أَمَّا مَا ذَبَحَ اللَّه بِيَمِينِهِ . { فَقُلِ اللَّه أَعْلَم بِمَا تَعْمَلُونَ } لَنَا أَعْمَالنَا وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ .)

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا

وَقَوْله : { اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَاللَّه يَقْضِي بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنْ أَمْر دِينكُمْ تَخْتَلِفُونَ , فَتَعْلَمُونَ حِينَئِذٍ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ الْمُحِقّ مِنَ الْمُبْطِل .

وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلَمْ تَعْلَم يَا مُحَمَّد أَنَّ اللَّه يَعْلَم كُلّ مَا فِي السَّمَاوَات السَّبْع وَالْأَرَضِينَ السَّبْع , لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْء , وَهُوَ حَاكِم بَيْن خَلْقه يَوْم الْقِيَامَة , عَلَى عِلْم مِنْهُ بِجَمِيعِ مَا عَمِلُوهُ فِي الدُّنْيَا , فَمُجَازِي الْمُحْسِن مِنْهُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيء بِإِسَاءَتِهِ .|إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ عِلْمه بِذَلِكَ فِي كِتَاب , وَهُوَ أُمّ الْكِتَاب الَّذِي كَتَبَ فِيهِ رَبّنَا جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَبْل أَنْ يَخْلُق خَلْقه مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . كَمَا : 19189 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُيَسِّر بْن إِسْمَاعِيل الْحَلَبِيّ , عَنِ الْأَوْزَاعِيّ , عَنْ عَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَة , قَالَ : (عَلِمَ اللَّه مَا هُوَ خَالِق وَمَا الْخَلْق عَامِلُونَ , ثُمَّ كَتَبَهُ , ثُمَّ قَالَ لِنَبِيِّهِ : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } . )19190 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني مُيَسِّر , عَنْ أَرْطَاة بْن الْمُنْذِر , قَالَ : (سَمِعْت ضَمْرَة بْن حَبِيب يَقُول : إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَى عَرْشه عَلَى الْمَاء , وَخَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ , وَخَلَقَ الْقَلَم فَكَتَبَ بِهِ مَا هُوَ كَائِن مِنْ خَلْقه , ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَاب سَبَّحَ اللَّه وَمَجَّدَهُ أَلْف عَام , قَبْل أَنْ يَبْدَأ شَيْئًا مِنَ الْخَلْق . )19191 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَيَّار , عَنِ ابْن عَبَّاس , (أَنَّهُ سَأَلَ كَعْب الْأَحْبَار عَنْ أُمّ الْكِتَاب , فَقَالَ : عَلِمَ اللَّه مَا هُوَ خَالِق وَمَا خَلْقه عَامِلُونَ , فَقَالَ لِعِلْمِهِ : كُنْ كِتَابًا . )وَكَانَ ابْن جُرَيْج يَقُول فِي قَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب } مَا : 19192 - حَدَّثَنَا بِهِ الْقَاسِم , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب } قَالَ : قَوْله : { اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } )وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا الْقَوْل الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ قَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ } إِلَى قَوْله : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض } أَقْرَب مِنْهُ إِلَى قَوْله : { اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } , فَكَانَ إِلْحَاق ذَلِكَ بِمَا هُوَ أَقْرَب إِلَيْهِ أَوْلَى مِنْهُ بِمَا بَعُدَ .|إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ|وَقَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : إِنَّ الْحُكْم بَيْن الْمُخْتَلِفِينَ فِي الدُّنْيَا يَوْم الْقِيَامَة عَلَى اللَّه يَسِير . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19193 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } قَالَ : حُكْمه يَوْم الْقِيَامَة , ثُمَّ قَالَ بَيْن ذَلِكَ : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : أَنَّ كِتَاب الْقَلَم الَّذِي أَمَرَهُ اللَّه أَنْ يَكْتُب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مَا هُوَ كَائِن عَلَى اللَّه يَسِير يَعْنِي هَيِّن , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي أَوْلَى بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ , وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه يَسِير } ... إِلَى قَوْله : { إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَاب } أَقْرَب - وَهُوَ لَهُ مُجَاوِر - مِنْ قَوْله : { اللَّه يَحْكُم بَيْنكُمْ يَوْم الْقِيَامَة } مُتَبَاعِد مَعَ دُخُول قَوْله : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض } بَيْنهمَا ; فَإِلْحَاقه بِمَا هُوَ أَقْرَب أَوْلَى مَا وُجِدَ لِلْكَلَامِ , وَهُوَ كَذَلِكَ مُخَرَّج فِي التَّأْوِيل صَحِيح .

لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَعْبُد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ دُونه مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ حُجَّة مِنَ السَّمَاء فِي كِتَاب مِنْ كُتُبه الَّتِي أَنْزَلَهَا إِلَى رُسُله , بِأَنَّهَا آلِهَة تَصْلُح عِبَادَتهَا فَيَعْبُدُوهَا , بِأَنَّ اللَّه أَذِنَ لَهُمْ فِي عِبَادَتهَا , وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْم أَنَّهَا آلِهَة .|وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ|يَقُول : وَمَا لِلْكَافِرِينَ بِاللَّهِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الْأَوْثَان مِنْ نَاصِر يَنْصُرهُمْ يَوْم الْقِيَامَة , فَيُنْقِذهُمْ مِنْ عَذَاب اللَّه وَيَدْفَع عَنْهُمْ عِقَابه إِذَا أَرَادَ عِقَابهمْ.

وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتنَا بَيِّنَات } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا تُتْلَى عَلَى مُشْرِكِي قُرَيْش الْعَابِدِينَ مِنْ دُون اللَّه مَا لَمْ يُنَزِّل بِهِ سُلْطَانًا { آيَاتنَا } يَعْنِي : آيَات الْقُرْآن , { بَيِّنَات } يَقُول : وَاضِحَات حُجَجهَا وَأَدِلَّتهَا فِيمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ .|تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ|يَقُول : تَتَبَيَّن فِي وُجُوههمْ مَا يُنْكِرهُ أَهْل الْإِيمَان بِاللَّهِ مِنْ تَغَيُّرهَا , لِسَمَاعِهِمْ بِالْقُرْآنِ .|يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا|وَقَوْله : { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتنَا } يَقُول : يَكَادُونَ يَبْطِشُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَات كِتَاب اللَّه مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِشِدَّةِ تَكَرُّههمْ أَنْ يَسْمَعُوا الْقُرْآن وَيُتْلَى عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { يَسْطُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19194 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَكَادُونَ يَسْطُونَ } يَقُول : يَبْطِشُونَ . )19195 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { يَكَادُونَ يَسْطُونَ } يَقُول : يَقَعُونَ بِمَنْ ذَكَرَهُمْ . )19196 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد : ( { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتنَا } قَالَ : يَكَادُونَ يَقَعُونَ بِهِمْ . )19197 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يَكَادُونَ يَسْطُونَ } قَالَ : يَبْطِشُونَ كُفَّار قُرَيْش . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19198 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتنَا } يَقُول : يَكَادُونَ يَأْخُذُونَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ أَخْذًا .)|قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا|وَقَوْله : { قُلْ أَفَأُنَبِّئكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ } يَقُول : أَفَأُنَبِّئكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ بِأَكْرَه إِلَيْكُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَكَرَّهُونَ قِرَاءَتهمْ الْقُرْآن عَلَيْكُمْ , هِيَ { النَّار } وَعَدَهَا اللَّه الَّذِينَ كَفَرُوا . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ كَانَ يَقُول : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا : وَاللَّه إِنَّ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه لَشَرّ خَلْق اللَّه ! فَقَالَ اللَّه لَهُمْ : قُلْ أَفَأُنَبِّئكُمْ أَيّهَا الْقَائِلُونَ هَذَا الْقَوْل بِشَرٍّ مِنْ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَنْتُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَعَدَهُمْ اللَّه النَّار . وَرُفِعَتْ | النَّار | عَلَى الِابْتِدَاء ; وَلِأَنَّهَا مَعْرِفَة لَا تَصْلُح أَنْ يُنْعَت بِهَا الشَّرّ وَهُوَ نَكِرَة , كَمَا يُقَال : مَرَرْت بِرَجُلَيْنِ : أَخُوك وَأَبُوك , وَلَوْ كَانَتْ مَخْفُوضَة كَانَ جَائِزًا ; وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ نَصْبًا لِلْعَائِدِ مِنْ ذِكْرهَا فِي وَعَدَهَا وَأَنْتَ تَنْوِي بِهَا الِاتِّصَال بِمَا قَبْلهَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَشْرَار الْخَلْق لَا مُحَمَّد وَأَصْحَابه .|وَبِئْسَ الْمَصِيرُ|وَقَوْله : { وَبِئْسَ الْمَصِير } يَقُول : وَبِئْسَ الْمَكَان الَّذِي يَصِير إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ يَوْم الْقِيَامَة .

وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا النَّاس ضُرِبَ مَثَل } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا النَّاس جُعِلَ لِلَّهِ مَثَل وَذُكِرَ . وَمَعْنَى | ضُرِبَ | فِي هَذَا الْمَوْضِع : | جُعِلَ | مِنْ قَوْلهمْ : ضَرَبَ السُّلْطَان عَلَى النَّاس الْبَعْث , بِمَعْنَى : جَعَلَ عَلَيْهِمْ . وَضَرَبَ الْجِزْيَة عَلَى النَّصَارَى , بِمَعْنَى جَعَلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ; وَالْمَثَل : الشَّبَه , يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : جُعِلَ لِي شَبَه أَيّهَا النَّاس , يَعْنِي بِالشَّبَهِ وَالْمَثَل : الْآلِهَة , يَقُول : جَعَلَ لِي الْمُشْرِكُونَ الْأَصْنَام شَبَهًا , فَعَبَدُوهَا مَعِي وَأَشْرَكُوهَا فِي عِبَادَتِي .|مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا|يَقُول : فَاسْتَمِعُوا حَال مَا مَثَّلُوهُ وَجَعَلُوهُ لِي فِي عِبَادَتهمْ إِيَّاهُ شَبَهًا وَصِفَته .|لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا| { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُون اللَّه لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا } يَقُول : إِنَّ جَمِيع مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه مِنَ الْآلِهَة وَالْأَصْنَام لَوْ جُمِعَتْ لَمْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا فِي صِغَره وَقِلَّته ; لِأَنَّهَا لَا تَقْدِر عَلَى ذَلِكَ وَلَا تُطِيقهُ , وَلَوِ اجْتَمَعَ لِخَلْقِهِ جَمِيعهَا . وَالذُّبَاب وَاحِد , وَجَمْعه فِي الْقِلَّة أَذِبَّة وَفِي الْكَثِير ذِبَّان , نَظِير غُرَاب يُجْمَع فِي الْقِلَّة أَغْرِبَة وَفِي الْكَثْرَة غِرْبَان .|لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ|وَقَوْله : { وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا } يَقُول : وَإِنْ يَسْلُب الْآلِهَة وَالْأَوْثَان الذُّبَاب شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهَا مِنْ طِيب وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ شَيْء لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ : يَقُول : لَا تَقْدِر الْآلِهَة أَنْ تَسْتَنْقِذ ذَلِكَ مِنْهُ .|مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ|وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْله : { ضَعُفَ الطَّالِب وَالْمَطْلُوب } فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِالطَّالِبِ : الْآلِهَة , وَبِالْمَطْلُوبِ : الذُّبَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19199 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { ضَعُفَ الطَّالِب } قَالَ : آلِهَتهمْ . { وَالْمَطْلُوب } الذُّبَاب . )وَكَانَ بَعْضهمْ يَقُول : مَعْنَى ذَلِكَ : { ضَعُفَ الطَّالِب } مِنْ بَنِي آدَم إِلَى الصَّنَم حَاجَته , { وَالْمَطْلُوب } إِلَيْهِ الصَّنَم أَنْ يُعْطِي سَائِله مِنْ بَنِي آدَم مَا سَأَلَهُ , يَقُول : ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ وَعَجَزَ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا مَا ذَكَرْته عَنِ ابْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ : وَعَجَزَ الطَّالِب وَهُوَ الْآلِهَة أَنْ تَسْتَنْقِذ مِنَ الذُّبَاب مَا سَلَبَهَا إِيَّاهُ , وَهُوَ الطِّيب وَمَا أَشْبَهَهُ ; وَالْمَطْلُوب : الذُّبَاب . وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا الْقَوْل أَوْلَى بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاق الْخَبَر عَنِ الْآلِهَة وَالذُّبَاب , فَأَنْ يَكُون ذَلِكَ خَبَرًا عَمَّا هُوَ بِهِ مُتَّصِل أَشْبَه مِنْ أَنْ يَكُون خَبَرًا عَمَّا هُوَ عَنْهُ مُنْقَطِع . وَإِنَّمَا أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنِ الْآلِهَة بِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ ضَعْفهَا وَمَهَانَتهَا , تَقْرِيعًا مِنْهُ بِذَلِكَ عَبَدَتهَا مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَيْفَ يُجْعَل مَثَل فِي الْعِبَادَة وَيُشْرَك فِيهَا مَعِي مَا لَا قُدْرَة لَهُ عَلَى خَلْق ذُبَاب , وَإِنْ أَخَذَ لَهُ الذُّبَاب فَسَلَبَهُ شَيْئًا عَلَيْهِ لَمْ يَقْدِر أَنْ يَمْتَنِع مِنْهُ وَلَا يَنْتَصِر , وَأَنَا الْخَالِق مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَالِك جَمِيع ذَلِكَ , وَالْمُحْيِي مَنْ أَرَدْت وَالْمُمِيت مَا أَرَدْت وَمَنْ أَرَدْت . إِنَّ فَاعِل ذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ فِي غَايَة الْجَهْل .

فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا

وَقَوْله : { مَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره } يَقُول : مَا عَظَّمَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا الْآلِهَة لِلَّهِ شَرِيكًا فِي الْعِبَادَة حَقّ عَظَمَته حِين أَشْرَكُوا بِهِ غَيْره , فَلَمْ يُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة وَلَا عَرَفُوهُ حَقّ مَعْرِفَته ; مِنْ قَوْلهمْ : مَا عَرَفْت لِفُلَانٍ قَدْره إِذَا خَاطَبُوا بِذَلِكَ مَنْ قَصَّرَ بِحَقِّهِ وَهُمْ يُرِيدُونَ تَعْظِيمه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19200 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَإِنْ يَسْلُبهُمُ الذُّبَاب شَيْئًا } ... إِلَى آخِر الْآيَة , قَالَ : هَذَا مَثَل ضَرَبَهُ اللَّه لِآلِهَتِهِمْ . وَقَرَأَ : { ضَعُفَ الطَّالِب وَالْمَطْلُوب مَا قَدَرُوا اللَّه حَقّ قَدْره } حِين يَعْبُدُونَ مَعَ اللَّه مَا لَا يَنْتَصِف مِنَ الذُّبَاب وَلَا يَمْتَنِع مِنْهُ .)|إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ } يَقُول : إِنَّ اللَّه لَقَوِيّ عَلَى خَلْق مَا يَشَاء مِنْ صَغِير مَا يَشَاء مِنْ خَلْقه وَكَبِيره .|عَزِيزٌ|يَقُول : مَنِيع فِي مُلْكه لَا يَقْدِر شَيْء دُونه أَنْ يَسْلُبهُ مِنْ مُلْكه شَيْئًا , وَلَيْسَ كَآلِهَتِكُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونه الَّذِينَ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى خَلْق ذُبَاب وَلَا عَلَى الِامْتِنَاع مِنَ الذُّبَاب إِذَا اسْتَلَبَهَا شَيْئًا ضَعْفًا وَمَهَانَة.

وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { اللَّه يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَة رُسُلًا وَمِنَ النَّاس } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه يَخْتَار مِنَ الْمَلَائِكَة رُسُلًا كَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل اللَّذَيْنِ كَانَا يُرْسِلهُمَا إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَمَنْ شَاءَ مِنْ عِبَاده وَمِنَ النَّاس , كَأَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَى عِبَاده مِنْ بَنِي آدَم . وَمَعْنَى الْكَلَام : اللَّه يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَة رُسُلًا , وَمِنَ النَّاس أَيْضًا رُسُلًا . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة لَمَّا قَالَ الْمُشْرِكُونَ : أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْر مِنْ بَيْننَا , فَقَالَ اللَّه لَهُمْ : ذَلِكَ إِلَيَّ وَبِيَدِي دُون خَلْقِي , أَخْتَار مَنْ شِئْت مِنْهُمْ لِلرِّسَالَةِ .|إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ|وَقَوْله : { إِنَّ اللَّه سَمِيع بَصِير } يَقُول : إِنَّ اللَّه سَمِيع لِمَا يَقُول الْمُشْرِكُونَ فِي مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّه , بَصِير بِمَنْ يَخْتَارهُ لِرِسَالَتِهِ مِنْ خَلْقه .

وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَعْلَم مَا بَيْن أَيْدِيهمْ وَمَا خَلْفهمْ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه يَعْلَم مَا كَانَ بَيْن أَيْدِي مَلَائِكَته وَرُسُله , مِنْ قَبْل أَنْ يَخْلُقهُمْ وَمَا خَلْفهمْ , يَقُول : وَيَعْلَم مَا هُوَ كَائِن بَعْد فَنَائِهِمْ .|وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ|يَقُول : إِلَى اللَّه فِي الْآخِرَة تَصِير إِلَيْهِ أُمُور الدُّنْيَا , وَإِلَيْهِ تَعُود كَمَا كَانَ مِنْهُ الْبَدْء .

وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِي آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله { ارْكَعُوا } لِلَّهِ فِي صَلَاتكُمْ { وَاسْجُدُوا } لَهُ فِيهَا .|وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا|يَقُول : وَذِلُّوا لِرَبِّكُمْ , وَاخْضَعُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ ,|رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا|الَّذِي أَمَرَكُمْ رَبّكُمْ بِفِعْلِهِ ;|الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ|يَقُول : لِتُفْلِحُوا بِذَلِكَ , فَتُدْرِكُوا بِهِ طَلَبَاتكُمْ عِنْد رَبّكُمْ.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده } </subtitle>وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : وَجَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ فِي سَبِيل اللَّه حَقّ جِهَاده . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19201 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي سُلَيْمَان بْن بِلَال , عَنْ ثَوْر بْن زَيْد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده } كَمَا جَاهَدْتُمْ أَوَّل مَرَّة فَقَالَ عُمَر : مَنْ أُمِرَ بِالْجِهَادِ ؟ قَالَ : قَبِيلَتَانِ مِنْ قُرَيْش مَخْزُوم وَعَبْد شَمْس , فَقَالَ عُمَر : صَدَقْت ! . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : لَا تَخَافُوا فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم . قَالُوا : وَذَلِكَ هُوَ حَقّ الْجِهَاد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19202 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَجَاهِدُوا فِي اللَّه حَقّ جِهَاده } لَا تَخَافُوا فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : اعْمَلُوا بِالْحَقِّ حَقّ عَمَله , وَهَذَا قَوْل ذَكَرَهُ عَنِ الضَّحَّاك بَعْض مَنْ فِي رِوَايَته نَظَر . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِهِ الْجِهَاد فِي سَبِيل اللَّه ; لِأَنَّ الْمَعْرُوف مِنَ الْجِهَاد ذَلِكَ , وَهُوَ الْأَغْلَب عَلَى قَوْل الْقَائِل : جَاهَدْت فِي اللَّه. وَحَقّ الْجِهَاد : هُوَ اسْتِفْرَاغ الطَّاقَة فِيهِ .|هُوَ اجْتَبَاكُمْ|وَقَوْله : { هُوَ اجْتَبَاكُمْ } يَقُول : هُوَ اخْتَارَكُمْ لِدِينِهِ , وَاصْطَفَاكُمْ لِحَرْبِ أَعْدَائِهِ وَالْجِهَاد فِي سَبِيله وَقَالَ ابْن زَيْد فِي ذَلِكَ , مَا : 19203 - حَدَّثَنِي بِهِ يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { هُوَ اجْتَبَاكُمْ } قَالَ : هُوَ هَدَاكُمْ .)|وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ|وَقَوْله : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ رَبّكُمْ فِي الدِّين الَّذِي تَعَبَّدَكُمْ بِهِ مِنْ ضِيق , لَا مَخْرَج لَكُمْ مِمَّا ابْتُلِيتُمْ بِهِ فِيهِ ; بَلْ وَسَّعَ عَلَيْكُمْ , فَجَعَلَ التَّوْبَة مِنْ بَعْض مَخْرَجًا , وَالْكَفَّارَة مِنْ بَعْض , وَالْقِصَاص مِنْ بَعْض , فَلَا ذَنْب يُذْنِب الْمُؤْمِن إِلَّا وَلَهُ مِنْهُ فِي دِين الْإِسْلَام مَخْرَج . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19204 - حَدَّثَنِي يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْن زَيْد , عَنِ ابْن شِهَاب , قَالَ : (سَأَلَ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } فَقَالَ عَلِيّ بْن عَبْد اللَّه : الْحَرَج : الضِّيق , فَجَعَلَ اللَّه الْكَفَّارَات مَخْرَجًا مِنْ ذَلِكَ , سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَقُول ذَلِكَ . )19205 -قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : ثني سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد , قَالَ : (سَمِعْت ابْن عَبَّاس يَسْأَل عَنْ : { مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } , قَالَ : مَا هَا هُنَا مِنْ هُذَيْل أَحَد ؟ فَقَالَ رَجُل : نَعَمْ , قَالَ : مَا تَعُدُّونَ الْحَرَجَة فِيكُمْ ؟ قَالَ : الشَّيْء الضَّيِّق . قَالَ ابْن عَبَّاس : فَهُوَ كَذَلِكَ . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ ابْن عُيَيْنَة , عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد , قَالَ : سَمِعْت ابْن عَبَّاس , وَذَكَرَ نَحْوه , إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : فَقَالَ ابْن عَبَّاس : أَهَا هُنَا أَحَد مِنْ هُذَيْل ؟ فَقَالَ رَجُل : أَنَا , فَقَالَ أَيْضًا : مَا تَعُدُّونَ الْحَرَج ؟ وَسَائِر الْحَدِيث مِثْله . 19206 -حَدَّثَنِي عِمْرَان بْن بَكَّار الْكُلَاعِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن صَالِح , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن حَمْزَة , عَنِ الْحَكَم بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : سَمِعْت الْقَاسِم بْن مُحَمَّد يُحَدِّث , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : (سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : | هُوَ الضِّيق . )19207 -حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثنا يَزِيد بْن زُرَيْع , قَالَ : ثنا أَبُو خَلْدَة , قَالَ : (قَالَ لِي أَبُو الْعَالِيَة : أَتَدْرِي مَا الْحَرَج ؟ قُلْت : لَا أَدْرِي . قَالَ : الضِّيق . وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } . )19208 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا حَمَّاد بْن مَسْعَدَة , عَنْ عَوْف , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : مِنْ ضِيق . )19209 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن بُنْدُق , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي خَلْدَة , قَالَ : (قَالَ لِي أَبُو الْعَالِيَة : هَلْ تَدْرِي مَا الْحَرَج ؟ قُلْت لَا , قَالَ : الضِّيق , إِنَّ اللَّه لَمْ يُضَيِّق عَلَيْكُمْ , لَمْ يَجْعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج . )19210 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنِ ابْن عَوْن , (عَنِ الْقَاسِم أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَة : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : تَدْرُونَ مَا الْحَرَج ؟ قَالَ : الضِّيق . )19211 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (إِذَا تَعَاجَمَ شَيْء مِنَ الْقُرْآن , فَانْظُرُوا فِي الشِّعْر , فَإِنَّ الشِّعْر عَرَبِيّ , ثُمَّ دَعَا ابْن عَبَّاس أَعْرَابِيًّا , فَقَالَ : مَا الْحَرَج ؟ قَالَ : الضِّيق . قَالَ : صَدَقْت ! )19212 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : مِنْ ضِيق . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : { مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } مِنْ ضِيق فِي أَوْقَات فُرُوضكُمْ إِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمْ , وَلَكِنَّهُ قَدْ وَسَّعَ عَلَيْكُمْ حَتَّى تَيَقَّنُوا مَحَلّهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19213 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ عُثْمَان بْن بَشَّار , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : هَذَا فِي هِلَال شَهْر رَمَضَان إِذَا شَكَّ فِيهِ النَّاس , وَفِي الْحَجّ إِذَا شَكُّوا فِي الْهِلَال , وَفِي الْفِطْر وَالْأَضْحَى إِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِمْ , وَأَشْبَاهه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مَا جَعَلَ فِي الْإِسْلَام مِنْ ضِيق , بَلْ وَسَّعَهُ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19214 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } يَقُول : مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الْإِسْلَام مِنْ ضِيق هُوَ وَاسِع , وَهُوَ مِثْل قَوْله فِي الْأَنْعَام : { فَمَنْ يُرِدْ اللَّه أَنْ يَهْدِيه يَشْرَح صَدْره لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلّهُ يَجْعَل صَدْره ضَيِّقًا حَرَجًا } [6 125 ]يَقُول : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضِلّهُ يُضَيِّق عَلَيْهِ صَدْره , حَتَّى يَجْعَل عَلَيْهِ الْإِسْلَام ضَيِّقًا , وَالْإِسْلَام وَاسِع . )19215 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } يَقُول : مِنْ ضِيق , يَقُول : جَعَلَ الدِّين وَاسِعًا وَلَمْ يَجْعَلهُ ضَيِّقًا .)|مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ|وَقَوْله : { مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم } نَصْب مِلَّة بِمَعْنَى : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج , بَلْ وَسَّعَهُ , كَمِلَّةِ أَبِيكُمْ فَلَمَّا لَمْ يَجْعَل فِيهَا الْكَاف اتَّصَلَتْ بِالْفِعْلِ الَّذِي قَبْلهَا فَنُصِبَتْ , وَقَدْ يَحْتَمِل نَصْبهَا أَنْ تَكُون عَلَى وَجْه الْأَمْر بِهَا ; لِأَنَّ الْكَلَام قَبْله أَمْر , فَكَأَنَّهُ قِيلَ : ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَالْزَمُوا مِلَّة أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم .|هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا|وَقَوْله : { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : سَمَّاكُمْ يَا مَعْشَر مَنْ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19216 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ } يَقُول : اللَّه سَمَّاكُمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء بْن ابْن أَبِي رَبَاح , أَنَّهُ سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول : (اللَّه سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل . )19217 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , وَحَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق جَمِيعًا , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : اللَّه سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل . )19218 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : اللَّه سَمَّاكُمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19219 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : (سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل } يَقُول : اللَّه سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : إِبْرَاهِيم سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ; وَقَالُوا هُوَ كِنَايَة مِنْ ذِكْر إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19220 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : أَلَا تَرَى قَوْل إِبْرَاهِيم { وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا أُمَّة مُسْلِمَة لَك } [2 128 ]قَالَ : هَذَا قَوْل إِبْرَاهِيم ; { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ } وَلَمْ يَذْكُر اللَّه بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان غَيْر هَذِهِ الْأُمَّة , ذُكِرَتْ بِالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَام جَمِيعًا , وَلَمْ نَسْمَع بِأُمَّةٍ ذُكِرَتْ إِلَّا بِالْإِيمَانِ . )وَلَا وَجْه لِمَا قَالَ ابْن زَيْد مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يُسَمِّ أُمَّة مُحَمَّد مُسْلِمِينَ فِي الْقُرْآن ; لِأَنَّ الْقُرْآن أُنْزِلَ مِنْ بَعْده بِدَهْرٍ طَوِيل , وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره : { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل وَفِي هَذَا } وَلَكِنَّ الَّذِي سَمَّانَا مُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل نُزُول الْقُرْآن وَفِي الْقُرْآن اللَّه الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَال . وَأَمَّا قَوْله : { مِنْ قَبْل } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مِنْ قَبْل نُزُول هَذَا الْقُرْآن فِي الْكُتُب الَّتِي نَزَلَتْ قَبْله . { وَفِي هَذَا } يَقُول : وَفِي هَذَا الْكِتَاب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19221 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ . ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل } وَفِي هَذَا الْقُرْآن . )19222 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : ( { مِنْ قَبْل } قَالَ : فِي الْكُتُب كُلّهَا وَالذِّكْر { وَفِي هَذَا } يَعْنِي الْقُرْآن .)|لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ|وَقَوْله : { لِيَكُونَ الرَّسُول شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اجْتَبَاكُمُ اللَّه وَسَمَّاكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَآيَاته , مِنْ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمِينَ , لِيَكُونَ مُحَمَّد رَسُول اللَّه شَهِيدًا عَلَيْكُمْ يَوْم الْقِيَامَة بِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَكُمْ مَا أُرْسِلَ بِهِ إِلَيْكُمْ , وَتَكُونُوا أَنْتُمْ شُهَدَاء حِينَئِذٍ عَلَى الرُّسُل أَجْمَعِينَ أَنَّهُمْ قَدْ بَلَّغُوا أُمَمهمْ مَا أُرْسِلُوا بِهِ إِلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19223 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل } قَالَ : اللَّه سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل . { وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُول شَهِيدًا عَلَيْكُمْ } بِأَنَّهُ بَلَّغَكُمْ . { وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس } أَنَّ رُسُلهمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ . )19224 - وَبِهِ عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّة مَا لَمْ يُعْطَهُ إِلَّا نَبِيّ , كَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ : اذْهَبْ فَلَيْسَ عَلَيْك حَرَج ! وَقَالَ اللَّه : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج } , وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ شَهِيد عَلَى قَوْمك ! وَقَالَ اللَّه { لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس } وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْ تُعْطَهُ ! وَقَالَ اللَّه : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } . )[40 60 ]* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّة ثَلَاثًا لَمْ يُعْطَهَا إِلَّا نَبِيّ , كَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اذْهَبْ فَلَيْسَ عَلَيْك حَرَج ! فَقَالَ اللَّه : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّين مِنْ حَرَج } قَالَ : وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ شَهِيد عَلَى قَوْمك ! وَقَالَ اللَّه : { لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس } وَكَانَ يُقَال لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْ تُعْطَهُ ! وَقَالَ اللَّه { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } . )[40 60]|فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ|الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة } يَقُول : فَأَدُّوا الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة لِلَّهِ عَلَيْكُمْ بِحُدُودِهَا , وَآتُوا الزَّكَاة الْوَاجِبَة عَلَيْكُمْ فِي أَمْوَالكُمْ.|وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ|يَقُول : وَثِقُوا بِاللَّهِ , وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فِي أُمُوركُمْ .|فَنِعْمَ الْمَوْلَى|يَقُول : فَنِعْمَ الْوَلِيّ اللَّه لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُمْ , فَأَقَامَ الصَّلَاة وَآتَى الزَّكَاة وَجَاهَدَ فِي سَبِيل اللَّه حَقّ جِهَاده وَاعْتَصَمَ بِهِ .|وَنِعْمَ النَّصِيرُ|يَقُول : وَنِعْمَ النَّاصِر هُوَ لَهُ عَلَى مَنْ بَغَاهُ بِسُوءٍ .

قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } . </subtitle>قَالَ أَبُو جَعْفَر : يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } قَدْ أَدْرَكَ الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَقَرُّوا بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَعَمِلُوا بِمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِمَّا سَمَّى فِي هَذِهِ الْآيَات , الْخُلُود فِي جَنَّات رَبّهمْ وَفَازُوا بِطِلْبَتِهِمْ لَدَيْهِ . كَمَا : 19225 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } قَالَ : قَالَ كَعْب : لَمْ يَخْلُق اللَّه بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة : خَلَقَ آدَم بِيَدِهِ , وَكَتَبَ التَّوْرَاة بِيَدِهِ , وَغَرَسَ جَنَّة عَدَن بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ! فَقَالَتْ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } لِمَا عَلِمَتْ فِيهَا مِنَ الْكَرَامَة . )19226 -حَدَّثَنَا سَهْل بْن مُوسَى الرَّازِيّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن الضُّرَيْس , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رُفَيْع , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (لَمَّا غَرَسَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْجَنَّة , نَظَرَ إِلَيْهَا فَقَالَ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } . )19227 - قَالَ : ثنا حَفْص بْن عُمَر , عَنْ أَبِي خَلْدَة , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , قَالَ : (لَمَّا خَلَقَ اللَّه الْجَنَّة قَالَ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } فَأَنْزَلَ اللَّه بِهِ قُرْآنًا . )19228 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جُبَيْر , عَنْ عَطَاء , عَنْ مَيْسَرَة , قَالَ : (لَمْ يَخْلُق اللَّه شَيْئًا بِيَدِهِ غَيْر أَرْبَعَة أَشْيَاء : خَلَقَ آدَم بِيَدِهِ , وَكَتَبَ الْأَلْوَاح بِيَدِهِ , وَالتَّوْرَاة بِيَدِهِ , وَغَرَسَ عَدَنًا بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } . )

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ إِذَا قَامُوا فِيهَا خَاشِعُونَ ; وَخُشُوعهمْ فِيهَا تَذَلُّلهمْ لِلَّهِ فِيهَا بِطَاعَتِهِ , وَقِيَامهمْ فِيهَا بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْقِيَامِ بِهِ فِيهَا . وَقِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ مِنْ أَجْل أَنَّ الْقَوْم كَانُوا يَرْفَعُونَ أَبْصَارهمْ فِيهَا إِلَى السَّمَاء قَبْل نُزُولهَا , فَنُهُوا بِهَذِهِ الْآيَة عَنْ ذَلِكَ . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 19229 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت خَالِدًا , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , قَالَ : (كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى نَظَرَ إِلَى السَّمَاء , فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : فَجَعَلَ بَعْد ذَلِكَ وَجْهه حَيْثُ يَسْجُد . )19230 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا هَارُون بْن الْمُغِيرَة عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الْحَجَّاج الصَّوَّاف , عَنِ ابْن سِيرِينَ , قَالَ : (كَانَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَبْصَارهمْ فِي الصَّلَاة إِلَى السَّمَاء ; حَتَّى نَزَلَتْ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } فَقَالُوا بَعْد ذَلِكَ بِرُءُوسِهِمْ هَكَذَا . )19231 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , قَالَ : ( نُبِّئْت أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى رَفَعَ بَصَره إِلَى السَّمَاء , فَنَزَلَتْ آيَة - إِنْ لَمْ تَكُنْ { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } فَلَا أَدْرِي أَيَّة آيَة هِيَ - قَالَ : فَطَأْطَأَ . )قَالَ : وَقَالَ مُحَمَّد : وَكَانُوا يَقُولُونَ : لَا يُجَاوِز بَصَره مُصَلَّاهُ , فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَعَادَ النَّظَر فَلْيُغْمِضْ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنِ ابْن عَوْن , عَنْ مُحَمَّد نَحْوه . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الَّذِي عُنِيَ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِع مِنَ الْخُشُوع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ سُكُون الْأَطْرَاف فِي الصَّلَاة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19232 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : السُّكُون فِيهَا . )19233 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الزُّهْرِيّ : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : سُكُون الْمَرْء فِي صَلَاته . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الزُّهْرِيّ , مِثْله . 19234 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنِ الثَّوْرِيّ , عَنْ أَبِي سُفْيَان الشَّيْبَانِيّ , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : (سُئِلَ عَنْ قَوْله : { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : لَا تَلْتَفِت فِي صَلَاتك . )19235 - حَدَّثَنَا عَبْد الْجَبَّار بْن يَحْيَى الرَّمْلِيّ , قَالَ : قَالَ ضَمْرَة بْن رَبِيعَة , عَنْ أَبِي شَوْذَب , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : كَانَ خُشُوعهمْ فِي قُلُوبهمْ , فَغَضُّوا بِذَلِكَ الْبَصَر وَخَفَضُوا بِهِ الْجَنَاح . )19236 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ إِبْرَاهِيم , فِي قَوْله : ( { خَاشِعُونَ } قَالَ : الْخُشُوع فِي الْقَلْب , وَقَالَ : سَاكِنُونَ . )* - قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثني خَالِد بْن عَبْد اللَّه , عَنِ الْمَسْعُودِيّ , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ رَجُل مِنْ قَوْمه , عَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ : (الْخُشُوع فِي الْقَلْب , وَأَنْ تُلِين لِلْمَرْءِ الْمُسْلِم كَنَفك , وَلَا تَلْتَفِت . )19237 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء بْن أَبِي رَبَاح , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : التَّخَشُّع فِي الصَّلَاة . )وَقَالَ لِي غَيْر عَطَاء : (كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ فِي الصَّلَاة نَظَرَ عَنْ يَمِينه وَيَسَاره وَوِجَاهه , حَتَّى نَزَلَتْ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } فَمَا رُئِيَ بَعْد ذَلِكَ يَنْظُر إِلَّا إِلَى الْأَرْض . )وَقَالَ آخَرُونَ : عُنِيَ بِهِ الْخَوْف فِي هَذَا الْمَوْضِع . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19238 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ : خَائِفُونَ . )19239 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } قَالَ الْحَسَن : خَائِفُونَ . وَقَالَ قَتَادَة : الْخُشُوع فِي الْقَلْب . )19240 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ خَاشِعُونَ } يَقُول : خَائِفُونَ سَاكِنُونَ . )وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى قَبْل مِنْ كِتَابنَا أَنَّ الْخُشُوع التَّذَلُّل وَالْخُضُوع بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَلَمْ يَكُنَ اللَّه تَعَالَى ذِكْره دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَاده مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى دُون مَعْنًى فِي عَقْل وَلَا خَبَر , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ مَعْنَى مُرَاده مِنْ ذَلِكَ الْعُمُوم , وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَتَأْوِيل الْكَلَام مَا وَصَفْت مِنْ قَبْل مِنْ أَنَّهُ : وَالَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتهمْ مُتَذَلِّلُونَ لِلَّهِ بِإِدَامَةِ مَا أَلْزَمَهُمْ مِنْ فَرْضه وَعِبَادَته , وَإِذَا تَذَلَّلَ لِلَّهِ فِيهَا الْعَبْد رُئِيَتْ ذِلَّة خُضُوعه فِي سُكُون أَطْرَافه وَشَغْله بِفَرْضِهِ وَتَرْكه مَا أُمِرَ بِتَرْكِهِ فِيهَا .

الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ الْبَاطِل وَمَا يَكْرَههُ اللَّه مِنْ خَلْقه مُعْرِضُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19241 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ } يَقُول : الْبَاطِل . )19242 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن : ( { عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ } قَالَ : عَنِ الْمَعَاصِي . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْحَسَن , مِثْله . 19243 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْو مُعْرِضُونَ } قَالَ : النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ صَحَابَته , مِمَّنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ , كَانُوا عَنِ اللَّغْو مُعْرِضِينَ .)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَالَّذِينَ هُمْ لِزَكَاةِ أَمْوَالهمْ الَّتِي فَرَضَهَا اللَّه عَلَيْهِمْ فِيهَا مُؤَدُّونَ , وَفِعْلهمْ الَّذِي وُصِفُوا بِهِ هُوَ أَدَاؤُهُمُوهَا .

تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا

يَقُول : وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِ أَنْفُسهمْ , وَعَنَى بِالْفُرُوجِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : فُرُوج الرِّجَال , وَذَلِكَ أَقْبَالهمْ .|حَافِظُونَ|يَحْفَظُونَهَا مِنْ أَعْمَالهَا فِي شَيْء مِنَ الْفُرُوج .

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا

يَقُول : إِلَّا مِنْ أَزْوَاجهمْ اللَّاتِي أَحَلَّهُنَّ اللَّه لِلرِّجَالِ بِالنِّكَاحِ .|أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ|يَعْنِي بِذَلِكَ : إِمَاءَهُمْ . وَ | مَا | الَّتِي فِي قَوْله : { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ } فِي مَحَلّ خَفْض عَطْفًا عَلَى الْأَزْوَاج . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19244 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجهمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ فَإِنَّهُمْ غَيْر مَلُومِينَ } يَقُول : رَضِيَ اللَّه لَهُمْ إِتْيَانهمْ أَزْوَاجهمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانهمْ .)|فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ|يَقُول : فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْفَظ فَرْجه عَنْ زَوْجه وَمِلْك يَمِينه , وَحَفِظَهُ عَنْ غَيْره مِنَ الْخَلْق , فَإِنَّهُ غَيْر مُوَبَّخ عَلَى ذَلِكَ وَلَا مَذْمُوم وَلَا هُوَ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ رَاكِب ذَنْبًا يُلَام عَلَيْهِ .

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا

يَقُول : فَمَنِ الْتَمَسَ لِفَرْجِهِ مَنْكِحًا سِوَى زَوْجَته وَمِلْك يَمِينه , { فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } يَقُول : فَهُمُ الْعَادُونَ حُدُود اللَّه , الْمُجَاوِزُونَ مَا أَحَلَّ اللَّه لَهُمْ إِلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19245 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَالَ : (نَهَاهُمْ اللَّه نَهْيًا شَدِيدًا , فَقَالَ : { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } فَسَمَّى الزَّانِي مِنَ الْعَادِينَ . )19246 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } قَالَ : الَّذِينَ يَتَعَدَّوْنَ الْحَلَال إِلَى الْحَرَام . )19247 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن , فِي قَوْله : ( { فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ } قَالَ : مَنْ زَنَى فَهُوَ عَادٍ.)

وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدهمْ رَاعُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ } الَّتِي اؤْتُمِنُوا عَلَيْهَا وَعَهْدهمْ , وَهُوَ عُقُودهمْ الَّتِي عَاقَدُوا النَّاس ; { رَاعُونَ } يَقُول : حَافِظُونَ لَا يُضَيِّعُونَ , وَلَكِنَّهُمْ يُوفُونَ بِذَلِكَ كُلّه . وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار إِلَّا ابْن كَثِير : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ } عَلَى الْجَمْع , وَقَرَأَ ذَلِكَ ابْن كَثِير : | لِأَمَانَتِهِمْ | عَلَى الْوَاحِدَة . وَالصَّوَاب مِنَ الْقِرَاءَة فِي ذَلِكَ عِنْدنَا : { لِأَمَانَاتِهِمْ } لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهَا .

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا

يَقُول : وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى أَوْقَات صَلَاتهمْ يُحَافِظُونَ , فَلَا يُضَيِّعُونَهَا وَلَا يَشْتَغِلُونَ عَنْهَا حَتَّى تَفُوتهُمْ , وَلَكِنَّهُمْ يُرَاعُونَهَا حَتَّى يُؤَدُّوهَا فِيهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19248 -حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق : ( { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ } قَالَ : عَلَى وَقْتهَا . )* - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مَسْرُوق : ( { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ } عَلَى مِيقَاتهَا . )19249 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الرَّحْمَن الْبَرْقِيّ , قَالَ : ثنا ابْن أَبِي مَرْيَم , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن أَيُّوب , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن زَحْر , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم بْن صُبَيْح . قَالَ : ( { الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ } قَالَ : إِقَام الصَّلَاة لِوَقْتِهَا . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : عَلَى صَلَوَاتهمْ دَائِمُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19250 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : ( { عَلَى صَلَوَاتهمْ يُحَافِظُونَ } قَالَ : دَائِمُونَ. قَالَ : يَعْنِي بِهَا الْمَكْتُومَة .)

إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتهمْ فِي الدُّنْيَا , هُمُ الْوَارِثُونَ يَوْم الْقِيَامَة مَنَازِل أَهْل النَّار مِنَ الْجَنَّة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , رُوِيَ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَأَوَّلَهُ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر الرِّوَايَة بِذَلِكَ : 19251 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلَّا وَلَهُ مَنْزِلَانِ : مَنْزِل فِي الْجَنَّة , وَمَنْزِل فِي النَّار , وَإِنْ مَاتَ وَدَخَلَ النَّار وَرِثَ أَهْل الْجَنَّة مَنْزِله | )فَذَلِكَ قَوْله : { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } . 19252 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , فِي قَوْله , ( { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } قَالَ : يَرِثُونَ مَسَاكِنهمْ وَمَسَاكِن إِخْوَانهمْ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهُمْ لَوْ أَطَاعُوا اللَّه . )* - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , ( { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ } قَالَ : يَرِثُونَ مَسَاكِنهمْ وَمَسَاكِن إِخْوَانهمْ الَّذِينَ أُعِدَّتْ لَهُمْ لَوْ أَطَاعُوا اللَّه . )19253 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : (الْوَارِثُونَ الْجَنَّة أُورِثْتُمُوهَا , وَالْجَنَّة الَّتِي نُورِث مِنْ عِبَادنَا , هُنَّ سَوَاء . )قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ مُجَاهِد : (يَرِث الَّذِي مِنْ أَهْل الْجَنَّة أَهْله وَأَهْل غَيْره , وَمَنْزِل الَّذِينَ مِنْ أَهْل النَّار هُمْ يَرِثُونَ أَهْل النَّار , فَلَهُمْ مَنْزِلَانِ فِي الْجَنَّة وَأَهْلَانِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ مَنْزِل فِي الْجَنَّة وَمَنْزِل فِي النَّار , فَأَمَّا الْمُؤْمِن فَيَبْنِي مَنْزِله الَّذِي فِي الْجَنَّة وَيَهْدِم مَنْزِله الَّذِي فِي النَّار , وَأَمَّا الْكَافِر فَيَهْدِم مَنْزِله الَّذِي فِي الْجَنَّة وَيَبْنِي مَنْزِله الَّذِي فِي النَّار . )قَالَ ابْن جُرَيْج عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ مِثْل ذَلِكَ .

وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { الَّذِينَ يَرِثُونَ } الْبُسْتَان ذَا الْكَرْم , وَهُوَ الْفِرْدَوْس عِنْد الْعَرَب . وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول : هُوَ بِالرُّومِيَّةِ . 19254 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس } قَالَ : الْفِرْدَوْس : بُسْتَان بِالرُّومِيَّةِ . )19255 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (عَدَن حَدِيقَة فِي الْجَنَّة قَصْرهَا فِيهَا عَدَنهَا خَلَقَهَا بِيَدِهِ , تُفْتَح كُلّ فَجْر فَيَنْظُر فِيهَا ثُمَّ يَقُول : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } , قَالَ : هِيَ الْفِرْدَوْس أَيْضًا تِلْكَ الْحَدِيقَة , قَالَ مُجَاهِد : غَرَسَهَا اللَّه بِيَدِهِ ; فَلَمَّا بَلَغَتْ قَالَ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ثُمَّ أَمَرَ بِهَا تُغْلَق , فَلَا يَنْظُر فِيهَا خَلْق وَلَا مَلَك مُقَرَّب , ثُمَّ تُفْتَح كُلّ سَحَر فَيَنْظُر فِيهَا فَيَقُول : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ثُمَّ تُغْلَق إِلَى مِثْلهَا . )19256 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (قُتِلَ حَارِثَة بْن سُرَاقَة يَوْم بَدْر , فَقَالَتْ أُمّه : يَا رَسُول اللَّه , إِنْ كَانَ ابْنِي مِنْ أَهْل الْجَنَّة لَمْ أَبْكِ عَلَيْهِ , وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل النَّار بَالَغْت فِي الْبُكَاء . قَالَ : | يَا أُمّ حَارِثَة , إِنَّهَا جَنَّتَانِ فِي جَنَّة , وَإِنَّ ابْنك قَدْ أَصَابَ الْفِرْدَوْس الْأَعْلَى مِنَ الْجَنَّة . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19257 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ كَعْب , قَالَ : (خَلَقَ اللَّه بِيَدِهِ جَنَّة الْفِرْدَوْس , غَرَسَهَا بِيَدِهِ , ثُمَّ قَالَ : تَكَلَّمِي ! قَالَتْ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } . )19258 - قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ حُسَام بْن مِصَكّ , عَنْ قَتَادَة أَيْضًا , مِثْله , غَيْر أَنَّهُ قَالَ : (تَكَلَّمِي , قَالَتْ : طُوبَى لِلْمُتَّقِينَ . )19259 -قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن يَزِيد , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي دَاوُد نُفَيْع , قَالَ : (لَمَّا خَلَقَهَا اللَّه , قَالَ لَهَا : تَزَيَّنِي ! فَتَزَيَّنَتْ ; ثُمَّ قَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ! فَقَالَتْ : طُوبَى لِمَنْ رَضِيت عَنْهُ .)|هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ|وَقَوْله : { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يَعْنِي مَاكِثُونَ فِيهَا , يَقُول : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْس خَالِدُونَ , يَعْنِي مَاكِثُونَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَتَحَوَّلُونَ عَنْهَا .

وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين } أَسَلَلْنَاهُ مِنْهُ , فَالسُّلَالَة هِيَ الْمُسْتَلَّة مِنْ كُلّ تُرْبَة ; وَلِذَلِكَ كَانَ آدَم خُلِقَ مِنْ تُرْبَة أُخِذَتْ مِنْ أَدِيم الْأَرْض . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل عَلَى اخْتِلَاف مِنْهُمْ فِي الْمَعْنِيّ بِالْإِنْسَانِ فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِهِ آدَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19260 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { مِنْ طِين } قَالَ : اسْتُلَّ آدَم مِنَ الطِّين . )19261 -حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين } قَالَ : اسْتُلَّ آدَم مِنْ طِين , وَخُلِقَتْ ذُرِّيَّته مِنْ مَاء مَهِين . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَقَدْ خَلَقْنَا وَلَد آدَم , وَهُوَ الْإِنْسَان الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَوْضِع , مِنْ سُلَالَة , وَهِيَ النُّطْفَة الَّتِي اسْتُلَّتْ مِنْ ظَهْر الْفَحْل مِنْ طِين , وَهُوَ آدَم الَّذِي خُلِقَ مِنْ طِين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19262 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنِ الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنِ ابْن عَبَّاس : ( { مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين } قَالَ : صَفْوَة الْمَاء . )19263 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : ( { مِنْ سُلَالَة } مِنْ مَنِيّ آدَم . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم . قَالَ : ثنا الْحُسَيْن . قَالَ : ثني حَجَّاج . عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : وَلَقَدْ خَلَقْنَا ابْن آدَم مِنْ سُلَالَة آدَم , وَهِيَ صِفَة مَائِهِ وَآدَم هُوَ الطِّين ; لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْهُ . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ , لِدَلَالَةِ قَوْله : { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين } عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ مَعْلُوم أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ فِي قَرَار مَكِين إِلَّا بَعْد خَلْقه فِي صُلْب الْفَحْل , وَمِنْ بَعْد تَحَوُّله مِنْ صُلْبه صَارَ فِي قَرَار مَكِين ; وَالْعَرَب تُسَمِّي وَلَد الرَّجُل وَنُطْفَته : سَلِيله وَسُلَالَته ; لِأَنَّهُمَا مَسْلُولَانِ مِنْهُ ; وَمِنَ السُّلَالَة قَوْل بَعْضهمْ : <br>حَمَلَتْ بِهِ عَضْب الْأَدِيم غَضَنْفَرًا .......... سُلَالَة فَرْج كَانَ غَيْر حَصِين <br>وَقَوْل الْآخَر : <br>وَهَلْ كُنْتُ إِلَّا مُهْرَة عَرَبِيَّة .......... سُلَالَة أَفْرَاس تَجَلَّلَهَا بَغْل <br>فَمَنْ قَالَ : سُلَالَة جَمْعهَا سُلَالَات , وَرُبَّمَا جَمَعُوهَا سَلَائِل , وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ ; لِأَنَّ السَّلَائِل جَمْع لِلسَّلِيلِ ; وَمِنْهُ قَوْل بَعْضهمْ : <br>إِذَا أُنْتِجَتْ مِنْهَا الْمَهَارَى تَشَابَهَتْ .......... عَلَى الْقَوْد إِلَّا بِالْأُنُوفِ سَلَائِله <br>وَقَوْل الرَّاجِز : <br>يَقْذِفْنَ فِي أَسْلَابهَا بِالسَّلَائِلِ<br>

يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار } . </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين } ثُمَّ جَعَلْنَا الْإِنْسَان الَّذِي جَعَلْنَاهُ مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين , نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين , وَهُوَ حَيْثُ اسْتَقَرَّتْ فِيهِ نُطْفَة الرَّجُل مِنْ رَحِم الْمَرْأَة . وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَكِين ; لِأَنَّهُ مُكِّنَ لِذَلِكَ وَهُيِّئَ لَهُ لِيَسْتَقِرّ فِيهِ إِلَى بُلُوغ أَمْره الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ قَرَارًا .

إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

وَقَوْله : { ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَلَقَة } يَقُول : ثُمَّ صَيَّرْنَا النُّطْفَة الَّتِي جَعَلْنَاهَا فِي قَرَار مَكِين عَلَقَة , وَهِيَ الْقِطْعَة مِنَ الدَّم .|فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً|يَقُول : فَجَعَلْنَا ذَلِكَ الدَّم مُضْغَة , وَهِيَ الْقِطْعَة مِنَ اللَّحْم.|فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا|وَقَوْله : { فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا } يَقُول : فَجَعَلْنَا تِلْكَ الْمُضْغَة اللَّحْم عِظَامًا . وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْعِرَاق سِوَى عَاصِم : { فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا } عَلَى الْجِمَاع , وَكَانَ عَاصِم وَعَبْد اللَّه يَقْرَآنِ ذَلِكَ : | عَظْمًا | فِي الْحَرْفَيْنِ عَلَى التَّوْحِيد جَمِيعًا . وَالْقِرَاءَة الَّتِي نَخْتَار فِي ذَلِكَ الْجِمَاع , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهِ.|فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا|وَقَوْله : { فَكَسَوْنَا الْعِظَام لَحْمًا } يَقُول : فَأَلْبَسْنَا الْعِظَام لَحْمًا . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَظْمًا وَعَصَبًا فَكَسَوْنَاهُ لَحْمًا | .|ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ|وَقَوْله : { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } يَقُول : ثُمَّ أَنْشَأْنَا هَذَا الْإِنْسَان خَلْقًا آخَر . وَهَذِهِ الْهَاء الَّتِي فِي : { أَنْشَأْنَاهُ } عَائِدَة عَلَى | الْإِنْسَان | فِي قَوْله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان } قَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر الْعَظْم وَالنُّطْفَة وَالْمُضْغَة , جُعِلَ ذَلِكَ كُلّه كَالشَّيْءِ الْوَاحِد , فَقِيلَ : ثُمَّ أَنْشَأْنَا ذَلِكَ خَلْقًا آخَر . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله : { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنْشَاؤُهُ إِيَّاهُ خَلْقًا آخَر : نَفْخه الرُّوح فِيهِ , فَيَصِير حِينَئِذٍ إِنْسَانًا , وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ صُورَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19264 -حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا حَجَّاج , عَنْ عَطَاء , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : نَفْخ الرُّوح فِيهِ . )* - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن قَالَ : ثنا هُشَيْم عَنِ الْحَجَّاج بْن أَرْطَاة عَنْ عَطَاء , عَنِ ابْن عَبَّاس , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : الرُّوح . )19265 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْأَصْبَهَانِيّ عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : نَفَخَ الرُّوح فِيهِ . )19266 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنِ الشَّعْبِيّ : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : نَفَخَ فِيهِ الرُّوح . )19267 - قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , بِمِثْلِهِ . 19268 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : نَفَخَ فِيهِ الرُّوح , فَهُوَ الْخَلْق الْآخَر الَّذِي ذُكِرَ . )19269 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا } يَعْنِي الرُّوح تُنْفَخ فِيهِ بَعْد الْخَلْق . )19270 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : الرُّوح الَّذِي جَعَلَهُ فِيهِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : إِنْشَاؤُهُ خَلْقًا آخَر تَصْرِيفه إِيَّاهُ فِي الْأَحْوَال بَعْد الْوِلَادَة : فِي الطُّفُولَة , وَالْكُهُولَة , وَالِاغْتِذَاء , وَنَبَات الشَّعْر , وَالسِّنّ , وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ أَحْوَال الْأَحْيَاء فِي الدُّنْيَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19271 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ } يَقُول : خَرَجَ مِنْ بَطْن أُمّه بَعْدَمَا خُلِقَ , فَكَانَ مِنْ بَدْء خَلْقه الْآخَر أَنِ اسْتَهَلَّ , ثُمَّ كَانَ مِنْ خَلْقه أَنْ دُلَّ عَلَى ثَدْي أُمّه , ثُمَّ كَانَ مِنْ خَلْقه أَنْ عَلِمَ كَيْفَ يَبْسُط رِجْلَيْهِ , إِلَى أَنْ قَعَدَ , إِلَى أَنْ حَبَا , إِلَى أَنْ قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ , إِلَى أَنْ مَشَى , إِلَى أَنْ فُطِمَ , فَعَلِمَ كَيْفَ يَشْرَب وَيَأْكُل مِنَ الطَّعَام , إِلَى أَنْ بَلَغَ الْحُلُم , إِلَى أَنْ بَلَغَ أَنْ يَتَقَلَّب فِي الْبِلَاد . )19272 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : يَقُول بَعْضهمْ : هُوَ نَبَات الشَّعْر , وَبَعْضهمْ يَقُول : هُوَ نَفْخ الرُّوح . )* - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ قَتَادَة , مِثْله . 19273 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : يُقَال الْخَلْق الْآخَر بَعْد خُرُوجه مِنْ بَطْن أُمّه بِسِنِّهِ وَشَعْره . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عَنَى بِإِنْشَائِهِ خَلْقًا آخَر : سِوَى شَبَابه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19274 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَر } قَالَ : حِين اسْتَوَى شَبَابه . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ مُجَاهِد : (حِين اسْتَوَى بِهِ الشَّبَاب . )وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ نَفْخ الرُّوح فِيهِ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ بِنَفْخِ الرُّوح فِيهِ يَتَحَوَّل خَلْقًا آخَر إِنْسَانًا , وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ بِالْأَحْوَالِ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّه أَنَّهُ كَانَ بِهَا , مِنْ نُطْفَة وَعَلَقَة وَمُضْغَة وَعَظْم وَبِنَفْخِ الرُّوح فِيهِ , يَتَحَوَّل عَنْ تِلْكَ الْمَعَانِي كُلّهَا إِلَى مَعْنَى الْإِنْسَانِيَّة , كَمَا تَحَوَّلَ أَبُوهُ آدَم بِنَفْخِ الرُّوح فِي الطِّينَة الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا إِنْسَانًا وَخَلْقًا آخَر غَيْر الطِّين الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ .|فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ|وَقَوْله : { فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الصَّانِعِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19275 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ } قَالَ : يَصْنَعُونَ وَيَصْنَع اللَّه , وَاللَّه خَيْر الصَّانِعِينَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا قِيلَ : { فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ } لِأَنَّ عِيسَى ابْن مَرْيَم كَانَ يَخْلُق , فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ نَفْسه أَنَّهُ يَخْلُق أَحْسَن مِمَّا كَانَ يَخْلُق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19276 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ ابْن جُرَيْج , فِي قَوْله : ( { فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَن الْخَالِقِينَ } قَالَ : عِيسَى ابْن مَرْيَم يَخْلُق . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مُجَاهِد ; لِأَنَّ الْعَرَب تُسَمِّي كُلّ صَانِع خَالِقًا ; وَمِنْهُ قَوْل زُهَيْر : <br>وَلَأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْت وَبَعْ .......... ضُ الْقَوْم يَخْلُق ثُمَّ لَا يَفْرِي <br>وَيُرْوَى : <br>وَلَأَنْتَ تَخْلُق مَا فَرَيْت وَبَعْ .......... ضُ الْقَوْم يَخْلُق ثُمَّ لَا يَفْرِي<br>

وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْد ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ بَعْد إِنْشَائِكُمْ خَلْقًا آخَر وَتَصْيِيرنَاكُمْ إِنْسَانًا سَوِيًّا مَيِّتُونَ وَعَائِدُونَ تُرَابًا كَمَا كُنْتُمْ , ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْد مَوْتكُمْ وَعَوْدكُمْ رُفَاتًا بَالِيًا مَبْعُوثُونَ مِنَ التُّرَاب خَلْقًا جَدِيدًا كَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَوَّل مَرَّة . وَإِنَّمَا قِيلَ : { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْد ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ } لِأَنَّهُ خَبَر عَنْ حَال لَهُمْ يَحْدُث لَمْ يَكُنْ , وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب لِمَنْ لَمْ يَمُتْ : هُوَ مَائِت وَمَيِّت عَنْ قَلِيل , وَلَا يَقُولُونَ لِمَنْ قَدْ مَاتَ مَائِت , وَكَذَلِكَ هُوَ طَمِع فِيمَا عِنْدك إِذَا وُصِفَ بِالطَّمَعِ , فَإِذَا أُخْبِرَ عَنْهُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ وَلَمْ يَفْعَل قِيلَ هُوَ طَامِع فِيمَا عِنْدك غَدًا , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلّ مَا كَانَ نَظِيرًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ .

وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره : ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيّهَا النَّاس مِنْ بَعْد إِنْشَائِكُمْ خَلْقًا آخَر وَتَصْيِيرنَاكُمْ إِنْسَانًا سَوِيًّا مَيِّتُونَ وَعَائِدُونَ تُرَابًا كَمَا كُنْتُمْ , ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْد مَوْتكُمْ وَعَوْدكُمْ رُفَاتًا بَالِيًا مَبْعُوثُونَ مِنَ التُّرَاب خَلْقًا جَدِيدًا كَمَا بَدَأْنَاكُمْ أَوَّل مَرَّة , وَإِنَّمَا قِيلَ : { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْد ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ } لِأَنَّهُ خَبَر عَنْ حَال لَهُمْ يَحْدُث لَمْ يَكُنْ . وَكَذَلِكَ تَقُول الْعَرَب لِمَنْ لَمْ يَمُتْ : هُوَ مَائِت وَمَيِّت عَنْ قَلِيل , وَلَا يَقُولُونَ لِمَنْ قَدْ مَاتَ مَائِت , وَكَذَلِكَ هُوَ طَمِع فِيمَا عِنْدك إِذَا وُصِفَ بِالطَّمَعِ , فَإِذَا أُخْبِرَ عَنْهُ أَنَّهُ سَيَفْعَلُ وَلَمْ يَفْعَل قِيلَ هُوَ طَامِع فِيمَا عِنْدك غَدًا , وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي كُلّ مَا كَانَ نَظِيرًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ .

وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقكُمْ سَبْع طَرَائِق } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقكُمْ أَيّهَا النَّاس سَبْع سَمَاوَات بَعْضهنَّ فَوْق بَعْض ; وَالْعَرَب تُسَمِّي كُلّ شَيْء فَوْق شَيْء طَرِيقَة . وَإِنَّمَا قِيلَ لِلسَّمَاوَات السَّبْع سَبْع طَرَائِق ; لِأَنَّ بَعْضهنَّ فَوْق بَعْض , فَكُلّ سَمَاء مِنْهُنَّ طَرِيقَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19277 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقكُمْ سَبْع طَرَائِق } قَالَ : الطَّرَائِق : السَّمَاوَات .)|وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ|وَقَوْله : { وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْق غَافِلِينَ } يَقُول : وَمَا كُنَّا فِي خَلْقنَا السَّمَاوَات السَّبْع فَوْقكُمْ عَنْ خَلْقنَا الَّذِي تَحْتهَا غَافِلِينَ , بَلْ كُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ مِنْ أَنْ تَسْقُط عَلَيْهِمْ فَتُهْلِكهُمْ .

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْض } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَا فِي الْأَرْض مِنْ مَاء , فَأَسْكَنَّاهُ فِيهَا . كَمَا : 19278 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج : ( { وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْض } مَاء هُوَ مِنَ السَّمَاء.)|وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ|وَقَوْله : { وَإِنَّا عَلَى ذَهَاب بِهِ لَقَادِرُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنَّا عَلَى الْمَاء الَّذِي أَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْض لَقَادِرُونَ أَنْ نَذْهَب بِهِ فَتَهْلِكُوا أَيّهَا النَّاس عَطَشًا وَتَخْرَب أَرْضُوكُمْ , فَلَا تُنْبِت زَرْعًا وَلَا غَرْسًا , وَتَهْلِك مَوَاشِيكُمْ , يَقُول : فَمِنْ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ تَرْكِي ذَلِكَ لَكُمْ فِي الْأَرْض جَارِيًا.

أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّات مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِه كَثِيرَة وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَحْدَثْنَا لَكُمْ بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء , بَسَاتِين مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب { لَكُمْ فِيهَا } يَقُول : لَكُمْ فِي الْجَنَّات فَوَاكِه كَثِيرَة . { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } يَقُول : وَمِنَ الْفَوَاكِه تَأْكُلُونَ , وَقَدْ يَجُوز أَنْ تَكُون الْهَاء وَالْأَلِف مِنْ ذِكْر الْجَنَّات , وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون مِنْ ذِكْر النَّخِيل وَالْأَعْنَاب . وَخَصَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْجَنَّات الَّتِي ذَكَرَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَوَصَفَهَا بِأَنَّهَا مِنْ نَخِيل وَأَعْنَاب دُون وَصْفهَا بِسَائِرِ ثِمَار الْأَرْض ; لِأَنَّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الثِّمَار كَانَا هُمَا أَعْظَم ثِمَار الْحِجَاز وَمَا قَرُبَ مِنْهَا , فَكَانَتْ النَّخِيل لِأَهْلِ الْمَدِينَة , وَالْأَعْنَاب لِأَهْلِ الطَّائِف , فَذَكَرَ الْقَوْم بِمَا يَعْرِفُونَ مِنْ نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ , بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ ثِمَارهَا .

خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَشَجَرَة تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَنْشَأْنَا لَكُمْ أَيْضًا شَجَرَة تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء وَ | شَجَرَة | مَنْصُوبَة عَطْفًا عَلَى | الْجَنَّات | , وَيَعْنِي بِهَا : شَجَرَة الزَّيْتُون . وَقَوْله : { تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء } يَقُول : تَخْرُج مِنْ جَبَل يُنْبِت الْأَشْجَار . وَقَدْ بَيَّنْت مَعْنَى الطُّور فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ , وَاخْتِلَاف الْمُخْتَلِفِينَ , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَأَمَّا قَوْله : { سَيْنَاء } فَإِنَّ الْقُرَّاء اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَته , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة : | سِينَاء | بِكَسْرِ السِّين , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { سَيْنَاء } بِفَتْحِ السِّين , وَهُمَا جَمِيعًا مُجْمِعُونَ عَلَى مَدّهَا . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ : أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار بِمَعْنًى وَاحِد , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : الْمُبَارَك , كَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام عِنْده : وَشَجَرَة تَخْرُج مِنْ جَبَل مُبَارَك . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19279 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { طُور سَيْنَاء } قَالَ : الْمُبَارَك . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 19280 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَشَجَرَة تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء } قَالَ : هُوَ جَبَل بِالشَّامِ مُبَارَك . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : حَسَن . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19281 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { طُور سَيْنَاء } قَالَ : هُوَ جَبَل حَسَن . )19282 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { مِنْ طُور سَيْنَاء } الطُّور : الْجَبَل بِالنَّبَطِيَّةِ , وَسَيْنَاء : حَسَنَة بِالنَّبَطِيَّةِ . )وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ اسْم جَبَل مَعْرُوف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19283 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { مِنْ طُور سَيْنَاء } قَالَ : الْجَبَل الَّذِي نُودِيَ مِنْهُ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . )19284 - حَدَّثَنِي يُونُس قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { طُور سَيْنَاء } قَالَ : هُوَ جَبَل الطُّور الَّذِي بِالشَّامِ , جَبَل بِبَيْتِ الْمَقْدِس , قَالَ : مَمْدُود , هُوَ بَيْن مِصْر وَبَيْن أَيْلَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَاهُ : أَنَّهُ جَبَل ذُو شَجَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19285 -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَمَّنْ قَالَهُ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ سَيْنَاء اسْم أُضِيفَ إِلَيْهِ الطُّور يُعْرَف بِهِ , كَمَا قِيلَ جَبَلَا طَيِّئ , فَأُضِيفَا إِلَى طَيِّئ , وَلَوْ كَانَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ جَبَل مُبَارَك , أَوْ كَمَا قَالَ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ حَسَن , لَكَانَ | الطُّور | مُنَوَّنًا , وَكَانَ قَوْله | سَيْنَاء | مِنْ نَعْته . عَلَى أَنَّ سَيْنَاء بِمَعْنَى : مُبَارَك وَحَسَن , غَيْر مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب فَيُجْعَل ذَلِكَ مِنْ نَعْت الْجَبَل , وَلَكِنَّ الْقَوْل فِي ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّه - كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس , مِنْ أَنَّهُ جَبَل عُرِفَ بِذَلِكَ , وَأَنَّهُ الْجَبَل الَّذِي نُودِيَ مِنْهُ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُبَارَك , لَا أَنَّ مَعْنَى سَيْنَاء مَعْنَى مُبَارَك.|تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ|وَقَوْله : { تَنْبُت بِالدُّهْنِ } اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { تَنْبُت } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { تَنْبُت } بِفَتْحِ التَّاء , بِمَعْنَى : تَنْبُت هَذِهِ الشَّجَرَة بِثَمَرِ الدُّهْن , وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة : | تُنْبِت | بِضَمِّ التَّاء , بِمَعْنَى : تُنْبِت الدُّهْن : تُخْرِجهُ , وَذُكِرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | تُخْرِج الدُّهْن | وَقَالُوا : الْبَاء فِي هَذَا الْمَوْضِع زَائِدَة , كَمَا قِيلَ : أَخَذْت ثَوْبه وَأَخَذْت بِثَوْبِهِ ; وَكَمَا قَالَ الرَّاجِز : <br>نَحْنُ بَنُو جَعْدَة أَرْبَاب الْفَلَج .......... نَضْرِب بِالْبِيضِ وَنَرْجُو بِالْفَرَجِ <br>بِمَعْنَى : وَنَرْجُو الْفَرَج . وَالْقَوْل عِنْدِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ : نَبَتَ , وَأَنْبَتَ ; وَمِنْ أَنْبَتَ قَوْل زُهَيْر : <br>رَأَيْت ذَوِي الْحَاجَات حَوْل بُيُوتهمْ .......... قَطِينًا لَهُمْ حَتَّى إِذَا أَنْبَتَ الْبَقْل <br>وَيُرْوَى : | نَبَتَ | , وَهُوَ كَقَوْلِهِ : { فَأَسْرِ بِأَهْلِك } [11 81 ]وَ | فَأَسْرِ | غَيْر أَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ , فَإِنَّ الْقِرَاءَة الَّتِي لَا أَخْتَار غَيْرهَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : { تَنْبُت } بِفَتْحِ التَّاء , لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهَا . وَمَعْنَى ذَلِكَ : تَنْبُت هَذِهِ الشَّجَرَة بِثَمَرِ الدُّهْن . كَمَا : 19286 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { تَنْبُت بِالدُّهْنِ } قَالَ : بِثَمَرِهِ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . وَالدُّهْن الَّذِي هُوَ مِنْ ثَمَره الزَّيْت , كَمَا : 19287 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { تَنْبُت بِالدُّهْنِ } يَقُول : هُوَ الزَّيْت يُؤْكَل وَيُدْهَن بِهِ .)|وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ|وَقَوْله : { وَصِبْغ لِلْآكِلِينَ } يَقُول : تَنْبُت بِالدُّهْنِ وَبِصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ , يَصْطَبِغ بِالزَّيْتِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَهُ . كَمَا : 19288 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { وَصِبْغ لِلْآكِلِينَ } قَالَ : هَذَا الزَّيْتُون صِبْغ لِلْآكِلِينَ , يَأْتَدِمُونَ بِهِ وَيَصْطَبِغُونَ بِهِ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَالصِّبْغ عَطْف عَلَى الدُّهْن.

قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنَّ لَكُمْ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَإِنَّ لَكُمْ } أَيّهَا النَّاس|فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً| { فِي الْأَنْعَام لَعِبْرَة } تَعْتَبِرُونَ بِهَا , فَتَعْرِفُونَ بِهَا أَيَادِي اللَّه عِنْدكُمْ وَقُدْرَته عَلَى مَا يَشَاء , وَأَنَّهُ الَّذِي لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ شَيْء أَرَادَهُ وَلَا يُعْجِزهُ شَيْء شَاءَهُ .|نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا| { نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونهَا } مِنَ اللَّبَن الْخَارِج مِنْ بَيْن الْفَرْث وَالدَّم.|وَلَكُمْ| { وَلَكُمْ } مَعَ ذَلِكَ|فِيهَا| { فِيهَا } يَعْنِي فِي الْأَنْعَام ,|مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ| { مَنَافِع كَثِيرَة } وَذَلِكَ كَالْإِبِلِ الَّتِي يُحْمَل عَلَيْهَا وَيُرْكَب ظَهْرهَا وَيُشْرَب دَرّهَا .|وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ| { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } يَعْنِي مِنْ لُحُومهَا تَأْكُلُونَ .


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس