islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
12556

83-المطففين

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ

وَقَوْله : { فَقُلْ هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَزَكَّى } يَقُول : فَقُلْ لَهُ : هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَتَطَهَّر مِنْ دَنَس الْكُفْر , وَتُؤْمِن بِرَبِّك ؟ كَمَا : 28089 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَزَكَّى } قَالَ : إِلَى أَنْ تُسْلِم . قَالَ : وَالتَّزَكِّي فِي الْقُرْآن كُلّه : الْإِسْلَام ; وَقَرَأَ قَوْل اللَّه { وَذَلِكَ جَزَاء مَنْ تَزَكَّى } [20 76 ]. قَالَ : مَنْ أَسْلَمَ , وَقَرَأَ : { وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } [80 3 ]. قَالَ : يُسْلِم , وَقَرَأَ : { وَمَا عَلَيْك أَلَّا يَزَّكَّى } [80 47 ]. أَنْ لَا يُسْلِم ). 28090 - حَدَّثَنِي سَعِيد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر الْعَدَنِيّ , عَنْ الْحَكِيم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة , قَوْل مُوسَى لِفِرْعَوْن : ( { هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَزَكَّى } هَلْ لَك إِلَى أَنْ تَقُول لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ). وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { تَزَكَّى } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة : | تَزَكَّى | بِتَشْدِيدِ الزَّاي , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة : { إِلَى أَنْ تَزَكَّى } بِتَخْفِيفِ الزَّاي . وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول , فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ : | تَزَكَّى | بِتَشْدِيدِ الزَّاي , بِمَعْنَى : تَتَصَدَّق بِالزَّكَاةِ , فَتَقُول : تَتَزَكَّى , ثُمَّ تُدْغَم ; وَمُوسَى لَمْ يَدْعُ فِرْعَوْن إِلَى أَنْ يَتَصَدَّق وَهُوَ كَافِر , إِنَّمَا دَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَام , فَقَالَ : تَزَكَّى : أَيْ تَكُون زَاكِيًا مُؤْمِنًا , وَالتَّخْفِيف فِي الزَّاي هُوَ أَفْصَح الْقِرَاءَتَيْنِ فِي الْعَرَبِيَّة .

الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَهْدِيك إِلَى رَبّك فَتَخْشَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُوسَى : قُلْ لِفِرْعَوْن : هَلْ لَك إِلَى أَنْ أُرْشِدك إِلَى مَا يُرْضِي رَبّك عَنْك , وَذَلِكَ الدِّين الْقَيِّم { فَتَخْشَى } يَقُول : فَتَخْشَى عِقَابه بِأَدَاءِ مَا أَلْزَمَك مِنْ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَا نَهَاك عَنْهُ مِنْ مَعَاصِيه .

وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

وَقَوْله : { فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَرَى مُوسَى فِرْعَوْن الْآيَة الْكُبْرَى , يَعْنِي الدَّلَالَة الْكُبْرَى عَلَى أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُول أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ , فَكَانَتْ تِلْكَ الْآيَة يَد مُوسَى إِذْ أَخْرَجَهَا بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ , وَعَصَاهُ إِذْ تَحَوَّلَتْ ثُعْبَانًا مُبِينًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28091 - حَدَّثَنِي أَبُو زَائِدَة زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى بْن أَبِي زَائِدَة , قَالَ : ثَنَا مُسْلِم بْن إِبْرَاهِيم , عَنْ مُحَمَّد بْن سَيْف أَبِي رَجَاء , هَكَذَا هُوَ فِي كِتَابِي , وَأَظُنّهُ عَنْ نُوح بْن قَيْس , عَنْ مُحَمَّد بْن سَيْف , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن يَقُول فِي هَذِهِ الْآيَة : ( { فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } قَالَ : يَده وَعَصَاهُ ). 28092 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } قَالَ : عَصَاهُ وَيَده ). 28093 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } قَالَ : رَأَى يَد مُوسَى وَعَصَاهُ , وَهُمَا آيَتَانِ ). * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْآيَة الْكُبْرَى } قَالَ : عَصَاهُ وَيَده ). 28094 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَأَرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى } قَالَ : الْعَصَا وَالْحَيَّة .)

أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ

وَقَوْله : { فَكَذَّبَ وَعَصَى } يَقُول : فَكَذَّبَ فِرْعَوْن مُوسَى فِيمَا أَتَاهُ مِنْ الْآيَات الْمُعْجِزَة , وَعَصَاهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ مِنْ طَاعَته رَبّه , وَخَشْيَته إِيَّاهُ .

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

وَقَوْله : { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى } يَقُول : ثُمَّ وَلَّى مُعْرِضًا عَمَّا دَعَاهُ إِلَيْهِ مُوسَى مِنْ طَاعَته رَبّه , وَخَشْيَته وَتَوْحِيده { يَسْعَى } يَقُول : يَعْمَل فِي مَعْصِيَة اللَّه , وَفِيمَا يُسْخِطهُ عَلَيْهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28095 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد . قَوْله : { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى } قَالَ : يَعْمَل بِالْفَسَادِ .

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

وَقَوْله : { فَحَشَرَ فَنَادَى } يَقُول : فَجَمَعَ قَوْمه وَأَتْبَاعه .

كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ

فَنَادَى فِيهِمْ { فَقَالَ } لَهُمْ : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } الَّذِي كُلّ رَبّ دُونِي , وَكَذَبَ الْأَحْمَق . وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28096 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَحَشَرَ فَنَادَى } قَالَ : صَرَخَ وَحَشَرَ قَوْمه , فَنَادَى فِيهِمْ , فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا قَالَ : أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى , فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى .)

وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَأَخَذَهُ اللَّه } فَعَاقَبَهُ اللَّه { نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } يَقُول عُقُوبَة الْآخِرَة مِنْ كَلِمَتَيْهِ , وَهِيَ قَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , وَالْأُولَى قَوْله : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ]. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28097 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : سَمِعْت أَبَا بَكْر , وَسُئِلَ عَنْ هَذَا , فَقَالَ : (كَانَ بَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة , بَيْن قَوْله : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ], وَقَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , قَالَ : هُمَا كَلِمَتَاهُ , { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قِيلَ لَهُ : مَنْ ذَكَرَهُ ؟ قَالَ : أَبُو حُصَيْن , فَقِيلَ لَهُ : عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ اِبْن عَبَّاس ؟ قَالَ : نَعَمْ ). * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : أَمَّا الْأُولَى فَحِين قَالَ : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ], وَأَمَّا الْآخِرَة فَحِين قَالَ : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } ). 28098 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي الْوَضَّاح , عَنْ عَبْد الْكَرِيم الْجَزَرِيّ , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : هُوَ قَوْله : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ], وَقَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , وَكَانَ بَيْنهمَا أَرْبَعُونَ سَنَة ). 28099 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَوَانَة , عَنْ إِسْمَاعِيل الْأَسَدِيّ , عَنْ الشَّعْبِيّ , بِمِثْلِهِ . 28100 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ زَكَرِيَّا , عَنْ عَامِر ( { نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : هُمَا كَلِمَتَاهُ : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ], و { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } ). * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى : وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } : فَذَلِكَ قَوْله : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } [28 38 ], وَالْآخِرَة فِي قَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } ). * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقُول : كَانَ بَيْن قَوْل فِرْعَوْن : ( { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرَى } [28 38 ], وَبَيْن قَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } أَرْبَعُونَ سَنَة ). 28101 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ , يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } أَمَّا الْأُولَى فَحِين قَالَ فِرْعَوْن : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } , وَأَمَّا الْآخِرَة فَحِين قَالَ : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , فَأَخَذَهُ اللَّه بِكَلِمَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا , فَأَغْرَقَهُ فِي الْيَمّ ). 28102 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : اِخْتَلَفُوا فِيهَا , فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : نَكَال الْآخِرَة مِنْ كَلِمَتَيْهِ , وَالْأُولَى قَوْله . { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } , وَقَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } ). وَقَالَ آخَرُونَ : عَذَاب الدُّنْيَا , وَعَذَاب الْآخِرَة , عَجَّلَ اللَّه لَهُ الْغَرَق , مَعَ مَا أَعَدَّ لَهُ مِنْ الْعَذَاب فِي الْآخِرَة . 28103 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ خَيْثَمَة الْجُعْفِيّ , قَالَ : كَأَنَّ بَيْن كَلِمَتَيْ فِرْعَوْن أَرْبَعُونَ سَنَة , قَوْله : ( { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } وَقَوْله : { مَا عَلِمْت لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرِي } ). 28104 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ ثُوَيْر , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (مَكَثَ فِرْعَوْن فِي قَوْمه بَعْد مَا قَالَ : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } أَرْبَعِينَ سَنَة ). وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ : فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الدُّنْيَا وَالْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28105 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا هَوْذَة , قَالَ : ثَنَا عَوْف , عَنْ الْحَسَن , فِي قَوْله : ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ). * - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : عُقُوبَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , وَهُوَ قَوْل قَتَادَة ). وَقَالَ آخَرُونَ : الْأُولَى عِصْيَانه رَبّه وَكُفْره بِهِ , وَالْآخِرَة قَوْله : ( { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } ). ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28106 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن سَمِيع , عَنْ أَبِي رَزِين ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : الْأُولَى تَكْذِيبه وَعِصْيَانه , وَالْآخِرَة قَوْله : { أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , ثُمَّ قَرَأَ : { فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبّكُمْ الْأَعْلَى } , فَهِيَ الْكَلِمَة الْآخِرَة ). وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِأَوَّلِ عَمَله وَآخِره . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28107 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : أَوَّل عَمَله وَآخِره ). * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد ( { فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : أَوَّل أَعْمَاله وَآخِرهَا ). 28108 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر . عَنْ مَعْمَر , عَنْ الْكَلْبِيّ : ( { أَخَذَهُ اللَّه نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : نَكَال الْآخِرَة مِنْ الْمَعْصِيَة وَالْأُولَى ). * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى } قَالَ : عَمَله لِلْآخِرَةِ وَالْأُولَى .)

كِتَابٌ مَرْقُومٌ

وَقَوْله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَة لِمَنْ يَخْشَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي الْعُقُوبَة الَّتِي عَاقَبَ اللَّه بِهَا فِرْعَوْن فِي عَاجِل الدُّنْيَا , وَفِي أَخْذه إِيَّاهُ , نَكَال الْآخِرَة وَالْأُولَى : عِظَة وَمُعْتَبَرًا لِمَنْ يَخَاف اللَّه . وَيَخْشَى عِقَابه , وَأُخْرِجَ نَكَال الْآخِرَة مَصْدَرًا مِنْ قَوْله { فَأَخَذَهُ اللَّه } لِأَنَّ قَوْله : { فَأَخَذَهُ اللَّه } نَكِل بِهِ , فَجَعَلَ { نَكَال الْآخِرَة } مَصْدَرًا مِنْ مَعْنَاهُ , لَا مِنْ لَفْظه .

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

وَقَوْله : { أَأَنْتُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء بَنَاهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ مِنْ قُرَيْش , الْقَائِلِينَ { أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَة قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّة خَاسِرَة } : أَنْتُمْ أَيّهَا النَّاس أَشَدّ خَلْقًا , أَمْ السَّمَاء بَنَاهَا رَبّكُمْ ؟ فَإِنَّ مَنْ بَنَى السَّمَاء فَرَفَعَهَا سَقْفًا , هَيِّن عَلَيْهِ خَلْقكُمْ وَخَلْق أَمْثَالكُمْ , وَإِحْيَاؤُكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ . وَلَيْسَ خَلْقكُمْ بَعْد مَمَاتكُمْ بِأَشَدّ مِنْ خَلْق السَّمَاء . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { بَنَاهَا } : رَفَعَهَا , فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا .

الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ

وَقَوْله : { رَفَعَ سَمْكهَا فَسَوَّاهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَسَوَّى السَّمَاء , فَلَا شَيْء أَرْفَع مِنْ شَيْء , وَلَا شَيْء أَخْفَض مِنْ شَيْء , وَلَكِنَّ جَمِيعهَا مُسْتَوِي الِارْتِفَاع وَالِامْتِدَاد . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28109 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { رَفَعَ سَمْكهَا فَسَوَّاهَا } يَقُول : رَفَعَ بِنَاءَهَا فَسَوَّاهَا ). 28110 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { رَفَعَ سَمْكهَا فَسَوَّاهَا } قَالَ : رَفَعَ بِنَاءَهَا بِغَيْرِ عَمْد ). 28111 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { رَفَعَ سَمْكهَا } يَقُول : بُنْيَانهَا .)

وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } </subtitle>وَقَوْله : { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَظْلَمَ لَيْل السَّمَاء , فَأَضَافَ اللَّيْل إِلَى السَّمَاء , لِأَنَّ اللَّيْل غُرُوب الشَّمْس , وَغُرُوبهَا وَطُلُوعهَا فِيهَا , فَأُضِيفَ إِلَيْهَا لَمَّا كَانَ فِيهَا , كَمَا قِيلَ نُجُوم اللَّيْل , إِذْ كَانَ فِيهِ الطُّلُوع وَالْغُرُوب . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28112 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } يَقُول : أَظْلَمَ لَيْلهَا ). * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } يَقُول : أَظْلَمَ لَيْلهَا ). 28113 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } قَالَ : أَظْلَمَ ). 28114 - حَدَّثَنِي بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } قَالَ : أَظْلَمَ لَيْلهَا ). * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } قَالَ : أَظْلَمَ ). 28115 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } قَالَ : الظُّلْمَة ). 28116 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } يَقُول : أَظْلَمَ لَيْلهَا ). 28117 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سِنَانِ الْقَزَّاز , قَالَ : ثَنَا حَفْص بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا الْحَكَم عَنْ عِكْرِمَة ( { وَأَغْطَشَ لَيْلهَا } قَالَ : أَظْلَمَ لَيْلهَا .)|وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا|وَقَوْله : { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } يَقُول : وَأَخْرَجَ ضِيَاءَهَا , يَعْنِي : أَبْرَزَ نَهَارهَا فَأَظْهَرَهُ , وَنَوَّرَ ضُحَاهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28118 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد ( { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } نَوَّرَهَا ). 28119 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } يَقُول : نَوَّرَ ضِيَاءَهَا ). 28120 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } قَالَ : نَهَارهَا ). 28121 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } قَالَ : ضَوْء النَّهَار .)

إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ

وَقَوْله : { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { بَعْد ذَلِكَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : دُحِيَتْ الْأَرْض مِنْ بَعْد خَلْق السَّمَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28122 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله حَيْثُ ذَكَرَ خَلْق الْأَرْض قَبْل السَّمَاء , ثُمَّ ذَكَرَ السَّمَاء قَبْل الْأَرْض , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه خَلَقَ الْأَرْض بِأَقْوَاتِهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَدْحُوهَا قَبْل السَّمَاء , ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْع سَمَوَات , ثُمَّ دَحَا الْأَرْض بَعْد ذَلِكَ , فَذَلِكَ قَوْله : { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } . 28123 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس ( { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَال أَرْسَاهَا } يَعْنِي : أَنَّ اللَّه خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ السَّمَوَات قَبْل أَنْ يَخْلُق أَقْوَات الْأَرْض فِيهَا , بَعْد خَلْق السَّمَاء , وَأَرْسَى الْجِبَال , يَعْنِي بِذَلِكَ دَحْوهَا الْأَقْوَات , وَلَمْ تَكُنْ تَصْلُح أَقْوَات الْأَرْض وَنَبَاتهَا إِلَّا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , فَذَلِكَ قَوْله : { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ قَالَ : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا } ). 28124 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا يَعْقُوب , عَنْ حَفْص , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (وُضِعَ الْبَيْت عَلَى الْمَاء عَلَى أَرْبَعَة أَرْكَان قَبْل أَنْ يَخْلُق الدُّنْيَا بِأَلْفَيْ عَام , ثُمَّ دُحِيَتْ الْأَرْض مِنْ تَحْت الْبَيْت ). 28125 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ بُكَيْر بْن الْأَخْنَس , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو , قَالَ : (خَلَقَ اللَّه الْبَيْت قَبْل الْأَرْض بِأَلْفَيْ سَنَة , وَمِنْهُ دُحِيَتْ الْأَرْض ). وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَالْأَرْض مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا , وَقَالُوا : الْأَرْض خُلِقَتْ وَدُحِيَتْ قَبْل السَّمَاء , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه قَالَ : { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْع سَمَوَات } [2 29 ]. قَالُوا : فَأَخْبَرَ اللَّه أَنَّهُ سَوَّى السَّمَاوَات بَعْد أَنْ خَلَقَ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا , قَالُوا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَلَا وَجْه لِقَوْلِهِ : { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } إِلَّا مَا ذَكَرْنَا , مِنْ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا , قَالُوا : وَذَلِكَ كَقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { عُتُلّ بَعْد ذَلِكَ زَنِيم } [68 13 ]. بِمَعْنَى : مَعَ ذَلِكَ زَنِيم , وَكَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ : أَنْتَ أَحْمَق , وَأَنْتَ بَعْد هَذَا لَئِيم الْحَسَب , بِمَعْنَى : مَعَ هَذَا , وَكَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُور مِنْ بَعْد الذِّكْر } [21 105 ]: أَيْ مِنْ قَبْل الذِّكْر , وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ الْهُذَلِيّ : <br>حَمِدْت إِلَهِي بَعْد عُرْوَة إِذْ نَجَا .......... خِرَاش وَبَعْض الشَّرّ أَهْوَن مِنْ بَعْض <br>وَزَعَمُوا أَنَّ خِرَاشًا نَجَا قَبْل عُرْوَة . 28126 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ سُفْيَان , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } قَالَ : مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا ). 28127 - حَدَّثَنِي اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , أَنَّهُ قَالَ : ( وَالْأَرْض عِنْد ذَلِكَ دَحَاهَا | ). * - حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثَنَا عَلِيّ بْن مَعْبَد , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن سَلَمَة , عَنْ خُصَيْف , عَنْ مُجَاهِد ( { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } قَالَ : مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا ). 28128 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف الْعَسْقَلَانِيّ , قَالَ : ثَنَا رَوَّاد بْن الْجَرَّاح , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ السُّدِّيّ , فِي قَوْله : ( { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } قَالَ : مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا ). وَالْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِنْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الْأَرْض , وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتهَا , وَلَمْ يَدْحُهَا , ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْع سَمَوَات , ثُمَّ دَحَا الْأَرْض بَعْد ذَلِكَ , فَأَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا , وَأَرْسَى جِبَالهَا , أَشْبَه لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِر التَّنْزِيل , لِأَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ : { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } , وَالْمَعْرُوف مِنْ مَعْنَى وَبَعْد | أَنَّهُ خِلَاف مَعْنَى وَقَبْل | , وَلَيْسَ فِي دَحْو اللَّه الْأَرْض بَعْد تَسْوِيَته السَّمَاوَات السَّبْع , وَإِغْطَاشه لَيْلهَا , وَإِخْرَاجه ضُحَاهَا , مَا يُوجِب أَنْ تَكُون الْأَرْض خُلِقَتْ بَعْد خَلْق السَّمَاوَات لِأَنَّ الدَّحْو إِنَّمَا هُوَ الْبَسْط فِي كَلَام الْعَرَب , وَالْمَدّ يُقَال مِنْهُ : دَحَا يَدْحُو دَحْوًا , وَدَحَيْت أَدْحِي دَحْيًا لُغَتَانِ ; وَمِنْهُ قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : <br>دَار دَحَاهَا ثُمَّ أَعْمَرنَا بِهَا .......... وَأَقَامَ بِالْأُخْرَى الَّتِي هِيَ أَمْجَد <br>وَقَوْل أَوْس بْن حَجَر فِي نَعْت غَيْث : <br>يَنْفِي الْحَصَى عَنْ جَدِيد الْأَرْض مُبْتَرِك .......... كَأَنَّهُ فَاحِص أَوْ لَاعِب دَاحِي <br>وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28129 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا } : أَيْ بَسَطَهَا ). 28130 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن خَلَف , قَالَ : ثَنَا رَوَّاد , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ السُّدِّيّ ( { دَحَاهَا } قَالَ : بَسَطَهَا ). 28131 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان : (دَحَاهَا : بَسَطَهَا ). وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي ذَلِكَ مَا : 28132 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { دَحَاهَا } قَالَ : حَرَثَهَا شَقَّهَا وَقَالَ : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا } , وَقَرَأَ : { ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْض شَقًّا } [81 26 ]. .. حَتَّى بَلَغَ { وَفَاكِهَة وَأَبًّا } [80 31 ], وَقَالَ حِين شَقَّهَا أَنْبَتَ هَذَا مِنْهَا , وَقَرَأَ : { وَالْأَرْض ذَات الصَّدْع } [86 12 ]).

كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

وَقَوْله : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا } يَقُول : فَجَّرَ فِيهَا الْأَنْهَار . { وَمَرْعَاهَا } يَقُول : أَنْبَتَ نَبَاتهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28133 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَمَرْعَاهَا } مَا خَلَقَ اللَّه فِيهَا مِنْ النَّبَات , وَمَاءَهَا : مَا فَجَّرَ فِيهَا مِنْ الْأَنْهَار ).

كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ

وَقَوْله : { وَالْجِبَال أَرْسَاهَا } يَقُول : وَالْجِبَال أَثْبَتَهَا فِيهَا , وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ الْكَلَام عَلَيْهِ مِنْ ذِكْره , وَهُوَ فِيهَا , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَالْجِبَال أَرْسَاهَا فِيهَا . 28134 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَالْجِبَال أَرْسَاهَا } : أَيْ أَثْبَتَهَا لَا تَمِيد بِأَهْلِهَا ). 28135 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا جَرِير , عَنْ عَطَاء , عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ , عَنْ عَلِيّ قَالَ : (لَمَّا خَلَقَ اللَّه الْأَرْض قَمَصَتْ وَقَالَتْ : تَخْلُق عَلَيَّ آدَم وَذُرِّيَّته يُلْقُونَ عَلَيَّ نَتْنهمْ , وَيَعْمَلُونَ عَلَيَّ بِالْخَطَايَا ! فَأَرْسَاهَا اللَّه , فَمِنْهَا مَا تَرَوْنَ , وَمِنْهَا مَا لَا تَرَوْنَ , فَكَانَ أَوَّل قَرَار الْأَرْض كَلَحْمِ الْجَزُور إِذَا نُحِرَ يَخْتَلِج لَحْمهَا .)

ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ } أَنَّهُ خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاء , وَأَخْرَجَ مِنْ الْأَرْض مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا , مَنْفَعَة لَنَا , وَمَتَاعًا إِلَى حِين .

ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ

وَقَوْله : { فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَإِذَا جَاءَتْ الَّتِي تَطِمّ عَلَى كُلّ هَائِلَة مِنْ الْأُمُور , فَتَغْمُر مَا سِوَاهَا بِعَظِيمِ هَوْلهَا , وَقِيلَ : إِنَّهَا اِسْم مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 28136 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى } مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة , عَظَّمَهُ اللَّه وَحَذَّرَهُ عِبَاده ). 28137 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا سَهْل بْن عَامِر , قَالَ : ثَنَا مَالِك بْن مِغْوَل , عَنْ الْقَاسِم بْن الْوَلِيد , فِي قَوْله : ( { فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة الْكُبْرَى } قَالَ : سِيقَ أَهْل الْجَنَّة إِلَى الْجَنَّة , وَأَهْل النَّار إِلَى النَّار .)

كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ

وَقَوْله : { يَوْم يَتَذَكَّر الْإِنْسَان مَا سَعَى } يَقُول : إِذَا جَاءَتْ الطَّامَّة يَوْم يَتَذَكَّر الْإِنْسَان مَا عَمِلَ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر وَشَرّ , وَذَلِكَ سَعْيه .

وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ

{ وَبُرِّزَتْ الْجَحِيم } يَقُول : وَأُظْهِرَتْ الْجَحِيم , وَهِيَ نَار اللَّه لِمَنْ يَرَاهَا . يَقُول : لِأَبْصَارِ النَّاظِرِينَ .

كِتَابٌ مَرْقُومٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَمَّا مَنْ عَتَا عَلَى رَبّه , وَعَصَاهُ وَاسْتَكْبَرَ عَنْ عِبَادَته . 28138 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { طَغَى } قَالَ : عَصَى .)

يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ

قَوْله : { وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا } يَقُول : وَآثَرَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا عَلَى كَرَامَة الْآخِرَة , وَمَا أَعَدَّ اللَّه فِيهَا لِأَوْلِيَائِهِ , فَعَمِلَ لِلدُّنْيَا , وَسَعَى لَهَا , وَتَرَكَ الْعَمَل لِلْآخِرَةِ .

إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ

{ فَإِنَّ الْجَحِيم هِيَ الْمَأْوَى } يَقُول : فَإِنَّ نَار اللَّه الَّتِي اِسْمهَا الْجَحِيم , هِيَ مَنْزِله وَمَأْوَاهُ , وَمَصِيره الَّذِي يَصِير إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة .

عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ

وَقَوْله : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَام رَبّه وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى } يَقُول : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَسْأَلَة اللَّه إِيَّاهُ عَمَدَ وُقُوفه يَوْم الْقِيَامَة بَيْن يَدَيْهِ , فَاتَّقَاهُ , بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى } يَقُول : وَنَهَى نَفْسه عَنْ هَوَاهَا فِيمَا يَكْرَههُ اللَّه , وَلَا يَرْضَاهُ مِنْهَا , فَزَجَرَهَا عَنْ ذَلِكَ , وَخَالَفَ هَوَاهَا إِلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَبّه .

تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ

{ فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى } يَقُول : فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ مَأْوَاهُ وَمَنْزِله يَوْم الْقِيَامَة . وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَال أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَلَمِنْ خَافَ مَقَام رَبّه } فِيمَا مَضَى , بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع .

يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد : يَسْأَلك يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ عَنْ السَّاعَة الَّتِي تُبْعَث فِيهَا الْمَوْتَى مِنْ قُبُورهمْ أَيَّانَ مُرْسَاهَا , مَتَى قِيَامهَا وَظُهُورهَا ؟ وَكَانَ الْفَرَّاء يَقُول : إِنْ قَالَ قَائِل : إِنَّمَا الْإِرْسَاء لِلسَّفِينَةِ , وَالْجِبَال الرَّاسِيَة وَمَا أَشْبَهَهُنَّ , فَكَيْف وَصَفَ السَّاعَة بِالْإِرْسَاءِ ؟ قُلْت : هِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّفِينَة إِذَا كَانَتْ جَارِيَة فَرَسَتْ , وَرُسُوّهَا : قِيَامهَا ; قَالَ : وَلَيْسَ قِيَامهَا كَقِيَامِ الْقَائِم , إِنَّمَا هِيَ كَقَوْلِك : قَدْ قَامَ الْعَدْل , وَقَامَ الْحَقّ : أَيْ ظَهَرَ وَثَبَتَ .

خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ

قَالَ أَبُو جَعْفَر رَحِمَهُ اللَّه : يَقُول اللَّه لِنَبِيِّهِ : { فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا } يَقُول : فِي أَيّ شَيْء أَنْتَ مِنْ ذِكْر السَّاعَة وَالْبَحْث عَنْ شَأْنهَا . وَذُكِرَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِر ذِكْر السَّاعَة , حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . 28139 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَة , عَنْ الزُّهْرِيّ , عَنْ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : لَمْ يَزَلْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَسْأَل عَنْ السَّاعَة , حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ؟ إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا } ). 28140 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب , قَالَ : (كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَزَال يَذْكُر شَأْن السَّاعَة حَتَّى نَزَلَتْ { يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة أَيَّانَ مُرْسَاهَا } ؟ . .. إِلَى { مَنْ يَخْشَاهَا } ). 28141 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا } قَالَ : السَّاعَة .)

وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ

وَقَوْله : { إِلَى رَبّك مُنْتَهَاهَا } يَقُول : إِلَى رَبّك مُنْتَهَى عِلْمهَا , أَيْ إِلَيْهِ يَنْتَهِي عِلْم السَّاعَة , لَا يَعْلَم وَقْت قِيَامهَا غَيْره .

عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ

وَقَوْله : { إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر مَنْ يَخْشَاهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِمُحَمَّدٍ : إِنَّمَا أَنْتَ رَسُول مَبْعُوث بِإِنْذَارِ السَّاعَة مَنْ يَخَاف عِقَاب اللَّه فِيهَا عَلَى إِجْرَامه , وَلَمْ تُكَلَّف عِلْم وَقْت قِيَامهَا , يَقُول : فَدَعْ مَا لَمْ تُكَلَّف عِلْمه , وَاعْمَلْ بِمَا أُمِرْت بِهِ , مِنْ إِنْذَار مَنْ أُمِرْت بِإِنْذَارِهِ . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مُنْذِر مَنْ يَخْشَاهَا } فَكَانَ أَبُو جَعْفَر الْقَارِئ وَابْن مُحَيْصِن يَقْرَآنِ : | مُنْذِر | بِالتَّنْوِينِ , بِمَعْنَى : أَنَّهُ مُنْذِر مَنْ يَخْشَاهَا ; وَقَرَأَ ذَلِكَ سَائِر قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة بِإِضَافَةِ مُنْذِر إِلَى مَنْ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي : أَنَّهُمْ قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .

إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ

وَقَوْله : { كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالسَّاعَةِ , يَوْم يَرَوْنَ أَنَّ السَّاعَة قَدْ قَامَتْ , مِنْ عَظِيم هَوْلهَا , لَمْ يَلْبَثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا عَشِيَّة يَوْم , أَوْ ضُحَى تِلْكَ الْعَشِيَّة ; وَالْعَرَب تَقُول : آتِيك الْعَشِيَّة أَوْ غَدَاتهَا , وَآتِيك الْغَدَاة أَوْ عَشِيَّتهَا , فَيَجْعَلُونَ مَعْنَى الْغَدَاة , بِمَعْنَى أَوَّل النَّهَار , وَالْعَشِيَّة : آخِر النَّهَار , فَكَذَلِكَ قَوْله : { إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا } إِنَّمَا مَعْنَاهَا إِلَّا آخِر يَوْم أَوْ أَوَّله , وَيُنْشِد هَذَا الْبَيْت : <br>نَحْنُ صَبَحْنَا عَامِرًا فِي دَارهَا .......... عَشِيَّة الْهِلَال أَوْ سِرَارهَا <br>يَعْنِي : عَشِيَّة الْهِلَال , أَوْ عَشِيَّة سِرَار الْعَشِيَّة . 28142 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { كَأَنَّهُمْ يَوْم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَوْ ضُحَاهَا } وَقْت الدُّنْيَا فِي أَعْيُن الْقَوْم حِين عَايَنُوا الْآخِرَة . آخِر تَفْسِير سُورَة النَّازِعَات .

وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { عَبَسَ } : قَبَضَ وَجْهه تَكَرُّهًا , { وَتَوَلَّى } يَقُول : وَأَعْرَضَ

وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ

{ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } يَقُول : لِأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى . وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْض الْقُرَّاء أَنَّهُ كَانَ يُطَوِّل الْأَلِف وَيَمُدّهَا مِنْ { أَنْ جَاءَهُ } فَيَقُول : | آن جَاءَهُ | , وَكَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام كَانَ عِنْده : أَأَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى عَبَسَ وَتَوَلَّى ؟ كَمَا قَرَأَ مَنْ قَرَأَ : { أَنْ كَانَ ذَا مَال وَبَنِينَ } [68 14 ]. بِمَدِّ الْأَلِف مِنْ | أَنْ | وَقَصْرهَا . وَذُكِرَ أَنَّ الْأَعْمَى الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة , هُوَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم , عُوتِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبَبِهِ . ذِكْر الْأَخْبَار الْوَارِدَة بِذَلِكَ : 28143 - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن يَحْيَى الْأُمَوِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبِي , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة مِمَّا عَرَضَهُ عَلَيْهِ عُرْوَة , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : (أُنْزِلَتْ { عَبَسَ وَتَوَلَّى } فِي اِبْن أُمّ مَكْتُوم , قَالَتْ : أَتَى إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُول : أَرْشَدَنِي , قَالَتْ : وَعِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُظَمَاء الْمُشْرِكِينَ , قَالَتْ : فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِض عَنْهُ , وَيُقْبِل عَلَى الْآخَر , وَيَقُول : | أَتَرَى بِمَا أَقُولهُ بَأْسًا ؟ | فَيَقُول : لَا ; فَفِي هَذَا أُنْزِلَتْ : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } ). 28143 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثَنِي أَبِي , قَالَ : ثَنِي عَمِّي , قَالَ : ثَنِي أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله : ( { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } قَالَ : بَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي عُتْبَة بْن رَبِيعَة وَأَبَا جَهْل بْن هِشَام وَالْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب , وَكَانَ يَتَصَدَّى لَهُمْ كَثِيرًا , وَيَحْرِص عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْمِنُوا , فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَجُل أَعْمَى , يُقَال لَهُ عَبْد اللَّه بْن أُمّ مَكْتُوم , يَمْشِي وَهُوَ يُنَاجِيهِمْ , فَجَعَلَ عَبْد اللَّه يَسْتَقْرِئ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة مِنْ الْقُرْآن , وَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , عَلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَك اللَّه , فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَبَسَ فِي وَجْهه وَتَوَلَّى , وَكَرِهَ كَلَامه , وَأَقْبَلَ عَلَى الْآخَرِينَ ; فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَخَذَ يَنْقَلِب إِلَى أَهْله , أَمْسَكَ اللَّه بَعْض بَصَره , ثُمَّ خَفَقَ بِرَأْسِهِ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّه : { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّر فَتَنْفَعهُ الذِّكْرَى } , فَلَمَّا نَزَلَ فِيهِ أَكْرَمَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَهُ , وَقَالَ لَهُ : | مَا حَاجَتك , هَلْ تُرِيد مِنْ شَيْء ؟ | وَإِذَا ذَهَبَ مِنْ عِنْده قَالَ لَهُ : | هَلْ لَك حَاجَة فِي شَيْء ؟ | وَذَلِكَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّه : { أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْك أَلَّا يَزَّكَّى } ). 28144 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا وَكِيع , عَنْ هِشَام , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : (نَزَلَتْ فِي اِبْن أُمّ مَكْتُوم { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } . )28145 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه ( { أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } قَالَ : رَجُل مِنْ بَنِي فِهْر , يُقَال لَهُ اِبْن أُمّ مَكْتُوم . )28146 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } : عَبْد اللَّه بْن زَائِدَة , وَهُوَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم , وَجَاءَهُ يَسْتَقْرِئهُ , وَهُوَ يُنَاجِي أُمَيَّة بْن خَلَف , رَجُل مِنْ عِلْيَة قُرَيْش , فَأَعْرَضَ عَنْهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } إِلَى قَوْله : { فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى } | ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَخْلَفَهُ بَعْد ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ عَلَى الْمَدِينَة , فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا يُصَلِّي بِأَهْلِهَا | . (28147 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ أَنَس بْن مَالِك , )أَنَّهُ رَآهُ يَوْم الْقَادِسِيَّة مَعَهُ رَايَة سَوْدَاء , وَعَلَيْهِ دِرْع لَهُ ). 28148 - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة قَالَ : جَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَهُوَ يُكَلِّم أُبَيّ بْن خَلَف , فَأَعْرَضَ عَنْهُ , فَأَنْزَلَ اللَّه عَلَيْهِ : { عَبَسَ وَتَوَلَّى } , فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْد ذَلِكَ يُكْرِمهُ . قَالَ أَنَس : فَرَأَيْته يَوْم الْقَادِسِيَّة عَلَيْهِ دِرْع , وَمَعَهُ رَايَة سَوْدَاء ). 28149 - حَدَّثَنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { عَبَسَ وَتَوَلَّى } تَصَدَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْش كَثِير الْمَال , وَرَجَا أَنْ يُؤْمِن , وَجَاءَ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار أَعْمَى , يُقَال لَهُ عَبْد اللَّه بْن أُمّ مَكْتُوم , فَجَعَلَ يَسْأَل نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَرِهَهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَوَلَّى عَنْهُ , وَأَقْبَلَ عَلَى الْغَنِيّ , فَوَعَظَ اللَّه نَبِيّه , فَأَكْرَمَهُ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَة مَرَّتَيْنِ , فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا ). 28150 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , وَسَأَلْته عَنْ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى } قَالَ : جَاءَ اِبْن أُمّ مَكْتُوم إِلَى رَسُول اللَّه وَقَائِده يُبْصِر , وَهُوَ لَا يُبْصِر , قَالَ : وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِير إِلَى قَائِده يَكُفّ , وَابْن أُمّ مَكْتُوم يَدْفَعهُ وَلَا يُبْصِر ; قَالَ : حَتَّى عَبَسَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَعَاتَبَهُ اللَّه فِي ذَلِكَ , فَقَالَ : { عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } . .. إِلَى قَوْله : { فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى } قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ يُقَال : لَوْ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَمَ مِنْ الْوَحْي شَيْئًا , كَتَمَ هَذَا عَنْ نَفْسه ; قَالَ : وَكَانَ يَتَصَدَّى لِهَذَا الشَّرِيف فِي جَاهِلِيَّته , رَجَاء أَنْ يُسْلِم , وَكَانَ عَنْ هَذَا يَتَلَهَّى ).

وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ

وَقَوْله : { وَمَا يُدْرِيك لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا يُدْرِيك يَا مُحَمَّد , لَعَلَّ هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي عَبَسْت فِي وَجْهه يَزَّكَّى : يَقُول : يَتَطَهَّر مِنْ ذُنُوبه . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 28151 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } : يُسْلِم .)

وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ

قَوْله : { أَوْ يَذَّكَّر فَتَنْفَعهُ الذِّكْرَى } يَقُول : أَوْ يَتَذَكَّر فَتَنْفَعهُ الذِّكْرَى : يَعْنِي يَعْتَبِر فَيَنْفَعهُ الِاعْتِبَار وَالِاتِّعَاظ , وَالْقِرَاءَة عَلَى رَفْع : | فَتَنْفَعهُ | عَطْفًا بِهِ عَلَى قَوْله : { يَذَّكَّر } , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَاصِم النَّصْب فِيهِ وَالرَّفْع , وَالنَّصْب عَلَى أَنْ تَجْعَلهُ جَوَابًا بِالْفَاءِ لِلَعَلَّ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>عَلَّ صُرُوف الدَّهْر أَوْ دُولَاتِهَا .......... يُدِلْنَنَا اللَّمَّة مِنْ لَمَّاتهَا <br><br>فَتَسْتَرِيح النَّفْس مِنْ زَفْرَاتِهَا .......... وَتُنْقَع الْغُلَّة مِنْ غُلَّاتهَا <br>| وَتُنْقَع | يُرْوَى بِالرَّفْعِ وَالنَّصْب .

فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى بِمَالِهِ .

عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ

فَأَنْتَ لَهُ تَتَعَرَّض , رَجَاء أَنْ يُسْلِم . 28152 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا مَهْرَان , عَنْ سُفْيَان ( { أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى } قَالَ : نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاس . )28153 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { أَمَّا مَنْ اِسْتَغْنَى } قَالَ : عُتْبَة بْن رَبِيعَة وَشَيْبَة بْن رَبِيعَة .)

هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ

يَقُول : وَأَيّ شَيْء عَلَيْك أَنْ لَا يَتَطَهَّر مِنْ كُفْره فَيُسْلِم ؟


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس