islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
12406

30-الروم

الم

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتنَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمَّا جَاءَتْ فِرْعَوْن وَقَوْمه آيَاتنَا , يَعْنِي أَدِلَّتنَا وَحُجَجنَا , عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ مُوسَى وَصِحَّته , وَهِيَ الْآيَات التِّسْع الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْل .|مُبْصِرَةً|وَقَوْله { مُبْصِرَة } يَقُول : يُبْصِر بِهَا مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا وَرَآهَا حَقِيقَة مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20445 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتنَا مُبْصِرَة } قَالَ : بَيِّنَة .)|قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ|يَقُول : قَالَ فِرْعَوْن وَقَوْمه : هَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مُوسَى سِحْر مُبِين , يَقُول : يَبِين لِلنَّاظِرِينَ لَهُ أَنَّهُ سِحْر .

غُلِبَتِ الرُّومُ

وَقَوْله : { وَجَحَدُوا بِهَا } يَقُول : وَكَذَّبُوا بِالْآيَاتِ التِّسْع أَنْ تَكُون مِنْ عِنْد اللَّه , كَمَا : 20446 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { وَجَحَدُوا بِهَا } قَالَ : الْجُحُود : التَّكْذِيب بِهَا .)|وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ|وَقَوْله : { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ } يَقُول : وَأَيْقَنَتْهَا قُلُوبهمْ , وَعَلِمُوا يَقِينًا أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَعَانَدُوا بَعْد تَبَيُّنهمْ الْحَقّ , وَمَعْرِفَتهمْ بِهِ , كَمَا : 20447 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ } قَالَ : يَقِينهمْ فِي قُلُوبهمْ. )20448 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْل اللَّه : ( { وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا } قَالَ : اِسْتَيْقَنُوا أَنَّ الْآيَات مِنْ اللَّه حَقّ , فَلِمَ جَحَدُوا بِهَا ؟ قَالَ : ظُلْمًا وَعُلُوًّا .)|ظُلْمًا وَعُلُوًّا|وَقَوْله : { ظُلْمًا وَعُلُوًّا } يَعْنِي بِالظُّلْمِ : الِاعْتِدَاء , وَالْعُلُوّ : الْكِبْر , كَأَنَّهُ قِيلَ : اِعْتِدَاء وَتَكَبُّرًا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20449 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , فِي قَوْله : ( { ظُلْمًا وَعُلُوًّا } قَالَ : تَعَظُّمًا وَاسْتِكْبَارًا , وَمَعْنَى ذَلِكَ : وَجَحَدُوا بِالْآيَاتِ التِّسْع ظُلْمًا وَعُلُوًّا , وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسهمْ أَنَّهَا مِنْ عِنْد اللَّه , فَعَانَدُوا الْحَقّ بَعْد وُضُوحه لَهُمْ , فَهُوَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم .)|فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ|وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُفْسِدِينَ } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة تَكْذِيب هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَحَدُوا آيَاتنَا حِين جَاءَتْهُمْ مُبْصِرَة , وَمَاذَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ إِفْسَادهمْ فِي الْأَرْض وَمَعْصِيَتهمْ فِيهَا رَبّهمْ , وَأَعْقَبَهُمْ مَا فَعَلُوا , فَإِنَّ ذَلِكَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ جَنَّات وَعُيُون , وَزُرُوع وَمَقَام كَرِيم , إِلَى هَلَاك فِي الْعَاجِل بِالْغَرَقِ , وَفِي الْآجِل إِلَى عَذَاب دَائِم , { لَا يُفَتَّر عَنْهُمْ , وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } [43 75 ]يَقُول : وَكَذَلِكَ يَا مُحَمَّد سُنَّتِي فِي الَّذِينَ كَذَّبُوا بِمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ الْآيَات عَلَى حَقِيقَة مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ الْحَقّ مِنْ قَوْمك .

فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَان عِلْمًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُد وَسُلَيْمَان عِلْمًا } وَذَلِكَ عِلْم كَلَام الطَّيْر وَالدَّوَابّ , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا خَصَّهُمْ اللَّه بِعِلْمِهِ.|وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَقَالَ دَاوُد وَسُلَيْمَان : الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضَلَّنَا بِمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ الْعِلْم الَّذِي آتَانَاهُ دُون سَائِر خَلْقه مِنْ بَنِي آدَم فِي زَمَاننَا هَذَا عَلَى كَثِير مِنْ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ بِهِ فِي دَهْرنَا هَذَا .

فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَوَرِثَ سُلَيْمَان دَاوُد } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَوَرِثَ سُلَيْمَان } أَبَاهُ { دَاوُد } الْعِلْم الَّذِي كَانَ آتَاهُ اللَّه فِي حَيَاته , وَالْمُلْك الَّذِي كَانَ خَصَّهُ بِهِ عَلَى سَائِر قَوْمه , فَجَعَلَهُ لَهُ بَعْد أَبِيهِ دَاوُد دُون سَائِر وَلَد أَبِيهِ .|وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ|يَقُول : وَقَالَ سُلَيْمَان لِقَوْمِهِ : يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر , يَعْنِي فَهِمْنَا كَلَامهَا ; وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الطَّيْر كَمَنْطِقِ الرَّجُل مِنْ بَنِي آدَم إِذْ فَهَمَّهُ عَنْهَا , وَقَدْ : 20450 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب : ( { وَقَالَ يَا أَيّهَا النَّاس عُلِّمْنَا مَنْطِق الطَّيْر } قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ سُلَيْمَان كَانَ عَسْكَره مِائَة فَرْسَخ : خَمْسَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا لِلْإِنْسِ , وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلْجِنِّ وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلْوَحْشِ وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ لِلطَّيْرِ , وَكَانَ لَهُ أَلْف بَيْت مِنْ قَوَارِير عَلَى الْخَشَب ; فِيهَا ثَلَاث مِائَة صَرِيحَة , وَسَبْع مِائَة سَرِيَّة , فَأَمَرَ الرِّيح الْعَاصِف فَرَفَعَتْهُ , وَأَمَرَ الرُّخَاء فَسَيَّرَتْهُ ; فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ وَهُوَ يَسِير بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض : إِنِّي قَدْ أَرَدْت أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّم أَحَد مِنْ الْخَلَائِق بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَتْ الرِّيح فَأَخْبَرَتْهُ.)|الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ|وَقَوْله : { وَأُوتِينَا مِنْ كُلّ شَيْء } يَقُول : وَأُعْطِينَا وَوُهِبَ لَنَا مِنْ كُلّ شَيْء مِنْ الْخَيْرَات .|شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ|يَقُول : إِنَّ هَذَا الَّذِي أُوتِينَا مِنْ الْخَيْرَات لَهُوَ الْفَضْل عَلَى جَمِيع أَهْل دَهْرنَا الْمُبِين , يَقُول : الَّذِي يَبِين لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَتَدَبَّرَهُ أَنَّهُ فَضْل أُعْطِينَاهُ عَلَى مَنْ سِوَانَا مِنْ النَّاس .

بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَجُمِعَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فِي مَسِير لَهُمْ فَهُمْ يُوزَعُونَ . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله { فَهُمْ يُوزَعُونَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَهُمْ يُحْبَس أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ حَتَّى يَجْتَمِعُوا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20451 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (جُعِلَ عَلَى كُلّ صِنْف مَنْ يَرُدّ أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا لِئَلَّا يَتَقَدَّمُوا فِي الْمَسِير كَمَا تَصْنَع الْمُلُوك . )20452 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يُرَدّ أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ فَهُمْ يُسَاقُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20453 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَان جُنُوده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطَّيْر فَهُمْ يُوزَعُونَ } قَالَ : يُوزَعُونَ : يُسَاقُونَ . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : فَهُمْ يَتَقَدَّمُونَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20454 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ الْحَسَن : ( { يُوزَعُونَ } يَتَقَدَّمُونَ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : يُرَدّ أَوَّلهمْ عَلَى آخِرهمْ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْوَازِع فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الْكَافّ , يُقَال مِنْهُ : وَزَعَ فُلَان فُلَانًا عَنْ الظُّلْم : إِذَا كَفَّهُ عَنْهُ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>أَلَمْ يَزَع الْهَوَى إِذْ لَمْ يُؤَاتِ .......... بَلَى وَسَلَوْت عَنْ طَلَب الْفَتَاة <br>وَقَالَ آخَر : <br>عَلَى حِين عَاتَبْت الْمَشِيب عَلَى الصِّبَا .......... وَقُلْت أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْب وَازِع <br>وَإِنَّمَا قِيلَ لِلَّذِينَ يَدْفَعُونَ النَّاس عَنْ الْوُلَاة وَالْأُمَرَاء وَزَعَة : لِكَفِّهِمْ إِيَّاهُمْ عَنْهُ .

وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِالنَّمْل قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } . </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْل } حَتَّى إِذَا أَتَى سُلَيْمَان وَجُنُوده عَلَى وَادِي النَّمْل { قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل اُدْخُلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده } يَقُول : لَا يَكْسِرَنكُمْ وَيَقْتُلَنكُمْ سُلَيْمَان وَجُنُوده { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } يَقُول : وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ يُحَطِّمُونَكُمْ . 20455 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا عَبْد الرَّحْمَن وَيَحْيَى , قَالَا ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ رَجُل يُقَال لَهُ الْحَكَم , عَنْ عَوْف , فِي قَوْله : ( { قَالَتْ نَمْلَة يَا أَيّهَا النَّمْل } قَالَ : كَانَ نَمْل سُلَيْمَان بْن دَاوُد مِثْل الذُّبَاب .)

يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلهَا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَتَبَسَّمَ سُلَيْمَان ضَاحِكًا مِنْ قَوْل النَّمْلَة الَّتِي قَالَتْ مَا قَالَتْ|وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ|وَقَالَ : { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20456 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { قَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك } يَقُول : اِجْعَلْنِي . )20457 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْل اللَّه : ( { رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ } قَالَ : فِي كَلَام الْعَرَب , تَقُول : أَوْزَعَ فُلَان بِفُلَانٍ , يَقُول : حَرَّضَ عَلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَوْزِعْنِي } أَلْهِمْنِي وَحَرِّضْنِي عَلَى أَنْ أَشْكُر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ.)|وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ|وَقَوْله : { وَأَنْ أَعْمَل صَالِحًا تَرْضَاهُ } يَقُول : وَأَوْزِعْنِي أَنْ أَعْمَل بِطَاعَتِك وَمَا تَرْضَاهُ|وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ|يَقُول : وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ , الَّذِينَ اِخْتَرْتهمْ لِرِسَالَتِك وَانْتَخَبْتهمْ لِوَحْيِك , يَقُول : أَدْخِلْنِي مِنْ الْجَنَّة مَدَاخِلهمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20458 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِك فِي عِبَادك الصَّالِحِينَ } قَالَ : مَعَ عِبَادك الصَّالِحِينَ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤْمِنِينَ .)

أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَتَفَقَّدَ الطَّيْر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَتَفَقَّدَ } سُلَيْمَان { الطَّيْر فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد } . وَكَانَ سَبَب تَفَقُّده الطَّيْر وَسُؤَاله عَنْ الْهُدْهُد خَاصَّة مِنْ بَيْن الطَّيْر , مَا : 20459 -حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان , قَالَ : سَمِعْت عِمْرَان عَنْ أَبِي مِجْلَز , قَالَ : (جَلَسَ اِبْن عَبَّاس إِلَى عَبْد اللَّه بْن سَلَام , فَسَأَلَهُ عَنْ الْهُدْهُد : لِمَ تَفَقَّدَهُ سُلَيْمَان مِنْ بَيْن الطَّيْر فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام : إِنَّ سُلَيْمَان نَزَلَ مَنْزِلَة فِي مَسِير لَهُ , فَلَمْ يَدْرِ مَا بَعْد الْمَاء , فَقَالَ : مَنْ يَعْلَم بَعْد الْمَاء ؟ قَالُوا : الْهُدْهُد , فَذَاكَ حِين تَفَقَّدَهُ . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثَنَا يَزِيد , قَالَ : ثَنَا عِمْرَان بْن حُدَيْر , عَنْ أَبِي مِجْلَز , عَنْ اِبْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن سَلَام بِنَحْوِهِ . 20460 -حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد يُوضَع لَهُ سِتّ مِائَة كُرْسِيّ , ثُمَّ يَجِيء أَشْرَاف الْإِنْس فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِيه , ثُمَّ تَجِيء أَشْرَاف الْجِنّ فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِي الْإِنْس , قَالَ : ثُمَّ يَدْعُو الطَّيْر فَتُظِلّهُمْ , ثُمَّ يَدْعُو الرِّيح فَتَحْمِلهُمْ , قَالَ : فَيَسِير فِي الْغَدَاة الْوَاحِدَة مَسِيرَة شَهْر , قَالَ : فَبَيْنَا هُوَ فِي مَسِيره إِذْ اِحْتَاجَ إِلَى الْمَاء وَهُوَ فِي فَلَاة مِنْ الْأَرْض , قَالَ : فَدَعَا الْهُدْهُد , فَجَاءَهُ فَنَقَرَ الْأَرْض , فَيُصِيب مَوْضِع الْمَاء , قَالَ : ثُمَّ تَجِيء الشَّيَاطِين فَيَسْلُخُونَهُ كَمَا يُسْلَخ الْإِهَاب , قَالَ : ثُمَّ يَسْتَخْرِجُونَ الْمَاء. فَقَالَ لَهُ نَافِع بْن الْأَزْرَق : قِفْ يَا وَقَّاف ! أَرَأَيْت قَوْلك الْهُدْهُد يَجِيء فَيَنْقُر الْأَرْض , فَيُصِيب الْمَاء , كَيْف يُبْصِر هَذَا , وَلَا يُبْصِر الْفَخّ يَجِيء حَتَّى يَقَع فِي عُنُقه ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ اِبْن عَبَّاس : وَيْحك إِنَّ الْقَدَر إِذَا جَاءَ حَالَ دُون الْبَصَر . )20461 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (كَانَ سُلَيْمَان بْن دَاوُد إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْته إِلَى مَجْلِسه عَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْر , وَقَامَ لَهُ الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى يَجْلِس عَلَى سَرِيره , حَتَّى إِذَا كَانَ ذَات غَدَاة فِي بَعْض زَمَانه غَدَا إِلَى مَجْلِسه الَّذِي كَانَ يَجْلِس فِيهِ , فَتَفَقَّدَ الطَّيْر . وَكَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ يَأْتِيه نُوَبًا مِنْ كُلّ صِنْف مِنْ الطَّيْر طَائِر , فَنَظَرَ فَرَأَى مِنْ أَصْنَاف الطَّيْر كُلّهَا قَدْ حَضَرَهُ إِلَّا الْهُدْهُد , فَقَالَ : مَا لِي لَا أَرَى الْهُدْهُد ! )20462 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (أَوَّل مَا فَقَدَ سُلَيْمَان الْهُدْهُد نَزَلَ بِوَادٍ فَسَأَلَ الْإِنْس عَنْ مَائِهِ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء , فَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَم لَهُ مَاء فَالْجِنّ , فَدَعَا الْجِنّ فَسَأَلَهُمْ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء وَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَم لَهُ مَاء فَالطَّيْر , فَدَعَا الطَّيْر فَسَأَلَهُمْ , فَقَالُوا : مَا نَعْلَم لَهُ مَاء , وَإِنْ يَكُنْ أَحَد مِنْ جُنُودك يَعْلَمهُ فَالْهُدْهُد , فَلَمْ يَجِدهُ , قَالَ : فَذَاكَ أَوَّل مَا فَقَدَ الْهُدْهُد . )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَتَفَقَّدَ الطَّيْر فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } قَالَ : تَفَقَّدَ الْهُدْهُد مِنْ أَجْل أَنَّهُ كَانَ يَدُلّهُ عَلَى الْمَاء إِذَا رَكِبَ , وَإِنَّ سُلَيْمَان رَكِبَ ذَات يَوْم فَقَالَ : أَيْنَ الْهُدْهُد لِيَدُلّنَا عَلَى الْمَاء ؟ فَلَمْ يَجِدهُ , فَمِنْ أَجْل ذَلِكَ تَفَقَّدَهُ. فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : إِنَّ الْهُدْهُد كَانَ يَنْفَعهُ الْحَذَر مَا لَمْ يَبْلُغهُ الْأَجَل ; فَلَمَّا بَلَغَ الْأَجَل لَمْ يَنْفَعهُ الْحَذَر , وَحَالَ الْقَدَر دُون الْبَصَر . )فَقَدْ اِخْتَلَفَ عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَالْقَائِلُونَ بِقَوْلِهِ وَوَهْب بْن مُنَبِّه , فَقَالَ عَبْد اللَّه : كَانَ سَبَب تَفَقُّده الْهُدْهُد وَسُؤَاله عَنْهُ لِيَسْتَخْبِرهُ عَنْ بُعْد الْمَاء فِي الْوَادِي الَّذِي نَزَلَ بِهِ فِي مَسِيره . وَقَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه : كَانَ تَفَقُّده إِيَّاهُ وَسُؤَاله عَنْهُ لِإِخْلَالِهِ بِالنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَ يَنُوبهَا ; وَاَللَّه أَعْلَم بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ إِذْ لَمْ يَأْتِنَا بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ تَنْزِيل , وَلَا خَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيح . فَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه أَخْبَرَ عَنْ سُلَيْمَان أَنَّهُ تَفَقَّدَ الطَّيْر , إِمَّا لِلنَّوْبَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا وَأَخَلَّتْ بِهَا , وَإِمَّا لِحَاجَةٍ كَانَتْ إِلَيْهَا عَنْ بُعْد الْمَاء.|فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ|وَقَوْله : { فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } يَعْنِي بِقَوْلِهِ { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد } أَخْطَأَهُ بَصَرِي فَلَا أَرَاهُ وَقَدْ حَضَرَ أَمْ هُوَ غَائِب فِيمَا غَابَ مِنْ سَائِر أَجْنَاس الْخَلْق فَلَمْ يَحْضُر . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20463 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُد أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ } أَخْطَأَهُ بَصَرِي فِي الطَّيْر , أَمْ غَابَ فَلَمْ يَحْضُر ؟)

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَ

وَقَوْله : { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } يَقُول : فَلَمَّا أُخْبِرَ سُلَيْمَان عَنْ الْهُدْهُد أَنَّهُ لَمْ يَحْضُر وَأَنَّهُ غَائِب غَيْر شَاهِد , أَقْسَمَ { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } وَكَانَ تَعْذِيبه الطَّيْر فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ إِذَا عَذَّبَهَا أَنْ يَنْتِف رِيشهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20464 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا الْحِمَّانِيّ , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ الْمِنْهَال , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه . )20465 -حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا اِبْن عَطِيَّة , عَنْ شَرِيك , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } عَذَابه : نَتْفه وَتَشْمِيسه . )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه وَتَشْمِيسه . )20466 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيشه كُلّه. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْف رِيش الْهُدْهُد كُلّه , فَلَا يَغْفُو سِنَة. )20467 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (نَتْف رِيشه . )20468 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } يَقُول : نَتْف رِيشه. )20469 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , قَالَ : ثني اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن رُومَان أَنَّهُ حُدِّثَ (أَنَّ عَذَابه الَّذِي كَانَ يُعَذِّب بِهِ الطَّيْر نَتْف جَنَاحه . )20470 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (قِيلَ لِبَعْضِ أَهْل الْعِلْم : هَذَا الذَّبْح , فَمَا الْعَذَاب الشَّدِيد ؟ قَالَ : نَتْف رِيشه بِتَرْكِهِ بَضْعَة تَنْزُو . )* - حَدَّثَنَا سَعِيد بْن الرَّبِيع الرَّازِيّ , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَمْرو بْن بَشَّار , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا } قَالَ : نَتْفه. )20471 - حَدَّثني سَعِيد بْن الرَّبِيع , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ حُسَيْن بْن أَبِي شَدَّاد , قَالَ : (نَتْفه وَتَشْمِيسه .)|أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ|يَقُول : أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ . كَمَا : 20472 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ } يَقُول : أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ . )20473 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبَّاد بْن الْعَوَّام , عَنْ حُصَيْن , عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد : ( { لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ } الْآيَة , قَالَ : فَتَلَقَّاهُ الطَّيْر , فَأَخْبَرَهُ , فَقَالَ : أَلَمْ يَسْتَثْنِ ؟)|أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ|وَقَوْله : { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِحُجَّةٍ تُبَيِّن لِسَامِعِهَا صِحَّتهَا وَحَقِيقَتهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20474 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن الْأَزْدِيّ , قَالَ : ثَنَا الْمُعَافَى بْن عِمْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَمَّار الدُّهْنِيّ , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كُلّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حُجَّة . )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : بِبَيِّنَةٍ أَعْذُرهُ بِهَا , وَهُوَ مِثْل قَوْله : { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَات اللَّه بِغَيْرِ سُلْطَان } [40 35 ]يَقُول : بِغَيْرِ بَيِّنَة . )20475 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ رَجُل , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : (كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن سُلْطَان , فَهُوَ حُجَّة. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن يَزِيد , عَنْ قَبَاث بْن رَزِين , أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَة يَقُول : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : (كُلّ سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حُجَّة , كَانَ لِلْهُدْهُدِ سُلْطَان . )20476 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } قَالَ : بِعُذْرٍ بَيِّن . )20477 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } أَيْ بِحُجَّةِ عُذْر لَهُ فِي غَيْبَته . )20478 -حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } يَقُول : بِبَيِّنَةٍ , وَهُوَ قَوْل اللَّه { الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَات اللَّه بِغَيْرِ سُلْطَان } [40 35 ]بِغَيْرِ بَيِّنَة . )20479 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِين } قَالَ : بِعُذْرٍ أَعْذُرهُ فِيهِ .)

ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } فَمَكَثَ سُلَيْمَان غَيْر طَوِيل مِنْ حِين سَأَلَ عَنْ الْهُدْهُد , حَتَّى جَاءَ الْهُدْهُد. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { فَمَكَثَ } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار سِوَى عَاصِم : | فَمَكُثَ | بِضَمِّ الْكَاف , وَقَرَأَهُ عَاصِم بِفَتْحِهَا , وَكِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ عِنْدنَا صَوَاب , لِأَنَّهُمَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَإِنْ كَانَ الضَّمّ فِيهَا أَعْجَب إِلَيَّ , لِأَنَّهَا أَشْهَر اللُّغَتَيْنِ وَأَفْصَحهمَا.|فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ|وَقَوْله : { فَقَالَ أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } يَقُول : فَقَالَ الْهُدْهُد حِين سَأَلَهُ سُلَيْمَان عَنْ تَخَلُّفه وَغَيْبَته : أَحَطْت بِعِلْمِ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ أَنْتَ يَا سُلَيْمَان. كَمَا : 20480 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } قَالَ : مَا لَمْ تَعْلَم . )20481 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { فَمَكَثَ غَيْر بَعِيد } ثُمَّ جَاءَ الْهُدْهُد , فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان : مَا خَلَّفَكَ عَنْ نَوْبَتك ؟ قَالَ : أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ .)|وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ|وَقَوْله : { وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } يَقُول : وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِخَبَرٍ يَقِين . وَهُوَ مَا : 20482 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { وَجِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } أَيْ أَدْرَكْت مُلْكًا لَمْ يَبْلُغهُ مُلْكك . )وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { مِنْ سَبَأ } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة { مِنْ سَبَأ } بِالْإِجْرَاءِ. الْمَعْنَى أَنَّهُ رَجُل اِسْمه سَبَأ . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة { مِنْ سَبَأ } بِتَرْكِ الْإِجْرَاء , عَلَى أَنَّهُ اِسْم قَبِيلَة أَوْ لِامْرَأَةٍ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ , وَقَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب ; فَالْإِجْرَاء فِي سَبَأ , وَغَيْر الْإِجْرَاء صَوَاب , لِأَنَّ سَبَأ إِنْ كَانَ رَجُلًا كَمَا جَاءَ بِهِ الْأَثَر , فَإِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ بِهِ اِسْم الرَّجُل أُجْرِيَ , وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ اِسْم الْقَبِيلَة لَمْ يُجْرَ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر فِي إِجْرَائِهِ : <br>الْوَارِدُونَ وَتَيْمٌ فِي ذَرَا سَبَإ .......... قَدْ عَضَّ أَعْنَاقهمْ جِلْد الْجَوَامِيس <br>يُرْوَى : ذَرَا , وذرى , وَقَدْ حُدِّثْت عَنْ الْفَرَّاء عَنْ الرُّؤَاسِيّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَمْرو بْن الْعَلَاء كَيْفَ لَمْ يُجْرَ سَبَأ ؟ قَالَ : لَسْت أَدْرِي مَا هُوَ ; فَكَأَنَّ أَبَا عَمْرو تَرَكَ إِجْرَاءَهُ , إِذْ لَمْ يَدْرِ مَا هُوَ , كَمَا تَفْعَل الْعَرَب بِالْأَسْمَاءِ الْمَجْهُولَة الَّتِي لَا تَعْرِفهَا مِنْ تَرْك الْإِجْرَاء. حُكِيَ عَنْ بَعْضهمْ : هَذَا أَبُو مَعْرُور قَدْ جَاءَ , فَتَرَكَ إِجْرَاءَهُ إِذْ لَمْ يَعْرِفهُ فِي أَسْمَائِهِمْ . وَإِنْ كَانَ سَبَأ جَبَلًا , أُجْرِيَ لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ الْجَبَل بِعَيْنِهِ , وَإِنْ لَمْ يُجْرَ فَلِأَنَّهُ يُجْعَل اِسْمًا لِلْجَبَلِ وَمَا حَوْله مِنْ الْبُقْعَة .

اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قِيل الْهُدْهُد لِسُلَيْمَان مُخْبِرًا بِعُذْرِهِ فِي مَغِيبه عَنْهُ : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } يَعْنِي تَمْلِك سَبَأ , وَإِنَّمَا صَارَ هَذَا الْخَبَر لِلْهُدْهُدِ عُذْرًا وَحُجَّة عِنْد سُلَيْمَان , دَرَأَ بِهِ عَنْهُ مَا كَانَ أَوْعَدَ بِهِ , لِأَنَّ سُلَيْمَان كَانَ لَا يَرَى أَنَّ فِي الْأَرْض أَحَدًا لَهُ مَمْلَكَة مَعَهُ , وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا حُبِّبَ إِلَيْهِ الْجِهَاد وَالْغَزْو , فَلَمَّا دَلَّهُ الْهُدْهُد عَلَى مُلْكٍ بِمَوْضِعٍ مِنْ الْأَرْض هُوَ لِغَيْرِهِ , وَقَوْم كَفَرَة يَعْبُدُونَ غَيْر اللَّه , لَهُ فِي جِهَادهمْ وَغَزْوهمْ الْأَجْر الْجَزِيل , وَالثَّوَاب الْعَظِيم فِي الْآجِل , وَضَمّ مَمْلَكَة لِغَيْرِهِ إِلَى مُلْكه , حَقَّتْ لِلْهُدْهُدِ الْمَعْذِرَة , وَصَحَّتْ لَهُ الْحُجَّة فِي مَغِيبه عَنْ سُلَيْمَان .|وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ|وَقَوْله : { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء } يَقُول : وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء يُؤْتَاهُ الْمَلِك فِي عَاجِل الدُّنْيَا مِمَّا يَكُون عِنْدهمْ مِنْ الْعَتَاد وَالْآلَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20483 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة الْبَاجِيّ , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : ( { وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء } يَعْنِي : مِنْ كُلّ أَمْر الدُّنْيَا .)|وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ|وَقَوْله { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } يَقُول : وَلَهَا كُرْسِيّ عَظِيم. وَعُنِيَ بِالْعَظِيمِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَظِيم فِي قَدْره , وَعِظَم خَطَره , لَا عِظَمه فِي الْكِبَر وَالسَّعَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20484 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } قَالَ : سَرِير كَرِيم , قَالَ : حَسَن الصَّنْعَة , وَعَرْشهَا : سَرِير مِنْ ذَهَب قَوَائِمه مِنْ جَوْهَر وَلُؤْلُؤ . )20485 - قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة الْبَاجِيّ , عَنْ الْحَسَن , قَوْله : ( { وَلَهَا عَرْش عَظِيم } يَعْنِي سَرِير عَظِيم.)

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ

وَقَوْله : { وَجَدْتهَا وَقَوْمهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه } يَقُول : وَجَدْت هَذِهِ الْمَرْأَة مَلِكَة سَبَإ , وَقَوْمهَا مِنْ سَبَإ , يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ فَيَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه .|وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ|وَقَوْله : { وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ } يَقُول : وَحَسَّنَ لَهُمْ إِبْلِيس عِبَادَتهمْ الشَّمْس , وَسُجُودهمْ لَهَا مِنْ دُون اللَّه , وَحَبَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ.|فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ|يَقُول : فَمَنَعَهُمْ بِتَزْيِينِهِ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الطَّرِيق الْمُسْتَقِيم , وَهُوَ دِين اللَّه الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ , وَمَعْنَاهُ : فَصَدَّهُمْ عَنْ سَبِيل الْحَقّ .|فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ|يَقُول : فَهُمْ لِمَا قَدْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان مَا زَيَّنَ مِنْ السُّجُود لِلشَّمْسِ مِنْ دُون اللَّه وَالْكُفْر بِهِ لَا يَهْتَدُونَ لِسَبِيلِ الْحَقّ وَلَا يَسْلُكُونَهُ , وَلَكِنَّهُمْ فِي ضَلَالهمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَتَرَدَّدُونَ .

وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ } . </subtitle>اِخْتَلَفَ الْقُرَّاء , فِي قِرَاءَة قَوْله { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ } فَقَرَأَ بَعْض الْمَكِّيِّينَ وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ | أَلَّا | بِالتَّخْفِيفِ , بِمَعْنَى : أَلَا يَا هَؤُلَاءِ اُسْجُدُوا , فَأَضْمَرُوا | هَؤُلَاءِ | اِكْتِفَاء بِدَلَالَةِ | يَا | عَلَيْهَا . وَذَكَرَ بَعْضهمْ سَمَاعًا مِنْ الْعَرَب : أَلَا يَا اِرْحَمْنَا , أَلَا يَا تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ; وَاسْتُشْهِدَ أَيْضًا بِبَيْتِ الْأَخْطَل : <br>أَلَا يَا اِسْلَمِي يَا هِنْدُ هِنْدَ بَنِي بَدْر .......... وَإِنْ كَانَ حَيَّانَا عِدًا آخِر الدَّهْر <br>فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة اُسْجُدُوا فِي هَذَا الْمَوْضِع جَزْم , وَلَا مَوْضِع لِقَوْلِهِ | أَلَا | فِي الْإِعْرَاب . وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْكُوفَة وَالْبَصْرَة { أَلَّا يَسْجُدُوا } بِتَشْدِيدِ أَلَّا , بِمَعْنَى : وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ لِئَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ | أَلَّا | فِي مَوْضِع نَصْب لِمَا ذَكَرْت مِنْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِئَلَّا , وَيَسْجُدُوا فِي مَوْضِع نَصْب بِأَنَّ . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مُسْتَفِيضَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا عُلَمَاء مِنْ الْقُرَّاء مَعَ صِحَّة مَعْنَيَيْهِمَا . وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول | يَا | فِي قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ عَلَى وَجْه الْأَمْر , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ أَمْرًا , كَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ : اُسْجُدُوا , وَزَادَ | يَا | بَيْنهمَا الَّتِي تَكُون لِلتَّنْبِيهِ , ثُمَّ أَذْهَبَ أَلِف الْوَصْل الَّتِي فِي اُسْجُدُوا , وَأُذْهِبَتْ الْأَلِف الَّتِي فِي | يَا | لِأَنَّهَا سَاكِنَة لَقِيَتْ السِّين , فَصَارَ أَلَّا يَسْجُدُوا . وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : هَذِهِ | يَا | الَّتِي تَدْخُل لِلنِّدَاءِ يُكْتَفَى بِهَا مِنْ الِاسْم , وَيُكْتَفَى بِالِاسْمِ مِنْهَا , فَتَقُول : يَا أَقْبِلْ , وَزَيْد أَقْبِلْ , وَمَا سَقَطَ مِنْ السَّوَاكِن فَعَلَى هَذَا .|الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ|وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { يُخْرِج الْخَبْء } يُخْرِج الْمَخْبُوء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ غَيْث فِي السَّمَاء , وَنَبَات فِي الْأَرْض وَنَحْو ذَلِكَ . وَبِاَلَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل , وَإِنْ اِخْتَلَفَتْ عِبَارَتهمْ عَنْهُ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20486 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قِرَاءَة عَنْ مُجَاهِد : ( { يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات } قَالَ : الْغَيْث . )* -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَر , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يُخْرِج الْخَبْء } قَالَ : الْغَيْث . )20487 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } قَالَ : خَبْء السَّمَاء وَالْأَرْض : مَا جَعَلَ اللَّه فِيهَا مِنْ الْأَرْزَاق , وَالْمَطَر مِنْ السَّمَاء , وَالنَّبَات مِنْ الْأَرْض , كَانَتَا رَتْقًا , لَا تُمْطِر هَذِهِ وَلَا تُنْبِت هَذِهِ , فَفَتَقَ السَّمَاء , وَأَنْزَلَ مِنْهَا الْمَطَر , وَأَخْرَجَ النَّبَات . )20488 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ابْن يُونُس , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ حَكِيم بْن جَابِر , فِي قَوْله : ( { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض } وَيَعْلَم كُلّ خَفِيَّة فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض . )20489 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عُمَارَة , قَالَ : ثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ مُعَاذ بْن عَبْد اللَّه , قَالَ : (رَأَيْت اِبْن عَبَّاس عَلَى بَغْلَة يَسْأَل تُبَّعًا اِبْن اِمْرَأَة كَعْب : هَلْ سَأَلْت كَعْبًا عَنْ الْبَذْر تُنْبِت الْأَرْض الْعَام لَمْ يُصِبْ الْعَام الْآخَر ؟ قَالَ : سَمِعْت كَعْبًا يَقُول : الْبَذْر يَنْزِل مِنْ السَّمَاء وَيَخْرُج مِنْ الْأَرْض , قَالَ : صَدَقْت. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : إِنَّمَا هُوَ تَبِيع , وَلَكِنْ هَكَذَا قَالَ مُحَمَّد. وَقِيلَ : يُخْرِج الْخَبْء فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض , لِأَنَّ الْعَرَب تَضَع | مِنْ | مَكَان | فِي | و | فِي | مَكَان | مِنْ | فِي الِاسْتِخْرَاج .|وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ|يَقُول : وَيَعْلَم السِّرّ مِنْ أُمُور خَلْقه , هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَعْمَالهمْ وَالْعَلَانِيَة مِنْهَا , وَذَلِكَ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ أَلَّا بِالتَّشْدِيدِ. وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ بِالتَّخْفِيفِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ : وَيَعْلَم مَا يُسِرّهُ خَلْقه الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِالسُّجُودِ بِقَوْلِهِ : | أَلَا يَا هَؤُلَاءِ اُسْجُدُوا |. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة أُبَيّ : | أَلَّا تَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يَعْلَم سِرّكُمْ وَمَا تُعْلِنُونَ |.

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ

وَقَوْله : { اللَّه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : اللَّه الَّذِي لَا تَصْلُح الْعِبَادَة إِلَّا لَهُ , لَا إِلَه إِلَّا هُوَ , لَا مَعْبُود سِوَاهُ تَصْلُح لَهُ الْعِبَادَة , فَأَخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَة , وَأَفْرِدُوهُ بِالطَّاعَةِ , وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .|رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ|يَعْنِي بِذَلِكَ : مَالِك الْعَرْش الْعَظِيم الَّذِي كُلّ عَرْش , وَإِنْ عَظُمَ , فَدُونه , لَا يُشْبِههُ عَرْش مَلِكَة سَبَإ وَلَا غَيْره . 20490 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد ; فِي قَوْله : ( { أَحَطْت بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } إِلَى قَوْله { لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رَبّ الْعَرْش الْعَظِيم } هَذَا كُلّه كَلَام الْهُدْهُد . )20491 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق بِنَحْوِهِ.

فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { قَالَ } سُلَيْمَان لِلْهُدْهُدِ : { سَنَنْظُرُ } فِيمَا اِعْتَذَرْت بِهِ مِنْ الْعُذْر , وَاحْتَجَجْت بِهِ مِنْ الْحُجَّة لِغَيْبَتِك عَنَّا , وَفِيمَا جِئْتنَا بِهِ مِنْ الْخَيْر { أَصَدَقْت } فِي ذَلِكَ كُلّه { أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } فِيهِ

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ

اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ ; فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا , فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ , فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ مُنْصَرِفًا إِلَيَّ , فَقَالَ : هُوَ مِنْ الْمُؤَخَّر الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20492 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (فَأَجَابَهُ سُلَيْمَان , يَعْنِي أَجَابَ الْهُدْهُد لَمَّا فَرَغَ : { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ. اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ } وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ مُنْصَرِفًا إِلَيَّ . وَقَالَ : وَكَانَتْ لَهَا كُوَّة مُسْتَقْبِلَة الشَّمْس , سَاعَة تَطْلُع الشَّمْس تَطْلُع فِيهَا فَتَسْجُد لَهَا , فَجَاءَ الْهُدْهُد حَتَّى وَقَعَ فِيهَا فَسَدَّهَا , وَاسْتَبْطَأَتْ الشَّمْس , فَقَامَتْ تَنْظُر , فَرَمَى بِالصَّحِيفَةِ إِلَيْهَا مِنْ تَحْت جَنَاحه , وَطَارَ حَتَّى قَامَتْ تَنْظُر الشَّمْس. )قَالَ أَبُو جَعْفَر : فَهَذَا الْقَوْل مِنْ قَوْل اِبْن زَيْد يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْهُدْهُد تَوَلَّى إِلَى سُلَيْمَان رَاجِعًا , بَعْد إِلْقَائِهِ الْكِتَاب , وَأَنَّ نَظَره إِلَى الْمَرْأَة مَا الَّذِي تَرْجِع وَتَفْعَل كَانَ قَبْل إِلْقَائِهِ كِتَاب سُلَيْمَان إِلَيْهَا . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقه إِلَيْهِمْ , ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ , فَكُنْ قَرِيبًا مِنْهُمْ , وَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ; قَالُوا : وَفَعَلَ الْهُدْهُد , وَسَمِعَ مُرَاجَعَة الْمَرْأَة أَهْل مَمْلَكَتهَا , وَقَوْلهَا لَهُمْ : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم , إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان , وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم } وَمَا بَعْد ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَة بَعْضهمْ بَعْضًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20493 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَوْله : ( { فَأَلْقه إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } أَيْ كُنْ قَرِيبًا { فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } . )وَهَذَا الْقَوْل أَشْبَه . بِتَأْوِيلِ الْآيَة , لِأَنَّ مُرَاجَعَة الْمَرْأَة قَوْمهَا , كَانَتْ بَعْد أَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهَا الْكِتَاب , وَلَمْ يَكُنْ الْهُدْهُد لِيَنْصَرِف وَقَدْ أُمِرَ بِأَنْ يَنْظُر إِلَى مُرَاجَعَة الْقَوْم بَيْنهمْ مَا يَتَرَاجَعُونَهُ قَبْل أَنْ يَفْعَل مَا أَمَرَهُ بِهِ سُلَيْمَان.

فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : فَذَهَبَ الْهُدْهُد بِكِتَابِ سُلَيْمَان إِلَيْهَا , فَأَلْقَاهُ إِلَيْهَا ; فَلَمَّا قَرَأَتْهُ قَالَتْ لِقَوْمِهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20494 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (كَتَبَ , يَعْنِي سُلَيْمَان بْن دَاوُد مَعَ الْهُدْهُد : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , مِنْ سُلَيْمَان بْن دَاوُد , إِلَى بِلْقِيس بِنْت ذِي سَرْح وَقَوْمهَا , أَمَّا بَعْد , فَلَا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ , قَالَ : فَأَخَذَ الْهُدْهُد الْكِتَاب بِرِجْلِهِ , فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى أَتَاهَا , وَكَانَتْ لَهَا كُوَّة فِي بَيْتهَا إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس نَظَرَتْ إِلَيْهَا , فَسَجَدَتْ لَهَا , فَأَتَى الْهُدْهُد الْكُوَّة فَسَدَّهَا بِجَنَاحَيْهِ حَتَّى اِرْتَفَعَتْ الشَّمْس وَلَمْ تَعْلَم , ثُمَّ أَلْقَى الْكِتَاب مِنْ الْكُوَّة , فَوَقَعَ عَلَيْهَا فِي مَكَانهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ , فَأَخَذَتْهُ . )20495 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (بَلَغَنِي أَنَّهَا اِمْرَأَة يُقَال لَهَا بِلْقِيس , أَحْسَبهُ قَالَ : اِبْنَة شَرَاحِيل , أَحَد أَبَوَيْهَا مِنْ الْجِنّ , مُؤَخَّر أَحَد قَدَمَيْهَا كَحَافِرِ الدَّابَّة , وَكَانَتْ فِي بَيْت مَمْلَكَة , وَكَانَ أُولُو مَشُورَتهَا ثَلَاث مِائَة وَاثْنَيْ عَشَر كُلّ رَجُل مِنْهُمْ عَلَى عَشَرَة آلَاف , وَكَانَتْ بِأَرْضٍ يُقَال لَهَا مَأْرِب , مِنْ صَنْعَاء عَلَى ثَلَاثَة أَيَّام ; فَلَمَّا جَاءَ الْهُدْهُد بِخَبَرِهَا إِلَى سُلَيْمَان بْن دَاوُد , كَتَبَ الْكِتَاب وَبَعَثَ بِهِ مَعَ الْهُدْهُد , فَجَاءَ الْهُدْهُد وَقَدْ غَلَّقَتْ الْأَبْوَاب , وَكَانَتْ تُغْلِق أَبْوَابهَا وَتَضَع مَفَاتِيحهَا تَحْت رَأْسهَا , فَجَاءَ الْهُدْهُد فَدَخَلَ مِنْ كُوَّة , فَأَلْقَى الصَّحِيفَة عَلَيْهَا , فَقَرَأَتْهَا , فَإِذَا فِيهَا : { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } وَكَذَلِكَ كَانَتْ تَكْتُب الْأَنْبِيَاء لَا تُطْنِب , إِنَّمَا تَكْتُب جُمَلًا . )20496 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (لَمْ يَزِدْ سُلَيْمَان عَلَى مَا قَصَّ اللَّه فِي كِتَابه : إِنَّهُ وَإِنَّهُ . )20497 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { اِذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقه إِلَيْهِمْ } فَمَضَى الْهُدْهُد بِالْكِتَابِ , حَتَّى إِذَا حَاذَى الْمَلِكَة وَهِيَ عَلَى عَرْشهَا أَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَاب . )وَقَوْله : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } وَالْمَلَأ : أَشْرَاف قَوْمهَا . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَلِكَة سَبَإ لِأَشْرَافِ قَوْمهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم }. وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي سَبَب وَصْفهَا الْكِتَاب بِالْكَرِيمِ , فَقَالَ بَعْضهمْ : وَصَفَتْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مَخْتُومًا : وَقَالَ آخَرُونَ : وَصَفَتْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ مَلِك فَوَصَفَتْهُ بِالْكَرَمِ لِكَرَمِ صَاحِبه . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ اِبْن زَيْد . 20498 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } قَالَ : هُوَ كِتَاب سُلَيْمَان حَيْثُ كَتَبَ إِلَيْهَا .)

وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ

وَقَوْله { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم } كُسِرَتْ إِنَّ الْأُولَى وَالثَّانِيَة عَلَى الرَّدّ عَلَى | إِنِّي | مِنْ قَوْله : { إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } . وَمَعْنَى الْكَلَام : قَالَتْ : يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب , وَإِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان .

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ

وَقَوْله { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } يَقُول : أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ . فَفِي | أَنَّ | وَجْهَانِ مِنْ الْعَرَبِيَّة : إِنْ جُعِلَتْ بَدَلًا مِنْ الْكِتَاب كَانَتْ رَفْعًا بِمَا رُفِعَ بِهِ الْكِتَاب بَدَلًا مِنْهُ ; وَإِنْ جُعِلَ مَعْنَى الْكَلَام : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم أَنْ لَا تَعْلُو عَلَيَّ كَانَتْ نَصْبًا بِتَعَلُّقِ الْكِتَاب بِهَا . وَعُنِيَ بِقَوْلِهِ : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا وَلَا تَتَعَاظَمُوا عَمَّا دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ. كَمَا : 20499 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَمَنَّعُوا مِنْ الَّذِي دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ ; إِنْ اِمْتَنَعْتُمْ جَاهَدْتُكُمْ . فَقُلْت لِابْنِ زَيْد : { أَنْ لَا تَعْلُوا عَلَيَّ } أَنْ لَا تَتَكَبَّرُوا عَلَيَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ; قَالَ : وَقَالَ اِبْن زَيْد : { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } ذَلِكَ فِي كِتَاب سُلَيْمَان إِلَيْهَا .)|وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ|وَقَوْله : { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : وَأَقْبِلُوا إِلَيَّ مُذْعِنِينَ لِلَّهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالطَّاعَة .

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ مَلِكَة سَبَإ لِأَشْرَافِ قَوْمهَا : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي } تَقُول : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أَمْرِي الَّذِي قَدْ حَضَرَنِي مِنْ أَمْر صَاحِب هَذَا الْكِتَاب الَّذِي أُلْقِيَ إِلَيَّ , فَجَعَلَتْ الْمَشُورَة فُتْيَا .|أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى|وَقَوْله : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } تَقُول : مَا كُنْت قَاضِيَة أَمْرًا فِي ذَلِكَ حَتَّى تَشْهَدُونِ , فَأُشَاوِركُمْ فِيهِ . كَمَا : 20500 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (دَعَتْ قَوْمهَا تُشَاوِرهُمْ { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي , مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ } يَقُول فِي الْكَلَام : مَا كُنْت لِأَقْطَع أَمْرًا دُونك وَلَا كُنْت لِأَقْضِيَ أَمْرًا , فَلِذَلِكَ قَالَتْ : { مَا كُنْت قَاطِعَة أَمْرًا } بِمَعْنَى : قَاضِيَة .)

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

وَقَوْله : { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الْمَلَأ مِنْ قَوْم مَلِكَة سَبَإ , إِذْ شَاوَرْتهمْ فِي أَمْرهَا وَأَمْر سُلَيْمَان : نَحْنُ ذَوُو الْقُوَّة عَلَى الْقِتَال , وَالْبَأْس الشَّدِيد فِي الْحَرْب , وَالْأَمْر أَيَّتهَا الْمَلِكَة إِلَيْك فِي الْقِتَال وَفِي تَرْكه , فَانْظُرِي مِنْ الرَّأْي مَا تَرَيْنَ , فَمُرِينَا نَأْتَمِر لِأَمْرِك . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20501 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّة وَأُولُو بَأْس شَدِيد } عَرَضُوا لَهَا الْقِتَال , يُقَاتِلُونَ لَهَا , وَالْأَمْر إِلَيْك بَعْد هَذَا , { فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } . )20502 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (كَانَ مَعَ مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف . )20503 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (كَانَ مَعَ بِلْقِيس مِائَة أَلْف قَيْل , مَعَ كُلّ قَيْل مِائَة أَلْف. )* - قَالَ : ثَنَا وَكِيع , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , قَالَ : سَمِعْت مُجَاهِدًا يَقُول : (كَانَتْ تَحْت يَد مَلِكَة سَبَإ اِثْنَا عَشَر أَلْف قَيْل ; وَالْقَيْل بِلِسَانِهِمْ : الْمَلِك تَحْت يَد كُلّ مَلِك مِائَة أَلْف مُقَاتِل .)

وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ لِلْمَلَأِ مِنْ قَوْمهَا , إِذْ عَرَضُوا عَلَيْهَا أَنْفُسهمْ لِقِتَالِ سُلَيْمَان , إِنْ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ : { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة } عَنْوَة وَغَلَبَة { أَفْسَدُوهَا } يَقُول : خَرَّبُوهَا { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } وَذَلِكَ بِاسْتِعْبَادِهِمْ الْأَحْرَار , وَاسْتِرْقَاقهمْ إِيَّاهُمْ ; وَتَنَاهَى الْخَبَر مِنْهَا عَنْ الْمُلُوك فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَقَالَ اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَمَا قَالَتْ صَاحِبَة سَبَإ تَفْعَل الْمُلُوك , إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة عَنْوَة . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20504 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , فِي قَوْله : ( { وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ أَبُو بَكْر : هَذَا عَنْوَة . )20505 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثَنَا الْأَعْمَش , عَنْ مُسْلِم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } قَالَ : إِذَا دَخَلُوهَا عَنْوَة خَرَّبُوهَا. )20506 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : ( { قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّة أَهْلهَا أَذِلَّة } قَالَ اِبْن عَبَّاس : يَقُول اللَّه : { وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ } . )

وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } </subtitle>ذُكِرَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنِّي مُرْسِلَة إِلَى سُلَيْمَان , لِتَخْتَبِرهُ بِذَلِكَ وَتَعْرِفهُ بِهِ , أَمَلِك هُوَ , أَمْ نَبِيّ ؟ وَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَل الْهَدِيَّة , وَلَمْ يَرْضَهُ مِنَّا , إِلَّا أَنْ نَتَّبِعهُ عَلَى دِينه , وَإِنْ يَكُنْ مَلِكًا قَبِلَ الْهَدِيَّة وَانْصَرَفَ . ذِكْر الرِّوَايَة عَمَّنْ قَالَ ذَلِكَ : 20507 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَتْ : ( { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا , وَنَتَّبِع دِينه , وَنَلْحَق بِهِ . )20508 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : بِجَوَارٍ لِبَاسهمْ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان لِبَاسهمْ لِبَاس الْجَوَارِي . )20509 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : (قَوْلهَا : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : مِائَتَيْ غُلَام وَمِائَتَيْ جَارِيَة . )قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : قَوْله : ( { بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : جَوَارٍ أَلْبَسَتْهُنَّ لِبَاس الْغِلْمَان , وَغِلْمَان أَلْبَسَتْهُمْ لِبَاس الْجَوَارِي . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : قَالَ [ مُجَاهِد ] : قَالَتْ : (فَإِنْ خَلَّصَ الْجَوَارِي مِنْ الْغِلْمَان , وَرَدَّ الْهَدِيَّة فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ . )قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : (فَخَلَّصَ سُلَيْمَان بَعْضهمْ مِنْ بَعْض , وَلَمْ يَقْبَل هَدِيَّتهَا . )20510 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ , قَالَ : (أَهْدَتْ لَهُ صَفَائِح الذَّهَب فِي أَوْعِيَة الدِّيبَاج ; فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ سُلَيْمَان أَمَرَ الْجِنّ فَمَوَّهُوا لَهُ الْآجُرّ بِالذَّهَبِ , ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي الطُّرُق ; فَلَمَّا جَاءُوا فَرَأَوْهُ مُلْقًى مَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , صَغُرَ فِي أَعْيُنهمْ مَا جَاءُوا بِهِ . )20511 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { إِنَّ الْمُلُوك إِذَا دَخَلُوا قَرْيَة أَفْسَدُوهَا } الْآيَة , وَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا الرَّجُل إِنْ كَانَ إِنَّمَا هِمَّته الدُّنْيَا فَسَنُرْضِيهِ , وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يُرِيد الدِّين فَلَنْ يَقْبَل غَيْره { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } . )20512 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (كَانَتْ بِلْقِيس اِمْرَأَة لَبِيبَة أَدِيبَة فِي بَيْت مُلْك , لَمْ تَمْلِك إِلَّا لِبَقَايَا مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلهَا , إِنَّهُ قَدْ سَيِسَتْ وَسَاسَتْ حَتَّى أَحْكَمَهَا ذَلِكَ , وَكَانَ دِينهَا وَدِين قَوْمهَا فِيمَا ذُكِرَ الزِّنْدِيقِيَّة ; فَلَمَّا قَرَأَتْ الْكِتَاب سَمِعَتْ كِتَابًا لَيْسَ مِنْ كُتُب الْمُلُوك الَّتِي كَانَتْ قَبْلهَا , فَبَعَثَتْ إِلَى الْمَقَاوِلَة مِنْ أَهْل الْيَمَن , فَقَالَتْ لَهُمْ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم , إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَان وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم , أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } إِلَى قَوْله { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } ثُمَّ قَالَتْ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَاب لَمْ يَأْتِنِي مِثْله مِنْ مَلِك مِنْ الْمُلُوك قَبْله , فَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل نَبِيًّا مُرْسَلًا فَلَا طَاقَة لَنَا بِهِ وَلَا قُوَّة , وَإِنْ يَكُنْ الرَّجُل مَلِكًا يُكَاثِر , فَلَيْسَ بِأَعَزّ مِنَّا , وَلَا أَعَدّ . فَهَيَّأَتْ هَدَايَا مِمَّا يُهْدَى لِلْمُلُوكِ , مِمَّا يُفْتَنُونَ بِهِ , فَقَالَتْ : إِنْ يَكُنْ مَلِكًا فَسَيَقْبَلُ الْهَدِيَّة وَيَرْغَب فِي الْمَال , وَإِنْ يَكُنْ نَبِيًّا فَلَيْسَ لَهُ فِي الدُّنْيَا حَاجَة , وَلَيْسَ إِيَّاهَا يُرِيد , إِنَّمَا يُرِيد أَنْ نَدْخُل مَعَهُ فِي دِينه وَنَتَّبِعهُ عَلَى أَمْره , )أَوْ كَمَا قَالَتْ . 20513 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } بَعَثَتْ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , لِبَاسهمْ لِبَاس وَاحِد , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة فَهُوَ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّبِعهُ , وَنَدْخُل فِي دِينه ; فَزَيَّلَ سُلَيْمَان بَيْن الْغِلْمَان وَالْجَوَارِي , وَرَدَّ الْهَدِيَّة , فَقَالَ { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } . )20514 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (كَانَ فِي الْهَدَايَا الَّتِي بَعَثَتْ بِهَا وَصَائِف وَوُصَفَاء يَخْتَلِفُونَ فِي ثِيَابهمْ , لِتَمْيِيزِ الْغِلْمَان مِنْ الْجَوَارِي , قَالَ : فَدَعَا بِمَاءٍ , فَجَعَلَ الْجَوَارِي يَتَوَضَّأْنَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى أَسْفَل , وَجَعَلَ الْغِلْمَان يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمِرْفَق إِلَى فَوْق . )قَالَ : وَكَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث. 20515 - حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح : ( { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ } قَالَ : أَرْسَلَتْ بِلَبِنَةٍ مِنْ ذَهَب , وَقَالَتْ : إِنْ كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا عَلِمْته , وَإِنْ كَانَ يُرِيد الْآخِرَة عَلِمْته .)|فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ|وَقَوْله : { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } تَقُول : فَأَنْظُر بِأَيِّ شَيْء مِنْ خَبَره وَفِعْله فِي هَدِيَّتِي الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَيْهِ تَرْجِع رُسُلِي , أَبِقَبُولٍ وَانْصِرَاف عَنَّا , أَمْ بِرَدِّ الْهَدِيَّة وَالثَّبَات عَلَى مُطَالَبَتنَا بِاتِّبَاعِهِ عَلَى دِينه ؟ وَأُسْقِطَتْ الْأَلِف مِنْ | مَا | فِي قَوْله { بِمَ } وَأَصْله : بِمَا , لِأَنَّ الْعَرَب إِذَا كَانَتْ | مَا | بِمَعْنَى : أَيّ , ثُمَّ وَصَلُوهَا بِحَرْفٍ خَافِض أَسْقَطُوا أَلِفهَا تَفْرِيقًا بَيْن الِاسْتِفْهَام وَغَيْره , كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ { عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ } [78 1 ]و { قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ } [4 97 ], وَرُبَّمَا أَثْبَتُوا فِيهَا الْأَلِف , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>عَلَامَا قَامَ يَشْتُمنِي لَئِيم .......... كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي تُرَاب <br>وَقَالَتْ : { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ } وَإِنَّمَا أَرْسَلَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَحْده عَلَى النَّحْو الَّذِي بَيَّنَّا فِي قَوْله : { عَلَى خَوْف مِنْ فِرْعَوْن وَمَلَئِهِمْ } [10 83]

وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

وَقَوْله : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } . إِنْ قَالَ قَائِل : وَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } فَجُعِلَ الْخَبَر فِي مَجِيء سُلَيْمَان عَنْ وَاحِد , وَقَدْ قَالَ قَبْل ذَلِكَ { فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَإِنْ كَانَ الرَّسُول كَانَ وَاحِدًا , فَكَيْفَ قِيلَ { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَة فَكَيْفَ قِيلَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } ؟ قِيلَ : هَذَا نَظِير مَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْل مِنْ إِظْهَار الْعَرَب الْخَبَر فِي أَمْر كَانَ مِنْ وَاحِد عَلَى وَجْه الْخَبَر , عَنْ جَمَاعَة إِذَا لَمْ يَقْصِد قَصْد الْخَبَر عَنْ شَخْص وَاحِد بِعَيْنِهِ , يُشَار إِلَيْهِ بِعَيْنِهِ , فَسُمِّيَ فِي الْخَبَر . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الرَّسُول الَّذِي وَجَّهَتْهُ مَلِكَة سَبَإ إِلَى سُلَيْمَان كَانَ أَمْرَأً وَاحِدًا , فَلِذَلِكَ قَالَ : { فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان } يُرَاد بِهِ : فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُول سُلَيْمَان ; وَاسْتَدَلَّ قَائِلُو ذَلِكَ عَلَى صِحَّة مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِ سُلَيْمَان لِلرَّسُولِ : { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه , فَلَمَّا جَاءُوا سُلَيْمَان عَلَى الْجَمْع , وَذَلِكَ لِلَّفْظِ قَوْله : { بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } فَصَلَحَ الْجَمْع لِلَّفْظِ وَالتَّوْحِيد لِلْمَعْنَى .|قَالَ أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ|وَقَوْله : { قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ } يَقُول : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا جَاءَ الرَّسُول مِنْ قِبَل الْمَرْأَة بِهَدَايَاهَا : أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ. وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة | أَتُمِدُّونَنِي | بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء. وَقَرَأَهُ بَعْض الْكُوفِيِّينَ مِثْل ذَلِكَ , غَيْر أَنَّهُ حَذَفَ الْيَاء مِنْ آخِر ذَلِكَ وَكَسَرَ النُّون الْأَخِيرَة . وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْبَصْرَة بِنُونَيْنِ , وَإِثْبَات الْيَاء فِي الْوَصْل وَحَذْفهَا فِي الْوَقْف. وَقَرَأَهُ بَعْض قُرَّاء الْكُوفَة بِتَشْدِيدِ النُّون وَإِثْبَات الْيَاء . وَكُلّ هَذِهِ الْقِرَاءَات مُتَقَارِبَات وَجَمِيعهَا صَوَاب , لِأَنَّهَا مَعْرُوفَة فِي لُغَات الْعَرَب , مَشْهُورَة فِي مَنْطِقهَا .|فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ|وَقَوْله : { فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ } يَقُول : فَمَا آتَانِي اللَّه مِنْ الْمَال وَالدُّنْيَا أَكْثَر مِمَّا أَعْطَاكُمْ مِنْهَا وَأَفْضَل .|بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ|يَقُول : مَا أَفْرَح بِهَدِيَّتِكُمْ الَّتِي أَهْدَيْتُمْ إِلَيَّ , بَلْ أَنْتُمْ تَفْرَحُونَ بِالْهَدِيَّةِ الَّتِي تُهْدَى إِلَيْكُمْ , لِأَنَّكُمْ أَهْل مُفَاخَرَة بِالدُّنْيَا , وَمُكَاثَرَة بِهَا , وَلَيْسَتْ الدُّنْيَا وَأَمْوَالهَا مِنْ حَاجَتِي , لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْره قَدْ مَكَّنَنِي مِنْهَا وَمَلَّكَنِي فِيهَا مَا لَمْ يُمَلِّك أَحَدًا .

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ

{ اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ } وَهَذَا قَوْل سُلَيْمَان لِرَسُولِ الْمَرْأَة { اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا وَلَا قُدْرَة لَهُمْ عَلَى دَفْعهمْ عَمَّا أَرَادُوا مِنْهُمْ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20516 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (لَمَّا أَتَتْ الْهَدَايَا سُلَيْمَان فِيهَا الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء , وَالْخَيْل الْعِرَاب , وَأَصْنَاف مِنْ أَصْنَاف الدُّنْيَا , قَالَ لِلرُّسُلِ . الَّذِينَ جَاءُوا بِهِ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِي بِهَدِيَّتِكُمْ , وَلَيْسَ رَأْيِي فِيهِ كَرَأْيِكُمْ , فَارْجِعُوا إِلَيْهَا بِمَا جِئْتُمْ بِهِ مِنْ عِنْدهَا , { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } . )20517 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ أَبِي صَالِح فِي قَوْله : ( { فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُمْ بِهَا } قَالَ : لَا طَاقَة لَهُمْ بِهَا .)|وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ|وَقَوْله : { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } يَقُول : وَلَنُخْرِجَنَّ مَنْ أَرْسَلَكُمْ مِنْ أَرْضهمْ أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ إِنْ لَمْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20518 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُمْ صَاغِرُونَ } , أَوْ لَتَأْتِيَنِّي مُسْلِمَة هِيَ وَقَوْمهَا.)

وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } </subtitle>اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْحِين الَّذِي قَالَ فِيهِ سُلَيْمَان { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } فَقَالَ بَعْضهمْ : قَالَ ذَلِكَ حِين أَتَاهُ الْهُدْهُد بِنَبَإ صَاحِبَة سَبَأ , وَقَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَأ بِنَبَإ يَقِين } وَأَخْبَرَهُ أَنَّ لَهَا عَرْشًا عَظِيمًا , فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } فَكَانَ اِخْتِبَاره صِدْقه مِنْ كَذِبه بِأَنْ قَالَ لِهَؤُلَاءِ : أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِ هَذِهِ الْمَرْأَة قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . وَقَالُوا إِنَّمَا كَتَبَ سُلَيْمَان الْكِتَاب مَعَ الْهُدْهُد إِلَى الْمَرْأَة بَعْد مَا صَحَّ عِنْده صِدْق الْهُدْهُد بِمَجِيءِ الْعَالِم بِعَرْشِهَا إِلَيْهِ عَلَى مَا وَصَفَهُ بِهِ الْهُدْهُد , قَالُوا : وَلَوْلَا ذَلِكَ كَانَ مُحَالًا أَنْ يَكْتُب مَعَهُ كِتَابًا إِلَى مَنْ لَا يَدْرِي , هَلْ هُوَ فِي الدُّنْيَا أَمْ لَا ؟ قَالُوا : وَأُخْرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَتَبَ مَعَ الْهُدْهُد كِتَابًا إِلَى الْمَرْأَة قَبْل مَجِيء عَرْشهَا إِلَيْهِ , وَقَبْل عِلْمه صِدْق الْهُدْهُد بِذَلِكَ , لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ لَهُ { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } مَعْنَى , لِأَنَّهُ لَا يُلِمّ بِخَبَرِهِ الثَّانِي مِنْ إِبْلَاغه إِيَّاهَا الْكِتَاب , أَوْ تَرْك إِبْلَاغه إِيَّاهَا ذَلِكَ , إِلَّا نَحْو الَّذِي عَلِمَ بِخَبَرِهِ الْأَوَّل حِين قَالَ لَهُ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالُوا : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَاب مَعَهُمْ اِمْتِحَان صِدْقه مِنْ كَذِبه , وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَقُول نَبِيّ اللَّه قَوْلًا لَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ قَالَ : { سَنَنْظُرُ أَصَدَقْت أَمْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ } عَلِمَ أَنَّ الَّذِي اِمْتَحَنَ بِهِ صِدْق الْهُدْهُد مِنْ كَذِبه هُوَ مَصِير عَرْش الْمَرْأَة إِلَيْهِ , عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْهُدْهُد الشَّاهِد عَلَى صِدْقه , ثُمَّ كَانَ الْكِتَاب مَعَهُ بَعْد ذَلِكَ إِلَيْهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20519 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (إِنَّ سُلَيْمَان أُوتِيَ مُلْكًا , وَكَانَ لَا يَعْلَم أَنَّ أَحَدًا أُوتِيَ مُلْكًا غَيْره ; فَلَمَّا فَقَدَ الْهُدْهُد سَأَلَهُ : مِنْ أَيْنَ جِئْت ؟ وَوَعَدَهُ وَعِيدًا شَدِيدًا بِالْقَتْلِ وَالْعَذَاب , قَالَ : { جِئْتُك مِنْ سَبَإ بِنَبَإ يَقِين } قَالَ لَهُ سُلَيْمَان : مَا هَذَا النَّبَأ ؟ قَالَ الْهُدْهُد : { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة } بِسَبَإ { تَمْلِكهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلّ شَيْء ولَهَا عَرْش عَظِيم } فَلَمَّا أَخْبَرَ الْهُدْهُد سُلَيْمَان أَنَّهُ وَجَدَ سُلْطَانًا , أَنْكَرَ أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ فِي الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , فَقَالَ لِمَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ؟ قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } وَهُوَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب فِيهِ اِسْم اللَّه الْأَكْبَر , الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } فَدَعَا بِالِاسْمِ وَهُوَ عِنْده قَائِم , فَاحْتَمَلَ الْعَرْش اِحْتِمَالًا حَتَّى وُضِعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان , وَاَللَّه صَنَعَ ذَلِكَ ; فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَانَ بِالْعَرْشِ وَهُمْ مُشْرِكُونَ , يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَر , أَخْبَرَهُ الْهُدْهُد بِذَلِكَ , فَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ثُمَّ بَعَثَهُ إِلَيْهِمْ , حَتَّى إِذَا جَاءَ الْهُدْهُد الْمَلِكَة أَلْقَى إِلَيْهَا الْكِتَاب { قَالَتْ يَا أَيّهَا الْمَلَأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَاب كَرِيم } إِلَى { وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَتْ لِقَوْمِهَا مَا قَالَتْ { وَإِنِّي مُرْسِلَة إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَة بِمَ يَرْجِع الْمُرْسَلُونَ } قَالَ : وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ بِوَصَائِف وَوُصَفَاء , وَأَلْبَسَتْهُمْ لِبَاسًا وَاحِدًا , حَتَّى لَا يُعْرَف ذَكَر مِنْ أُنْثَى , فَقَالَتْ : إِنْ زَيَّلَ بَيْنهمْ حَتَّى يَعْرِف الذَّكَر مِنْ الْأُنْثَى , ثُمَّ رَدَّ الْهَدِيَّة , فَإِنَّهُ نَبِيّ , وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُك مُلْكنَا وَنَتَّبِع دِينه وَنَلْحَق بِهِ , فَرَدَّ سُلَيْمَان الْهَدِيَّة وَزَيَّلَ بَيْنهمْ , فَقَالَ : هَؤُلَاءِ غِلْمَان , وَهَؤُلَاءِ جَوَارٍ , وَقَالَ : { أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّه خَيْر مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } إِلَى آخِر الْآيَة . )20520 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة تَمْلِكهُمْ } الْآيَة ; قَالَ : وَأَنْكَرَ سُلَيْمَان أَنْ يَكُون لِأَحَدٍ عَلَى الْأَرْض سُلْطَان غَيْره , قَالَ لِمَنْ حَوْله مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } الْآيَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ إِنَّمَا اِخْتَبَرَ صِدْق الْهُدْهُد سُلَيْمَان بِالْكِتَابِ , وَإِنَّمَا سَأَلَ مَنْ عِنْده إِحْضَاره عَرْش الْمَرْأَة بَعْد مَا خَرَجَتْ رُسُلهَا مِنْ عِنْده , وَبَعْد أَنْ أَقْبَلَتْ الْمَرْأَة إِلَيْهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20521 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (لَمَّا رَجَعَتْ إِلَيْهَا الرُّسُل بِمَا قَالَ سُلَيْمَان : قَالَتْ : وَاَللَّه عَرَفْت مَا هَذَا بِمَلِكٍ , وَمَا لَنَا بِهِ طَاقَة , وَمَا نَصْنَع بِمُكَاثَرَتِهِ شَيْئًا , وَبَعَثَتْ : إِنِّي قَادِمَة عَلَيْك بِمُلُوكِ قَوْمِي , حَتَّى أَنْظُر مَا أَمْرك , وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ دِينك . ثُمَّ أَمَرَتْ بِسَرِيرِ مُلْكهَا , الَّذِي كَانَتْ تَجْلِس عَلَيْهِ , وَكَانَ مِنْ ذَهَب مُفَصَّص بِالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَد وَاللُّؤْلُؤ , فَجُعِلَ فِي سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا فِي بَعْض , ثُمَّ أُقْفِلَتْ عَلَيْهِ الْأَبْوَاب . وَكَانَتْ إِنَّمَا يَخْدُمهَا النِّسَاء , مَعَهَا سِتّ مِائَة اِمْرَأَة يَخْدُمْنَهَا ; ثُمَّ قَالَتْ لِمَنْ خَلَفَتْ عَلَى سُلْطَانهَا , اِحْتَفِظْ بِمَا قِبَلك , وَبِسَرِيرِ مُلْكِي , فَلَا يَخْلُص إِلَيْهِ أَحَد مِنْ عِبَاد اللَّه , وَلَا يَرَيَنه أَحَد حَتَّى آتِيَك ; ثُمَّ شَخَصَتْ إِلَى سُلَيْمَان فِي اِثْنَيْ عَشَر أَلْف قِيلَ مَعَهَا مِنْ مُلُوك الْيَمَن , تَحْت يَد كُلّ قَيْل مِنْهُمْ أُلُوف كَثِيرَة , فَجَعَلَ سُلَيْمَان يَبْعَث الْجِنّ , . فَيَأْتُونَهُ بِمَسِيرِهَا وَمُنْتَهَاهَا كُلّ يَوْم وَلَيْلَة , حَتَّى إِذَا دَنَتْ جَمَعَ مَنْ عِنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس مِمَّنْ تَحْت يَده , فَقَالَ : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . )وَتَأْوِيل الْكَلَام : قَالَ سُلَيْمَان لِأَشْرَافِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ جُنْده مِنْ الْجِنّ وَالْإِنْس : { يَا أَيّهَا الْمَلَأ أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } يَعْنِي سَرِيرهَا. كَمَا : 20522 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد قَوْله : ( { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : سَرِير فِي أَرِيكَة . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : (عَرْشهَا سَرِير فِي أَرِيكَة . )قَالَ اِبْن جُرَيْج : (سَرِير مِنْ ذَهَب , قَوَائِمه مِنْ جَوْهَر وَلُؤْلُؤ . )20523 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } بِسَرِيرِهَا. )وَقَالَ اِبْن زَيْد فِي ذَلِكَ مَا : 20524 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان مَسْأَلَة الْمَلَأ مِنْ جُنْده إِحْضَار عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة مِنْ بَيْن أَمْلَاكهَا قَبْل إِسْلَامهَا , فَقَالَ بَعْضهمْ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْجَبَهُ حِين وَصَفَ لَهُ الْهُدْهُد صِفَته , وَخَشِيَ أَنْ تُسْلِم فَيُحَرَّم عَلَيْهِ مَالهَا , فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذ سَرِيرهَا ذَلِكَ قَبْل أَنْ يُحَرَّم عَلَيْهِ أَخْذه بِإِسْلَامِهَا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20525 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (أَخْبَرَ سُلَيْمَان الْهُدْهُد أَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ لِتَأْتِيهِ , وَأَخْبَرَ بِعَرْشِهَا فَأَعْجَبَهُ . كَانَ مِنْ ذَهَب وَقَوَائِمه مِنْ جَوْهَر مُكَلَّل بِاللُّؤْلُؤِ , فَعَرَفَ أَنَّهُمْ إِنْ جَاءُوهُ مُسْلِمِينَ لَمْ تَحِلّ لَهُمْ أَمْوَالهمْ , فَقَالَ لِلْجِنِّ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ فَعَلَ ذَلِكَ سُلَيْمَان لِيُعَاتِبهَا بِهِ , وَيَخْتَبِر بِهِ عَقْلهَا , هَلْ تُثْبِتهُ إِذَا رَأَتْهُ , أَمْ تُنْكِرهُ ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20526 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : (أَعْلَمَ اللَّه سُلَيْمَان أَنَّهَا سَتَأْتِيهِ , فَقَالَ : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } حَتَّى يُعَاتِبهَا , وَكَانَتْ الْمُلُوك يَتَعَاتَبُونَ بِالْعِلْمِ . )وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْتَسْلِمِينَ طَوْعًا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20527 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } يَقُول : طَائِعِينَ. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ الْإِسْلَام الَّذِي هُوَ دِين اللَّه. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20528 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج : ( { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِحُرْمَةِ الْإِسْلَام فَيَمْنَعهُمْ وَأَمْوَالهمْ , يَعْنِي الْإِسْلَام يَمْنَعهُمْ . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ فِي السَّبَب الَّذِي مِنْ أَجْله خَصَّ سُلَيْمَان بِسُؤَالِهِ الْمَلَأ مِنْ جُنْده بِإِحْضَارِهِ عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة دُون سَائِر مُلْكهَا عِنْدنَا , لِيَجْعَل ذَلِكَ حُجَّة عَلَيْهَا فِي نُبُوَّته , وَيُعَرِّفهَا بِذَلِكَ قُدْرَة اللَّه وَعَظِيم شَأْنه , أَنَّهَا خَلَفَتْهُ فِي بَيْت فِي جَوْف أَبْيَات , بَعْضهَا فِي جَوْف بَعْض , مُغْلَق مُقْفَل عَلَيْهَا , فَأَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ ذَلِكَ كُلّه , بِغَيْرِ فَتْح أَغْلَاق وَأَقْفَال , حَتَّى أَوْصَلَهُ إِلَى وَلِيَّة مِنْ خَلْقه , وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ , فَكَانَ لَهَا فِي ذَلِكَ أَعْظَم حُجَّة , عَلَى حَقِيقَة مَا دَعَاهَا إِلَيْهِ سُلَيْمَان , وَعَلَى صِدْق سُلَيْمَان فِيمَا أَعْلَمهَا مِنْ نُبُوَّته . فَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي قَوْله { قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } بِتَأْوِيلِهِ , فَقَوْل اِبْن عَبَّاس الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْل , مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ طَائِعِينَ , لِأَنَّ الْمَرْأَة لَمْ تَأْتِ سُلَيْمَان إِذْ أَتَتْهُ مُسْلِمَة , وَإِنَّمَا أَسْلَمَتْ بَعْد مَقْدِمهَا عَلَيْهِ وَبَعْد مُحَاوَرَة جَرَتْ بَيْنهمَا وَمُسَاءَلَة .

وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

وَقَوْله : { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ رَئِيس مِنْ الْجِنّ مَارِد قَوِيّ. وَلِلْعَرَبِ فِيهِ لُغَتَانِ : عِفْرِيت , وَعِفْرِيَة ; فَمَنْ قَالَ : عِفْرِيَة , جَمْعه : عَفَارِيَة ; وَمَنْ قَالَ : عِفْرِيت , جَمْعه : عَفَارِيت. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20529 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , قَالَ : قَالَ اِبْن جُرَيْج , قَالَ مُجَاهِد : ( { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ } قَالَ : مَارِد مِنْ الْجِنّ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } . )20530 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله . 20531 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ بَعْض أَصْحَابه : ( { قَالَ عِفْرِيت } قَالَ : دَاهِيَة . )20532 -قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي وَهْب بْن سُلَيْمَان , عَنْ شُعَيْب الْجُبَّائِيّ قَالَ : (الْعِفْرِيت الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه اِسْمه : كوزن . )20533 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم : ( { قَالَ عِفْرِيت } اِسْمه : كوزن .)|أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ|وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَقُول : أَنَا آتِيك بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقْعَدك هَذَا . وَكَانَ فَمَا ذُكِرَ قَاعِدًا لِلْقَضَاءِ بَيْن النَّاس , فَقَالَ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك هَذَا الَّذِي جَلَسْت فِيهِ لِلْحُكْمِ بَيْن النَّاس. وَذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ يَقْعُد إِلَى اِنْتِصَاف النَّهَار . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20534 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20535 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة وَغَيْره , مِثْله , قَالَ : (وَكَانَ يَقْضِي قَالَ : قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَجْلِسك الَّذِي تَقْضِي فِيهِ . )20536 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } يَعْنِي مَجْلِسه .)|وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ|وَقَوْله { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْجَوَاهِر , وَلَا أَخُون فِيهِ . وَقَدْ قِيلَ : أَمِين عَلَى فَرْج الْمَرْأَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20537 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } يَقُول : قَوِيّ عَلَى حَمْله , أَمِين عَلَى فَرْج هَذِهِ .)

ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

قَوْله : { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ كِتَاب اللَّه , وَكَانَ رَجُلًا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ بَنِي آدَم , فَقَالَ بَعْضهمْ : اِسْمه بليخا . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20538 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَثْمَة , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ بِشْر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : كَانَ اِسْمه بليخا . )20539 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن دَاوُد الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو أُسَامَة , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : ( { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } رَجُل مِنْ الْإِنْس . )20540 -حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثَنَا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة الْفَزَارِيّ , عَنْ الْعَلَاء بْن عَبْد الْكَرِيم , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب أَنَا آتِيك بِهِ } قَالَ : أَنَا أَنْظُر فِي كِتَاب رَبِّي , ثُمَّ آتِيك بِهِ { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : فَتَكَلَّمَ ذَلِكَ الْعَالِم بِكَلَامٍ دَخَلَ الْعَرْش تَحْت الْأَرْض حَتَّى خَرَجَ إِلَيْهِمْ . )20541 - حَدَّثَنَا اِبْن عَرَفَة , قَالَ : ثني حَمَّاد بْن مُحَمَّد , عَنْ عُثْمَان بْن مَطَر , عَنْ الزُّهْرِيّ , قَالَ : (دَعَا الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : يَا إِلَهنَا وَإِلَه كُلّ شَيْء إِلَهًا وَاحِدًا , لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ , اِئْتِنِي بِعَرْشِهَا , قَالَ : فَمَثُلَ بَيْن يَدَيْهِ. )20542 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { قَالَ الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : رَجُل مِنْ بَنِي آدَم أَحْسَبهُ قَالَ : مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , كَانَ يَعْلَم اِسْم اللَّه الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . )20543 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب } قَالَ : الِاسْم الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ , وَهُوَ : يَا ذَا الْجَلَال وَالْإِكْرَام . )20544 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول : (قَالَ سُلَيْمَان لِمَنْ حَوْله : { أَيّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْل أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فَقَالَ عِفْرِيت { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك } قَالَ سُلَيْمَان : أُرِيد أَعْجَل مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ رَجُل مِنْ الْإِنْس عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , يَعْنِي اِسْم اللَّه إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ . )20545 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : ( { قَالَ عِفْرِيت مِنْ الْجِنّ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } لَا آتِيك بِغَيْرِهِ , أَقُول غَيْره أَمْثَله لَك. قَالَ : وَخَرَجَ يَوْمئِذٍ رَجُل عَابِد فِي جَزِيرَة مِنْ الْبَحْر , فَلَمَّا سَمِعَ الْعِفْرِيت { قَالَ أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : ثُمَّ دَعَا بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاء اللَّه , فَإِذَا هُوَ يُحْمَل بَيْن عَيْنَيْهِ , وَقَرَأَ : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي } حَتَّى بَلَغَ { إِنَّ رَبِّي غَنِيّ كَرِيم } . )20546 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , قَالَ : قَالَ (رَجُل مِنْ الْإِنْس . )قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِد : (الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب : عِلْم اِسْم اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : الَّذِي عِنْده عِلْم مِنْ الْكِتَاب , كَانَ آصف . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20547 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق : ( { قَالَ عِفْرِيت } لِسُلَيْمَان { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ تَقُوم مِنْ مَقَامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِين } فَزَعَمُوا أَنَّ سُلَيْمَان بْن دَاوُد قَالَ : أَبْتَغِي أَعْجَل مِنْ هَذَا , فَقَالَ آصف بْن برخيا , وَكَانَ صِدِّيقًا يَعْلَم الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي إِذَا دُعِيَ اللَّه بِهِ أَجَابَ , وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى : { أَنَا } يَا نَبِيّ اللَّه { آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } . )|أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ|وَقَوْله : { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَصِل إِلَيْك مَنْ كَانَ مِنْك عَلَى مَدّ الْبَصَر . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20548 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك أَقْصَى مَنْ تَرَى , فَذَلِكَ قَوْله { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك }. )20549 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , قَالَ : قَالَ غَيْر قَتَادَة : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَبْل أَنْ يَأْتِيَك الشَّخْص مِنْ مَدّ الْبَصَر . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : مِنْ قَبْل أَنْ يَبْلُغ طَرْفك مَدَاهُ وَغَايَته . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20550 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } تَمُدّ عَيْنَيْك فَلَا يَنْتَهِي طَرْفك إِلَى مَدَاهُ حَتَّى أَمْثُلهُ بَيْن يَدَيْك . قَالَ : ذَلِكَ أُرِيد . )20551 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا عَثَّام , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّهُ قَالَ : (اِرْفَعْ طَرْفك مِنْ حَيْثُ يَجِيء , فَلَمْ يَرْجِع إِلَيْهِ طَرْفه حَتَّى وُضِعَ الْعَرْش بَيْن يَدَيْهِ . )20552 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا يَحْيَى , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ عَطَاء , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : مَدّ بَصَره. )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يُرَدّ الطَّرَف خَاسِئًا . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَبْل أَنْ يَرْتَدّ إِلَيْك طَرْفك } قَالَ : إِذَا مُدَّ الْبَصَر حَتَّى يَحْسِر الطَّرْف . )قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : قَبْل أَنْ يَرْجِع إِلَيْك طَرْفك مِنْ أَقْصَى أَثَره , وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْله { يَرْتَدّ إِلَيْك } يَرْجِع إِلَيْك الْبَصَر , إِذَا فَتَحْت الْعَيْن غَيْر رَاجِع , بَلْ إِنَّمَا يَمْتَدّ مَاضِيًا إِلَى أَنْ يَتَنَاهَى مَا اِمْتَدَّ نُوره . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَنَا عَنْ قَائِل ذَلِكَ { أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ } لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نَقُول : أَنَا آتِيك بِهِ قَبْل أَنْ يَرْتَدّ رَاجِعًا { إِلَيْك طَرْفك } مِنْ عِنْد مُنْتَهَاهُ .|فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ|وَقَوْله : { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده } يَقُول : فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَان عَرْش مَلِكَة سَبَإ مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ عَمَّا تُرِكَ , وَهُوَ : فَدَعَا اللَّه , فَأَتَى بِهِ ; فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان مُسْتَقِرًّا عِنْده . وَذُكِرَ أَنَّ الْعَالِم دَعَا اللَّه , فَغَارَ الْعَرْش فِي الْمَكَان الَّذِي كَانَ بِهِ , ثُمَّ نَبَعَ مِنْ تَحْت الْأَرْض بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20553 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (ذَكَرُوا أَنَّ آصف بْن برخيا تَوَضَّأَ , ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه , اُمْدُدْ عَيْنك حَتَّى يَنْتَهِيَ طَرْفك , فَمَدَّ سُلَيْمَان عَيْنه يَنْظُر إِلَيْهِ نَحْو الْيَمَن , وَدَعَا آصف فَانْخَرَقَ بِالْعَرْشِ مَكَانه الَّذِي هُوَ فِيهِ , ثُمَّ نَبَعَ بَيْن يَدَيْ سُلَيْمَان { فَلَمَّا رَآهُ } سُلَيْمَان { مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } الْآيَة . )20554 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : (نَبَعَ عَرْشهَا مِنْ تَحْت الْأَرْض .)|قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ|وَقَوْله : { قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي } يَقُول : هَذَا الْبَصَر وَالتَّمَكُّن وَالْمُلْك وَالسُّلْطَان الَّذِي أَنَا فِيهِ حَتَّى حُمِلَ إِلَيَّ عَرْش هَذِهِ فِي قَدْر اِرْتِدَاد الطَّرْف مِنْ مَأْرِب إِلَى الشَّام , مِنْ فَضْل رَبِّي الَّذِي أَفَضَلَهُ عَلَيَّ وَعَطَائِهِ الَّذِي جَادَ بِهِ عَلَيَّ , لِيَبْلُوَنِي , يَقُول : لِيَخْتَبِرَنِي وَيَمْتَحِننِي , أَأَشْكُرُ ذَلِكَ مِنْ فِعْله عَلَيَّ , أَمْ أَكْفُر نِعْمَته عَلَيَّ بِتَرْكِ الشُّكْر لَهُ ؟ وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مَعْنَاهُ : أَأَشْكُرُ عَلَى عَرْش هَذِهِ الْمَرْأَة إِذْ أُتِيت بِهِ , أَمْ أَكْفُر إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20555 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْده قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ } عَلَى السَّرِير إِذْ أَتَيْت بِهِ { أَمْ أَكْفُر } إِذْ رَأَيْت مَنْ هُوَ دُونِي فِي الدُّنْيَا أَعْلَم مِنِّي ؟ .)|وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ|وَقَوْله : { وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُر لِنَفْسِهِ } يَقُول : وَمَنْ شَكَرَ نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا يَشْكُر طَلَب نَفْع نَفْسه , لِأَنَّهُ لَيْسَ يَنْفَع بِذَلِكَ غَيْر نَفْسه , لِأَنَّهُ لَا حَاجَة لِلَّهِ إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه , وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ إِلَى شُكْره تَعْرِيضًا مِنْهُ لَهُمْ لِلنَّفْعِ , لَا لِاجْتِلَابٍ مِنْهُ بِشُكْرِهِمْ إِيَّاهُ نَفْعًا إِلَى نَفْسه , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْهَا .|وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ|يَقُول : وَمَنْ كَفَرَ نِعَمه وَإِحْسَانه إِلَيْهِ , وَفَضْله عَلَيْهِ , لِنَفْسِهِ ظَلَمَ , وَحَظّهَا بَخَسَ , وَاَللَّه غَنِيّ عَنْ شُكْره , لَا حَاجَة بِهِ إِلَيْهِ , لَا يَضُرّهُ كُفْر مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقه , كَرِيم , وَمِنْ كَرَمه إِفْضَاله عَلَى مَنْ يَكْفُر نِعَمه , وَيَجْعَلهَا وُصْلَة يَتَوَصَّل بِهَا إِلَى مَعَاصِيه .

بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ سُلَيْمَان لَمَّا أَتَى عَرْش بِلْقِيس صَاحِبَة سَبَإ , وَقَدِمَتْ هِيَ عَلَيْهِ , لِجُنْدِهِ : غَيِّرُوا لِهَذِهِ الْمَرْأَة سَرِيرهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20556 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوا . )20557 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : (فَلَمَّا أَتَتْهُ { قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : وَتَنْكِير الْعَرْش , أَنَّهُ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ . )20558 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : غَيِّرُوهُ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , نَحْوه . 20559 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } قَالَ : مَجْلِسهَا الَّذِي تَجْلِس فِيهِ . )20560 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول , أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول , فِي قَوْله : ( { نَكِّرُوا لَهَا عَرْشهَا } أَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِيهِ , وَيُنْقِصُوا مِنْهُ .)|نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ|وَقَوْله : { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } يَقُول : نَنْظُر أَتَعْقِلُ فَتُثْبِت عَرْشهَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَهَا { أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } يَقُول : مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ فَلَا تُثْبِت عَرْشهَا . وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا نَكَّرَ لَهَا عَرْشهَا , وَأَمَرَ بِالصَّرْحِ يُعْمَل لَهَا , مِنْ أَجْل أَنَّ الشَّيَاطِين كَانُوا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا عَقْل لَهَا , وَأَنَّ رِجْلهَا كَحَافِرِ حِمَار , فَأَرَادَ أَنْ يَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20561 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { نَنْظُر أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } قَالَ : زِيدَ فِي عَرْشهَا وَنُقِصَ مِنْهُ , لِيَنْظُر إِلَى عَقْلهَا , فَوُجِدَتْ ثَابِتَة الْعَقْل . )20562 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } أَتَعْرِفُهُ. )* -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثني وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { نَنْظُر أَتَهْتَدِي } قَالَ : تَعْرِفهُ . )20563 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه : ( { أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ } أَيْ أَتَعْقِلُ , أَمْ تَكُون مِنْ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ؟ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِيَنْظُر أَتَعْرِفه , أَمْ لَا تَعْرِفهُ ؟)

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : لَمَّا جَاءَتْ صَاحِبَة سَبَإ سُلَيْمَان , أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , فَقَالَ لَهَا : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ } قَالَتْ وَشَبَّهَتْهُ بِهِ : { كَأَنَّهُ هُوَ } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20564 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (لَمَّا اِنْتَهَتْ إِلَى سُلَيْمَان وَكَلَّمَتْهُ أَخْرَجَ لَهَا عَرْشهَا , ثُمَّ قَالَ : { أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } . )20565 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } قَالَ : شَبَّهْته , وَكَانَتْ قَدْ تَرَكَتْهُ خَلْفهَا . )20566 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد : كَانَ أَبِي يُحَدِّثنَا هَذَا الْحَدِيث كُلّه , يَعْنِي حَدِيث سُلَيْمَان , وَهَذِهِ الْمَرْأَة ; ( { فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشك ؟ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ } شَكَّتْ .)|وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ|وَقَوْله : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل سُلَيْمَان , وَقَالَ سُلَيْمَان : { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } أَيْ هَذِهِ الْمَرْأَة , بِاَللَّهِ وَبِقُدْرَتِهِ عَلَى مَا يَشَاء , { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } لِلَّهِ مِنْ قَبْلهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20567 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { وَأُوتِينَا الْعِلْم مِنْ قَبْلهَا } قَالَ : سُلَيْمَان بِقَوْلِهِ. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله .

مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه }. </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَمَنَعَ هَذِهِ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ { مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } , وَذَلِكَ عِبَادَتهَا الشَّمْس أَنْ تَعْبُد اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20568 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه غَيْر الْوَثَن [ صَدَّهَا ] أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيج , عَنْ مُجَاهِد : ( { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } قَالَ : كُفْرهَا بِقَضَاءِ اللَّه , صَدَّهَا أَنْ تَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ . )وَلَوْ قِيلَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَصَدَّهَا سُلَيْمَان مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه , بِمَعْنَى : مَنَعَهَا وَحَالَ بَيْنهَا وَبَيْنه , كَانَ وَجْهًا حَسَنًا . وَلَوْ قِيلَ أَيْضًا : وَصَدَّهَا اللَّه ذَلِكَ بِتَوْفِيقِهَا لِلْإِسْلَامِ , كَانَ أَيْضًا وَجْهًا صَحِيحًا . وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْله : { وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُد مِنْ دُون اللَّه } التَّأْوِيل الَّذِي تَأَوَّلْنَا , كَانَتْ | مَا | مِنْ قَوْله { مَا كَانَتْ تَعْبُد } فِي مَوْضِع رَفْع بِالصَّدِّ , لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ لَمْ يَصُدّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه جَهْلهَا , وَأَنَّهَا لَا تَعْقِل , إِنَّمَا صَدَّهَا عَنْ عِبَادَة اللَّه عِبَادَتهَا الشَّمْس وَالْقَمَر , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ دِين قَوْمهَا وَآبَائِهَا , فَاتَّبَعَتْ فِيهِ آثَارهمْ . وَمَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآخَرِينَ كَانَتْ | مَا | فِي مَوْضِع نَصَب .|إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ|وَقَوْله : { إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْم كَافِرِينَ } يَقُول : إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَة كَانَتْ كَافِرَة مِنْ قَوْم كَافِرِينَ. وَكُسِرَتْ الْأَلِف مِنْ قَوْله | إِنَّهَا | عَلَى الِابْتِدَاء .

مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح } . </subtitle>ذُكِرَ أَنَّ سُلَيْمَان لَمَّا أَقْبَلَتْ صَاحِبَة سَبَإ تُرِيدهُ , أَمَرَ الشَّيَاطِين فَبَنَوْا لَهُ صَرْحًا , وَهُوَ كَهَيْئَةِ السَّطْح مِنْ قَوَارِير , وَأَجْرَى مِنْ تَحْته الْمَاء لِيَخْتَبِر عَقْلهَا بِذَلِكَ وَفَهْمهَا عَلَى نَحْو الَّذِي كَانَتْ تَفْعَل هِيَ مِنْ تَوْجِيههَا إِلَيْهِ الْوَصَائِف وَالْوُصَفَاء لِيُمَيِّز بَيْن الذُّكُور مِنْهُمْ وَالْإِنَاث مُعَاتَبَة بِذَلِكَ كَذَلِكَ . 20569 -حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ بَعْض أَهْل الْعِلْم , عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه , قَالَ : (أَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , وَقَدْ عَمِلَتْهُ لَهُ الشَّيَاطِين مِنْ زُجَاج كَأَنَّهُ الْمَاء بَيَاضًا , ثُمَّ أُرْسِلَ الْمَاء تَحْته , ثُمَّ وُضِعَ لَهُ فِيهِ سَرِيره , فَجَلَسَ عَلَيْهِ , وَعَكَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيْر وَالْجِنّ وَالْإِنْس , ثُمَّ قَالَ : { اُدْخُلِي الصَّرْح } لِيُرِيَهَا مُلْكًا هُوَ أَعَزّ مِنْ مُلْكهَا , وَسُلْطَانًا هُوَ أَعْظَم مِنْ سُلْطَانهَا { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } لَا تَشُكّ أَنَّهُ مَاء تَخُوضهُ , قِيلَ لَهَا : اُدْخُلِي إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير ; فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى سُلَيْمَان دَعَاهَا إِلَى عِبَادَة اللَّه وَعَاتَبَهَا فِي عِبَادَتهَا الشَّمْس دُون اللَّه , فَقَالَتْ بِقَوْلِ الزَّنَادِقَة , فَوَقَعَ سُلَيْمَان سَاجِدًا إِعْظَامًا لِمَا قَالَتْ , وَسَجَدَ مَعَهُ النَّاس ; وَسُقِطَ فِي يَدَيْهَا حِين رَأَتْ سُلَيْمَان صَنَعَ مَا صَنَعَ ; فَلَمَّا رَفَعَ سُلَيْمَان رَأْسه قَالَ : وَيْحك مَاذَا قُلْت ؟ قَالَ : وَأُنْسِيَتْ مَا قَالَتْ فَقَالَتْ : { رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } وَأَسْلَمَتْ , فَحَسُنَ إِسْلَامهَا . )وَقِيلَ : إِنَّ سُلَيْمَان إِنَّمَا أَمَرَ بِبِنَاءِ الصَّرْح عَلَى مَا وَصَفَهُ اللَّه , لِأَنَّ الْجِنّ خَافَتْ مِنْ سُلَيْمَان أَنْ يَتَزَوَّجهَا , فَأَرَادُوا أَنْ يُزَهِّدُوهُ فِيهَا , فَقَالُوا : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ , فَأَرَادَ سُلَيْمَان أَنْ يَعْلَم حَقِيقَة مَا أَخْبَرَتْهُ الْجِنّ مِنْ ذَلِكَ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20570 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , قَالَ : (قَالَتْ الْجِنّ لِسُلَيْمَان تُزَهِّدهُ فِي بِلْقِيس : إِنَّ رِجْلهَا رِجْل حِمَار , وَإِنَّ أُمّهَا كَانَتْ مِنْ الْجِنّ ; فَأَمَرَ سُلَيْمَان بِالصَّرْحِ , فَعُمِلَ , فَسُجِنَ فِيهِ دَوَابّ الْبَحْر : الْحِيتَان , وَالضَّفَادِع ; فَلَمَّا بَصُرَتْ بِالصَّرْحِ قَالَتْ : مَا وَجَدَ اِبْن دَاوُد عَذَابًا يَقْتُلنِي بِهِ إِلَّا الْغَرَق ! { فَحَسِبَتْهُ لُجَّة وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } قَالَ : فَإِذَا [ هِيَ ] أَحْسَن النَّاس سَاقًا وَقَدَمًا . قَالَ : فَضَنَّ سُلَيْمَان بِسَاقِهَا عَنْ الْمُوسَى , قَالَ : فَاُتُّخِذَتْ النُّورَة بِذَلِكَ السَّبَب . )وَجَائِز عِنْدِي أَنْ يَكُون سُلَيْمَان أَمَرَ بِاِتِّخَاذِ الصَّرْح لِلْأَمْرَيْنِ الَّذِي قَالَهُ وَهْب , وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ , لِيَخْتَبِر عَقْلهَا , وَيَنْظُر إِلَى سَاقهَا وَقَدَمهَا , لِيَعْرِف صِحَّة مَا قِيلَ لَهُ فِيهَا. وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ فِي مَعْنَى الصَّرْح مَا : 20571 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { الصَّرْح } قَالَ : بِرْكَة مِنْ مَاء ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَان قَوَارِير أَلْبَسَهَا . قَالَ : وَكَانَتْ بِلْقِيس هَلْبَاء شَعْرَاء , قَدَمهَا كَحَافِرِ الْحِمَار , وَكَانَتْ أُمّهَا جِنِّيَّة. )20572 - حَدَّثني أَحْمَد بْن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ , قَالَ : ثَنَا هِشَام بْن عَمَّار , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ النَّضْر بْن أَنَس , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَانَ أَحَد أَبَوَيْ صَاحِبَة سَبَإِ جِنِّيًّا |. )* - قَالَ : ثَنَا صَفْوَان بْن صَالِح , قَالَ : ثني الْوَلِيد , عَنْ سَعِيد بْن بَشِير , عَنْ قَتَادَة , عَنْ بَشِير بْن نَهِيك , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يَذْكُر النَّضْر بْن أَنَس.|فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا|وَقَوْله : { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } يَقُول : فَلَمَّا رَأَتْ الْمَرْأَة الصَّرْح حَسِبَتْهُ لِبَيَاضِهِ وَاضْطِرَاب دَوَابّ الْمَاء تَحْته لُجَّة بَحْر كَشَفَتْ مِنْ سَاقَيْهَا لِتَخُوضَهُ إِلَى سُلَيْمَان . وَنَحْو الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20573 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { قِيلَ لَهَا اُدْخُلِي الصَّرْح فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : وَكَانَ مِنْ قَوَارِير , وَكَانَ الْمَاء مِنْ خَلْفه فَحَسِبَتْهُ لُجَّة. )20574 - قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : بَحْرًا . )20575 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا اِبْن سَوَّار , قَالَ : ثَنَا رَوْح بْن الْقَاسِم , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا } فَإِذَا هُمَا شَعْرَاوَانِ , فَقَالَ : أَلَا شَيْء يُذْهِب هَذَا ؟ قَالُوا : الْمُوسَى , قَالَ : لَا , الْمُوسَى لَهُ أَثَر , فَأَمَرَ بِالنُّورَةِ فَصُنِعَتْ . )20576 - حَدَّثني أَبُو السَّائِب , قَالَ : ثَنَا حَفْص , عَنْ عِمْرَان بْن سُلَيْمَان , عَنْ عِكْرِمَة وَأَبِي صَالِح قَالَا : (لَمَّا تَزَوَّجَ سُلَيْمَان بِلْقِيس قَالَتْ لَهُ : لَمْ تَمَسّنِي حَدِيدَة قَطُّ ! قَالَ سُلَيْمَان لِلشَّيَاطِينِ : اُنْظُرُوا مَا يُذْهِب الشَّعْر ؟ قَالُوا : النُّورَة , فَكَانَ أَوَّل مَنْ صَنَعَ النُّورَة .)|قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ|وَقَوْله : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : قَالَ سُلَيْمَان لَهَا : إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِبَحْرٍ , إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير , يَقُول : إِنَّمَا هُوَ بِنَاء مَبْنِيّ مُشَيَّد مِنْ قَوَارِير. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20577 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { مُمَرَّد } قَالَ : مُشَيَّد.)|قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ|وَقَوْله : { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان } الْآيَة , يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ الْمَرْأَة صَاحِبَة سَبَإ : رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فِي عِبَادَتِي الشَّمْس , وَسُجُودِي لِمَا دُونك { وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ } تَقُول : وَانْقَدْت مَعَ سُلَيْمَان مُذْعِنَة لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ , مُفْرِدَة لَهُ بِالْأُلُوهَةِ وَالرُّبُوبِيَّة دُون كُلّ مَنْ سِوَاهُ . وَكَانَ اِبْن زَيْد يَقُول فِي ذَلِكَ مَا : 20578 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد فِي : ( { حَسِبَتْهُ لُجَّة } قَالَ : { إِنَّهُ صَرْح مُمَرَّد مِنْ قَوَارِير } فَعَرَفَتْ أَنَّهَا قَدْ غُلِبَتْ { قَالَتْ رَبّ إِنِّي ظَلَمَتْ نَفْسِي , وَأَسْلَمْت مَعَ سُلَيْمَان لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } . )

وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّه } وَحْده لَا شَرِيك لَهُ , وَلَا تَجْعَلُوا مَعَهُ إِلَهًا غَيْره .|فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ|يَقُول : فَلَمَّا أَتَاهُمْ صَالِح دَاعِيًا لَهُمْ إِلَى اللَّه صَارَ قَوْمه مِنْ ثَمُود فِيمَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ فَرِيقَيْنِ يَخْتَصِمُونَ , فَفَرِيق مُصَدِّق صَالِحًا مُؤْمِن بِهِ , وَفَرِيق مُكَذِّب بِهِ كَافِر بِمَا جَاءَ بِهِ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20579 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه : ( { فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن وَكَافِر , قَوْلهمْ صَالِح مُرْسَل , وَقَوْلهمْ صَالِح لَيْسَ بِمُرْسَلٍ , وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ { يَخْتَصِمُونَ } يَخْتَلِفُونَ. )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { فَإِذَا فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ } قَالَ : مُؤْمِن , وَكَافِر .)

لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ

وَقَوْله : { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ صَالِح لِقَوْمِهِ : يَا قَوْم لِأَيِّ شَيْء تَسْتَعْجِلُونَ بِعَذَابِ اللَّه قَبْل الرَّحْمَة. كَمَا : 20580 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْل الْحَسَنَة } قَالَ : السَّيِّئَة : الْعَذَاب , قَبْل الْحَسَنَة : قَبْل الرَّحْمَة . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : ( { قَالَ يَا قَوْم لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ } قَالَ بِالْعَذَابِ قَبْل الْحَسَنَة , قَالَ : الْعَافِيَة .)|الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ|وَقَوْله : { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّه } يَقُول : هَلَّا تَتُوبُونَ إِلَى اللَّه مِنْ كُفْركُمْ , فَيَغْفِر لَكُمْ رَبّكُمْ عَظِيم جُرْمكُمْ , يَصْفَح لَكُمْ عَنْ عُقُوبَته إِيَّاكُمْ عَلَى مَا قَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ عَظِيم الْخَطِيئَة.|اللَّهَ لَعَلَّكُمْ|وَقَوْله : { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يَقُول : لِيَرْحَمكُمْ رَبّكُمْ بِاسْتِغْفَارِكُمْ إِيَّاهُ مِنْ كُفْركُمْ .

أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَتْ ثَمُود لِرَسُولِهَا صَالِح { اطَّيَّرْنَا بِك وَبِمَنْ مَعَك } أَيْ تَشَاء مِنَّا بِك وَبِمَنْ مَعَك مِنْ أَتْبَاعنَا , وَزَجَرْنَا الطَّيْر بِأَنَّا سَيُصِيبُنَا بِك وَبِهِمْ الْمَكَارِه وَالْمَصَائِب .|قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ|فَأَجَابَهُمْ صَالِح فَقَالَ لَهُمْ { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } أَيْ مَا زَجَرْتُمْ مِنْ الطَّيْر لِمَا يُصِيبكُمْ مِنْ الْمَكَارِه عِنْد اللَّه عِلْمه , لَا يُدْرَى أَيّ ذَلِكَ كَائِن , أَمَا تَظُنُّونَ مِنْ الْمَصَائِب أَوْ الْمَكَارِه , أَمْ مَا لَا تَرْجُونَهُ مِنْ الْعَافِيَة وَالرَّجَاء وَالْمَحَابّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20581 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قَالَ طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } يَقُول : مَصَائِبكُمْ. )20582 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { طَائِركُمْ عِنْد اللَّه } عِلْمكُمْ عِنْد اللَّه .)|بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ|وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُفْتَنُونَ } يَقُول : بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تُخْتَبَرُونَ , يَخْتَبِركُمْ رَبّكُمْ إِذْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ , أَتُطِيعُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ , فَيَجْزِيكُمْ الْجَزِيل مِنْ ثَوَابه , أَمْ تَعْصُونَهُ , فَتَعْمَلُونَ بِخِلَافِهِ , فَيَحِلّ بِكُمْ عِقَابه .

وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَكَانَ فِي مَدِينَة صَالِح , وَهِيَ حِجْر ثَمُود , تِسْعَة أَنْفُس يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ , وَكَانَ إِفْسَادهمْ فِي الْأَرْض : كُفْرهمْ بِاَللَّهِ , وَمَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَإِنَّمَا خَصَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط بِالْخَبَرِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض , وَلَا يُصْلِحُونَ , وَإِنْ كَانَ أَهْل الْكُفْر كُلّهمْ فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ , لِأَنَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة هُمْ الَّذِينَ سَعَوْا فِيمَا بَلَغْنَا فِي عَقْر النَّاقَة , وَتَعَاوَنُوا عَلَيْهِ , وَتَحَالَفُوا عَلَى قَتْل صَالِح مِنْ بَيْن قَوْم ثَمُود . وَقَدْ ذَكَرْنَا قَصَصهمْ وَأَخْبَارهمْ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابنَا هَذَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20583 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { تِسْعَة رَهْط } قَالَ : مِنْ قَوْم صَالِح . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 20584 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض وَلَا يُصْلِحُونَ } هُمْ الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة , وَقَالُوا حِين عَقَرُوهَا : نُبَيِّت صَالِحًا وَأَهْله فَنَقْتُلهُمْ , ثُمَّ نَقُول لِأَوْلِيَاءِ صَالِح : مَا شَهِدْنَا مِنْ هَذَا شَيْئًا , وَمَا لَنَا بِهِ عِلْم , فَدَمَّرَهُمْ اللَّه أَجْمَعِينَ.)

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

وَقَوْله : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي أَرْض حِجْر ثَمُود , وَلَا يُصْلِحُونَ , تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ : تَحَالَفُوا بِاَللَّهِ أَيّهَا الْقَوْم , لِيَحْلِف بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ : لَنُبَيِّتَنَّ صَالِحًا وَأَهْله , فَلَنَقْتُلَنَّهُ , ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ : مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20585 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } قَالَ : تَحَالَفُوا عَلَى إِهْلَاكه , فَلَمْ يَصِلُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكُوا وَقَوْمهمْ أَجْمَعُونَ . )* -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ : وَيَتَوَجَّه قَوْله { تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ } إِلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا النَّصْب عَلَى وَجْه الْخَبَر , كَأَنَّهُ قِيلَ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه : | وَلَا يُصْلِحُونَ تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ | وَلَيْسَ فِيهَا | قَالُوا | , فَذَلِكَ مِنْ قِرَاءَته يَدُلّ عَلَى وَجْه النَّصْب فِي | تَقَاسَمُوا | عَلَى مَا وَصَفْت . وَالْوَجْه الْآخَر : الْجَزْم , كَأَنَّهُمْ قَالَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : أَقْسِمُوا بِاَللَّهِ , فَعَلَى هَذَا الْوَجْه الثَّانِي تَصْلُح قِرَاءَة { لَنُبَيِّتَنَّهُ } بِالْيَاءِ وَالنُّون , لِأَنَّ الْقَائِل لَهُمْ تَقَاسَمُوا , وَإِنْ كَانَ هُوَ الْآمِر فَهُوَ فِيمَنْ أَقْسَمَ , كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : اِنْهَضُوا بِنَا نَمْضِ إِلَى فُلَان , وَانْهَضُوا نَمْضِي إِلَيْهِ . وَعَلَى الْوَجْه الْأَوَّل الَّذِي هُوَ وَجْه النَّصْب الْقِرَاءَة فِيهِ بِالنُّونِ أَفْصَح , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : قَالُوا مُتَقَاسِمِينَ لَنُبَيِّتَنَّهُ , وَقَدْ تَجُوز الْيَاء عَلَى هَذَا الْوَجْه كَمَا يُقَال فِي الْكَلَام : قَالُوا لَنُكْرِمَنَّ أَبَاك , وَلَيُكْرِمَن أَبَاك , وَبِالنُّونِ قَرَأَ ذَلِكَ قُرَّاء الْمَدِينَة , وَعَامَّة قُرَّاء الْبَصْرَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ. وَأَمَّا الْأَغْلَب عَلَى قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة , فَقِرَاءَته بِالْيَاءِ , وَضَمّ التَّاء جَمِيعًا . وَأَمَّا بَعْض الْمَكِّيِّينَ , فَقَرَأَهُ بِالْيَاءِ . وَأَعْجَب الْقِرَاءَات فِي ذَلِكَ إِلَيَّ النُّون , لِأَنَّ ذَلِكَ أَفْصَح الْكَلَام عَلَى الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ بَيَّنْت مِنْ النَّصْب وَالْجَزْم , وَإِنْ كَانَ كُلّ ذَلِكَ صَحِيحًا غَيْر فَاسِد لِمَا وَصَفْت , وَأَكْرَههَا إِلَيَّ الْقِرَاءَة بِهَا الْيَاء , لِقِلَّةِ قَارِئ ذَلِكَ كَذَلِكَ. وَقَوْله : { لَنُبَيِّتَنَّهُ } قَالَ : لَيُبَيِّتُنَّ صَالِحًا ثُمَّ يَفْتِكُوا بِهِ . 20586 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , قَالَ : ([ قَالَ ] التِّسْعَة الَّذِينَ عَقَرُوا النَّاقَة : هَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ صَالِحًا , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا , يَعْنِي فِيمَا وَعَدَهُمْ مِنْ الْعَذَاب بَعْد الثَّلَاث , عَجَّلْنَاهُ قَبْله , وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا نَكُون قَدْ أَلْحَقْنَاهُ بِنَاقَتِهِ . فَأَتَوْهُ لَيْلًا لِيُبَيِّتُوهُ فِي أَهْله , فَدَمَغَتْهُمْ الْمَلَائِكَة بِالْحِجَارَةِ ; فَلَمَّا أَبْطَئُوا عَلَى أَصْحَابهمْ أَتَوْا مَنْزِل صَالِح , فَوَجَدُوهُمْ مَشْدُوخِينَ قَدْ رُضِخُوا بِالْحِجَارَةِ .)|وَإِنَّا لَصَادِقُونَ|وَقَوْله : { وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } نَقُول لِوَلِيِّهِ : وَإِنَّا لَصَادِقُونَ , إِنَّا مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله .

فَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكْرنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَغَدَرَ هَؤُلَاءِ التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض بِصَالِحٍ بِمَصِيرِهِمْ إِلَيْهِ لَيْلًا لِيَقْتُلُوهُ وَأَهْله , وَصَالِح لَا يَشْعُر بِذَلِكَ { وَمَكَرْنَا مَكْرًا } يَقُول : فَأَخَذْنَاهُمْ بِعُقُوبَتِنَا إِيَّاهُمْ , وَتَعْجِيلنَا الْعَذَاب لَهُمْ { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا . وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى مَعْنَى : مَكْر اللَّه بِمَنْ مَكَرَ بِهِ , وَمَا وَجْه ذَلِكَ , وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ عَلَى غِرَّة , أَوْ اِسْتِدْرَاجه مِنْهُمْ مَنْ اُسْتُدْرِجَ عَلَى كُفْره بِهِ , وَمَعْصِيَته إِيَّاهُ , ثُمَّ إِحْلَاله الْعُقُوبَة بِهِ عَلَى غِرَّة وَغَفْلَة , وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20587 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثَنَا مُؤَمَّل , قَالَ : ثَنَا سُفْيَان , عَنْ الْأَعْمَش , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ رَجُل , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : (الْمَكْر غَدْر , وَالْغَدْر كُفْر . )20588 -حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : اِحْتَالُوا لِأَمْرِهِمْ , وَاحْتَالَ اللَّه لَهُمْ , مَكَرُوا بِصَالِحٍ مَكْرًا , وَمَكَرْنَا بِهِمْ مَكْرًا { وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } بِمَكْرِنَا وَشَعَرْنَا بِمَكْرِهِمْ , قَالُوا : زَعَمَ صَالِح أَنَّهُ يَفْرُغ مِنَّا إِلَى ثَلَاث فَنَحْنُ نَفْرُغ مِنْهُ وَأَهْله قَبْل ذَلِكَ , وَكَانَ لَهُ مَسْجِد فِي الْحِجْر فِي شِعْب يُصَلِّي فِيهِ , فَخَرَجُوا إِلَى كَهْف وَقَالُوا : إِذَا جَاءَ يُصَلِّي قَتَلْنَاهُ , ثُمَّ رَجَعْنَا إِذَا فَرَغْنَا مِنْهُ إِلَى أَهْله , فَفَرَغْنَا مِنْهُمْ , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاَللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْله ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِك أَهْله وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } فَبَعَثَ اللَّه صَخْرَة مِنْ الْهَضْب حِيَالهمْ , فَخَشُوا أَنْ تَشْدَخهُمْ , فَبَادَرُوا الْغَار , فَطَبَّقَتْ الصَّخْرَة عَلَيْهِمْ فَم ذَلِكَ الْغَار , فَلَا يَدْرِي قَوْمهمْ أَيْنَ هُمْ ؟ وَلَا يَدْرُونَ مَا فُعِلَ بِقَوْمِهِمْ ؟ فَعَذَّبَ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى هَؤُلَاءِ هَا هُنَا , وَهَؤُلَاءِ هُنَا , وَأَنْجَى اللَّه صَالِحًا وَمَنْ مَعَهُ . )20589 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة : ( { وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا } قَالَ : فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ صَخْرَة فَقَتَلَتْهُمْ .)

وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ

وَقَوْله : { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَانْظُرْ يَا مُحَمَّد بِعَيْنِ قَلْبك إِلَى عَاقِبَة غَدْر ثَمُود بِنَبِيِّهِمْ صَالِح , كَيْفَ كَانَتْ ؟ وَمَا الَّذِي أَوْرَثَهَا اِعْتِدَاؤُهُمْ وَطُغْيَانهمْ وَتَكْذِيبهمْ ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ سُنَّتنَا فِيمَنْ كَذَّبَ رُسُلنَا , وَطَغَى عَلَيْنَا مِنْ سَائِر الْخَلْق , فَحَذِّرْ قَوْمك مِنْ قُرَيْش , أَنْ يَنَالهُمْ بِتَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ , مَا نَالَ ثَمُود بِتَكْذِيبِهِمْ صَالِحًا مِنْ الْمَثُلَات.|أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ|وَقَوْله : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمهمْ أَجْمَعِينَ } يَقُول : إِنَّا دَمَّرْنَا التِّسْعَة الرَّهْط الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض مِنْ قَوْم صَالِح وَقَوْمهمْ مِنْ ثَمُود أَجْمَعِينَ , فَلَمْ نُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا . وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله | إِنَّا | فَقَرَأَ بِكَسْرِهَا عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْبَصْرَة عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة : { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } بِفَتْحِ الْأَلِف . وَإِذَا فُتِحَتْ كَانَ فِي { أَنَّا } وَجْهَانِ مِنْ الْإِعْرَاب : أَحَدهمَا الرَّفْع عَلَى رَدّهَا عَلَى الْعَاقِبَة عَلَى الْإِتْبَاع لَهَا , وَالْآخَر النَّصْب عَلَى الرَّدّ عَلَى مَوْضِع كَيْفَ , لِأَنَّهَا فِي مَوْضِع نَصْب إِنْ شِئْت , وَإِنْ شِئْت عَلَى تَكْرِير كَانَ عَلَيْهَا عَلَى وَجْه , فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ ؟ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ تَدْمِيرنَا إِيَّاهُمْ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } </subtitle>يَعْنِي تَعَالَى ذِكْره بِقَوْلِهِ : { فَتِلْكَ بُيُوتهمْ خَاوِيَة } فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ خَاوِيَة خَالِيَة مِنْهُمْ , لَيْسَ فِيهَا مِنْهُمْ أَحَد , قَدْ أَهْلَكَهُمْ اللَّه فَأَبَادَهُمْ .|بِمَا ظَلَمُوا|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بِظُلْمِهِمْ أَنْفُسهمْ , بِشِرْكِهِمْ بِاَللَّهِ , وَتَكْذِيبهمْ رَسُولهمْ .|إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ فِي فِعْلنَا بِثَمُود مَا قَصَصْنَا عَلَيْك يَا مُحَمَّد مِنْ الْقِصَّة , لَعِظَة لِمَنْ يَعْلَم فِعْلنَا بِهِمْ مَا فَعَلْنَا , مِنْ قَوْمك الَّذِينَ يُكَذِّبُونَك فِيمَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك وَعِبْرَة.

ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ

يَقُول : وَأَنْجَيْنَا مِنْ نِقْمَتنَا وَعَذَابنَا الَّذِي أَحْلَلْنَاهُ بِثَمُود رَسُولنَا صَالِحًا وَالْمُؤْمِنِينَ بِهِ.|وَكَانُوا يَتَّقُونَ|يَقُول : وَكَانُوا يَتَّقُونَ بِإِيمَانِهِمْ , وَبِتَصْدِيقِهِمْ صَالِحًا الَّذِي حَلَّ بِقَوْمِهِمْ مِنْ ثَمُود مَا حَلَّ بِهِمْ مِنْ عَذَاب اللَّه , فَكَذَلِكَ نُنَجِّيك يَا مُحَمَّد وَأَتْبَاعك , عِنْد إِحْلَالنَا عُقُوبَتنَا بِمُشْرِكِي قَوْمك مِنْ بَيْن أَظْهُرهمْ . وَذُكِرَ أَنَّ صَالِحًا لَمَّا أَحَلَّ اللَّه بِقَوْمِهِ مَا أَحَلَّ , خَرَجَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى الشَّام , فَنَزَلَ رَمْلَة فِلَسْطِين .

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأَرْسَلْنَا لُوطًا إِلَى قَوْمه , إِذْ قَالَ لَهُمْ : يَا قَوْم { أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَة وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } أَنَّهَا فَاحِشَة , لِعِلْمِكُمْ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقكُمْ إِلَى مَا تَفْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ أَحَد .

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ

وَقَوْله : { أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَة } مِنْكُمْ بِذَلِكَ مِنْ دُون فُرُوج النِّسَاء الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّه لَكُمْ بِالنِّكَاحِ .|بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ|وَقَوْله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْم تَجْهَلُونَ } يَقُول : مَا ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا أَنَّكُمْ قَوْم سُفَهَاء جَهَلَة بِعَظِيمِ حَقّ اللَّه عَلَيْكُمْ , فَخَالَفْتُمْ لِذَلِكَ أَمْره , وَعَصَيْتُمْ رَسُوله .

مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَمَا كَانَ جَوَاب قَوْمه إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَلَمْ يَكُنْ لِقَوْمِ لُوط جَوَاب لَهُ , إِذْ نَهَاهُمْ عَمَّا أَمَرَهُ اللَّه بِنَهْيِهِمْ عَنْهُ مِنْ إِتْيَان الرِّجَال , إِلَّا قِيل بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : { أَخْرِجُوا آل لُوط مِنْ قَرْيَتكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } عَمَّا نَفْعَلهُ نَحْنُ مِنْ إِتْيَان الذُّكْرَان فِي أَدْبَارهمْ. كَمَا : 20590 - حَدَّثَنَا الْحَسَن , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : سَمِعْت الْحَسَن بْن عُمَارَة يَذْكُر عَنْ الْحَكَم , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ اِبْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ إِتْيَان الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أَدْبَارهنَّ . )20591 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَأَدْبَار النِّسَاء اِسْتِهْزَاء بِهِمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : ( { يَتَطَهَّرُونَ } مِنْ أَدْبَار الرِّجَال وَالنِّسَاء , اِسْتِهْزَاء بِهِمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ . )20592 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا أَبُو سُفْيَان , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة أَنَّهُ تَلَا : ( { إِنَّهُمْ أُنَاس يَتَطَهَّرُونَ } قَالَ : عَابُوهُمْ بِغَيْرِ عَيْب : أَيْ إِنَّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنْ أَعْمَال السُّوء .)

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْله إِلَّا اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَأَنْجَيْنَا لُوطًا وَأَهْله سِوَى اِمْرَأَته مِنْ عَذَابنَا حِين أَحْلَلْنَاهُ بِهِمْ , ثُمَّ { قَدَّرْنَاهَا } يَقُول : فَإِنَّ اِمْرَأَته قَدَّرْنَاهَا : جَعَلْنَاهَا بِتَقْدِيرِنَا { مِنْ الْغَابِرِينَ } مِنْ الْبَاقِينَ .

وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا } وَهُوَ إِمْطَار اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاء حِجَارَة مِنْ سِجِّيل .|فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ|يَقُول : فَسَاءَ ذَلِكَ الْمَطَر مَطَر الْقَوْم الَّذِينَ أَنْذَرَهُمْ اللَّه عِقَابه عَلَى مَعْصِيَتهمْ إِيَّاهُ , وَخَوْفهمْ بَأْسه بِإِرْسَالِ الرَّسُول إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قُلْ } يَا مُحَمَّد { الْحَمْد لِلَّهِ } عَلَى نِعَمه عَلَيْنَا , وَتَوْفِيقه إِيَّانَا لِمَا وَفَّقْنَا مِنْ الْهِدَايَة .|وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى| { وَسَلَام } يَقُول : وَأَمَنَة مِنْهُ مِنْ عِقَابه الَّذِي عَاقَبَ بِهِ قَوْم لُوط , وَقَوْم صَالِح , عَلَى الَّذِينَ اِصْطَفَاهُمْ , يَقُول : الَّذِينَ اِجْتَبَاهُمْ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَهُمْ أَصْحَابه وَوُزَرَاءَهُ عَلَى الدِّين الَّذِي بَعَثَهُ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ دُون الْمُشْرِكِينَ بِهِ , الْجَاحِدِينَ نُبُوَّة نَبِيّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , قَالَا أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20593 - حَدِيث أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثَنَا طَلْق , يَعْنِي اِبْن غَنَّام , عَنْ اِبْن ظُهَيْر , عَنْ السُّدِّيّ , عَنْ أَبِي مَالِك , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( { وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } قَالَ : أَصْحَاب مُحَمَّد اِصْطَفَاهُمْ اللَّه لِنَبِيِّهِ . )20594 - حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن سَهْل , قَالَ : ثَنَا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : (قُلْت لِعَبْدِ اللَّه بْن الْمُبَارَك : أَرَأَيْت قَوْل اللَّه { قُلْ الْحَمْد لِلَّهِ وَسَلَام عَلَى عِبَاده الَّذِينَ اِصْطَفَى } مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ فَحَدَّثني عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ , قَالَ : هُمْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .)|آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ|وَقَوْله : { آللَّه خَيْر أَمَّا يُشْرِكُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره ; قُلْ يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالهمْ مِنْ قَوْمك فَهُمْ يَعْمَهُونَ : اللَّه الَّذِي أَنْعَمَ عَلَى أَوْلِيَائِهِ هَذِهِ النِّعَم الَّتِي قَصَّهَا عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَة , وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُ بِاَلَّذِي أَهْلَكَهُمْ بِهِ مِنْ صُنُوف الْعَذَاب الَّتِي ذَكَرَهَا لَكُمْ فِيهَا خَيْر , أَمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَنْفَعكُمْ وَلَا تَضُرّكُمْ , وَلَا تَدْفَع عَنْ أَنْفُسهَا وَلَا عَنْ أَوْلِيَائِهَا سُوءًا , وَلَا تَجْلِب إِلَيْهَا وَلَا إِلَيْهِمْ نَفْعًا ؟ يَقُول : إِنَّ هَذَا الْأَمْر لَا يُشْكِل عَلَى مَنْ لَهُ عَقْل , فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ أَنْ تُشْرِكُوا عِبَادَة مَنْ لَا نَفْع عِنْده لَكُمْ , وَلَا دَفْع ضُرّ عَنْكُمْ فِي عِبَادَة مَنْ بِيَدِهِ النَّفْع وَالضُّرّ , وَلَهُ كُلّ شَيْء . ثُمَّ اِبْتَدَأَ تَعَالَى ذِكْره تَعْدِيد نِعَمه عَلَيْهِمْ , وَأَيَادِيه عِنْدهمْ , وَتَعْرِيفهمْ بِقِلَّةِ شُكْرهمْ إِيَّاهُ عَلَى مَا أَوْلَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالَ : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } .

اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : أَعِبَادَة مَا تَعْبُدُونَ مِنْ أَوْثَانكُمْ الَّتِي لَا تَضُرّ وَلَا تَنْفَ <subtitle>خَيْر , أَمْ عِبَادَة مِنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض ؟|وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ|يَعْنِي مَطَرًا , وَقَدْ يَجُوز أَنْ يَكُون مُرِيدًا بِهِ الْعُيُون الَّتِي فَجَّرَهَا فِي الْأَرْض , لِأَنَّ كُلّ ذَلِكَ مِنْ خَلْقه|مَاءً فَأَنْبَتْنَا|يَعْنِي بِالْمَاءِ الَّذِي أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاء .|بِهِ|وَهِيَ جَمْع حَدِيقَة , وَالْحَدِيقَة : الْبُسْتَان عَلَيْهِ حَائِط مَحُوط , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَائِط لَمْ يَكُنْ حَدِيقَة .|حَدَائِقَ ذَاتَ|وَقَوْله : { ذَات بَهْجَة } يَقُول : ذَات مَنْظَر حَسَن . وَقِيلَ ذَات بِالتَّوْحِيدِ . وَقَدْ قِيلَ حَدَائِق , كَمَا قَالَ : { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى } [7 180 ], وَقَدْ بَيَّنْت ذَلِكَ فِيمَا مَضَى . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20595 - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء , جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : الْبَهْجَة : الْفُقَّاح مِمَّا يَأْكُل النَّاس وَالْأَنْعَام . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { حَدَائِق ذَات بَهْجَة } قَالَ : مِنْ كُلّ شَيْء تَأْكُلهُ النَّاس وَالْأَنْعَام .)|بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا|وَقَوْله : { مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرهَا } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَنْبَتْنَا بِالْمَاءِ الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء لَكُمْ هَذِهِ الْحَدَائِق إِذْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ , لَوْلَا أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ الْمَاء مِنْ السَّمَاء طَاقَة أَنْ تُنْبِتُوا شَجَر هَذِهِ الْحَدَائِق , وَلَمْ تَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى ذَهَاب ذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَا يَصْلُح ذَلِكَ إِلَّا بِالْمَاءِ .|شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ|وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمَعْبُود مَعَ اللَّه أَيّهَا الْجَهَلَة خَلَقَ ذَلِكَ , وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء الْمَاء , فَأَنْبَتَ بِهِ لَكُمْ الْحَدَائِق ؟ ! فَقَوْله : أَإِلَه مَرْدُود عَلَى تَأْوِيل : أَمَعَ اللَّه إِلَه .|اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ|يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ قَوْم ضُلَّال , يَعْدِلُونَ عَنْ الْحَقّ , وَيَجُورُونَ عَلَيْهِ , عَلَى عَمْد مِنْهُمْ لِذَلِكَ , مَعَ عِلْمهمْ بِأَنَّهُمْ عَلَى خَطَإ وَضَلَال وَلَمْ يَعْدِلُوا عَنْ جَهْل مِنْهُمْ , بِأَنَّ مَنْ لَا يَقْدِر عَلَى نَفْع وَلَا ضُرّ , خَيْر مِمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَفَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَال , وَلَكِنَّهُمْ عَدَلُوا عَلَى عِلْم مِنْهُمْ وَمَعْرِفَة , اِقْتِفَاء مِنْهُمْ سُنَّة مَنْ مَضَى قَبْلهمْ مِنْ آبَائِهِمْ .

وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْض قَرَارًا } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَعِبَادَة مَا تُشْرِكُونَ أَيّهَا النَّاس بِرَبِّكُمْ خَيْر وَهُوَ لَا يَضُرّ وَلَا يَنْفَع , أَمْ الَّذِي جَعَلَ الْأَرْض لَكُمْ قَرَارًا تَسْتَقِرُّونَ عَلَيْهَا لَا تَمِيد بِكُمْ .|قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا| { وَجَعَلَ } لَكُمْ { خِلَالهَا أَنْهَارًا } يَقُول : بَيْنهَا أَنْهَارًا .|أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا|وَهِيَ ثَوَابِت الْجِبَال .|رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ|بَيْن الْعَذْب وَالْمِلْح , أَنْ يُفْسِد أَحَدهمَا صَاحِبه .|حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ|سِوَاهُ فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاء فَأَشْرَكْتُمُوهُ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ ؟|اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا|وَقَوْله : { بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : بَلْ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ قَدْر عَظَمَة اللَّه , وَمَا عَلَيْهِمْ مِنْ الضُّرّ فِي إِشْرَاكهمْ فِي عِبَادَة اللَّه غَيْره , وَمَا لَهُمْ مِنْ النَّفْع فِي إِفْرَادهمْ اللَّه بِالْأُلُوهَةِ , وَإِخْلَاصهمْ لَهُ الْعِبَادَة , وَبَرَاءَتهمْ مِنْ كُلّ مَعْبُود سِوَاهُ .

فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يُجِيب الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِف السُّوء } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ خَيْر , أَمْ الَّذِي يُجِيب الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ , وَيَكْشِف السُّوء النَّازِل بِهِ عَنْهُ ؟ كَمَا : 20596 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { وَيَكْشِف السُّوء } قَالَ : الضُّرّ .)|السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ|وَقَوْله : { وَيَجْعَلكُمْ خُلَفَاء الْأَرْض } يَقُول : وَيَسْتَخْلِف بَعْد أُمَرَائِكُمْ فِي الْأَرْض مِنْكُمْ خُلَفَاء أَحْيَاء يَخْلُفُونَهُمْ.|الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ|وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول : أَإِلَه مَعَ اللَّه سِوَاهُ يَفْعَل هَذِهِ الْأَشْيَاء بِكُمْ , وَيُنْعِم عَلَيْكُمْ هَذِهِ النِّعَم ؟|اللَّهِ قَلِيلًا مَا|وَقَوْله : { قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ } يَقُول : تَذَكُّرًا قَلِيلًا مِنْ عَظَمَة اللَّه وَأَيَادِيه عِنْدكُمْ تَذَكَّرُونَ وَتَعْتَبِرُونَ حُجَج اللَّه عَلَيْكُمْ يَسِيرًا , فَلِذَلِكَ أَشْرَكْتُمْ بِاَللَّهِ غَيْره فِي عِبَادَته .

وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ خَيْر , أَمْ الَّذِي يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر إِذَا ضَلَلْتُمْ فِيهِمَا الطَّرِيق , فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ السُّبُل فِيهِمَا ؟ كَمَا : 20597 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَوْله : ( { أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَات الْبَرّ وَالْبَحْر } وَالظُّلُمَات فِي الْبَرّ , ضَلَالَة الطَّرِيق , وَالْبَحْر , ضَلَاله طَرِيقه وَمَوْجه وَمَا يَكُون فِيهِ .)|وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ|قَوْله : { وَمَنْ يُرْسِل الرِّيَاح بُشْرًا بَيْن يَدَيْ رَحْمَته } يَقُول : وَاَلَّذِي يُرْسِل الرِّيَاح بُشْرًا لِمَوَتَانِ الْأَرْض بَيْن يَدَيْ رَحْمَته , يَعْنِي : قُدَّام الْغَيْث الَّذِي يُحْيِي مَوَات الْأَرْض .|رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ|وَقَوْله : { أَإِلَه مَعَ اللَّه } يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : أَإِلَه مَعَ اللَّه سِوَى اللَّه يَفْعَل بِكُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَتَعَبَّدُوهُ مِنْ دُونه , أَوْ تُشْرِكُوهُ فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ .|اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا|يَقُول : لِلَّهِ الْعُلُوّ وَالرِّفْعَة عَنْ شِرْككُمْ الَّذِي تُشْرِكُونَ بِهِ , وَعِبَادَتكُمْ مَعَهُ مَا تَعْبُدُونَ .

فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمَّنْ يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ وَمَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْرهُ : أَمْ مَا تُشْرِكُونَ أَيّهَا الْقَوْم خَيْر , أَمْ الَّذِي يَبْدَأ الْخَلْق ثُمَّ يُعِيدهُ , فَيُنْشِئهُ مِنْ غَيْر أَصْل , وَيَبْتَدِعهُ ثُمَّ يُفْنِيه إِذَا شَاءَ , ثُمَّ يُعِيدهُ إِذَا أَرَادَ كَهَيْئَتِهِ قَبْل أَنْ يُفْنِيَهُ , وَاَلَّذِي يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض فَيُنْزِل مِنْ هَذِهِ الْغَيْث , وَيُنْبِت مِنْ هَذِهِ النَّبَات لِأَقْوَاتِكُمْ , وَأَقْوَات أَنْعَامكُمْ . و | مَنْ | الَّتِي فِي | أَمَّنْ | و | مَا | مُبْتَدَأ فِي قَوْله : أَمَّا يُشْرِكُونَ , وَالْآيَات بَعْدهَا إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَرْزُقكُمْ مِنْ السَّمَاء وَالْأَرْض } بِمَعْنَى | الَّذِي | , لَا بِمَعْنَى الِاسْتِفْهَام , وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِفْهَام لَا يَدْخُل عَلَى الِاسْتِفْهَام .|وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ| { أَإِلَه مَعَ اللَّه } سِوَى اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ ؟ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ إِلَهًا غَيْر اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ|اللَّهِ قُلْ هَاتُوا|ف { قُلْ } لَهُمْ يَا مُحَمَّد { هَاتُوا بُرْهَانكُمْ } أَيْ حُجَّتكُمْ عَلَى أَنَّ شَيْئًا سِوَى اللَّه يَفْعَل ذَلِكَ.|بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ| { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِي دَعْوَاكُمْ.

وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا اللَّه } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِسَائِلِيك مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَنْ السَّاعَة مَتَى هِيَ قَائِمَة { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب } الَّذِي قَدْ اِسْتَأْثَرَ اللَّه بِعِلْمِهِ , وَحَجَبَ عَنْهُ خَلْقه غَيْره وَالسَّاعَة مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ : 20598 - حَدَّثني يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثَنَا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُد بْن أَبِي هِنْد , عَنْ الشَّعْبِيّ , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : قَالَتْ عَائِشَة : (مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِر النَّاس بِمَا يَكُون فِي غَد , فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّه الْفِرْيَة , وَاَللَّه يَقُول : { لَا يَعْلَم مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا اللَّه } . )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه رَفْع اللَّه , فَقَالَ بَعْض الْبَصْرِيِّينَ : هُوَ كَمَا تَقُول : إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ . وَفِي حَرْف اِبْن مَسْعُود : قَلِيلًا بَدَلًا مِنْ الْأَوَّل , لِأَنَّك نَفَيْته عَنْهُ وَجَعَلْته لِلْآخَرِ . وَقَالَ بَعْض الْكُوفِيِّينَ : إِنْ شِئْت أَنْ تَتَوَهَّم فِي | وَمَنْ | الْمَجْهُول , فَتَكُون مَعْطُوفَة عَلَى : قُلْ لَا يَعْلَم أَحَد الْغَيْب إِلَّا اللَّه . قَالَ : وَيَجُوز أَنْ تَكُون | مَنْ | مَعْرِفَة , وَنَزَلَ مَا بَعْد | إِلَّا | عَلَيْهِ , فَيَكُون عَطْفًا وَلَا يَكُون بَدَلًا , لِأَنَّ الْأَوَّل مَنْفِيّ , وَالثَّانِي مُثْبَت , فَيَكُون فِي النَّسَق كَمَا تَقُول : قَامَ زَيْد إِلَّا عَمْرو , فَيَكُون الثَّانِي عَطْفًا عَلَى الْأَوَّل , وَالتَّأْوِيل جَحْد , وَلَا يَكُون أَنْ يَكُون الْخَبَر جَحْدًا , أَوْ الْجَحْد خَبَرًا . قَالَ : وَكَذَلِكَ { مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل } [4 66 ]وَقَلِيلًا ; مَنْ نَصَبَ , فَعَلَى الِاسْتِثْنَاء فِي عِبَادَتكُمْ إِيَّاهُ , وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْعَطْف , وَلَا يَكُون بَدَلًا .|وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ|يَقُول : وَمَا يَدْرِي مَنْ فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْ خَلْقه مَتَى هُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ قُبُورهمْ لِقِيَامِ السَّاعَة .

اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ

وَقَوْله : { اِدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة سِوَى أَبِي جَعْفَر وَعَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة : { بَلْ اِدّرَاك } بِكَسْرِ اللَّام مِنْ | بَلْ | وَتَشْدِيد الدَّال مِنْ | اِدّرَاك | , بِمَعْنَى : بَلِ تَدَارَكَ عِلْمهمْ أَيْ تَتَابَعَ عِلْمهمْ بِالْآخِرَةِ هَلْ هِيَ كَائِنَة أَمْ لَا , ثُمَّ أُدْغِمَتْ التَّاء فِي الدَّال كَمَا قِيلَ : { اِثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض } [9 38 ]وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة مِنْ إِعَادَته . وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل مَكَّة : | بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَة | بِسُكُونِ الدَّال وَفَتْح الْأَلِف , بِمَعْنَى هَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ عِلْم الْآخِرَة. وَكَانَ أَبُو عَمْرو بْن الْعَلَاء يُنْكِر فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ : | بَلْ أَدْرَكَ | وَيَقُول : إِنَّ | بَلْ | إِيجَاب وَالِاسْتِفْهَام فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنْكَار . وَمَعْنَى الْكَلَام : إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ | بَلْ أَدْرَكَ | لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يُدْرِك عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة , وَبِالِاسْتِفْهَامِ قَرَأَ ذَلِكَ اِبْن مُحَيْصِن عَلَى الْوَجْه الَّذِي ذَكَرْت أَنَّ أَبَا عَمْرو أَنْكَرَهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي ذَكَرْت عَنْ الْمَكِّيِّينَ أَنَّهُمْ قَرَءُوهُ ذُكِرَ عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَرَأَهُ , غَيْر أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ فِي مَوْضِع بَلْ : أَمْ . 20599 -حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , (أَنَّهُ قَرَأَ | أَمْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ | وَكَانَ اِبْن عَبَّاس فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقْرَأ بِإِثْبَاتِ يَاء فِي بَلْ , ثُمَّ يَبْتَدِئ أَدَّارَكَ بِفَتْحِ أَلِفهَا عَلَى وَجْه الِاسْتِفْهَام وَتَشْدِيد الدَّال . )20600 - حَدَّثَنَا حُمَيْد بْن مَسْعَدَة , قَالَ : ثَنَا بِشْر بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة : ( بَلَى أَدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة | : أَيْ لَمْ يُدْرَك . )* - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثَنَا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة , قَالَ : سَمِعْت اِبْن عَبَّاس (يَقْرَأ { بَلَى أَدَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } إِنَّمَا هُوَ اِسْتِفْهَام أَنَّهُ لَمْ يُدْرَك . وَكَأَنَّ اِبْن عَبَّاس وَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ مَخْرَجه مَخْرَج الِاسْتِهْزَاء بِالْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ . )وَالصَّوَاب مِنْ الْقِرَاءَات عِنْدنَا فِي ذَلِكَ الْقِرَاءَتَانِ اللَّتَانِ ذُكِرَتْ إِحْدَاهُمَا عَنْ قِرَاءَة أَهْل مَكَّة وَالْبَصْرَة , وَهِيَ | بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ | بِسُكُونِ لَام بَلْ وَفَتْح أَلِف أَدْرَكَ وَتَخْفِيف دَالهَا , وَالْأُخْرَى مِنْهُمَا عَنْ قِرَاءَة الْكُوفَة , وَهِيَ { بَلْ ادَّارَكَ } بِكَسْرِ اللَّام وَتَشْدِيد الدَّال مِنْ ادَّارَكَ , لِأَنَّهُمَا الْقِرَاءَتَانِ الْمَعْرُوفَتَانِ فِي قُرَّاء الْأَمْصَار , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب عِنْدنَا . فَأَمَّا الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ اِبْن عَبَّاس , فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَة الْمَعْنَى وَالْإِعْرَاب , فَخِلَاف لِمَا عَلَيْهِ مَصَاحِف الْمُسْلِمِينَ , وَذَلِكَ أَنَّ فِي بَلَى زِيَادَة يَاء فِي قِرَاءَاته لَيْسَتْ فِي الْمَصَاحِف , وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ قِرَاءَة لَا نَعْلَمهَا قَرَأَ بِهَا أَحَد مِنْ قُرَّاء الْأَمْصَار . وَأَمَّا الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ عَنْ اِبْن مُحَيْصِن , فَإِنَّ الَّذِي قَالَ فِيهَا أَبُو عَمْرو قَوْل صَحِيح , لِأَنَّ الْعَرَب تُحَقِّق بِبَلْ مَا بَعْدهَا لَا تَنْفِيه . وَالِاسْتِفْهَام فِي هَذَا الْمَوْضِع إِنْكَار لَا إِثْبَات , وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه قَدْ أَخْبَرَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ مِنْ السَّاعَة فِي شَكّ , فَقَالَ : { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ } . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة فَأَيْقَنُوهَا إِذْ عَايَنُوهَا حِين لَمْ يَنْفَعهُمْ يَقِينهمْ بِهَا , إِذْ كَانُوا بِهَا فِي الدُّنْيَا مُكَذِّبِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20601 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس : ( بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ | قَالَ : بَصَرهمْ فِي الْآخِرَة حِين لَمْ يَنْفَعهُمْ الْعِلْم وَالْبَصَر. )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَاهُ : بَلْ غَابَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20602 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة | يَقُول : غَابَ عِلْمهمْ . )20603 - حَدَّثني يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } قَالَ : يَقُول : ضَلَّ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا عِلْم , { هُمْ مِنْهَا عَمُونَ } . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : لَمْ يَبْلُغ لَهُمْ فِيهَا عِلْم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20604 - حَدَّثني عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ جَدِّي , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { بَلْ ادَّارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة } قَالَ : كَانَ يَقْرَؤُهَا : | بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة | قَالَ : لَمْ يَبْلُغ لَهُمْ فِيهَا عِلْم , وَلَا يَصِل إِلَيْهَا مِنْهُمْ رَغْبَة . )وَقَالَ آخَرُونَ : مَعْنَى ذَلِكَ : بَلْ أَدْرَكَ : أَمْ أَدْرَكَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20605 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : ( بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ | قَالَ : أَمْ أَدْرَكَ . )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عُثْمَان , عَنْ مُجَاهِد : ( بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ | قَالَ : أَمْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ مِنْ أَيْنَ يُدْرِك عِلْمهمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثَنَا حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , بِنَحْوِهِ . قَالَ أَبُو جَعْفَر : وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَ | بَلْ أَدْرَكَ | الْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , وَهُوَ أَنَّ مَعْنَاهُ : إِذَا قُرِئَ كَذَلِكَ { وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ نَفْس وَقْت ذَلِكَ فِي الْآخِرَة حِين يُبْعَثُونَ , فَلَا يَنْفَعهُمْ عِلْمهمْ بِهِ حِينَئِذٍ , فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُمْ مِنْهَا فِي شَكّ , بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ . وَإِنَّمَا قُلْت : هَذَا الْقَوْل أَوْلَى الْأَقْوَال فِي تَأْوِيل ذَلِكَ بِالصَّوَابِ عَلَى الْقِرَاءَة الَّتِي ذُكِرَتْ , لِأَنَّ ذَلِكَ أَظْهَر مَعَانِيه. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ كَانَ فِي الْكَلَام مَحْذُوف قَدْ اُسْتُغْنِيَ بِدَلَالَةِ مَا ظَهَرَ مِنْهُ عَنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ يَشْعُرُونَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , فَالْكَلَام إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ , وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ أَدْرَكَ عِلْمهمْ بِذَلِكَ فِي الْآخِرَة , بَلْ هُمْ فِي الدُّنْيَا فِي شَكّ مِنْهَا . وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ { بَلْ ادَّارَكَ } بِكَسْرِ اللَّام وَتَشْدِيد الدَّال , فَالْقَوْل الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِد , وَهُوَ أَنْ يَكُون مَعْنَى بَلْ : أَمْ , وَالْعَرَب تَضَع أَمْ مَوْضِع بَلْ , وَمَوْضِع بَلْ : أَمْ , إِذَا كَانَ فِي أَوَّل الْكَلَام اِسْتِفْهَام , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>فَوَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَسَلْمَى تَغَوَّلَتْ .......... أَمْ النَّوْم أَمْ كُلٌّ إِلَيَّ حَبِيبُ <br>يَعْنِي بِذَلِكَ بَلْ كُلّ إِلَيَّ حَبِيب , فَيَكُون تَأْوِيل الْكَلَام : وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ , بَلْ تَدَارَكَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة : يَعْنِي تَتَابَعَ عِلْمهمْ فِي الْآخِرَة : أَيْ بِعِلْمِ الْآخِرَة : أَيْ لَمْ يَتَتَابَع بِذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمُوهُ , بَلْ غَابَ عِلْمهمْ عَنْهُ , وَضَلَّ فَلَمْ يَبْلُغُوهُ وَلَمْ يُدْرِكُوهُ .|بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا|وَقَوْله : { بَلْ هُمْ فِي شَكّ مِنْهَا } يَقُول : بَلْ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَسْأَلُونَك عَنْ السَّاعَة فِي شَكّ مِنْ قِيَامهَا لَا يُوقِنُونَ بِهَا وَلَا يُصَدِّقُونَ بِأَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْد الْمَوْت .|بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ|يَقُول : بَلْ هُمْ مِنْ الْعِلْم بِقِيَامِهَا عَمُونَ .

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاَللَّهِ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ مِنْ قُبُورنَا أَحْيَاء , كَهَيْئَتِنَا مِنْ بَعْد مَمَاتنَا بَعْد أَنْ كُنَّا فِيهَا تُرَابًا قَدْ بَلِينَا .

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ

يَقُول : لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا مِنْ قَبْل مُحَمَّد وَاعِدُونَ وَعَدُّوا ذَلِكَ آبَاءَنَا , فَلَمْ نَرَ لِذَلِكَ حَقِيقَة , وَلَمْ نَتَبَيَّن لَهُ صِحَّة .|إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ|يَقُول : قَالُوا : مَا هَذَا الْوَعْد إِلَّا مَا سَطَّرَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْأَكَاذِيب فِي كُتُبهمْ , فَأَثْبَتُوهُ فِيهَا وَتَحَدَّثُوا بِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون لَهُ صِحَّة .

فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرِمِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ مَا جِئْتهمْ بِهِ مِنْ الْأَنْبَاء مِنْ عِنْد رَبّك : { سِيرُوا فِي الْأَرْض فَانْظُرُوا } إِلَى دِيَار مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ رُسُل اللَّه وَمَسَاكِنهمْ كَيْفَ هِيَ , أَلَمْ يُخَرِّبهَا اللَّه , وَيُهْلِك أَهْلهَا بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلهمْ , وَرَدّهمْ عَلَيْهِمْ نَصَائِحهمْ فَخَلَتْ مِنْهُمْ الدِّيَار وَتَعَفَّتْ مِنْهُمْ الرُّسُوم وَالْآثَار , فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَاقِبَة إِجْرَامهمْ , وَذَلِكَ سُنَّة رَبّكُمْ فِي كُلّ مَنْ سَلَكَ سَبِيلهمْ فِي تَكْذِيب رُسُل رَبّهمْ , وَاَللَّه فَاعِل ذَلِكَ بِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ لَمْ تُبَادِرُوا الْإِنَابَة مِنْ كُفْركُمْ وَتَكْذِيبكُمْ رَسُول رَبّكُمْ .

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ

وَقَوْله : { وَلَا تَحْزَن عَلَيْهِمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَحْزَن عَلَى إِدْبَار هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ عَنْك وَتَكْذِيبهمْ لَك.|وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ|يَقُول : وَلَا يَضِقْ صَدْرك مِنْ مَكْرهمْ بِك , فَإِنَّ اللَّه نَاصِرك عَلَيْهِمْ , وَمُهْلِكهمْ قَتْلًا بِالسَّيْفِ .

كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْد إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَيَقُول مُشْرِكُو قَوْمك يَا مُحَمَّد , الْمُكَذِّبُوك فِيمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّك . { مَتَى } يَكُون { هَذَا الْوَعْد } الَّذِي تَعِدنَاهُ مِنْ الْعَذَاب , الَّذِي هُوَ بِنَا فِيمَا تَقُول حَالّ { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فِيمَا تَعِدُونَنَا بِهِ .

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ

يَقُول جَلَّ جَلَاله : قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّد : عَسَى أَنْ يَكُون اِقْتَرَبَ لَكُمْ وَدَنَا { بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } مِنْ عَذَاب اللَّه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20606 - حَدَّثني عَلِيّ , قَالَ : ثَنَا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ } يَقُول : اِقْتَرَبَ لَكُمْ . )* - حَدَّثني مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : ( { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } يَقُول : اِقْتَرَبَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ . )20607 -حَدَّثني مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثني الْحَارِث , قَالَ : ثَنَا الْحَسَن , قَالَ : ثَنَا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ } قَالَ : رَدِفَ : أُعْجِلَ لَكُمْ . )* - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُون رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ : أَزِفَ . )20608 - حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { رَدِفَ لَكُمْ } اِقْتَرَبَ لَكُمْ. )وَاخْتَلَفَ أَهْل الْعَرَبِيَّة فِي وَجْه دُخُول اللَّام فِي قَوْله : { رَدِفَ لَكُمْ } وَكَلَام الْعَرَب الْمَعْرُوف : رَدِفَهُ أَمْر , وَأَرْدَفَهُ , كَمَا يُقَال : تَبِعَهُ وَأَتْبَعَهُ , فَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْبَصْرَة : أَدْخَلَ اللَّام فِي ذَلِكَ فَأَضَافَ بِهَا الْفِعْل كَمَا يُقَال : { لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } [12 43 ]و { لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ } [7 154 ]وَقَالَ بَعْض نَحْوِيِّي الْكُوفَة : أَدْخَلَ اللَّام فِي ذَلِكَ لِلْمَعْنَى , لِأَنَّ مَعْنَاهُ : دَنَا لَهُمْ , كَمَا قَالَ الشَّاعِر : <br>فَقُلْت لَهَا الْحَاجَات يَطْرَحْنَ بِالْفَتَى <br>فَأَدْخَلَ الْبَاء فِي يَطْرَحْنَ , وَإِنَّمَا يُقَال طَرَحْته , لِأَنَّ مَعْنَى الطَّرْح : الرَّمْي , فَأَدْخَلَ الْبَاء لِلْمَعْنَى , إِذْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ يَرْمِينَ بِالْفَتَى , وَهَذَا الْقَوْل الثَّانِي هُوَ أَوْلَاهُمَا عِنْدِي بِالصَّوَابِ , وَقَدْ مَضَى الْبَيَان عَنْ نَظَائِره فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ الْكِتَاب بِمَا أَغْنَى عَنْ تَكْرَاره فِي هَذَا الْمَوْضِع. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى قَوْله : { تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 20609 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج : ( { رَدِفَ لَكُمْ بَعْض الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ } قَالَ : مِنْ الْعَذَاب.)


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس