islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير الطبرى
12412

71-نوح

إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

وَقَوْله : { فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَلَاوَمُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَلُوم بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى تَفْرِيطهمْ فِيمَا فَرَّطُوا فِيهِ مِنْ الِاسْتِثْنَاء , وَعَزْمهمْ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَرْك إِطْعَام الْمَسَاكِين مِنْ جَنَّتهمْ.

قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ

وَقَوْله : { يَا وَيْلنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } يَقُول : قَالَ أَصْحَاب الْجَنَّة : يَا وَيْلنَا إِنَّا كُنَّا مُبْعَدِينَ : مُخَالِفِينَ أَمْر اللَّه فِي تَرْكنَا الِاسْتِثْنَاء وَالتَّسْبِيح.

أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { عَسَى رَبّنَا أَنْ يُبْدِلنَا خَيْرًا مِنْهَا } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره مُخْبِرًا عَنْ قِيل أَصْحَاب الْجَنَّة : { عَسَى رَبّنَا أَنْ يُبْدِلنَا خَيْرًا مِنْهَا } بِتَوْبَتِنَا مِنْ خَطَإِ فِعْلنَا الَّذِي سَبَقَ مِنَّا خَيْرًا مِنْ جَنَّتنَا .|إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ|يَقُول : إِنَّا إِلَى رَبّنَا رَاغِبُونَ فِي أَنْ يُبْدِلنَا مِنْ جَنَّتنَا إِذْ هَلَكَتْ خَيْرًا مِنْهَا .

يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ

قَوْله تَعَالَى ذِكْره { كَذَلِكَ الْعَذَاب } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : كَفِعْلِنَا بِجَنَّةِ أَصْحَاب الْجَنَّة , إِذْ أَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ بِالَّذِي أَرْسَلْنَا عَلَيْهَا مِنَ الْبَلَاء وَالْآفَة الْمُفْسِدَة , فَعَلْنَا بِمَنْ خَالَفَ أَمْرنَا وَكَفَرَ بِرُسُلِنَا فِي عَاجِل الدُّنْيَا , { وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر } يَعْنِي عُقُوبَة الْآخِرَة بِمَنْ عَصَى رَبّه وَكَفَرَ بِهِ , أَكْبَر يَوْم الْقِيَامَة مِنْ عُقُوبَة الدُّنْيَا وَعَذَابهَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26868 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كَذَلِكَ الْعَذَاب وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يَعْنِي بِذَلِكَ عَذَاب الدُّنْيَا . )26869 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , (قَالَ : اللَّه : { كَذَلِكَ الْعَذَاب } : أَيْ عُقُوبَة الدُّنْيَا { وَلَعَذَاب الْآخِرَة أَكْبَر لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } . )26870 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { كَذَلِكَ الْعَذَاب } قَالَ : عَذَاب الدُّنْيَا : هَلَاك أَمْوَالهمْ : أَيْ عُقُوبَة الدُّنْيَا .)|لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ|وَقَوْله : { لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } يَقُول : لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّ عُقُوبَة اللَّه لِأَهْلِ الشِّرْك بِهِ أَكْبَر مِنْ عُقُوبَته لَهُمْ فِي الدُّنْيَا , لَارْتَدَعُوا وَتَابُوا وَأَنَابُوا , وَلَكِنَّهُمْ بِذَلِكَ جُهَّال لَا يَعْلَمُونَ.

قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْد رَبّهمْ جَنَّات النَّعِيم } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } الَّذِينَ اتَّقَوْا عُقُوبَة اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه { عِنْد رَبّهمْ جَنَّات النَّعِيم } يَعْنِي : بَسَاتِين النَّعِيم الدَّائِم.

فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا

وَقَوْله : { أَفَنَجْعَل الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَفَنَجْعَل أَيّهَا النَّاس فِي كَرَامَتِي وَنِعْمَتِي فِي الْآخِرَة الَّذِينَ خَضَعُوا لِي بِالطَّاعَةِ , وَذَلُّوا لِي بِالْعُبُودِيَّةِ , وَخَشَعُوا لِأَمْرِي وَنَهْيِي , كَالْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ اكْتَسَبُوا الْمَأْثَم , وَرَكِبُوا الْمَعَاصِي , وَخَالَفُوا أَمْرِي وَنَهْيِي ؟ كَلَّا مَا اللَّه بِفَاعِلٍ ذَلِكَ .

وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا

وَقَوْله : { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } أَتَجْعَلُونَ الْمُطِيع لِلَّهِ مِنْ عَبِيده , وَالْعَاصِي لَهُ مِنْهُمْ فِي كَرَامَته سَوَاء . يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا تُسَوُّوا بَيْنهمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْد اللَّه , بَلْ الْمُطِيع لَهُ الْكَرَامَة الدَّائِمَة , وَالْعَاصِي لَهُ الْهَوَان الْبَاقِي .

ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَمْ لَكُمْ كِتَاب فِيهِ تَدْرُسُونَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ مِنْ قُرَيْش : أَلَكُمْ أَيّهَا الْقَوْم بِتَسْوِيَتِكُمْ بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَالْمُجْرِمِينَ فِي كَرَامَة اللَّه كِتَاب نَزَلَ مِنْ عِنْد اللَّه أَتَاكُمْ بِهِ رَسُول مِنْ رُسُله بِأَنَّ لَكُمْ مَا تَخَيَّرُونَ , فَأَنْتُمْ تَدْرُسُونَ فِيهِ مَا تَقُولُونَ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26871 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : ( { أَمْ لَكُمْ كِتَاب فِيهِ تَدْرُسُونَ } قَالَ : فِيهِ الَّذِي تَقُولُونَ تَقْرَءُونَهُ : تَدْرُسُونَهُ , وَقَرَأَ : { أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَة مِنْهُ } . .. إِلَى آخِر الْآيَة .)

ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا

وَقَوْله : { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ لَكُمْ فِي ذَلِكَ الَّذِي تَخَيَّرُونَ مِنَ الْأُمُور لِأَنْفُسِكُمْ , وَهَذَا أَمْر مِنَ اللَّه , تَوْبِيخ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْم وَتَقْرِيع لَهُمْ فِيمَا كَانُوا يَقُولُونَ مِنَ الْبَاطِل , وَيَتَمَنَّوْنَ مِنْ الْأَمَانِي الْكَاذِبَة .

فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا

وَقَوْله : { أَمْ لَكُمْ } فِيهِ { أَيْمَان عَلَيْنَا بَالِغَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة } يَقُول : هَلْ لَكُمْ أَيْمَان عَلَيْنَا تَنْتَهِي بِكُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , بِأَنَّ لَكُمْ مَا تَحْكُمُونَ أَيْ بِأَنَّ لَكُمْ حُكْمكُمْ , وَلَكِنَّ الْأَلِف كُسِرَتْ مِنْ | إِنَّ | لَمَّا دَخَلَ فِي الْخَبَر اللَّام : أَيْ هَلْ لَكُمْ أَيْمَان عَلَيْنَا بِأَنَّ لَكُمْ حُكْمكُمْ.

يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { سَلْهُمْ أَيّهمْ بِذَلِكَ زَعِيم } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَيّهمْ بِأَنَّ لَهُمْ عَلَيْنَا أَيْمَانًا بَالِغَة بِحُكْمِهِمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة { زَعِيم } يَعْنِي : كَفِيل بِهِ , وَالزَّعِيم عِنْد الْعَرَب : الضَّامِن وَالْمُتَكَلِّم عَنْ الْقَوْم , كَمَا : 26872 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { أَيّهمْ بِذَلِكَ زَعِيم } يَقُول : أَيّهمْ بِذَلِكَ كَفِيل . )26873 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { سَلْهُمْ أَيّهمْ بِذَلِكَ زَعِيم } يَقُول : أَيّهمْ بِذَلِكَ كَفِيل .)

وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا

وَقَوْله : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَلِهَؤُلَاءِ الْقَوْم شُرَكَاء فِيمَا يَقُولُونَ وَيَصِفُونَ مِنَ الْأُمُور الَّتِي يَزْعُمُونَ أَنَّهَا لَهُمْ , فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ فِي ذَلِكَ إِنْ كَانُوا فِيمَا يَدْعُونَ مِنْ الشُّرَكَاء صَادِقِينَ .

مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مِنْ أَهْل التَّأْوِيل : يَبْدُو عَنْ أَمْر شَدِيد . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26874 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : هُوَ يَوْم حَرْب وَشِدَّة . )26875 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنِ ابْن عَبَّاس ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : عَنْ أَمْر عَظِيم كَقَوْلِ الشَّاعِر : <br>وَقَامَتِ الْحَرْب بِنَا عَلَى سَاق <br>)26876 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } وَلَا يَبْقَى مُؤْمِن إِلَّا سَجَدَ , وَيَقْسُو ظَهْر الْكَافِر فَيَكُون عَظْمًا وَاحِدًا . )وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : يُكْشَف عَنْ أَمْر عَظِيم , أَلَا تَسْمَع الْعَرَب تَقُول : <br>وَقَامَتِ الْحَرْب بِنَا عَلَى سَاق <br>26877 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } يَقُول : حِين يُكْشَف الْأَمْر , وَتَبْدُو الْأَعْمَال , وَكَشْفه : دُخُول الْآخِرَة وَكَشْف الْأَمْر عَنْهُ . )26878 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثنا مُعَاوِيَة , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } هُوَ الْأَمْر الشَّدِيد الْمُفْظِع مِنَ الْهَوْل يَوْم الْقِيَامَة . )26879 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ وَابْن حُمَيْد , قَالَا : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : شِدَّة الْأَمْر وَجِدّه ; قَالَ ابْن عَبَّاس : هِيَ أَشَدّ سَاعَة فِي يَوْم الْقِيَامَة . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : شِدَّة الْأَمْر , قَالَ ابْن عَبَّاس : هِيَ أَوَّل سَاعَة تَكُون فِي يَوْم الْقِيَامَة غَيْر أَنَّ فِي حَدِيث الْحَارِث قَالَ : وَقَالَ ابْن عَبَّاس : هِيَ أَشَدّ سَاعَة تَكُون فِي يَوْم الْقِيَامَة . )26880 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان عَنْ سُفْيَان , عَنْ عَاصِم بْن كُلَيْب , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : (عَنْ شِدَّة الْأَمْر . )26881- حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : عَنْ أَمْر فَظِيع جَلِيل . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : يَوْم يُكْشَف عَنْ شِدَّة الْأَمْر . )26882 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ : شَمَّرَتِ الْحَرْب عَنْ سَاق يَعْنِي إِقْبَال الْآخِرَة وَذَهَاب الدُّنْيَا )26883 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ سَلَمَة بْن كُهَيْل , قَالَ : ثنا أَبُو الزَّهْرَاء , عَنْ عَبْد اللَّه , قَالَ : ( يَتَمَثَّل اللَّه لِلْخَلْقِ يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يَمُرّ الْمُسْلِمُونَ , قَالَ : فَيَقُول : مَنْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : نَعْبُد اللَّه لَا نُشْرِك بِهِ شَيْئًا , فَيَنْتَهِرهُمْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا , فَيَقُول : هَلْ تَعْرِفُونَ رَبّكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : سُبْحَانه إِذَا اعْتَرَفَ إِلَيْنَا عَرَفْنَاهُ , قَالَ : فَعِنْد ذَلِكَ يُكْشَف عَنْ سَاق , فَلَا يَبْقَى مُؤْمِن إِلَّا خَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا , وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ ظُهُورهمْ طَبَق وَاحِد , كَأَنَّمَا فِيهَا السَّفَافِيد , فَيَقُولُونَ : رَبّنَا , فَيَقُول : قَدْ كُنْتُمْ تُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود وَأَنْتُمْ سَالِمُونَ . )26884 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا شَرِيك , عَنْ الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود , قَالَ : ( يُنَادِي مُنَادٍ يَوْم الْقِيَامَة : أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ , ثُمَّ صَوَّرَكُمْ , ثُمَّ رَزَقَكُمْ , ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْره أَنْ يُوَلِّي كُلّ عَبْد مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى , فَيَقُولُونَ : بَلَى , قَالَ : فَيُمَثَّل لِكُلِّ قَوْم آلِهَتهمْ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا , فَيَتَّبِعُونَهَا حَتَّى تُورِدهُمْ النَّار , وَيَبْقَى أَهْل الدَّعْوَة , فَيَقُول بَعْضهمْ لِبَعْضٍ : مَاذَا تَنْتَظِرُونَ , ذَهَبَ النَّاس ؟ فَيَقُولُونَ : نَنْتَظِر أَنْ يُنَادَى بِنَا , فَيَجِيء إِلَيْهِمْ فِي صُورَة , قَالَ : فَذُكِرَ مِنْهَا مَا شَاءَ اللَّه , فَيَكْشِف عَمَّا شَاءَ اللَّه أَنْ يَكْشِف قَالَ : فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا إِلَّا الْمُنَافِقِينَ , فَإِنَّهُ يَصِير فَقَار أَصْلَابهمْ عَظْمًا وَاحِدًا مِثْل صَيَاصِي الْبَقَر , فَيُقَال لَهُمْ : ارْفَعُوا رُءُوسكُمْ إِلَى نُوركُمْ | )ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّة فِيهَا طُول . 26885 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْر , قَالَ : ثنا الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال عَنْ قَيْس بْن سَكَن , قَالَ : حَدَّثَ عَبْد اللَّه وَهُوَ عِنْد عُمَر ( { يَوْم يَقُوم النَّاس لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } قَالَ : | إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ : يَقُوم النَّاس بَيْن يَدَيْ رَبّ الْعَالَمِينَ أَرْبَعِينَ عَامًا , شَاخِصَة أَبْصَارهمْ إِلَى السَّمَاء , حُفَاة عُرَاة , يُلْجِمهُمُ الْعَرَق , وَلَا يُكَلِّمهُمْ بَشَر أَرْبَعِينَ عَامًا , ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ . : يَا أَيّهَا النَّاس أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ , ثُمَّ عَبَدْتُمْ غَيْره , أَنْ يُوَلِّي كُلّ قَوْم مَا تَوَلَّوْا ؟ قَالُوا : نَعَمْ ؟ قَالَ : فَيُرْفَع لِكُلِّ قَوْم مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه ; قَالَ : وَيُمَثَّل لِكُلِّ قَوْم , يَعْنِي آلِهَتهمْ , فَيَتَّبِعُونَهَا حَتَّى تَقْذِفهُمْ فِي النَّار , فَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُنَافِقُونَ , فَيُقَال : أَلَا تَذْهَبُونَ فَقَدْ ذَهَبَ النَّاس ؟ فَيَقُولُونَ : حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبّنَا , قَالَ : وَتَعْرِفُونَهُ ؟ فَقَالُوا : إِنْ اعْتَرَفَ لَنَا , قَالَ : فَيَتَجَلَّى فَيَخِرّ مَنْ كَانَ يَعْبُدهُ سَاجِدًا , قَالَ : وَيَبْقَى الْمُنَافِقُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ كَأَنَّ فِي ظُهُورهمْ السَّفَافِيد. قَالَ : فَيُذْهَب بِهِمْ فَيُسَاقُونَ إِلَى النَّار , فَيُقْذَف بِهِمْ , وَيَدْخُل هَؤُلَاءِ الْجَنَّة , قَالَ : فَيُسْتَقْبَلُونَ فِي الْجَنَّة بِمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِنْ الثَّوَاب وَالْأَزْوَاج وَالْحُور الْعِين , لِكُلِّ رَجُل مِنْهُمْ فِي الْجَنَّة كَذَا وَكَذَا , بَيْن كُلّ جَنَّة كَذَا وَكَذَا , بَيْن أَدْنَاهَا وَأَقْصَاهَا أَلْف سَنَة هُوَ يَرَى أَقْصَاهَا كَمَا يَرَى أَدْنَاهَا ; قَالَ : وَيَسْتَقْبِلهُ رَجُل حَسَن الْهَيْئَة إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ مُقْبِلًا حَسِبَ أَنَّهُ رَبّه , فَيَقُول لَهُ : لَا تَفْعَل إِنَّمَا أَنَا عَبْدك وَقَهْرَمَانك عَلَى أَلْف قَرْيَة قَالَ : يَقُول عُمَر : يَا كَعْب أَلَا تَسْمَع مَا يُحَدِّث بِهِ عَبْد اللَّه | ؟ . )26886 - حَدَّثَنَا ابْن جَبَلَة , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن حَمَّاد , قَالَ : ثنا أَبُو عَوَانَة , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان الْأَعْمَش , عَنِ الْمِنْهَال بْن عَمْرو , عَنْ أَبِي عُبَيْدَة وَقَيْس بْن سَكَن , قَالَا : قَالَ عَبْد اللَّه وَهُوَ يُحَدِّث عُمَر , قَالَ : وَجَعَلَ عُمَر يَقُول : وَيْحك يَا كَعْب , أَلَا تَسْمَع مَا يَقُول عَبْد اللَّه ؟ ( إِذَا حُسِرَ النَّاس عَلَى أَرْجُلهمْ أَرْبَعِينَ عَامًا شَاخِصَة أَبْصَارهمْ إِلَى السَّمَاء , لَا يُكَلِّمهُمْ بَشَر , وَالشَّمْس عَلَى رُءُوسهمْ حَتَّى يُلْجِمهُمُ الْعَرَق , كُلّ بَرّ مِنْهُمْ وَفَاجِر , ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاء : يَا أَيّهَا النَّاس أَلَيْسَ عَدْلًا مِنْ رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ وَصَوَّرَكُمْ , ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ غَيْره , أَنْ يُوَلِّيَ كُلّ رَجُل مِنْكُمْ مَا تَوَلَّى ؟ فَيَقُولُونَ : بَلَى ; ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاء : يَا أَيّهَا النَّاس , فَلْتَنْطَلِقْ كُلّ أُمَّة إِلَى مَا كَانَتْ تَعْبُد , قَالَ : وَيُبْسَط لَهُمْ السَّرَاب , قَالَ : فَيُمَثَّل لَهُمْ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ , قَالَ : فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَلِجُوا النَّار , فَيُقَال لِلْمُسْلِمِينَ : مَا يَحْبِسكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبّنَا , فَيُقَال لَهُمْ : هَلْ تَعْرِفُونَهُ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ ؟ فَيَقُولُونَ : إِنْ اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ . )26887 -قَالَ وثني أَبُو صَالِح , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( حَتَّى إِنَّ أَحَدهمْ لَيَلْتَفّ فَيَكْشِف عَنْ سَاق , فَيَقَعُونَ سُجُودًا , قَالَ : وَتُدْمَج أَصْلَاب الْمُنَافِقِينَ حَتَّى تَكُون عَظْمًا وَاحِدًا , كَأَنَّهَا صَيَاصِي الْبَقَر , قَالَ : فَيُقَال لَهُمْ : ارْفَعُوا رُءُوسكُمْ إِلَى نُوركُمْ بِقَدْرِ أَعْمَالكُمْ ; قَالَ : فَتَرْفَع طَائِفَة مِنْهُمْ رُءُوسهمْ إِلَى مِثْل الْجِبَال مِنْ النُّور , فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاط كَطَرْفِ الْعَيْن , ثُمَّ تَرْفَع أُخْرَى رُءُوسهمْ إِلَى أَمْثَال الْقُصُور , فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاط كَمَرِّ الرِّيح , ثُمَّ يَرْفَع آخَرُونَ بَيْن أَيْدِيهمْ أَمْثَال الْبُيُوت , فَيَمُرُّونَ كَمَرِّ الْخَيْل ; ثُمَّ يَرْفَع آخَرُونَ إِلَى نُور دُون ذَلِكَ , فَيُشَدُّونَ شَدًّا ; وَآخَرُونَ دُون ذَلِكَ يَمْشُونَ مَشْيًا حَتَّى يَبْقَى آخِر النَّاس رَجُل عَلَى أُنْمُلَة رِجْله مِثْل السِّرَاج , فَيَخِرّ مَرَّة , وَيَسْتَقِيم أُخْرَى , وَتُصِيبهُ النَّار فَتُشْعِث مِنْهُ حَتَّى يَخْرُج , فَيَقُول : مَا أُعْطِيَ أَحَد مَا أُعْطِيت , وَلَا يَدْرِي مِمَّا نَجَا , غَيْر أَنِّي وَجَدْت مَسَّهَا , وَإِنِّي وَجَدْت حَرّهَا | )وَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ طُول اخْتَصَرْت هَذَا مِنْهُ . 26888 - حَدَّثَنِي مُوسَى بْن عَبْد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقِيّ , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , قَالَ : ثنا هِشَام بْن سَعْد , قَالَ : ثنا زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَادٍ : أَلَا لِتَلْحَق كُلّ أُمَّة بِمَا كَانَتْ تَعْبُد , فَلَا يَبْقَى أَحَد كَانَ يَعْبُد صَنَمًا وَلَا وَثَنًا وَلَا صُورَة إِلَّا ذَهَبُوا حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّار , وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُد اللَّه وَحْده مِنْ بَرّ وَفَاجِر , وَغُبَّرَات أَهْل الْكِتَاب ثُمَّ تُعْرَض جَهَنَّم كَأَنَّهَا سَرَاب يُحَطِّم بَعْضهَا بَعْضًا , ثُمَّ يُدْعَى الْيَهُود , فَيُقَال لَهُمْ : مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : عُزَيْرَ ابْن اللَّه , فَيَقُول : كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّه مِنْ صَاحِبَة وَلَا وَلَد , فَمَاذَا تُرِيدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبّنَا ظَمِئْنَا فَيَقُول : أَفَلَا تَرِدُونَ فَيَذْهَبُونَ حَتَّى يَتَسَاقَطُوا فِي النَّار , ثُمَّ تُدْعَى النَّصَارَى , فَيُقَال : مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : الْمَسِيح ابْن اللَّه , فَيَقُول : كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّه مِنْ صَاحِبَة وَلَا وَلَد , فَمَاذَا تُرِيدُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : أَيْ رَبّنَا ظَمِئْنَا اسْقِنَا , فَيَقُول : أَفَلَا تَرِدُونَ , فَيَذْهَبُونَ فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّار , فَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُد اللَّه مِنْ بَرّ وَفَاجِر قَالَ : ثُمَّ يَتَبَدَّى اللَّه لَنَا فِي صُورَة غَيْر صُورَته الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّل مَرَّة , فَيَقُول : أَيّهَا النَّاس لَحِقَتْ كُلّ أُمَّة بِمَا كَانَتْ تَعْبُد , وَبَقِيتُمْ أَنْتُمْ فَلَا يُكَلِّمهُ يَوْمئِذٍ إِلَّا الْأَنْبِيَاء , فَيَقُولُونَ : فَارَقْنَا النَّاس فِي الدُّنْيَا , وَنَحْنُ كُنَّا إِلَى صُحْبَتهمْ فِيهَا أَحْوَج لَحِقَتْ كُلّ أُمَّة بِمَا كَانَتْ تَعْبُد , وَنَحْنُ نَنْتَظِر رَبّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُد , فَيَقُول : أَنَا رَبّكُمْ , فَيَقُولُونَ : نَعُوذ بِاللَّهِ مِنْك , فَيَقُول : هَلْ بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه آيَة تَعْرِفُونَهُ بِهَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ , فَيُكْشَف عَنْ سَاق , فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا أَجْمَعُونَ , وَلَا يَبْقَى أَحَد كَانَ سَجَدَ فِي الدُّنْيَا سُمْعَة وَلَا رِيَاء وَلَا نِفَاقًا , إِلَّا صَارَ ظَهْره طَبَقًا وَاحِدًا , كُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُد خَرَّ عَلَى قَفَاهُ ; قَالَ : ثُمَّ يَرْجِع يُرْفَع بَرّنَا وَمُسِيئُنَا , وَقَدْ عَادَ لَنَا فِي صُورَته الَّتِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا أَوَّل مَرَّة , فَيَقُول : أَنَا رَبّكُمْ , فَيَقُولُونَ : نَعَمْ أَنْتَ رَبّنَا ثَلَاث مَرَّات . )26889 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم , قَالَ : ثني أَبِي وَسَعِيد بْن اللَّيْث , عَنْ اللَّيْث , قَالَ : ثنا خَالِد بْن يَزِيد , عَنْ أَبِي هِلَال , عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم , عَنْ عَطَاء بْن يَسَار , عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ , أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُنَادِي مُنَادِيه فَيَقُول : لِيَلْحَق كُلّ قَوْم بِمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ فَيَذْهَب أَصْحَاب الصَّلِيب مَعَ صَلِيبهمْ , وَأَصْحَاب الْأَوْثَان مَعَ أَوْثَانهمْ , وَأَصْحَاب كُلّ آلِهَة مَعَ آلِهَتهمْ حَتَّى يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُد اللَّه مِنْ بَرّ وَفَاجِر وَغُبَّرَات أَهْل الْكِتَاب , ثُمَّ يَؤْتَى بِجَهَنَّم تَعْرِض كَأَنَّهَا سَرَاب | )ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوه , غَيْر أَنَّهُ قَالَ | فَإِنَّا نَنْتَظِر رَبّنَا | فَقَالَ : إِنْ كَانَ قَالَهُ فَيَأْتِيهِمْ الْجَبَّار , ثُمَّ حَدَّثَنَا الْحَدِيث نَحْو حَدِيث الْمَسْرُوقِيّ. 26890 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن الْمُحَارِبِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن رَافِع الْمَدَنِيّ , عَنْ يَزِيد بْن أَبِي زِيَاد عَنْ رَجُل مِنْ الْأَنْصَار , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَأْخُذ اللَّه لِلْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِم حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ تَبَعَة لِأَحَدٍ عِنْد أَحَد جَعَلَ اللَّه مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَة عَلَى صُورَة عُزَيْر , فَتَتْبَعهُ الْيَهُود , وَجَعَلَ اللَّه مَلَكًا مِنَ الْمَلَائِكَة عَلَى صُورَة عِيسَى فَتَتْبَعهُ النَّصَارَى , ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ أَسْمِعِ الْخَلَائِق كُلّهمْ , فَقَالَ : أَلَا لِيَلْحَق كُلّ قَوْم بِآلِهَتِهِمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُون اللَّه , فَلَا يَبْقَى أَحَد كَانَ يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه شَيْئًا إِلَّا مُثِّلَ لَهُ آلِهَتُهُ بَيْن يَدَيْهِ , ثُمَّ قَادَتْهُمْ إِلَى النَّار حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ فِيهِمْ الْمُنَافِقُونَ قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَيّهَا النَّاس ذَهَبَ النَّاس ذَهَبَ النَّاس , الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فَيَقُولُونَ وَاللَّه مَا لَنَا إِلَّا اللَّه وَمَا كُنَّا نَعْبُد إِلَهًا غَيْره , وَهُوَ اللَّه ثَبَّتَهُمْ , ثُمَّ يَقُول لَهُمْ الثَّانِيَة ذَلِكَ : الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ , فَيَقُولُونَ مِثْل ذَلِكَ , فَيُقَال : هَلْ بَيْنكُمْ وَبَيْن رَبّكُمْ آيَة تَعْرِفُونَهَا ؟ فَيَقُولُونَ نَعَمْ , فَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَته مَا يَعْرِفُونَهُ أَنَّهُ رَبّهمْ فَيَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا عَلَى وُجُوههمْ وَيَقَع كُلّ مُنَافِق عَلَى قَفَاهُ , وَيَجْعَل اللَّه أَصْلَابهمْ كَصَيَاصِي الْبَقَر |. )26891 - وَحَدَّثَنِي أَبُو زَيْد عُمَر بْن شَبَّة , قَالَ : ثنا الْوَلِيد بْن مُسْلِم , قَالَ : ثنا أَبُو سَعِيد رَوْح بْن جَنَاح , عَنْ مَوْلًى لِعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز , عَنْ أَبِي بُرْدَة بْن أَبِي مُوسَى , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : | عَنْ نُور عَظِيم , يَخِرُّونَ لَهُ سُجَّدًا . )26892 -حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْبُزُورِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله اللَّه ( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : يُكْشَف عَنِ الْغِطَاء , قَالَ : وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود وَهُمْ سَالِمُونَ. )26893 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا ابْن الْمُبَارَك , عَنْ أُسَامَة بْن زَيْد عَنْ عِكْرِمَة , فِي قَوْله( { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } قَالَ : هُوَ يَوْم كَرْب وَشِدَّة . )وَذُكِرَ عَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ ذَلِكَ : { يَوْم يُكْشَف عَنْ سَاق } بِمَعْنَى تَكْشِف الْقِيَامَة عَنْ شِدَّة شَدِيدَة , وَالْعَرَب تَقُول : كَشَفَ هَذَا الْأَمْر عَنْ سَاق : إِذَا صَارَ إِلَى شِدَّة ; وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : <br>كَشَفَتْ لَهُمْ عَنْ سَاقهَا .......... وَبَدَا مِنْ الشَّرّ الصُّرَاح<br>|وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ|وَقَوْله : { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } يَقُول : وَيَدْعُوهُمُ الْكَشْف عَنْ السَّاق إِلَى السُّجُود لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ .

وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا

وَقَوْله : { خَاشِعَة أَبْصَارهمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّة } يَقُول : تَغْشَاهُمْ ذِلَّة مِنْ عَذَاب اللَّه .|وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ|يَقُول : وَقَدْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا يَدْعُونَهُمْ إِلَى السُّجُود لَهُ , وَهُمْ سَالِمُونَ , لَا يَمْنَعهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَانِع , وَلَا يَحُول بَيْنه وَبَيْنهمْ حَائِل . وَقَدْ قِيلَ : السُّجُود فِي هَذَا الْمَوْضِع : الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26894 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ ( { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود } قَالَ : إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة. )26895 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِي سُفْيَان , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر( { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود } قَالَ : سَمِعَ الْمُنَادِي إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فَلَا يُجِيبهُ . )*- قَالَ ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ : ( { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود } قَالَ : الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة . )وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } . .. الْآيَة , قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26896 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود وَهُمْ سَالِمُونَ } قَالَ : هُمُ الْكُفَّار كَانُوا يُدْعَوْنَ فِي الدُّنْيَا وَهُمْ آمِنُونَ , فَالْيَوْم يَدْعُوهُمْ وَهُمْ خَائِفُونَ , ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنَّهُ حَالَ بَيْن أَهْل الشِّرْك وَبَيْن طَاعَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة , فَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ { مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْع وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ } وَأَمَّا فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ قَالَ : { فَلَا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَة أَبْصَارهمْ }. )26897 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ } ذَلِكُمْ وَاللَّه يَوْم الْقِيَامَة . )ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول : ( يُؤْذَن لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْم الْقِيَامَة فِي السُّجُود , فَيَسْجُد الْمُؤْمِنُونَ , وَبَيْن كُلّ مُؤْمِنَيْنِ مُنَافِق , فَيَقْسُو ظَهْر الْمُنَافِق عَنْ السُّجُود , وَيَجْعَل اللَّه سُجُود الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ تَوْبِيخًا وَذُلًّا وَصَغَارًا , وَنَدَامَة وَحَسْرَة . )وَقَوْله : { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود } أَيْ فِي الدُّنْيَا { وَهُمْ سَالِمُونَ } أَيْ فِي الدُّنْيَا . * -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : (بَلَغَنِي أَنَّهُ يُؤْذَن لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْم الْقِيَامَة فِي السُّجُود بَيْن كُلّ مُؤْمِنَيْنِ مُنَافِق , يَسْجُد الْمُؤْمِنُونَ , وَلَا يَسْتَطِيع الْمُنَافِق أَنْ يَسْجُد ; وَأَحْسَبهُ قَالَ : تَقْسُو ظُهُورهمْ , وَيَكُون سُجُود الْمُؤْمِنِينَ تَوْبِيخًا عَلَيْهِمْ , قَالَ : { وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود وَهُمْ سَالِمُونَ } . )

أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّب بِهَذَا الْحَدِيث } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كِلْ يَا مُحَمَّد أَمْر هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقُرْآنِ إِلَيَّ ; وَهَذَا كَقَوْلِ الْقَائِل لِآخَر غَيْره يَتَوَعَّد رَجُلًا : دَعْنِي وَإِيَّاهُ , وَخَلِّنِي وَإِيَّاهُ , بِمَعْنَى : إِنَّهُ مِنْ وَرَاء مَسَاءَته . و | مَنْ | فِي قَوْله : { وَمَنْ يُكَذِّب بِهَذَا الْحَدِيث } فِي مَوْضِع نَصْب ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام مَا ذَكَرْت , وَهُوَ نَظِير قَوْلهمْ : لَوْ تُرِكْت وَرَأْيَك مَا أَفْلَحْت . وَالْعَرَب تَنْصِب | وَرَأْيك | ; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَام : لَوْ وَكَلْتُك إِلَى رَأْيك لَمْ تُفْلِح .|سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ|وَقَوْله : { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : سَنَكِيدُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ , وَذَلِكَ بِأَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّهُمْ مُتِّعُوا بِهِ بِخَيْرٍ لَهُمْ عِنْد اللَّه , فَيَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانهمْ , ثُمَّ يَأْخُذهُمْ بَغْتَة وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.

وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا

وَقَوْله : { وَأُمْلِي لَهُمْ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَأُنْسِئ فِي آجَالهمْ مُلَاوَة مِنْ الزَّمَان , وَذَلِكَ بُرْهَة مِنَ الدَّهْر عَلَى كُفْرهمْ وَتَمَرُّدهمْ عَلَى اللَّه لِتَتَكَامَل حُجَج اللَّه عَلَيْهِمْ|إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ|يَقُول : إِنَّ كَيْدِي بِأَهْلِ الْكُفْر قَوِيّ شَدِيد .

وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا

يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَسْأَلُ يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنَ النَّصِيحَة , وَدَعَوْتهمْ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقّ , ثَوَابًا وَجَزَاء .|فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ|يَعْنِي مِنْ غُرْم ذَلِكَ الْأَجْر مُثْقَلُونَ , قَدْ أَثْقَلَهُمُ الْقِيَام بِأَدَائِهِ , فَتَحَامَوْا لِذَلِكَ قَبُول نَصِيحَتك , وَتَجَنَّبُوا لِمُعْظَمِ مَا أَصَابَهُنَّ مِنْ ثِقَل الْغُرْم الَّذِي سَأَلْتهمْ عَلَى ذَلِكَ الدُّخُول فِي الَّذِي دَعْوَتهمْ إِلَيْهِ مِنْ الدِّين.

ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا

وَقَوْله : { أَمْ عِنْدهمْ الْغَيْب فَهُمْ يَكْتُبُونَ } يَقُول : أَعِنْدهمْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي فِيهِ نَبَأ مَا هُوَ كَائِن , فَهُمْ يَكْتُبُونَ مِنْهُ مَا فِيهِ , وَيُجَادِلُونَك بِهِ , وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ عَلَى كُفْرهمْ بِرَبِّهِمْ أَفْضَل مَنْزِلَة عِنْد اللَّه مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ.

وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّد لِقَضَاءِ رَبّك وَحُكْمه فِيك , وَفِي هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِمَا أَتَيْتهمْ بِهِ مِنْ هَذَا الْقُرْآن , وَهَذَا الدِّين , وَامْضِ لِمَا أَمَرَك بِهِ رَبّك , وَلَا يُثْنِيك عَنْ تَبْلِيغ مَا أُمِرْت بِتَبْلِيغِهِ تَكْذِيبهمْ إِيَّاكَ وَأَذَاهُمْ لَك .|وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ|وَقَوْله : { وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت } الَّذِي حَبَسَهُ فِي بَطْنه , وَهُوَ يُونُس بْن مَتَّى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُعَاقِبك رَبّك عَلَى تَرْكك تَبْلِيغ ذَلِكَ , كَمَا عَاقَبَهُ فَحَبَسَهُ فِي بَطْنه . وَكَانَ قَتَادَة يَقُول فِي قَوْله : { وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت } : لَا تَكُنْ مِثْله فِي الْعَجَلَة وَالْغَضَب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26900 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة( { فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّك وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوت إِذْ نَادَى رَبّه وَهُوَ مَكْظُوم } يَقُول : لَا تَعْجَل كَمَا عَجِلَ , وَلَا تَغْضَب كَمَا غَضِبَ . )* -حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , مِثْله .|إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ|يَقُول : إِذْ نَادَى وَهُوَ مَغْمُوم , قَدْ أَثْقَله الْغَمّ وَكَظَمَهُ , كَمَا : 26898 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُوم } يَقُول : مَغْمُوم . )26899 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { مَكْظُوم } قَالَ : مَغْمُوم .)

لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا

وَقَوْله : { لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَة مِنْ رَبّه } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَ صَاحِب الْحُوت نِعْمَةٌ مِنْ رَبّه , فَرَحِمَهُ بِهَا , وَتَابَ عَلَيْهِ مِنْ مُغَاضَبَته رَبّه { لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ } وَهُوَ الْفَضَاء مِنَ الْأَرْض : وَمِنْهُ قَوْل بْن جَعْدَة : <br>وَرَفَعْت رِجْلًا لَا أَخَاف عِثَارهَا .......... وَنَبَذْت بِالْبَلَدِ الْعَرَاء ثِيَابِي <br> { وَهُوَ مَذْمُوم } اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي مَعْنَى قَوْله : { وَهُوَ مَذْمُوم } فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ وَهُوَ مُلِيم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26901 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثني أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله :( { وَهُوَ مَذْمُوم } يَقُول : وَهُوَ مُلِيم . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : وَهُوَ مُذْنِب ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26902 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْر ( { وَهُوَ مَذْمُوم } قَالَ : هُوَ مُذْنِب .)

قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَاجْتَبَاهُ رَبّه فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } . </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : فَاجْتَبَى صَاحِب الْحُوت رَبُّهُ , يَعْنِي اصْطَفَاهُ وَاخْتَارَهُ لِنُبُوَّتِهِ { فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } يَعْنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ الْعَامِلِينَ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبّهمْ , الْمُنْتَهِينَ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ .

وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا

وَقَوْله : { وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا يَا مُحَمَّد يَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ مِنْ شِدَّة عَدَاوَتهمْ لَك وَيُزِيلُونَك فَيَرْمُوا بِك عِنْد نَظَرهمْ إِلَيْك غَيْظًا عَلَيْك . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ غَنِيّ بِذَلِكَ : وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا مِمَّا عَانُوك بِأَبْصَارِهِمْ لَيَرْمُونَ بِك يَا مُحَمَّد , وَيَصْرَعُونَك , كَمَا تَقُول الْعَرَب : كَادَ فُلَان يَصْرَعنِي بِشِدَّةِ نَظَره إِلَيَّ قَالُوا : وَإِنَّمَا كَانَتْ قُرَيْش عَانُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصِيبُوهُ بِالْعَيْنِ , فَنَظَرُوا إِلَيْهِ لِيَعِينُوهُ , وَقَالُوا : مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِثْله , أَوْ إِنَّهُ لَمَجْنُون , فَقَالَ اللَّه لِنَبِيِّهِ عِنْد ذَلِكَ : وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيَرْمُونَك بِأَبْصَارِهِمْ { لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْر وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُون } . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى { لَيُزْلِقُونَك } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26903 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن عُيَيْنَة , عَنْ عَمْرو , عَنْ عَطَاء , عَنِ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله : ( { وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْر } يَقُول : يَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ مِنْ شِدَّة النَّظَر , يَقُول ابْن عَبَّاس : يُقَال لِلسَّهْمِ : زَهَقَ السَّهْم أَوْ زَلَقَ . )* - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } يَقُول : لَيَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ . )* - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله ( { وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } يَقُول : لَيُزْهِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ .) 26904 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , عَنْ عَبْد اللَّه أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ : ( وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْهِقُونَك . )26905- حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : ( { لَيُزْلِقُونَك } قَالَ : لَيَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ. )26906 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : ( { لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } قَالَ : لَيُزْهِقُونَك , وَقَالَ الْكَلْبِيّ لَيَصْرَعُونَك . )* - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة ( { وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } لَيَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ مُعَادَاة لِكِتَابِ اللَّه , وَلِذِكْر اللَّه . )26907- حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { وَإِنْ يَكَاد الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَك بِأَبْصَارِهِمْ } يَقُول : يَنْفُذُونَك بِأَبْصَارِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء .) وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله { لَيُزْلِقُونَك } فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة | لَيَزْلِقُونَك | بِفَتْحِ الْيَاء مِنْ زَلِقْته أَزْلِقهُ زَلَقًا. وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَالْبَصْرَة { لَيُزْلِقُونَك } بِضَمِّ الْيَاء مِنْ أَزْلَقَهُ يُزْلِقهُ . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ , وَلُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي الْعَرَب مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; وَالْعَرَب تَقُول لِلَّذِي يَحْلِق الرَّأْس : قَدْ أَزْلَقه وَزَلَقَهُ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب .|لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ|وَقَوْله { لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْر } يَقُول : لَمَّا سَمِعُوا كِتَاب اللَّه يُتْلَى .|وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ|يَقُول تَعَالَى ذِكْره : يَقُول هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتهمْ إِنَّ مُحَمَّدًا لَمَجْنُون , وَهَذَا الَّذِي جَاءَنَا بِهِ مِنْ الْهَذَيَان الَّذِي يَهْذِي بِهِ فِي جُنُونه

وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا

وَمَا مُحَمَّد إِلَّا ذِكْر ذَكَّرَ اللَّه بِهِ الْعَالَمِينَ الثَّقَلَيْنِ الْجِنّ وَالْإِنْس . آخِر تَفْسِير سُورَة ن وَالْقَلَم .

وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْحَاقَّة } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : السَّاعَة { الْحَاقَّة } الَّتِي تَحِقّ فِيهَا الْأُمُور , وَيَجِب فِيهَا الْجَزَاء عَلَى الْأَعْمَال .

مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا

يَقُول : أَيّ شَيْء السَّاعَة الْحَاقَّة . وَذُكِرَ عَنِ الْعَرَب أَنَّهَا تَقُول : لِمَا عُرِفَ الْحَاقَّة مَتَى وَالْحَقَّة مَتَى , وَبِالْكَسْرِ بِمَعْنًى وَاحِد فِي اللُّغَات الثَّلَاث , وَتَقُول : وَقَدْ حَقَّ عَلَيْهِ الشَّيْء إِذَا وَجَبَ , فَهُوَ يَحِقّ حُقُوقًا . وَالْحَاقَّة الْأُولَى مَرْفُوعَة بِالثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ الثَّانِيَة بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَة عَنْهَا , كَأَنَّهُ عَجِبَ مِنْهَا , فَقَالَ : الْحَاقَّة : مَا هِيَ كَمَا يُقَال : زَيْد مَا زَيْد . وَالْحَاقَّة الثَّانِيَة مَرْفُوعَة بِمَا , وَمَا بِمَعْنَى أَيْ , وَمَا رُفِعَ بِالْحَاقَّةِ الثَّانِيَة , وَمِثْله فِي الْقُرْآن { وَأَصْحَاب الْيَمِين مَا أَصْحَاب الْيَمِين } و { الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة } فَمَا فِي مَوْضِع رَفْع بِالْقَارِعَةِ الثَّانِيَة وَالْأُولَى بِجُمْلَةِ الْكَلَام بَعْدهَا . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْله : { الْحَاقَّة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26908 -حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ ابْن عَبَّاس , فِي قَوْله ( { الْحَاقَّة } قَالَ : مِنْ أَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة , عَظَّمَهُ اللَّه , وَحَذَّرَهُ عِبَاده . )26909 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ شَرِيك , عَنْ جَابِر , عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : ( { الْحَاقَّة } الْقِيَامَة. )26910 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { الْحَاقَّة } يَعْنِي السَّاعَة أَحَقَّتْ لِكُلِّ عَامِل عَمَله . )* - حَدَّثَنِي ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { الْحَاقَّة } قَالَ : أَحَقَّتْ لِكُلِّ قَوْم أَعْمَالهمْ .) 26911 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : ( { الْحَاقَّة } يَعْنِي الْقِيَامَة . )26912 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : ( { الْحَاقَّة مَا الْحَاقَّة } و { الْقَارِعَة مَا الْقَارِعَة } و { الْوَاقِعَة } و { الطَّامَّة } و { الصَّاخَّة } قَالَ : هَذَا كُلّه يَوْم الْقِيَامَة السَّاعَة , وَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَة خَافِضَة رَافِعَة } وَالْخَافِضَة مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا خَفَضَتْ أَهْل النَّار , وَلَا نَعْلَم أَحَدًا أَخْفَض مِنْ أَهْل النَّار , وَلَا أَذَلّ وَلَا أَخْزَى ; وَرَفَعَتْ أَهْل الْجَنَّة , وَلَا نَعْلَم أَحَدًا أَشْرَف مِنْ أَهْل الْجَنَّة وَلَا أَكْرَم .)

وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا

وَقَوْله : { وَمَا أَدْرَاك مَا الْحَاقَّة } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَأَيّ شَيْء أَدْرَاك وَعَرَّفَك أَيّ شَيْء الْحَاقَّة . كَمَا : 26913 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان قَالَ : (مَا فِي الْقُرْآن | وَمَا يُدْرِيك | فَلَمْ يُخْبِرهُ , وَمَا كَانَ | وَمَا أَدْرَاك | , فَقَدْ أَخْبَرَهُ . )26914 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { وَمَا أَدْرَاك مَا الْحَاقَّة } تَعْظِيمًا لِيَوْمِ الْقِيَامَة كَمَا تَسْمَعُونَ .)

إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا

وَقَوْله : { كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَذَّبَتْ ثَمُود قَوْم صَالِح , وَعَاد قَوْم هُود بِالسَّاعَةِ الَّتِي تُقْرَع قُلُوب الْعِبَاد فِيهَا بِهُجُومِهَا عَلَيْهِمْ . وَالْقَارِعَة أَيْضًا : اسْم مِنْ أَسْمَاء الْقِيَامَة. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26915 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ } أَيْ بِالسَّاعَةِ . )26916 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : ( { كَذَّبَتْ ثَمُود وَعَاد بِالْقَارِعَةِ } قَالَ : الْقَارِعَة : يَوْم الْقِيَامَة .)

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } </subtitle>يَقُول تَعَالَى ذِكْره : { فَأَمَّا ثَمُود } قَوْم صَالِح , فَأَهْلَكَهُمْ اللَّه بِالطَّاغِيَةِ . وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الطَّاغِيَة الَّتِي أَهْلَكَ اللَّه بِهَا ثَمُود أَهْل التَّأْوِيل , فَقَالَ بَعْضهمْ : هِيَ طُغْيَانهمْ وَكُفْرهمْ بِاللَّهِ. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26917 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء , جَمِيعًا عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : ( { فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } قَالَ : بِالذُّنُوبِ . )26918 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله :( { فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } فَقَرَأَ قَوْل اللَّه : { كَذَّبَتْ ثَمُود بِطَغْوَاهَا } وَقَالَ : هَذِهِ الطَّاغِيَة طُغْيَانهمْ وَكُفْرهمْ بِآيَاتِ اللَّه . الطَّاغِيَة طُغْيَانهمْ الَّذِي طَغَوْا فِي مَعَاصِي اللَّه وَخِلَاف كِتَاب اللَّه . )وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ : فَأُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ الَّتِي قَدْ جَاوَزَتْ مَقَادِير الصِّيَاح وَطَغَتْ عَلَيْهَا. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 26919 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : ( { فَأَمَّا ثَمُود فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ } بَعَثَ اللَّه عَلَيْهِمْ صَيْحَة فَأَهْمَدَتْهُمْ . )* - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة ( { بِالطَّاغِيَةِ } قَالَ : أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ صَيْحَة وَاحِدَة فَأَهْمَدَتْهُمْ . )وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : فَأُهْلِكُوا بِالصَّيْحَةِ الطَّاغِيَة . وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ ; لِأَنَّ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ ثَمُود بِالْمَعْنَى الَّذِي أَهْلَكَهَا بِهِ , كَمَا أَخْبَرَ عَنْ عَاد بِالَّذِي أَهْلَكَهَا بِهِ , فَقَالَ : { وَأَمَّا عَاد فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَر عَاتِيَة } وَلَوْ كَانَ الْخَبَر عَنْ ثَمُود بِالسَّبَبِ الَّذِي أَهْلَكَهَا مِنْ أَجْله , كَانَ الْخَبَر أَيْضًا عَنْ عَاد كَذَلِكَ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ فِي سِيَاق وَاحِد , وَفِي إِتْبَاعه ذَلِكَ بِخَبَرِهِ عَنْ عَاد بِأَنَّ هَلَاكهَا كَانَ بِالرِّيحِ الدَّلِيل الْوَاضِح عَلَى أَنَّ إِخْبَاره عَنْ ثَمُود إِنَّمَا هُوَ مَا بَيَّنْت.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس