islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

تفسير البيضاوى
13460

13-الرعد

المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ

وقيل مكية إلا قوله : "ويقول الذين كفروا" ...الآيةوهي ثلاث وأربعون آية. بسم الله الرحمن الرحيم 1." المر "قيل معناه أنا الله أعلم وأرى."تلك آيات الكتاب"يعني بالكتاب السورة و"تلك "إشارة إلى آياتها أي : تلك الآيات آيات السورة الكاملة أو القرآن . "والذي أنزل إليك من ربك "هو القرآن كله ومحله الجر بالعطف على"الكتاب "عطف العام على الخاص أو إحدى الصفتين على الأخرى أو الرفع بالإبتداء أو خبره " بالحق" والجملة كالحجة على الجملة الأولى ، وتعريف الخبر وإن دل على اختصاص المنزل بكونه حقاً فهو أعم من المنزل صريحاً أو ضمناً ،كالمثبت بالقياس وغيره مما نطق المنزل بحسن اتباعه."ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"لإخلالهم بالنظر والتأمل فيه.

اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ

2."الله الذي رفع السموات"مبتدأ وخبر ويجوز أن يكون الموصول صفة والخبر "يدبر الأمر "."بغير عمد"أساطين جمع عماد كإهاب وأهب، أو عمود كأديم وأدم وقرئ"عمد"كرسل ."ترونها"صفة لـ"عمد"أو استئناف للاستشهاد برؤيتهم السموات كذلك ،وهو دليل على وجود الصانع الحكيم فإن ارتفاعها على سائر الأجسام السماوية لها في حقيقة الجرمية ، واختصاصها بما يقتضي ذلك لا بد وأن يكون بمخصص ليس بجسم ولا جسماني يرجح بعض الممكنات على بعض بإرادته وعلى هذا المنهاج سائر ما ذكر من الآيات . "ثم استوى على العرش"بالحفظ والتدبير ."وسخر الشمس والقمر"ذللهما لما أراد منهما كالحركة المستمرة على حد من السرعة ينفع في حدوث الكائنات وبقائها. "كل يجري لأجل مسمى"لمدة معنية يتم فيها أدواره، أو الغاية مضروبة ينقطع دونها سيرة وهي " إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت "."يدبر الأمر"أمر ملكوته من الإيجاد والإعدام والإحياء والإماتة وغير ذلك . "يفصل الآيات"ينزلها ويبينها مفصلة أو يحدث الدلائل واحداً بعد واحد."لعلكم بلقاء ربكم توقنون"لكي تتفكروا فيها وتتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر على خلق هذه الأشياء وتدبيرها قدر على الإعادة والجزاء.

وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

3."وهو الذي مد الأرض"بسطها طولاً وعرضاً لتثبت عليها أقدام وينقلب عليها الحيوان . "وجعل فيها رواسي"جبالاً ثوابت من رسا الشيء إذا ثبت ، جمع راسية والتاء للتأنيث على أنها صفة أجبل أو للمبالغة . "وأنهاراً" ضمها إلى الجبال وعلق بهما فعلاً واحداً من حيث إن الجبال أسباب لتولدها. "ومن كل الثمرات"متعلق بقوله :"جعل فيها زوجين اثنين"أي وجعل فيها من جميع أنواع الثمرات صنفين أثنين كالحلو والحامض ، والأسود والأبيض والصغير والكبير ."يغشي الليل النهار"يلبسه مكانه فيصير الجو مظلماً بعدما كان مضيئاً ، وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر يغشي بالتشديد."إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون "فيها فإن تكونها وتخصصها بوجه دون وجه دليل على وجود صانع حكيم دبر أمرها وهيأ أسبابها.

وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

4."وفي الأرض قطع متجاورات"بعضها طيبة وبعضها سبخة، وبعضها رخوة وبعضها صلبة ، وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس .ولولا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجهه دون وجه لم تكن كذلك ، لاشتراك تلك القطع في الطبيعة الأرضية وما يلزمها وعرض لهها بتوسط ما يعرض من الأسباب السماوية ، من حيث أنها متضامة متشاركة في النسب والأوضاع. "وجنات من أعناب وزرع ونخيل"وبساتين فيها أنواع الأشجار الزروع ، وتوحيد الزرع لأنه مصدر في أصله. وقرأابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص"وزرع ونخيل" بالرفع عطفاً على"وجنات"."صنوان"نخلات أصلها واحد. "وغير صنوان" متفرقات مختلفات الأصول . وقرأ حفص بالضم وهو لغة بني تميم كـ "قنوان " في جمع قنو." يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل " في التمر شكلاً وقدراً ورائحة وطعماً ، وذلك أيضاً مما يدل على الصانع الحكيم ، فإن اختلافها مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكنون إلا بتخصيص قادر مختار .وقرأابن عامر وعاصم ويعقوب يسقى بالتذكير على تأويل ما ذكر، وحمزة والكسائي بفضل الياء ليطابق قوله "يدبر الأمر" "إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون"يستعملون عقولهم بالتفكر .

وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

5."وإن تعجب"يا محمد من إنكارهم البعث."فعجب قولهم"حقيق بأن يتعجب منه فإن، من قدر على إنشاء ما قص عليك كانت الإعادة أيسر شيء عليه ،والآيات المعدودة كما هي دالة على وجود المبدأ فهي دالة على إمكان الإعادة من حيث إنها تدل على كمال علمه وقدرته وقبول المواد لأنواع تصرفاته." أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد "بدل من قولهم أو مفعول له، والعامل في إذا محذوف دل عليه :" أإنا لفي خلق جديد "."أولئك الذين كفروا بربهم"لأنهم كفروا بقدرته على البعث."وأولئك الأغلال في أعناقهم" مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم أو يغلون يوم القيامة ."وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" لا ينفكون عنها ، وتوسيط الفصل لتخصيص الخلود بالكفار.

وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ

6."ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة"بالعقوبة قبل العافية ،وذلك لأنهم استعجلوا ما هددوا به من عذاب الدنيا استهزاء ."وقد خلت من قبلهم المثلات"عقوبات أمثالهم من المكذبين فمالهم لم يعتبروا بها ولم يجوزوا حلول مثلها عليهم ، والمثلة بفتح الثاء وضمها كالصدقة والصدقة ، والعقوبة لأنها مثل المعاقب عليه ، ومنه المثال للقصاص وأمثلت الرجل من صاحبه إذا اقتصصته منه . وقرئ"المثلات" بالتخفيف و" المثلات" باتباع الفاء العين و " المثلات" بالتخفيف بعد الاتباع ، و " المثلات" بفتح الثاء على أنها جمع مثلة كركبة وركبات ."وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم" مع ظلمهم أنفسهم ، ومحله النصب على الحال والعامل فيه المغفرة والتقييد به دليل على جواز العفو قبل التوبة ، فإن التائب ليس على ظلمه ، ومن منع ذلك خص الظلم بالصغائر المكفرة لمجتنب الكبائر ، أو أول المغفرة بالستر والإمهال ."وإن ربك لشديد العقاب"للكفار أو لمن شاء ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم "لولا عفو الله وتجاوزه لما هنأ أحد العيش ،ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد".

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ

7."ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه"لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة عليه واقتراحاً لنحو ما أوتي موسى وعيسى عليهما السلام ."إنما أنت منذر"مرسل للإنذار كغيرك من الرسل وما عليك إلا الإتيان بما تصح به نبوتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك."ولكل قوم هاد"نبي مخصوص بمعجزات من جنس ما هو الغالب عليهم يهديهم إلى الحق ويدعوهم إلى الصواب ، أو قادر على هدايتهم وهو الله تعالى لكن لا يهدي إلا من يشاء هدايته بما ينزل عليك من الآيات .ثم أردف ذلك بما يدل على كمال علمه وقدرته وشمول قضائه وقدره، تنبيهاً على أنه تعالى قادر على إنزال ما اقترحوه وإنما لم ينزل لعلمه بأن اقتراحهم للعناد دون الاسترشاد، وأنه قادر على هدايتهم وإنما لم يهدهم لسبق قضائه بالكفر فقال:

اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ

8." الله يعلم ما تحمل كل أنثى " أي حملها أو ما تحمله على أي حال هو من الأحوال الحاضرة والمترقبة."وما تغيض الأرحام وما تزداد"وما تنقصه وما تزد اده في الجنة والمدة والعدد ، وأقصى مدة الحمل أربع سنين عندنا وخمس عند مالك وسنتان عند أبي حنيفة.روي الضحاك ولد لسنتين هرم بن حيانلأربع سنين وأعلى عدده لا حد له .وقيل نهاية ما عرف به أربعة وإليه ذهبأبو حنيفةرضي الله عنه،وقالالشافعيرحمه الله أخبرني شيخ باليمن أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة. وقيل المراد نقصان دم الحيض وازدياده، وغاض جاء متعدياً ولازماً وكذا ازداد قال تعالى: "وازدادوا تسعاً"فإن، جعلتهما لازمين تعين إما أن تكون مصدرية . وإسنادهما إلى الأرحام على المجاز فإنهما لله تعالى أولما فيها."وكل شيء عنده بمقدار"بقدر لا يجاوزه ولا ينقص عنه كقوله تعالى:"إنا كل شيء خلقناه بقدر"فإنه تعالى خص كل حادث بوقت وحال معينين، وهيأ له أسباباً مسوفة إليه تقتضي ذلك ,وقرأابن كثير"هاد"و"وال"و"واق""وما عند الله باق"بالتنوين في الوصل فإذا وقف وقف بالياء في هذه الأحرف الأربعة حيث وقعت لا غير ، والباقون يصلون ويقفون بغير ياء.

عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ

9."عالم الغيب"الغائب عن الحس ."والشهادة"الحاضر له."الكبير"العظيم الشأن الذي لا يخرج عن عمله شيء"المتعال"المستعلي على كل شيء بقدرته ، او الذي كبر عن نعت المخلوقين وتعالى عنه.

سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ

10."سواء منكم من أسر القول "في نفسه ."ومن جهر به "لغيره ."ومن هو مستخف بالليل "طالب للخفاء في مختبأ بالليل ."وسارب" بارز. "بالنهار"يراه كل أحد من سرب سروباً إذا برز، وهو عطف على من أو مستخف على أن من في معنى الاثنين كقوله: نكن مثل من يا ذئب يصطحبان قال سواء منكم اثنان مستخف بالليل و سارب بالنهار،والأية متصلة بما قبلها مقررة لكمال علمه وشموله.

لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِ

11."له" لمن أسر أو جهر أو استخفى أو سرب."معقبات"ملائكة تعتقب في حفظه، جمع معقبة من عقبه مبالغة عقبه إذا جاء على عقبه كأن بعضهم يعقب بعضاً، أو لأنههم يعقبون أقواله وأفعاله فيكتبونها ، أو اعتقب فأدغمت التاء في القاف والتاء للمبالغة، أو لأن المراد بالمعقبات جماعات ، وقرئ معاقيب جمع معقب أو معقبة على تعويض الياء من حذف إحدى القافين . "من بين يديه ومن خلفه"من جوانبه أو من الأعمال ما قدم وأخر . "يحفظونه من أمر الله " من بأسه متى أذنب بالاستمهال أو الاستغفار له ، أو يحفظونه من المضار أو يراقبون أحوال من أجل أمر الله تعالى . وقد قرئ به وقيل من بمعنى الباء .وقيل من أمر الله صفة ثانية لـ"معقبات" . وقيل المعقبات الحرس والجلاوزة حول السلطان يحفظونه في توهمه من قضاء الله تعالى ."إن الله لا يغير ما بقوم "من العافية والنعمة . "حتى يغيروا ما بأنفسهم "من الأحوال الجملية بالأحوال القبيحة "وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له"فلا راد له فالعامل في"إذا"ما دل عليه الجواب ." وما لهم من دونه من وال "ممن يلي آمرهم فيدفع عنهم السوء ، وفيه دليل على أن خلاف مراد الله تعالى محال.

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ

12."هو الذي يريكم البرق خوفاً"من أذاه"وطمعاً"في الغيث وانتصابهما على العلة بتقدير المضاف ، أي إرادة خوف وطمع أو التأويل بالإخافة والإطماع، أو الحال من"البرق"أو المخاطبين على إضمار ذو،أو إطلاق المصدر بمعنى المفعول أو الفاعل للمبالغة. وقيل يخاف المطر من يضره ويطمع فيه من ينفعه."وينشئ السحاب"الغيم المنسحب في الهواء ."الثقال"وهو جمع ثقيلة وإنما وصف به السحاب لأنه اسم جنس في معنى الجمع.

وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ

13."ويسبح الرعد"ويسبح سامعوه."بحمده"ملتبسين به فيضجون بسبحان الله و الحمد لله، او يدل الرعد بنفسه على وحدانية الله وكمال قدرته ملتبساً به بالدلالة على فضله ونزول رحمته.وعن ابن عباس رضي الله عنهما ."سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد فقال: ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب"."والملائكة من خيفته"من خوف الله تعالى وإجلاله وقيل الضمير لـ"الرعد"."ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء"فيهلكه."وهم يجادلون في الله"حيث يكذبون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يصفه به من كمال العم والقدرة والتفرد بالألوهية وإعادة الناس ومجازاتهم ، والجدال التشدد في الخصومة من الجدل وهو الفتل ، والواو إما لعطف الجملة على الجملة أو للحال فإنه "روي أن عامر بن الطفيل واربد بن ربيعة أخا لبيد وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدين لقتله، فأخذه عامر بالمجادلة ودار أربد من خلفه ليضربه بالسيف، فتنبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:اللهم اكفنيهما بما شئت فأرسل الله على أربد صاعقة فقتلته ، ورمى عامراً بغدة فمات في بيت سلولية ، وكان يقول غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية، فنزلت". "وهو شديد المحال"المماحلة المكايدة لأعدائه ، من محل فلان بفلان إذا كايده وعرضه للهلاك ، ومنه تمحل إذا تكلف استعمال الحيلة ، ولعل أصله المحل بمعنى القحط . وقيل فعال من المحل بمعنى القوة.وقيل مفعل من الحول أو الحيلة أعل على غير قياس ويعضده أنه قرئ بفتح الميم على أنه مفعل من حال يحول إذا احتال ، ويجوز أن يكون بمعنى الفقار فيكون مثلاً في القوة والقدرة كقولهم : فساعد الله أشد وموساه أحد.

لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ

14."له دعوة الحق"الدعاء الحق فإنه الذي يحق أن يعبد ويدعى إلى عبادته دون غيره ، أو له الدعوة المجابة فإن من دعاه أجابه ، ويؤيده ما بعده و"الحق"على الوجهين ما يناقض الباطل وإضافة الـ"دعوة"إليه لما بينهما من الملابسة ، أو على تأويل دعوة المدعو الحق. وقيل"الحق"هو الله تعالى وكل دعاء إليه دعوة الحق ، والمراد بالجملتين إن كانت الآية في أربد وعامر أن إهلاكهما من حيث لم يشعرا به محال من الله إجابة لدعوة رسوله صلى الله عليه وسلم أو دلالة على أنه على الحق، وإن كانت عامة فالمراد وعيد الكفرة على مجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلول محاله بهم وتهديدهم بإجابة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم ، أو بيان ضلالهم فساد رأيهم ."والذين يدعون"أي الأصنام الذين يدعوهم المشركون، فحذف الراجع أو والمشركون الذين يدعون الأصنام فحذف المفعول لدلالة . "من دونه"عليه. "لا يستجيبون لهم بشيء"من الطلبات ."إلا كباسط كفيه" إلا استجابة كاستجابة من بسط كفيه."إلى الماء ليبلغ فاه"يطلب منه أن يبلغه."وما هو ببالغه"لأنه جماد لا يشعر بدعائه ولا يقدر على إجابته والإتيان بغير ما جبل عليه وكذلك آلهتهم .وقيل شبهوا في قلة جدوى دعائهم لها بمن أراد أن يغترف الماء ليشربه فبسط كفيه ليشربه . وقرئ تدعون بالتاء وباسط بالتنوين . "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال"في ضياع وخسارة وباطل .

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ

15."ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً"يحتمل أن يكون السجود على حقيقته فإنه يسجد له الملائكة والمؤمنون من الثقلين ،طوعاً حالتي الشدة والرخاء والكفرة كرهاً حال الشدة والضرورة."وظلالهم"بالعرض وأن يردا به انقيادهم لإحداث ما أراده منهم شاؤوا أو كرهوا ، وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص وانتصاب "طوعاً وكرها"بالحال أو العلة وقوله:"بالغدو والآصال"ظرف لـ"يسجد"والمراد بهما الدوام أو حال من الظلال ،تخصيص الوقتين لأن الظلال إنما تعظم وتكثر فيهما ، والغدو جمع غداة كقنى جمع قناة ، و "الآصال"جمع أصيل وهو ما بين العصر والمغرب. وقيل العدو مصدر ويؤيده أنه قد قرئ والإيصال وهو الدخول في الأصيل.

قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا

16."قل من رب السموات والأرض"خالقهما ومتولي أمررهما."قل الله"أجب عنهم بذلك إذا لا جواب لهم سواه، ولأنه البين الذي لا يمكن المراء فيه أو لقنهم الجواب به ."قل أفاتخذتم من دونه"ثم ألزمهم بذلك لأن اتخاذهم منكر بعيد عن مقتضى العقل."أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً"لا يقدرون على أن يجلبوا إليها نفعاً أو يدفعوا عنها ضرراً فكيف يستطيعون إنفاع الغير ودفع الضر عنه ، وهو دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن يشفعوا لهم . "قل هل يستوي الأعمى والبصير"المشرك الجاهل بحقيقة العبادة والموجب لها والموحد العالم بذلك . وقيل المعبود الغافل عنكم والمعبود المطلع على أحوالكم ."أم هل تستوي الظلمات والنور"الشرك والتوحيد .وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكربالياء ."أم جعلوا لله شركاء"بل أجعلوا والهمزة للإنكار وقوله:"خلقوا كخلقه"صفة لشركاء داخلة في حكم الإنكار. "فتشابه الخلق عليهم"خلق الله وخلقهم ، والمعنى أنهم ما اتخذوا لله شركاء خالقين مثله حتى يتشابه عليهم الخلق فيقولوا هؤلاء خلقوا كما خلق الله فاستحقوا العبادة كما استحقها، ولكنهم اتخذوا شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلاً عما يقدر عليه الخالق."قل الله خالق كل شيء"أي لا خالق غيره فيشركه في العبادة ، جعل الخلق موج العبادة ولازم استحقاقها ثم نفاه عمن سواه ليدل على قوله: "وهو الواحد"المتوحد بالألوهية ."القهار"الغالب على كل شيء.

أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزّ

17."أنزل من السماء ماءً"من السحاب أو من جانب السماء أو من السماء نفسها فإن المبادئ منها."فسالت أوديةً"أنهار جمع واد وهو الموضع الذي يسيل الماء فيه بكثرة فاتسع فيه، واستعمل للماء الجاري فيه و تنكيرها لأن المطر يأتي على تناوب بين البقاع . "بقدرها"بمقدارها الذي علم الله تعالى أنه نافع غير ضار أو بمقدارها في الصغر والكبر."فاحتمل السيل زبداً"رفعه والزبد وضر الغليان ."رابياً"عالياً"ومما يوقدون عليه في النار"يعم الفلزات كالذهب والفضة والحديد والنحاس على وجه التهاون بها إظهاراً لكبريائه."ابتغاء حليةً " أي طلب حلى ."أو متاع"كالأواني وآلات الحرب والحرث،والمقصود من ذلك بيان منافعها . "زبد مثله"أي ومما يوقدون عليه زبد مثل زبد الماء وهو خبثه،و"من" للابتداء أو للتبعيض وقرأ حمزة والكسائي وحفصبالياء على أن الضمير للناس وإضماره للعمل به."كذلك يضرب الله الحق والباطل "مثل الحق والباطل فإنه مثل الحق في إفادته وثباته بالماء الذي ينزل من السماء فتسيل به الأودية على قدر الحاجة والمصلحة فينتفع به أنواع المنافع ، ويمكث في الأرض بأن يثبت بعضه في منافعه ويسلك بعضه في عروق الأرض إلى العيون والقنى ولآبار ، وبالفلز الذي ينتفع به في صوغ الحلى واتخاذ الأمتعة المختلفة ويدوم ذلك مدة متطاولة ، والباطل في قلة نفعه وسرعة زواله بزبدهما وبين ذلك بقوله: "فأما الزبد فيذهب جفاء"يجفأ به أي يرمي به السيل والفلز المذاب وانتصابه على الحال وقرئ جفالاً والمعنى واحد."وأما ما ينفع الناس"كالماء وخلاصة الفلز."فيمكث في الأرض"ينتفع به أهالها."كذلك يضرب الله الأمثال"لإيضاح المشتبهات.

لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ

18."للذين استجابوا"للمؤمنين الذين استجابوا ."لربهم الحسنى"الاستجابة الحسنى"والذين لم يستجيبوا له "وهم الكفرة واللام متعلقة بضرب على أنه جعل ضرب المثل لشأن الفريقين ضرب المثل لهما . وقيل للذين استجابوا خبر الحسنى وهي المثوبة أو الجنة والذين لم يستجيبوا مبتدأ حبره ."لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به"وهو على الأول كلام مبتدأ لبيان مآل غير المستجيبين "أولئك لهم سوء الحساب"وهو المناقشة فيه بأن يحاسب الرجل بذنبه لا يغفر منه شيء ."ومأواهم"مرجعهم."جهنم وبئس المهاد"المستقر والمخصوص بالذم محذوف .

أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ

19."أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق"فيستجيب ."كمن هو أعمى "عمى القلب لا يستبصر فيستجيب ، والهمزة لإنكار أن تقع شبهة في تشابهها بعدما ضرب من المثل ."إنما يتذكر أولو الألباب"ذوو العقول المبرأة عن مشايعة الألف ومعارضة الوهم.

الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ

20."الذين يوفون بعهد الله"ما عقدوه على أنفسهم من الاعتراف بربوبيته حين قالوا بلى ، أو ما عهد الله تعالى عليهم في كتبه ."ولا ينقضون الميثاق"ما وثقوه من المواثيق بينهم وبين الله تعالى وبين العباد وهو تعميم بعد تخصيص.

وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ

21."والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل"من الرحم وموالاة المؤمنين والإيمان بجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ويندرج في ذلك مراعاة جميع حقوق الناس."ويخشون ربهم"وعيده عموماً"ويخافون سوء الحساب"خصوصاً فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا.

وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ

22."والذين صبروا "على ما تكرهه النفس ويحالفه الهوى . "ابتغاء وجه ربهم "طلباً لرضاه لا لجزاء وسمعة ونحوهما ." وأقاموا الصلاة "المفروضة ."وأنفقوا مما رزقناهم"بعضه الذي وجب عليهم إنفاقه ."سراً"لمن لم يعرف بالمال."وعلانية"لمن عرف به."ويدرؤون بالحسنة السيئة "ويدفعوها بها فيجازون الإساءة بالإحسان ، أو يكون مآل أهلها وهي الجنة، والجملة خبر الموصولات إن رفعت بالابتداء وإن جعلت صفات لأولي الألباب فاستئناف بذكر ما استوجبوا بتلك الصفات .

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ

23."جنات عدن"بدل من"عقبى الدار"أو مبتدأ خبر "يدخلونها"والعدن الإقامة أي جنات يقيمون فيها، وقيل هو بطنان الجنة ."ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم"عطف على المرفوع في يدخلون ، وإنما ساغ للفصل بالضمير الآخر أو مفعول معه والمعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعاً لهم وتعظيماً لشأنهم،وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة أو أن الموصوفين بتلك الصفات يقرن بعضهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنة زيادة في أنسهم ، وفي التقييد بالصلاح دلالة على أن مجرد الأنساب لا تنفع."والملائكة يدخلون عليهم من كل باب"من أبواب المنازل أو من أبواب الفتوح والتحف قائلين:

سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ

24."سلام عليكم"بشرة بدوام السلامة ."بما صبرتم"متعلق بـ"عليكم"أو بمحذوف أي هذا بما صبرتم لا بـ"سلام"، فإن الخبر فاصل والباء للسببية أو للبدلية. "فنعم عقبى الدار"وقرئ "فنعم"بفتح النون والأصل نعم فسكن العين بنقل كسرتها إلى الفاء وبغيره.

وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ

25."والذين ينقضون عهد الله"يعني مقابلي الأولين "من بعد ميثاقه"من بعد ما أوثقوه به من الإقرار والقبول ."ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض"بالظلم وتهييج الفتن."أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار"عذاب جهنم أو سوء عاقبة الدنيا لأنه في مقابلة "عقبى الدار".

اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ

26."الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر"يوسعه ويضيقه . "وفرحوا"أي أهل مكة "بالحياة الدنيا"بما بسط لهم في الدنيا ."وما الحياة الدنيا في الآخرة"أي فيجنب الآخرة"إلا متاع"إلا متعة لا تدوم كعجالة الركب وزاد الراعي ، والمعنى أنهم أشروا بما نالوا من الدنيا ولم يصرفوه فيما يستوجبون به نعيم الآخرة واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع سريع الزوال.

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ

27." ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء "باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات ."ويهدي إليه من أناب "أقبل إلى الحق ورجع عن العناد ، وهو جواب يجري مجرى التعجب من قولهم كأنه قال قل لهم ما أعظم عنادكم إن الله يضل من يشاء ممن كان على صفتكم ، فلا سبيل إلى اهتدائهم وإن أنزلت كل آية، ويهدي إليه من أناب بما جئت به بل بأدنى منه من الآيات.

الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

28." الذين آمنوا "بدل "من"أو خبر مبتدأ محذوف ."وتطمئن قلوبهم بذكر الله"أنساً به واعتماداً عليه ورجاء منه، أو بذكر رحمته بعد القلق من خشيته ، أو بذكر دلائله الدالة على وجوده ووحدانيته أو بكلامه يعني القرآن الذي هو أقوى المعجزات."ألا بذكر الله تطمئن القلوب"تسكن إليه.

الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ

29." الذين آمنوا وعملوا الصالحات "مبتدأ خبره."طوبى لهم"وهو فعلى من الطيب قلبت ياؤه واواً لضمة ما قبلها مصدر لطاب كبشرى وزلفى، ويجوز فيه الرفع والنصب ولذلك قرئ ."وحسن مآب"بالنصب

كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ

30."كذلك"مثل ذلك يعني إرسال قبلك ."أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها"تقدمتها."أمم"أرسلوا إليهم فليس ببدع إرسالك إليهم"لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك"لتقرأ عليهم الكتاب الذي أوحيناه إليك."وهم يكفرون بالرحمن"وحالهم أنههم يكفرون بالبليغ الرحمة الذي أحاطت بهم نعمته ووسعت كل شيء رحمته، فلم يشكروا نعمه وخصوصاً ما أنعم عليهم بإرسالك إليهم، وإنزال القرآن الذي هو مناط المنافع الدينية والدنيوية عليهم. وقيل نزلت في مشركي أهل مكة حين قيل هلم "اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن"."قل هو ربي"أي الرحمن خالقي ومتولي أمري."لا إله إلا هو"لا مستحق للعبادة سواه"عليه توكلت"في نصرتي عليكم ."وإليه متاب"مرجعي ومرجعكم.

وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَ

31."ولو أن قرآناً سيرت به الجبال"شرط حذف جوابه والمراد منه تعظيم شأن القرآن ، أو المبالغة في عناد الكفرة وتصميمهم أي:ولو أن كتاباً زعزعت به الجبال عن مقارها."أو قطعت به الأرض"تصدعت من خشية الله عند قراءته أو شققت فجعلت أنهاراً وعيوناً."أو كلم به الموتى"فتسمع فتقرؤه ، أو فتسمع وتجيب عند قراءته لكان هذا القرآن لأنه الغاية في الإعجاز والنهاية في التذكير والإنذار ، أو لما آمنوا به كقوله: "ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة"الآية.وقيل إن قريشاً قالوا يا محمد إن سرك أن نتبعك فسير بقرآنك الجبال عن مكة حتى تتسع لنا فنتخذ فيها بساتين وقطائع ، أو سخر لنابه الريح لنركبها ونتجر إلى الشام، أو ابعث لنا به قصي بن كلاب وغيره من آبائنا ليكلمونا فيك،فنزلت .وعلى هذا فتقطيع الأرض قطعها بالسير ، وقيل الجواب مقدم وهو قوله:"وهم يكفرون بالرحمن"وما بينهما اعتراض تذكير"كلم "خاصة لاشتمال الموتى على المذكر الحقيقي. "بل لله الأمر جميعاً"بل لله القدرة على كل شيء وهو إضراب عما تضمنته "لو"من معنى النفي أي : بل الله قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات إلا أن إرادته لم تتعلق بدلك ، لعلمه بأنه لا تلين له شكيمتهم ويؤيد ذلك قوله:"أفلم ييأس الذين آمنوا"عن إيمانهم مع ما رأوا من أحوالهم ،وذهب أكثرهم إلى أن معناه أفلم يعلم لما روي أن علياً وابن عباس وجماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين قرؤوا أفلم يتبين،وهو تفسيره وإنما استعمل اليأس بمعنى العلم لأنه مسبب عن العلم ، فإن الميئوس عنه لا يكون إلا معلوماً ولذلك علقه بقوله:"أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً"فإن معناه نفى هدى بعض الناس لعدم تعلق المشيئة باهتدائهم،وهو على الأول متعلق بمحذوف تقديره أفلم ييأس الذين أمنوا عن إيمانهم علماً منهم أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً أو " آمنوا "."ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا"من الكفر وسوء الأعمال."قارعة"داهية تقرعهم وتقلقهم.."أو تحل قريباً من دارهم"فيفزعون منها ويتطاير إليهم شررها.وقيل الآية في كفار مكة فإنهم لا يزالون مصابين بما صنعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنه عليه الصلاة والسلام كان لا يزال يبعث السرايا عليهم فتغير حواليهم وتختطف مواشيهم ،وعلى هذا يجوز أن يكون تحل خطاباً للرسول عليه الصلاة والسلام فإنه حل بجيشه قريباً من دراهم عام الحديبية ."حتى يأتي وعد الله"الموت أو القيامة أو فتح مكة." إن الله لا يخلف الميعاد "لامتناع الكذب في كلامه.

وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ

32."ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا"تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم.ووعيد للمستهزئين به والمقترحين عليه، والإملاء أن يترك ملاوة من الزمان فيدعو وأمن ." ثم أخذتهم فكيف كان عقاب "أي عقابي إياهم.

أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ و

33."أفمن هو قائم على كل نفس"رقيب عليها"بما كسبت"من خير أو شر لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ولا يفوت عنده شيء من جزائهم ، والخبر محذوف تقديره كمن ليس كذلك ."وجعلوا لله شركاء "استئناف أو عطف على"كسبت"إن جعلت ما مصدرية.أو لم يوحدوه وجعلوا عطف عليه ويكون الظاهر فيه موضع الضمير للتنبيه على أنه المستحق للعبادة وقوله:"قل سموهم"تنبيه على أن هؤلاء الشركاء لا يستحقونها، والمعنى صفوهم فانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة ويستأهلون الشركة." أم تنبئونه "بل أتنبئونه.وقرئ تنبئونه بالتخفيف."بما لا يعلم في الأرض"بشركاء يستحقون العبادة لا يعلمهم ، أو بصفات لهم يستحقونها لأجلها لا يعلمها وهو العالم بكل شيء."أم بظاهر من القول"أم تسمونهم شركاء بظاهر من القول من غير حقيقة واعتبار معنى كتسمية الزنجي كافوراً وهذا احتجاج بليغ على أسلوب عجيب ينادي على نفسه بالإعجاز ."بل زين للذين كفروا مكرهم"تمويههم فتخيلوا أباطيل ثم خالوها حقاً، أو كيدهم لإسلام بشركهم."وصدوا عن السبيل "سبيل الحق ، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر"وصدوا"بالفتح أي وصدوا الناس عن الإيمان ،وقرئ بالكسر وصد بالتنوين."ومن يضلل الله "يخذله ." فما له من هاد "يوفقه للهدى.

لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ

34."لهم عذاب في الحياة الدنيا"بالقتل والأسر وسائر ما يصيبهم من المصائب ."ولعذاب الآخرة أشق"لشدته ودوامه." وما لهم من الله "من عذابه أو من رحمته ."من واق"حافظ.

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ

35."مثل الجنة التي وعد المتقون"صفتها التي هي مثل في الغرابة، وهو مبتدأ خبر محذوف عند سيبويهأي فيما قصصنا عليكم مثل الجنة وقيل خبره."تجري من تحتها الأنهار"على طريقة قولك صفة زيد أسمر، أو على حذف موصوف أي مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار، أو على زيادة المثل وهو على قول سيبويهحال من العائد أو المحذوف أو من الصلة."أكلها دائم"لا ينقطع ثمرها."وظلها"أي وظلها وكذلك لا ينسخ في الدنيا بالشمس"تلك "أي الجنة الموصوفة ."عقبى الذين اتقوا"مآلهم ومنتهى أمرهم."وعقبى الكافرين النار"لا غير،وفي ترتيب النظمين إطماع للمتقين وإقناط للكافرين.

وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ

36."والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك"يعني المسلمين من أهل الكتاب كابن سلام وأصحابه ومن آمن من النصارى وهم ثمانون رجلاً أربعون بنجران وثمانية باليمن واثنان وثلاثون بالحبشة، أو عامتهم فإنهم كانوا يفرحون بما يوافق كتبهم ."ومن الأحزاب"يعني كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة ككعب بم الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب وأشياعهما."من ينكر بعضه"وهو ما يخالف شرائعهم أو ما يوافق ما حرفوه منها."قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به"جواب المنكرين أي قل لهم إن أمرت فيما أنزل إلى بأن أعبد الله وأوحده ، وهو العمدة في الدين ولا سبيل لكم إلى إنكاره ، وأما ما تنكرونه لما يخالف شرائعكم فليس ببدع مخالفة الشرائع والكتب الإلهية في جزئيات الأحكام .وقرئ "ولا أشرك"بالرفع على الاستئناف ."إليه أدعو"لا إلى غيره." وإليه مآب "وإليه مرجعي للجزاء لا إلى غيره ، و هذا هو القدر المتفق عليه بين الأنبياء ، وأما ماعدا ذلك من التفاريع فمما يختلف بالأعصار والأمم فلا معنى لإنكاركم المخالفة فيه.

وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ

37."وكذلك"ومثل ذلك الإنزال المشتمل على أصول الديانات المجمع عليها. "أنزلناه حكماً"يحكم في القضايا والوقائع بما تقتضيه الحكمة."عربياً"مترجماً بلسان العرب ليسهل لهم فهمه وحفظه وانتصابه على الحال ." ولئن اتبعت أهواءهم "التي يدعونك إليها، كتقرب دينهم والصلاة إلى قبلتهم بعدما حولت عنها ."بعد ما جاءك من العلم "بنسخ ذلك ." ما لك من الله من ولي ولا واق "ينصرك ويمنع العقاب عنك وهو حسم لأطماعهم وتهييج للمؤمنين على الثبات في دينهم .

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ

38."ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك"بشراً مثلك."وجعلنا لهم أزواجاً وذريةً"نساء وأولاداً كما هي لك."وما كان لرسول"وما يصح له ولم يكن في وسعه."أن يأتي بآية"تقترح عليه وحكم يلتمس منه ."إلا بإذن الله"فإنه المليء بذلك ."لكل أجل كتاب"لكل وقت وأمد حكم يكتب على العباد على لا ما يقتضيه استصلاحهم.

يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ

39."يمحو الله ما يشاء"ينسخ ما يستصوب نسخه."ويثبت "ما تقتضيه حكمته.وقيل يمحو سيئات التائب ويثبت الحسنات مكانها.وقيل يمحو من كتاب الحفظة ما لا يتعلق به جزاء ويترك غيره مثبتاً ما رآه وحده في صميم قلبه.وقيل يمحو قرناً ويثبت آخرين .وقيل يمحو الفاسدات ويثبت الكائنات . وقرأنافع وابن عامر وحمزة والكسائيويثبت بالتشديد."وعنده أم الكتاب"أصل الكتاب وهو اللوح المحفوظ إذ ما من كائن إلا وهو مكتوب فيه.

وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ

40."وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك"وكيفما دارت الحال أريناك بعض ما أوعدناهم أو توفيناك قبله ."فإنما عليك البلاغ"لا غير ."وعلينا الحساب"للمجازاة لا عليك فلا تحتفل بإعراضهم ولا تستعجل بعذابهم فإنا فاعلون له وهذا طلائعه.

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

41." أولم يروا أنا نأتي الأرض "أرض الكفرة ."ننقصها من أطرافها"بما نفتحه على المسلمين منها."والله يحكم لا معقب لحكمه"لا راد له وحقيقته الذي يعقب الشيء بالإبطال ، ومنه قيل لصاحب الحق معقب لأنهه يقفو غريمه بالاقتضاء ، والمعنى أنه حكم للإسلام بالإقبال وعلى الكفر بالإدبار وذلك كائن لا يمكن تغييره ، ومحل "لا "مع المنفي النصب على الحال أي يحكم نافذاً حكمه."وهو سريع الحساب"فيحاسبهم عما قليل في الآخرة بعدما عذبهم بالقتل والإجلاء في الدنيا.

وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ

42."وقد مكر الذين من قبلهم"بأنبيائهم والمؤمنين به منهم."فلله المكر جميعاً"إذ لا يؤبه بمكر دون مكره فإنه القادر على ما هو المقصود منه دون غيره."يعلم ما تكسب كل نفس"فيعد جزاءها ."وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار"من الحزبين حيثما يأتيهم العذاب المعد لهم وهم في غفلة منه ، وهذا كالتفسير لمكر الله تعالى بهم ، واللام تدل على أن المراد بالعقبى العاقبة المحمودة .مع ما في الإضافة إلى الدار كما عرفت . وقرأابن كثير ونافع وأبو عمرو والكافر على إرادة الجنس ، وقرئ الكافرون والذين كفروا والكفر أي أهله وسيعلم من أعلمه إذا أخبره.

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ

43."ويقول الذين كفروا لست مرسلاً"قيل المراد بهم رؤساء اليهود." قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم "فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها. "ومن عنده علم الكتاب"علم القرآن وما ألف عليه من النظم المعجز ، أو علم التوراة وهو ابن سلام وأضرابه ، أو علم اللوح المحفوظ وهو الله تعالى ، أي كفى بالذي يستحق العبادة والذي لا يعلم ما في اللوح المحفوظ إلا هو شهيداً بيننا فيخزي الكاذب منا، ويؤيده قراءة من قرأ"ومن عنده"بالكسر و"علم الكتاب"وعلى الأول مرتفع بالظرف فإنه معتمد على الموصول ، ويجوز أن يكون مبتدأ والظرف خبره وهو متعين على الثاني .وقرئ "ومن عنده علم الكتاب"على الحرف والبناء للمفعول ."عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الرعد أعطي من الأحر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة وبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله ".


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس