islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
11705

26-الشعراء

طسم

{طسم} أقسم الله بطوله وسنانه وملكه.

تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ

{تلك} هذه {آيات الكتاب المبين} يعني: القرآن.

لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ

{لعلك باخع نفسك} قاتل نفسك { أن لا يكونوا مؤمنين } لتركهم الإيمان، وذلك أنه لما كذبه أهل مكة شق عليه، ذلك فأعلمه الله سبحانه أنه لو شاء لاضطرهم إلى الإيمان، فقال:

إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ

{إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين} يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله تعالى.

وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ

{وما يأتيهم من ذكر} من وعظ {من الرحمن محدث} في الوحي والتنزيل.

فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

{فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون} فسيعلمون نبأ ذلك، وهو وعيد لهم وقوله:

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ

{كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} من كل نوع محمود مما يحتاج إليه الناس.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{إن في ذلك لآية} لدلالة على توحيد الله سبحانه وقدرته {وما كان أكثرهم مؤمنين} لما سبق في علمي وقضائي.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ

{و} اذكر يا محمد {إذ نادى ربك موسى} ليلة رأى الشجرة والنار {أن ائت القوم الظالمين} لأنفسهم بالكفر.

قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ

{قوم فرعون ألا يتقون} ألا يخافون الله سبحانه فيؤمنوا به.

قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ

{قال رب إني أخاف أن يكذبون}.

وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ

{ويضيق صدري} من تكذيبهم إياي {ولا ينطلق لساني} بأداء الرسالة للعقدة التي في فيه {فأرسل إلى هارون} ليظاهرني على التبليغ.

وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ

{ولهم علي ذنب} بقتل القبطي.

قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ

{قال كلا} لا يقتلونك {إنا معكم} بالنصرة {مستمعون} نسمع ما تقول ويقال لك.

فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{فأتيا فرعون فقولا إنا رسول} ذوا رسالة {رب العالمين}.

أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

{أن أرسل معنا بني إسرائيل} مفسر في سورة طه، فلما أتاه بالرسالة عرفه فرعون، فقال:

قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ

{ألم نربك فينا وليدا} صبياً {ولبثت فينا من عمرك سنين} ثلاثين سنةً.

وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ

{وفعلت فعلتك التي فعلت} يعني: قتل القبطي {وأنت من الكافرين} الجاحدين لنعمتي عليك.

قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ

{قال} موسى: {فعلتها إذا وأنا من الضالين} الجاهلين، لم يأتني من الله شيء.

فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ

{ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين}.

وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ

{وتلك نعمة تمنها علي} أقر بإنعامه عليه، فقال: هي نعمة إذ ربيتني ولم تستعبدني كاستعبادك بني إسرائيل. {عبدت} معناه: اتخذت عبيداً.

قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ

{قال فرعون وما رب العالمين} أي شيء رب العالمين الذي تزعم أنك رسوله؟

قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ

{قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين} أنه خالقهما.

قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ

{قال} فرعون {لمن حوله} من أشراف قومه معجباً لهم: {ألا تستمعون} إلى ما يقوله: موسى؟! فقال موسى.

قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ

{ربكم ورب آبائكم الأولين}.

قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ

{قال} فرعون: {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} يتكلم بكلام لا تعرف صحته.

قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ

{قال} موسى: {رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون} فقال فرعون حين لزمته الحجة.

قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ

{لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين} من المحبوسين في السجن.

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ

{قال} موسى: { أو لو جئتك بشيء مبين } يعني: أو نفعل ذلك وإن أتيتك على ما أقول بحجة بينة؟

قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

{قال فأت به} مفسر أكثره إلى قوله تعالى:

فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ

{فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين}.

وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ

{ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين}.

قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ

{قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم}.

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ

{يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون}.

قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ

{قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين}.

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ

{يأتوك بكل سحار عليم}.

فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ

{فجمع السحرة لميقات يوم معلوم}.

وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ

{وقيل للناس هل أنتم مجتمعون}.

لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ

{لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين}.

فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ

{ فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أإن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين }.

قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ

{قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين}.

قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ

{قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون}.

فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ

{فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون}.

فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ

{فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون}.

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ

{فألقي السحرة ساجدين}.

قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

{قالوا آمنا برب العالمين}.

رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ

{رب موسى وهارون}.

قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ

{قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين}.

قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ

{قالوا لا ضير} لا ضرر {إنا إلى ربنا منقلبون} راجعون إلى ثواب.

إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ

{إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا} لأن كنا {أول المؤمنين} من هذه الأمة.

وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ

{وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون} يتبعكم فرعون وقومه.

فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ

{فأرسل فرعون في المدائن حاشرين} يعني: الشرط ليجمعوا له الجيش، وقال لهم:

إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ

{إن هؤلاء} يعني: بني إسرائيل {لشرذمة} عصبة {قليلون}.

وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ

{وإنهم لنا لغائظون} مغضبون بمخالفتهم إيانا.

وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ

{وإنا لجميع حاذرون} مستعدون للحرب بأخذ أداتها و{حذرون} متيقظون.

فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

{فأخرجناهم من جنات} يعني: حين خرجوا من مصر ليلحقوا موسى وقومه.

وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ

{ومقام كريم} مجلس حسن.

كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ

{كذلك} كما وصفنا {وأورثناها} بهلاكهم {بني إسرائيل}.

فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ

{فأتبعوهم} لحقوهم {مشرقين} في وقت شروق الشمس.

فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ

{فلما تراء الجمعان} رأى كل واحد الآخر {قال أصحاب موسى إنا لمدركون} أي: سيدركنا جمع فرعون.

قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ

{قال: كلا} لن يدركونا {إن معي ربي} بالنصرة {سيهدين} طريق النجاة.

فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ

{فكان كل فرق} قطعة من الماء {كالطود العظيم} كالجبل.

وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ

{وأزلفنا ثم الآخرين} قربنا قوم فرعون إلى الهلاك، وقدمناهم إلى البحر.

وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ

{وأنجينا موسى ومن معه أجمعين}.

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ

{ثم أغرقنا الآخرين}.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{وما كان أكثرهم مؤمنين} لم يؤمن من أهل مصر إلا رجل وامرأتان. وقوله:

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ

{واتل عليهم نبأ إبراهيم}.

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ

{إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون}.

قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ

{قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين}.

قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ

{قال هل يسمعونكم إذ تدعون}.

أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ

{أو ينفعونكم أو يضرون}.

قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ

{قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون}.

قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ

{قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون}.

أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ

{أنتم وآباؤكم الأقدمون}.

فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ

{فإنهم عدو لي} أي: هذه الآلهة التي تعبدونها عدو لي، أعاديهم أنا ولا أعبدهم {إلا رب العالمين} لكن رب العالمين أعبده.

الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ

{الذي خلقني} ظاهر إلى قوله:

وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ

{والذي هو يطعمني ويسقين}.

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ

{وإذا مرضت فهو يشفين}.

وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ

{والذي يميتني ثم يحيين}.

وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ

{والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}.

رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

{رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين}.

وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ

{لسان صدق في الآخرين} أي: ذكراً جميلاً، وثناءً حسناً في الأمم التي تجيء بعدي.

وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ

{واجعلني} ممن يرث الجنة بفضلك ورحمتك. وقوله:

وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ

{واغفر لأبي إنه كان من الضالين}.

وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ

{ولا تخزني يوم يبعثون}.

يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ

{يوم لا ينفع مال ولا بنون}.

إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

{إلا من أتى الله بقلب سليم} سلم من الشرك.

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ

{وأزلفت الجنة} قربت {للمتقين}.

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ

{وبرزت} وأظهرت {الجحيم للغاوين} للكافرين.

وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ

{وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون}.

مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ

{من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون}.

فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ

{فكبكبوا فيها} طرح بعضهم على بعض في الجحيم {هم والغاوون} يعني: الشياطين.

وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ

{وجنود إبليس} أتباعه من الجن والإنس.

قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ

{قالوا} للشياطين والمعبودين:

تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ

{تالله إن كنا لفي ضلال مبين}.

إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

{إذ نسويكم} نعدلكم {برب العالمين} في العبادة.

وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ

{وما أضلنا} وما دعانا إلى الضلال {إلا المجرمون} أولونا الذين اقتدينا بهم

فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ

{فما لنا من شافعين}.

وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ

{ولا صديق حميم} قريب يشفع.

فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

{فلو أن لنا كرة} رجعةً إلى الدنيا، تمنوا أن يرجعوا إلى الدنيا فيؤمنوا. وقوله:

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{إني لكم رسول أمين} على الوحي والرسالة، لأنكم عرفتموني قبل هذا الأمانة وقوله:

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ

{كذبت قوم نوح المرسلين}.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون}.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

{إني لكم رسول أمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ

{واتبعك الأرذلون} يعني: السلفة والحاكة. وقوله:

قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

{قال وما علمي بما كانوا يعملون}.

إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ

{إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون}.

وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ

{وما أنا بطارد المؤمنين}.

إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

{إن أنا إلا نذير مبين}.

قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ

{من المرجومين} أي: من المشتومين. وقيل: من المقتولين.

قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ

{قال رب إن قومي كذبون}.

فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

{فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين}.

فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

و{الفلك المشحون} المملوء. وقوله:

ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ

{ثم أغرقنا بعد الباقين}.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ

{كذبت عاد المرسلين}.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون}.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

{إني لكم رسول أمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين}.

أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ

{أتبنون بكل ريع} أي: شرف ومكان مرتفع {آية} علماً {تعبثون} تلعبون: يعني: أبنية الحمام وبروجها.

وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ

{وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} أي: تتخذون مباني وقصوراً للخلود، لا تفكرون في الموت.

وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ

{وإذا بطشتم بطشتم جبارين} إذا ضربتم بالسوط، وإذا عاقبتم قتلتم فعل الجبارين الذين يقتلون على الغضب بغير حق. وقوله:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ

{واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون}.

أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ

{أمدكم بأنعام وبنين}.

وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

{وجنات وعيون}.

إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

{إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم}.

قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ

{قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين}.

إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ

{إن هذا} ما هذا الذي تدعونا إليه {إلا خلق الأولين} كذبهم وافتراؤهم. ومن قرأ {خلق الأولين} فمعناه: عادة الأولين، أي: الذي نحن فيه عادة الأولين يعيشون ما عاشوا، ثم يموتون ولا بعث ولا حساب. وقوله:

وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

{وما نحن بمعذبين}.

فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{إن ربك لهو العزيز الرحيم}.

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ

{كذبت ثمود المرسلين}.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون}.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

{إني لكم رسول أمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين}.

أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ

{أتتركون في ما هاهنا }أي: في الدنيا {آمنين} من الموت والعذاب. وقوله:

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ

{في جنات وعيون}.

وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ

{ونخل طلعها} أي: ثمرها. {هضيم} أي: لين نضيج.

وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ

{وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} حاذقين بنحتها، و {فارهين} أشرين بطرين، وكانوا معمرين لا يبقى البناء مع عمرهم، فنحتوا في الجبال بيوتاً. وقوله:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ

{ولا تطيعوا أمر المسرفين}.

الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ

{الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون}.

قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ

{إنما أنت من المسحرين} أي: من الذين سحروا مرةً بعد أخرى: وقيل ممن له سحر، وهو الرئة، أي: إنما أنت بشر مثلنا. وقوله:

مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآَيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

{ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين}.

قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ

{لها شرب} أي: حظ ونصيب من الماء.

وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ

{ولا تمسوها بسوء} بعقر. وقوله:

فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ

{فعقروها فأصبحوا نادمين}.

فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ

{كذبت قوم لوط المرسلين}.

إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون}.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

{إني لكم رسول أمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين}.

أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ

{أتأتون الذكران من العالمين} يريد: ما كان من فعل قوم لوط من إتيان الرجال في أدبارهم.

وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ

{وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} وتدعون أن تأتوا نسائكم {بل أنتم قوم عادون} ظالمون غاية الظلم.

قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ

{قالوا: لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين} عن بلدنا.

قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ

{قال: إني لعملكم} يعني: اللواط {من القالين} من المبغضين. وقوله:

رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ

{رب نجني وأهلي مما يعملون}.

فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ

{فنجيناه وأهله أجمعين}.

إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ

{إلا عجوزا} يعني: امرأته {في الغابرين} في الباقين في العذاب.

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ

{ثم دمرنا} أهلكنا.

وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ

{وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين}.

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ

{كذب أصحاب الأيكة} وهي الغيضة، وهم قوم شعيب.

إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لهم شعيب ألا تتقون}.

إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

{إني لكم رسول أمين}.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ

{فاتقوا الله وأطيعون}.

وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين}.

أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ

{أوفوا الكيل} أتموه {ولا تكونوا من المخسرين}. الناقصين للكيل والوزن. وقوله:

وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ

{وزنوا بالقسطاس المستقيم}.

وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ

{ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}.

وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ

{والجبلة الأولين} أي: الخليقة السابقين.

قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ

{قالوا إنما أنت من المسحرين}.

وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ

{وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين}.

فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ

{فأسقط علينا كسفا من السماء} أي: قطعة.

قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ

{قال ربي أعلم بما تعملون} فيجازيكم به، وما علي إلا الدعوة.

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ

{فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة} وذلك أن الحر أخذهم، فلم ينفعهم ماء ولا كن، فخرجوا إلى البرية، وأظلتهم سحابة وجدوا لها برداً، واجتمعوا تحتها، فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا به. وقوله:

إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ

{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين}.

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ

{وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{وإنه} يعني: القرآن {لتنزيل رب العالمين}.

نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ

{نزل به الروح الأمين} جبريل عليه السلام.

عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ

{على قلبك} حتى وعيته.

بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ

{بلسان عربي مبين}.

وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ

{وإنه} وإن ذكر محمد صلى الله عليه وسلم {لفي زبر الأولين} لفي كتب الأولين.

أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ

{أو لم يكن لهم} للمشركين {آية} دلالةً على صدقه {أن يعلمه علماء بني إسرائيل} يعلمون محمداً صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة.

وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ

{ولو نزلناه} يعني: القرآن {على بعض الأعجمين} جمع الأعجم، وهو الذي لا يحسن العربية.

فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ

{فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين} أنفةً من أتباعه.

كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ

{كذلك سلكناه} أدخلنا التكذيب {في قلوب المجرمين} فذلك الذي منعهم عن الإيمان.

لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ

{لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم}.

فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ

{فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون}.

فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ

{فيقولوا هل نحن منظرون} فلما نزلت هذه الآيات قالوا: إلى متى توعدنا بالعذاب؟ فأنزل الله سبحانه.

أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ

{أفبعذابنا يستعجلون}.

أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ

{أفرأيت إن متعناهم} بالدنيا وأبقيناهم فيها {سنين}.

ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ

{ثم جاءهم} العذاب لم ينفعهم إمتاعهم بالدنيا فيما قبل.

مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ

{ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون}.

وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ

{وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون} رسل ينذرهم.

ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ

{ذكرى} إنذاراً للموعظة {وما كنا ظالمين} في إهلاكهم بعد قيام الحجة عليهم.

وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ

{وما تنزلت به} بالقرآن {الشياطين}.

وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ

{وما ينبغي لهم} ذلك {وما يستطيعون} ذلك.

إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ

{إنهم} عن استراق من السماء. {لمعزولون} بالشهب.

فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ

{فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين}.

وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ

{وأنذر} خوف {عشيرتك الأقربين} أدنى أهلك وأقاربك.

وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

{واخفض جناحك} لين جانبك. وقوله تعالى:

فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ

{فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون}.

وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ

{وتوكل على العزيز الرحيم}.

الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ

{الذي يراك حين تقوم} أي: إلى صلاتك.

وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ

{وتقلبك} تصرفك في أركان الصلاة قائماً وقاعداً، وراكعاً، وساجداً {في الساجدين} في المصلين.

إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ

{إنه هو السميع العليم}.

هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ

{هل أنبئكم} أخبركم {على من تنزل الشياطين}.

تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ

{تنزل على كل أفاك} كذاب {أثيم} فاجر، مثل مسيلمة وغيره من الكهنة.

يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ

{يلقون} إليهم ما سمعوا ويخلطون بذلك كذباً كثيراً، وهذا كان قبل أن حجبوا عن السماء.

وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ

{والشعراء يتبعهم الغاوون} يعني: شعراء الكفار، كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتبعهم الكفار.

أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ

{ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} في كل لغو يخوضون، يمدحون بباطل، ويشتمون بباطل، ثم استثنى شعراء المؤمنين فقال:

وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ

{وأنهم يقولون ما لا يفعلون}.

إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ

{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا} ردوا على من هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} أي مرجع يرجعون إليه بعد مماتهم.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس