islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
11804

37-الصافات

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا

{والصافات صفا} يعني: صفوف الملائكة في السماء.

فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا

{فالزاجرات زجرا} يعني: الملائكة تزجر السحاب وتسوقه.

فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا

{فالتاليات ذكرا} جماعة قراء القرآن.

إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ

{إن إلهكم لواحد} أقسم الله سبحانه بهؤلاء أن إلهكم لواحد.

رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ

{ورب المشارق} مطالع الشمس.

إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ

{إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب} بضوئها، {و} حفظناها.

وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ

{حفظا من كل شيطان مارد} متمرد خبيث.

لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ

{لا يسمعون إلى الملإ الأعلى } يعني: الملائكة. {ويقذفون من كل جانب} ويرمون.

دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ

{دحورا} يدحرون دحوراً، أي: يباعدون {ولهم عذاب واصب} دائم.

إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ

{إلا من خطف الخطفة} سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعة {فأتبعه} لحقه {شهاب ثاقب} كوكب مضيء.

فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ

{فاستفتهم} فسلهم. يعني: أهل مكة {أهم أشد خلقا أم من خلقنا } من الأمم السالفة قبلهم، وغيرهم من السماوات والأرض. {إنا خلقناهم من طين لازب} لاصق لازم.

بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ

{بل عجبت} يا محمد من تكذيبهم إياك {و} هم {يسخرون} من تعجبك.

وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ

{وإذا ذكروا لا يذكرون}.

وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ

{وإذا رأوا آية} معجزةً سخروا.

وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ

{وقالوا إن هذا إلا سحر مبين}.

أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

{ أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون }.

أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ

{أو آباؤنا الأولون}.

قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ

{قل: نعم} تبعثون {وأنتم داخرون} صاغرون أذلاء.

فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ

{فإنما هي} يعني: القيامة {زجرة} صحية {واحدة فإذا هم} أحياء {ينظرون} سوء أعمالهم. وقيل: ما كذبوا به.

وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ

{وقالوا: يا ويلنا هذا يوم الدين} يوم نجازي فيه بما عملنا.

هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ

{هذا يوم الفصل} بين الحق والباطل. {الذي كنتم به تكذبون}.

احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ

{احشروا الذين ظلموا} كفروا {أزواجهم} قرناءهم من الشياطين وأوثانهم.

مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ

{فاهدوهم} دلوهم إلى النار.

وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ

{وقفوهم} احسبوهم {إنهم مسؤولون} عن أقوالهم وأفعالهم.

مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ

{ما لكم لا تناصرون} لا ينصر بعضكم بعضاً.

بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ

{بل هم اليوم مستسلمون} منقادون.

وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ

{وأقبل بعضهم على بعض} يعني: الأتباع والرؤساء {يتساءلون} يتخاصمون.

قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ

{قالوا} يعني: الأتباع للرؤساء {إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين} تقهروننا بالقوة من قبل الدين، فتضلوننا عنه.

قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ

{قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} أي: إنما الكفر من قبلكم.

وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ

{وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين}.

فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ

{فحق علينا} جميعاً {قول ربنا} كلمة العذاب.

فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ

{فأغويناكم إنا كنا غاوين}.

فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ

{فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون}.

إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ

{إنا كذلك نفعل بالمجرمين}.

إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ

{إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون}.

وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ

{ ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون }.

بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ

{بل جاء بالحق وصدق المرسلين}.

إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ

{إنكم لذائقوا العذاب الأليم}.

وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ

{وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

{إلا عباد الله المخلصين} المؤمنين لكن عباد الله المخلصين.

أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ

{أولئك لهم رزق معلوم} بكرةً وعشياً.

فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ

{فواكه وهم مكرمون}.

فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ

{في جنات النعيم}.

عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ

{على سرر متقابلين}.

يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ

{بكأس من معين} خمر تجري على وجه الأرض.

بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ

{بيضاء لذة للشاربين} ذات لذاة.

لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ

{لا فيها غول} داء ولا وجع {ولا هم عنها ينزفون} لا تذهب بعقولهم.

وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ

{وعندهم قاصرات الطرف} نساء لا ينظرن إلى غير أزواجهن {عين} نجل العيون.

كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ

{كأنهن بيض} في صفاء لونها {مكنون} يستره ريش النعام.

فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ

{فأقبل بعضهم} يعني: أهل الجنة {على بعض يتساءلون} عما مر بهم.

قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ

{قال قائل منهم إني كان لي قرين} يعني: الذين قص الله خبرهما في سورة الكهف، كان يقول له قرينه:

يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ

{أإنك لمن المصدقين} ممن يصدق بالبعث والجزاء؟ وقوله:

أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ

{ أإنا لمدينون } أي: مجزيون.

قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ

{قال} الله سبحانه لأهل الجنة: {هل أنتم مطلعون} إلى النار.

فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ

{فاطلع} المسلم فرأى قرينه الكافر {في سواء الجحيم} وسطه، فقال له:

قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ

{تالله إن كدت لتردين} تهلكني وتضلني.

وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ

{ولولا نعمة ربي} عصمته ورحمته {لكنت من المحضرين} في النار.

أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ

{أفما نحن بميتين}. {إلا موتتنا الأولى} يقوله أهل الجنة للملائكة حين يذبح الموت، فتقول الملائكة: لا، فيقولون: {إن هذا لهو الفوز العظيم}. {لمثل هذا فليعمل العاملون}.

إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ

{إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين}.

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

{إن هذا لهو الفوز العظيم}.

لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ

{لمثل هذا فليعمل العاملون}.

أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ

{أذلك} الذي ذكرت من نعيم أهل الجنة {خير نزلا أم شجرة الزقوم}.

إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ

{إنا جعلناها فتنة للظالمين} افتتنوا بها، وكذبوا بكونها فصارت فتنةً لهم، وذلك أنهم أنكروا أن يكون في النار شجرة. قال الله تعالى:

إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ

{إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم} أصلها في قعر جهنم.

طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ

{طلعها} ثمرها {كأنه رؤوس الشياطين} في القبح وكراهية المنظر.

فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ

{فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون}.

ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ

{ثم إن لهم عليها} على شجرة الزقوم {لشوبا} خلطاً ومزاجاً {من حميم} ماء حار.

ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ

{ثم إن مرجعهم} مرجع الكفار {لإلى الجحيم} الذي يجمع هذه الأشياء. وقوله:

إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آَبَاءَهُمْ ضَالِّينَ

{إنهم ألفوا آباءهم ضالين}.

فَهُمْ عَلَى آَثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ

{يهرعون} أي: يزعجون إلى أتباعهم.

وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ

{ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين}.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ

{ولقد أرسلنا فيهم منذرين}.

فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ

{فانظر كيف كان عاقبة المنذرين}.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

{إلا عباد الله المخلصين}.

وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ

{ولقد نادانا نوح} يعني: قوله: {أني مغلوب فانتصر} {فلنعم المجيبون} نحن.

وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ

{ونجيناه وأهله من الكرب العظيم} يعني: الغرق.

وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ

{وجعلنا ذريته هم الباقين} لأن الخلق كلهم أهلكوا إلا من كان معه في سفينته، وكانوا من ذريته.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ

{وتركنا عليه في الآخرين} فيمن يأتي بعده ثناءً حسناً، وهو أن يصلي عليه ويسلم، وهو معنى قوله: {سلام على نوح في العالمين}.

سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ

{سلام على نوح في العالمين}.

إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

{إنا كذلك نجزي المحسنين}.

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

{إنه من عبادنا المؤمنين}.

ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ

{ثم أغرقنا الآخرين}.

وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ

{وإن من شيعته} أهل دينه وملته {لإبراهيم}.

إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

{إذ جاء ربه بقلب سليم} من الشرك.

إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ

{إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون}.

أَئِفْكًا آَلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ

{أئفكا آلهة دون الله تريدون}.

فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

{فما ظنكم برب العالمين} قال إبراهيم عليه السلام لقومه وهم يعبدون الأصنام: أي شيء ظنكم برب العالمين وأنتم تعبدون غيره؟

فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ

{فنظر نظرة في النجوم} وذلك أنه كان لقومه من الغد عيد يخرجون إليه، ويضعون أطعمتهم بين يدي أصنامهم لتبرك عليها زعموا، فقالوا لإبراهيم: ألا تخرج معنا إلى عيدنا؟ فنظر إلى نجم وقال:

فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ

{إني سقيم} وكانوا يتعاطون علم النجوم، فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه، واعتل في التخلف عن عيدهم بأنه يعتل، وتأول في قوله: {سقيم} سأسقم.

فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ

{فتولوا عنه مدبرين} أدبروا عنه إلى عيدهم وتركوه.

فَرَاغَ إِلَى آَلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ

{فراغ} فمال {إلى آلهتهم فقال} إظهار لضعفها وعجزها: {ألا تأكلون} من هذه الأطعمة.

مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ

{ما لكم لا تنطقون}.

فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ

{فراغ} فمال {عليهم} يضربهم {ضربا باليمين} بيده اليمنى.

فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ

{فأقبلوا إليه} من عيدهم {يزفون} يسرعون. فقال لهم إبراهيم محتجاً:

قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ

{أتعبدون ما تنحتون}. {والله خلقكم وما تعملون} من نحتكم وجميع أعمالكم.

وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ

{والله خلقكم وما تعملون}.

قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ

{قالوا ابنوا له بنيانا} حظيرة وأملؤوه ناراً، وألقوا إبراهيم في تلك النار.

فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ

{فأرادوا به كيدا} حين قصدوا إحراقه بالنار {فجعلناهم الأسفلين} المقهورين، لأنه علاهم بالحجة والنصرة.

وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ

{وقال إني ذاهب إلى ربي} إلى المكان الذي أمرني بالهجرة إليه {سيهدين} يثبتني على الهدى.

رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ

{رب هب لي} ولداً {من الصالحين}.

فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ

{فبشرناه بغلام حليم} سيد يوصف بالحلم.

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ

{فلما بلغ} ذلك الغلام {معه السعي} أي: أدرك معه العمل {قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك} وذلك أنه أمر في المنام بذبح ولده {فانظر ماذا ترى} ما الذي تراه فيما أقول لك، هل تستسلم له؟ فاستسلم الغلام و{قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين}.

فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ

{فلما أسلما} انقادا لأمر الله {وتله للجبين} صرعه على أحد جنبيه.

وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ

{وناديناه أن يا إبراهيم}. {قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}.

قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

{قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين}.

إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ

{إن هذا لهو البلاء المبين} الاختيار الظاهر. يعني: حين اختبره بذبح ولده، فانقاد وأطاع.

وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ

{وفديناه بذبح} بكبش {عظيم} لأنه رعى في الجنة أربعين خريفاً، وكان الكبش الذي تقبل من ابن آدم عليه السلام.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ

{وتركنا عليه في الآخرين}.

سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ

{سلام على إبراهيم}.

كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

{كذلك نجزي المحسنين}.

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

{إنه من عبادنا المؤمنين}.

وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ

{وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين}.

وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ

{وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين}.

وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

{ولقد مننا على موسى وهارون} بالنبوة.

وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ

{ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم} يعني: الغرق. وقوله:

وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ

{ونصرناهم فكانوا هم الغالبين}.

وَآَتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ

{وآتيناهما الكتاب المستبين}.

وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ

{وهديناهما الصراط المستقيم}.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآَخِرِينَ

{وتركنا عليهما في الآخرين}.

سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ

{سلام على موسى وهارون}.

إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

{إنا كذلك نجزي المحسنين}.

إِنَّهُمَا مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

{إنهما من عبادنا المؤمنين}.

وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

{وإن إلياس لمن المرسلين}.

إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ

{إذ قال لقومه ألا تتقون}.

أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ

{أتدعون بعلا} يعني: صنماً كان لهم.

اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ

{الله ربكم ورب آبائكم الأولين}.

فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ

{فكذبوه فإنهم لمحضرون} في النار.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

{إلا عباد الله المخلصين} من قومه.

وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ

{وتركنا عليه في الآخرين}.

سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ

{سلام على إل ياسين} يعني: إلياس عليه السلام. وقيل: يعني قومه ممن ينتسب إلى إتباعه.

إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ

{إنا كذلك نجزي المحسنين}ز

إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ

{إنه من عبادنا المؤمنين}.

وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

{وإن لوطا لمن المرسلين}.

إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ

{إذ نجيناه وأهله أجمعين}.

إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ

{إلا عجوزا في الغابرين}.

ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ

{ثم دمرنا الآخرين}.

وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ

{وإنكم لتمرون عليهم مصبحين}.

وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ

{وبالليل أفلا تعقلون}.

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

{وإن يونس لمن المرسلين}.

إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ

{إذ أبق} هرب {إلى الفلك المشحون} السفينة المملوءة حين ذهب مغاضباً، فوقعت السفينة ولم تجر، فقارعه أهل السفينة فخرجت القرعة عليه، فخرج منها وألقى نفسه في البحر، فذلك قوله:

فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ

{فساهم} فقارع {فكان من المدحضين} المغلوبين بالقرعة.

فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ

{فالتقمه} فابتلعه {الحوت وهو مليم} أتى بما يلام عليه.

فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ

{فلولا أنه كان من المسبحين} من المصلين قبل ذلك.

لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ

{للبث في بطنه} في بطن الحوت إلى يوم القيامة.

فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ

{فنبذناه } طرحناه {بالعراء} وجه الأرض {وهو سقيم} عليل كالفرخ الممعط.

وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ

{وأنبتنا عليه} عنده {شجرة من يقطين} وهو القرع ليستظل بها.

وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ

{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون} بل يزيدون.

فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ

{فآمنوا فمتعناهم إلى حين} إلى إنقضاء آجالهم.

فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ

{فاستفتهم} فسل يا محمد أهل مكة {ألربك البنات ولهم البنون} وذلك أنهم كانوا يزعمون أن الملائكة بنات الله.

أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ

{أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون} حاضرون خلقنا إياهم.

أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ

{ألا إنهم من إفكهم ليقولون}.

وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ

{ولد الله وإنهم لكاذبون}.

أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ

{أصطفى البنات على البنين} أتخذ البنات دون البنين فاصطفاها، وجعل لكم البنين؟ كقوله: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا}.

مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ

{ما لكم كيف تحكمون}.

أَفَلَا تَذَكَّرُونَ

{أفلا تتذكرون}.

أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ

{أم لكم سلطان} برهان {مبين} على أن لله ولداً.

فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

{فاتوا بكتابكم} الذي فيه حجتكم {إن كنتم صادقين}.

وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ

{وجعلوا بينه وبين الجنة} يعني: الملائكة {نسبا} حين قالوا: إنهم بنات الله. {ولقد علمت الجنة} الملائكة {إنهم لمحضرون} أن الذين قالوا هذا القول محضرون في النار.

سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ

{سبحان الله عما يصفون}.

إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

{إلا عباد الله المخلصين} فإنهم ناجون من النار.

فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ

{فإنكم وما تعبدون} من الأصنام.

مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ

{ما أنتم عليه بفاتنين} لا تفتنون أحداً على ما يعبدون ولا تضلونه.

إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ

{إلا من هو صال الجحيم} أي: إلا من هو في معلوم الله أنه يدخل النار.

وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ

{وما منا إلا له} هذا من قول الملائكة، والمعنى: ما منا ملك إلا له {مقام معلوم} من السماء يعبد الله سبحانه هناك.

وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ

{وإنا لنحن الصافون} في الصلاة.

وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ

{وإنا لنحن المسبحون} المصلون.

وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ

{وإن كانوا ليقولون} كان كفار مكة يقولون: لو جاءنا كتاب كما جاء غيرنا من الأولين لأخلصنا عبادة الله سبحانه، فلما جاءهم كفروا به.

لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ

{لو أن عندنا ذكرا من الأولين}.

لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ

{لكنا عباد الله المخلصين}.

فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ

{فسوف يعلمون} عاقبة كفرهم.

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ

{ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين}.

إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ

{إنهم لهم المنصورون}.

وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ

{وإن جندنا لهم الغالبون} أي: تقدم الوعد بنصرتهم، وهو قوله: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}.

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ

{فتول عنهم حتى حين}حتى تنقضي المدة التي أمهلوا فيها.

وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ

{وأبصرهم} انظر إليهم إذا عذبوا {فسوف يبصرون} ما أنكروا.

أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ

{أفبعذابنا يستعجلون} وذلك أنهم كانوا يقولون: متى هذا الوعد؟

فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ

{فإذا نزل} العذاب. {بساحتهم} بفنائهم {فساء صباح المنذرين}.

وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ

{وتول عنهم حتى حين}.

وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ

{وأبصر} انظر فبئس ما يصبحون عند ذلك.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ

{سبحان ربك رب العزة عما يصفون}

وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ

{وسلام على المرسلين}.

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

{والحمد لله رب العالمين}.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس