islamkingdomfaceBook islamkingdomtwitter islamkingdominstagram islamkingdomyoutube islamkingdomnew

الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
11796

35-فاطر

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

{الحمد لله فاطر السماوات والأرض} خالقهما على ابتداء {جاعل الملائكة رسلا أولي} أصحاب {أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق} في خلق الملائكة وأجنحتها {ما يشاء}.

مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

{ما يفتح الله للناس من رحمة} رزق ومطر، فلا يقدر أحد أن يمسكه، والذي يمسك لا يرسله أحد.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ

{يا أيها الناس} خطاب أهل مكة {اذكروا نعمة الله عليكم} بالرزق والمطر وسائر ذلك. {هل من خالق غير الله} هل يخلق أحد سواه، ثم {يرزقكم من السماء} المطر {و} من {الأرض} النبات {لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} من أين يقع لكم الإفك والكذب بتوحيد الله؟! ثم عزى نبيه عليه السلام بقوله:

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ

{وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور}.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ

{يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور}.

إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ

{إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير}.

الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

{الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير}.

أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

{أفمن زين له سوء عمله} بإضلال الله تعالى إياه، فرأى قبيح ما يعمله حسناً. {فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} لا تغتم لكفرهم ولا تتحسر على تركهم الإيمان.

وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ

{والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور}.

مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ

{من كان يريد العزة} أي: علم العزة لمن هي {فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب} إليه يصل الكلام الذي هو توحيده، وهو قول لا إله إلا الله {والعمل الصالح} يرفع ذلك الكلم الطيب، والكلم الطيب: ذكر الله تعالى. والعمل الصالح: أداء فرائضه، فمن كان حسناً وعمل صالحاً رفعه العمل، ومعنى الرفع رفعه إلى محل القبول {والذين يمكرون السيئات} يعني: الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة. {ومكر أولئك هو يبور} أي: يفسد ويبطل. وقوله تعالى:

وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

{وما يعمر من معمر} أي: يطول عمر أحد {ولا ينقص من عمره} ولا يكون أحد ناقص العمر وهو محصى في الكتاب. يعني: عدد عمر الطويل العمر، وعمر القصير العمر.

وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْك

{وما يستوي البحران هذا عذب فرات} شديد العذوبة {وهذا ملح أجاج} شديد المرارة {ومن كل} من الملح والعذب {تأكلون لحما طريا} من السمك {وتستخرجون} منه من الملح {حلية تلبسونها} يعني: المرجان، وإنما ذكر هذا للدلالة على قدرته. وقوله:

يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ

{من قطمير} يعني: لفافة النواة.

إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ

{ويوم القيامة يكفرون بشرككم} أي: يقولون: ما كنتم إيانا تعبدون {ولا ينبئك مثل خبير} وهو الله عز وجل. وقوله:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ

{يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}.

إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ

{إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد}.

وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ

{وما ذلك على الله بعزيز} .

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِ

{ولا تزر وازرة} أي: لا تحمل نفس حاملة {وزر أخرى} حمل نفس أخرى {وإن تدع مثقلة} نفس بالذنوب {إلى حملها} ذبوبها {لا يحمل منه شيء ولو كان} المدعو {ذا قربى} مثل الأب والابن {إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب} إنما ينفع إنذارك الذين يخافون الله تعالى، ولم يروه {ومن تزكى} عمل خيراً.

وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ

{وما يستوي الأعمى} عن الحق، وهو الكافر {والبصير} الذي يبصر رشده وهو المؤمن.

وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ

{ولا الظلمات ولا النور} يعني: الكفر والإيمان.

وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ

{ولا الظل ولا الحرور} يعني: الجنة التي فيها ظل دائم، والنار التي لها حرارة شديدة.

وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ

{وما يستوي الأحياء ولا الأموات} يعني: المؤمنين والكفار {إن الله يسمع من يشاء} فينتفع بذلك {وما أنت بمسمع من في القبور} يعني: الكفار، شبههم بالأموات، أي: كما لا يسمع أصحاب القبور كذلك لا يسمع الكفار. وقوله:

إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ

{إن أنت إلا نذير}.

إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ

{إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير}.

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ

{وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير}.

ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ

{ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير}.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ

{ومن الجبال جدد بيض وحمر} أي: طرائق تكون في الجبال كالعروق بيض وحمر، {وغرابيب سود} وهي الجبال ذات الصخور السود.

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ

{ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك} أي: كاختلاف الجبال والثمرات في اختلاف الألوان. {إنما يخشى الله من عباده العلماء} أي: من كان عالماً بالله اشتدت خشيته. وقوله:

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ

{يرجون تجارة لن تبور} يعني: لن تكسد ولن تفسد.

لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ

{إنه غفور} لذنوبهم {شكور} لحسناتهم.

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ

{والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير}.

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ

{ثم أورثنا} أعطينا بعد هلاك الأمم {الكتاب} القرآن لـ {الذين اصطفينا من عبادنا} وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر أصنافهم فقال: {فمنهم ظالم لنفسه} وهو الذي زادت سيئاته على حسناته {ومنهم مقتصد} وهو الذي استوت حسناته وسيئاته {ومنهم سابق بالخيرات} وهو الذي رجحت حسناته {بإذن الله } بقضائه وإرادته. {ذلك هو الفضل الكبير} يعني: إيتاء الكتاب: وقوله تعالى:

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ

{جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير}.

وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ

{الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} يعني: كل ما يحزن له الإنسان من أمر المعاش والمعاد.

الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ

{الذي أحلنا} أنزلنا {دار المقامة} دار الخلود {من فضله} أي: ذلك بتفضله لا بأعمالنا {لا يمسنا فيها نصب} تعب {ولا يمسنا فيها لغوب} إعياء.

وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ

{والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا}.

وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ

{وهم يصطرخون} يستغيثون. وقوله: {أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر} أي: العمر الذي يتعظ فيه، ويرجع فيه إلى الله من يتعظ، وهو ستون سنةً {وجاءكم النذير} يعني: الرسول: وقيل: الشيب.

إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

{إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور}.

هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا

{هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} أي: جعلكم أمة خلفت من قبلها من الأمم.

قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا

{قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني} أخبروني عنهم {ماذا خلقوا من الأرض}. أي: بأي شيء أوجبتم لهم الشركة مع الله، ألخلق خلقوه من الأرض {أم لهم شرك في} خلق {السماوات أم آتيناهم} أعطينا المشركين {كتابا} بما يدعونه من الشرك {فهم على بينة} من ذلك الكتاب {بل إن يعد الظالمون } ما بعد بعض الظالمين بعضاً {إلا غرورا} أباطيل.

إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا

{إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا} لئلا تزولا وتتحركا {ولئن زالتا} ولو زالتا {إن أمسكهما} ما أمسكهما {من أحد من بعده} سوى الله تعالى.

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا

{وأقسموا بالله جهد أيمانهم} يعني: المشركين، كانوا يقولون قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لئن أتانا رسول {ليكونن أهدى من إحدى الأمم} أي: من اليهود والنصارى والمجوس {فلما جاءهم نذير} هو النبي صلى الله عليه وسلم {ما زادهم} مجيئه {إلا نفورا} عن الحق.

اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا

{استكبارا في الأرض} أي: استكبروا عن الإيمان استكباراً، {ومكر السيئ} ومكروا المكر السيئ، وهو مكرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه {ولا يحيق} أي: يحيط {المكر السيئ إلا بأهله} فحاق بهم مكرهم يوم بدر. {فهل ينظرون} بعد تكذيبك {إلا سنة الأولين} يعني: العذاب.

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا

{أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا}.

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا

{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا} من الجرائم {ما ترك على ظهرها} على ظهر الأرض {من دابة} من الإنس والجن وكل ما يعقل {ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا}.


1-الفاتحة 2-البقرة 3-آل-عمران 4-النساء 5-المائدة 6-الأنعام 7-الأعراف 8-الأنفال 9-التوبة 10-يونس 11-هود 12-يوسف 13-الرعد 14-إبراهيم 15-الحجر 16-النحل 17-الإسراء 18-الكهف 19-مريم 20-طه 21-الأنبياء 22-الحج 23-المؤمنون 24-النور 25-الفرقان 26-الشعراء 27-النمل 28-القصص 29-العنكبوت 30-الروم 31-لقمان 32-السجدة 33-الأحزاب 34-سبأ 35-فاطر 36-يس 37-الصافات 38-ص 39-الزمر 40-غافر 41-فصلت 42-الشورى 43-الزخرف 44-الدخان 45-الجاثية 46-الأحقاف 47-محمد 48-الفتح 49-الحجرات 50-ق 51-الذاريات 52-الطور 53-النجم 54-القمر 55-الرحمن 56-الواقعة 57-الحديد 58-المجادلة 59-الحشر 60-الممتحنة 61-الصف 62-الجمعة 63-المنافقون 64-التغابن 65-الطلاق 66-التحريم 67-الملك 68-القلم 69-الحاقة 70-المعارج 71-نوح 72-الجن 73-المزمل 74-المدثر 75-القيامة 76-الإنسان 77-المرسلات 78-النبأ 79-النازعات 80-عبس 81-التكوير 82-الانفطار 83-المطففين 84-الانشقاق 85-البروج 86-الطارق 87-الأعلى 88-الغاشية 89-الفجر 90-البلد 91-الشمس 92-الليل 93-الضحى 94-الشرح 95-التين 96-العلق 97-القدر 98-البينة 99-الزلزلة 100-العاديات 101-القارعة 102-التكاثر 103-العصر 104-الهمزة 105-الفيل 106-قريش 107-الماعون 108-الكوثر 109-الكافرون 110-النصر 111-المسد 112-الإخلاص 113-الفلق 114-الناس